المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفقهه في دينك احكام الشتاء


عبدالله سعد حوفان
11-30-2012, 11:26 PM
الشتاء أحكام وآداب زاهر بن محمد الشهري * الحمد لله رب العالمين والصﻼ‌ة والسﻼ‌م على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:* في هذه اﻷ‌يام يتردد على أسماعنا الحديث عن الشتاء، بل ونحسه ونستشعره استشعاراً، فنشتاق إلى لياليه، وننتظر أيامه. وقد نكون اﻵ‌ن ممن يعيشه.* ولذا لنا مع هذا الفصل وقفات لعلَّ الله عز وجل يفتح لها القلوب:* الوقفة اﻷ‌ولى: تأمل وتفكر* إن أحسن ما أتفقت فيه اﻷ‌نفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه، واﻻ‌نتقال منها إلى تعلق القلب والهمّة به دون شيء من مخلوقاته.* وكم لله من آياته في كل ما يقع الحس عليه، ويبصره العباد، وما ﻻ‌ يبصرونه، تفنى اﻷ‌عمار دون اﻹ‌حاطة بها وبجميع تفاصيلها. لكن تأمل معي هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد، وقيام الحيوان النبات عليهما. وفكر في دخول أحدهما على اﻵ‌خر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته. ولو دخل عليه مفاجأة ﻷ‌ضنَّ ذلك باﻷ‌بدان وأهلكها، وبالنبات، كما خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة إلى مكان مفرط البرودة، ولوﻻ‌ العناية والحكمة والرحمة واﻹ‌حسان لما كان ذلك* فهل من متأمل ومتفكر؟!* الوقفة الثانية: آيات الله في الشتاء* 1 - الصواعق:* قال تعالى: وَيُرسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُم يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ [الرعد:13].* وقد جاء في سبب نزولها أن رجﻼ‌ً من عظماء الجاهلية جادل في الله تعالى فقال لرسول الله : ( أيش ربك الذي تدعوني إليه؟* من حديد هو؟ من نحاس هو؟ من فضة هو؟ من ذهب هو؟ فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه وأحرقته ).* 2 - الرعد والبرق:* عن ابن عباس قال: اقبلت يهود إلى النبي* فقالوا: ( يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ )* قال: { ملك من المﻼ‌ئكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله }* قالوا: ( فما هذا الصوت الذي نسمع؟ )* قال: { زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر }* قالوا: ( صدقت ) [السلسلة الصحيحة لﻸ‌لباني:1872].* 3 - المطر والبرد:* قال تعالى : أًلَمَ تَرَ أَنَ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِﻼ‌لِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنَ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِاﻷ‌َ بصَارِ [النور:43].* الوقفة الثالثة: شكوى* عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين؛ نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها } [رواه البخاري ومسلم].* فتذكر يا أخي شدة زمهرير جهنم بشدة البرد القارس في الدنيا، وإن ربط المشاهد الدنيوية باﻵ‌خرة ليزيد المرء إيماناً على إيمانه.* يقول أحد الزهاد: ( ما رأيت الثلج يتساقط إﻻ‌ تذكرت تطاير الصحف في يوم الحشر والنشر ).* الوقفة الرابعة: التوحيد في الشتاء* يكثر في هذه اﻷ‌يام من بعض المسلمين نسبة المطر إلى اﻷ‌نواء ( منازل القمر ) وهذه النسبة تنقسم إلى ثﻼ‌ثة أقسام:* 1 -*نسبة إيجاد: أي أنها هي الفاعلة المُنزلة للمطر بنفسها دون الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة اﻹ‌سﻼ‌مية.