المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عصر الخلفاء الراشدين


الحمدان
01-04-2025, 06:37 PM
القناة الرسمية للشيخ أ.د. سعد الخثلان:
فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه لفضيلة الشيخ أ.د سعد بن تركي الخثلان وفقه الله
الاثنين ٢٩-٦-١٤٤٦هـ (الدور الثاني من أدوار الفقه عصر الخلفاء الراشدين):

١/‏يبتدئ هذا الدور من حين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أي في السنة الحادية عشرة من الهجرة وينتهي بانتهاء عصر الخلفاء الراشدين في السنة الأربعين.

٢/‏هذا العصر يعد من العصور المهمة ‏في تاريخ الفقه الإسلامي؛‏ لأنه يعتبر دور البناء والنضج، ‏وذلك لأن الصحابة فسروا كثيراً من النصوص، وفتحوا أبواب الاستنباط الفقهي للأحكام الشرعية فيما لا نص فيه من الوقائع التي حدثت في عهدهم فصدرت عنهم فتاوى وأحكام اجتهادية تعد أساساً للاجتهاد والاستنباط.

٣/من أبرز معالم هذا العصر أنه امتداد لعصر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالصحابة كانوا حريصين على الاقتداء بهديه عليه الصلاة والسلام، وعدم إحداث أي تغيير في حياة الناس، وأن تسير الأمور كما في العهد النبوي.

٤/الصحابة هم أعلم الناس بشريعة الله، وأعلم الناس بمراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم أتقى الناس كما قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".

٥/قال عليه الصلاة والسلام: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". أخرجه أبو داود والترمذي.
والشاهد منه: "عليكم بسنة الخلفاء الراشدين"؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ بسنة الخلفاء الراشدين كالأخذ بسنته.

٦/اتفقت كلمة العلماء على فضل الصحابة وعظيم مكانتهم وأنهم أقل الأمة تكلفاً وأعمق علماً بالكتاب والسنة وبالحلال والحرام.

٧/ أثنى الله تعالى على الصحابة في مواضع عدة في كتابه كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
ونجد الذم الشديد لبعض الأمم وأصحاب الملل التي انحرفت عن دين الله.

٨/تميز هذا العصر بتورع الصحابة عن الفتوى فكانوا يتدافعون فيما بينهم ويتشاورون في الأحكام الشرعية قبل أن يصدروها، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أدركت مئة وعشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا"، وكان يأتي المستفتي ويوجد عدد من الصحابة في المجلس فكل يدفع الفتوى عن نفسه إلى أن ترجع الأول؛ لأن علماء الصحابة كثير فيرى أنه مكفي بغيره.

٩/ رسم الخلفاء الراشدون منهجاً عظيماً في إصدار الأحكام الشرعية، يقول ابن القيم رحمه الله: "كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن وجد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا. فإن لم يجد سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به، وكان عمر يفعل ذلك، فإن أعياه أن يجد ذلك في الكتاب والسنة سأل: هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ فإن كان لأبي بكر فيه قضاء قضى به، وإلا جمع الناس واستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به".

١٠/واجه الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أمورًا عظيمة تعاملوا معها بحكمة وحزم؛ مستمدين ذلك مما تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم، من هذه الأمور حروب الردة.

١١/ارتد كثير من قبائل العرب عن الإسلام ووقف لهم الصحابة موقفاً عظيماً على رأسهم أبو بكر الصديق وقف وقفته الشجاعة التي نصر الله تعالى بها الدين وثبته وأعاد هؤلاء إلى شريعة الإسلام ودرء الفتنة.

