أبو شريح الشمراني
02-18-2022, 12:57 AM
- 17 فبراير 2022
(في قريتنا شجرة زيتون ) للأستاذ/ محمد عبدالخالق الشمراني
https://www.shmran.net/inf/wp-content/uploads/2022/02/0-30-1146x1536-1.jpg
قرية نائية في تهامة تتخذ من الجبال ساترا إذ تحيط بها من جهاتها الثلاث ، ففي شمالها يقع جبل رباء ويرفدها من الغرب جبل الفرش متصلا بجبل القيب ، أما جهتها الشرقية فتشرف عليها سلسلة جبال الحَدَب، وتتنوع تضاريس تلك الجبال ، فمنها السهل ومنها صعب المرتقى.
تحتضن في وسطها واديا تتناثر على جنباته الأراضي الزراعية الخصبة ، فغالب اعتماد أهلها على الزراعة بمياه الأمطار ، تنتج تلك المزارع ما يكفي الساكنين من حبوب الذرة البيضاء والدخن غالي القيمة، هذان المحصولان هما أساس الزراعة ولبّها ، فلا أحد يزرع غيرهما، يعيش الناس ألفة ومحبة وتعاونا، ولا يخلو الأمر من بعض المشكلات التي سرعان ما تنتهي ، إما بالصلح أو بالتنازل ، يكثر في أودية القرية شجر السدر وشجر السلم والمضّ وقليل من السمر ،
ومما يجعل للسدر خصوصية دون غيره ، اعتماد الأهالي على أخشابه في سَقف المنازل والاستظلال به من الشمس والمطر ، ومنه ينتج أجود أنواع العسل، أما السَلَم فأغلب استخدامه في عمل السياج الشائك ( الزربة) ليحول بين المواشي وبين المزروعات.
يسكن في طرف القرية رجل في الأربعين من عمره ، هادئ الطباع ذو سمتٍ حسن ، لكن كانت تراوده فكرة أن يزرع شجرة الزيتون في مزرعته.
نصحه غير واحد من أقرانه وأهل قريته، وأخبروه أن الزيتون له أرضه التي يُزرع فيها، ولن يتأقلم في أرضٍ ليست له. لكنه لم يستمع لهم .
سافر إلى شمال المملكة مع موظف من أبناء عمومته يأتي للقرية مرتين في السنة . اشترى غرائس الزيتون ثم عاد بعد شهر إلى القرية وبدأ في زراعتها وسقيها والعناية بها ، في حين بدأ موسم زراعة الذرة والدخن .
انصرف أهالي القرية إلى ما اعتادوا زراعته ، وهو يكدح بين غرائس زيتونه ، وبعد أشهر ثلاثة بدأ أهل القرية في حصد مزروعاتهم وجني ثمارها، أما صاحب الزيتون فلم تبرح شتلاته مكانها .
ظل على ذلك طويلا حتى زاره في مزرعته عجوز يتوكأ على عصاه ، قد هدّه الكبر ، ورسمت يد الزمان التجاعيد على وجهه، وكان ذاك الشيخ محبوبا مقدّرا من الجميع .
قال له: يا بُني ، هذه القرية وهذه الأرض تُنبِتُ ما اعتادت عليه ، مايتلاءم وجوّها وتربتها ، الزيتون غريب عنها ، فسَتُمسِك عنه ذخائرها، فهو لم يعتد تَنفُس هوائها ، ولا تعرف جذوره عُمق طبقات تُربتِها، ولن يَبُلَ ماؤها ظمأه.
فعُذ إلى أرضك واسألها عن ما تريد ، وانظر إلى سمائك ماعساها أن تسقي .
للزيتون أرض تفخر به ، وتمنحه من جوفها كنوز إثماره.
