ريحانة شمران
09-26-2020, 09:12 PM
للرحلات آداب وللرحّالة مآرب وأسباب
https://www.albayan.ae/polopoly_fs/1.3758867.1579728699!/image/image.jpg
المصدر:
إعداد: د. حمد بن صراي
لقد أثار الحديث عن الرحلات قراءتي لكتاب «لِلّيل طائره.. وللنّهار المسافات»، للأديب الأريب الأستاذ ناصر الظاهري، الذي أبدع في صياغته وأجاد في كتابته.
وأحسن في تقديمه للقرّاء بصورة سهلة ميسّرة، سرد فيه حكاياته في أسفاره المختلفة بصيغة العناوين التي أدرج فيها تجاربه ومآربه وهواياته ورؤاه وأحلامه.
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282546.jpg
وبأساليب جميلة لا تخلو من الإبداع والفكاهة واللطافة والصراحة. ومن هناك شرد ذهني نحو كتابة الرحلات والإعداد لها وتحريرها من قِبل الرحّالة أنفسهم أو من آخرين قاموا بتحرير هذه الرحلات وكتابتها أدبياً، وتأهيلها علمياً ثم طباعتها ونشرها وبثّها بين القرّاء ليتعرّفوا إلى حكايات وقصص أولئك الرحّالة.
ولي تجربة في تدوين سفراتي وتسجيل رحلاتي التي تجاوزتْ حتى الآن 40 حلقة نشرتُها في «مجلّة بلديّة رأس الخيمة» بتشجيعٍ من الأديب الدكتور هيثم الخواجة حين كنتُ متردّداً في الكتابة في بداية التجربة.
لذا نضع بين يديكم مقتطفات من أدب الرحلات والرحالة الذين أطلّوا على منطقتنا، وجالوا فيها، وعايشوا أهلها، وتعرّفوا على عاداتها وتقاليدها وآثارها، وألّفوا كتباً عن رحلاتهم وتجاربهم.
زائرون في كُتيّب
وممّا أثار اهتمامي بالموضوع كذلك كُتيّبٌ وضعتْه السلطات البريطانيّة في الهند بعنوان:
" Record of Some Travelers in Asia East Africa and Arabia whose Works Have Been of Interest to the Government of India Commencing from 1875"
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282675.jpg
ويحتوي هذا الكُتيّب على سجلٍّ وافٍ وموجز في الوقت نفسه عن الرّحّالة الذين تجوّلوا أو كانوا يتجوّلون آنذاك في أفغانستان وآسيا الصغرى والصين وشرقيّ أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والهند الصّينيّة وروسيا الآسيوية وسيام وهضبة التبت والحدود الشمالية والشمالية الشرقية والشرقية للهند.
أولئك الرّحالة الذين حازت أعمالهم اهتمام الحكومة في الهند، ابتداءً من 1875، وحتى تاريخ النشر عام 1910.
وهم كثيرون من البريطانيين والهنود والألمان والفرنسيّين والدانماركيّين وغيرهم من الأوروبيّين والأمريكيين.
ويسجّل الكُتيّب معلومات في جدول ذي أعمدة متوازية تحمل الرقم المتسلسل، والاسم، والتاريخ، والبلدان التي تمّت زيارتها أو التي تمّ اجتيازها باختصار، والنّتائج أو الملاحظات.
إضافة إلى عمود أخير يدوّن النتائج والملاحظات، والتقارير الرسمية أو المنشورات الأخرى للرحلة أو أيّ معلومات إضافية إن وُجدتْ. وجاوزتْ أعداد الرحّالة إلى بلاد العرب الثلاثين شخصاً حتّى عام 1910.
أهداف وغايات
لكلّ واحد مِن هؤلاء الرحّالة قصّة، ولكلّ واحد مِنهم حكاية، ولكلّ واحد مِنهم هدف وغاية، ولكنّهم يلتقون كلّهم على رغبة في استكشاف بلاد العرب بين القرنين السابع عشر والعشرين. لأنّها بالنّسبة لهم وبالنّسبة لعلمائهم وساستهم.
وبالنّسبة لمفكرّيهم وقادتهم كانت بلاداً غريبة، غامضة، بعيدة، مجهولة. ومهما كانت أهداف الرّحّالة فإنّها لا تقلّل من الأهمية العلميّة والتاريخيّة والآثاريّة والأدبيّة لهذه الرّحلات؛ لأنّ أصحابها كانوا مغامرين متمرّسين وعلى معرفة بتاريخ المنطقة القديم والحديث.
طرق وأساليب
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282548.jpg
وممّا يلفت النظر أنّ بعض الرحالة اتبع طرقاً صحيحة في نسخ الرسوم الصخرية والنقوش والكتابات، ما أكسب عملهم طابعاً علمياً يستفاد منه عند كتابة التاريخ القديم للمنطقة.
