منتديات قبائل شمران الرسمية

منتديات قبائل شمران الرسمية (http://vb.shmran.net/index.php)
-   بـوح الـقـصيد للشعراء الأعضاء (http://vb.shmran.net/forumdisplay.php?f=7)
-   -   ديوان قصائد لشعراء المملكة العربية السعودية (متجدد)☘️☘️ (http://vb.shmran.net/showthread.php?t=58640)

ريحانة شمران 08-24-2024 06:55 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الخلاص
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,348 مشاهدة

خَلَعْتُكَ يا شيخي..
هنا ينتهي الوِرْدُ
فسِرُّ خلاصي
أنَّهُ مسلكٌ فَرْدُ
وحسبي
بأنَّ العشبَ أهدَى (صِحاحَهُ)
إِلَيَّ..
وأعطاني (تعاليمَهُ) الوَرْدُ
أنا المتنُ من نَصِّي..
وإنْ كان لي أَبٌ..
أبي من حواشي النصِّ..
والأُمُّ والجَدُّ!
وبيني وبين الله شَهْدٌ مُقَطَّرٌ
من الخاطرِ الأصفَى..
وهل يتلفُ الشَّهْدُ؟!
حديقةُ ذاتي
قد يُشذِّبها الهوَى
كأروع مِمَّ قد يشذِّبُها الزُّهْدُ
51
وما يَفْرُقُ السكرانَ
مالتْ به الطلَى
عن الآخرِ السكرانِ مال بهِ الوَجْدُ
فدعني أشدّ السهمَ
في قوسِ قامتي
فليس لغيري
في انطلاقتِهِ قَصْدُ
تَتَبَّعتُ في غاباتِ نفسي
غزالةً
وقبل انتصافِ الصَّيْدِ
فاجأَ ني فَهْدُ
فعُدْتُ
ولكنْ عودةَ القوسِ حينما
يُحَمِّلُها أثقالَ خيبتِهِ الصَّيْدُ
وصوتُ انكساري
لا (مقامَ) لمِثْلِهِ
يكلُّ (الصَّبا) عنهُ وينبو (النَّهاَوَنْدُ)
وما اتَّكَأَتْ روحي
على غيرِ زفرةٍ
أصعِّدُها حتَّى يُشادَ بها طَوْدُ
أنا بَدَوِيُّ الروحِ
ما زلتُ أنتمي
إلى الريحِ حتَّى قامَ ما بيننا عَهْدُ
إذا لوَّحَتْ لي غيمةٌ
قلتُ: ناقةٌ
تطيرُ..
جناحاها: هما البرقُ والرَّعْدُ
ولو كانتِ الصحراءُ ثوباً
خلعتُها
وألقيتُها عنِّي..
ولكنَّها جِلْدُ!
أرى الكونَ
يسري للمكوِّنِ مدلجاً
ولستُ سوى حادٍ بأفلاكِهِ يَحْدُو
54
ويأسرُني جُندٌ من الشوقِ
لا تُرَى..
ومَنْ قالَ أنَّ الشوقَ
ليسَ لهُ جُنْدُ!
تشرَّدتُ
ما بين الإشاراتِ حائراً
وطَوَّحَ بي
في كلِّ إيماءةٍ بُعْدُ
ملائكةٌ من معدنٍ
يحملونَني
إلى حيث
لم يبحرْ بزورقِهِ الرُّشْدُ!
كَأَنِّي فتًى
من آلِ (فرعونَ) هالكٌ
تناوبَ في إغراقِهِ الجزرُ والمدُّ
فساءَلتُ حتَّى حيرتي:
هل أنا هنا
نزيلُ كياني
أَمْ هنا الآخَرُ الضِّدُّ؟؟
أدورُ مع الأيامِ
حول حقيقتي..
أدورُ ولا قبلٌ هناكَ ولا بَعْدُ
أحاولُ أن أمضي إِلَيَّ...
وكلَّما
أضاءَ خِباَ (ليلى) تُباعدُني (نَجْدُ)!
وليسَ طريقاً واحداً
ذلك الذي
أحاولُهُ..
لكنَّهُ طُرُقٌ حَشْدُ!
على اللحنِ
تحريضُ القدودِ لِرقصةٍ
وليسَ بِذنبِ اللحنِ إنْ خانَهُ القَدُّ!
هنا غيمُ تكويني يفورُ
فلم أزلْ
على مرجل الأحلامِ
يخلقُني الوَعْدُ
كأنِّي
قد استعصَتْ على القذفِ نطفتي
أَوِ احتَرَقَتْ
في شهوةٍ ما لهَا حَدُّ
سأسردُ شيئاً من دمي
في حكايتي
مخافةَ أنْ يخبو من اللوعةِ السَّرْدُ:
رأيتُ العبودياتِ كُثْراً..
وشَرُّها
إذا لم يكنْ يدري بأغلالِهِ العَبْدُ
ولم ألقَ كالإيمانِ
قَيداً محَبَّباً
فآليتُ أنْ يقتادَني ذلك القَيْدُ
وما أَدْفَأَتْني
فكرةٌ ذاتُ شهوةٍ
كَتِلك التي في كفِّها ابتُكِرَ النَّهْدُ
وما ضَمَّني يوماً
عناقٌ على الهوى
فآثرْ تُ أنْ يبقَى على ساعدي زَنْدُ
وكم جَرَّدَتْني
من هواها مليحةٌ
فما فَلَّ حدَّ السيفِ ما أنكرَ الغِمْدُ
تموتُ (الموسيقَا)
نغمةً بعد نغمةٍ
إذا انكسرَ الخلخالُ وانقطع العِقْدُ
ويبقىَ بأضلاعي
من اللَّحْمِ فائضٌ
لأخلقَ (سلمى)
حين تنكرُني (هِنْدُ)

ريحانة شمران 08-24-2024 06:55 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة في حضرة السيد الوجع
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,346 مشاهدة

وأنا أتيتُكَ كالمُريدينَ الأوائلِ
سابحاً في يقظة الاشواقِ
دَلَّهْتُ المدَى
ورَهَنْتُ للوَلَهِ المسافةَ..
هذهِ كفاَّيَ تبتهلانِ بالرعشاتِ
والمأساةُ عمقٌ في صلاتي
فَانهضْ لِنكملَ حلقةَ الوجدِ الحزينةَ..
لم يزلْ شلَّالُ تقواكَ المنوَّرُ
يسكبُ الرؤياَ
ويكشفُ بعضَ سرِّ الكائناتِ
النورُ فكرتُكَ العليَّةُ
ماخَبَتْ أبداً..
ورأسُكَ مهرجانُ كواكبٍ يحرُسْنَ ليلَ القافياتِ
منْ أيّ قافيةٍ تسلّلَ ذلك القَدَرُ الذي خَطَفَ الأصابعَ من يديكَ
وسارَ في جهةِ الشتاتِ
يا أيّها الضوءُ المعذّبُ
ها هنا في حضرة الوجعِ التقيْناَ
كُنتَ أنت تُدَوْزِنُ الأوتارَ بالحُمَّى
وتصعد باليقين تلالَ وَجْدِكَ..
تلَّةٌ أخرى وتبلغُ قمَّةَ أالاشراقِ في جبلِ التجلِّي..
فجأةً هطلتْ عليكَ الريحُ
وارتطمَ الهواءُ بجبهةِ القنديلِ..
فاندلعَ الظلامُ على الزجاجةِ
وانزوَى عُنُقُ الفتيلةِ فوق أكتافِ الجهاتِ
ودخلتَ في غيبوبة الضوء الطويلةِ
مثل خاطرةٍ معلَّقةٍ بأهدابِ الحياةِ
مازال في قلبِ الزجاجةِ من حنيِن الزيتِ
ما يكفي لِنُوغِلَ عبر دائرةِ الحقيقةِ
فاشتعلْ يا أيّها الضوءُ المقدّسُ..
لا تَدَعْناَ في الهوامشِ..
شُدَّنا نحو النواةِ
ما سِرُّ صمتكَ..
هَلْ (وصلتَ) فلم يعدْ للنُطْقِ ذوقٌ..
أمْ ملكتَ أَعِنّةَ الرؤياَ
فضيَّقتَ العبارةَ حدَّ هذا الصمتِ..
فاحَتْ جُبَّةُ المرضِ التي تكسوكَ بالاشعارِ
وارتبكَ الشذَى:
هلْ يمرضُ الشعراءُ الاّ حين تبتدئُ القصيدةُ..
فالقصيدةُ عِلَّةٌ خضراءُ.. فاقعةُ الصفاتِ
عَصَرَتْ شرايينَ الحروف وعَذَّبَتْ مُهَجَ اللغاتِ
عُدْ للنبوءةِ..
فاليراعُ هُوَ الممرِّضُ في مَشافي الوَحْيِ
يملأ دورقَ النجوَى بِترياقِ الدَوَاةِ
عُدْ للقُرَى
وانظرْ الى سقفِ المساءِ هناكَ
يثقبهُ أنينُ الساقياتِ
عُدْ للمُريدينَ الأوائلِ
مثل معجزةٍ بِلون العشقِ..
إنَّ العشق نبعُ المعجزاتِ

ريحانة شمران 08-24-2024 06:56 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الإنتفاضة قبلتنا والإمام الحجر
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,344 مشاهدة

(بُرَاقٌ) من الزغرداتِ
يمدُّ جناحيْهِ ملءَ الشفاهِ..
فلا تبتئسْ يا (محمَّدُ)
معراجُكَ الآنَ يمتدُّ عبر الفضاء الحديدي
حيث الزغاريدُ عالِمةٌ بالمجرَّاتِ
فاخلعْ ضلوعَكَ درعاً على جَسَدِ (القدسِ)
واعرجْ إلى قمَّةِ الانعتاقْ
وحين تَهِمُّ (الصواريخُ)
صوِّبْ صلاتَكَ..
إنَّ الزنادَ السماويَّ لا يُخطئُ المستحيلَ
وهذي (الصواريخُ) لا تفهمُ الشوقَ كيف يُقاتلُ..
لا تستطيع المِلاَحَةَ في الروحِ حيث يجوسُ (البراقْ)
نبضةٌ من حنينٍ إلى اللهِ
تكفي لتفجيرِ هذا الوجودِ..
فيكفَ إذا انفجَرَ القلبُ واندلعتْ طاقةُ الاشتياقْ
من هنا تتفجَّرُ (حربُ النجومِ) إلهيَّةً..
من هنا.. من مَقامِ التوحُّدِ ما بين أرواحِنا والزُقَاقْ
تقدَّمْ.. فَرُوحُ الخليقةِ تِرْسَانَةٌ في يديكَ..
وأعداؤكَ الآنَ
تنقُصُهمْ خِبرةٌ في التصوُّفِ
تنقُصُهمْ أُلفةٌ بالمقاماتِ..
تنقُصُهمْ لفتةُ الله للمتعبين
وإيماءةُ الغيِبِ للعاشقينَ..
وتنقصُهُم نشوةٌ بالأثيرِ نقودُ إلى آخر الازرقاقْ
كلَّما أطلقوا طلقةً من عيونِ (المجسَّاتِ)
غابتْ وراءَ المحَاقْ
تقدمْ.. فَ (جبريل) شرَّعَ بابَ السماواتِ..
والأرضُُ هائمةٌ في الصريرِ المقدَّسِ
فادخلْ ولا تُغلقِ البابَ خلفكَ..
ما زالَ في الأفقِ كوكبةٌ من رِفاقْ
يحَدِّثُني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ..
يقولونَ:
كانَ (محمدُ)، لهذا الصباحَ شعاراً على حائِطِ الفصلِ
فافتضَّ عنه الإطارَ
وهَرْوَلَ خارج صورتهِ
واستوى واقفاً بيننا كاملَ السُخْطِ..
حَرَّضَ أوراقَنَا أن تثورَ
وأقلامَنا أن تطيرَ..
تمادى
فَحطَّمَ قضبانَ منهجِنا المدرسيُّ
وحررَ (طالوتَ) من وَرَقِ (ا لذكرِ)..
عبأَ (تابوتَهُ) بالحجارةِ..
نادَى:
(أعِدوا لَهُمْ ا ما استطعتم) من القهرِ
أغارُ على (العجلِ) و(السامريِّ).
ودبابةٍ تفرمُ الشمسَ والأغنياتِ..
وكان يحاول ثُقْباً بتاريخنا الهشِّ
فاستلَّ (خيبرَ) من سجنِها المنهجيّ
وأطلقَها في الأقاليم..
كان يفضُّ بها
ما تبطَّنَ أيَّامنا من ظلام وتاريخَنا من كَذِبْ
تعرَّتْ مؤامرةُ الليلِ ضد الشوارعِ
فاهتزَّتِ (القدسُ) تكبيرةً أطلقَتْهَا الشُهُبْ
وقامَتْ على كلّ حبَّةِ رملٍ
صلاةٌ سماويَّةٌ رتَّلَتْهَا ملائكةٌ من لَهَبْ
فرَّتِ الأرض من صمتِها
فالمدى (قُبَّةٌ) من تراتيلَ دامية
والمقاليعُ محقونةٌ بالغَضَبْ
وقلبي الذي حمل (القدسَ)
مؤودةٌ في الوعودِ
مكفنَةً بالمهودِ..
يحنُّ إلى بَعْثِها المُرْتَقَبْ
يُحَدثني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ..
يقولونَ:
كان (محمدُ) ينسابُ في جُبَّةٍ من هديلٍ
ترافقُهُ في الطريقِ
بشاشتُه الشجريَّةُ..
أحلامُهُ السُكَّريَّةُ..
عصفورتانِ تَسَوَّرَتا مقلتيهِ..
غزالُ النُحولِ المُرابطُ ما بين خاصرتيهِ..
سنابلُ وَعْدٍ ترفُّ على راحتيهِ..
كان (محمد) حقلٌ يَشعُّ الطَرَبْ
كلَّما فَتَحَتْ نخلةٌ جيبَها
ورأى صدرَها عارياً
فاضَ من شَفَتَيْهِ الرُطَبْ
فجأةً..
شقَّ نهْرُ الأزيزِ ضلوعَ الفضاءِ
وسالتْ غيومُ الرصاصاتِ..
راحَ (محمدُ) يَنْدَسُّ في غنوةٍ من أغاني الطفولةِ
لكِنَّما قَلْبُهُ لم يَزَلْ في الطريق
يُصلِّي هناكَ صلاةَ الشغَبْ
ذخيرتُهُ حُلُمٌ جارحٌ كالسلاحِ..
دعاءٌ صقيلٌ يدجِّجُ روحَ الكفاحِ..
وذاكرةٌ شَحَذَتْهَا الأهِلَّةُ في الزَمَنِ المُلْتَهِبْ
حينما عانقَتْهُ الرصاصةُ
كانَتْ عيونُ الحضارةِ تسبحُ في دمعها التِكْنُلُوجيِّ..
أفرغَ كاملَ ضحكتِهِ داخل الموتِ
لكنَّهُ لم يَمُتْ..
إنَّما جفَّ في جسْمِهِ الحقلُ
مالتْ على راحتيهِ رقابُ السنابل
حارتْ على خصرِهِ لفتاتُ الغزالِ..
ولكنَّهُ لم يمتْ
فالرصاصةُ لا تسلبُ الروحَ تحليقَها
لا تصدُّ المشاعرَ عن شطحها في هو مَنْ تُحِبْ
يُحدثني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ:
(محمدُ) ما ماتَ
لكنَّهُ في مناورةٍ تُوهِمُ الموتَ
أشرقَ مشتعلاً في بياضِ الطفولةِ
ثمَّ انْثَنَيْنَا نجرِّدُ عنه البياضَ
لِنُلْبِسَهُ كفناً من أهازيجَ حمراءَ
كُنَّا نحاولُ أن ندفنَ الطفلَ دون طفولتِهِ..
كبَّرَتْ في يديهِ الزنابقُ
وانفَرجَتْ إصبعاهُ علامةَ نَصْرٍ
على شكلِ مقلاعِهِ الآدميِّ..
مقلاعُهُ لم يكنْ من خَشَبْ!
كانَ من حبلِ سُرَّتهِ
حينما عَقَدَتهُ القوابلُ في قطعةٍ من عَصَبْ
فلسطينُ رَحْمٌ مُلَغَّمَةٌ بالأجِنَّةِ
تُتقن عادتَها في ابتكار سلاحِ الفدائيِّ من لحمهِ..
ولِذا
كان ميلادُهُ تُهمةً بامتلاكِ السلاحِ
فَسَدَّتْ عليه الحياةُ جماركَها في حدود المخاضِ
وكانتْ جماركُها تضطربْ
أشارتْ إليه: انْتَسِبْ
قال: جرحٌ قديمٌ يفتِّش عن ذاتِهِ
منذ (خمسين) عاصفةٍ في المَهَبْ
- لماذا تريد العبورَ إلى الشمسِ
(والانتفاضةُ) جامحةٌ في أعالي الصهيلِ
تُوَشِّي حوافرَها بالصَخَبْ؟!
- سئمتُ الإقامةَ في ليليَ اللوبيِّ
تُسَيِّحني عتماتُ الحُجُبْ
أرى عُلَباً فارغاتٍ هناك
وعينايَ عودا ثقابٍ..
دعوني ألاعبُ تلك العُلَبْ
أريدُ اللعِبْ!
أريدُ اللعِبْ!
هنا انشقَّتِ الرَحِمُ (المقدسيَّةُ) غاضبةً
والوليدُ انسكبْ!
كأنَّ (فلسطينَ) تُنْجِبُهُ رغمَ أنفِ الحياةِ..
كأنَّ ولادتَهُ تُغْتَصَبْ!!
أطلَقتْ أمُهُ ضحكتينِ فدائِيَّتيْنِ..
لهُ ضحكةٌ تنحني
ولِمِقْلاعِهِ ضحكةٌ تنتصِبْ
شهادةُ ميلادِهِ..
أصدرَتْهَا الحقولُ إلى والديهِ
توثَّقُ ميلادَ حقلٍ أليفٍ
يراقصُ أوراقهُ باهتزاز الهُدُبْ
كلَّما أضرَبَتْ نَخْلَةٌ عن عناقِ الرحيقِ
بكى الحقلُ في جانحيهِ..
تلوَّتْ على ركبتيهِ الينابيعُ
واستقبلَتْهُ الفراشاتُ هادئةً كالمسيحِ
تقبِلُ هامَتَهُ بالزَغَبْ
حينما انحدرَتْ قَاذفاتُ (يهوذا) على عربات الأساطيرِ
سدَّتْ على روحِهِ الحقلَ بالطلقاتِ الجبانةِ
ظنَّاً بأنَّ الحصار يحجِّمُ جغرافيا الروحِ..
راحتْ تمشِّطُ كلَّ النسائمِ
زعماً بأنَّ المناظيرَ تفتضُّ سِرَّ العقيدةِ..
لكنَّما نسمةٌ من بناتِ الندَى
شربتْ روحَهُ البكرَ واندلعَتْ من ثقوبِ القصبْ
سلامٌ على القَصَبَاتِ الأمينةِ
ما ضاعَ فيها السِقاءُ ولا خابَ فيها التَعَبْ
(محمَّدُ) شدَّ على موتِهِ بالنواجذِ
ثمَّ اشرأبَّ قتيلاً
يجرُّ جنازتَهُ باتساعِ التضاريسِ..
ينصبُها في المدى
قبَّةً للفِدَى..
والضحايا قُبَبْ!
هدرَتْ روحُهُ ملءَ خارطةِ الصمتِ
والنمسةُ البكرُ فضَّتْ غشاءَ العواصفِ
حتَّى استفاقتْ مدائِنُنا العربيَّةُ
ريَّانةً برحيقٍ القصائدِ
متخمةً بِلحومِ الخُطَبْ!!
فزَّت الأرضُ عاريةً والرصيفُ الْتَصَبْ!
أعوذُ بِروحكَ من رغوةِ الطيشِ
حين تفيضُ على شفةِ الشارعِ المُلْتَهِبْ!
لا نريدُ لنا رئةً في (المجازِ) وأذرعةً في (البديعِ)..
بَرِئْنَا إلى العُنْفِ من عنفوانِ الأَدَبْ
هنا مهرجانُ الحقيقةِ
فالمدفعيَّةُ لا تُحسن (التورياتِ)
إذا انطشَّ بارودُها كالجَرَبْ
(محمَّدُ) جرحٌ على خدِّ تفاحةٍ
لم يزلْ دمُها عالقاً بالرصيفِ
يطرّزُ إسفلتَهُ بالذَهَبْ
جاءَني.. والعروبةُ ما بين أضلاعِهِ تنتحبْ
وأهدى إلى العَرَبِّي المكبَّلِ في جُثَّتي، وردةً من عَتبْ:
لماذا تظلُّ (الشهادةُ) نائمةً في الكُتُبْ؟
لماذا تطيرُ اليمامةُ أقصرَ من خوذةِ العسكريِّ
هنا في فضاءِ العَرَبْ؟
أَتُرى قامةُ الكِبْرِ أرفعُ من قامةِ الكبرياءِ!!
إذنْ كيف نرجم (طائرةً)
بالأَذانِ الذي لا يُطيل رقابَ المآذنِ!!
بعضُ المآذنِ قد هَرْوَلَتْ للجهادِ –
ازحفي يا شهادةُ..
محرابُنا العنفوانُ المقدَّسُ
و(الانتفاضةُ) قِبتُنا
فازحفي يا شهادةُ..
إنَّ المقاليعَ قد دَخَلَتْ في الصلاةِ
تُسبِّحُ حلفَ الإمامِ / الحَجَرْ
أرى جرَّةَ الأَبَديَّةِ
تطفحُ من دمنا اللانِهائيِّ في غدِنا المُسْتَتِرْ
ركعةٌ في الجهادِ بمليونِ أمثالِها في العقودِ
ولا أجرَ للمُتَعَبِّدِ بالاحتجاجِ القَذِرْ
يعودُ الزمانُ وتنفرشُ الذكرياتُ على أرضِ (حطّينَ)
تمتدُّ مأدَبَةٌ من طيوفِ البطولةِ..
هذا (صلاحٌ) يغذّي الخلاصَ بِلَحْمِ الرصاصِ
وتجأُهُ طلقةُ الغدرِ..
يهوي (محمَّد) من صلبهِ..
تتكوَّمُ أشلاؤُهُ وطفولتُهُ (قِمَّةً)
في حضيضِ الزعامةِ، يصعدُها (المؤْتَمَرْ)
(محمَّدُ) إضبارةٌ فتحتْ جرحَها للحوارِ..
وتلك المُذيعةُ تتلو العبارةَ مارقةً مثل أفعى
وتلدغُنا بالخَبَرْ
نتوبُ إلى (القدسِ)من نجمةٍ كشَفَتْ نهدَها للقَمَرْ!!!
نتوبُ إلى (القدسِ) من كلِّ مئذنةٍ خَمَدَتْ
حينما اشتعلَ الثائرون / الدُرَرْ
هنا نحنُ نستبقُ النَهْرَ نحو المصبِّ الأخيرِ..
لنا (درَّةٌ) مَسَّها الشوقُ فانسربتْ في النَهَرْ
كأنَّ جنيناً يعودُ إلى الرَحْمٍ!
هذا (محمَّدُ) يبدعُ ذاكرةً للآلئ، مصقولةً بِالصُوَرْ
فتيلتهُ بعدُ ما أَومَأتْ باتِّساعِ الظلامِ
فكيفَ تجذَّرَ في خندقِ الليلِ
جذراً حروناً
يُهَنْدِسُ قنطرةً من سَهَرْ
رماديَّةٌ أُفْقُنَا يا (محمَّدُ)
منذ صَحَوْنَا على نجمتيْنِ تفحَّمَتَا بين عينيكَ..
فانظرْ لِنَخْوَتِنَا تتقيَّأُ أمعاءَها
وَاسْقِنا جرعةً من رحيقِ الشهامةِ..
صِرْنَا على جُرْفِ هاويةٍ لا تُهادنُ:
إمَّا العبورُ الكريمُ
وإمَّا الثبورُ اللئيمُ..
لك اللهُ يا بْنَ المخيَّمِ
كيفَ كتبتَ امتحانَ السماواتِ للأرضِ!
كانتْ دماؤكَ أسئلةً صعبةً
والخياراتُ تُفضي إلى المستحيلِ
وكنتَ تدافعُ مُستبسلاً عن رفاتكَ
فاعطفْ على أُمَّةٍ تُوضعُ الآن فوق المحكِّ الصقيلِ..
لقد ضاقَ جوهرُها بالخدوشِ
وها أنتَ تصقلُهُ بالمِحَنْ
تريدُ لنا أنْ نسيرَ على حدِّ فاجعةٍ!
والسقوطُ يُراقُبنا مثل ذئبٍ تبطَّنَهُ الجوعُ..
كُنَّا حَسِبْنَاكَ طفلاً
غداةَ وَضعْنَا العصافيرَ في الأغنياتِ
وجئناكَ نحملُ حلوى الشجَنْ!!
رأيناكَ بالأمسِ أصغرَ من حَجَرٍ في الطريقِ
فكيفَ تمخَّضْتَ عن جَبَلٍ باتِّساعِ الوَطَنْ!!
سريعاً هَرَقتَ المحابرَ ملءَ الدفاترِ
تحقنُ تاريخنَا بالبلاغةِ حتَّى احْتَقَنْ
تكلَّمْ فذاكرةُ الحِبْرِ بكماءُ..
هذا أنا أصعدُ الآنَ بالدمعِ أُفْقَ الوفاءِ
ويبتسمُ الدمعُ شمساً على وجنتيَّ
كأنّي إذا انطفأت كُوَّةٌ في فمي
أشرَقَتْ من عيوني كُوَّى!
هل أنا عاشقٌ مؤتَمَنْ؟!
كلَّما شدَّني الطينُ وَاشتقتُ للملكوتِ السماويِّ
شقَّتْ ليَ الروحُ نافذةً في جدارِ البَدَنْ
صلاتي مُجاهدةٌ في هواكَ
وتبَّتْ صلاةٌ محايدةٌ في الهوى..
يا (محمَّدُ)
تبَّتْ صلاةٌ تخونُ السُنَنْ
أُناجِكَ يا فاضِحاً زَبَدَ البحرِ بين عيونِ السُفُنْ
هل خَبِرْتَ معاهدةً تمنعُ الريحَ ألاَّ تهبَّ
وتدعو السماءَ إلى هدنةٍ عن هطولِ الفِتَنْ؟!
لقد أفصحَ البحرُ عن عورتَيْهِ:
هنا العُمْقُ أقصرُ من إصبعينِ
وحريَّةُ الموجِ جامدةٌ كالوَثَنْ
تكلَّمْ وجَاوِزْ بيَ الموتَ
إنِّي أحسُّ بأغنيتي تأخذ الآنَ شكلَ الكَفَنْ

ريحانة شمران 08-24-2024 06:56 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة مهرة من ساحة اليرموك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,331 مشاهدة

