السكب@
01-22-2011, 02:40 AM
كنت وأختي عائدين بعد منتصف الليل من المستشفى إلى الشقة القريبة التي نسكن فيها في مدينة صغيرة قرب فرانكفورت، نمشي في طريق للمشاة تغطيه الأشجار، سمعنا خطوات رجل يمشي في الشارع الذي يتقاطع مع طريقنا، يمشي مستعجلا تحت المطر والبرد القارس، اقترحت أختي أن نتوقف حتى يبتعد عنا قليلا، توقفنا تحت الشجر الملتف بحيث نراه ولا يرانا.
فجأة نزل عن الرصيف إلى منتصف الشارع وتوقف ليزحزح بقدمه سحلية صغيرة كانت هناك، زحزحها رويدا رويدا حتى أبعدها عن طريق السيارات ثم أكمل طريقه، التفت للخلف فإذا السحلية تعود إلى حيث كانت فرجع وحملها بيده هذه المرة ووضعها خلف السياج واطمأن عليها من خطر الدهس ثم واصل سيره.
بعد أسابيع كنت أجلس على ضفة نهر يجري جوار مستشفى مانهايم الجامعي أستمتع برؤية حركة القوارب ودلال البجع المتجول بأمان بين جنبات النهر، اقتربت ثلاث بجعات مني، وهنا بدأت يدي تقرصني، تناولت قطعة خشب وأنا أقول لنفسي "عيب يا أحمد ترمي البجع، أنت متحضر وفي مكان متحضر ولو رآك أحد سيضحك عليك". تلفت يمينا وشمالا، لم أستطع المقاومة، رميته بالخشب فابتعد عني بعيدا ولم يعد.
حين عودتي لجازان كان أول منظر أراه في طريقي للقرية هايلكس أمامي ينحرف صاحبها عمدا عن الطريق فجأة ليلاحق كلبا ليدهسه بلا أي سبب، لكنه لم يفلح وعاد للطريق ضاحكا سعيدا جدا بمحاولته، أردت توبيخه فتذكرت حالي مع البجع.
كان لهيب صيف الرياض يلجئ حمامة لتحط على نافذة مكتبنا تستظل قليلا، تمنحنا منظرا آسراً ثم تطير، وفي كل مرة تحط فيها كان زميلي بندر يضرب بيده على النافذة ليزعجها ويعيدها للهيب الشمس، يقول لي يا أخي يدي تهرشني لا أستطيع المقاومة.
نعم؛ لا نقاوم رغبتنا الجامحة في إزعاج زملائنا في هذا الكون مما خلق الله، بينما غيرنا لا يقاوم رغبته الجامحة في مساعدة سحلية للحفاظ على حياتها.
نحن لا نحترم الحياة أصلا، ولذلك لو أننا أنا وبندر وصاحب الهايلكس تولينا مسؤولية عامة في بلادنا فلن تؤثر فينا نتائج عملنا كمنظر أسرة متكومة بقارب نجاة أو معلقة بطائرة إنقاذ أو مطمورة تحت الماء.
احترام الحياة فكرة واحدة لا تفرق في هذا الحق بين كلب وسحلية وحمامة وإنسان.
لماذا أيدينا تهرشنا باتجاه الخطأ؟!
أحمدالسيدعطيف(صحيفة الوطن)
فجأة نزل عن الرصيف إلى منتصف الشارع وتوقف ليزحزح بقدمه سحلية صغيرة كانت هناك، زحزحها رويدا رويدا حتى أبعدها عن طريق السيارات ثم أكمل طريقه، التفت للخلف فإذا السحلية تعود إلى حيث كانت فرجع وحملها بيده هذه المرة ووضعها خلف السياج واطمأن عليها من خطر الدهس ثم واصل سيره.
بعد أسابيع كنت أجلس على ضفة نهر يجري جوار مستشفى مانهايم الجامعي أستمتع برؤية حركة القوارب ودلال البجع المتجول بأمان بين جنبات النهر، اقتربت ثلاث بجعات مني، وهنا بدأت يدي تقرصني، تناولت قطعة خشب وأنا أقول لنفسي "عيب يا أحمد ترمي البجع، أنت متحضر وفي مكان متحضر ولو رآك أحد سيضحك عليك". تلفت يمينا وشمالا، لم أستطع المقاومة، رميته بالخشب فابتعد عني بعيدا ولم يعد.
حين عودتي لجازان كان أول منظر أراه في طريقي للقرية هايلكس أمامي ينحرف صاحبها عمدا عن الطريق فجأة ليلاحق كلبا ليدهسه بلا أي سبب، لكنه لم يفلح وعاد للطريق ضاحكا سعيدا جدا بمحاولته، أردت توبيخه فتذكرت حالي مع البجع.
كان لهيب صيف الرياض يلجئ حمامة لتحط على نافذة مكتبنا تستظل قليلا، تمنحنا منظرا آسراً ثم تطير، وفي كل مرة تحط فيها كان زميلي بندر يضرب بيده على النافذة ليزعجها ويعيدها للهيب الشمس، يقول لي يا أخي يدي تهرشني لا أستطيع المقاومة.
نعم؛ لا نقاوم رغبتنا الجامحة في إزعاج زملائنا في هذا الكون مما خلق الله، بينما غيرنا لا يقاوم رغبته الجامحة في مساعدة سحلية للحفاظ على حياتها.
نحن لا نحترم الحياة أصلا، ولذلك لو أننا أنا وبندر وصاحب الهايلكس تولينا مسؤولية عامة في بلادنا فلن تؤثر فينا نتائج عملنا كمنظر أسرة متكومة بقارب نجاة أو معلقة بطائرة إنقاذ أو مطمورة تحت الماء.
احترام الحياة فكرة واحدة لا تفرق في هذا الحق بين كلب وسحلية وحمامة وإنسان.
لماذا أيدينا تهرشنا باتجاه الخطأ؟!
أحمدالسيدعطيف(صحيفة الوطن)