ريحانة شمران
08-11-2024, 12:59 AM
التفاخر ظاهرة اجتماعية مقيتة.. مَن يتصدى لها؟
https://t9h.cc/wp-content/uploads/2021/02/158.jpg
أحمد العمري
برزتْ لنا خلالَ السنواتِ القليلةِ الماضيةِ ظاهرةٌ دخيلةٌ علينَا، لمْ نكنْ نعرفهَا ولم يعرفهَا آباؤنَا وأجدادُنَا إطلاقًا، ظاهرةٌ عزَّزتهَا وسائلُ التَّواصلِ الاجتماعيِّ، والجهلُ فِي أغلبِ الأحيانِ، إنَّها ظاهرةُ التفاخرِ فِي المجتمعِ، ومَا يصاحبهَا مِن كرمٍ وبذخٍ واستعراضٍ مُصطنعٍ، ظاهرةٌ لا نراهَا فِي العالمِ الغربيِّ الذِي يرفعُ شعارَ «كُنْ كمَا أنتَ»، أمَّا الحالُ عندنَا فمختلفٌ تمامًا، إذْ تفشَّتْ تلكَ الظاهرةُ حتَّى باتتْ مِن نسيجِ المجتمعِ العربيِّ، إلَّا مَن رحمَ ربِّي.
في تعريفٍ نفسيٍّ بسيطٍ لظاهرةِ التفاخرِ فهِي تعنِي الكذبَ المتعمَّدَ والتعبيرَ المبالغَ فيهِ عَن الذاتِ دونَ مبررٍ منطقيٍّ أو واقعيٍّ، ولهُ أسبابٌ متعدِّدةٌ مِن بينهَا نقصُ الثقةِ بالنَّفسِ، أو حُبُّ الظهورِ فِي موقعٍ أو مستوى أعلَى من الواقعِ، مع علمِنَا مسبقًا أنَّ الشبكاتِ الاجتماعيَّةَ ساهمتْ بدخولِ تلكَ العاداتِ الغريبةِ، وروَّجَ لهَا أولئكَ المشاهيرُ مِن خلالِ تصويرِ مقطعِ فيديُو فيهَا مباهاةٌ بالتَّرفِ، ومبالغةٌ في الكَرَمِ المصاحبِ للرياءِ والسُّمعةِ؛ ابتغاءَ الشهرةِ، فيمَا يرجعُ الاختصاصيُّونَ الاجتماعيُّونَ تفشِّي تلكَ الظاهرةِ إلى حُبِّ الشُّهرةِ والتباهِي أمامَ النَّاسِ، فيظهرُ لهُم أنَّه سخيٌّ وجَوَادٌ، فينالُ ثناءَهُم ومدحَهُم.
تطالعنَا وسائلُ التواصلِ الاجتماعيِّ كلَّ يومٍ بمقطعٍ جديدٍ مسيءٍ لأمثالِ هؤلاءِ، ومَا فيهَا مِن تباهٍ وتفاخرٍ مُصطنعٍ، فيظهرُ ذلكَ في ملابسهِ الثمينةِ، وسيارتهِ الفارهةِ، ومأدبتهِ الفاخرةِ، والجوائزِ الوهميَّةِ، وحفلاتِ الاستقبالِ الأسطوريَّةِ، واستعراضِ الحرسِ والمرافقِينَ والمنازلِ والقصورِ، وهذَا هُو السَّرفُ والبَذَخُ والمَشَاهدُ التِي يندَى لهَا الجبينُ، ويجلبُ هؤلاء لنَا بهَا سخطَ اللهِ، ثم عبادِهِ، ففِي حفلاتِ الزَّواجِ مثلًا تُقام الولائمُ باهظة التكاليفِ فِي حينِ لَا يأكلُ النَّاسُ خلالهَا إلَّا كميَّاتٍ قليلةً؛ ممَّا قُدِّم إليهم، ثمَّ يذهبُ معظمُ ذلكَ الطعامِ إلى صناديقِ القمامةِ.
لقدْ امتدَّتْ هذهِ الظاهرةُ -وللأسفِ الشديدِ- حتَّى وصلتِ المحافلَ القبليَّةَ، وحفلات الزَّواجِ والمواليدِ بمشاهدَ مؤلمةٍ تصلُ للمتلقِّي عبرَ منصَّاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ؛ لتعكسَ صورًا غيرَ حضاريَّةٍ لمجتمعنَا السعوديِّ، وتتنافَى معَ تعاليمَ وقيمِ ديننَا الإسلاميِّ الحنيفِ، إنَّ هذهِ الممارساتِ فيهَا امتهانٌ لنعمةِ اللهِ، وإضاعةٌ للمالِ، وأمامَ هذهِ الممارساتِ السلبيَّةِ، نحنُ بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى التكاتفِ مِن أجلِ نبذِ هذهِ الظاهرةِ والتصدِّي لهَا بكافَّةِ أشكالِهَا وصورِهَا، ووضعِ برامجَ إعلاميَّةٍ وتربويَّةٍ مِن خلالِ التعليمِ ووسائلِ الإعلامِ والاتصالِ المختلفةِ.
وختامًا يجبُ أنْ نعيَ أنَّ مَن يسلكُ طريقَ التفاخرِ، إنَّما هُم مرضَى نفسيًّا، أو جاهلُونِ أو غليظُو الطَّبعِ لَا تُجدِي معهُم نصيحةٌ، فلا يصلحهُم إلَّا عصَا وليِّ الأمرِ.