مهداة إلى الاستشهادية ذات الستة عشر ربيعاً (آيات الأخرس)
قبلَ أنْ تُعلنَ ميلادَ جناحَيْهَا
وتنضمَّ إلى جِنْسِ البلابِلْ
أَنْفَقَتْ من ياسمينِ العُمْرِ ما يكفي
لِتَسْتَنْبِتَ في الحُلْمِ
من الوَرْدِ شعوباً ومن التينِ قبائِلْ
وانتهَتْ في أُمَّةٍ
يبكي بِها التينُ على أغصانهِ والوردُ ثاكِلْ
أينَ تُؤوي حُلْمَهَا..
والبندقيَّاتُ ضيوفُ اليأسِ في الأُفْقِ
ولم يبقَ على الأرضِ قطافٌ خَيِّرٌ
تُغري بهِ جوعَ المَنَاجِلْ
غربةٌ تزحفُ في الأشياءِ كالأفعَى
وقهرٌ هائجٌ يهوي على الروحِ كأسنانِ المقاصِلْ
نَقَّبَتْ كلَّ التضاريسِ على خارطةِ الكونِ
ولكنْ لم تجدْ رأسَ (فلسطينَ) على تلكَ الهياكِلْ
كلُّ شيءٍ حولها سلسلةٌ تعتقلُ الجوهرَ في الروحِ..
ولكنْ حُلْمُها الأخضرُ يلتفُّ
ربيعاً ناعساً حَولَ السلاسِلْ
لم تَجِدْ من وطنٍ أغلى من الإيمانِ بالوعدِ..
ومن يخرجُ من إيمانهِ
يخرجُ منفيّاً من التاريخِ، محروقَ المراجِلْ
أيُّ أُنثىَ طلعَتْ في موسمِ الثورةِ
كي تكنسَ من واحتهِ كلَّ الرجولاتِ المزابِلْ
عَلَّقَتْ تاريخَها في طَرَفِ الكوفيّةِ الشهباءِ
وانقضَّتْ على الحاضرِ غضْبَاتٍ صَواهِلْ
--------------
بِحِزامَيْنِ حبيبينِ من الثورةِ والإيمانِ
شدَّتْ خصرَها الناسفَ حُسْناً
وأدارَتْ شعرَها للبحرِ في (غَزَّةَ)
كي تستبدلَ الشطَّ بِشَطٍّ من جدائِلْ
ثمَّ مالَتْ جهةَ النهرِ
وأهدَتْهُ يَدَيْهَا
ضِفَّتَيْنِ امتدَّتَاَ بالعُشُبِ الأحمرِ من مَرْجِ الأنامِلْ
هاهُنا خارطةُ الجرحِ..
هُنا تمتدُّ بينَ (البحرِ) و(النهرِ)
سُلالاتِ براكينَ وتاريخَ زلازِلْ
وهُنا (آياتُ) ما بينَ الحزامينِ الحبيبينِ
بَدَتْ جملةَ عشقٍ بينَ قوسينِ..
وهيهاتَ
فمَا في جُملةِ العشقِ فواصِلْ!!
حَلَّقَ (النحوُ) بِها
فاجتهَدَ (الرفعُ) كما لم يجتهدْ من قبلُ
وانحازَ إليها كلُّ (مفعولٍ بهِ)
يرفعُهُ المقلاعُ بالعزّةِ كي يصبحَ (فاعِلْ)
أيُّ درسٍ عاصفٍ ينتظرُ الشرحَ!
أفيقي يا كراريسُ
فهذي حصّةٌ من خارجِ المنهجِ
ما مرَّتْ على ذهنِ الجداوِلْ!!
لَبَسَتْ أقمارَها طرحةَ عرسٍ..
والنجومُ اتَّخَذَتْ موقعهَا الأجملَ في العينينِ..
وامتدَّتْ على أطرافِها كلُّ السواحِلْ
وانثنَتْ (آياتُ) تختالُ..
وكوفيّتُها تختصرُ البُعْدَ الفلسطينيَّ في خارطةِ الكونِ
وتجلُو طفلةً كاملةَ الوعيِ..
على جبهتِها قامَتْ قياماتُ المشاعِلْ
عُمْرُها (ستٌّ وعشرٌ) من سنينٍ
وألوفٌ من بواريدَ
وجيلٌ من قنابِلْ
وجنتاهَا بيرقانِ ارتفعَا في أَلَقِ النصرِ على كفَّيْ مُقاتِلْ
قَدُّها..
يا نهرُ حدِّثْ عن تَثَنِّيكَ ويا نخلُ تطاوَلْ
مُقلتَاهَا..
هل رأيتَ الشمسَ تنصبُّ ينابيعَ من الجمرِ
وهل أبصرتَ في الطوفانِ أمواجاً تقاتِلْ!!
ومُناهاَ:
هاهُنا التاريخُ يرتدُّ إلى أعراسِ (بابِلْ)!!
أيُّ وعيٍ ثائرٍ هبَّ كما الريحِ
لكي يطفئَ إشراقةَ تفَّاحِ الخياناتِ بِبُستانِ المهازِلْ
طلعَتْ تحدو مطايا رحلةِ الصيفِ
على إيقاع ممشَاها
وتمتصُّ لُهاثَ الدربِ من صدر القوافِلْ
حَدَّقَ الدهرُ
فألفَى (خولةً) تبعثُ للأجيالِ من حُفرتِها إحدَى الرسائِلْ
مهرةٌ قادمةٌ من ساحةِ (اليرموكِ)
ظلَّتْ تعبرُ الأصلابَ من فحلٍ إلى فحلٍ
وتمتصُّ الفحولاتِ إلى قعرِ المفاصِلْ
كلَّمَا شدَّتْ خُطاها
كَسَرَتْ ظهرَ المسافاتِ وأضلاعَ المراحِلْ
غَمَزَ الخُلْدُ لها
وَهْيَ تقودُ الريحَ في دربِ الرسالاتِ..
ومُهْرُ الريحِ جافِلْ!
غُضَّ منْ طرفِكَ يا خُلْدُ..
فما كنتَ تُجيلُ الطرفَ
لو أدركتَ منْ كنتَ تُغازِلْ!!
ضَحِكَ الدربُ
غداةَ المهرةُ البِكْرُ أحسَّتْ بِجنينِ الفتحِ
في أحشائها يهتزُّ..
فاهتزَّتْ
وراحَتْ تنظمُ الشارعَ عقداً:
خيطُهُ الأرضُ وحبَّاتُ لآليهِ المنازِلْ
وتدلَّى الغيمُ قرطينِ بِأدنى أُذُنَيْهاَ..
والعصافيرُ
علَى أقدامِها صارَتْ خلاخِلْ
وتَهادَتْ وَحْدَها
لولاَ حقولُ القمحِ تنصبُّ على الظهرِ بِشَلاَّلِ سنابِلْ
وحدَها كانَتْ
ولكنْ غابةُ الزيتونِ في أعطافِها ترقُصُ..
والمجدُ غصونٌ تتمايَلْ
وَحْدَهَا كانَتْ..
فقلبي الفاجرُ الكافرُ
لا يبصرُ في الفستانِ إلاَّ زهرةً واحدةً
حجَّبَها اللهُ بإكسيرِ الفضائِلْ
يا إلهي.. يا إلهي..
كمْ من الإيمانِ أحتاجُ لكي يدركَ قلبي
أنَّ في فستانِها ألفَ مناضِلْ؟!
-----------------
نَفَحَتْ وجهَ المَدَى
مثلَ نسيمٍ مُصبحٍ
هبَّ على أَوجهِ أشياخٍ تقاةٍ
أكملُوا تَوَّاً صلاةَ الفجرِ
وانسلُّوا منَ المسجدِ أرواحاً كوامِلْ
مالتِ الشمسُ لها
وانتصَبَ الظهرُ أذاناً
والمناراتُ اشرأبَّتْ في الصدَى..
كلُّ جهاتِ الأرضِ حُبلَى بأذانِ الظُهرِ
إلاَّ جهةٌ واحدةٌ بالعُهْرِ حامِلْ
كرَّتِ المهرةُ كي تكملَ صوتَ اللهِ في الأبعادِ..
هذي لحظةُ الوحيِ دَنَتْ
والأنبياءُ انتظروا (الآياتِ)
فيمَا (مريمُ) العذراءُ كانتْ بانتظارِ (التمرِ) في (المحرابِ)..
يا الله!! يا الله!! يا الله!!
ما أكثرَ ما أشعلَهَا الإلهامُ طُهراً
فاستقالَ الطينُ في أعضائهَا من عمَلِ الطينِ
وشَعَّ الوحيُ برقاً خاطفاً
فَجَّرَها في أَلَقِ الفَرْضِ تراتيلَ
كأنَّ (الصُحُفَ الأولى) تَجَلَّتْ دُفعةً واحدةً
واكتملَ التنزيلُ..
ها قد حصحصَ الفجرُ فكلُّ الليلِ باطِلْ!!
من هُنا يا (أختَ هارونَ) خذي تمرةَ محرابكِ..
هذي نخلةُ اللهِ
وهذَا تمرُها تَمرٌ إلهيُّ الشمائِلْ!!
-------------
هكذَا (آياتُ) لَبَّتْ داعيَ (الجُمعةِ) للذِكرِ
وصَلَّتْهاَ من القلبِ وجوباً ونوافِلْ
ثُمَّ عادَتْ بِربيعٍ شاعرٍ في دَمِها المنظومِ
واشتاقَتْ إلى تقفيَةِ الماءِ بِمنثورِ الجداوِلْ
وأحالَتْ من دَوِيِّ الجسَدِ الهادرِ
لحناً واحداً
وَزَّعَهُ الحبُّ تقاسيمَ على كلِّ (الفصائِلْ)
هكذَا عادَتْ..
وفي أقدامِها آخرُ أنباءٍ عن الأرضِ أذاعَتْهَا المعاوِلْ
صَفَّقَ الموتُ لَهَا
مِمَّا رأى من روعةِ الجرأةِ
واهتزَّتْ من الإعجابِ روحُ الأرضِ..
فاحتارَ المدَى:
هلْ كانتِ الأرضُ تُداجيها
وهلْ كانتْ يدُ الموتِ تُجامِلْ؟!!
آهِ يا (آياتُ)..
يا بوصلةَ القِمَّةِ..
يا موهبةَ الينبوعِ..
يا فجراً على السفحِ تُؤاخيهِ الأيائِلْ
يا (حديثاً) في (صحيحِ) الطيرِ (تَرويهِ) العنادِلْ
سامحيني حين أتلوكِ
وأستأذنُ فيكِ الشرفَ السامي..
فما من عربيٍّ شاعرٍ يجرؤُ
أن يرفَعَ في عينيكِ عينيهِ
وأن يختطَّ حرفينِ عنِ العشقِ..
فهذَا دمُكِ الزاحفُ عبر الوطنِ الأكبرِ
مازالَ يُعرِّي الشعرَ والعشقَ..
أَراني قامةً من خجلٍ في حضرةِ الصمتِ..
اعذُريني في انتماءٍ مسَّهُ العُقمُ..
كِلانَا يأكلُ الحنظلَ من فاكهةِ القُربىَ
وزقُّومُ العروباتِ علينا يتناسَلْ
طاشَ بي لُبِّي..
أَ هذي أُمَّةٌ أمْ كتلةٌ من عَدَمٍ أخرسَ؟؟
ما أكبرَ هذا العدمَ الأخرسَ!
ما أكبرَ هذا الخَرَسَ المعدمَ!
صارَ القلبُ مِمَّا قَرَّحَ الحزنُ بهِ نبعَ دمامِلْ
كلَّما جُنَّ جنوني
رحتُ لِلَّوعةِ أستفتي
وحينَ اجتهدَتْ في دميَ اللوعةُ
زنَّرتُ ضلوعي بِعُبُوَّاتِ احتجاجٍ وحزامَينِ منَ الشَجْبِ..
وحانَتْ ساعةُ النارِ فَخانَتْني الفتائِلْ
خِلْقَتي ناقصةُ التكوينِ..
هل يكملُ مخلوقٌ بلاَ حُرِّيّةٍ؟
هيهاتَ.. هذا ما تقولُ البندقيَّاتُ..
فلا بُدَّ إِذَنْ من طلقةٍ تكملُ تكويني
وتسمو بي إلى أحسنِ تقويمِ من النخلِ تَمَنَّتهُ الفسائِلْ
----------------
علِّمينا الحُلمَ يا (آياتُ)..
هل حوصلةُ الطائرِ كونٌ من زغاريدَ..
وهل ثمَّةَ طيرٌ خُلِقَتْ دونَ حواصِلْ؟؟
كنتِ أعلَنتِ لنا عن موعدِ (الطوفانِ) بالأمسِ
وجثمانُكِ أهدَى أوَّلَ الألواحِ
كي نصطنعَ (الفُلكَ)
ولكنْ لم يجئْ (نوحٌ)..
هُنَا في الأُمَّةِ الغرقىَ
مُسُوخٌ لبَسََتْ هيئةَ (نوحٍ)
فاستحالَ الدمُ نفطاً..
والشعاراتُ أُصِيبَتْ في المقاتِلْ
من (جِنينَ) ابتدأََ (الطوفانُ) في السرِّ
ولا يعلمُ إلاَّ اللهُ
كيفَ ابتدأَ الطوفانُ في السرِّ!
وماذَا كانَ يحتدُّ سوَى لحمكِ في (التنُّورِ)
حتَّى (فارَ) غضبانَ!!
وكانت طلقةٌ واحدةٌ تكفي لأَِنْ تختصرَ الموتَ..
لماذَا انشقَّتِ الأرضُ إذَنْ أنهارَ جَمْرٍ
والسماواتُ غَدَتْ تُمطرُ فولاذاً؟؟
هنيئاً للحضاراتِ التي ترسمُ بالصاروخِ
وجهَ العالمِ الحُرِّ!
هنيئاً هذهِ الحربُ على الجوهرِ في الإنسانِ!
صارَ الكفَنُ الأبيضُ زِيَّ الخَلقِ
في صيحتهِ الكُبرى على ثغرِ القوابِلْ!
هذهِ أرضُ (جِنينَ) ارتفعتْ للهِ
والموتُ تَمَشَّى عاطلاً من عمَلٍ..
نَقَّبَ أشلاءَ الجنازاتِ
فألفَى كلَّ شلوٍ ضاحكاً يهزأُ بالطلقِ
فتَرْتَدُّ الرصاصاتُ إلى منجمِهَا خجلَى..
هُنَا الوعدُ تَجلَّى
و(جِنينُ) ارتفعَتْ وارتفعَتْ..
صارَتْ سماءً للعُلَى ثامنةً
والشهداءُ انتثرُوا شُهْباً على الأُفْقِ
وظلَّ الموتُ عاطِلْ

ريحانة شمران 08-24-2024 06:56 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الطّريقُ إلى البَوْحِ
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,302 مشاهدة

لا ترفعي لحديقة الأحلام سقفا...
دوحة الأحلام كافرةٌ بناموس السقوف..
خلّي الغصون تلقّن الآفاق درسًا..
فى حكايات الرحيلِ بلا وقوف..
وتهيّئِي...لنطير فوق متونها..
قِطْفين مُنفصِلين عن باقى القطوف..
يستجليان على سجوف الغيب شوقهما..
فتحرق السجوف..!
وهناك.......
حيث البوح أبع د فى مداه من الحروف..
سنعيد للنجوى سكينتها..
وللهمسات نشوتها العطوف..

ريحانة شمران 08-24-2024 06:57 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة دمشق غناءٌ خارجَ اللحن الجماعيّ
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,282 مشاهدة

ها أنا أفتحُ أزرارَ اشتياقي
لِعذارى السيِّئاتِ البيضِ..
ينحلُّ قميصُ الإثمِ
عن معصيةٍ تمشي على الأرضِ
أُسمَيِّها مجازاً: جسدي..

ريحانة شمران 08-24-2024 06:57 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة دوحةُ الإرهاب المقدّس
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,256 مشاهدة

في رحاب معركة بدر
***
يا (بدرُ).. شاخ على الجهاد غبارُ
وانحلّ من ألوانهِ البتّارُ
وهوت على السفحِ العقيمِ قوادمٌ
لم يجرِ فيها نبضُكِ الجبّارُ
وَثَبَتْ لتقتحمَ السماءَ ولم تكُنْ
تدري بأن وثوبَها غدَّارُ
حتّى إذا المدُّ العتيدُ تهرّأت
عزَمَاتُهُ وتعثّر التيَّار
طُفنا ببئركِ نستدرُّ رمادها
لهبًَا بت تتجنَّحُ الأحجارُ
طُفنا بِها.. وإذا بمنبعها الذي
من صُلبِهِ يتدفّقُ الثُّوّارُ
أثَرٌ يُفتَّشُ عن قريحةِ شاعِرٍ
تُشجِيهِ حين تُشَيَّعُ الآثارُ
***
يا (بدرُ).. مرثاةُ الطلولِ حكايةٌ
شمطاءُ منها تأنفُ الأشعارُ
عودي كأَوَّلِ ما انطلقتِ رشيقةً
يختالُ في وثَباتك المضمارُ
وتقمّصي جُرحَ البطولةِ إنّهُ
جُرحٌ به يتأنّقُ الأحرارُ
واستنفِري وهَجَ الإباءِ بأُمّةٍ
ما عادَ يُلهِبُ شوطَهَا اسْتنْفَارُ
ها نحنُ أوردةٌ مُكبّلةُ اللظى
تنمو بها نارٌ لِتُوأَدَ نارُ
نتَرصَّدُ الفِكَر الغِضَابَ وكُلَّما
حَبِلَتْ وقِيلَ: سيُولد الإعصارُ
فَضَحَ المخَاضُ رجاءَنا فاسْتَيْأَسَتْ
روحُ الحياةِ وحاضَتِ الأفكارُ
فنعودُ نبتكرُ النواحَ لِرَشوَةِ ال -
أقدارِ.. لكنْ ترفضُ الأقدارُ
***
يا (بدْرُ).. بئرُكِ مُذْ تنفّسَ جمْرُها
بالحقِّ أمسَتْ تُخنَقُ الآبارُ
ومُذِ الدُّهورِ السافيات تراكمتْ
في جوفها وأُهيْلتِ الأوزارُ
ما زال يصرخُ قاعُها متأمِّلاً
أنَّ الرُّكامَ يُزيلُهُ الحفَّارُ
يا (بدرُ).. لم تعدِ السواعدُ مثلما
كانتْ يُدَجِّجُ نبضَها الإصرارُ
أسَفِي على ذكراكِ..باتَ شروقُها
طيفًا تنوءُ بحَمْلِهِ الأنظارُ
ما خانها حلمُ الشعوبِ وإنَّما
نفَرٌ على حُلْمِ الشعوبِ أغاروا
فصَحَتْ على شبحِ الهَوانِ، يُعِيُنا
نغَمًَا بهِ تَتَزخرَفُ الأوتارُ
واهتزَّ (مؤتمرُ السلام) برقصَةٍ
هَيْفاءَ أدمَنَ حوْلَها السُمَّارُ
كان الظلام نديمُهم، حتى إذا
سئِمُوهُ نابَ عنِ الظلامِ نَهَارُ
وتحلَّقُوا حيثُ (القضِيَّةُ) عُرِّيَتْ
وانحلَّ عن خصْرِ المُجونِ إزارُ
وتلاقَفُوهَا.. يا لَصرخةِ حُرَّةٍ
عذراءَ طوَّقَ جانِحَيْها العَارُ
(تَتَأمْرَكُ) النَشَواتُ بين عُرُوقِهِم
ويمُوتُ فِيها (يَعْرُبٌ) و(نزارُ)
وسَيَهرَمونَ على حُثالةِ حانةٍ
بِشَبابِها يتَغَزَّلُ الخَمّارُ
يا (بدْرُ).. أيَّةُ عِزَّةٍ عربِيَّةٍ
لم يَسْتَبِحْ حُرُمَاتِها (الدُولارُ)
ذاكَ الَّذي سَلَبَ الجِراحَ إبَاءَها
حتَّى تأنَّثَ في الرِّجالِ، الثَّارُ
ومَضَى يُشِيْدُ بِكُلِّ كَفٍّ أنْكَتَتْ
شَرَفَ السُيُوفِ وشَاقَهَا (القِيْثَار)
فَتَرِقُّ في فَمِهِ الخناجِرُ زَهْرَةً
وبِكَفِّهِ (تَتَخَنْجَرُ) الأزهَارُ

ريحانة شمران 08-24-2024 06:57 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الاستشهادي علي أشمر مناجاة باتساع الوادي
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,247 مشاهدة

كان علي أشمر (قمر الاستشهادييّن) شيخَ (طريقةٍ) ابتكرها للعاشقين الوالهين للحريّة المطلقة، وذلك عندما تحوّلَ إلى مخزنٍ من البارود وانفجر راجلاً في تلٍّ من الجنود الإسرائيلييّن.
-----
من بعيدٍ جاءَ..
لا أعلمُ من أينَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما من طعنةٍ في جسدِ التاريخِ
حينَ الْتَحَمَ الجيشانِ في (خيبرَ)
فَانْسَلَّ الفتى من فجوةِ الطعنةِ
كي يختصرَ التاريخَ في جرحٍ
وحتَّى الجرحُ لا يعلمُ من أين الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما من (ضَيْعَةٍ) تجلسُ في أقصى حدودِ القِيَمِ
الكُبرَى
كما يجلسُ بستانٌ على التلَّةِ في عُزلَتِهِ..
ماجَ الفتى بالعطرِ حينَ اختزلَ البستانَ في قامتِهِ
الوَرْدِ..
وحتَّى الوردُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما حَلْقَةُ صوفِيِّينَ
في أعلى جبالِ الوجدِ
أَغْرَتْهُ لأنْ يكتشفَ العمقَ الإلهيَّ بِهذا الكونِ
فانشقَّ المدى
عن عاشقٍ قد نوَّرَ الروحَ بِمِشْكَاةِ يقينٍ عَلَويٍّ
ومضَى يسبحُ في كينونةِ الأشياءِ حتّى لامَسَ القعرَ
وحتّى القعرُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من زمانٍ خارجَ العصرِ
فَهذا الوَهَجُ الروحيُّ
لا يُمكنُ أن يُنجبَهُ عصرٌ من الفولاذِ..
هذي الوردةُ الزهراءُ
لا يُمكنُ أنْ تولدَ مهما حَاوَلَتْ
من أُمَّةٍ في موسمِ الزقُّومِ..
والله!
هُوَ الوعدُ السماويُّ لنَا أن نرثَ الأرضَ
هُوَ الوعدُ
أتى يحملُ في أضلاعِهِ كوخاً من الإيمانِ
معموراً بِحُبِّ الله والأرضِ
وطفلٍ ضاقتِ الأسماءُ عن إيمانهِ إلاَّ (عليٌّ)..
حَمَلَ الإسمَ لواءً خافقاً بِالقُدْسِ
مُمْتدّاً من الثورةِ حتّى الموتِ
جيلاً جَبَلِيّاً
نَبَتَتْ في فَمِهِ (اللاَّءاتُ) أنياباً
وربَّاها بِما وَرَّثَهُ الأجدادُ من رفضٍ قديمٍ..
لم تَزَلْ (لاءاتُهُ) تكبرُ في الرفضِ فصارتْ
بُنْدُقيَّاتٍ
ومازالَ (عليٌّ) حالماً يركضُ خلفَ الشمسِ
مُشتاقاً لأنْ يصطادَ هذي الظبيةَ البيضاءَ في السفحِ..
فتستدرجُهُ الظبيةُ للقمَّةِ
كيْ يقطفَ أزهارَ الصعودِ الوَعْرِ من أعلى الزمانِ
الكربلائيِّ..
(عليٌّ) عصَّبَ الجبهةَ بِالتاريخ
واشتاقَ إلى الرقصِ مع القمّةِ
في عُرْسٍ سماويٍّ..
جلا الحُسْنَ الربوبيَّ
جلاءً يُطلقُ الروحَ
إلى عالَمِها الأسمى متى ترنو إِلَيْهِ
فاضَ من بردتِهِ الحسنُ أساطيرَ
فكانت (شهرزادٌ)
كُلَّمَا أدرَكَها الليلُ
أَجَالَتْ طرفَها فيهِ وسلَّتْ قصّةً من حاجِبَيْهِ
واستجارتْ بِالتعاويذِ التي تحرسُ أسرابَ المَهَا في
مُقْلَتَيْهِ
فَكَسَاها بِهدوءِ الزَغَبِ الناعسِ في أرجوحةٍ من
عارضَيْهِ
و(عليٌّ) زاحفٌ في الحُلْمِ
كالنَهْرِ
يلفُّ الموسمَ الأخضرَ في ريشِ حماماتِ يَدَيْهِ
حينمَا جَمَّرَهُ ماءُ الفُتُوَّاتِ
نَوَى العُرْسَ
فألفَى كلَّ شيءٍ صارَ أُنثى:
النَهْرَ والبيدرَ والبستانَ..
والشمسُ الجنوبيّةُ مدَّتْ عُنُقَ الفَجْرِ على هيئةِ
أُنْثَى..
والقُرى اصطفَّتْ صباياً
تتشهَّاهُ عريساً كاملَ الوجدِ..
صحا كلُّ سريرٍ شدَّهُ الليلُ على نجواهُ
مأهولاً بِنَهْدَيْنِ شَهِيَّيْنِ..
وجاءَ الكلُّ للموعدِ مخموراً
ولا بأس..
فهذي خمرةٌ مغفورةُ الإثمِ..
هُنا افترَّ (عليٌّ)
عن فتىً تطلعُ من ضحكتِهِ الشمسُ
مشى في خاطرِ الوادي غزالاً مُترفَ اللفتَةِ
تختالُ بهِ حُرِّيَّةُ العُشْبِ وروحانيَّةُ الأرضِ
و(آذارُ) شبابيٌّ على خَدَّيْهِ..
فَافْتَنَّ الفتى عشقاً
بَدَتْ فتنتُهُ أعنفَ ناراً
من فتيلِ امرأةٍ دهريَّةٍ خامَرَها الشوقُ
فهذا (العامريُّ) اسْتَدرجَتْهُ امرأةٌ من خارجِ الدَهْرِ..
تجلَّى فرأى (كِذْبَةَ نيسانَ) على الدربِ
وتَلاًّ من جنودٍ يحرسُ الكِذْبَةَ
فيما أشرَقَتْ (ليلاهُ) خلفَ التلِّ..
نَادَتْهُ
وقد كانَ على بُعْدِ جحيمٍ واحدٍ من جنَّةِ الوصلِ..
هُنا فَخَّخَهُ العشقُ بأشواقِ المُحِبِّينَ
فماجَ الجَسَدُ الورديُّ في قنبلةِ الأشواقِ..
فاضتْ لهفةُ التنفيذِ من عينيهِ
فاهتزَّ الفتى مخزنَ بارودٍ من اللَّهْفَةِ
وامتدَّ فتيلاً نافراً في خفّةِ الضوءِ
دقيقاً وجميلاً مثلَ خطِّ الكُحْلِ في جَفْنَيْهِ
تحدوهُ تسابيحُ خطوطِ الطولِ والعرضِ..
علَتْ تكبيرةُ الوادي
وشعَّتْ في المدى جُرأةُ (عبَّاسَ) و(حَفْصٍ) و(
قصيرٍ)
فَتَلَظّى الوجدُ في ترسانةِ القلبِ
وثارَ المخزنُ الناريُّ في التلِّ
فما نسمعُ إلاَّ:
(ارِني أنظرْ إِليكْ)
(ارِني أنظرْ إِليكْ)
غرقَ المشهدُ في النشوةِ
حينَ اختلطتْ رائحةُ الليمونِ
بالبارودِ
بالأشلاءِ
بالجرأةِ
بالوَجْدِ الإلهيِّ الذي حَلَّقَ
حتّى عَرَجَ العشقُ عروجاً فادحاً
فانتصبَ الله من العرشِ لهذَا العاشقِ الداخلِ
لِلتَوِّ مدى الكينونةِ الكبرى..
عليٌّ يا عليٌّ..
هذهِ صوفيَّةٌ غابتْ عن (الحلاَّجِ)
في تأويلِهِ الناريِّ للعشقِ
فَحَدِّثْ:
كيفَ أوْجزتَ المقاماتِ جميعاً
في مقامٍ واحدٍ
فارتبكَ المطلقُ إعجاباً بِهذي الحالةِ البِكْرِ..
عليٌّ يا عليٌّ..
سرقوا منكَ غزالاً واحداً
فانتثرتْ من دَمِكَ الغزلانُ آلافاً
وقامَ العشبُ في الوادي على ساقٍ
ودارتْ مهرجاناتُ الينابيعِ
فلا ساقيةٌ إلاَّ تَمَنَّتْ رقصةً منكَ على زغردةِ الماءِ
ولا زنبقةٌ إلاَّ تَشَهّتْكَ رحيقاً للمسرَّاتِ..
وفي (الخامسِ والعشرينَ من أيَّارَ)
شفَّ الغيبُ
والتمَّتْ شظاياكَ (جنوباً) عائداً يرفلُ في التحريرِ..
كان الشجرُ الواقفُ في السفحِ
وكانَ الزنبقُ الساهرُ في الجرحِ
وكانتْ باقةُ الغزلانِ في أيقونةِ الوادي
وكانتْ قُبَّراتُ الشوقِ في حنجرةِ الحادي..
هُنا في موسمِ العودةِ
كانتْ تتحرَّاكَ على قارعةِ النصرِ..
وحينَ انفتحتْ كلُّ جهاتِ الأرضِ عن وَجْهِكَ
شاهَدْنا السماواتِ
تلمُّ الصلواتِ البيضَ من محرابِ ذاكَ الوجهِ..
شاهدناكَ طفلاً قادماً في باقةِ الألوانِ والفُرشاةِ
كيْ تصبغَ بِالفرحةِ قرميدَ البيوتاتِ
وموَّالَ الحكاياتِ..
أضاءتْ فضَّةُ الصُبْحِ على جسمكَ
فانسابَتْ قُرى (عامِلَ) في مخملِ ذاكَ الضوءِ..
راحتْ تجتني من فَمِكَ المشمشَ واللوزَ
و(لاءاً) حُرَّةً مفتولةَ الزَنْدَيْنِ..
(لاءاً) لم تزلْ مرفوعةَ الحرفَيْنِ..
شعَّ القَمَرُ الطالعُ من جُرْحِكَ
يروي سيرةَ الجُرْحِ
ووَزَّعْتَ على الوادي
هداياكَ من الجَنَّةِ
أنهاراً.. ثماراً وعصافيرَ
فَلَمْ تبخلْ على (بيَّارةِ) الكَرْمِ
ولم تكسرْ لِحَقْلِ القمحِ خاطِرْ
آهِ!
يا ليتكَ وزَّعْتَ على الأُمَّةِ إيمانَكَ
كي يكتمِلَ الجوهرُ في قاعِ الضمائرْ
أيُّها الزاحفُ نحو (القُدْسِ)
نهراً من دَمٍ يخترقُ التاريخَ..
لا زلتَ ولا زلتَ ولا زلتَ
فتىً تنجبهُ كلُّ الحرائرْ

