المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأحكام والمسائل المتعلقة بفقه الأخلاق


الحمدان
07-31-2024, 10:47 PM
فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه لفضيلة الشيخ أ.د سعد بن تركي الخثلان وفقه الله الاثنين ٢٣-١-١٤٤٦هـ
(الأحكام والمسائل المتعلقة بفقه الأخلاق ٢):

١/حسن الخلق من أفضل الأعمال وأعظمها أجرًا وثوابًا، بل جاء في حديث أبي الدرداء: أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "ما من شيءٍ أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من تقوى الله وحُسن الخُلُق". أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد بسندٍ صحيحٍ.
ولذلك ينبغي أن يحرص المسلم على حُسن الخُلُق، وأن يسعى لذلك، فإنه أولًا يكسب الأجر والثواب من الله.
ثانيًا: أن هذا مما يُحببه للناس، ويجعل الناس تقبل دعوته وتعليمه.

٢/تعامل الإنسان مع الآخرين له منزلته في دين الإسلام، فليس التدين منحصرًا في الشرائع التعبدية التي بين العبد وبين ربه فحسب، بل يشمل ذلك تعامله مع الآخرين، بل إنه لو كان كثير الصلاة والصيام والشرائع التعبدية فيما بينه وبين ربه لكنه يسيء للناس فخير منه ذلك الذي هو محافظ على الفرائض وأقل منه في النوافل لكنه يحسن إلى الناس.
ومصداق هذا ما أخرجه أحمد بسند صحيح، عن أبي هريرة أن النبي صل الله عليه وسلم قيل له: “إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال النبي صلاللهعليهوسلم: هي في النار، قيل له: وإن فلانة تصلي المكتوبة، وتتصدق بأثوار من الأقط، ولا تؤذي أحدًا من جيرانها، وفي رواية: إن فلانة تذكر بقلة صيامها وصدقتها وصلاتها غير أنها تتصدق بشيء من أثوار الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، فقال النبي صلاللهعليهوسلم: هي في الجنة".

٣/‏من أحسن ما قيل في ضابط حسن الخلق أن تعامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به ‏فإذا أردت من الناس أن يعاملوك بلطف واحترام وعدم تجريح في الكلام فعاملهم بمثل ذلك.

٤/يدل على كمال خُلق النبي صل الله عليه وسلم ما وصفه الله تعالى به فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فأكد الله على ذلك بمؤكداتٍ:
المؤكد الأول: (إنَّ).
المؤكد الثاني: اللام، وَإِنَّكَ لَـ.
المؤكد الثالث: حرف الاستعلاء (على).
المؤكد الرابع: وصف الخلق بأنه عظيمٌ.

٥/‏سوء الخلق يعتبر نقص في الإيمان كما في قصة المرأة التي تؤذي جيرانها،‏ ولقوله صل الله عليه وسلم : "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال: من لا يأمن جاره بوائقه" ولقوله صل الله عليه وسلم : "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا".

٦/التغافل يعتبر من مكارم الأخلاق، وعدَّ أهل العلم التغافل من المروءة. ومعناه: إظهار الغفلة، وعدم التدقيق، وإنما يظهر الإنسان الغفلة، وكأنه لم ينتبه لهذا الشيء، وهذا مطلوب في التعامل مع جميع الناس، وإلا إذا كان سيتعامل مع الناس بالمحاسبة والتدقيق عن كل شيءٍ، فإنه يكون بعيدًا عن مكارم الأخلاق، وربما لا يجد له صاحبًا.
إذَا أنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَاراً عَلَى القَذَى
ظَمِئتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ؟
وقال بعض الحكماء: وجدت أكثر أمور الدنيا لا تجوز إلا بالتغافل.

٧/يقول الشاعر:
لَيْسَ الغبيُّ بسيّدٍ في قَوْمِهِ
لكنَّ سيِّدَ قَوْمِهِ المُتَغَابي
الغبي يعني: لا يكون سيدًا في قومه، السيادة تحتاج إلى ذكاءٍ وفطنةٍ، لكن أيضًا هذا الذكي والفطن لا بد أن يكون متغافلًا ليس غافلًا، وإنما متغافلٌ، يعني: يتسامح، ولا يُدقِّق في الأمور كثيرًا في التعامل، وقد يسمع الإنسان مثلًا كلمةً نابيةً، فيتغافل عنها، ويُعرض عنها ولا يُدقِّق فيها، ولا يُحقِّق، هذا أحسن في التعامل، قد يتصرف معه بعض الناس تصرفًا غير مناسبٍ، فيتغافل عنه، بهذه الطريقة تسمو أخلاقه. ولهذا قيل للإمام أحمد: إن فلانًا يقول: العافية عشرة أجزاءٍ؛ تسعة منها في التغافل، قال: أخطأ، بل العافية عشرة أجزاء، كلها في التغافل. وقال الأعمش: التغافل يطفئ شرًّا كثيرًا.

٨/التغافل في التعامل مع جميع الناس، التغافل في التعامل مع الزوجة بالنسبة للزوج، ومع الأولاد، ومع الوالدين، ومع الأصحاب، ومع الجيران، ومع جميع الناس، فليجعل المسلم هذا مبدأً له في الحياة.

