جنة الورود
08-06-2024, 02:24 PM
صراع بين العقل والقلب.. فمن سيغلب؟
د. إيمان حماد الحماد
https://www.cairo24.com/Upload/libfiles/131/8/663.jpg
مررتُ فِي حياتِي بالعديدِ مِن المواقفِ، وكنتُ أكتشفُ فيهَا ذاتِي، وأصقلُ شخصيَّتِي، وهِي علَى تَنَوُّعِهَا وتفاوتِ حِدَّتهَا كانتْ كفيلةً بتقويمِ اعوجاجِي، وتهدئةِ عَجَاجِي، ومجاراةِ مزاجِي، وتهيئةِ خَرَاجِي، وكنتُ معهَا أشحذُ هِمَّتِي، وأُقَوِّي عزيمتِي، لأُنهِي رحلتِي، فلَا تتوقَّفُ مسيرتِي، ولا تتباطأُ خُطوتِي، ولَا تضعفُ قُوَّتِي، فلَا أعودُ أدراجِي..
وخلالَهَا أيضًا، وكأنَّ الصعابَ فرضٌ، قطعتُ الأرضَ -طولًا وعرضًا- وذقت مُرَّها، وحاربتُ مرضًا، وخضتُ الكثيرَ مِن التحدِّياتِ عمدًا
وليسَ عَرَضًا، وكأنَّ الارتياحَ فِي المُتاحِ انقرضَ، وكأنَّ موجَ الرياحِ علَى فردِ الجناحِ اعترضَ، فكانَ أصعبهَا ترويضَ نفسِي، وأقسَاهَا تحريضَ حدسِي، فاستمرَّ النزاعُ بينَ صوتِي وهمسِي، مهمينًا كمَا بدَا بالأمسِ..
فلا تقدُّم العمرِ يبيدهُ، ولَا أثر الخبرةِ يفيدهُ، وكأنَّ الزَّمانَ يزيدهُ، ومَا مِن ضمانٍ علَى مَن يعيدهُ، فقديمهُ مثلُ جديدهِ، ومجموعهُ مثلُ وحيدهِ، وقريبهُ مثلُ بعيدهِ، وكثيرهُ مثلُ فَرِيدهِ، وضَالُّهُ كمَا رشيدِهِ، وجوهرهُ مثلُ حديدهِ، ولَا ندرِي إنْ كانَ يريدنَا أو نحنُ نريدهُ، ورغمَ استهلاكِنَا لهُ، إلَّا أنَّنا نزيدهُ، نرجُو خيرَهُ ولا نأمنُ وعيدَهُ، نطمعُ بمنصفِهِ ونهابُ شديدَهُ، نخوضهُ ونحنُ لَا نعلمُ ضارَّهُ مِن مفيدِهِ، سارَّهُ مِن تراجيدِهِ، كبيرَهُ مِن وليدِهِ، مسالمَهُ مِن عنيدِهِ، يقسُو علينَا وكأنَّ حياتنَا مِن رصيدِهِ، ويهاجمنَا وكأنَّ ذراعنَا حولَ جِيدِهِ، وكأنَّ ماءَنَا مِن جليدِهِ، ويتحكَّمُ بنَا وكأنَّ ساعدنَا عضيدُهُ، فنحنُ ظلُّهُ نسيرُ وفقَ حدودِهِ، نلبسُ مِن ثيابِهِ، ونأكلُ من ثريدِهِ، حتَّى رسائلنَا تصلُ علَى بريدِهِ، ولَا نعلمُ هلْ سيصطادنَا أمْ نصيدُهُ، هلْ سيجعلنَا كمَا زمرةِ عبيدِهِ، أمْ سنبقَى فِي ترانيمَ نشيدِهِ، حتَّى الظنونّ بفكرِنَا ضاعتْ فِي أكيدِهِ.
فكيفَ لنَا مِن سطوتِهِ أنْ نتحرَّرَ، فنحتويهِ دونَ أنْ نتضرَّرَ، ونرتضِي منهُ المُقَدَّرَ، ونرتجِي مَا قدْ تَأَخَّرَ، ونتقبَّلُ الحلوَ والمرَّ، ونتحمَّلُ البؤسَ والضرَّ، ونتجمَّلُ معهُ حتَّى يَمُرَّ..