ريحانة شمران 08-24-2024 06:58 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة رَوَغان اللغز في زئبق التأويل
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,229 مشاهدة

كَسَرَتْ بيضتَها الأرضُ
وألقتْنا إلى السجنِ الترابيّ عصافيرَ حيارىَ
تتدلّى صيحةُ الخوفِ على أفواهنا
مثل تجاعيدَ على خدّ العذارىَ
كيف نشدُو!
ليسَ في المشهدِ أغصانٌ
تُحيِّي روعةَ الشدو فتزدادُ اخضراراَ
ربّما أغنيةٌ تكفي لأنْ تقتلعَ البابَ وتفتضَّ الجداراَ
ربّما أغنيةٌ تكفي..
ولكنْ أينَ نمضي ووراءَ السجنِ تنّينٌ
يبثُّ الرعبَ في الطيرِ إذا اهتزَّ وثاراَ
والمدى يمتدُّ ليلاً سرمديّاً..
كلُّ شيءٍ فيهِ سهرانُ على قارعةِ الوَهْمِ
يخالُ الشُهْبَ عشّاقاً سهارىَ
كلُّ عصفورٍ هُنا بشّرهُ الحبُّ
لئنْ زغردَ أنْ يغدو هزاراَ
واتّفقنا أنْ نُحيلَ السجنَ بستاناً
وأنْ ننثرَ آلافَ الزغاريدِ من القلبِ، بذاراَ
يا رفاقَ القَيْدِ في الزنزانةِ الكُبرى
هلمُّوا نسأل الجدرانَ عمّا نحتَ الماضونَ من خربشةٍ فيها
وما سكُّوا على الأبوابِ أوهاماً كِباراَ
ربّما نكسرُ قيدَ اللُّغزِ
عن أعمارِنا الملقاةِ في الرمزِ
ونهديها من العتقِ سِواراَ
{ { {
ضَحِكَ اللغزُ السماويُّ
وهبّتْ في المدى عاصفةٌ من قهقهاتٍ
قَذَفَتْنا خارجَ الوعي سُكارىَ
صاحتِ السَكرةُ:
إنَّ الموتَ مبراةٌ بكفِّ الدهر..
والأعمار أقلامٌ أُسارىَ
فاكتبُوا أسماءَكُمْ في الدفترِ السُفليّ بالأخضرِ..
روُّوا جرّة الفخّارِ..
هذا النبعُ لا يوردُ إلا مرّةً واحدةً
لن تردُوا النبعَ مِراراَ
خامَرَتْنا فتنةٌ تكشفُ عن نَهْدٍ
على الغيّ استدَاراَ
فانتشى الماءُ المُعَنّى
وتَنَادَمْنا معاً كي نطردَ الشيبَ
وأدلَيْنا المناقيرَ وخَمَّرْنا الجراراَ
{ { {
بيضةُ الفتنةِ لا تحضنُها إلا الثعابينُ
فلا بُدَّ إذنْ أن تُخلقَ الأُنثى
لكي تكتملَ الفتنةُ في الأرضِ وتشتدَّ اختباراَ
شهقَ الإبداعُ في أيقونةِ الخالقِ
حيثُ الطينُ مسبوكٌ من الرغبةِ..
والإكسيرُ في أقصى تجلّيه ابتكاراَ
وسمعنَا داخلَ المخلوقِ
- من فرطِ اغتلامِ الروحِ - للطينِ خُواراَ
فسألنا:
جنّةً أبدعتَ - يا ربَّاهُ - أم أبدعتَ ناراَ؟؟
أطفأتْ نشوتَنا الأنثى
ولم تتركْ من النشوةِ في أجسادِنا إلا خُماراَ
كم تشاجَرْنا على الوِرْدِ
وكانتْ رشفةٌ واحدةٌ تكفي
لأن تستنهضَ الريشَ وتُهديه المداراَ
كلُّ طيرٍ يدّعي النبعَ ولا يعلمُ أنَّ النبعَ غاراَ
ما تبقّى غيرُ وَهْمِ الماءِ مطوِيّاً على المنثورِ من ريشِ (الحُباَرَى(
يا عصافيرَ ستأتي بعدَنا
تلتقطُ الوهمَ وتجترُّ الشجاراَ
حاذروا أنْ تسقطُوا في ظلّنا الملقى
على الشطآنِ أشواكاً صِغاراَ
نحنُ لا ندري:
أَجئنا النبعَ بالإكراهِ أمْ جئنَا اختياراَ؟؟
ظمأٌ خامَرَنا في عتمةِ الآزالِ
فانشقّ المدى عن سربنا الحيرانِ
يقتادُ مع الماءِ حواراَ
ثرثراتُ الموجِ للشاطئِ
لم تبلغْ بِنا الأسبابَ..
لم ترفعْ عن الغيبِ سِتاراَ
فانزلَقْنا في الأساطيرِ..
دخَلنا في دفوفِ (الزارِ)..
أصبحنا دراويشَ على أرصفةِ الغيبِ
وشيّدْنا من الوحشةِ داراَ
{ { {
كان لا بُدّ من المعبدِ
كي نشعلَ في الوحشةَ رُمّاناً ونُذكي جُلّناراَ
لم نُفِقْ إلاّ على التنيّنِ
في رابعةِ الشمسِ على السجنِ أغاراَ
شدّ فكّيْهِ على أجملِ عصفورٍ
ووَارَاهُ بعيداً وتوارىَ
من سيُنهي موقفَ الحيرةِ بينَ السجنِ والتنّينِ..
من يفتحُ ما بينهما ثقباً ويهدينا الفراراَ؟؟
صاحَ عصفورٌ ظننّاهُ من الجنِّ
على أجنحةِ المجهولِ طاراَ:
لا تخافوا.. فأنا الفنُّ..
أنا من وَسَمَ التنّينَ في الهامةِ
فاهتزَّ ليَ الخلدُ وأبقاني على قمّتِهِ الكُبرى مناراَ
لا تخافوا.. فأنا الناطقُ باسمِ الشمسِ منذُ الأبجديّاتِ
أنا من زوّجَ (الجوديَّ) و(الفُلكَ)
غداةَ ارتفعَ (الطوفانُ) و(التنّورُ) فاراَ
يا رفاقَ القيدِ.. إنَّ الفنَّ جرحٌ في جبينِ الموتِ
فافتنُّوا على القيد صموداً واصطباراَ
{ { {
لم نخلْ أنْ يُخلقَ الوحشُ عقاباً للخطايا..
كلُّ طيرٍ مسّهُ المسخُ على قَدْرِ خطاياهُ احتقاراَ
ريشُنا الأعرجُ حطّتْ فوقَهُ شيخوخةُ الهمِّ
فما يسبحُ في رحبِ المدى إلا ادّكاراَ
سخرتْ أُنثى العصافير من الأجنحةِ الشمطاءِ
وافترّتْ على السربِ المسجّى
تتهجّاهُ انحناءً وانكساراَ
نحنُ يا أنثى اشتعالٌ أبديٌّ..
ما انطفأنا منذُ هاجَ الشبقُ الأحمرُ
في الكونِ الذكوريّ
وأومأنَا إلى الشهوةِ: زيدِيه احمراراَ
لم نزلْ نحصي انهياراتِ المدى
تحتَ جناحِ الشمسِ..
مشغوفينَ بالتحليقِ في رغبتِنا
حتّى إذا استدرجَنا الغصنُ نزلناهُ مطاراَ
لم نَخُنْ شهوةَ عنقودٍ
تدلّى من يدِ الحقلِ يُناجينا: اعتصاراَ
{ { {
عبثاً نحلمُ بالنشوةِ..
بالفتحِ الذي يخترقُ الذاتَ ويجتازُ الحصاراَ
يا رفاقَ القيدِ.. هل من فكرةٍ
تبلغُ من نبعِ السماواتِ قراراَ؟
كم دخلنا غابةً من فلسفاتٍ
واحتطبنا شجرَ الحكمةِ كي نوقدَ في المجهولِ ناراَ!
كلّما حنّتْ مرايانا إلى السرِّ
تمادى زئبقُ التأويلِ في شطحتهِ الكُبرى
فما نُمْسِكهُ إلا انبهاراَ
هكذا جُزْنا الليالي
وتناسَلْنَا على وجه مراياها غُباراَ
يعبرُ الدهرُ
وما أعمارُنا إلا محطّاتٌ تُجيدُ الانتظاراَ
وعلى سُكّتِنا العمياءِ
تعوي عرباتُ القهر ذؤباناً وتمتدّ قطاراَ
أيّها السرُّ.. افتِنا عن موعدِ الرحلةِ..
عن تذكرةٍ يقطعُها الغيبُ لنا
سوداءَ مثل الشمسِ لم تصنعْ نهاراَ!!

ريحانة شمران 08-24-2024 06:58 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة المتنبي كون في ملامح كائن
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
582 مشاهدة

سارٍ.. يُفَتِّشُ بعْضُهُ عن كُلِّهِ

ويلُمُّ ما تُوحي نبوءةُ لَيْلِهِ

مُتَبَتِّلاً للنفْسِ منطلقاً بهِا

يجلو صبابةَ عاشقٍ مُتَأَلِّهِ

لاحَتْ لهُ نارٌ فقال لنفسِهِ

ما قالَهُ (موسى الكليمُ)لأَهْلِهِ

ومشىَ إلى النار/النبوءةِ حافيا

لتَشُبَّ نارُ الانتظارِ بنَعْلِهِ

ورأى الجمالَ قصيدةَ الله التي

من أَجْلِهاَ بَدَأَتْ متاهةُ رُسْلِهِ

فمضَى على طُرُقِ المتاهةِ.. لا تَرَى

غيرَ القوافي يضطربنَ برَحْلِهِ

ساهٍ كما يسهو الخليلُ إذا صَحَتْ

إشراقةُ الذكرَى فحَنَّ لخِلِّهِ

**

**

من قلبِ محفظةِ النخيلِ تَوَهَّجَتْ

عيناهُ: عنوانُ (العراقِ) ونَخْلِهِ

وكساَ مصائرَهُ السَّوادُ كأنَّما

تلك المصائرُ حفنةٌ من كُحْلِهِ

غَزَلَ الرحيلَ وأَلْبَسَ البَرَّ الخُطَى

فسَرَتْ خُطاَهُ وما غَدَرْنَ بِغَزْلِهِ

في غربةٍ هُوَ والحصانُ.. فطالما

شَعَرَ الحصانُ بغربةٍ في تَلِّهِ

صَحَتِ الرِّمالُ على انقلابٍ أسمرٍ

تَتَحَدَّثُ الفصحَى حماحمُ خَيْلِهِ

لَمَحَتْ بهِ الصحراءُ هيأةَ فارسٍ

عَبَرَ الجحيمَ وجاءَها من هَوْلِهِ

ينقادُ في ظِلِّ الملوكِ.. وحينما

دَنَتِ الحقيقةُ قادَهُمْ في ظِلِّهِ

جمَحَتْ قصائدُهُ.. وكلُّ قصيدةٍ

تستنفرُ التاريخَ من إِسْطَبْلِهِ

في هيبةِ الإعصارِ.. سَلَّ على المدَى

سيفَ الهبوبِ وشَقَّ مِعْدَةَ رَمْلِهِ

ما انفكَّ يقتحمُ الزمانَ وكلَّما

مَدَّ الخُطَى رَكَلَ السنينَ بِرِجْلِهِ

شبحٌ بشريانِ الخلودِ مسافرٌ

أبداً يُقصِّرُ من مسافةِ جَهْلِهِ

هُوَ كالمدارِ حكايةٌ لا تنتهي

والفصلُ فيها لا يعودُ لأَصْلِهِ

**

**

كَمَنَ الرُّماَةُ لهُ وراءَ نبالهِمْ

كلٌّ يُعَلِّقُ تُهْمَتَيْنِ بِنَبْلِهِ

كَمَنوا لهُ في القوسِ.. قوسِ ظلامِهِم..

فافترَّ عن سهمٍ يضيءُ بنَصْلِهِ

ما مَدَّ حبلَ رُؤاَهُ في أُفُقِ الرُّؤَى

إلا وأَلْفُ طريدةٍ في حَبْلِهِ

غربالُهُ نَخَلَ الحروفَ فلم يَدَعْ

حرفاً يُكَلِّفُهُ النَّشازُ بِحَمْلِهِ

نشوانُ ما ارْتجفَتْ يداهُ برِيشَةٍ

إلا كما ارتجفَ الصباحُ بِطَلِّهِ

يَتَأَبَّطُ الرُّؤياَ بمنتصف الأسَى

بين اعتزالِ الفيلسوفِ وعَزْلِهِ

ما غاصَ في الملكوتِ إلا عائداً

للذَّاتِ ينقشُ شكلَها في شَكْلِهِ

ضَرَبَ الترابَ براحةِ اللغةِ التي

كَشَفَتْ على الرُّؤْياَ ملامحَ فَأْلِهِ

فرَأَى من الأقدارِ كلَّ صنوفِها

وأشاحَ عن قَدَرٍ ينمُّ بقَتْلِهِ

أَيَخُونُهُ الشِّعرُ الحبيبُ.. ومَنْ رَأَى

عَسَلاً تَوَرَّطَ في خيانةِ نَحْلِهِ؟!

**

**

همَسَتْ لهُ الدنيا بصوتِ حبيبةٍ:

كُتِبَ الهوَى فَرْضاً عليكَ فَصَلِّهِ

فاختارَ ماءَ وضوئِهِ من جدولٍ

تَقِفُ الحياةُ على شواطئِ غُسْلِهِ

فإذا عروسٌ ذَيَّلَتْ فستانَها

بالمغرياتِ وغازَلَتْهُ بذَيْلِهِ

فدَناَ ومال على العروسِ برغبةٍ

لم تَرْضَ من ذاك الرداءِ بفَضْلِهِ

خَطَفَ الحياةَ بكلِّ زينتِها التي

تزهو، وأكملَها بزينةِ قَوْلِهِ

**

**

ضيفٌ على العصر المُخَضَّبِ بالرَّدَى

منذ الحروب تناسَلَتْ في نَسْلِهِ

ثَقُلَتْ عباءتُهُ عليهِ كأنَّها

حمَلَتْ من التاريخ كاملَ ثِقْلِهِ

مال الغريبُ على عصاهُ فأَوْرَقَتْ

فيها الصبابةُ لاحتضانةِ مَيْلِهِ

ومضَى يُحَصِّنُ عصرَهُ بشمائلٍ

أضفَى عليها الشِّعرُ شيمةَ نُبْلِهِ

في تربةِ الكلماتِ عَمَّقَ حَرْثَهُ

فتَنَزَّهَتْ كلُّ العصورِ بِحَقْلِهِ

هو ذاك يسكنُ في الزُّهورِ فلم يزلْ

ما بين زنبقِهِ يتيهُ، وفُلِّهِ

كونٌ تَأَلَّقَ في ملامحِ كائنٍ

وتَهَتَّكَتْ فيهِ عناصرُ وَحْلِهِ

**

**

يا حارقَ الكلماتِ في تعويذةٍ

نَشَرَتْ بَخُورَ حروفِها مِنْ حَوْلِهِ

في الشِّعرِ يحتفلُ الوجودُ بقِصَّةِ ال−

تكوينِ.. فادخلْ بي مجَرَّةَ حَفْلِهِ

ف (أنا) كَ(أنتَ).. تعبتُ من عَبَثِيَّتي

في فَهْمِ مفتاح الوجودِ وقُفْلِهِ

ورجعتُ أحصدُ عُشْبَ خيبتِكَ الذي

ما انفكَّ يُغري المبدعين بأَكْلِهِ

إنَّ الجنونَ وقد رآكَ أَباً لهُ

ما زال يمنحُني هُوِيَّةَ نَجْلِهِ

بئسَ الرجولةُ إِذْ تهادنُ وَعْيَها

وتضيقُ بالنَّزَقِ الشَّقِيِّ وطِفْلِهِ!!

فأنا المشرَّدُ في متاهةِ فجوةٍ

بين انفعالِ دمي وقِلَّةِ فِعْلِهِ

حيران يلدغُني التَّوَجُّسُ كلَّما

في خاطري دَبَّتْ قوافلُ نَمْلِهِ

نغمي امتدادُ صدَى جنينٍ ساقطٍ

عن عرشِهِ السِّريِّ ساعةَ فَصْلِهِ

ما انفكَّ يفتنُني السؤالُ فقادَني

ك(السَّامريِّ) إلى عبادةِ (عِجْلِهِ)ِ:

أيُّ الهواجسِ في الغيوبِ نَصَبْتَهُ

فظَفِرْتَ من جَبَلِ الغيوبِ ب(وَعْلِهِ)؟!

أيُّ الهواجسِ في البيانِ حَقَنْتَهُ

فوَقاَكَ من جَرَبِ الزمانِ وسُلِّهِ؟!

أيُّ الهواجسِ − منذُ ألفِ فجيعةٍ −

ما زال باسمِكَ ممعناً في شُغْلِهِ؟!

ماضٍ إلى أقصَى الجَماَلِ ومنتهَى−

لُغَةٍ يغازلهُا الجمالُ بوَصْلِهِ

يَثِبُ السؤالُ على ندائِكَ كلَّما

بَرَكَ السؤالُ على مرابضِ حَلِّهِ

ويَعِيشُكَ المعنَى خصوبةَ موسمٍ

ما بين تَرْحاَلِ الخيالِ وحِلِّهِ

والرملُ يبحثُ عن هُوِيَّتِهِ التي

قَضَمَتْ ملامحَها براثنُ مَحْلِهِ

فجَمَعْتَ حَوْلَكَ أُمَّةً من أَحْرُفٍ

أَرْكَبْتَهاَ في الحِبْرِ صهوةَ سَيْلِهِ

ومضيتَ تجتاحُ الخريطةَ حالماً

أنْ يستعيدَ الرملُ لَمَّةَ شَمْلِهِ

فإذا الفلاةُ قَسَتْ عليكَ بِجَمْرِها

آوَيْتَ للمعنَى تُنِيخُ بِظِلِّهِ!

خَفِّفْ عليكَ الحُلْمَ ثِقْلَ قصيدةٍ..

كم كان حُلْمُكَ مُفْرِطاً في ثِقْلِهِ!

عَجِزَتْ خيولُ (الرُّومِ) عنك فلم تَطَأْ

مأواكَ في جَبَلِ البيانِ وسَهْلِهِ

وغَزاَكَ من كفِّ (ابنِ عَمِّكَ) خنجرٌ

سكرانُ ما طُعِنَ الوفاءُ بمِثْلِهِ

هِيَ (رِدَّةٌ)أخرَى أفاقَ سرابُها

فإذا (مُسَيْلِمَةٌ) يَهِمُّ بِنهْلِهِ

وإذا الدَّوِيُّ يصكُّ أسماعَ المدَى

من كلِّ (مُرْتَدٍّ) يَدُقُّ بطَبْلِهِ

قَتَلُوكَ كي تَلِدَ الحكايةُ نَفْسَها

وصدَى الهديرِ يعيدُ قِصَّةَ فَحْلِهِ!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:01 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة هدهد لظاك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
561 مشاهدة

هَدْهِدْ لَظاك.. إلى متى الغليان!!!

حُمَّتْ بِوهج جراحك الأزمان

وتفجّر التاريخُ باسمك ثورةً

تجري وراء ركابها النيران

غضبان تقتحم العصور كأنّما

يرميك من أحشائه بركان

وأنا وراءك شعلةٌ أبديّة

في صدرها يتألَّقُ الإيمان

أختالُ في النار الّتي كتبت على

عينيَّ، أنّك للقلوب جنان

وأذوبُ في القبس المطرَّز جمره

بهواك حيث يقدَّس الذوبان

يا حاطم الأوثانِ إنَّ حطامها

اتحدت قواه وعادت الأوثان

عادت ويا للويل أيّة عودة

في خطوها تتأنّق الأضغان

ورسالة النور التي انطلقت على

كفَّيك تاه بمدّها العنوان

وبقيت أنت هواجساً قدسيّةً

تشتاق لو غمر الحياة أمان

تتواثب الأكفان فيك وان تكن

نسجت لغير جلالك الأكفان

وتهزّك الأرض التي يقتادها

ظلمٌ فلا يتمرَّد الدوران

إيهٍ أمير المتعبين... إلى متى

تبقى، وهمُّ ضميرك الإنسان

ما زال يربطك الشقاء بأهله

عبر الهوى، ويشدُّك الحرمان

أدمنت في عشق السماء كرامةً

للأرض... بورك ذلك الإدمان

وفتحت صدرك للشجونِ... وحسبُها

ما عانقته بصدرك الأشجانُ

هي صرخةُ النور استفاق سعيرها

في جانحيك فثارت الألحان

وتوثّبتْ فإذا الحياة ينيرها

نبضٌ بروحك مبدعٌ فنَّانُ

ألقى عليَّ ظلاله فتردّدت

بخطوطي الفرشاةُ والألوان

وعلى انتفاضات التحرُّر في دمي

عكفت تقيم طقوسه الأوطان

وتنفَّس المستضعفون فزجَّ بي

مابين أوردة اللظى طوفان

واهتزَّ في وكر الحروف على فمي

نسرٌ وهرولَ في دماي حِصَانُ

يا سيِّدي... أيهزُّ سمعك صادحٌ

بالشعر يزعم أنّهُ كروانُ؟!

أتطيبُ نفسكَ حين يورِقُ مجمرٌ

بالمدح فيك وينتشي فنجانُ؟!

حاشاك إنّك ما انطلقت قوادماً

نوراء كي يزهو بك الطيران

لكن لتسكبَ في الشموس صفائك ال

أزليَّ حين يعوزُها اللمعان

حاشاك إنّك ما انهمرت مواهباً

روحيَّةً ليحوطك العرفان

لكن لتشربك النفوس فيرتوي

فيها الحمام ويظمأُ الثعبان

يا سيّدي.. وكأنَّما انسلخ المدى

ممّا غرستَ، وأجهضَ الوِجدانُ

هذي الحقيقة لا تزال عروقها

ظمآى يكادُ يعقُّها الخفقانُ

وتكاد تُتَّهم الورود بحسنها

والنخل بالكرم الأبيِّ يدان

يا سيّدي... هدهد لظاك فلم يكن

ليذيب من آلامنا الغليان

ما دام يشجيك "ابن آدم" إن شكا

ألماً وصودر من يديه حنانُ

يا سيّدي... والشعر أصلب ساعداً

من أن تكتّف عزمه الأثمان

الشعر أبعد في انطلاقه روحه

من أن تحاصر أفقه القضبانُ

الشعرُ أنت أبوهُ في شرع الهوى

ومتى استساغ عقوقك الولدانُ؟!!

الشعر ما برحت تؤجُّ عروقه

بدماك حيث ترعرع القرآن

والمتعبون أمانةٌ أودعتها

بضميره وسيخسأُ الخوّانُ

ستموت في الميلاد كلُّ قصيدةِ

لم يكسُها بشقائِه عريانُ

ستموت في الميلاد كلُّ قصيدةٍ

لم يرتجفْ في عُمْقِها جوعانُ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:02 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة ما زال في الأرض
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
508 مشاهدة

ما زال في الأرض ما يكفي من الغيب

لكي أظلّ غريقاً فيك يا ربي

كل الذين لك انقادوا على ولهٍ

قد استعاروا دمي واستأجروا قلبي

أقسمت بالحب أن أجتث من عضدٍ

يمناي لو أغلقت باباً على الحب

خط استواء الهوى في كل خارطة

للكون يمتد من جنبي إلى جنبي

خوفاً على الأرض خوفا من تدحرجها

بالخلق علقتها في عروة الهدب

لو يكبر الناس في حبري وفي قلمي

ضاعفت أعمارهم بالجمع والضرب

عندي من الحب ما يكفي ليمنحني

حصانة النفس ضد الزهو والعجب

خذني إليك إلى نجوى سواسية

في مسجد القرب أو في حانة القرب

ما دمت أشرب قرباً منك يسكرني

فالأصرف العمر بين السكر والشرب

أغنيتني بك في روحي فلا عتب

إذا افتقرت وعاش الفقر في جيبي

معي مفاتيح بيت الشعر أحملها

كي أفتح الكون من قطب إلى قطب

يا رب يوسف هل شئت السقوط له

في عتمة البئر كي ينجو من الذنب

خذني لنجواك واشطبني بصاعقة

واكتب لقاءاً لنا في آخر الشطب

لي حجة فيك ما أدركت كعبتها

فلم تزل رحلتي في أول الدرب

أمشي مع الركب لا يمشي سوى جسدي

لكنما الروح مالت خارج الركب

لا أدعيك لنفسي إن جنتها

تضيق عن كل هذا الماء والعشب

روحي تفتش كالأرواح عن وطن

أعلى يوحد بين الله والشعب

كل الكروم تذوقنا حلاوتها

فما وجدنا غنىً عن كرمة الغيب

والأرض جبٌ سقطنا وسط عتمته

مفرقين بشرق الجب والغرب

قال النبيون لموا شمل فرقتكم

فلمة الشمل تجلوا عتمة الجب

لم ندرك السر في مغزى رسالتهم

فارتد ساعي بريد الحب بالحرب

هذي التسابيح تطفوا من حناجرنا

كي تغسل الأفق من خوف ومن رعب

والأرض تشتاقنا نبني معابدها

حتى نحررها من قبضة الذئب

كل الحقول العطاشى في مآذنها

تصيح حي على الغيمات والسحب

والنخل لم يرتفع يوماُ بقامته

إلا ليرتق ما في الأفق من ثقب

يا رب ها أنا مجذوب تخطفني

في حلقة الوجد أشكال من الجذب

من غبطة الريح من أنفاس غبطتها

من خضرة الماء من نافورة الخصب

في صفحة الكون آيات مسطرة

ترويك أوضح مما جاء في الكتب

كل الإشارات أغرتني لأتبعها

إليك في زحمة الأسرار والحجب

وأخوتي خوفوني منك يا أبتي

خوفا يجفف ماء الخلق في صلبي

ضيعت في السر ذاتي من ملامحها

لم أبلغ الذات إلا خارج السرب

كثافة الله في نفسي يضاعفها شكي

فلا بد من شك ومن ريب

لا بد لي من سؤال في طفولته

يبقى وإن ساقني عمري إلى الشيب

لا بد لي من سؤال خالد أبداً

يشدني لك بالإيمان يا ربي

ريحانة شمران 08-24-2024 07:02 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة أنّى التفتّ فثمّ إسمك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
457 مشاهدة

للحُبِّ (مُزْدَلَفٌ) لديكِ و(مَشْعَرُ)

أنا ذا (أَحُجُّ)كِ مُغْرَماً و(أُقَصِّرُ)

أنا ذا أسوقُ الرُّوحَ نحو منابعِ ال

تقوَى فروحيَ وردةٌ تَتَصَحَّرُ

آتٍ على وَلَهٍ وملءُ حقيبتي

مسكٌ من الرُّؤيا يضوعُ، وعنبرُ

أطفأتُ من جسدي المُزَوَّرِ زَيْفَهُ

وأَتَيْتُ يحملُني إليكِ الجوهرُ

وظَنَنْتُني أمضي إلى قَمَرِ السَّما

فوَجَدْتُني أمضي لِماَ هُوَ أَقْمَرُ

يُوحَى إلَِيَّ الآنَ وحيَ نُبُوَّةٍ

وهواكِ يحضنُ رعشتي ويُدَثِّرُ

هذا أنا أعلنتُ حظرَ تَجَوُّلي

في الطيشِ وابتدأَ الحصارُ الخَيِّرُ

ودخلتُ بيتَكِ في القصيدةِ خادماً

طوعَ البيانِ.. يغارُ مِنِّيَ (قنبرُ)

ومشيمةُ التاريخِ تُطعِمُني الهَوَى

من حبلِ صبوتِيَ الذي لا يُبتَرُ

ما كَرَّرَتْني في هواكِ سلالتي

فالحبُّ مثلُ الرُّوحِ لا يَتَكَرَّرُ

يا قِصَّةَ التُّفَّاحِ.. خيرُ رُواَتِها

في الخالدينَ: رحيقُها والسُّكَّرُ

حَبِلَتْ بِكِ الذكرَى كأنَّ (خديجةً)

تنسلُّ في وجع المخاض وتُحشَرُ

وكأنَّها في الطَّلْقِ تُطلقُ أنجماً

من ثغرِها فإذا المجرَّةُ تُزهِرُ

وهنالك ارتفع الحجابُ عن المدى

وانسلَّ من رحم السماء (الكوثرُ)

واستقبلتكِ يَدُ الحياةِ تَحِيَّةً

يخضرُّ في يَدِها الزمانُ الأصفرُ

سأُبَخِّرُ الميلادَ.. إنَّ حشاشتي

جمرٌ وأشجارُ الضلوعِ صنوبرُ

فأنا انتظرتُكِ كانتظارِ (محمَّدٍ)

وأنا انتشيتُ كما انتشَى بِكِ (حيدرُ)

قَدَّمتُ قرباناً إليكِ مشاعري

ما أكذبَ الشعراءَ إنْ لم يَشْعُروا!

