المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه


الحمدان
04-28-2025, 07:14 PM
فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه
لفضيلة الشيخ أ.د سعد بن تركي الخثلان وفقه الله
الاثنين ٢٣-١٠-١٤٤٦هـ(تابع أحكام المسح على الخفين والجبيرة والعمائم وخمر النساء):

١/صفة المسح على الخفين أو الجوربين أن يُبل يديه بالماء، ثم يضعها على أصابع رجليه، ويسحبها إلى مبتدأ الساق، مُفرجًا أصابعه؛ لأنه إذا كان مُفرجًا أصابعه فإنه يستوعب أكثر أعلى الخف، وهذا على سبيل الاستحباب، وإلا يكفي أن يُبل يديه بالماء ويمسح ظاهر القدم، ظاهر الخف الذي فوق القدم، يكفي هذا.
لكن الأفضل أن يضعها على أصابع رجليه ويسحبها إلى مبتدأ الساق، مفرجًا أصابع اليدين.

٢/الواجب هو مسح أكثر أعلى الخف أو الجورب، وليس أسفله. وهذا هو ظاهر الأحاديث الواردة، ومن ذلك قول علي رضي الله عنه: “لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه” .
وفي حديث المغيرة بن شعبة قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين على ظاهرهما” . أخرجه الترمذي.
فهذا يدل على أن المسح إنما يكون لأعلى الخف، فإن مسح أسفله ولم يمسح أعلاه لم يُجزئه، وإن مسح أسفله وأعلاه فإنه يُجزئ، والأفضل الاقتصار على مسح أعلى الخف.
وهذا يدل على أنه لا يلزم أن يمسح أعلى وأسفل الخف، إنما يكفي مسح أعلى الخف أو الجورب.

٣/إذا لبس جوربًا فوق جورب قبل الحدث فالحكم للفوقاني.
فمثلًا: لو كان الجو باردًا، وعندما توضأ لبس جوربًا فوق جورب طلبًا للتدفئة، فالحكم في المسح إنما يكون للفوقاني.

٤/ إذا لبس جوربًا فوق جورب بعد الحدث، فما الحكم؟
مثلا: لبس جوربًا واحدًا، ثم اشتد البرد، وبعدما أحدث ولبس جوربًا فوقه، فالحكم للتحتاني.
وبناء على ذلك يلزمه أن ينزع الخف أو الجورب الفوقاني ويمسح التحتاني.

٥/ إذا لبس الفوقاني بعد الحدث على طهارة؟
مثلا: لبس جوربًا لصلاة الظهر، ثم عند صلاة المغرب رأى أن الجو اشتدت برودته، وعندما توضأ لصلاة المغرب أضاف جوربًا آخر، أي لبس الجورب الثاني على طهارة.
فالقول الراجح أن الحكم للفوقاني؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين، ولكن تكون المدة للتحتاني.

٦/ملخص ما سبق من لبس جورب فوق جورب، نقول إنه لا يخلو من أربع حالات:
• الحال الأولى: أن يلبس جوربًا فوق جورب قبل الحدث، فالحكم للفوقاني.
• الحال الثانية: أن يلبس جوربًا فوق جورب بعد الحدث على غير طهارة، فليس له المسح على الفوقاني، وإنما المسح على التحتاني.
• الحال الثالثة: أن يلبس جوربًا فوق جورب بعد الحدث على طهارة، فالمسح للفوقاني على القول الراجح.
• الحال الرابعة: أن يلبس جوربًا فوق جورب قبل الحدث، ثم بعد مضي نصف المدة مثلًا يخلع الفوقاني، فهل يمسح على التحتاني؟
هذا محل خلاف، والقول الراجح أن له أن يمسح عليه؛ لأنه بمنزلة الخف الذي له ظهارة وبطانة، فلما تمزقت الظهارة جاز له أن يمسح على البطانة.