١٢/تسببت حروب الردة في وفاة كثير من القراء وحفظة القرآن من الصحابة، الكثير منهم استشهد في معركة اليمامة وفي حروب الردة فخشي الصحابة على القرآن من التحريف أو الاختلاف وأن يحصل كما حصل للملل الأخرى فاجتمع رأيهم على جمع القرآن في مصحف واحد واختار أبو بكر الصديق رضي الله عنه لهذه المهمة الصحابي الجليل زيد بن ثابت أحد كتاب الوحي قام زيد رضي الله عنه بهذه المهمة العظيمة فأخذ يتتبع القرآن يجمعه مما كتب عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الألواح ومن جريد النخل وصدور الرجال ونحو ذلك فجمع القرآن في الصحف، وكانت هذه الصحف عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى توفاه الله ثم عند عمر زمن حياته ثم عند حفصة بنت عمر بقيت عندها.

١٣/توسعت الدولة في عهد عثمان رضي الله عنه وكثر الداخلون في الإسلام وكان كثير منهم من العجم حصل شيء من الاختلاف في قراءة القرآن فأصبح بعض الناس يغلط بعضهم بعضا ويخطئ بعضهم بعضا فخشي الصحابة رضي الله عنهم الاختلاف على القرآن ففزع من فزع من الصحابة إلى عثمان رضي الله عنه واقترحوا عليه أن يكتب القرآن درءاً للفتنة وجمعاً للمسلمين على مصحف واحد جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان فأفزع حذيفة ما رآه من اختلاف بعض الناس في قراءة القرآن قال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسل إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان.

١٤/أمر عثمان رضي الله عنه أربعة وهم زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للقرشين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق من الآفاق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق فوحد عثمان رضي الله عنه الأمة على مصحف واحد وكتب القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه فكان كتابة المصحف عملا عظيما جدا وفق الله تعالى له صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم وعصم الله تعالى الأمة من الاختلاف في كتابه الكريم ومن توفيق الله عز وجل أن هذا حصل في عهد الخلفاء الراشدين والنبي عليه الصلاة والسلام قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، وأيضا حصل عليه الإجماع من الصحابة رضي الله عنهم فكان هذا العمل عملاً عظيماً موفقاً.

١٥/توحدت الأمة على هذا المصحف الذي كتب في عهد عثمان وتسمى هذه الكتابة بالرسم العثماني وحفظ الله تعالى القرآن الكريم من الضياع والتحريف والاختلاف وآية من آيات الله سبحانه وصدق الله تعالى إذ يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. إذ تكفل سبحانه بحفظ هذا القرآن، وما دام أن الله قد تكفل بحفظه، فلا بد أن يتحقق الحفظ قطعًا، ومن مظاهر هذا الحفظ أن الله وفق صحابة نبيه أولًا لجمع المصحف في عهد أبي بكر الصديق، ثم لكتابته في مصحف واحد في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

١٦/ كتب المصحف على العرضة الأخيرة التي عرض فيها النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل عليه السلام، وكان ذلك بلسان قريش. والقرآن نزل على سبعة أحرف، لكن رأى الصحابة الاتفاق على حرف واحد وهو حرف قريش.

١٧/ليس المقصود بسبعة أحرف السبع قراءات كما يظن البعض؛ بل المقصود حرف واحد الذي هو لغة أو لسان قريش، فتفرعت منه القراءات السبع وغيرها. وبالتالي، فإن القراءات تعود إلى حرف واحد، وهو الذي جمع عليه الصحابة الناس في عهد عثمان رضي الله عنه.

١٨/الأحرف السابقة لم تعد موجودة اليوم، إذ نزلت للتيسير على العرب في بدايات الإسلام، لأن القبائل كانت متفرقة وتختلف في لهجاتها؛ وعندما انتفت الحاجة لذلك، رأى الصحابة رضي الله عنهم أن يجمعوا الأمة على حرف واحد، وهذا من توفيق الله تعالى لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم.

١٩/ السنة النبوية لم يدونها الصحابة تدوينًا جامعًا في بداية الأمر، لأن أكثرهم كان يحفظها حفظًا تامًا. ومعظم الصحابة كانوا أميين لا يقرؤون ولا يكتبون، لكنهم كانوا يعتمدون على قوة ذاكرتهم التي تدربت على الحفظ.