هذي هِيَ الكلماتُ بين أناملي

وردٌ بقاموسِ الربيعِ مُسَطَّرُ

من معجزاتِ الحبِّ: مولدُ وردةٍ

من كِلْمَةٍ.. فإذا الحديقةُ دفترُ!

وإذا الفراشةُ فكرةٌ قُزَحِيَّةٌ

تنسابُ عن ألق البيانِ وتخطرُ

وإذا الهوى في كلِّ ما هُوَ كائنٌ

لغزٌ كلُغزِ اللهِ ليس يُفَسَّرُ

يا حَبَّةَ القمحِ التي انْفَلَقَتْ على

كفِّ العصورِ سنابلاً تَتَخَمَّرُ

صوتُ ابتهالِ الجوعِ يصرخُ في

ورَحاَكِ ما زالَتْ تدورُ وتهدرُ

ما زال في التَّنُّورِ خبزُ

تقتاتُ منه على يديكِ، الأعصرُ

سِيَّانِ منكِ: رغيفُ قمحٍ أسمرٌ

نحيا بِهِ، ورغيفُ عشقٍ أحمرُ!

يا همسَ مِسْبَحَتي على شَفَةِ التُّقَى

والرُّوحُ في أورادِها تَتَطَهَّرُ

إنْ صحتُ: (فاطمةٌ) أجابَنِيَ المدَى

عبر الجهات وشَعَّ ضوءٌ أخضرُ

فهناك (فاطمةٌ) و(فاطمةٌ) هنا

أنَّى الْتَفَتُّ فَثَمَّ إِسْمُكِ نَيِّرُ

إسمٌ بهِ اتَّحَدَ الوجودُ كأنَّما

في سرِّ أَحْرُفِهِ المَجَرَّةُ تُبْحِرُ

هُوَ نشوةُ الأسماءِ لو هِيَ تُنْتَشَى

وعصارةُ الأسماءِ لو هِيَ تُعْصَرُ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:03 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة في كل عضو منك روح تقى
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
360 مشاهدة

في كلِّ عضوٍ منكِ روحُ تُقىً

تُضفِي عليه جمالَهُ الأنقَى

فكأنَّ خصرَكِ وَسْطَ عُزلَتِهِ

مُتَصَوِّفٌ لِلعالمِ الأبقى

وكأنَّ جِيدَكِ في استقامتِهِ

مُتَمَسِّكٌ بالعروةِ الوثقى

في الخَصرِ ما في الجِيدِ من وَرَعٍ

لا تسألي مَن منهما الأتقى

وجوارحي بِهَواكِ قد غَرِقَتْ

فأنا هنا سَيلٌ مِنَ الغرقَى

وأنا الضحايا في حقيقتِهم

لا تَطلُبِي من غيرِهِم صِدقا

هيا اعشقيني كي يُتاحَ لنا

أن نستعيدَ لِنَفسِنا الخَلْقَا

إن لم تَخُوضِي البحرَ ذات هوىً

قبلي ولم تَستَكشِفي العُمْقَا

ففراشةٌ في النارِ واحدةٌ

تكفي لأنْ نتعلَّمَ العِشْقَا

هيا اعشقيني كي نطير إلى

أقصى المدى ونُوَسِّعَ الأفقَا

وعلى العِناقِ نرى مَجَرَّتَهُ

عُنْقاً تَشُدُّ على الهوى عُنقا

زنداكِ ميزانٌ بِثِقْلِهما

يَزِنُ المَدَارُ الغربَ والشرقَا

لا ترفعي زندًا بِمُفرَدهِ

كي لا يميلَ الكوكبُ الأشقى

وتَمَسَّكِي بالشَّوقِ بَوصَلَةً

سنضيع حين نُضَيِّعُ الشَّوقَا

لا تأمَنِي لأصابِعِي فأنا

أدري بأنَّ أصابِعي حَمْقَى

ريحانة شمران 08-24-2024 07:03 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة حديقة بلا غناء
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
344 مشاهدة

لا يَأْنَسُ الطينُ حتَّى يحضنَ الطينا

فلا أريدُكِ ريحانًا ونسرينا

لم ننعقدْ في الهوى نبضًا وعاطفةً

حتَّى انعقدنا بهِ خَلْقًا وتكوينا

مشيئةٌ في ضميرِ الغيبِ واحدةٌ

أَوْحَتْ إلينا معًا: يا أنتُما كُونا!

ننحلُّ في الشوقِ أعمارًا سواسيةً:

نبضُ (الثلاثينَ) في أحشاءِ (خمسينا)!

لنا من الحُبِّ أحلامٌ/‏ملائكةٌ

باتتْ تكابدُ أوهامًا/‏شياطينا!

لا أَنْصَفَتْنَا المقاهي في صداقتِها

بالعاشقينَ، ولا وَفَّتْ (حَوَارِي)نا

فلم نزلْ حيث يَمَّمْنَا لموعدِنا

نعودُ.. لم تكتحلْ مِنَّا مآقينا؟!

نعودُ كالفتيةِ اللَّاهِينَ ما برحوا

حولَ الغوايةِ طَوَّافِينَ سَاعِينا

نحنُ الذينَ سَفَحْنَا روحَ قهوتِنا

في الانتظارِ، وعَذَّبْنَا الفناجينا

بئسَ المواعيدُ رَتَّبْنَا الهواءَ لها

ثُمَّ التقينا مجازًا في قوافينا

في البُعدِ نقدحُ نجوانا كما انْقَدَحَتْ

من شُعلةِ الغيبِ أحلامُ المُرِيدِينا

نشكو الأسَى فتُعَزِّينَا قصائدُنا

حيثُ القصائدُ مِنْ أشجَى المُعَزِّينا

والأرضُ رانَ عليها رُعبُ معدنِها

فراحَ يُثْخِنَ في الأُفْقِ الحساسينا

ما ضَرَّنا لو صَقَلْنَا بعضَنا شَغَفًا؟!

فلم تزلْ تصقلُ السِّكِّينُ سِكِّينا!

زنزانةُ العُمرِ ضاقتْ دونَ أُغنيةٍ..

إنَّ الأغاني يُوَسِّعْنَ الزَّنازينا!

يسمو بنا الذوقُ حيثُ الذوقُ سَلْطَنَةٌ

تُحِيلُنَا بينَ كَفَّيْهَا سلاطينا

لا شيءَ من كَذِبِ الأيامِ يملؤُنا

بالصِّدقِ غيرَ أكاذيبِ المُغَنِّينا

جئنا من الشوكِ.. من ميراثِ قسوتِهِ..

مُضَمَّدِينَ بأوهامٍ تُدَاوِينا

نحنُ البريدُ الذي أقدامُهُ نَفِدَتْ

من الوقودِ ولم يَلْقَ العناوينا

نمشي بأطولِ ما في الأرضِ من طُرُقٍ

ذاك الطريقُ إلى نسيانِ ماضينا

ما ثَمَّ خوفٌ دَخَلْنَا في غياهبِهِ

إلا حَسِبْنَاهُ منفًى من منافينا

والخُلْدُ ما سَرَقَتْ أفعاهُ من فَرَحٍ

معشارَ ما سَرَقَتْ مِنَّا أفاعينا!

تَبَّتْ يدُ الخوفِ! بِتنَا في مدائنِهِ

نكادُ نهربُ حتَّى من أسامينا

نكادُ نغدرُ بالمعنى فما بَرِحَتْ

شفاهُنا تتلوَّى عن معانينا

نكادُ –والنظراتُ/‏الشكُّ تلدغُنا

نرى العيونَ يُرَبِّينَ الثعابينا

هذي المدائنُ من فرطِ الوداعِ بها

جَفَّتْ، وجَفَّتْ من التلويحِ أيدينا

مُرِّي على الشجر العاري لنمنحَهُ

من المُنى ما يُطَرِّزْنَ الأفانينا

لا دورَ في الحبِّ يُهدِينَا بطولتَهُ

ما لم نُجَسِّدْهُ أبطالاً قرابينا!

الحبُّ شدَّ بأيدينا بيارقَهُ

فرافقيني لنجتاحَ الميادينا

آلامُنا تتربَّى في حناجرِنا

بين المواويلِ أطفالاً وسيمينا

حَسْبُ الشوارعِ أن نكسو ملامحَها

ملامحَ الحبِّ كي تغدو بساتينا

قُومي، نُمَشِّطُ إحساسَ الرصيفِ بنا

إذا عبرناهُ ثُوَّارًا مجانينا

نحيا فُروسِيَّةَ العُشَّاقِ إنْ حَمِيَتْ

أشواقُنا.. إنَّ للأشواقِ (حِطِّينَا)!

سِيَّانِ –والحبُّ لم يبرحْ يُطَيِّرُنا

طِرنَا عصافيرَ أو طِرنَا بَوَالِينا!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:09 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة حديقة بلا غناء
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
344 مشاهدة

لا يَأْنَسُ الطينُ حتَّى يحضنَ الطينا

فلا أريدُكِ ريحانًا ونسرينا

لم ننعقدْ في الهوى نبضًا وعاطفةً

حتَّى انعقدنا بهِ خَلْقًا وتكوينا

مشيئةٌ في ضميرِ الغيبِ واحدةٌ

أَوْحَتْ إلينا معًا: يا أنتُما كُونا!

ننحلُّ في الشوقِ أعمارًا سواسيةً:

نبضُ (الثلاثينَ) في أحشاءِ (خمسينا)!

لنا من الحُبِّ أحلامٌ/‏ملائكةٌ

باتتْ تكابدُ أوهامًا/‏شياطينا!

لا أَنْصَفَتْنَا المقاهي في صداقتِها

بالعاشقينَ، ولا وَفَّتْ (حَوَارِي)نا

فلم نزلْ حيث يَمَّمْنَا لموعدِنا

نعودُ.. لم تكتحلْ مِنَّا مآقينا؟!

نعودُ كالفتيةِ اللَّاهِينَ ما برحوا

حولَ الغوايةِ طَوَّافِينَ سَاعِينا

نحنُ الذينَ سَفَحْنَا روحَ قهوتِنا

في الانتظارِ، وعَذَّبْنَا الفناجينا

بئسَ المواعيدُ رَتَّبْنَا الهواءَ لها

ثُمَّ التقينا مجازًا في قوافينا

في البُعدِ نقدحُ نجوانا كما انْقَدَحَتْ

من شُعلةِ الغيبِ أحلامُ المُرِيدِينا

نشكو الأسَى فتُعَزِّينَا قصائدُنا

حيثُ القصائدُ مِنْ أشجَى المُعَزِّينا

والأرضُ رانَ عليها رُعبُ معدنِها

فراحَ يُثْخِنَ في الأُفْقِ الحساسينا

ما ضَرَّنا لو صَقَلْنَا بعضَنا شَغَفًا؟!

فلم تزلْ تصقلُ السِّكِّينُ سِكِّينا!

زنزانةُ العُمرِ ضاقتْ دونَ أُغنيةٍ..

إنَّ الأغاني يُوَسِّعْنَ الزَّنازينا!

يسمو بنا الذوقُ حيثُ الذوقُ سَلْطَنَةٌ

تُحِيلُنَا بينَ كَفَّيْهَا سلاطينا

لا شيءَ من كَذِبِ الأيامِ يملؤُنا

بالصِّدقِ غيرَ أكاذيبِ المُغَنِّينا

جئنا من الشوكِ.. من ميراثِ قسوتِهِ..

مُضَمَّدِينَ بأوهامٍ تُدَاوِينا

نحنُ البريدُ الذي أقدامُهُ نَفِدَتْ

من الوقودِ ولم يَلْقَ العناوينا

نمشي بأطولِ ما في الأرضِ من طُرُقٍ

ذاك الطريقُ إلى نسيانِ ماضينا

ما ثَمَّ خوفٌ دَخَلْنَا في غياهبِهِ

إلا حَسِبْنَاهُ منفًى من منافينا

والخُلْدُ ما سَرَقَتْ أفعاهُ من فَرَحٍ

معشارَ ما سَرَقَتْ مِنَّا أفاعينا!

تَبَّتْ يدُ الخوفِ! بِتنَا في مدائنِهِ

نكادُ نهربُ حتَّى من أسامينا

نكادُ نغدرُ بالمعنى فما بَرِحَتْ

شفاهُنا تتلوَّى عن معانينا

نكادُ –والنظراتُ/‏الشكُّ تلدغُنا

نرى العيونَ يُرَبِّينَ الثعابينا

هذي المدائنُ من فرطِ الوداعِ بها

جَفَّتْ، وجَفَّتْ من التلويحِ أيدينا

مُرِّي على الشجر العاري لنمنحَهُ

من المُنى ما يُطَرِّزْنَ الأفانينا

لا دورَ في الحبِّ يُهدِينَا بطولتَهُ

ما لم نُجَسِّدْهُ أبطالاً قرابينا!

الحبُّ شدَّ بأيدينا بيارقَهُ

فرافقيني لنجتاحَ الميادينا

آلامُنا تتربَّى في حناجرِنا

بين المواويلِ أطفالاً وسيمينا

حَسْبُ الشوارعِ أن نكسو ملامحَها

ملامحَ الحبِّ كي تغدو بساتينا

قُومي، نُمَشِّطُ إحساسَ الرصيفِ بنا

إذا عبرناهُ ثُوَّارًا مجانينا

نحيا فُروسِيَّةَ العُشَّاقِ إنْ حَمِيَتْ

أشواقُنا.. إنَّ للأشواقِ (حِطِّينَا)!

سِيَّانِ –والحبُّ لم يبرحْ يُطَيِّرُنا

طِرنَا عصافيرَ أو طِرنَا بَوَالِينا!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:10 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة قصائدي في مهب العشق قافلة
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
339 مشاهدة

قصائدي في مهب العشق قافلة

من الجنائز أنعاها وتنعاني

شيعتها.. فإذا النجمات تتبعني

والليل يلهث من خلفي، ويغشاني

إن كنتِ لم تعهدي في الأرض مقبرة

تمشي.. فدونك يا حسناء ديواني

كل العناوين موتي دون أضرحةٍ

ووحده الموت في الأحياء عُنواني

هيا اقلبي صفحةً.. لكن علي حذر

إن الذي تقلبين الآن جثماني

رفقاً بهِ.. فهو أسرار مكفنة

بالصمت. محمولة في نعش كتماني

رفقاً بأول جُثمان يُوحَّدنا

في مأتم من مجازاتٍ وأوزانِ

ثم اقلبي صفحة أُخري.. سَيُسعدُني

أني ألاقِيكِ في جثماني الثاني

ريحانة شمران 08-24-2024 07:10 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة وراءَ أروقة الخيام
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
336 مشاهدة

ووراءَ أروقة الخيام حكايةٌ

أُخرى، تتيه طيوفها بجمالِ

فهنالك الأسديُّ يبدع صورةً

لفدائه حوريّةَ الأشكالِ

ويحاول استنفار شيمةِ نُخبةٍ

زرعوا الفلاة رجولة ومعالي

نادى بهم والمجد يشهد أنه

نادى بأعظم فاتحين رجالِ

فإذا الفضاءُ مدجَّج بصوارمٍ

وإذا التراب ملغّمٌ بعوالي

ومشى بهم أسداً يقود وراءه

نحو الخلود كتيبة الأشبالِ

حتّى إذا خِدرُ العقيلة أجهشت

أستارُه في مسمع الأبطالِ

ألقى السلام فما تبقّت نبضةٌ

في قلبه لم ترتعشْ بجلالِ

ومذ التقتْه والكآبة زينبٌ

مخنوقة من همّها بحبالِ

قطعَ استدارةَ دمعة في خدّها

وأراق خاطرها من البلبالِ

وتفجّر الفرسان بالعهد الذي

ينساب حول رقابهم بدلالِ

قرِّي فؤاداً يا عقيلةُ واحفظي

هذي الدموع فإنهنَّ غوالي

عهد زرعنا في السيوف بذوره

وسقته ديمةُ جرحنا الهطالِ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:11 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة رائق مثل أرجيلة في المساء
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
335 مشاهدة

رائقٌ
مثل أرجيلةٍ في المساءِ
يُعَمِّرُهاَ (الكيفُ)
كي يَتَنَفَّسَ فيها المزاجُ تآويلَهُ للحياةْ
رائقٌ
كالدُّخانِ الذي يَتَصاَعَدُ
من فُوَّهاتِ الخراطيمِ
منطلقاً بغنائمِهِ في اتِّجاه الشتاتْ
رائقٌ
كالذي يَتَمَطَّى بحجم المدَى واتِّساَعِ الجهاتْ
ما الذي أشتكيهِ
لأصفعَ وجهَ السماءِ بقهقهةٍ؟
ها أنا
أنتمي للجباهِ التي عَجِزَتْ أنْ ترفَّ
كراياتِ حُرِّيَّةٍ في الوجودِ
ولا هَمَّ لي
غيرَ أنْ أفهمَ السِّرَّ..
سِرَّ العلاقةِ بين سجائرِنا وخسائرِنا..
ها أنا
كلَّ يومٍ أُشَيِّعُ يوماً مضَى
ثمَّ أخرجُ كي أَتَنَزَّهَ
بين حدائقِ هذي الوجوهِ التي يَبِسَ الوقتُ فيها
وأجمعَ بعضَ الثمارِ التي تتساقطُ
من شجراتِ الملامحِ..
لكنَّني لا أرى
غيرَ طيرٍ من الصمتِ
حَطَّتْ على ثَمَرٍ نائمٍ في الغصونْ
وطارَتْ لأعشاشِها المُطْفَآتِ على شُرُفاَتِ الجفونْ
** **
هُوَ الوَهْمُ
ينصبُ لي خيمةً في ضواحيهِ
لكنَّني ها هنا
أَتَجَوَّلُ في اللاَّ مكانِ
فما يعرفُ (الهَجَرِيُّ) إلى أينَ يلجأُ
بعد انحسار (النخيلِ)..
ووجهيَ ليس سوى طابعٍ في بريد الجراحِ
ولكنَّني رائقٌ..
رائقٌ كمزاجِ الصباحِ
إذا حمْحَمَ (الهيلُ) في (دَلَّةٍ)
وأدارَ الفناجينَ شمساً
تضيءُ المسالكَ
لامْرَأَةٍ تحملُ الحزنَ
كيساً على رأسها..
لغريبٍ يدسُّ مدينتَهُ في الرسائلِ
لكنَّهُ يشتكي من خيانةِ بعض الظروفِ..
وللوقتِ يلبسُ قمصانَهُ البيضَ
ثمَّ يغادرُ كالطفلِ من بيتِهِ
كي يلاعبَنا في شوارعِ أوهامِنا الواسعهْ
هنا
في المكان الذي يلتقي اليأسُ فيهِ بأصحابِهِ
قال لي صاحبي:
عادَتِ الحربُ ثانيةً..
قالهَا
ثمَّ مالَ إلى ظلِّ تنهيدةٍ فارعهْ
فقلتُ:
جرحتَ فؤادَ العبارةِ..
فالحربُ يا صاحبي لا تعودُ
ولكنَّ أُخرَى تجيءُ..
تُفَتِّشُ ما بيننا عن ضحايا/جراحٍ /أنينٍ...
لتنحتَ في صخرةِ الوقتِ شكلَ قيامتِها الفاجعهْ
ونبقَى..
إذا ما انْحَرَفْناَ عن الموتِ..
نبقَى وقوفاً على ضِفَّةِ (القارعهْ)
** **

ريحانة شمران 08-24-2024 07:11 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة ثمالة الأمل
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
331 مشاهدة

وهج القباب أم المصير المُتعبُ

ذاك الذي لكِ شدّني يا يثربُ

فأتيت أرفل في الشقاء يزفّني

ما بين أشباح المتاهة موكب

تتسكع الآهات بين جوانحي

والأبجدية في دمائي تنحب

وأجنّة الأحلام حين تهزّها

نجواك يرعش روحها المتكهرِب

أترى النخيل اليثربية لم تزل

تلك التي تلد الشموخ وتُنجب

أم شكَّها سهم الزمان فأينعت

جرحاً به المستضعفون تخضَّبوا

وأتوكِ من حيث الرجولة لم يزل

تأريخها بدم الكرامة يشخب

يتلمسون ثمالة الأمل الذي

كانت على يده الجراحة تُخصِب

يا طيبة النصر المنوَّر ما لوى

أبطاله عبر المجاهل غيهب

فإذا السماء تصبُّ في خلجاتهم

حُلُم النبوة جامحاً يتلَهَّب

حتى إذا صقلوا تُرابك وازدهت

ممّا تناثر من سناه الأحقب

وقفوا على حدّ الرماح منائراً

تمتدّ في اُفق الحياة فيُعشب

يا طيبة النصر الذي في شوطه

أفنى فُتوته النضال الأشيب

وتنفَّست عبق الفتوح رسالة

فيها تصاهرت السماء ويعربُ

وافتْكِ يرتجل الصلابة ساعد

منها ويبتكر العزيمة منكبُ

ومُذ اقتحمت بها الحياةَ على خطى

طه يشدُّكِ للفلاح ويجذب

شحذ الفداء يراعَهُ بكِ وانبرى

يسقيه من حبر الخلود ويكتبُ

حتى إذا يوم الاخاء تفصَّمت

حلقاته وسطت عليه العقرب

نسيَتْ جوامحك العتاق نفيرها

وانهار في دمكِ الصهيل الأشهب

وبقيت للأجيال نبعَ صبابة

ما عاد كوثره يفور ويغضب

ورَنت تطالعُك الدهور فراعها

فتح بماضيك المجيد مُعلَّب

هرّبتهِ طيفاً بذاكرة المُنى

يزهو وهيهات الفتوح تُهَرَّب

نسل الغبار عليه ألفَ قبيلة

راحت تنازعه البريق وتسلب

ويداك لا شمس تغالب فيهما

عصف الشتاء الجاهلي فتغلب

مُدِّيهما نحو الوراء وسلسلي

يومَ الاخاء ولملمي ما يسكب

وتحضّني أرواحنا بصفائه

يهتزّ نبض حياتنا المُتَخَشِّب

فسنصهر الاُفق البعيد على لظى

عزماتنا حتى يذوب الكوكب

وسنكنس التاريخ ممّا اسندت

فيه الذئاب وما رواه الثعلب

ونُقشِّر الحق المُغَلَّف بالدجى

حتى يشعّ لُبابه المُتَلَهِّب

ونعود نفترع النجوم وحسبنا

فيما نؤمل ان متنك مركب

ريحانة شمران 08-24-2024 07:11 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة بايعت ذكراك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
326 مشاهدة

قد اصْطَفاَكَ السَّناَ واختارَكَ الأَلَقُ

فكيف يسمو إلى تكوينِكَ، العَلَقُ!

يا بصمةَ اللهِ في أبعادِ كوكبِهِ

حيث الفضاءُ كتابٌ والمَدَى وَرَقُ

ما كنتَ في العُمْقِ من أحشاءِ (آمنةٍ)

لَحْماً على عَظْمِهِ ينمو ويَتَّسِقُ

بَلْ كنتَ أعمقَ أسراراً مُقَدَّسَةً

من نطفةٍ بمياهِ الخَلْقِ تَصْطَفِقُ

سِرٌّ يَلُفُّكَ في سِرٍّ، وما بَرِحَتْ

عليكَ دائرةُ الأسرارِ تنغلقُ

فافتحْ فإِنِّي (صحابيٌّ)، بِمنزلةٍ

كفؤ (الصحابةِ) إلاَّ أَنَّهُمْ سَبَقوا!

بايعتُ ذكراكَ فانْساَبَتْ لها عُنُقي..

والبيعةُ الحقُّ لا تُلْوَى لها عُنُقُ!

هُنا مدائحُ (حَسَّانٍ) على شفتي

تزهو، وفي الرُّوحِ من أرماقِهِ رَمَقُ

يا صاعداً (جَبَلَ النُّورِ) الذي نَزَلَتْ

منه الحقيقةُ عبر الأرضِ تنطلقُ

عُدْناَ إليكَ من التاريخِ نسلكُهُ

حتَّى (حراءَ) فلم تسلكْ بنا الطُرُقُ

أين الطريقُ الذي سالَتْ خُطاَكَ بِهِ

نَهْراً على كَبِدِ الصحراءِ يندفقُ؟!

أيَّامَ ضَيَّعَتِ الأيَّامُ رحلتَها

فلم تَعُدْ خطوةٌ في نَفْسِها تَثِقُ

تبكي التضاريسُ.. لا روحٌ تهدهدُها

غير الرياحِ التي في التيهِ تنزلقُ!

والوقتُ جَفَّ من المعنَى، فلا هَدَفٌ

في الوقتِ من أجلهِ الساعاتُ تستبقُ

كُلٌّ يُفَتِّشُ عن مجلَى حقيقتِهِ

وليسَ في الأُفْقِ إلاَّ الخوفُ والقَلَقُ

رملُ (الجزيرةِ) ما غنَّى الحُداةُ بهِ

إلاَّ وأَوْشَكَ بالأصداءِ يختنقُ:

مَنْ ذا يُطَبِّبُ في الإنسانِ جوهرَهُ؟

كاد السؤالُ على الصحراءِ يحترقُ!

وأَوْتَرَتْ قوسَها الأنباءُ عن نَبَأٍ

في فرحةِ السَّهم حين السَّهم ينعتقُ:

مِنْ خارج الأرضِ مَدَّ اللهُ راحتَهُ

نحو الحياةِ ففاضَ البِشْرُ والأَلَقُ

واختارَ (مَكَّةَ) ماعوناً لرحمتِهِ

لا يشتفي طَبَقٌ إلاَّ اشتهَى طَبَقُ

فيضٌ من اللُّطفِ لم يُدْرِكْ حقيقتَهُ

قومٌ بِما فاضَ من أوهامِهِمْ شَرِقُوا!

حتَّى إذا الغيبُ جَلَّى سِرَّهُ.. وإذا

صوتُ الحقيقةِ في الآفاقِ منبثقُ:

بُشرَى الحياةِ برُبَّانٍ.. قد اتَّحَدَتْ

بِهِ الخرائطُ وانقادَتْ لهُ الطُرُقُ

(طهَ).. ومَنْ غيرُ (طهَ) حين تندبُهُ

سفينةُ الخلقِ لا يُخشَى لها الغَرَقُ؟!

يا وردةَ الحقِّ ما زلنا نشاركُها

سِرَّ الشَّذَى فيُحَنِّي روحَنا، العَبَقُ

حَيَّتْكَ في العُمْقِ من أصلابِنا نُطَفٌ

جذلَى تَرَنَّحَ فيها الماءُ والعَلَقُ

واقتادَنا مركبُ الذكرى إلى زَمَنٍ

رَبَّاكَ في شاطِئَيْهِ، الحبُّ والخُلُقُ

تدري (حليمةُ) إذْ دَرَّتْ محالبُها

يوماً سيُشْرِقُ من أثدائِها، الفَلَقُ

في مُرْضِعاَتِ (بني سعدٍ) مَشَتْ قُدُماً..

يمشي وراء خُطاها الحقدُ والحَنَقُ!

ماذا عليها وقد أهدَى الخلودُ لها

نَهْراً تفيضُ بهِ النُّعمَى وتندلقُ!!