٩/ يقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. هذه الآية من أصول الأخلاق، خُذِ الْعَفْوَ أي: خذ ما صفا وعفا لك من أخلاق الناس، وفي هذا المعنى يقول النبي صل الله عليه وسلم : "لا يَفْرَكْ يعني: لا يبغض مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كره منها خُلقًا، رضي منها خُلقًا آخر". رواه مسلمٌ، أي: أن الإنسان عندما يتعامل مع آخر يركز على النواحي الإيجابية، والجوانب المشرقة، ويتغافل عن النواحي السلبية، فيأخذ ما عفا وصفا له من أخلاق الناس، فإنه إذا فعل ذلك سيرتاح كثيرًا، وسيكون حسَن الخلق، ومحبوبًا عند الناس.

١٠/ إذا وضع الإنسان معايير صارمةً للتعامل معه، فسيجد أن أكثر الناس لا يطبقونها، لن يطبقوا هذه المعايير، ويبقى في تسخُّطٍ، وفي نَكَدٍ، وفي قلقٍ، ويتشكى من كل الناس، تجد أنه يتشكى من زوجته، ويتشكى من أولاده، ويتشكى من جيرانه، ويتشكى من الناس جميعًا، والمشكلة لديه هو، وليست من الناس، هذه قضايا مهمةٍ ينبغي العناية بها.
فإذنْ خُلُق التغافل من الأخلاق العظيمة، التي ينبغي أن يدرِّب الإنسان نفسه عليها، فيحرص على أن يتغافل في تعامله مع الآخرين، لا يُدَقق، لا يُحَقق في التعامل مع الآخرين، وإنما يتغافل ويُعرض، يعني مثلًا: زميلٌ لك، قال كلمةً غير لائقةٍ غير مناسبةٍ، تغافل عنها، كأنه ما قال شيئًا.

١١/معنى العجب: يتعاظم الإنسان في نفسه، من غير أن يحتقر غيره.

١٢/ معنى الكبر: لا تجد تفسيرًا له أحسن من تفسير النبي صل الله عليه وسلم ، فقد عرَّفه بأنه: بَطَرُ الحق، وغَمْط الناس. بطر الحق يعني: رد الحق، وعدم قبوله، وغمط الناس يعني: احتقار الناس.
فإذا وَجد الإنسان فائدةً وحكمةً أو علمًا من أحدٍ ولم يقبله، ورده وهو يعرف بأنه حقٌّ، فهذا هو الكبر، هذه من صور الكبر.

١٣/ المتكبر تُمحَق بركة العلم من عنده؛ لأن الله تعالى قال: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. فأخبر الله تعالى بأنه سوف يصرف المتكبرين عن آياته".
‏قال ابن عيينة في هذه الآية: ‏ أي: انزعُ عنهم فهم القرآن واصرفهم عن آياتي.
بحيث لا يوفقون للحق، ويصرفون عن الهدى.

١٤/المتكبرون يحشرون يوم القيامة أمثالَ الذَّرِّ، يطؤهم الناس، جزاءً وفاقًا بنقيض ما أرادوا؛ ففي الحديث عند الترمذي بسند حسن صحيح قال: "يُحشَرُ المتكبِّرون يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ يغشاهم الذُّلُّ من كلِّ مكانٍ يُساقون إلى سجنٍ في جهنَّمَ يُقالُ له: بُولَسُ تعلُوهم نارُ الأنيارِ يُسقَوْن من عُصارةِ أهلِ النَّارِ طِينةَ الخَبالِ".

١٥/ في الحديث: "لا يدخلُ الجنَّةَ من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ مِن كِبْرِ". قوله صل الله عليه وسلم : "لا يدخل الجنة". هذا من أحاديث الوعيد، وأهل السنة والجماعة فهموها بمجموع ما ورد في أحاديث الوعد والوعيد، فأخذوا بمجموع النصوص الواردة، وقالوا: إن مرتكب الكبيرة عمومًا مؤمن بإيمانه في الدنيا، فاسق بكبيرته، وفي الآخرة تحت مشيئة الله تعالى؛ إن شاء عذَّبه وإن شاء عفا عنه، لكنه لا يخلد في النار.

١٦/معنى لا يدخل الجنة أي: لا يدخلها ابتداء من غير أن يسبق بعذاب وهذا أخذاً بمجموع ما ورد في شأن صاحب الكبيرة.

١٧/ ضل الخوارج والمعتزلة في صاحب الكبيرة: فقالوا في مرتكب الكبيرة في الآخرة: أنه خالد مخلد في النار، لا يدخل الجنة أبدًا. أما في الدنيا: قال الخوارج يكون كافرا. أما المعتزلةُ فقالوا: إنه في الدنيا في منزلة بين منزلتين.

١٨/ في قوله تعالى: { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} يعني: متبخترًا زاهيًا، {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا }. وقال: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}.
فالزَّهْو في المشي من آثار الكبر، والمطلوب أن يمشي المسلم باعتدالٍ، مشيًا معتدلًا من غير أن يزهو بمشيه.

١٩/كان النبي صل الله عليه وسلم إذا مشَى تَكَفَّأ تكفُّؤًا، كأنما ينحَطُّ من صَبَبٍ، ليس بالمسرع، وليس بالبطيء الذي يمشي بتماوتٍ، ولا بالمسرع إسراعًا شديدًا، وهذا أحسن أنواع المشي.

ريحانة شمران
08-01-2024, 11:41 AM
شكرا على الطرح المميز
جزاك الله خيرا
وتحياتي لك
https://upload.3dlat.com/uploads/13672394636.gif

الحمدان
08-01-2024, 04:39 PM
شكرا على الطرح المميز
جزاك الله خيرا
وتحياتي لك
https://upload.3dlat.com/uploads/13672394636.gif




الأخت الرائعه ريحانه شمران
منوره بمرورك الرائع والمميز
كل الموده والتقدير لاعدمتك