وحتَّى نفعلَ علينَا أنْ نتهيَّأَ بمَا ينفعُ معَ ذاكَ الصَّراعِ مِن وسائلَ، ونتسلَّحَ بمَا يناسبهُ، فنجمعُ مَا أمكنَ مِن متاعٍ لطائلٍ، ونضعُ الخطَّةَ لخوضِ التحدِّي، معَ اجتماعِ البدائلِ، لننهِي مَا أُغلِقَ مِن أمورٍ، ونسعَى لحلِّ المسائلِ..
ومِن أعتَى الأسلحةِ جميلُ الخصالِ، وكريمُ الشمائلِ، وحسنُ الوصالِ بعديدِ الوسائلِ، وعظيمُ المنالِ، والتِي تدنُو لسائلٍ، ومحاسبةُ النَّفسِ لو فِي السرائرِ، والرِّضَا بالقَدَرِ فهُو بكلِّ الأحوالِ صائرٌ، وإعمارُ الأرضِ كمَا هُو مناطٌ بكلِّ الفصائلِ، وكبحُ الهوَى فهُو للذَّنبِ مائلٌ، وكلُّ نعيمٍ بالتجاوزِ زائلٌ، فلَا تجعلْ بينكَ وبينَ اللهِ حائلًا، حتَّى تكونَ بعرضهِ ضمنَ الأوائلِ، ولَا يصلُ تلكَ المنازلَ إلَّا القلائلُ، فاحجزْ مكانكَ بينهُم، وارقَ الفضائلَ، وَانْأَ بنفسِكَ عَن طريقِ الرذائلِ، وزاحمْ حتَّى تصلَ لذاكَ، في نظرةِ المتفائلِ، ولنْ يصلَ إلَّا التقيُّ الباذلُ، مَن لهُ بالحظِّ نائلٌ، لنَا فِي هذَا دلائلُ، كمَا قالَ خيرُ قائلٍ: «وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُوْ حَظٍّ عَظِيمٍ»..
ومختصرُ ذلكَ: أنْ تسيرَ علَى الصِّراطِ المُستَقِيمِ.
د. إيمان حماد الحماد
==============================================
د. إيمان حماد الحماد
https://www.cairo24.com/Upload/libfiles/131/8/663.jpg
مررتُ فِي حياتِي بالعديدِ مِن المواقفِ، وكنتُ أكتشفُ فيهَا ذاتِي، وأصقلُ شخصيَّتِي، وهِي علَى تَنَوُّعِهَا وتفاوتِ حِدَّتهَا كانتْ كفيلةً بتقويمِ اعوجاجِي، وتهدئةِ عَجَاجِي، ومجاراةِ مزاجِي، وتهيئةِ خَرَاجِي، وكنتُ معهَا أشحذُ هِمَّتِي، وأُقَوِّي عزيمتِي، لأُنهِي رحلتِي، فلَا تتوقَّفُ مسيرتِي، ولا تتباطأُ خُطوتِي، ولَا تضعفُ قُوَّتِي، فلَا أعودُ أدراجِي..
وخلالَهَا أيضًا، وكأنَّ الصعابَ فرضٌ، قطعتُ الأرضَ -طولًا وعرضًا- وذقت مُرَّها، وحاربتُ مرضًا، وخضتُ الكثيرَ مِن التحدِّياتِ عمدًا
وليسَ عَرَضًا، وكأنَّ الارتياحَ فِي المُتاحِ انقرضَ، وكأنَّ موجَ الرياحِ علَى فردِ الجناحِ اعترضَ، فكانَ أصعبهَا ترويضَ نفسِي، وأقسَاهَا تحريضَ حدسِي، فاستمرَّ النزاعُ بينَ صوتِي وهمسِي، مهمينًا كمَا بدَا بالأمسِ..