يا منكرَ الذاتِ حتَّى آثَرَتْ أَرَقاً

كي يستريحَ عبيدٌ شَفَّهُمْ أَرَقُ

جرحُ النُبُوَّةِ جرحُ الشمسِ.. تسكنُهُ

روحُ الجمالِ.. ومن أسمائِهِ الشَّفَقُ

مِنْ عُزلةٍ لَكَ.. مِنْ حُزْنٍ خَلَوْتَ بهِ

في (الغارِ)..مِنْ هاجسٍ ثارَتْ بهِ الحُرَقُ!

مِنْ (بئرِ ماءٍ) ذوَى حُلْمُ الرُّعاةِ بها..

مِنْ خيمةٍ عاث فيها الطيشُ والنَّزَقُ!

مِنْ كلِّ ذاكَ الدُّجَى.. شَعَّتْ بثورتِها

عيناكَ.. وابتدأَ التاريخُ يأتلقُ!

تَزَوَّجَتْ في يديكَ الأرضُ معولَها

حتَّى تناسلَ منها الوَردُ والحَبَقُ

فاستيقظَ الحُلْمُ مزهوًّا بفارسِهِ

تَضُمُّهُ مقلةُ الدنيا، وتعتنقُ

ولُحْتَ في موكب التوحيدِ ممتشقاً

سيفاً لغير الهُدَى ما كنتَ تمتشقُ

تتلو مزاميرَكَ الغرَّاءَ فانبعثَتْ

على الصدَى ضابحاتُ الحقِّ تستبقُ

وتحملُ المشعلَ الأسنَى بحالكةٍ

ظلماءَ.. يخبطُ في أبعادِها الغَسَقُ

يكفي حصانَكَ من ماءٍ ومن عَلَفٍ

نَفْحُ اللهاثِ على شِدْقَيهِ، والعَرَقُ

عفواً نبيَّ الهُدَى.. عفواً إذا عَبَرَتْ

جسرَ القوافي إلى فردوسِكَ، الحُرَقُ

واعذرْ بياني إذا أبصرتَ بَذْرَتَهُ

تنشقُّ عن نبتةِ الشَّكوَى، وتنفلقُ:

ذكراكَ تُوشِكُ بالأضواءِ تختنقُ..

شمسٌ وليس لها في حَجْمِهاَ أُفُقُ!

أسطولُ فجرٍ وراءَ الغيبِ مُحْتَجِبٌ

ضاقَتْ بمينائِهِ الأرواحُ والحَدَقُ!

مَنْ لي بنجواكَ والنجوَى تُؤَرِّقُني

حَدَّ العذابِ، وحولي أُفْقُها نَفَقُ

أُنْبِيكَ: ما زال هذا الكونُ محكمةً

تقضي بتقطيعِ أيدي غير مَنْ سَرَقوا!

والجرحُ في جوهرِ الإنسانِ ما بَرِحَتْ

دماؤُهُ باتِّساعِ الأرضِ تندفقُ

هَوِّنْ عليكَ فكمْ حاولتَ ترتقُهُ

بالمعجزاتِ ولكنْ ليسَ ينرتقُ

ما ارتابَ خيطُكَ في إيمانِ إبرتِهِ

مُذْ وَسَّعَ الجرحَ مَنْ شَقُّوا ومَنْ فَتَقُوا!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:49 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة تاجان زاناك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
323 مشاهدة

تاجانِ زاناكَ.. أيٌّ فاقَ توأمَهُ:

في قلبكَ السهمُ أم في هامكَ الحجرُ؟

تاجانِ زاناكَ.. فاصْدِقْني بأيِّهِما:

على سِواكَ من الأحرار تفتخرُ؟

لو أوتيَ النخلُ أن يستلَّ قامتَهُ

سيفًا، لأصبحَ من أنصاركَ، الشجرُ

أو كان للماء أن يجلو عواطفهَ

لجاءَ يسعى إلى أطفالكَ، النَّهَرُ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:49 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة لجوء جمالي
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
314 مشاهدة

حتَّى متى وأَنا أشكو غيابَ (أَنا)؟!
كُلِّي هُناَكَ ولكنِّي أقيمُ هُنا!
وما القصيدةُ إلاَّ لحظةٌ/أَبَدٌ
تأتي لكي نلتقي فيها: أَنا وأَنا!
هذي المدينةُ ما زالتْ تباعدُني
عنِّي وتزرعُ فيما بيننا مُدُنا
مدينةٌ ترتدي الأَسْمَنْتَ قُبَّعَةً
سوداءَ تحجبُ عن أحلامِنا المُزُنا
في عَتْمَةِ الأُفُقِ النَّفْطِيِّ لا قَمَرٌ
يُغري الموانئَ كيما تحضنَ السُّفُنا
تيهٌ يُفَرِّخُ تيها.. والمدَى شَبَحٌ
يسيرُ منتعلاً أَسْفَلْتَهُ الخَشِنا
و(هُدْهُدُ) الوقتِ إنْ حمَّلْتُهُ (نَبَأً)
صوبَ (الشَّآمِ) تَوَلَّى يقصدُ (اليَمَنا)!
يا أَوَّلَ الماءِ في الآبارِ.. خُذْ بيَدي
لسدرة المُبْتَدَى وانثرْ عَلَيَّ جَنَى
واعطفْ على العُمْرِ إنْ أضحتْ فراشتُهُ
جرادةً من حديدٍ تجرحُ الفَنَنا
فهكذا قَدَرُ الشَّلاَّلِ هاويةٌ
متى يغادرُ من عليائِهِ وَطَنا!
هل من لجوءٍ جماليٍّ يلوذُ بهِ
مَنْ بات في قبضةِ الفولاذِ مُرْتَهَنا؟!
لم نأتِ للنخلِ نستشفي عيادتَهُ
إلاَّ لنَبْرَأَ من نَفْطٍ أَلَمَّ بِنا!
يا حفلةَ الرقصِ في روحي.. أناَ نغم
يمتدُّ.. يمتدُّ حتَّى يغتدي زَمَنا
أحميتُ طاري أُغَذِّي كلَّ خاصرةٍ
تقتاتُ من جِلْدِهِ الإيقاعَ والشَّجَنا
وطُفْتُ بالكَلِماَتِ الغافياتِ على
حُلْمِ السكينةِ أُذكي بينها الفِتَنا
ما ثَمَّ من بدعةٍ إلاَّ شحذتُ لها
نصلَ الغوايةِ كي أُردي بهِ السُّنَنا
وليسَ ثَمَّةَ أنثَى لا أراودُها
حتَّى ألامسَ في تُفَّاحِهاَ عَفَنا
أنا الذي خاطَبَتْهُ النفسُ قائلةً:
كُنْ لا المُؤَذِّنَ في الدنيا، ولا الأُذُنا!
ها إنَّ قلبي سديمٌ باتَ ملتهباً
بألفِ شمسٍ تَشَظَّتْ في دمي مِحَنا
بعضُ الأغاني إذا شَكَّلْتُهاَ اتَّخَذَتْ
من وَحْيِ عُمْرِيَ شكلاً يشبهُ الوَثَنا
حُلْمِي على الأرضِ(مَهْدِيٌّ) يُخَلِّصُني
وليسَ يطلبُ إيماني بهِ ثَمَنا!
أنا المُجَنَّدُ في جيشٍ يقاتلُني
فيا إلهيَ: هَبْني القُوَّةَ /الوَهَنا!
أَوْحَتْ لِيَ الحربُ ألاَّ أدَّعي سَفَهاً
فَهْمَ (الحسين) إذا لم أفهمِ (الحَسَنا)
أَسْكَنْتُ بالأمسِ في هذا المدَى بَدَني
وما وجدتُ لروحي في المدَى سَكَنا
للرُّوح أجنحةٌ من فرط ما ارْتَجَفَتْ
كادَتْ تَهُدُّ على أوتادِهِ، البَدَنا
بعضُ الأغاني إذا شَكَّلْتُهاَ اتَّخَذَتْ
من وَحْيِ عُمْرِيَ شكلاً يشبهُ الكَفَنا
يا ليتني أزرعُ الفردوسَ في لغتي
كي تشربَ الكلماتُ الشَّهْدَ واللَّبَنا!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:50 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة صيّاد صوفّة السرب
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
311 مشاهدة

وحلمتِ بطرقةِ قلبي الأولى
تحمل فارسك الممعن هجرا وغيابْ
أرهف سمعيك الطرق
كراقصة أرهف خصريها الإعجابْ
وفتحتِ العمر قليلاً..
كانت فتحته أصغر من نصف البابْ
وحشدتِ جنود العقل على الأعتابْ
سيّدتي..
كيف سيدخل قلبي حين يكون العقل رئيس الحجّابْ
يا ذات اللبِّ.. لقد برئ الحب من الألبابْ
** **
ونظرتِ إلى واحة قبي
فأرابك منها مرآى الأعشابْ
واهيةً تعبث فيها غزلان الفتنة
حيث ثمار الشوق تصيح مراهقةً:
لا للنضج.. فإن النضج بواحات القلبِ عذابْ
هل تدرين متى النضج يكون عذابْ؟!!
** **
وأرابك صيّادٌ صوّفه السربُ..
يصيب وإن أخطأ مرماهُ
يا ظبيةُ.. ذاك الصياد تجاوز معنى الصيد
إلى أبعد من معناهُ
علّمه العشق بأن الصيد خيار فريسته..
لا جبرٌ في الصيد وإكراهُ
من أطلق سهماً في وادي العشق الأخضر
عاد إليه وأدماهُ
كسر الصياد القوس وألقاهُ
يكفيه بأن تقتنص النظرة من وجه الظبية، عيناهُ
** **
يا ظبيةُ.. لفتتك الممزوجة بالرعبِ
أعادت ذاك الصياد حزينْ
غازله الطين وما أغراه
فقد كان يغازل خلف الطينْ
كان يفتش في قاموس البر
ويكتب أسماء الغزلان على ورق التينْ
نسّقَ كل الأسماء بذاكرتي..
أطلق عينيه الحالمتين إلى بطن الوادي بضع سنينْ
وفزعت على زفرته في منتصف الخيبة..
إياك وهذا الفزع المرُّ
فإنّ الصياد أمينْ
إياك وهذا الخوف..
فإنّ الخوفَ بوادي العشق كمينْ
حاصرَ جنبيك اليأسُ..
وكسَّحَ ما بين النبضة والنبضة
أقدام الفرح المسكينْ
** **
غضبت روح الوادي..
امتعضت من نهرٍ أوصد بالخيبة مجراهُ
فالنهر العاشق
لا يخلع في حرِّ الصيف سجاياهُ
ينساب فتنتحر الشمس على صدر مراياهُ
عاد الصياد من الوادي
وإذا بالعشق يناديه:
لا يسقط من يسقط في الحفرة
ما لم تكن الحفرة فيهِ
يا ظبيةُ.. سقطت من ذاكرتي
كل الأسماء وكل الغزلانْ
ورجعت أنا والنهر العاشق والخذلانْ
من صوّفهُ السرب بوادي العشق
سيصطاد بحكمته الخذلانْ
فالعشق بأن أصطاد الخذلانْ
والعشق بأن أرِدَ المنبع ظمآنَ وأن أصدُرَ ظمآنْ
** **

ريحانة شمران 08-24-2024 07:50 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة قانا في ذاكرة الأرض
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
307 مشاهدة

سقط الليل على سوءته في هوة الغيب
وظلت في المدى غيمة شؤم
شوهت ناصية الأفق
فجاء الفجر ممسوخاً كمن لا وجه له
ما الذي توحيه هذي البقعة السوداء؟!
هل من أحد خان صلاة الصبح؟!
أو طارده الوحش السماوي
بآيات العذاب المنزله!
أبداً يا سادن الوقت..
ف (قانا) اغتسلت منذ هزيعين بأنفاس الفدائيين...
صلَّت بالمحبين
وفاض التين والزيتون من تلك الصلاة الطهر...
كأن الله لا يسمع من (قانا) سوى (فاتحة) الوعد
و(قداس) الوفاء الحر...
ما أجمل (يوحنا) على مبسمها يتلو حروف البسملة!!
عرفت كيف تعيد الأرز من رحلته عبر التراتيل
وتشفي الأرض من علتها بالحنظله
وتهادت تقرأ المنحوت من تاريخها في ورق التبغ وأنغام الحساسين
فطالت فرسخاً من شرف أنزلها في بيدر الشمس
وكان القمح في أشواقها يعمل
حتى هيأ الإفطار من وشوشة الحقل بأُذن السنبله
أفطرت بالأمل الأخضر (قانا)
ومضت تنبش صندوق بريد الأفق
حين اندلع الصبح عليها من ثنايا قنبله
(شهرزاد) انطفئي الآن
ويا ديك الحكايات احترق في صيحة اليأس
فلن يولد بعد اليوم فجر يستفز الأخيله
قفزت (كذبة نيسان) على السجن الخرافي
وصاغت في فم (التلمود) لحناً (سامرياً) من خوار (العجل)...
يادنيا اسمعي نغمة هذي المهزله
وتطلَّع يا زمان الفن
كي تلتقط المشهد من بين ثنايا المقصله
إنني أبصر (قانا) تدخل الآن إلى ذاكرة الأرض دخول الزلزله
المدى جمدّه الصمت
و(قانا) لم تزل خفاقة بالأسئله
ودوي يتعالى من دم (القرآن) و(الإنجيل)
حين اتحدا في شلو طفل وبقايا أرمله
من هنا تنبعث الوحدة يا (لبنان)...
لا طائفة تحتكر العشق الإلهي
ولا حزب سوى الموت الذي وحَّد في أكفانه الإنسان والأديان...
فالتابوت ميثاق وهذي الجثث البيض تواقيع سلامْ
هذه ذكراك يا (قانا)...
بياض كتبت فيه مزاريب الدم القاني ترانيم الغرامْ
إنها معجزة أخرى ل (عيسى)
تبعث الوحدة من تحت الرخامْ
قامت الأجساد من تابوتها المجهول
والتفّتْ على التاريخ أسراب حمامْ
غردت.. فاتخذت ألحانها شكل السكاكين
لكي تفتق أحشاء الظلام
هرِّبي وحدتك العذراء يا (قانا) إلى صحرائنا..
صامدة كالخيمة الأولى
فقد نولد في التاريخ من رحم الخيامْ
غدُنا منزلق في جهة المجهول
والسيف الذي كان عليماً بالهوى..
أدركه في حضن ليلاه، المنامْ
حملتنا لغة الشعر
وما زلنا على متن حصان البرق
نرتاد متاهات الغمامْ
نحن لم ننحلَّ من أعرافنا
حين نصلي للتوابيت ونكسوها وشاحاً ووسامْ
كم تفتحنا على أجساد موتانا بساتين كلامْ
وقطفنا باقة صفراء للأجيال من تلك العظامْ
ووقفنا خارج الأفق (الجنوبي)
نحيي كل (فينيق) تجلى، طائراً من بين أنقاض الحقوبْ
سقط الكابوس واندكَّت هنا الأسطورة الكبرى، على صخر (الجنوبْ)
والضحايا لم تزل تصعد في غيم الرصاصات إلى سطح الغيوبْ
هاهنا روح (أبي ذر)
تدس الشغب الأحمر ما بين عروق الأرض..
ترعى الجبل المنحوت من صلب الفدائيين..
تسقي بذرة الثورة في أوردة الزيتون..
تستنبت في الأشياء إعصاراً إلهي الهبوبْ
كل شيء في (الجنوب)
ثائر صوَّفه العشق (الغفاري)
وأهداه مفاتيح الغيوبْ
كل شيء غارق في وجده الثوري
مجذوب إلى العصيان من حبل القلوبْ
يا (جنوباً) صارماً كالشمس في الموعد..
حتى موعد الموت على سيف الغروبْ
ساهراً في خندق التاريخ..
عيناه نبيّان من الصحوة والإيمان
ما انفكا يخطَّان وصايا الريح في سفر الدروبْ
يا ترى.. كم أكل الخندق من ساقيك؟!
والحزن الذي في وجهك الشاحب..
كم فض من النرجس في هذا الشحوبْ
آه من جغرافيا الأرض
وقد جارت على اللوزة
في خدّيْ صباياك
وأدمَتْ بين نهديها تويجات الطيوبْ
جسد وحَّدنا فيما يقولون
فما أكذبهم!!
كيف!! وأقدامك إقدام.. وأقدامي هروبْ
يا أبا الأقمار.. إذ تنجبها منك ثقوب البندقيات..
وما أجمل ما تنجبه تلك الثقوبْ!!
الفضاءات عذارى في أعاليك
فما يفعمها بالحب إلا كوكب يوقد من زيت الحروبْ
ليت قلبي طلقة تولد من رشاشك الفحل..
وروحي ليتها أنملة في يدك الولّادة البكر..
ألا أملك أن أصبح بعضاً منك في عصف الخطوبْ؟!!
لك عرق من دماء العز، موصول بأعناق الشعوبْ
شاعراً جئتك في ساقية من مفردات..
أعشق البارود من شدة ما أخشاه..
فاطردني.. أنا العشق الكذوبْ
أنا لا شيء سوى زخرفة الخنجر في كفيك..
هل تسعفك الزخرفة الحلوة.. والموت يلوبْ؟!!
غضبتي أرسمها بالإحتجاج اللازوردي
فما تكمل في أبعادها حتى تذوبْ
كيف لي أن أنتمي الآن إلى جرحك!!
وديان دمي ظامئة من نبضك الحر الغضوبْ
أنت عصيان (حسينيٌّ)..
وعصيان (الحسينيين) يأبى أن يتوبْ
وأنا التائب في صمت الأسى من (كربلاءاتي)..
أناجيها بلا (حائط مبكىً) حين تشتد الذنوبْ
علَّق الليل مواويلي على بانة سهد..
ورماني ظامئاً تحت دوالي الحزن كوبْ
لم أزل في الصحو سكران
بصهباء النضوبْ
** **

ريحانة شمران 08-24-2024 07:50 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الاستشهادي علي أشمر
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
298 مشاهدة

من بعيدٍ جاءَ..
لا أعلمُ من أينَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما من طعنةٍ في جسدِ التاريخِ
حينَ الْتَحَمَ الجيشانِ في خيبرَ
فَانْسَلَّ الفتى من فجوةِ الطعنةِ
كي يختصرَ التاريخَ في جرحٍ
وحتَّى الجرحُ لا يعلمُ من أين الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما من ضَيْعَةٍ تجلسُ في أقصى حدودِ القِيَمِ
الكُبرَى
كما يجلسُ بستانٌ على التلَّةِ في عُزلَتِهِ..
ماجَ الفتى بالعطرِ حينَ اختزلَ البستانَ في قامتِهِ
الوَرْدِ..
وحتَّى الوردُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ..
رُبَّما حَلْقَةُ صوفِيِّينَ
في أعلى جبالِ الوجدِ
أَغْرَتْهُ لأنْ يكتشفَ العمقَ الإلهيَّ بِهذا الكونِ
فانشقَّ المدى
عن عاشقٍ قد نوَّرَ الروحَ بِمِشْكَاةِ يقينٍ عَلَويٍّ
ومضَى يسبحُ في كينونةِ الأشياءِ حتّى لامَسَ القعرَ
وحتّى القعرُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من زمانٍ خارجَ العصرِ
فَهذا الوَهَجُ الروحيُّ
لا يُمكنُ أن يُنجبَهُ عصرٌ من الفولاذِ..
هذي الوردةُ الزهراءُ
لا يُمكنُ أنْ تولدَ مهما حَاوَلَتْ
من أُمَّةٍ في موسمِ الزقُّومِ..
والله!
هُوَ الوعدُ السماويُّ لنَا أن نرثَ الأرضَ
هُوَ الوعدُ
أتى يحملُ في أضلاعِهِ كوخاً من الإيمانِ
معموراً بِحُبِّ الله والأرضِ
وطفلٍ ضاقتِ الأسماءُ عن إيمانهِ إلاَّ عليٌّ..
حَمَلَ الإسمَ لواءً خافقاً بِالقُدْسِ
مُمْتدّاً من الثورةِ حتّى الموتِ
جيلاً جَبَلِيّاً
نَبَتَتْ في فَمِهِ اللاَّءاتُ أنياباً
وربَّاها بِما وَرَّثَهُ الأجدادُ من رفضٍ قديمٍ..
لم تَزَلْ لاءاتُهُ تكبرُ في الرفضِ فصارتْ
بُنْدُقيَّاتٍ
ومازالَ عليٌّ حالماً يركضُ خلفَ الشمسِ
مُشتاقاً لأنْ يصطادَ هذي الظبيةَ البيضاءَ في السفحِ..
فتستدرجُهُ الظبيةُ للقمَّةِ
كيْ يقطفَ أزهارَ الصعودِ الوَعْرِ من أعلى الزمانِ
الكربلائيِّ..
عليٌّ عصَّبَ الجبهةَ بِالتاريخ
واشتاقَ إلى الرقصِ مع القمّةِ
في عُرْسٍ سماويٍّ..
جلا الحُسْنَ الربوبيَّ
جلاءً يُطلقُ الروحَ
إلى عالَمِها الأسمى متى ترنو إِلَيْهِ
فاضَ من بردتِهِ الحسنُ أساطيرَ
فكانت شهرزادٌ
كُلَّمَا أدرَكَها الليلُ
أَجَالَتْ طرفَها فيهِ وسلَّتْ قصّةً من حاجِبَيْهِ
واستجارتْ بِالتعاويذِ التي تحرسُ أسرابَ المَهَا في
مُقْلَتَيْهِ
فَكَسَاها بِهدوءِ الزَغَبِ الناعسِ في أرجوحةٍ من
عارضَيْهِ
وعليٌّ زاحفٌ في الحُلْمِ
كالنَهْرِ
يلفُّ الموسمَ الأخضرَ في ريشِ حماماتِ يَدَيْهِ
حينمَا جَمَّرَهُ ماءُ الفُتُوَّاتِ
نَوَى العُرْسَ
فألفَى كلَّ شيءٍ صارَ أُنثى:
النَهْرَ والبيدرَ والبستانَ..
والشمسُ الجنوبيّةُ مدَّتْ عُنُقَ الفَجْرِ على هيئةِ
أُنْثَى..
والقُرى اصطفَّتْ صباياً
تتشهَّاهُ عريساً كاملَ الوجدِ..
صحا كلُّ سريرٍ شدَّهُ الليلُ على نجواهُ
مأهولاً بِنَهْدَيْنِ شَهِيَّيْنِ..
وجاءَ الكلُّ للموعدِ مخموراً
ولا بأس..
فهذي خمرةٌ مغفورةُ الإثمِ..
هُنا افترَّ عليٌّ
عن فتىً تطلعُ من ضحكتِهِ الشمسُ
مشى في خاطرِ الوادي غزالاً مُترفَ اللفتَةِ
تختالُ بهِ حُرِّيَّةُ العُشْبِ وروحانيَّةُ الأرضِ
وآذارُ شبابيٌّ على خَدَّيْهِ..
فَافْتَنَّ الفتى عشقاً
بَدَتْ فتنتُهُ أعنفَ ناراً
من فتيلِ امرأةٍ دهريَّةٍ خامَرَها الشوقُ
فهذا العامريُّ اسْتَدرجَتْهُ امرأةٌ من خارجِ الدَهْرِ..
تجلَّى فرأى كِذْبَةَ نيسانَ على الدربِ
وتَلاًّ من جنودٍ يحرسُ الكِذْبَةَ
فيما أشرَقَتْ ليلاهُ خلفَ التلِّ..
نَادَتْهُ
وقد كانَ على بُعْدِ جحيمٍ واحدٍ من جنَّةِ الوصلِ..
هُنا فَخَّخَهُ العشقُ بأشواقِ المُحِبِّينَ
فماجَ الجَسَدُ الورديُّ في قنبلةِ الأشواقِ..
فاضتْ لهفةُ التنفيذِ من عينيهِ
فاهتزَّ الفتى مخزنَ بارودٍ من اللَّهْفَةِ
وامتدَّ فتيلاً نافراً في خفّةِ الضوءِ
دقيقاً وجميلاً مثلَ خطِّ الكُحْلِ في جَفْنَيْهِ
تحدوهُ تسابيحُ خطوطِ الطولِ والعرضِ..
علَتْ تكبيرةُ الوادي
وشعَّتْ في المدى جُرأةُ عبَّاسَ وحَفْصٍ و
قصيرٍ
فَتَلَظّى الوجدُ في ترسانةِ القلبِ
وثارَ المخزنُ الناريُّ في التلِّ
فما نسمعُ إلاَّ:
ارِني أنظرْ إِليكْ
ارِني أنظرْ إِليكْ
غرقَ المشهدُ في النشوةِ
حينَ اختلطتْ رائحةُ الليمونِ
بالبارودِ
بالأشلاءِ
بالجرأةِ
بالوَجْدِ الإلهيِّ الذي حَلَّقَ
حتّى عَرَجَ العشقُ عروجاً فادحاً
فانتصبَ الله من العرشِ لهذَا العاشقِ الداخلِ
لِلتَوِّ مدى الكينونةِ الكبرى..
عليٌّ يا عليٌّ..
هذهِ صوفيَّةٌ غابتْ عن الحلاَّجِ
في تأويلِهِ الناريِّ للعشقِ
فَحَدِّثْ:
كيفَ أوْجزتَ المقاماتِ جميعاً
في مقامٍ واحدٍ
فارتبكَ المطلقُ إعجاباً بِهذي الحالةِ البِكْرِ..
عليٌّ يا عليٌّ..
سرقوا منكَ غزالاً واحداً
فانتثرتْ من دَمِكَ الغزلانُ آلافاً
وقامَ العشبُ في الوادي على ساقٍ
ودارتْ مهرجاناتُ الينابيعِ
فلا ساقيةٌ إلاَّ تَمَنَّتْ رقصةً منكَ على زغردةِ الماءِ
ولا زنبقةٌ إلاَّ تَشَهّتْكَ رحيقاً للمسرَّاتِ..
وفي الخامسِ والعشرينَ من أيَّارَ
شفَّ الغيبُ
والتمَّتْ شظاياكَ جنوباً عائداً يرفلُ في التحريرِ..
كان الشجرُ الواقفُ في السفحِ
وكانَ الزنبقُ الساهرُ في الجرحِ
وكانتْ باقةُ الغزلانِ في أيقونةِ الوادي
وكانتْ قُبَّراتُ الشوقِ في حنجرةِ الحادي..
هُنا في موسمِ العودةِ
كانتْ تتحرَّاكَ على قارعةِ النصرِ..
وحينَ انفتحتْ كلُّ جهاتِ الأرضِ عن وَجْهِكَ
شاهَدْنا السماواتِ
تلمُّ الصلواتِ البيضَ من محرابِ ذاكَ الوجهِ..
شاهدناكَ طفلاً قادماً في باقةِ الألوانِ والفُرشاةِ
كيْ تصبغَ بِالفرحةِ قرميدَ البيوتاتِ
وموَّالَ الحكاياتِ..
أضاءتْ فضَّةُ الصُبْحِ على جسمكَ
فانسابَتْ قُرى عامِلَ في مخملِ ذاكَ الضوءِ..
راحتْ تجتني من فَمِكَ المشمشَ واللوزَ
ولاءاً حُرَّةً مفتولةَ الزَنْدَيْنِ..
لاءاً لم تزلْ مرفوعةَ الحرفَيْنِ..
شعَّ القَمَرُ الطالعُ من جُرْحِكَ
يروي سيرةَ الجُرْحِ
ووَزَّعْتَ على الوادي
هداياكَ من الجَنَّةِ
أنهاراً.. ثماراً وعصافيرَ
فَلَمْ تبخلْ على بيَّارةِ الكَرْمِ
ولم تكسرْ لِحَقْلِ القمحِ خاطِرْ
آهِ!
يا ليتكَ وزَّعْتَ على الأُمَّةِ إيمانَكَ
كي يكتمِلَ الجوهرُ في قاعِ الضمائرْ
أيُّها الزاحفُ نحو القُدْسِ
نهراً من دَمٍ يخترقُ التاريخَ..
لا زلتَ ولا زلتَ ولا زلتَ
فتىً تنجبهُ كلُّ الحرائرْ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:51 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة الأرض أجمل في الأغاني
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
293 مشاهدة