=============================
https://t9h.cc/wp-content/uploads/2021/02/158.jpg
أحمد العمري
برزتْ لنا خلالَ السنواتِ القليلةِ الماضيةِ ظاهرةٌ دخيلةٌ علينَا، لمْ نكنْ نعرفهَا ولم يعرفهَا آباؤنَا وأجدادُنَا إطلاقًا، ظاهرةٌ عزَّزتهَا وسائلُ التَّواصلِ الاجتماعيِّ، والجهلُ فِي أغلبِ الأحيانِ، إنَّها ظاهرةُ التفاخرِ فِي المجتمعِ، ومَا يصاحبهَا مِن كرمٍ وبذخٍ واستعراضٍ مُصطنعٍ، ظاهرةٌ لا نراهَا فِي العالمِ الغربيِّ الذِي يرفعُ شعارَ «كُنْ كمَا أنتَ»، أمَّا الحالُ عندنَا فمختلفٌ تمامًا، إذْ تفشَّتْ تلكَ الظاهرةُ حتَّى باتتْ مِن نسيجِ المجتمعِ العربيِّ، إلَّا مَن رحمَ ربِّي.
في تعريفٍ نفسيٍّ بسيطٍ لظاهرةِ التفاخرِ فهِي تعنِي الكذبَ المتعمَّدَ والتعبيرَ المبالغَ فيهِ عَن الذاتِ دونَ مبررٍ منطقيٍّ أو واقعيٍّ، ولهُ أسبابٌ متعدِّدةٌ مِن بينهَا نقصُ الثقةِ بالنَّفسِ، أو حُبُّ الظهورِ فِي موقعٍ أو مستوى أعلَى من الواقعِ، مع علمِنَا مسبقًا أنَّ الشبكاتِ الاجتماعيَّةَ ساهمتْ بدخولِ تلكَ العاداتِ الغريبةِ، وروَّجَ لهَا أولئكَ المشاهيرُ مِن خلالِ تصويرِ مقطعِ فيديُو فيهَا مباهاةٌ بالتَّرفِ، ومبالغةٌ في الكَرَمِ المصاحبِ للرياءِ والسُّمعةِ؛ ابتغاءَ الشهرةِ، فيمَا يرجعُ الاختصاصيُّونَ الاجتماعيُّونَ تفشِّي تلكَ الظاهرةِ إلى حُبِّ الشُّهرةِ والتباهِي أمامَ النَّاسِ، فيظهرُ لهُم أنَّه سخيٌّ وجَوَادٌ، فينالُ ثناءَهُم ومدحَهُم.
تطالعنَا وسائلُ التواصلِ الاجتماعيِّ كلَّ يومٍ بمقطعٍ جديدٍ مسيءٍ لأمثالِ هؤلاءِ، ومَا فيهَا مِن تباهٍ وتفاخرٍ مُصطنعٍ، فيظهرُ ذلكَ في ملابسهِ الثمينةِ، وسيارتهِ الفارهةِ، ومأدبتهِ الفاخرةِ، والجوائزِ الوهميَّةِ، وحفلاتِ الاستقبالِ الأسطوريَّةِ، واستعراضِ الحرسِ والمرافقِينَ والمنازلِ والقصورِ، وهذَا هُو السَّرفُ والبَذَخُ والمَشَاهدُ التِي يندَى لهَا الجبينُ، ويجلبُ هؤلاء لنَا بهَا سخطَ اللهِ، ثم عبادِهِ، ففِي حفلاتِ الزَّواجِ مثلًا تُقام الولائمُ باهظة التكاليفِ فِي حينِ لَا يأكلُ النَّاسُ خلالهَا إلَّا كميَّاتٍ قليلةً؛ ممَّا قُدِّم إليهم، ثمَّ يذهبُ معظمُ ذلكَ الطعامِ إلى صناديقِ القمامةِ.
لقدْ امتدَّتْ هذهِ الظاهرةُ -وللأسفِ الشديدِ- حتَّى وصلتِ المحافلَ القبليَّةَ، وحفلات الزَّواجِ والمواليدِ بمشاهدَ مؤلمةٍ تصلُ للمتلقِّي عبرَ منصَّاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ؛ لتعكسَ صورًا غيرَ حضاريَّةٍ لمجتمعنَا السعوديِّ، وتتنافَى معَ تعاليمَ وقيمِ ديننَا الإسلاميِّ الحنيفِ، إنَّ هذهِ الممارساتِ فيهَا امتهانٌ لنعمةِ اللهِ، وإضاعةٌ للمالِ، وأمامَ هذهِ الممارساتِ السلبيَّةِ، نحنُ بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى التكاتفِ مِن أجلِ نبذِ هذهِ الظاهرةِ والتصدِّي لهَا بكافَّةِ أشكالِهَا وصورِهَا، ووضعِ برامجَ إعلاميَّةٍ وتربويَّةٍ مِن خلالِ التعليمِ ووسائلِ الإعلامِ والاتصالِ المختلفةِ.
وختامًا يجبُ أنْ نعيَ أنَّ مَن يسلكُ طريقَ التفاخرِ، إنَّما هُم مرضَى نفسيًّا، أو جاهلُونِ أو غليظُو الطَّبعِ لَا تُجدِي معهُم نصيحةٌ، فلا يصلحهُم إلَّا عصَا وليِّ الأمرِ.
=============================