٧/ مبطلات المسح على الخفين أو الجوربين:
أولها: ما إذا حصل شيء مما يوجب الغسل، من جماع أو غيره، فيبطل الوضوء ويجب خلع الخفين وتجديد الوضوء.
ويدل على هذا حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم” . أخرجه أصحاب السنن وأحمد.
المبطل الثاني: خلع الخف أو الجورب، أو ظهور بعض محل فرض، وهو القدم إلى الكعبين.
فإذا توضأ ومسح على خفيه أو جوربيه، ثم خلعهما، بطلت طهارته؛ لأنه لما زال الممسوح بطلت طهارة القدمين، والموالاة فرض من فروض الوضوء، فتبطل الطهارة في جميع الأعضاء؛ لأن الطهارة لا تتبعض.
وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
وهناك قول آخر في المسألة، وهو أن الطهارة لا تبطل بخلع الخف أو الجورب، قالوا: لأن الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، فلا تنتقض إلا بدليل شرعي.
والقول الراجح هو القول الأول، وأجابوا عن تعليل أصحاب القول الثاني بأن الطهارة انتقضت بدليل شرعي، وهو أن القدم الآن ليست مغسولة، وليس عليها شيء ممسوح، والله تعالى يقول: ﴿وأرجلكم إلى الكعبين﴾.
فالأقرب -والله أعلم- هو القول الأول، وهو أنه إذا خلع الخف أو الجورب بطلت الطهارة.
المبطل الثالث: انقضاء مدة المسح على الخفين أو الجوربين.
والمدة كما سبق: يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
فإذا تمت مدة المسح على الخفين أو الجوربين، بطلت الطهارة؛ لأنها طهارة مؤقتة، فتبطل بانتهاء وقتها. وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء.
وفي المسألة قول آخر، وهو أن الطهارة لا تبطل بذلك.
ويعللون بمثل التعليل السابق: أن الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، فلا تنتقض إلا بدليل شرعي.
والراجح هو قول الجمهور، وهو أن الطهارة تبطل بانقضاء مدة المسح؛ لأنه لا معنى للتوقيت إلا ببطلان أثره، فإذا انتهت المدة، انقضت الرخصة، وحينئذ تبطل الطهارة؛ ولأن القدمين بعد انتهاء مدة المسح ليستا مغسولتين، وليس عليهما شيء ممسوح على الوجه الشرعي.

٨/ المسألة السابقة مبنية على التعليل والنظر.
والمسائل التي تبنى على التعليل والنظر، والأثر المترتب عليها كبير كحكم بطلان الصلاة، فينبغي الاحتياط لها.
ولذلك ينبغي لمن لبس الجوربين أن ينتبه للمدة؛ لأن بعض الناس ربما ينسى، فلا تتجاوز يوما وليلة.
فإذا قُدر أنه لبس الجوربين وتجاوزت المدة يوما وليلة وصلى، فإن صلاته لا تصح، ويجب عليه أن يعيدها.
وهذا يرد كثيرًا عند بعض الناس، خاصة عند من يكثر النسيان لديه.
ولهذا الأحسن أن يحدد له وقتًا معتادًا للبس الجوارب؛ مثلا يلبس جوربيه عند صلاة الفجر، بحيث لا ينسى.
لأنه إذا كان يلبسهما في وقت ثم في اليوم الثاني في وقت آخر، ربما ينسى مدة المسح.
وإذا انتهت مدة المسح وصلى بعدها، لم تصح صلاته.

٩/الجبيرة: هي ما يوضع على الجرح أو الكسر، من أعواد أو جبس ونحو ذلك، لأجل التئام الجرح وجبر الكسر.
ومن ذلك التجبير الموجود الآن في المستشفيات، ومن ذلك أيضًا اللصقات التي توضع على الجروح ونحوها.
فهذه كلها تدخل في معنى الجبيرة.
وسميت الجبيرة جبيرة تفاؤلًا؛ لأن العرب كانت تتفاءل بالأسماء، فكانوا يسمون اللديغ سليمًا من باب التفاؤل، ويسمون المكسور جبيرًا من باب التفاؤل بجبره.

١٠/المسح على الجبيرة رُوي فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك حديث جابر رضي الله عنه، قال: “خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات.
فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك، قال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال. إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده.” أخرجه أبو داود والدارقطني.
هذا الحديث، لو ثبت، فهو أصلٌ في هذه المسألة، لكنه حديث ضعيف من جهة الصناعة الحديثية، ضعفه البيهقي وغيره.
وجاء في حديث علي رضي الله عنه قال: “انكسرت إحدى زندي، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أمسح على الجبائر” . أخرجه ابن ماجه، وهو أيضًا حديث ضعيف.
وجميع الأحاديث المروية في مسألة الجبيرة ضعيفة.
ولهذا قال البيهقي رحمه الله: “لم يثبت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء” .
لكن جاءت مشروعية المسح على الجبيرة عن عدد من الصحابة، فقد ورد عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، وأيضًا عن بعض التابعين، مثل الحسن وعطاء، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وغيرهم. فعامة المذاهب الأربعة قالوا بمشروعية المسح على الجبيرة.
لأن بقاء عضو من أعضاء الوضوء بدون غسل ولا مسح ولا تيمم مخالف للأصول والقواعد الشرعية؛ فإن الأصول والقواعد تقتضي غسل الأعضاء، فإن لم يمكن، فالمسح، فإن لم يمكن، فالتيمم.
وعلى ذلك نقول: إن المسح على الجبيرة، وإن كان المروي فيه أحاديث ضعيفة، إلا أن العمل عليه بين الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الإسلام.