لا بُدَّ من عَمَلٍ جمَالِيٍّ لوجهِ الأرضِ..
قد كثرتْ تجاعيدُ المكانِ
وهذِهِ الجغرافيا الشمطاءُ لا تحنو على الغرباءِ..
نحن ضيوفُها الآتونَ من أصلابِ محنتِنا
نهاجر في المدَى كالوقتِ مصلوباً على بَنْدُولِ ساعتِهِ
ونسقطُ كالدقائقِ والثواني...
لا بُدَّ من عَمَلٍ جمَالِيٍّ يُخَفِّفُ ما نُعاني!
لا شيءَ يبدأُ من عَلٍ
هذا الترابُ هو البدايةُ..
لا حقيقةَ دون (سُمٍّ)
ما يزالُ (السُّمُّ) شيخَ المرشدينَ إلى الحقيقةِ..
والنبوءةُ لم تكنْ جَرَساً مُدَلى
من أعالي الغيبِ فوق الأرضِ..
كانت حكمةً سُفْلِيَّةً
تدعو الحياةَ لأنْ تُنَقِّحَ نفسَها من كلِّ حَشْوٍ بربريٍّ
كي تعودَ الأرضُ ناصعةَ البيانِ!
ها نحن في الصحراءِ ثانيةً
وها سكِّينُ غربتِنا مسلَّطةٌ على عنقِ الدروبِ..
ولم نَزَلْ نمشي وتزفرُنا المسافةُ
مثل أنفاسٍ مقطَّعةٍ بأحشاءِ المكانِ
نحن الأواني المرمريَّةُ كاتماتُ الهمِّ
لا نحتاجُ غير زفيرِ أغنيةٍ لتنفجرَ الأواني!
لسنا نفتِّشُ عن لذائذَ في اللذائذِ
إنَّما أن نتَّقي أَلمَ الغريزةِ وَهْيَ تعلكُ مُضغةَ الأرواحِ..
يا لَلمُضغةِ اكتَهَلَتْ
وشاخ الماءُ من قبل الأوانِ!!
جئنا إلى الدنيا خفافاً مثل نَوبات الجنونِ
فلم نجدْ في العقلِ عنواناً يقود إلى الخلودِ..
وهكذا انفَرَطَتْ بنا الأقدارُ أحصنةً تلاقَتْ في رهانِ!
وامتدَّ ملعبُنا..
وليسَ لفارسٍ منَّا خَيارٌ في حصانِ!
ها نحنُ نبحث في مهبِّ الوقتِ عن غدِنا الشريدِ
ونغبطُ الأعنابَ
إذْ تهفو إلى غدِها المُوَطَّنِ في القناني!
لا أرضَ أقدس في عقيدتِنا من الذكرَى
كأنَّ ملاعبَ الماضي معابدُنا الجديدةُ
35
والشِّجار هناك أقدس ما رَفَعْناَ من (أَذانِ!)
ها نحن نكملُ رحلةَ الأرواحِ في التيهِ الملوَّنِ..
ها هنا
حيث (الفضائيَّاتُ) ذاتُ الفتنةِ الشقراءِ
قد فَلَّتْ جدائلَها على كتفِ (الحداثةِ)..
والثُّنائيَّاتُ تعصرُ بين فكَّيْها الخليقةَ..
والنهائيُّون جنَّازاً فجنَّازاً
أعدُّوا موكبَ التشييعِ للتاريخِ..
ماذا سوف نصنعُ بالقصيدة وسطَ هذا التيهِ..
إنَّ الشعرَ أقصرُ قامةً من مصعدٍ
راحَتْ تُحَالِفُهُ العِمارةُ في مناطحةِ السحابِ
فلا قصائدَ كالمصاعدِ
كي نحلِّقَ −في السباقِ إلى السماءِ −
على(الدلالةِ) و(المعاني)!
في عصرِنا هذا−
المقفَّى بالحديدِ الصُّلبِ
والموزونِ بالأسمنتِ..
لا لغةٌ تترجمُ حالةَ الدنيا سوى لغة المباني!
بالأمسِ حالَفْنا (الوصايا العشرَ)
نحرسُها وتحرسُنا..
وحين اختلَّتِ الكلماتُ
أحرقْنا الجواهرَ في الشعائرِ
واحترقنا بالحقيقةِ في الطقوسِ
وما عَرَفناَ بعدُ أيَّ ضحيَّةٍ تكفي لإشباعِ النذورِ..
فكلُّنا كنَّا ضحايا الغيبِ
حيث الغيبُ طاغيةٌ أناني!
لم نمتلئْ بالشكِّ ما يكفي
لنحتضنَ الحقائقَ كالغواني!
كلٌّ لديهِ سماؤُهُ في الناسِ
هذا − فوق مئذَنَتَينِ − يرفعُها
وذلك فوق أوتارِ الكمانِ!!
رَبَّاهُ!
إنَّ النشوةَ اتَّحَدَتْ..
لماذا الاختلافُ على الدنانِ?!
بالأمسِ سَمَّينا الهوى عَبَثاً جماليا
فلم نحفظْ وصايا (قيسَ)..
لم نحفظْ لَهُ:
من أجل عينِ حبيبتي
لا تجرحوا أبداً زُهَيرَةَ أقحوانِ!
من أجل قَدِّ حبيبتي
لا تقطعوا أبداً شُجَيْرَةَ خيزرانِ!
بالأمسِ لم نحفظْ وصايا (قيس)
كي نرفو من الكلماتِ أوتاراً
تُرَبي في أضالعِنا قطيعاً من حنانِ
واليومَ عُدنا
بعدما انسحبَ (المجازُ) من الخنادقِ
و(القصيدةُ) أصبَحَتْ عزلاءَ
لا تحمي الحياةَ من الحقيقةِ..
هكذا عُدنا
وعاد الشعرُ درويشاً
يُطَيِّرُ في سماء الروحِ أسرابَ الدخانِ!
ضاع الحسابُ..
وما تزال الأرضُ تَحْسِبُ
كم من الشعراءِ يلزمُها لترويضِ الزمانِ!
ضاع الحسابُ..
وها هُمُ الشعراءُ
ما زالوا على ثقةٍ بأنَّ الأرضَ أجملُ في الأغاني!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:52 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة دعوا الأرض عريانة في يدي
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
291 مشاهدة

دعوا الأرضَ لي يا حمُاةَ السماءْ

أُوَسِّعُ رُقعَتَها بالغِناءْ

ولا تزعموا أنَّني قد خُلِقتْ

لأُكملَ في الأرضِ نَهرَ البكاءْ

سأشدو إلى أنْ يذوبَ الصقيعُ

وأحدو إلى أنْ يَنِدَّ العَراءْ

دعوا الأرضَ لي إنَّني لم أزلْ

أصلِّي بِ(معبد) هذا البهاءْ

وأدعو فأشعرُ أنَّ (النقوشَ)

جموعٌ تشاركُني في الدعاءْ

** **

دعوا الأرضَ عريانةً في يديَّ

ولا تُلبِسوها قميصَ الرثاءْ

لَكُمْ ما رَواَهُ المدَى من نجومٍ

مُسَطَّرَةٍ في كتاب الفضاءْ

ولي أنجمي: حُبُّ هذا الترابِ..

جمالُ الغواياتِ.. سحرُ النساءْ

لِيَ الآدميَّةُ من بؤسِها

إلى بؤسِها.. فالولاءُ ابْتِلاَءْ!

وكسرةُ طينٍ تُسَمَّى البلادَ

زرعتُ بها باقةَ الأصدقاءْ!

** **

دعوا الأرضَ لي.. إنَّني حفنةٌ

من الرَّملِ تحمل روحَ الولاءْ

فما زلتُ حين تموءُ الحياةُ

أحاولُ ترويضَ هذا المُواءْ

تَبَرَّأتُ من نغمةٍ لا تُؤَمِّمُ −

في الناسِ أوردتي والدماءْ

قبيلتيَ الطيرُ إنْ وَزَّعَتْ

زغاريدَها فالبرايا سَوَاءْ

وقوميَّتي تنتمي للنشيدِ

و(إثنيَّتي) تنتمي للغناءْ

لماذا تريدون أَنْ تنحنوا

برأسي على طَبَقِ (الانتماءْ)؟!

وما أنا مِمَّنْ يطيق الرؤوسَ

إذا اتَّخَذَتْ هيئةَ الانحناءْ

أنا جاهلٌ في ابتكار الخنوعِ..

خبيرٌ بهندسة الكبرياءْ

فلِيْ من حذائيَ أنْ أمتطيهِ..

وكم كائنٍ يمتطيهِ الحذاءْ!!

** **

أنا ما تَدَلَّيتُ من غيمةٍ

على الأرضِ في هيأة الأولياءْ

ولم ألتمسْ في اعوجاج الحياةِ

طريقاً أدقَّ من الاستواءْ!

شُقِيتُ فأدركتُ أنَّ القصيدةَ −

أجملُ مبتكراتِ الشقاءْ

فما ارتفع الصبحُ إلاَّ انطلقتُ

أسرِّح بالشِّعرِ هُدْبَ الضياءْ

وما انحدر الليلُ إلاَّ انطويتُ

أؤثِّث بالشِّعرِ بَهْوَ المساءْ

إذا مال جذعي على حائطٍ

تناهَى إلى حائطٍ من هواءْ

وما انسحبَ الحُلْمُ من مقلتيَّ

ولا رَجَعَتْ ضحكتي للوراءْ!!

فما انفكَّ هذا العناءُ الجميلُ

يعلِّم (نيسانَ) معنى الصفاءْ

أعزِّي الأباطرةَ المترفينَ

لحِرمانهِمْ من جميل العناءْ!!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:53 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة حملت جنازة عقلي معي
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
291 مشاهدة

حملتُ جنازةَ عقلي معي
وجِئْتُكَ في عاشقٍ لا يعي
أحسُّكَ ميزانَ ما أدَّعيهِ
إذا كان في الله ما أدَّعي
أقيسُ بِحُبِّكَ حجمَ اليقينِ
فحُبُّكَ فيما أرى مرجعي
خلعتُ الأساطيرَ عنِّي سوى
أساطيرِ عشقِكَ لم أخلعِ
وغصتُ بِجرحكَ حيث الشموسُ
تهرولُ في ذلك المطلعِ
وحيث (المثلَّثُ) شقَّ الطريقَ
أمامي إلى العالَمِ الأرفعِ
وعلَّمَني أن عشقَ (الحسينِ)
انكشافٌ على شفرةِ المبضعِ
فعَرَّيْتُ روحي أمام السيوفِ
التي التَهَمَتْكَ ولم تشبعِ
وآمنتُ بالعشقِ نبعَ الجنونِ
فقد برئَ العشقُ مِمَّنْ يَعي
وجئتُكَ في نشوةِ اللاَّعقولِ
أجرُّ جنازةَ عقلي معي!
** **
أتيتُكَ أفتلُ حبلَ السؤالِ:
متى ضَمَّك العشقُ في أضلعي؟
عرفتُكَ في (الطَّلقِ) جسرَ العبورِ
من الرَّحْمِ للعالَمِ الأوسعِ
ووالدتي بِكَ تحدو المخاضَ
على هودج الألَمِ المُمْتِعِ
وقد سِرْتَ بِي للهوى قبلما
يسيرُ بِيَ الجوعُ للمرضَعِ..
لمستُكَ في المهدِ دفءَ الحنانِ
على ثوبِ أُمِّيَ، والملفعِ
وفي الرضعةِ البِكرِ أنتَ الذي
تَقاَطَرْتَ في اللَّبَنِ المُوجَعِ
وقبل الرضاعةِ.. قبل الحليبِ..
تَقاطَرَ إسمُكَ في مَسْمَعي
فأشرقتَ في جوهري ساطعاً
بِما شعَّ من سِرِّكَ المودعِ
بكيتُكَ حتَّى غسلتُ القِماطَ
على ضِفَّتَيْ جُرْحِكَ المُشْرَعِ
وما كنتُ أبكيكَ لو لم تَكُنْ
دماؤُكَ قد أيقظَتْ أدمعي
كَبُرْتُ أنا.. والبكاءُ الصغيرُ
يكبرُ عبر الليالي معي
ولم يبقَ في حجمِ ذاك البكاءِ
مَصَبٌّ يلوذُ بهِ منبعي
أنا دمعةٌ عُمْرُها (أربعونَ)
جحيماً من الأَلمِ المُتْرَعِ
** **
هنا في دمي بَدَأَتْ (كربلاءُ)
وتَمَّتْ إلى آخِرِ المصرعِ
كأنّكَ يومَ أردتَ الخروجَ
عبرتَ الطريقَ على أَضْلُعي
ويومَ انْحَنَىَ بِكَ متنُ الجوادِ
سَقَطْتَ ولكنْ على أَذْرُعي
ويومَ تَوَزَّعْتَ بين الرماحِ
جَمَعْتُكَ في قلبيَ المُولَعِ
** **
فيا حادياً دورانَ الإباءِ
على محورِ العالَمِ الطيِّعِ
كفرتُ بكلِّ الجذورِ التي
أصابَتْكَ رِيًّا ولم تُفْرِعِ
أ لستَ أبا المنجبينَ الأُباةِ
إذا انْتَسَبَ العُقْمُ للخُنَّعِ!
وذكراكَ في نُطَفِ الثائرينَ
تهزُّ الفحولةَ في المضجعِ
تُطِلُّ على خاطري (كربلاءُ)
فتختصرُ الكونَ في موضعِ
هنا حينما انتفضَ الأُقحوانُ
وثار على التُربةِ البلقعِ
هنا كنتَ أنتَ تمطُّ الجهاتِ
وتنمو بأبعادِها الأربعِ
وتحنو على النهرِ.. نهرِ الحياةِ..
يُحاصرُهُ ألفُ مستنقعِ
وحين تناثرَ عِقْدُ الرِّفاقِ
فداءً لدُرَّتِهِ الأنصعِ
هنا (لَبَّتِ) الريحُ داعي (النفيرِ)
و(حَجَّتْ) إلى الجُثَثِ الصُّرَّعِ
فما أَبْصَرَتْ مبدعاً كَ(الحسينِ)
يخطُّ الحياةَ بلا إصبعِ!
ولا عاشقاً كَ(أبي فاضلٍ)
يجيدُ العناقَ بلا أذرعِ!
ولا بطلاً مثلما (عابسٍ)
يهشُّ إذا سارَ للمصرعِ!
** **
هنا العبقريَّةُ تلقي العنانَ
وتهبط من برجِها الأرفعِ
وينهارُ قصرُ الخيالِ المهيبُ
على حيرةِ الشاعرِ المبدعِ
ذكرتُكَ فانسابَ جيدُ الكلامِ
على جهةِ النشوةِ الأروعِ
وعاقرتُ فيكَ نداءَ الحياةِ
إلى الآنَ ظمآنَ لم ينقعِ
فما بَرِحَ الصوتُ (هل من مغيث)
يدوِّي.. يدوِّي.. ولم يُسْمَعِ
هنا في فمي نَبَتَتْ (كربلاءُ)
وأسنانُها الشمُّ لم تُقلعِ
وإصبعُكَ الحرُّ لَمَّا يَزَلْ
يدير بأهدافِهِ إصبعي
فأحشو قناديلَ شعري بما
تَنَوَّرَ من فتحِكَ الأنصعِ
وباسمِكَ استنهضُ الذكرياتِ
الحييَّاتِ من عزلةِ المخدعِ
لعلَّ البطولةَ في زَهْوِها
بِيَوْمِكَ، تأتي بلا برقعِ
فأصنع منها المعاني التي
على غير كفَّيكَ لم تُصْنَعِ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:55 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة خيمة من الهواجس على رابية الأربعين
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
287 مشاهدة

العُمْرُ كلُّ العُمْرِ موسمُ هجرةٍ..
وأنا برغم(الأربعينَ) من التَّشَرُّ دِ
ما اتَّفقتُ مع الطريقْ!
فوضايَ خارطتي
ولم أَرَ صُدْفَةً كالحُبِّ..
إنَّ الحبَّ يسقطُ في الحشاَ سَهْواً
كأنَّ السَّهْوَ منبتُهُ العريقْ
كان(الأذانُ) بدايتي..
إنَّ(المآذنَ) في بلاديَ
هُنَّ أَوَّلُ من يفيقْ!
طفلٌ صقيلُ القلبِ
تخطفُني المساجدُ
من ربيعِ طفولتي..
من رقصة الأرجوحة النشوَى..
من الشَّغَفِ المبكِّر بابنة الجيرانِ..
تخطفُني المساجدُ من علامات البلوغِ
فأستجيرُ ببذرةٍ في الروحِ
لم تتركْ تَمَلْمُلَهاَ ولم تركنْ إلى الوهم الأنيقْ
حتَّى إذا أعشبتُ في الأعماقِ
حاولتُ القصيدةَ
كي تُدَرِّبَني
على تقليمِ هذا العشبِ في روحي
وتُلْهِمَني التَّصوُّفَ للفراشةِ
والتبتُّلَ للبنفسجِ والتنسُّكَ للرحيقْ
لِيَ أصدقاءٌ في الحديقةِ
كلَّما ناجيتُهُمْ
فَزَّتْ من الأعشاشِ أطيارُ الحنينِ
ومال ناحيةَ الصِّباَ غصنُ الحكاياتِ الوريقْ
ودمي فصيلتُهُ الفلاحةُ
فالحقولُ من النخاعِ إلى النخاعِ
ونصفُ أوردتي زغاردُ..
نصفُ أوردتي نقيقْ!
وعلى جذوع النخلِ في بلدي
تَسَلَّقتُ السنينَ إلى أعالي العُمْرِ..
عَرَّيتُ المدَى الممتدَّ في جغرافياَ الإنسانِ..
نَقَّبتُ الخرائطَ باتّساع النَّفْسِ..
بَلَّلتُ القصائدَ
في بحيرات المجازات البعيدةِ..
تائهاً في رحلة المعنى من المجهول للمجهولِ
أنحتُ وجهَ هذا الوقتِ في حَجَرِ الحنينِ
وأمتطي ريش الأغاني
طائراً ما بين هاويتينِ
حيث الدربُ من نفسي إلى نفسي طويلٌ كالزمانِ
ولا دليلَ يقودُني نحو الحقيقةِ
غير رائحةِ العفونةِ..
لا دليلَ يقودُني نحوي سوى الأَلَمِ العميقْ
فأنا برغم(الأربعينَ) من التَّشَرُّ دِ
ما اتَّفقتُ مع الطريقْ!
من لعبةِ (القُمَّيْمَةِ) الأُولَى
تَعَلَّمتُ الهروبَ من الحقيقةِ
كي أُخَبِّئَني وراء الرمزِ عن نفسي..
تَعَلَّمتُ الدروبَ إلى(المجازِ)
لأختفي في الضِّفَّةِ الأخرَى من الكلماتِ..
ها هِيَ لعبةُ(القُمَّيْمَةِ) الأُولَى
تُكَرِّرُ نفسَها في كلِّ أزمنتي
وتتبعُني إلى لغتي
وها إِنِّي
خرجتُ الآنَ من تحت السريرِ إلى المخابئِ في السطورِ..
نزلتُ من أعلى السطوحِ إلى الملاجئِ في الجروحِ..
تركتُ دولابَ الملابسِ نحو دولابِ الهواجسِ..
هكذا تمتدُّ(قُمَّيْماَتُ) هذا العُمْرِ
والعَبَثُ المجرَّدُ في مساحتِها يضيقْ
أودعتُ كلَّ عناصري في الشِّعرِ..
إنَّ الشِّعرَ(أنكيدو) الصديقْ
وسَرَتْ خُطايَ على خُطَى(جلجامشَ) الأولَى
فصارعتُ الوحوشَ على مدَى روحي
ومشَّطتُ المسافاتِ الطويلةَ كالجدائلِ
غيرَ أنيَ لم أُفَتِّشْ في دروب الغيبِ عن أبديَّتي..
فَتَّشتُ عن مستلزمات الروحِ
في كينونةٍ صَدِئَتْ
إلى الإكسيرِ من أعماقِ داخليَ السحيقْ
جَرَّبتُ أنسجُ لي
قميصاً من تشابيهِ البديعِ
مُشَجَّرَ الرُّؤيا
يُجَسِّدُ من صفاتِيَ ما يليقْ
جَرَّبتُ أختارُ الوسيلةَ في عناق الموتِ
حين اخترتُ موتاً شاعريا
واحْتَرَبْتُ ومضغتي..
إنَّ القصيدةَ لم تكنْ إلاَّ غنيمةَ حربِنا:
أنا معْ أنا!
ودماؤُنا هِيَ ما نُريق
ودخلتُ في المرآةِ..
نَظَّفتُ الغشاوةَ حول ذاكرة الزجاجِ
فلم أَجِدْني في ملامحِ صورتي
وكأنَّني ضَيَّعتُ في الغُرُباَتِ أصليَ
وانزلقتُ إلى حدود اللاَّ وجود..
هناك أَوْقَفَني المجازُ وقال:
كُنْ مرآةَ ذاتِكَ كي ترى المرآةَ
أصدقَ من عيون الصقر في لغةِ البريقْ
إنِّي تعبتُ بِقَدْرِ أحلامي..
تعبتُ بغربةٍ
تمتدُّ من يوم (الحسينِ)
إلى نهايات الفجيعةِ في ظهور(القائم المهديِّ)..
ها إنِّي يَئِسْتُ من الخلاصِ
فهل يكون اليأسُ من إحدى علاماتِ الظهورِ؟
وهل بوسع الروح أن تنسلَّ من هذا المضيقْ
شَبَّتْ يدي يا ربُّ من (جمَراَتِ) أسئلتي..
و(أرمي)
لم أُصِبْ (صَنَماً)..
وها أنا في مداكَ الرحبِ أضحيةُ المكانِ..
فيا تُرَى
ما كان يحدثُ ها هُنا
لو لم أجئْ..
لو أنَّ قطعانَ الضحايا لم تَزِدْ كبشاً؟
وماذا سوف يحدثُ
لو تَلاَشَتْ خيمةٌ من عالم المنفَى؟
ستبكرُ جمرةُ التَّسآلِ يا ربي ويندلعُ الحريقْ
فأنا برغم(الأربعينَ) من التَّشَرُّدِ
ما اتَّفقتُ مع الطريقْ
رَنَّ الصدَى..
وهناك شَفَّ عن المدَى
طفلٌ يهاتفُني من الأنقاضِ
في أكنافِ ضاحيةِ الصِّباَ
حيث انتشيتُ أنا وقلبيَ
وانثنيناَ نستعيذُ
بكلِّ حُلْمٍ لم يُفِقْ
من كلِّ حُلْمٍ يستفيقْ!
يا هاتفَ الأنقاضِ
يا طيرَ الهديلِ على جبال الأمسِ..
زُرْنِي..
ها هنا بيتي بمنطقة الكهولةِ
حيث عنواني سعاليَ
والغوايةُ جارتي
وإقامتي في العُمْقِ من(حَيِّ) النعيقْ!
لمْلَمْتُني ودعوتُ طفلاً كُنْتُهُ
ثمَّ اجتمعنا في المُنى:
أنا مَعْ أنا
وسرَى الخيالُ بنا وئيداً
في زقاقِ الذكرياتِ
وكلَّما طُفْناَ هناكَ على جدارٍ خِلْتُهُ قلبي
فقلبيَ والجدارُ كلاهما متصدِّعٌ من خشية الأيَّامِ..
قلبيَ والجدارُ كلاهما ما زال يحفظُ صوتَ أُ مِّيَ
وَهْيَ تدعو أنْ أُقَلِّدَها بِمِسْبَحَةٍ من الأطفالِ
ثمَّ بدأتُ أنظمُهُمْ على بركاتِ دعوتهِا
وأنظمُ ثمَّ أنظمُ
لم أُفِقْ مِمَّا نظمتُ سوى على قيدٍ وثيقْ
سَقَطَ الزمانُ عليَّ
أثقلَ من سقوطِ الشاحناتِ..
وكلَّما عَمَّرْتُ أكثرَ
صرتُ أحتاجُ القصيدةَ
ضعفَ ما أحتاجُها من قبلُ..
أحتاجُ القصيدةَ
كي أُطَبِّبَ بعضَ أوجاع الحقيقةِ
تحت تخدير المجازِ
لعلَّني يوماً أطيقُ من الأسىَ ما لا أطيقْ
فأنا برغم(الأربعينَ) من التَّشَرُّ دِ
ما اتَّفَقْتُ مع الطريقْ
أتنفَّسُ الكونَ الرحيبَ
فتنتشي بالكائناتِ عروقُ أنفاسي
وأبتلعُ المجرَّةَ في الشهيقْ
وأكادُ أسقطُ في القنوطِ
وليس ثَمَّةَ صخرةٌ في الأرضِ
تسندُني إذا شئتُ السقوطَ سوى الكتابةِ..
كلَّما ضاق المدَى
وَسَّعْتُهُ بقصيدةٍ..
وإذا اختصمتُ ونطفتي حول اليقينِ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:55 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة غراب على شجرة الميلاد
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
289 مشاهدة

في عيدِ ميلادِهِ خانَتْهُ أَشْمُعُهُ

فسارَعَتْ لتُضِيءَ العيدَ أَدْمُعُهُ

كأنَّ عينيهِ..في شوطِ الوفاءِ لهُ..

تَسابَقانِ.. وأوفَى الدمعِ أَسْرَعُهُ!

رَاعَتْهُ من صفحةِ التقويمِ مقصلةٌ

أَهْوَتْ على عُنُقِ الأيَّامِ تقطعُهُ

في الشمعدانِ رأى أعوامَهُ جُثَثاً

صرعَى فمال على نعشٍ يُشَيِّعُهُ

ما استقبلَتْهُ (الموسيقا) كي تُحَصِّنَهُ

ضدَّ الزمانِ ولا قامَتْ تُوَدِّعُهُ

ليتَ المرايا وقد شَظَّتْ ملامحَهُ

تُحصي الوجوهَ التي باتَتْ تُقَنِّعُهُ

في عيدِ ميلادِهِ غابَتْ حبيبتُهُ

وقَلْبُهُ فائضُ الإكسيرِ مُتْرَعُهُ

فاهتزَّ عن ثورةٍ في روحِهِ انْدَلَعَتْ

شوقاً إلى وردةٍ بالحُبِّ تَقْمَعُهُ

شوقاً إلى امرأةٍ أدنَى عقيدتهِا

أنَّ الهوَى للهوَى عَقْدٌ يُشَرِّعُهُ!

**

**

في عيدِ ميلادِهِ.. والذكرياتُ سَرَتْ

مسرَى العقاربِ لا تنفكُّ تَلْسَعُهُ

طافَ البداياتِ.. لا أَشْجَتْهُ قابلةٌ

ترعى المشيئةَ.. لا أَشْجاَهُ مَرْضَعُهُ

باكٍ على أُمِّهِ: هل كان أَوْجَعَها

في الطَّلْقِ مقدارَ ما الأيَّامُ تُوجِعُهُ؟!

**

**

في عيدِ ميلادِهِ.. دَوَّى على فَمِهِ

صوتٌ ولكنْ من الأحشاءِ مَطْلَعُهُ:

فُكُّوا عقالَ بعيري.. إِنَّ بِي سَفَراً

إِلَيَّ.. ما جَفَّ في الأعماقِ مَنْبَعُهُ!

تبا لهُ طائراً في الغيبِ مُلْتَمِساً

رصاصةً من رصاص الوعيِ تصرعُهُ

مشابكُ الوَهْمِ لم تبرحْ تُعَلِّقُهُ

للريح.. أنَّى تَهُبُّ الريحُ تصفعُهُ

ألفَى الحياةَ قميصاً.. والثقوبُ بهِ

شَتَّى.. فما زال بالمعنىَ يُرَقِّعُهُ

مَشَى على ريبةٍ في نفسِهِ فمَشَتْ

جحافلُ النملِ في جنبيهِ تَتْبَعُهُ

محدودب الروح مِمَّا روحُهُ حمَلَتْ

للأرضِ حُبّا وما انْفَكَّتْ تُوَزِّعُهُ

لا شيءَ أكثر في ظلمائِهِ فَزَعاً

من فكرةٍ في ظلامِ الرأسِ تُفْزِعُهُ

إذا امتطَى قَلَمٌ إحدَى أصابعِهِ

تَأَلَّقَتْ ببريقِ الماسِ إصبعُهُ

**

**

في عيدِ ميلادِهِ.. ما زال يصرخُ في

بَرِّيَّةِ الوقتِ لكنْ ليس تَسْمَعُهُ

يُصغي إلى ذاتِهِ إصغاءَ مُعْتَنِقٍ

دِيناً جديداً إلى مَنْ كان يُقْنِعُهُ

صادَفْتُهُ في قطار العُمْرِ وَالْتَبَسَتْ

هناكَ أَضْلُعِيَ الأُولَى وأَضْلُعُهُ

لغزٌ يُفَتِّشُ عن معناهُ وَالْتَقَياَ

كما التقَى في الشَّجَى نصٌّ ومُبْدِعُهُ

صادَفْتُهُ وتَوَحَّدْناَ معاً، وصحا

وجهُ السماءِ على بَرْقٍ يُلَمِّعُهُ

كأنَّنا حينما سِرْناَ: أنا وأنا

نَهْرٌ جرَى وخريرُ الماءِ يتبعُهُ

ما الحبُّ؟ قلتُ: وأَوْجِزْ قال لي: جَرَسٌ

في القلبِ لم نَتَعَلَّمْ كيفَ نَقْرَعُهُ

سار القطارُ ولكنْ لا عيونَ لهُ

يكبو على السُّكَّةِ العمياَ ونرفعُهُ

ولم نزلْ كلَّما ضاق المكانُ بنا

نأوي هناك إلى أُنثَى تُوَسِّعُهُ

**

**

سجا علينا غرابٌ ملءُ عتمتِهِ

ليلٌ.. يخاصمُ فيهِ النجمَ مَوْقِعُهُ

قال الغراب: خذوا عنِّي مراسِمَ كُمْ

في الحزنِ ثُمَّ اصنعوا ما كنتُ أَصْنَعُهُ

قلنا: حنانيكَ قد طال الطريقُ بنا

نحو الغيابِ فحَدِّثْ كيفَ نَرْجِعُهُ

قال: ازرعوا خلفَكُمْ ظِلا يُدِلُّكُمُ

ما خانَ ظِلٌّ بِمَنْ في الأرضِ يزرعُهُ!