* 2 -*نسبة سبب: أي أن يجعل هذه اﻷ‌نواء سبباً مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل، وهذا شرك أصغر؛ ﻷ‌ن كل من جعل سبباً لم يجعله الله سبباً ﻻ‌ بوحيه وﻻ‌ بقدره فهو مشرك شركاً أصغر.* 3 -*نسبة وقت: وهذه جائزة بأن يريد بقوله:* مطرنا بنوء كذا، أي جاءنا المطر في هذا النوع أي في وقته، لهذا قال العلماء:* ( يحرم أن يقول مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا ).* واﻷ‌فضل من هذا أن يقول العبد كما جاء في الحديث: { مطرنا بفضل الله ورحمته }.* الوقفة الخامسة: الشتاء وعمر اﻹ‌نسان* بإدراكنا هذا الشتاء يكون قد مضى وانصرم من أعمارنا عاماً كامﻼ‌ً سيكون شاهداً لنا أو شاهداً علينا. والمؤمن يقف مع نفسه وقفة صادقة ويقول لها:* إنما هي ثﻼ‌ثة أيام.* قد مضى أمسٌ بما فيه.* وغداً أملٌ لعلك ﻻ‌ تدركه.* إنك إن كنت من أهل غد فإن غداً يجيء برزقه. ودون غد يوماً وليلة تخرم فيه أنفاس كثيرة. لعلك المخترم فيها كفى كل يوم همُّه.* ثم قد حملت على قلبك الضعيف همّ السنين واﻷ‌زمة، وهمَّ الغﻼ‌ء والرخص وهمَّ الشتاء قبل أن يجيء الشتاء، وهمَّ الصيف قبل أن يجيء الصيف فماذا أبقيت من قلبك الضعيف ﻵ‌خرته؟* كل يوم ينقص من أجلك وأنت ﻻ‌ تحزن.* مضى الدهر واﻷ‌يام والذنب حاصل *** وجاء رسول الموت والقلب غافل* نعيمك في الدنيا غرور وحسرة *** وعيشك في الدنيا محال وباطل* الوقفة السادسة: الجسد الواحد* أحدهم يقسم بالله العظيم أن عنده جدّتين ﻷ‌مه وأبيه تنامان في لحاف واحد من شدة البرد.* أختي -أخي الحبيب:* إن هذا الفصل نعيشه ويعيشه معنا أناس يستقبلون قبلتنا، ويصلون صﻼ‌تنا،* ويحجون حجنا فلهم حق. إن هذا الفصل وما يمر علينا فيه من الشدائد هنا وهنا فقط، ﻻ‌بد وأن نستشعر جميعاً أن هناك من هو أحوج بالرأفة والمساعدة منا، ﻻ‌بد أن نتذكر أولئك الذين ﻻ‌مس بل اخترق بردُ الزمهرير عظامهم.* إن هناك مسلمون ﻻ‌ يحلم بل ﻻ‌ يتصور أحدهم وإن شئت فقل ﻻ‌ يتوقع في الحسبان أن يصل إليه ثوب قد جعلته أنت مما فضل من ثيابك ومﻼ‌بسك.* أخي- أختي في الله:* قل لي بربك كم يملك أحدنا من ثوب؟ وكم يُفصِّل أحدنا من ثوب؟* وكم.. وكم.. وكم..؟ خير كثير كثير. ونِعَمٌ ﻻ‌ تحصى.. ولكن أين العمل؟* . إلى الله المشتكى فﻼ‌ تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.* فهيا أخي امضِ وتصدق ولو بشيء يسير، فربما يكون في نظرك حقير وعند ذلك الفقير المحتاج كبير وعظيم.* الوقفة السابعة: من أحكام الطهارة في الشتاء* 1-*ماء المطر طهور: يرفع الحدث ويزيل الخبث قال تعالى : وَأَنَزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان:48].* 2-*إسباغ الوضوء في البرد كفارة للذنوب والخطايا : واﻹ‌سباغ مأمور به شرعاً عند كل وضوء.* 3-*يكثر في فصل الشتاء والوَحَلُ والطين فتصاب الثياب به مما قد يُشكِل حكم ذلك على البعض.* فالجواب: أنه ﻻ‌ يجب غسل ما أصاب الثوب من هذا الطين؛ ﻷ‌ن اﻷ‌صل فيه الطهارة. وقد كان جماعة من التابعين يخوضون الماء والطين في المطر ثم يدخلو المسجد فيُصلون.* لكن ينبغي مراعاة المحافظة على نظافة فُرش المسجد في زماننا هذا.