بقلم الاستاذ/ محمد عبدالخالق ال محفوظ الشمراني
التربيـــة والتعليـــم بالقويعيـــة
صحيفة شمران الاخبارية
https://www.shmran.net/inf/56731.html
(في قريتنا شجرة زيتون ) للأستاذ/ محمد عبدالخالق الشمراني
https://www.shmran.net/inf/wp-content/uploads/2022/02/0-30-1146x1536-1.jpg
قرية نائية في تهامة تتخذ من الجبال ساترا إذ تحيط بها من جهاتها الثلاث ، ففي شمالها يقع جبل رباء ويرفدها من الغرب جبل الفرش متصلا بجبل القيب ، أما جهتها الشرقية فتشرف عليها سلسلة جبال الحَدَب، وتتنوع تضاريس تلك الجبال ، فمنها السهل ومنها صعب المرتقى.
تحتضن في وسطها واديا تتناثر على جنباته الأراضي الزراعية الخصبة ، فغالب اعتماد أهلها على الزراعة بمياه الأمطار ، تنتج تلك المزارع ما يكفي الساكنين من حبوب الذرة البيضاء والدخن غالي القيمة، هذان المحصولان هما أساس الزراعة ولبّها ، فلا أحد يزرع غيرهما، يعيش الناس ألفة ومحبة وتعاونا، ولا يخلو الأمر من بعض المشكلات التي سرعان ما تنتهي ، إما بالصلح أو بالتنازل ، يكثر في أودية القرية شجر السدر وشجر السلم والمضّ وقليل من السمر ،
ومما يجعل للسدر خصوصية دون غيره ، اعتماد الأهالي على أخشابه في سَقف المنازل والاستظلال به من الشمس والمطر ، ومنه ينتج أجود أنواع العسل، أما السَلَم فأغلب استخدامه في عمل السياج الشائك ( الزربة) ليحول بين المواشي وبين المزروعات.
يسكن في طرف القرية رجل في الأربعين من عمره ، هادئ الطباع ذو سمتٍ حسن ، لكن كانت تراوده فكرة أن يزرع شجرة الزيتون في مزرعته.
نصحه غير واحد من أقرانه وأهل قريته، وأخبروه أن الزيتون له أرضه التي يُزرع فيها، ولن يتأقلم في أرضٍ ليست له. لكنه لم يستمع لهم .
سافر إلى شمال المملكة مع موظف من أبناء عمومته يأتي للقرية مرتين في السنة . اشترى غرائس الزيتون ثم عاد بعد شهر إلى القرية وبدأ في زراعتها وسقيها والعناية بها ، في حين بدأ موسم زراعة الذرة والدخن .
انصرف أهالي القرية إلى ما اعتادوا زراعته ، وهو يكدح بين غرائس زيتونه ، وبعد أشهر ثلاثة بدأ أهل القرية في حصد مزروعاتهم وجني ثمارها، أما صاحب الزيتون فلم تبرح شتلاته مكانها .
ظل على ذلك طويلا حتى زاره في مزرعته عجوز يتوكأ على عصاه ، قد هدّه الكبر ، ورسمت يد الزمان التجاعيد على وجهه، وكان ذاك الشيخ محبوبا مقدّرا من الجميع .
قال له: يا بُني ، هذه القرية وهذه الأرض تُنبِتُ ما اعتادت عليه ، مايتلاءم وجوّها وتربتها ، الزيتون غريب عنها ، فسَتُمسِك عنه ذخائرها، فهو لم يعتد تَنفُس هوائها ، ولا تعرف جذوره عُمق طبقات تُربتِها، ولن يَبُلَ ماؤها ظمأه.
فعُذ إلى أرضك واسألها عن ما تريد ، وانظر إلى سمائك ماعساها أن تسقي .
للزيتون أرض تفخر به ، وتمنحه من جوفها كنوز إثماره.
بقلم الاستاذ/ محمد عبدالخالق ال محفوظ الشمراني
التربيـــة والتعليـــم بالقويعيـــة
صحيفة شمران الاخبارية
https://www.shmran.net/inf/56731.html