قلنا وقالَ.. وأَوكَلْناَ السؤالَ إلى

شَكٍّ يُبَدِّدُهُ حيناً ويجمعُهُ

يا للنِّهايةِ إذْ مَالَتْ بأَذْرُعِنا

نحو الوداعِ فلم تُسْعِفْهُ أَذْرُعُهُ!

سارَ القطارُ وأَعْلَنَّا الحدادَ بهِ

مُذْ جَفَّ من أَحَدِ الرُّكَّابِ مَوْضِعُهُ

يا سائقَ العُمْر.. أَدْرَكْناَ محطَّتَنا

من الحياةِ.. فهل أَجْرٌ فنَدْفَعُه؟

قِفْ عند أَوَّلِ تابوتٍ تَمُرُّ بهِ

هناكَ حيث قميصُ الوقتِ نخلعُهُ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:56 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة سقياك يا والد النهرين
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
285 مشاهدة

عَلِّمْ لسانَكَ يُصغي ف(العراقُ) هُنا..

تَبًّا لكُلِّ لسانٍ لم يَكُنْ أُذُنَا!

هنا (العراقُ).. ولولا ماءُ (دجلتِ)هِ

ما كانَ صلصالُ هذا العَالَمِ انْعَجَنَا

هنا (العراقُ).. ويَطْفُو من مَلَاحِمِهِ

دَمُ الخيالِ الذي في خاطري حُقِنَا

هنا (العراقُ).. ويَغْلِي حوضُ أزمنةٍ

بما صَفَا من مآسيها، وما أَسِنَا

هنا (العراقُ).. تَأَمَّلْ في ملامِحِهِ

تَلْقَ الجزيرةَ/مصرَ/الشامَ/واليَمَنَا

خرائطٌ حيثما شَفَّتْ معالمُها

تشابَهَ السِّجنُ والسَّجَّانُ والسُّجَنَا

يا (شهرزادُ) ارقصي، والحالُ واحدةٌ

إذا رقصتِ علينا أو رقصتِ لَنَا

وذَوِّبِي في (الليالي الأَلْفِ) سُكَّرَةً

أخرى، نُحَلِّي بها الآلامَ والمِحَنَا

واحكي فما ثَمَّ آذانٌ وألسنةٌ..

تَبًّا لكلِّ لسانٍ لم يكنْ أُذُنَا!

زِدْ لانتمائِكَ جذراً ف(العراقُ) هُنا

نهرانِ يحتضنانِ البدءَ والزمناَ

زِدْ لانتمائِكَ موسيقَا، يُرَقْرِقُها

ماءُ (الفراتِ) على صدرِ النخيلِ جَنَى

ويا قديماً تجلَّى والمدى عدمٌ

فمَهَّدَ الأرضَ حتَّى أصبحتْ سَكَنَا

مِنْ عَالَمِ القلبِ جاءَتْهُ نُبُوَّتُهُ

تسعَى، فكان على الإلهامِ مُؤْتَمَنَا

واستمطرَ الوحيَ من آفاقِ هاجسةٍ

في خاطر الغيبِ كي يستنبت السُّنَنَا

ومالَ نحو المعاني وَهْيَ صامتةٌ

في لفظِها، فحَبَاها المنطقَ اللَّسِنَا

حتَّى إذا رَتَّبَ الدنيا كخاطرةٍ

عُليا، ووَزَّعَ في أفكارِها المُدُنَا

دعا المشيئةَ أنْ تجري بما حَمَلَتْ

من المقاديرِ إنْ سَعْدًا وإنْ حَزَنَا

ومُذْ أَسَرَّ إليهِ الغيبُ مِحْنَتَهُ

وما يزالُ بسِرِّ الغيبِ مُمْتَحَنَا

هَبَّتْ طواحينُ هذا الدهرِ تطحنُهُ

فآنَسَتْهُ على أسنانِها خَشِنَا

تالله يا والدَ النهرينِ! لو جبلٌ

لاقَى من الدهرِ ما لاقيتَ لانْطَحَنَا

أبا الشراعِ الذي لم يلقَ عاصفةً

إلاَّ وشَدَّ على أكتافِها، الرَّسَنَا

ويا خليفةَ (نوحٍ) في سفينتِهِ

حيث الأمانةُ لاَقَتْ أشرفَ الأُمَنَا

ما زلتَ في قبضةِ (الطوفانِ) منتصباً

والموجُ حولك غولٌ يبلعُ السُّفُنَا

يجتاحُكَ المَدُّ شبلاً في فتوَّتِهِ

وينثني عنكَ شيخاً عَظْمُهُ وَهَنَا

وأنتَ رأسٌ يقيمُ الأنبياءُ بِهِ

ويحملونَ على أكتافِهِ، المِحَنَا

حَسْبُ الرسالات في ليلِ الكفاحِ إذا

صحوتَ أنتَ، و(نَامَتْ أعينُ الجُبَنَا)

يا جبهةَ الغيرةِ السمراءِ ما حَمَلَتْ

غيرَ (الحسينِ) وراحت تطلبُ (الحَسَنَا)

لا زلتَ كبشَ فداءِ الأرضِ، يَذْبَحُهُ

رَبُّ القطيعِ لكي يُرضِي بِهِ وَثَنَا

فكمْ تنازلتَ عن عينيكَ ذاتَ هوًى

وما تنازلتَ عَمَّنْ فيهما سَكَنَا

يأبىَ الوفاءُ إلى الزندِ الأخيرِ بهِ

ألاَّ تكونَ على (العبَّاسِ) مُؤْتَمَنَا

إذا تنازلَ شَعْبٌ عن قصيدتِهِ

هَيِّئْ لهُ السِّدرَ والكافورَ والكَفَنَا

سقياكَ يا والدَ النهرينِ.. بي عطشٌ

للوحيِ ما انفكَّ في نهريكَ مُخْتَزَنَا

أنا أَقَلُّ فَماً من أنْ أضيفَ دَماً

ل(كربلاءَ)، وأُهدي لل(غَرِيِّ) سَنَا

هَبْنِي بحجمكَ قلباً صامدًا صَمَدًا

حتَّى أَلُمَّكَ فيهِ لوعةً وضَنَا

فقد لقيتُكَ في عينِ المها غَزَلاً

وفي عيونِ المنايا أسيفاً وقَنَا

تَجَمْهَرَتْ كلماتي في عبارتِها

صَفًّا توشَّح بالإيقاعِ، واتَّزَنَا

تَحِيَّةً يا إمامَ الماءِ في زمنٍ

غيماتُهُ تُمْطِرُ الأحقادَ والإِحَنَا

فإنْ أتيتُكَ أحلاماً مُسَعَّفَةً

فأنتَ لي خاطرٌ بالنخلةِ اقترنَا

وإنْ تَنَشَّقْتُ من كينونتي عَبَقاً

على رُباكَ فعندي من (أنَ)اكَ (أنَا)

وحيثما استشعرَ الإنسانُ عِزَّتَهُ

لدى المكانِ، فقد ألفَى له وطنَا

أهواكَ يا قاتلاً سِكِّينُهُ وَتَرٌ

لا يعزفُ القتلَ إلا ناعماً لَدِنَا

إني أتيتُ برَفٍّ من ملائكةٍ

مُوَكَّلينَ بما حُمِّلْتُهُ شَجَنَا

وَقَفْتُ قابَ ارتجافٍ منكَ، ملتبساً

بالشوقِ نجماً تدلَّى في دمي ودَنَا

أمدُّ زندي كزند العودِ محتضِناً

صدرَ الجراح التي لم تلقَ مُحْتَضِنَا

فاركضْ بجرحكَ للأنغامِ ناصعةً

بيضاءَ، واعقدْ عليهِ (الشَّاشَ) والقُطُنَا

أعلنتُكَ الحُبَّ حُبًّا لا نليقُ بهِ

كعاشقَيْنِ إذا لم نَرْوِهِ عَلَنَا

اليومَ يولدُ إنسانٌ على شفتي

من النشيدِ الذي في (بابلٍ) وُزِنَا

أتيتُ أنفضُ عن نفسي (معلَّقةً)

من الوصايا فلا رَبْعًا ولا دِمَنَا

دعني أعاتبُ حادي العيس في لغتي:

كم كان أهدرَ في الصحراءِ نهرَ غِنَا!

ولا تسلْ شاعراً عَمَّا قبيلتُهُ

تحيا بميراثِها من شقوةٍ وعَنَا:

جدِّي (الفرزدقُ) لم يبرحْ يطارحُهُ

عمِّي (جريرٌ) سُباباً بائِتاً نَتِنَا

لا تَخْدَعَنَّكَ (أسفارٌ) مُذَهَّبَةٌ

فربَّما تحمل الديدانَ والعَفَنَا

لم ألقَ وجهَكَ في مرآةِ لحظتِهِ..

رَأًيْتُهُ في مرايا أَمْسِهِ سُجِنَا!

أشعلْ ثقابَكَ في الماضي وسيرتِهِ

سِيِّانِ إنْ هَزُلَ الماضي وإنْ سَمُنَا

عَوَّذْتُني بِكَ مِمَّا قد يجيءُ به

سيلُ القبيلةِ في أمواجِهِ فِتَنَا

عندي شكوكُ (سليمانٍ)، فمعذرةً

إذا ذبحتُ برأسي (الهدهدَ) الفَطِنَا

يا أُسْرَةَ الشَّجَنِ العالي، لنا رَحِمٌ

من (الموسيقا)، لنا أَهْلٌ، لنَا.. ولنَا

مشيئةٌ قد تَشَطَّرْنَا مراضعَها

قِدْماً، ولَمَّا نَزَلْ نستنشقُ اللَّبَنَا

وما تزالُ ظلالُ الروحِ واحدةً

من فرط ما بعضنا في بعضنا دُفِنَا

جئنا الحياةَ وهَنْدَسْنَا الفراغَ بها

شُبَّاكَ حُلْمٍ يرشُّ الكائناتِ مُنَى

من أوَّل الحرفِ لم تنعسْ أصابعُنا

على يَدَيْهِ، ولم تستطعمِ الوَسَنَا

وجهُ السماءِ صَفَعْنَاهُ بقهقهةٍ

هُزْءاً بمَنْ أَمْسَكُوا باللهِ مُرْتَهَنَا

وكلَّما اختلَّ نبضُ الكونِ مضطرباً

رُحْنَا نُوَازِنُهُ بالشِّعْرِ فاتَّزَنَا

نعيدُ إنتاجَ هذا الخلقِ، نصنعُهُ

أحلَى، ونمنحُهُ الألوانَ والسِّحَنَا

هنا (العراقُ) الذي ما ثَمَّ قافيةٌ

لم تَتَّخِذْهُ لجِنِيَّاتِها سَكَنا

فيا ندامايَ في هَمٍّ سواسيةٍ

إنْ بوركَ الهمُّ في الدنيا، وإنْ لُعِنَا

رغمَ الجنائزِ فاضَتْ عن مقابرِها

من فرط ما غصَّ جوفُ الأرضِ واحتقنَا

لا تقرأوا سورةَ (الأجداثِ) في وطنٍ

بَنَى المجازَ.. بَنَى المعنى.. بَنَى.. وبَنَى

ما سَوَّسَ اللحمُ إلا سيفَ قاتلِهِ

حتَّى انثنَى السيفُ مخزيًّا ومُمْتَهَنَا

فها هُنا الموتُ أسمَى من فجيعتِهِ

معنًى، وأنصعُ من وجه الحياةِ سَنَى

يا مَنْ رَفَعْنَا أناشيدَ الجلالِ لهُ

فمالَ عطفاً علينا، وانحنَى، وحَنَى

ما زلتَ بالعالمِ الأرضيِّ مفتتناً

مقدارَ ما بِكَ هذا العالمُ افْتُتِنَا

تُزَوِّجُ الأرضَ بالأخرى، وكم بلدٍ

فيهِ البقاعُ يضاجعنَ البقاعَ زِنَا!

كَمْ في ترابِكَ من روحٍ مُقَدَّسَةٍ

تَجَسَّدَتْهُ فأضحى للسَّما بَدَنَا

لا بُورِكَتْ في يد الإيمانِ مسبحةٌ

حتَّى تزفَّ إليكَ الحمدَ والمِنَنَا

هَبْنَا رضاكَ ووَطِّنَّا بساحتِهِ..

ماذا يكون الرضا إنْ لم يكنْ وطناَ؟!

بِكَ اتَّكَأْنَا على أكتافِ ذاكرةٍ

تُثَبِّتُ الوقتَ حتَّى لا يميدَ بِنَا

مَنْ جاءَ قبلَ الليالي، لا يُقالُ لهُ:

لقد تَأَخَّرْتَ عَمَّنْ سابقَ الزَّمَنَا!

قالوا: تَبَخَّرتَ! قالوها، وما التفتوا

حتَّى تَكَثَّفْتَ في آفاقِهِمْ مُزُنا

لا بُدَّ للأرضِ أنْ تحيا على أملٍ

ما لاحَ فيها اخضرارٌ يرتدي فَنَنَا

ريحانة شمران 08-24-2024 07:56 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة تونس ذاتُ الفجر الثَرِيّ
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
269 مشاهدة

ليَ في القصيدةِ أنْ أزورَ مُقَدَّسي

فأَحُجَّ حجَّ المؤمنينَ بِ(تُونِسِ)

وأطوفَ ثَوْرَتَها الشريفةَ كعبةً

بيضاءَ، طَوْفَ الخاشعِ المُتَلَمِّسِ

يا (تونسَ) الفجرِ الثريِّ وطالما

خُدِعَتْ محاجرُنا بفَجرٍ مُفلِسِ!

طُوبى لوَعيِ الثائرِينَ، تَلَقَّحَتْ

فيهِ البصيرةُ بالدَّمِ المُتَحَمِّسِ

فأنا رأيتُكِ في انتظارِكِ للضُّحى

مرأَى جنينٍ في الظلامِ مُنَكَّسِ

وأنا رأيتُكِ تُولَدِينَ على المدى

نسرًا بغَيرِ سُمُوِّهِ لم يَهجِسِ

هذي البلادُ جديرةٌ في ذاتِها

وصِفاتِها، بالكِبرياءِ النَّرجِسي

هِيَ أبرقتْ لي دعوةً من بَحرِها

وأنا أتيتُ على طريقةِ نورسِ

من طُهرِها الثوريِّ أقبسُ فكرةً

تكسو جبينيَ باليقينِ المُشْمِسِ

وأخيطُ لي حُلمَينِ من أحلامِها

حتَّى تكونَ الآدميَّةُ مَلْبَسي

هِيَ لامستْ مِنِّي بجَمرِ بهائِها

وَتَرًا على طول الحشا لم يُمْسَسِ

فدَرَسْتُها عبر الخريطةِ إنَّما

ألفيتُها في الأرضِ ما لم أدرسِ

أربَى على سَعَةِ الرَّقيمِ جلالُها

وطغى الجمالُ على حدود الفِهرِسِ

هذي البلادُ هواؤُها حُرِّيَّةٌ

مِلْءُ الفضاءِ فيا حروفُ تَنَفَّسي

وخُذي مداكِ من التَّحَرُّرِ..(أَلْحِدِي)

و(تَهَوَّدِي) و(تَنَصَّري) و(تَمَجَّسي)

فالحرفُ يَدنَسُ وَهْوَ غير مُحَرَّرٍ

وإذا تَحَرَّرَ فَهْوَ غير مُدَنَّسِ

هذي البلادُ تَجَسَّدَتْ في خاطري

عن كائنٍ بهواجسي مُتَلبِّسِ

تتشابهُ الأشجانُ لا أشكالُنا

فنرى على المرآةِ ما لم يُعكَسِ

خاضتْ مع الدنيا شراسةَ حربِها

حتَّى الوصول إلى السلامِ الأَشْرَسِ

***

***

هذي بلادُ الطيِّبِينَ فخُضْرَةٌ

مِلءُ المكانِ، وخُضْرَةٌ في الأَنْفُسِ

والشعبُ عُشْبُ الأرضِ حيث كِلاهُما

- غيرَ اخضرارِ صِفاتِهِ - لم يَكْتَسِ

والحُبُّ أكثرُ من كلامٍ بائتٍ

(مليونَ عامٍ) في لِسانٍ أخرسِ

وأنا بجيشِ الفاتحِينَ قلوبَهُمْ

للحُبِّ، جِئتُ كفارسٍ مُتَمَرِّسِ

أنا (عُقبةُ) العُشَّاقِ.. لا تَتَسَلَّحي

في وجهِ أشواقي، ولا تَتَمَتْرَسي

لِيَ في القصيدةِ أنْ أَظَلَّ مُحارِبًا

يقِظًا فوَقتُ الشعرِ وقتُ تَوَجُّسِ

أقبلتُ من أقصى المشاعرِ فاتحًا

من أَطْلَسِ الأرواحِ كلَّ الأطلسِ

طُرُقي إليكِ بقَلبِيَ اسْتَطلَعتُها

رَصْدًا، وإحساسي أداةُ تَجَسُّسِي!

أنوي احتلالَ هواكِ عبر كتائبٍ

فُرسانُهُنَّ من الندَى والنَّرجِسِ

مَنْ مُبلِغُ (الحُصُرِيِّ) في ملكوتِهِ

أَنِّي بلَيْلِكِ كوكبٌ لم يَنعَسِ؟!

وأنا هلالُ منارةٍ في (جامعٍ)

ب(القيروانِ) كقلبيَ المُتَقَوِّسِ

وأنا ب(قرطاجِ) الحضارةِ قُبَّةٌ

أبديَّةٌ حيث الخلودُ مُهَندِسي

أَبَدًا أُفَلسِفُ فيكِ نبضَ صبابتي

فتبوحُ فلسفتي بما لم أَحدِسِ

بِكِ قد تحسَّستُ الحياةَ فحَلَّقَتْ

روحي بأُفْقٍ من رقيقِ تَحَسُّسيً

لي في القصيدةِ من جَمالِكِ رَيْعُهُ

فهُنا الجمالُ بضاعةٌ لم تُبخَسِ

***

***

يا (تونسَ) الشَّعبِ المُجَرَّدِ ثائرًا

من ثائرٍ بدَمِ الكفاحِ مُغَمَّسِ

شعبٌ يُجِيدُ قياسَ كلِّ مسافةٍ

بين الخلاصِ وبين طَلقِ مُسَدَّسِ

زَرَعَتْ (فرنسا) فيكِ نبرةَ صوتِها

لكنَّ صوتَ الله لم (يَتَفَرنَسِ)

لكِ في العروبةِ نغمةٌ من طائرٍ

- في غير لونِ غنائهِ - لم يُحبَسِ

ولكِ (ابنُ خلدونَ) العظيمُ خزانةٌ

من ألفِ كنزٍ بالعلومِ مُكدَّسِ

ولكِ النُّهى تفتنُّ في (الزيتونة ال-

خضراء) رمزَ هُوِيَّةٍ لم تُطْمَسِ

والفاطميُّون الأُلى مَلأُوا سماواتِ-

الفُنونِ من (الجواري الكُنَّسِ)

لكِ في العروبةِ غَربُها مُتَوَحِّدًا

بالشرقِ، وحدةَ نخلةٍ بالمَغرِسِ

ولنا معًا من حُبِّنا جِنسِيَّةٌ

كَونِيَّةٌ،، فالحبُّ غيرُ مُجَنَّسِ!

***

***

يا (تونسَ) الأملِ الذي في صَوتِهِ

صوتُ الحياةِ يصيحُ بي: لا تَيْأَسِ!

أنا ما يَئِسْتُ وإنْ بَدَوْتُ كعاشقٍ

من رحمةِ الشوقِ المُؤَلَّهِ، مُبْلِسِ!

لا تَعذُليني - والحياةُ سياسةٌ -

إنْ لم أكنْ في الشعرِ غيرَ مُسَيَّسِ

فالمَدُّ وسوسةُ البِحارِ، ومنْ رأى

مِنْ قَبْلُ، بحرَ الشعرِ غيرَ مُوَسْوِسِ؟!

كانتْ مُقيَّدةً رُؤَايَ، وأنتِ منْ -

أطلقتِها طَلْقَ السِّهامِ من القِسِي

لستُ (الأُحَيْمِرَ) غيرَ أَنِّيَ أحتفي

بعُواءِ (ذِئبٍ) داخلي، مُسْتَأنَسِ

فالشعرُ (تطبيعُ) القلوبِ على الأسى

حتى نرى في (الحوتِ) معبدَ (يُونسِ)

وإذا اسْتَضَفْتُكِ - والقصيدةُ مجلسٌ -

ليَ أنْ أُوَسِّعَ لاحتضانِكِ مجلسي!!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:57 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة رَوَغان اللغز في زئبق التأويل
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
1,230 مشاهدة

كَسَرَتْ بيضتَها الأرضُ
وألقتْنا إلى السجنِ الترابيّ عصافيرَ حيارىَ
تتدلّى صيحةُ الخوفِ على أفواهنا
مثل تجاعيدَ على خدّ العذارىَ
كيف نشدُو!
ليسَ في المشهدِ أغصانٌ
تُحيِّي روعةَ الشدو فتزدادُ اخضراراَ
ربّما أغنيةٌ تكفي لأنْ تقتلعَ البابَ وتفتضَّ الجداراَ
ربّما أغنيةٌ تكفي..
ولكنْ أينَ نمضي ووراءَ السجنِ تنّينٌ
يبثُّ الرعبَ في الطيرِ إذا اهتزَّ وثاراَ
والمدى يمتدُّ ليلاً سرمديّاً..
كلُّ شيءٍ فيهِ سهرانُ على قارعةِ الوَهْمِ
يخالُ الشُهْبَ عشّاقاً سهارىَ
كلُّ عصفورٍ هُنا بشّرهُ الحبُّ
لئنْ زغردَ أنْ يغدو هزاراَ
واتّفقنا أنْ نُحيلَ السجنَ بستاناً
وأنْ ننثرَ آلافَ الزغاريدِ من القلبِ، بذاراَ
يا رفاقَ القَيْدِ في الزنزانةِ الكُبرى
هلمُّوا نسأل الجدرانَ عمّا نحتَ الماضونَ من خربشةٍ فيها
وما سكُّوا على الأبوابِ أوهاماً كِباراَ
ربّما نكسرُ قيدَ اللُّغزِ
عن أعمارِنا الملقاةِ في الرمزِ
ونهديها من العتقِ سِواراَ
{ { {
ضَحِكَ اللغزُ السماويُّ
وهبّتْ في المدى عاصفةٌ من قهقهاتٍ
قَذَفَتْنا خارجَ الوعي سُكارىَ
صاحتِ السَكرةُ:
إنَّ الموتَ مبراةٌ بكفِّ الدهر..
والأعمار أقلامٌ أُسارىَ
فاكتبُوا أسماءَكُمْ في الدفترِ السُفليّ بالأخضرِ..
روُّوا جرّة الفخّارِ..
هذا النبعُ لا يوردُ إلا مرّةً واحدةً
لن تردُوا النبعَ مِراراَ
خامَرَتْنا فتنةٌ تكشفُ عن نَهْدٍ
على الغيّ استدَاراَ
فانتشى الماءُ المُعَنّى
وتَنَادَمْنا معاً كي نطردَ الشيبَ
وأدلَيْنا المناقيرَ وخَمَّرْنا الجراراَ
{ { {
بيضةُ الفتنةِ لا تحضنُها إلا الثعابينُ
فلا بُدَّ إذنْ أن تُخلقَ الأُنثى
لكي تكتملَ الفتنةُ في الأرضِ وتشتدَّ اختباراَ
شهقَ الإبداعُ في أيقونةِ الخالقِ
حيثُ الطينُ مسبوكٌ من الرغبةِ..
والإكسيرُ في أقصى تجلّيه ابتكاراَ
وسمعنَا داخلَ المخلوقِ
- من فرطِ اغتلامِ الروحِ - للطينِ خُواراَ
فسألنا:
جنّةً أبدعتَ - يا ربَّاهُ - أم أبدعتَ ناراَ؟؟
أطفأتْ نشوتَنا الأنثى
ولم تتركْ من النشوةِ في أجسادِنا إلا خُماراَ
كم تشاجَرْنا على الوِرْدِ
وكانتْ رشفةٌ واحدةٌ تكفي
لأن تستنهضَ الريشَ وتُهديه المداراَ
كلُّ طيرٍ يدّعي النبعَ ولا يعلمُ أنَّ النبعَ غاراَ
ما تبقّى غيرُ وَهْمِ الماءِ مطوِيّاً على المنثورِ من ريشِ (الحُباَرَى(
يا عصافيرَ ستأتي بعدَنا
تلتقطُ الوهمَ وتجترُّ الشجاراَ
حاذروا أنْ تسقطُوا في ظلّنا الملقى
على الشطآنِ أشواكاً صِغاراَ
نحنُ لا ندري:
أَجئنا النبعَ بالإكراهِ أمْ جئنَا اختياراَ؟؟
ظمأٌ خامَرَنا في عتمةِ الآزالِ
فانشقّ المدى عن سربنا الحيرانِ
يقتادُ مع الماءِ حواراَ
ثرثراتُ الموجِ للشاطئِ
لم تبلغْ بِنا الأسبابَ..
لم ترفعْ عن الغيبِ سِتاراَ
فانزلَقْنا في الأساطيرِ..
دخَلنا في دفوفِ (الزارِ)..
أصبحنا دراويشَ على أرصفةِ الغيبِ
وشيّدْنا من الوحشةِ داراَ
{ { {
كان لا بُدّ من المعبدِ
كي نشعلَ في الوحشةَ رُمّاناً ونُذكي جُلّناراَ
لم نُفِقْ إلاّ على التنيّنِ
في رابعةِ الشمسِ على السجنِ أغاراَ
شدّ فكّيْهِ على أجملِ عصفورٍ
ووَارَاهُ بعيداً وتوارىَ
من سيُنهي موقفَ الحيرةِ بينَ السجنِ والتنّينِ..
من يفتحُ ما بينهما ثقباً ويهدينا الفراراَ؟؟
صاحَ عصفورٌ ظننّاهُ من الجنِّ
على أجنحةِ المجهولِ طاراَ:
لا تخافوا.. فأنا الفنُّ..
أنا من وَسَمَ التنّينَ في الهامةِ
فاهتزَّ ليَ الخلدُ وأبقاني على قمّتِهِ الكُبرى مناراَ
لا تخافوا.. فأنا الناطقُ باسمِ الشمسِ منذُ الأبجديّاتِ
أنا من زوّجَ (الجوديَّ) و(الفُلكَ)
غداةَ ارتفعَ (الطوفانُ) و(التنّورُ) فاراَ
يا رفاقَ القيدِ.. إنَّ الفنَّ جرحٌ في جبينِ الموتِ
فافتنُّوا على القيد صموداً واصطباراَ
{ { {
لم نخلْ أنْ يُخلقَ الوحشُ عقاباً للخطايا..
كلُّ طيرٍ مسّهُ المسخُ على قَدْرِ خطاياهُ احتقاراَ
ريشُنا الأعرجُ حطّتْ فوقَهُ شيخوخةُ الهمِّ
فما يسبحُ في رحبِ المدى إلا ادّكاراَ
سخرتْ أُنثى العصافير من الأجنحةِ الشمطاءِ
وافترّتْ على السربِ المسجّى
تتهجّاهُ انحناءً وانكساراَ
نحنُ يا أنثى اشتعالٌ أبديٌّ..
ما انطفأنا منذُ هاجَ الشبقُ الأحمرُ
في الكونِ الذكوريّ
وأومأنَا إلى الشهوةِ: زيدِيه احمراراَ
لم نزلْ نحصي انهياراتِ المدى
تحتَ جناحِ الشمسِ..
مشغوفينَ بالتحليقِ في رغبتِنا
حتّى إذا استدرجَنا الغصنُ نزلناهُ مطاراَ
لم نَخُنْ شهوةَ عنقودٍ
تدلّى من يدِ الحقلِ يُناجينا: اعتصاراَ
{ { {
عبثاً نحلمُ بالنشوةِ..
بالفتحِ الذي يخترقُ الذاتَ ويجتازُ الحصاراَ
يا رفاقَ القيدِ.. هل من فكرةٍ
تبلغُ من نبعِ السماواتِ قراراَ؟
كم دخلنا غابةً من فلسفاتٍ
واحتطبنا شجرَ الحكمةِ كي نوقدَ في المجهولِ ناراَ!
كلّما حنّتْ مرايانا إلى السرِّ
تمادى زئبقُ التأويلِ في شطحتهِ الكُبرى
فما نُمْسِكهُ إلا انبهاراَ
هكذا جُزْنا الليالي
وتناسَلْنَا على وجه مراياها غُباراَ
يعبرُ الدهرُ
وما أعمارُنا إلا محطّاتٌ تُجيدُ الانتظاراَ
وعلى سُكّتِنا العمياءِ
تعوي عرباتُ القهر ذؤباناً وتمتدّ قطاراَ
أيّها السرُّ.. افتِنا عن موعدِ الرحلةِ..
عن تذكرةٍ يقطعُها الغيبُ لنا
سوداءَ مثل الشمسِ لم تصنعْ نهاراَ!!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:57 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة المتنبي كون في ملامح كائن
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
582 مشاهدة