وكوّنت معلوماتهم مصدراً للدراسة العلمية، ولا تزال أعمالهم تثبت دقّة كاتبيها يوماً بعد يوم، وتعد عنصراً مهماً لكلّ باحث في تاريخ المنطقة.
وهذا أسهم في الكشف عن آثار الشرق الأدنى القديم، كما ساعد حبّ المغامرة على الوصول إلى الأماكن التي ورد ذِكرها في المصادر الدّينية والكلاسيكية.
وفي الوقت نفسه قاموا بتدوين الروايات الشفهية التي ساعدت في عمليات الكشوف الآثارية، وحفظ هذه المرويات من الاندثار. ومنحهم تنقّلهم بوساطة وسائل نقل محلية الوقت لتسجيل ملحوظاتهم وتوقيتهم لمراحل الأسفار التي يمكن مقارنتها بالعصور الغابرة.
اكتشافات مهمّة
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282547.jpg
وكذلك جرى عن طريقهم اكتشاف عدد من المدن المجهولة، والإشارة إليها موقعاً وآثاراً ووصْفاً. وتحديد عدد كبير من مواقع الاستيطان القديمة خلال جولاتهم الميدانيّة.
ونالت اهتماماً عظيماً من الباحثين اللاحقين. ومن حُسن الحظّ أنّ كثيراً من هذه النقوش محفوظ في الكتب الآن.
وعملوا على توثيق معالم آثارية لم يعد لها وجود؛ إذ اندثرت بفعل عوامل الطبيعة أو التدخل الإنساني.
وشجّعتْ نتائج الكشوف الآثاريّة ونشر التقارير والكتب عدداً أكبر من المغامرين والمتخصّصين على زيارة المواقع المكتشفة والكتابة عنها. وتركّزت تقاريرهم على:
* تجارة البخور.
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282125.jpg
* تقديم وصْف مفصّل عن المصادر الطبيعيّة لكل منطقة والتعرف إلى نوعيّة الحيوانات والطيور.
* توثيق المقومات الزراعية والمحاصيل السائدة والأساليب المستخدمة ومصادر المياه والسدود.
* وصْف العقاقير والأدوية وطرق العلاج.
* وصف الصناعات المحلية كصناعة الأدوات المنزلية والزراعية.
تابع
https://www.albayan.ae/polopoly_fs/1.3758867.1579728699!/image/image.jpg
المصدر:
إعداد: د. حمد بن صراي
لقد أثار الحديث عن الرحلات قراءتي لكتاب «لِلّيل طائره.. وللنّهار المسافات»، للأديب الأريب الأستاذ ناصر الظاهري، الذي أبدع في صياغته وأجاد في كتابته.
وأحسن في تقديمه للقرّاء بصورة سهلة ميسّرة، سرد فيه حكاياته في أسفاره المختلفة بصيغة العناوين التي أدرج فيها تجاربه ومآربه وهواياته ورؤاه وأحلامه.
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282546.jpg
وبأساليب جميلة لا تخلو من الإبداع والفكاهة واللطافة والصراحة. ومن هناك شرد ذهني نحو كتابة الرحلات والإعداد لها وتحريرها من قِبل الرحّالة أنفسهم أو من آخرين قاموا بتحرير هذه الرحلات وكتابتها أدبياً، وتأهيلها علمياً ثم طباعتها ونشرها وبثّها بين القرّاء ليتعرّفوا إلى حكايات وقصص أولئك الرحّالة.
ولي تجربة في تدوين سفراتي وتسجيل رحلاتي التي تجاوزتْ حتى الآن 40 حلقة نشرتُها في «مجلّة بلديّة رأس الخيمة» بتشجيعٍ من الأديب الدكتور هيثم الخواجة حين كنتُ متردّداً في الكتابة في بداية التجربة.
لذا نضع بين يديكم مقتطفات من أدب الرحلات والرحالة الذين أطلّوا على منطقتنا، وجالوا فيها، وعايشوا أهلها، وتعرّفوا على عاداتها وتقاليدها وآثارها، وألّفوا كتباً عن رحلاتهم وتجاربهم.
زائرون في كُتيّب
وممّا أثار اهتمامي بالموضوع كذلك كُتيّبٌ وضعتْه السلطات البريطانيّة في الهند بعنوان:
" Record of Some Travelers in Asia East Africa and Arabia whose Works Have Been of Interest to the Government of India Commencing from 1875"
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282675.jpg
ويحتوي هذا الكُتيّب على سجلٍّ وافٍ وموجز في الوقت نفسه عن الرّحّالة الذين تجوّلوا أو كانوا يتجوّلون آنذاك في أفغانستان وآسيا الصغرى والصين وشرقيّ أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والهند الصّينيّة وروسيا الآسيوية وسيام وهضبة التبت والحدود الشمالية والشمالية الشرقية والشرقية للهند.