١١/ذكر الفقهاء شروطًا للمسح على الجبيرة ومن ذلك:
أولًا: ألا تتجاوز الجبيرة محل الحاجة.
فإن تجاوزت محل أو قدر الحاجة، وجب نزع القدر الزائد.
مثال ذلك: أن يُصاب رجل بجرح في إصبعه، فيلف على يده لفافة، مع أن الجرح في الإصبع فقط، فيلزمه أن يزيل هذه اللفافة الزائدة، وأن يجعلها بقدر الإصبع فقط، حتى يمسح عليها.
ثانيًا: اشترط بعض الفقهاء شرطًا آخر، وهو محل خلاف، وهو أن توضع الجبيرة على طهارة.
فإن وُضعت على غير طهارة، فليس له المسح عليها.
وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وقاسوا ذلك على اشتراط الطهارة للمسح على الخفين.
والقول الثاني: أنه لا تُشترط الطهارة للمسح على الجبيرة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الراجح، اختاره ابن تيمية وجمع من المحققين من أهل العلم.
واستدلوا على ذلك بأن القول باشتراط الطهارة فيه مشقة عظيمة؛ فإن الكسر أو الجرح يقع فجأة، فلو اشترطت الطهارة، لأدى ذلك إلى الحرج والمشقة، وخاصة أنه لا يوجد دليل ظاهر يدل على اشتراط الطهارة، إلا مجرد القياس على الخف، وقياس الجبيرة على الخف قياس مع الفارق، لأن الجبيرة لا تختص بموضع معين، بخلاف الخف، والجبيرة غير مؤقتة، بخلاف الخف، والجبيرة جائزة في الحدثين، بخلاف الخف، فقياس الجبيرة على الخف قياس مع الفارق.
وبناء على هذا، فإن القول الراجح هو: عدم اشتراط الطهارة للمسح على الجبيرة.
وعليه: يكفي شرط واحد، وهو ألا تتجاوز الجبيرة محل الحاجة.

١٢/صفة المسح على الجبيرة:
أنه لابد أن يعم جميعها بالمسح، بأن يُبل يديه بالماء، ثم يمسح على جميع الجبيرة من جميع الجوانب.
فلا يكفي أن يمسح على أعلاها فقط كما يفعل في المسح على الخف أو الجورب، بل لابد أن يمسح على جميع الجبيرة من جميع الجهات.
وبعض العامة يقيس المسح على الجبيرة بالمسح على الخف، فيمسح عليها فقط من الأعلى، وهذا لا يُجزئ.
وبناءً على هذا: لو كان على الإنسان لصقة جروح، فعندما يتوضأ وأراد أن يمسح على هذه اللصقة، لابد أن يمسح على جميع اللصقة من جميع الجوانب، ولا يكفي أن يمسح على أعلاها فقط.

١٣/أوجه الفرق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين في الآتي:
أولًا: المسح على الخفين يكون في الحدث الأصغر فقط، بينما المسح على الجبيرة يكون في الحدثين: الأصغر والأكبر.
ثانيًا: المسح على الخفين مؤقت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، بينما المسح على الجبيرة غير مؤقت، بل مرتبط ببقاء الجبيرة، فيمسح عليها ولو طالت المدة.
ثالثًا: المسح على الخفين يكون على ظاهر الخف فقط، أما المسح على الجبيرة، فيكون على جميعها من جميع الجوانب.
رابعًا: الخفان يكونان في موضع القدمين فقط، أما الجبيرة فقد تكون في أي موضع من البدن: في اليد، أو الذراع، أو الرجل، أو غيرها.
خامسًا: المسح على الخفين يشترط له الطهارة قبل اللبس، أما المسح على الجبيرة، فلا يُشترط له الطهارة على القول الراجح، كما سبق.

١٤/المسح على العمامة قد وردت به السنة، وجاء في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
منها حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: “إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين” . أخرجه مسلم.
وجاء في حديث بلال بن رباح رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار”، يعني العمامة. وهذا الحديث في صحيح مسلم.
وعن سويد بن غفلة قال: قال عمر رضي الله عنه: “إن شئت فامسح على العمامة، وإن شئت فانزعها” . أخرجه ابن أبي شيبة. وجاء مثل هذا عن أبي بكر، وأنس، وأبي أمامة وغيرهم من الصحابة.