فلا تقدُّم العمرِ يبيدهُ، ولَا أثر الخبرةِ يفيدهُ، وكأنَّ الزَّمانَ يزيدهُ، ومَا مِن ضمانٍ علَى مَن يعيدهُ، فقديمهُ مثلُ جديدهِ، ومجموعهُ مثلُ وحيدهِ، وقريبهُ مثلُ بعيدهِ، وكثيرهُ مثلُ فَرِيدهِ، وضَالُّهُ كمَا رشيدِهِ، وجوهرهُ مثلُ حديدهِ، ولَا ندرِي إنْ كانَ يريدنَا أو نحنُ نريدهُ، ورغمَ استهلاكِنَا لهُ، إلَّا أنَّنا نزيدهُ، نرجُو خيرَهُ ولا نأمنُ وعيدَهُ، نطمعُ بمنصفِهِ ونهابُ شديدَهُ، نخوضهُ ونحنُ لَا نعلمُ ضارَّهُ مِن مفيدِهِ، سارَّهُ مِن تراجيدِهِ، كبيرَهُ مِن وليدِهِ، مسالمَهُ مِن عنيدِهِ، يقسُو علينَا وكأنَّ حياتنَا مِن رصيدِهِ، ويهاجمنَا وكأنَّ ذراعنَا حولَ جِيدِهِ، وكأنَّ ماءَنَا مِن جليدِهِ، ويتحكَّمُ بنَا وكأنَّ ساعدنَا عضيدُهُ، فنحنُ ظلُّهُ نسيرُ وفقَ حدودِهِ، نلبسُ مِن ثيابِهِ، ونأكلُ من ثريدِهِ، حتَّى رسائلنَا تصلُ علَى بريدِهِ، ولَا نعلمُ هلْ سيصطادنَا أمْ نصيدُهُ، هلْ سيجعلنَا كمَا زمرةِ عبيدِهِ، أمْ سنبقَى فِي ترانيمَ نشيدِهِ، حتَّى الظنونّ بفكرِنَا ضاعتْ فِي أكيدِهِ.
فكيفَ لنَا مِن سطوتِهِ أنْ نتحرَّرَ، فنحتويهِ دونَ أنْ نتضرَّرَ، ونرتضِي منهُ المُقَدَّرَ، ونرتجِي مَا قدْ تَأَخَّرَ، ونتقبَّلُ الحلوَ والمرَّ، ونتحمَّلُ البؤسَ والضرَّ، ونتجمَّلُ معهُ حتَّى يَمُرَّ..
وحتَّى نفعلَ علينَا أنْ نتهيَّأَ بمَا ينفعُ معَ ذاكَ الصَّراعِ مِن وسائلَ، ونتسلَّحَ بمَا يناسبهُ، فنجمعُ مَا أمكنَ مِن متاعٍ لطائلٍ، ونضعُ الخطَّةَ لخوضِ التحدِّي، معَ اجتماعِ البدائلِ، لننهِي مَا أُغلِقَ مِن أمورٍ، ونسعَى لحلِّ المسائلِ..
ومِن أعتَى الأسلحةِ جميلُ الخصالِ، وكريمُ الشمائلِ، وحسنُ الوصالِ بعديدِ الوسائلِ، وعظيمُ المنالِ، والتِي تدنُو لسائلٍ، ومحاسبةُ النَّفسِ لو فِي السرائرِ، والرِّضَا بالقَدَرِ فهُو بكلِّ الأحوالِ صائرٌ، وإعمارُ الأرضِ كمَا هُو مناطٌ بكلِّ الفصائلِ، وكبحُ الهوَى فهُو للذَّنبِ مائلٌ، وكلُّ نعيمٍ بالتجاوزِ زائلٌ، فلَا تجعلْ بينكَ وبينَ اللهِ حائلًا، حتَّى تكونَ بعرضهِ ضمنَ الأوائلِ، ولَا يصلُ تلكَ المنازلَ إلَّا القلائلُ، فاحجزْ مكانكَ بينهُم، وارقَ الفضائلَ، وَانْأَ بنفسِكَ عَن طريقِ الرذائلِ، وزاحمْ حتَّى تصلَ لذاكَ، في نظرةِ المتفائلِ، ولنْ يصلَ إلَّا التقيُّ الباذلُ، مَن لهُ بالحظِّ نائلٌ، لنَا فِي هذَا دلائلُ، كمَا قالَ خيرُ قائلٍ: «وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُوْ حَظٍّ عَظِيمٍ»..
ومختصرُ ذلكَ: أنْ تسيرَ علَى الصِّراطِ المُستَقِيمِ.
د. إيمان حماد الحماد
==============================================