أولئك الرّحالة الذين حازت أعمالهم اهتمام الحكومة في الهند، ابتداءً من 1875، وحتى تاريخ النشر عام 1910.
وهم كثيرون من البريطانيين والهنود والألمان والفرنسيّين والدانماركيّين وغيرهم من الأوروبيّين والأمريكيين.
ويسجّل الكُتيّب معلومات في جدول ذي أعمدة متوازية تحمل الرقم المتسلسل، والاسم، والتاريخ، والبلدان التي تمّت زيارتها أو التي تمّ اجتيازها باختصار، والنّتائج أو الملاحظات.
إضافة إلى عمود أخير يدوّن النتائج والملاحظات، والتقارير الرسمية أو المنشورات الأخرى للرحلة أو أيّ معلومات إضافية إن وُجدتْ. وجاوزتْ أعداد الرحّالة إلى بلاد العرب الثلاثين شخصاً حتّى عام 1910.
أهداف وغايات
لكلّ واحد مِن هؤلاء الرحّالة قصّة، ولكلّ واحد مِنهم حكاية، ولكلّ واحد مِنهم هدف وغاية، ولكنّهم يلتقون كلّهم على رغبة في استكشاف بلاد العرب بين القرنين السابع عشر والعشرين. لأنّها بالنّسبة لهم وبالنّسبة لعلمائهم وساستهم.
وبالنّسبة لمفكرّيهم وقادتهم كانت بلاداً غريبة، غامضة، بعيدة، مجهولة. ومهما كانت أهداف الرّحّالة فإنّها لا تقلّل من الأهمية العلميّة والتاريخيّة والآثاريّة والأدبيّة لهذه الرّحلات؛ لأنّ أصحابها كانوا مغامرين متمرّسين وعلى معرفة بتاريخ المنطقة القديم والحديث.
طرق وأساليب
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282548.jpg
وممّا يلفت النظر أنّ بعض الرحالة اتبع طرقاً صحيحة في نسخ الرسوم الصخرية والنقوش والكتابات، ما أكسب عملهم طابعاً علمياً يستفاد منه عند كتابة التاريخ القديم للمنطقة.
وكوّنت معلوماتهم مصدراً للدراسة العلمية، ولا تزال أعمالهم تثبت دقّة كاتبيها يوماً بعد يوم، وتعد عنصراً مهماً لكلّ باحث في تاريخ المنطقة.
وهذا أسهم في الكشف عن آثار الشرق الأدنى القديم، كما ساعد حبّ المغامرة على الوصول إلى الأماكن التي ورد ذِكرها في المصادر الدّينية والكلاسيكية.
وفي الوقت نفسه قاموا بتدوين الروايات الشفهية التي ساعدت في عمليات الكشوف الآثارية، وحفظ هذه المرويات من الاندثار. ومنحهم تنقّلهم بوساطة وسائل نقل محلية الوقت لتسجيل ملحوظاتهم وتوقيتهم لمراحل الأسفار التي يمكن مقارنتها بالعصور الغابرة.
اكتشافات مهمّة
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282547.jpg
وكذلك جرى عن طريقهم اكتشاف عدد من المدن المجهولة، والإشارة إليها موقعاً وآثاراً ووصْفاً. وتحديد عدد كبير من مواقع الاستيطان القديمة خلال جولاتهم الميدانيّة.
ونالت اهتماماً عظيماً من الباحثين اللاحقين. ومن حُسن الحظّ أنّ كثيراً من هذه النقوش محفوظ في الكتب الآن.
وعملوا على توثيق معالم آثارية لم يعد لها وجود؛ إذ اندثرت بفعل عوامل الطبيعة أو التدخل الإنساني.
وشجّعتْ نتائج الكشوف الآثاريّة ونشر التقارير والكتب عدداً أكبر من المغامرين والمتخصّصين على زيارة المواقع المكتشفة والكتابة عنها. وتركّزت تقاريرهم على:
* تجارة البخور.
https://media.albayan.ae/images/fahmi559/3282125.jpg
* تقديم وصْف مفصّل عن المصادر الطبيعيّة لكل منطقة والتعرف إلى نوعيّة الحيوانات والطيور.
* توثيق المقومات الزراعية والمحاصيل السائدة والأساليب المستخدمة ومصادر المياه والسدود.
* وصْف العقاقير والأدوية وطرق العلاج.
* وصف الصناعات المحلية كصناعة الأدوات المنزلية والزراعية.
تابع