١٥/اشترط كثير من الفقهاء لجواز المسح على العمامة أن تكون على طريقة عمائم العرب، وذلك بأن تكون:
• مُحنكة: أي يدار بعضها تحت الحنك (الذقن).
• ذات ذؤابة: أن يكون لها طرف متدلٍ من الخلف.
قالوا: لأن هذه هي عمائم العرب التي يشق نزعها، أما العمائم التي لا يشق نزعها فلا يُمسح عليها.
فمناط الحكم هو مشقة النزع، فإذا كانت العمامة يشق نزعها، جاز المسح عليها، أما إذا كانت لا يشق نزعها، فلا يجوز المسح عليها.
أما العمائم التي يلبسها بعض الناس في الوقت الحاضر، فالذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يُمسح عليها؛ لأن هذه العمائم لا يشق نزعها، فبعضها مثل الطاقية يُلبس ويُخلع بسهولة.
ولو قيل بجواز المسح عليها، لقيل بجواز المسح على الغترة أو الشماغ، وهذا لا قائل به من أهل العلم.
لكن لو قُدر أن العمامة على طريقة عمائم العرب، ويشق نزعها، ولو خلعها لشق عليه إعادة ترتيبها مرة أخرى، فهذه لا بأس بالمسح عليها.

١٦/بعض الفقهاء قالوا: إن خمار المرأة في معنى العمامة، فيجوز المسح على خمر النساء المدارة تحت حلوقهن.
وقد رُوي عن أم سلمة وبعض نساء الصحابة أنهن كن يمسحن على خمرهن.
ولأن الخمار بالنسبة للمرأة كالعمامة بالنسبة للرجل.
ولكن أنبه هنا إلى أن مناط الحكم هو مشقة النزع.
بمعنى: إذا كانت المرأة في جو بارد، أو في سفر، أو في مكان فيه رياح قوية، ويشق عليها أن تنزع خمارها، فيجوز لها في هذه الحال أن تمسح على خمارها عند مسح الرأس.
لكن هذا ربما يكون ظاهرًا في الأزمنة السابقة، أما في الوقت الحاضر، فهذا نادر.
لأن الغالب أن المرأة عندما تريد أن تتوضأ تدخل إلى دورات مياه مخصصة للنساء،
ولا يشق عليها أن تنزع الخمار وتمسح على رأسها وتتوضأ.
ومع ذلك، لو قُدر أنها في طريق أو في برية أو في مكان عام، ويشق عليها نزع الخمار، جاز لها أن تمسح عليه في هذه الحال.
وعلى هذا نقول: مناط الحكم في المسح على العمامة للرجل، والمسح على الخمار للمرأة، هو مشقة النزع، إذا وجدت مشقة غير معتادة، جاز المسح، وإن كانت المشقة معتادة، فلا يُلتفت إليها.

١٧/لو مسح على العمامة؛ لمشقة النزع، وكان جزء من الرأس مكشوفًا، فلابد من مسحه، ولا يُكتفى بالمسح على العمامة فقط.
وقد جاء في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
“أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فمسح بناصيته وعلى العمامة” .
فمعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجزء المكشوف من رأسه، ومسح على العمامة.
فإذا كان جزء من الرأس مكشوفًا، والباقي مغطى بعمامة أو خمار، وجب مسح الجزء المكشوف، ومسح الباقي على العمامة أو الخمار، لكن، كما ذكرت، ليس أي عمامة يمسح عليها، بل إنما يُمسح على العمامة التي تكون على طريقة عمائم العرب، ويشق نزعها، وفي الحقيقة، هذا في وقتنا الحاضر نادر جدًا؛ لأن أكثر العمائم التي يلبسها الناس الآن لا يشق نزعها، فلا يمسح عليها.

١٨/إذا كانت المشقة هنا متعلقة بحال الجو، من البرودة ونحو ذلك، فهل يسوغ له أن يمسح على عمامته؟ بحيث إنه لو كشفها لربما تضرر من شدة البرد في رأسه أو شيء من هذا؟
نعم، إذا كان هناك مشقة غير معتادة لو نزع عمامته، جاز له المسح عليها.
لكن، لابد أن تكون المشقة مشقة غير معتادة؛ لأن بعض الناس ربما يتوسع أو يتساهل في هذا.
ولذلك لما قال الفقهاء بجواز المسح على العمامة، قيدوه بشروط:
منها أن تكون على طريقة عمائم العرب: مُحنكة، ذات ذؤابة، وأن يكون هناك مشقة في نزعها. أما العمائم التي يلبسها الناس اليوم، فإن أكثرها لا يشق نزعها. وكذلك الغترة، والشماغ، والطاقية، لا يشق نزعها، ولذلك لا يصح المسح عليها. ومثل ذلك خمر النساء، فمعظم النساء اليوم يتوضأن في أماكن خاصة، ولا يشق عليهن نزع الخمار.