٢٠/كان بعض الصحابة يدون السنة في صحف خاصة، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

٢١/ ألزم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما الصحابة بالتثبت في رواية السنة، حتى لا يدخل فيها الكذب أو التدليس. ومن الأمثلة على ذلك:
قصة الجدة التي جاءت إلى أبي بكر الصديق تسأله عن ميراثها. قال لها: "ما لكِ في كتاب الله شيء، وما علمتُ لكِ في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا. فارجعي حتى أسأل الناس". فسأل الناس، فشهد المغيرة بن شعبة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها السدس. وطلب أبو بكر شاهدًا آخر حتى يتثبت، فجاء محمد بن مسلمة وشهد بذلك أيضًا، فأعطاها السدس.

٢٢/التحوط في رواية الأحاديث:
جاء أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب وقال له: "استأذنت عليك ثلاثًا فلم يؤذن لي، فرجعت. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يُؤذن له فليرجع". فقال عمر: “أقم على هذا الحديث بينة.” فجاء أبي بن كعب وشهد معه. هذا يدل على أن الصحابة كانوا يتحرون في رواية الأحاديث، حتى مع الثقات، حرصًا على حفظ السنة النبوية.

٢٣/الاجتهاد الجماعي في عهد الخلفاء الراشدين:
كان الصحابة يجتمعون للتشاور في النوازل والمسائل المستجدة. ومن ذلك قصة عمر بن الخطاب عندما خرج بالجند إلى الشام وبلغه أن الطاعون قد وقع في البلاد، فجمع المهاجرين والأنصار ومشيخة قريش للتشاور، حتى توصلوا إلى قرار بالعودة وعدم دخول الشام.
قال أبو عبيدة بن الجراح: "أفرارًا من قدر الله؟" فرد عليه عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله".
ثم جاء عبد الرحمن بن عوف وقال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها"، فوافق اجتهاد عمر والصحابة الحديث النبوي.

٢٤/في هذا الدور الفقهي، ظهرت ملامح مدرسة أهل الرأي ومدرسة أهل الحديث. كان بعض الصحابة، مثل عمر بن الخطاب وابن مسعود، يوسعون دائرة الاجتهاد عند عدم وجود النص. بينما كان آخرون، مثل عبد الرحمن بن عوف وابن عمر، يقتصرون على النصوص.

٢٥/عند وجود نص صريح، كان جميع الصحابة يرجعون إليه، من ذلك ما أفتى به علي رضي الله عنه في حكم المتوفى عنها زوجها أنه لا صداق لها قياساً على الطلاق قبل الخلوة، وكان ابن مسعود يخالفه في ذلك، فعنِ ابنِ مسعودٍ أنَّه سُئِلَ عن رجُلٍ تزوَّج امرأةً ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يَدخُلْ بها حتى مات ؟ فقال ابنُ مسعودٍ: لها مِثلُ صَداقِ نِسائِها ، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ ، وعليها العِدَّةُ ، ولها المِيراثُ ، فقام مَعقِلُ بنُ سِنانٍ الأشجَعِيُّ فقال: قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَروَعَ بنتِ واشِقٍ امرأَةٍ مِنَّا مِثلَ ما قضَيتَ ، ففرِح بها ابنُ مسعودٍ، فقضى بذلك الصحابة رضي الله عنهم

حسن بن عبدالله
01-05-2025, 07:55 AM
أخي العزيز الحمدان
شكرا لك على هذه التواجد الفعال
والمشاركات النافعه والمفيده
فبارك الله فيك وجزاك الله خير

الحمدان
01-05-2025, 01:22 PM
أخي العزيز الحمدان
شكرا لك على هذه التواجد الفعال
والمشاركات النافعه والمفيده
فبارك الله فيك وجزاك الله خير



أخي الغالي ومديرنا الرائع
ابو حوفان
اشكرك لتعقيبك الرائع والمميز
حفظك الله ورعاك وسددك