* 4-*يكثر في الشتاء لبس الناس للجوارب والخفاف ومن رحمة الله بعبادة أن أجاز المسح عليهما إذا لُبسا على طهارة وسترا محل الفرض، للمقيم يوماً وليلة - أي أربعاً وعشرين ساعة - وللمسافر ثﻼ‌ثة أيام بلياليهن - اي اثنتان وسبعون ساعة - وتبدأ المدة من أول مسح بعد اللبس على الصحيح وإن لم يسبقه حدث بأن يمسح أكثر أعﻼ‌ الخف فيضع يده على مقدمته ثم يمسح إلى ساقه، وﻻ‌ يجرى مسح أسفل الخف والجورب وعقبه، وﻻ‌ يُسن.* ومن لبس جورباً أو خفاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء.* وإذا وإذا لبس جورباً أو خُفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم لﻸ‌ول. وإذا لبس خُفاً أو جورباً ثم أحدث ومسحه ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح. ويكون ابتداء المدة من مسح اﻷ‌ول.* وإذا لبس خُفاً على خُف أو جورباً على جورب ومسح اﻷ‌على ثم خلعه فله المسح بقية المدة حتى تنتهي على اﻷ‌سفل.* 5 -*من مخالفات الطهارة في الشتاء:* أ - بعض الناس ﻻ‌ يسبغون الوضوء لشدة البرد* بل ﻻ‌ يأتون بالقدر الواجب حتى إن بعضهم يكاد يمسح مسحاً. وهذا ﻻ‌ يجوز وﻻ‌ ينبغي.* ب - بعض الناس ﻻ‌ يسفرون أكمامهم عند غسل اليدين فسراً كامﻼ‌ً - أي يكشفون عن موضع الغسل كشفاً تاماً -* وهذا يؤدي إﻻ‌ أن يتركوا شيئاً من الذراع بﻼ‌ غسل، والوضوء معه غير صحيح.* ج - بعض الناس يُحرَجُون من تسخين الماء للوضوء وليس معهم أدنى دليل شرعي على ذلك.* الوقفة الثامنة: من أحكام الصﻼ‌ة في الشتاء* 1 -*الجمع بين صﻼ‌تي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما سنة إذا وجد سببه وهي المشقة في الشتاء، من مطر أو وحلٍ أو ريح شديدة باردة، وهي رخصة من الله عز وجل والله يحب أن تؤتى رخصه. وتفصيل أحكام الجمع مبسوطة في المطوﻻ‌ت.* 2 -*من مخالفات الصﻼ‌ة في الشتاء:* أ - التلثم: صحّ عن النبي أن يغطي الرجل فاه.* فينبغي للمسلم إذا دخل المسجد أن يحل اللثام عن فمه، وﻻ‌ بأس أن يغطي فمه أثناء التثاؤب في الصﻼ‌ة ثم ينزع بعده. بل هو المشروع سواءً أكان باليد أم بشيء آخر.* ب - الصﻼ‌ة إلى النار : يكثر في الشتاء وضع المدافئ في المساجد أو في البيوت وتكون أحياناً في قبلة المصلين.* وهذا مما نص أهل العلم على كراهته ﻷ‌ن فيه تشبهاً بالمجوس وإن كان المصلي ﻻ‌ يقصد ذلك ولكن سداً لكل طريق يؤدي للشرك ومشابهة المشركين.* 3 -*الصﻼ‌ة على الراحلة أو في السيارة: جائزة خشية الضرر إذا خاف الضرر وإذا خاف خروج وقتها وهي مما ﻻ‌ يجمع مع غيرها في الشتاء.* قال ابن قدامة في المغني: ( وإن تضرر في السجود وخاف من تلوث يديه وثيابه بالطين والبلل فله الصﻼ‌ة على دابته ويؤمئ بالسجود ).* الوقفة التاسعة: الدعاء في الشتاء* 1 -*عند رؤية الريح : ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به ).* 2 -*عند رؤية السحاب : ( اللهم إني أعوذ بك من شرها ).* 3 -*عند رؤية المطر : ( اللهم صيباً هيئاً ) أو ( اللهم صيباً نافعاً ) أو ( رحمة ) ويستحب للعبد أن يكثر من الدعاء عند نزول المطر ﻷ‌نه من المواطن التي تطلب إجابة الدعاء عنده، كما في الحديث الذي حسنه اﻷ‌لباني في الصحيح [1469].* 4 -*إذا كثر المطر وخيف منه الضرر : قال: ( اللهم حوالينا وﻻ‌ علينا، اللهم على اﻵ‌كام والظرب وبطون اﻷ‌ودية ومنابت الشجر ).* فائدة: يستحب للمؤمن عند أول المطر أن يكشف عن شيء من بدنه حتى يصيبه ( ﻷ‌نه حديث عهد برب