سارٍ.. يُفَتِّشُ بعْضُهُ عن كُلِّهِ

ويلُمُّ ما تُوحي نبوءةُ لَيْلِهِ

مُتَبَتِّلاً للنفْسِ منطلقاً بهِا

يجلو صبابةَ عاشقٍ مُتَأَلِّهِ

لاحَتْ لهُ نارٌ فقال لنفسِهِ

ما قالَهُ (موسى الكليمُ)لأَهْلِهِ

ومشىَ إلى النار/النبوءةِ حافيا

لتَشُبَّ نارُ الانتظارِ بنَعْلِهِ

ورأى الجمالَ قصيدةَ الله التي

من أَجْلِهاَ بَدَأَتْ متاهةُ رُسْلِهِ

فمضَى على طُرُقِ المتاهةِ.. لا تَرَى

غيرَ القوافي يضطربنَ برَحْلِهِ

ساهٍ كما يسهو الخليلُ إذا صَحَتْ

إشراقةُ الذكرَى فحَنَّ لخِلِّهِ

**

**

من قلبِ محفظةِ النخيلِ تَوَهَّجَتْ

عيناهُ: عنوانُ (العراقِ) ونَخْلِهِ

وكساَ مصائرَهُ السَّوادُ كأنَّما

تلك المصائرُ حفنةٌ من كُحْلِهِ

غَزَلَ الرحيلَ وأَلْبَسَ البَرَّ الخُطَى

فسَرَتْ خُطاَهُ وما غَدَرْنَ بِغَزْلِهِ

في غربةٍ هُوَ والحصانُ.. فطالما

شَعَرَ الحصانُ بغربةٍ في تَلِّهِ

صَحَتِ الرِّمالُ على انقلابٍ أسمرٍ

تَتَحَدَّثُ الفصحَى حماحمُ خَيْلِهِ

لَمَحَتْ بهِ الصحراءُ هيأةَ فارسٍ

عَبَرَ الجحيمَ وجاءَها من هَوْلِهِ

ينقادُ في ظِلِّ الملوكِ.. وحينما

دَنَتِ الحقيقةُ قادَهُمْ في ظِلِّهِ

جمَحَتْ قصائدُهُ.. وكلُّ قصيدةٍ

تستنفرُ التاريخَ من إِسْطَبْلِهِ

في هيبةِ الإعصارِ.. سَلَّ على المدَى

سيفَ الهبوبِ وشَقَّ مِعْدَةَ رَمْلِهِ

ما انفكَّ يقتحمُ الزمانَ وكلَّما

مَدَّ الخُطَى رَكَلَ السنينَ بِرِجْلِهِ

شبحٌ بشريانِ الخلودِ مسافرٌ

أبداً يُقصِّرُ من مسافةِ جَهْلِهِ

هُوَ كالمدارِ حكايةٌ لا تنتهي

والفصلُ فيها لا يعودُ لأَصْلِهِ

**

**

كَمَنَ الرُّماَةُ لهُ وراءَ نبالهِمْ

كلٌّ يُعَلِّقُ تُهْمَتَيْنِ بِنَبْلِهِ

كَمَنوا لهُ في القوسِ.. قوسِ ظلامِهِم..

فافترَّ عن سهمٍ يضيءُ بنَصْلِهِ

ما مَدَّ حبلَ رُؤاَهُ في أُفُقِ الرُّؤَى

إلا وأَلْفُ طريدةٍ في حَبْلِهِ

غربالُهُ نَخَلَ الحروفَ فلم يَدَعْ

حرفاً يُكَلِّفُهُ النَّشازُ بِحَمْلِهِ

نشوانُ ما ارْتجفَتْ يداهُ برِيشَةٍ

إلا كما ارتجفَ الصباحُ بِطَلِّهِ

يَتَأَبَّطُ الرُّؤياَ بمنتصف الأسَى

بين اعتزالِ الفيلسوفِ وعَزْلِهِ

ما غاصَ في الملكوتِ إلا عائداً

للذَّاتِ ينقشُ شكلَها في شَكْلِهِ

ضَرَبَ الترابَ براحةِ اللغةِ التي

كَشَفَتْ على الرُّؤْياَ ملامحَ فَأْلِهِ

فرَأَى من الأقدارِ كلَّ صنوفِها

وأشاحَ عن قَدَرٍ ينمُّ بقَتْلِهِ

أَيَخُونُهُ الشِّعرُ الحبيبُ.. ومَنْ رَأَى

عَسَلاً تَوَرَّطَ في خيانةِ نَحْلِهِ؟!

**

**

همَسَتْ لهُ الدنيا بصوتِ حبيبةٍ:

كُتِبَ الهوَى فَرْضاً عليكَ فَصَلِّهِ

فاختارَ ماءَ وضوئِهِ من جدولٍ

تَقِفُ الحياةُ على شواطئِ غُسْلِهِ

فإذا عروسٌ ذَيَّلَتْ فستانَها

بالمغرياتِ وغازَلَتْهُ بذَيْلِهِ

فدَناَ ومال على العروسِ برغبةٍ

لم تَرْضَ من ذاك الرداءِ بفَضْلِهِ

خَطَفَ الحياةَ بكلِّ زينتِها التي

تزهو، وأكملَها بزينةِ قَوْلِهِ

**

**

ضيفٌ على العصر المُخَضَّبِ بالرَّدَى

منذ الحروب تناسَلَتْ في نَسْلِهِ

ثَقُلَتْ عباءتُهُ عليهِ كأنَّها

حمَلَتْ من التاريخ كاملَ ثِقْلِهِ

مال الغريبُ على عصاهُ فأَوْرَقَتْ

فيها الصبابةُ لاحتضانةِ مَيْلِهِ

ومضَى يُحَصِّنُ عصرَهُ بشمائلٍ

أضفَى عليها الشِّعرُ شيمةَ نُبْلِهِ

في تربةِ الكلماتِ عَمَّقَ حَرْثَهُ

فتَنَزَّهَتْ كلُّ العصورِ بِحَقْلِهِ

هو ذاك يسكنُ في الزُّهورِ فلم يزلْ

ما بين زنبقِهِ يتيهُ، وفُلِّهِ

كونٌ تَأَلَّقَ في ملامحِ كائنٍ

وتَهَتَّكَتْ فيهِ عناصرُ وَحْلِهِ

**

**

يا حارقَ الكلماتِ في تعويذةٍ

نَشَرَتْ بَخُورَ حروفِها مِنْ حَوْلِهِ

في الشِّعرِ يحتفلُ الوجودُ بقِصَّةِ ال−

تكوينِ.. فادخلْ بي مجَرَّةَ حَفْلِهِ

ف (أنا) كَ(أنتَ).. تعبتُ من عَبَثِيَّتي

في فَهْمِ مفتاح الوجودِ وقُفْلِهِ

ورجعتُ أحصدُ عُشْبَ خيبتِكَ الذي

ما انفكَّ يُغري المبدعين بأَكْلِهِ

إنَّ الجنونَ وقد رآكَ أَباً لهُ

ما زال يمنحُني هُوِيَّةَ نَجْلِهِ

بئسَ الرجولةُ إِذْ تهادنُ وَعْيَها

وتضيقُ بالنَّزَقِ الشَّقِيِّ وطِفْلِهِ!!

فأنا المشرَّدُ في متاهةِ فجوةٍ

بين انفعالِ دمي وقِلَّةِ فِعْلِهِ

حيران يلدغُني التَّوَجُّسُ كلَّما

في خاطري دَبَّتْ قوافلُ نَمْلِهِ

نغمي امتدادُ صدَى جنينٍ ساقطٍ

عن عرشِهِ السِّريِّ ساعةَ فَصْلِهِ

ما انفكَّ يفتنُني السؤالُ فقادَني

ك(السَّامريِّ) إلى عبادةِ (عِجْلِهِ)ِ:

أيُّ الهواجسِ في الغيوبِ نَصَبْتَهُ

فظَفِرْتَ من جَبَلِ الغيوبِ ب(وَعْلِهِ)؟!

أيُّ الهواجسِ في البيانِ حَقَنْتَهُ

فوَقاَكَ من جَرَبِ الزمانِ وسُلِّهِ؟!

أيُّ الهواجسِ − منذُ ألفِ فجيعةٍ −

ما زال باسمِكَ ممعناً في شُغْلِهِ؟!

ماضٍ إلى أقصَى الجَماَلِ ومنتهَى−

لُغَةٍ يغازلهُا الجمالُ بوَصْلِهِ

يَثِبُ السؤالُ على ندائِكَ كلَّما

بَرَكَ السؤالُ على مرابضِ حَلِّهِ

ويَعِيشُكَ المعنَى خصوبةَ موسمٍ

ما بين تَرْحاَلِ الخيالِ وحِلِّهِ

والرملُ يبحثُ عن هُوِيَّتِهِ التي

قَضَمَتْ ملامحَها براثنُ مَحْلِهِ

فجَمَعْتَ حَوْلَكَ أُمَّةً من أَحْرُفٍ

أَرْكَبْتَهاَ في الحِبْرِ صهوةَ سَيْلِهِ

ومضيتَ تجتاحُ الخريطةَ حالماً

أنْ يستعيدَ الرملُ لَمَّةَ شَمْلِهِ

فإذا الفلاةُ قَسَتْ عليكَ بِجَمْرِها

آوَيْتَ للمعنَى تُنِيخُ بِظِلِّهِ!

خَفِّفْ عليكَ الحُلْمَ ثِقْلَ قصيدةٍ..

كم كان حُلْمُكَ مُفْرِطاً في ثِقْلِهِ!

عَجِزَتْ خيولُ (الرُّومِ) عنك فلم تَطَأْ

مأواكَ في جَبَلِ البيانِ وسَهْلِهِ

وغَزاَكَ من كفِّ (ابنِ عَمِّكَ) خنجرٌ

سكرانُ ما طُعِنَ الوفاءُ بمِثْلِهِ

هِيَ (رِدَّةٌ)أخرَى أفاقَ سرابُها

فإذا (مُسَيْلِمَةٌ) يَهِمُّ بِنهْلِهِ

وإذا الدَّوِيُّ يصكُّ أسماعَ المدَى

من كلِّ (مُرْتَدٍّ) يَدُقُّ بطَبْلِهِ

قَتَلُوكَ كي تَلِدَ الحكايةُ نَفْسَها

وصدَى الهديرِ يعيدُ قِصَّةَ فَحْلِهِ!

ريحانة شمران 08-24-2024 07:58 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة هدهد لظاك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
562 مشاهدة

هَدْهِدْ لَظاك.. إلى متى الغليان!!!

حُمَّتْ بِوهج جراحك الأزمان

وتفجّر التاريخُ باسمك ثورةً

تجري وراء ركابها النيران

غضبان تقتحم العصور كأنّما

يرميك من أحشائه بركان

وأنا وراءك شعلةٌ أبديّة

في صدرها يتألَّقُ الإيمان

أختالُ في النار الّتي كتبت على

عينيَّ، أنّك للقلوب جنان

وأذوبُ في القبس المطرَّز جمره

بهواك حيث يقدَّس الذوبان

يا حاطم الأوثانِ إنَّ حطامها

اتحدت قواه وعادت الأوثان

عادت ويا للويل أيّة عودة

في خطوها تتأنّق الأضغان

ورسالة النور التي انطلقت على

كفَّيك تاه بمدّها العنوان

وبقيت أنت هواجساً قدسيّةً

تشتاق لو غمر الحياة أمان

تتواثب الأكفان فيك وان تكن

نسجت لغير جلالك الأكفان

وتهزّك الأرض التي يقتادها

ظلمٌ فلا يتمرَّد الدوران

إيهٍ أمير المتعبين... إلى متى

تبقى، وهمُّ ضميرك الإنسان

ما زال يربطك الشقاء بأهله

عبر الهوى، ويشدُّك الحرمان

أدمنت في عشق السماء كرامةً

للأرض... بورك ذلك الإدمان

وفتحت صدرك للشجونِ... وحسبُها

ما عانقته بصدرك الأشجانُ

هي صرخةُ النور استفاق سعيرها

في جانحيك فثارت الألحان

وتوثّبتْ فإذا الحياة ينيرها

نبضٌ بروحك مبدعٌ فنَّانُ

ألقى عليَّ ظلاله فتردّدت

بخطوطي الفرشاةُ والألوان

وعلى انتفاضات التحرُّر في دمي

عكفت تقيم طقوسه الأوطان

وتنفَّس المستضعفون فزجَّ بي

مابين أوردة اللظى طوفان

واهتزَّ في وكر الحروف على فمي

نسرٌ وهرولَ في دماي حِصَانُ

يا سيِّدي... أيهزُّ سمعك صادحٌ

بالشعر يزعم أنّهُ كروانُ؟!

أتطيبُ نفسكَ حين يورِقُ مجمرٌ

بالمدح فيك وينتشي فنجانُ؟!

حاشاك إنّك ما انطلقت قوادماً

نوراء كي يزهو بك الطيران

لكن لتسكبَ في الشموس صفائك ال

أزليَّ حين يعوزُها اللمعان

حاشاك إنّك ما انهمرت مواهباً

روحيَّةً ليحوطك العرفان

لكن لتشربك النفوس فيرتوي

فيها الحمام ويظمأُ الثعبان

يا سيّدي.. وكأنَّما انسلخ المدى

ممّا غرستَ، وأجهضَ الوِجدانُ

هذي الحقيقة لا تزال عروقها

ظمآى يكادُ يعقُّها الخفقانُ

وتكاد تُتَّهم الورود بحسنها

والنخل بالكرم الأبيِّ يدان

يا سيّدي... هدهد لظاك فلم يكن

ليذيب من آلامنا الغليان

ما دام يشجيك "ابن آدم" إن شكا

ألماً وصودر من يديه حنانُ

يا سيّدي... والشعر أصلب ساعداً

من أن تكتّف عزمه الأثمان

الشعر أبعد في انطلاقه روحه

من أن تحاصر أفقه القضبانُ

الشعرُ أنت أبوهُ في شرع الهوى

ومتى استساغ عقوقك الولدانُ؟!!

الشعر ما برحت تؤجُّ عروقه

بدماك حيث ترعرع القرآن

والمتعبون أمانةٌ أودعتها

بضميره وسيخسأُ الخوّانُ

ستموت في الميلاد كلُّ قصيدةِ

لم يكسُها بشقائِه عريانُ

ستموت في الميلاد كلُّ قصيدةٍ

لم يرتجفْ في عُمْقِها جوعانُ

ريحانة شمران 08-24-2024 07:59 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة ما زال في الأرض
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
508 مشاهدة

ما زال في الأرض ما يكفي من الغيب

لكي أظلّ غريقاً فيك يا ربي

كل الذين لك انقادوا على ولهٍ

قد استعاروا دمي واستأجروا قلبي

أقسمت بالحب أن أجتث من عضدٍ

يمناي لو أغلقت باباً على الحب

خط استواء الهوى في كل خارطة

للكون يمتد من جنبي إلى جنبي

خوفاً على الأرض خوفا من تدحرجها

بالخلق علقتها في عروة الهدب

لو يكبر الناس في حبري وفي قلمي

ضاعفت أعمارهم بالجمع والضرب

عندي من الحب ما يكفي ليمنحني

حصانة النفس ضد الزهو والعجب

خذني إليك إلى نجوى سواسية

في مسجد القرب أو في حانة القرب

ما دمت أشرب قرباً منك يسكرني

فالأصرف العمر بين السكر والشرب

أغنيتني بك في روحي فلا عتب

إذا افتقرت وعاش الفقر في جيبي

معي مفاتيح بيت الشعر أحملها

كي أفتح الكون من قطب إلى قطب

يا رب يوسف هل شئت السقوط له

في عتمة البئر كي ينجو من الذنب

خذني لنجواك واشطبني بصاعقة

واكتب لقاءاً لنا في آخر الشطب

لي حجة فيك ما أدركت كعبتها

فلم تزل رحلتي في أول الدرب

أمشي مع الركب لا يمشي سوى جسدي

لكنما الروح مالت خارج الركب

لا أدعيك لنفسي إن جنتها

تضيق عن كل هذا الماء والعشب

روحي تفتش كالأرواح عن وطن

أعلى يوحد بين الله والشعب

كل الكروم تذوقنا حلاوتها

فما وجدنا غنىً عن كرمة الغيب

والأرض جبٌ سقطنا وسط عتمته

مفرقين بشرق الجب والغرب

قال النبيون لموا شمل فرقتكم

فلمة الشمل تجلوا عتمة الجب

لم ندرك السر في مغزى رسالتهم

فارتد ساعي بريد الحب بالحرب

هذي التسابيح تطفوا من حناجرنا

كي تغسل الأفق من خوف ومن رعب

والأرض تشتاقنا نبني معابدها

حتى نحررها من قبضة الذئب

كل الحقول العطاشى في مآذنها

تصيح حي على الغيمات والسحب

والنخل لم يرتفع يوماُ بقامته

إلا ليرتق ما في الأفق من ثقب

يا رب ها أنا مجذوب تخطفني

في حلقة الوجد أشكال من الجذب

من غبطة الريح من أنفاس غبطتها

من خضرة الماء من نافورة الخصب

في صفحة الكون آيات مسطرة

ترويك أوضح مما جاء في الكتب

كل الإشارات أغرتني لأتبعها

إليك في زحمة الأسرار والحجب

وأخوتي خوفوني منك يا أبتي

خوفا يجفف ماء الخلق في صلبي

ضيعت في السر ذاتي من ملامحها

لم أبلغ الذات إلا خارج السرب

كثافة الله في نفسي يضاعفها شكي

فلا بد من شك ومن ريب

لا بد لي من سؤال في طفولته

يبقى وإن ساقني عمري إلى الشيب

لا بد لي من سؤال خالد أبداً

يشدني لك بالإيمان يا ربي

ريحانة شمران 08-24-2024 07:59 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة أنّى التفتّ فثمّ إسمك
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
457 مشاهدة

للحُبِّ (مُزْدَلَفٌ) لديكِ و(مَشْعَرُ)

أنا ذا (أَحُجُّ)كِ مُغْرَماً و(أُقَصِّرُ)

أنا ذا أسوقُ الرُّوحَ نحو منابعِ ال

تقوَى فروحيَ وردةٌ تَتَصَحَّرُ

آتٍ على وَلَهٍ وملءُ حقيبتي

مسكٌ من الرُّؤيا يضوعُ، وعنبرُ

أطفأتُ من جسدي المُزَوَّرِ زَيْفَهُ

وأَتَيْتُ يحملُني إليكِ الجوهرُ

وظَنَنْتُني أمضي إلى قَمَرِ السَّما

فوَجَدْتُني أمضي لِماَ هُوَ أَقْمَرُ

يُوحَى إلَِيَّ الآنَ وحيَ نُبُوَّةٍ

وهواكِ يحضنُ رعشتي ويُدَثِّرُ

هذا أنا أعلنتُ حظرَ تَجَوُّلي

في الطيشِ وابتدأَ الحصارُ الخَيِّرُ

ودخلتُ بيتَكِ في القصيدةِ خادماً

طوعَ البيانِ.. يغارُ مِنِّيَ (قنبرُ)

ومشيمةُ التاريخِ تُطعِمُني الهَوَى

من حبلِ صبوتِيَ الذي لا يُبتَرُ

ما كَرَّرَتْني في هواكِ سلالتي

فالحبُّ مثلُ الرُّوحِ لا يَتَكَرَّرُ

يا قِصَّةَ التُّفَّاحِ.. خيرُ رُواَتِها

في الخالدينَ: رحيقُها والسُّكَّرُ

حَبِلَتْ بِكِ الذكرَى كأنَّ (خديجةً)

تنسلُّ في وجع المخاض وتُحشَرُ

وكأنَّها في الطَّلْقِ تُطلقُ أنجماً

من ثغرِها فإذا المجرَّةُ تُزهِرُ

وهنالك ارتفع الحجابُ عن المدى

وانسلَّ من رحم السماء (الكوثرُ)

واستقبلتكِ يَدُ الحياةِ تَحِيَّةً

يخضرُّ في يَدِها الزمانُ الأصفرُ

سأُبَخِّرُ الميلادَ.. إنَّ حشاشتي

جمرٌ وأشجارُ الضلوعِ صنوبرُ

فأنا انتظرتُكِ كانتظارِ (محمَّدٍ)

وأنا انتشيتُ كما انتشَى بِكِ (حيدرُ)

قَدَّمتُ قرباناً إليكِ مشاعري

ما أكذبَ الشعراءَ إنْ لم يَشْعُروا!

هذي هِيَ الكلماتُ بين أناملي

وردٌ بقاموسِ الربيعِ مُسَطَّرُ

من معجزاتِ الحبِّ: مولدُ وردةٍ

من كِلْمَةٍ.. فإذا الحديقةُ دفترُ!

وإذا الفراشةُ فكرةٌ قُزَحِيَّةٌ

تنسابُ عن ألق البيانِ وتخطرُ

وإذا الهوى في كلِّ ما هُوَ كائنٌ

لغزٌ كلُغزِ اللهِ ليس يُفَسَّرُ

يا حَبَّةَ القمحِ التي انْفَلَقَتْ على

كفِّ العصورِ سنابلاً تَتَخَمَّرُ

صوتُ ابتهالِ الجوعِ يصرخُ في

ورَحاَكِ ما زالَتْ تدورُ وتهدرُ

ما زال في التَّنُّورِ خبزُ

تقتاتُ منه على يديكِ، الأعصرُ

سِيَّانِ منكِ: رغيفُ قمحٍ أسمرٌ

نحيا بِهِ، ورغيفُ عشقٍ أحمرُ!

يا همسَ مِسْبَحَتي على شَفَةِ التُّقَى

والرُّوحُ في أورادِها تَتَطَهَّرُ

إنْ صحتُ: (فاطمةٌ) أجابَنِيَ المدَى

عبر الجهات وشَعَّ ضوءٌ أخضرُ

فهناك (فاطمةٌ) و(فاطمةٌ) هنا

أنَّى الْتَفَتُّ فَثَمَّ إِسْمُكِ نَيِّرُ

إسمٌ بهِ اتَّحَدَ الوجودُ كأنَّما

في سرِّ أَحْرُفِهِ المَجَرَّةُ تُبْحِرُ

هُوَ نشوةُ الأسماءِ لو هِيَ تُنْتَشَى

وعصارةُ الأسماءِ لو هِيَ تُعْصَرُ

ريحانة شمران 08-24-2024 08:00 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة في كل عضو منك روح تقى
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
361 مشاهدة

في كلِّ عضوٍ منكِ روحُ تُقىً

تُضفِي عليه جمالَهُ الأنقَى

فكأنَّ خصرَكِ وَسْطَ عُزلَتِهِ

مُتَصَوِّفٌ لِلعالمِ الأبقى

وكأنَّ جِيدَكِ في استقامتِهِ

مُتَمَسِّكٌ بالعروةِ الوثقى

في الخَصرِ ما في الجِيدِ من وَرَعٍ

لا تسألي مَن منهما الأتقى

وجوارحي بِهَواكِ قد غَرِقَتْ

فأنا هنا سَيلٌ مِنَ الغرقَى

وأنا الضحايا في حقيقتِهم

لا تَطلُبِي من غيرِهِم صِدقا

هيا اعشقيني كي يُتاحَ لنا

أن نستعيدَ لِنَفسِنا الخَلْقَا

إن لم تَخُوضِي البحرَ ذات هوىً

قبلي ولم تَستَكشِفي العُمْقَا

ففراشةٌ في النارِ واحدةٌ

تكفي لأنْ نتعلَّمَ العِشْقَا

هيا اعشقيني كي نطير إلى

أقصى المدى ونُوَسِّعَ الأفقَا

وعلى العِناقِ نرى مَجَرَّتَهُ

عُنْقاً تَشُدُّ على الهوى عُنقا

زنداكِ ميزانٌ بِثِقْلِهما

يَزِنُ المَدَارُ الغربَ والشرقَا

لا ترفعي زندًا بِمُفرَدهِ

كي لا يميلَ الكوكبُ الأشقى

وتَمَسَّكِي بالشَّوقِ بَوصَلَةً

سنضيع حين نُضَيِّعُ الشَّوقَا

لا تأمَنِي لأصابِعِي فأنا

أدري بأنَّ أصابِعي حَمْقَى

ريحانة شمران 08-24-2024 08:00 PM

رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
 
قصيدة حديقة بلا غناء
الشاعر: جاسم الصحيح جاسم الصحيح
#العصر الحديث
#المملكة العربية السعودية
0
345 مشاهدة

لا يَأْنَسُ الطينُ حتَّى يحضنَ الطينا

فلا أريدُكِ ريحانًا ونسرينا

لم ننعقدْ في الهوى نبضًا وعاطفةً

حتَّى انعقدنا بهِ خَلْقًا وتكوينا

مشيئةٌ في ضميرِ الغيبِ واحدةٌ

أَوْحَتْ إلينا معًا: يا أنتُما كُونا!

ننحلُّ في الشوقِ أعمارًا سواسيةً:

نبضُ (الثلاثينَ) في أحشاءِ (خمسينا)!

لنا من الحُبِّ أحلامٌ/‏ملائكةٌ

باتتْ تكابدُ أوهامًا/‏شياطينا!

لا أَنْصَفَتْنَا المقاهي في صداقتِها

بالعاشقينَ، ولا وَفَّتْ (حَوَارِي)نا

فلم نزلْ حيث يَمَّمْنَا لموعدِنا

نعودُ.. لم تكتحلْ مِنَّا مآقينا؟!

نعودُ كالفتيةِ اللَّاهِينَ ما برحوا

حولَ الغوايةِ طَوَّافِينَ سَاعِينا

نحنُ الذينَ سَفَحْنَا روحَ قهوتِنا

في الانتظارِ، وعَذَّبْنَا الفناجينا

بئسَ المواعيدُ رَتَّبْنَا الهواءَ لها

ثُمَّ التقينا مجازًا في قوافينا

في البُعدِ نقدحُ نجوانا كما انْقَدَحَتْ

من شُعلةِ الغيبِ أحلامُ المُرِيدِينا

نشكو الأسَى فتُعَزِّينَا قصائدُنا

حيثُ القصائدُ مِنْ أشجَى المُعَزِّينا

والأرضُ رانَ عليها رُعبُ معدنِها

فراحَ يُثْخِنَ في الأُفْقِ الحساسينا

ما ضَرَّنا لو صَقَلْنَا بعضَنا شَغَفًا؟!

فلم تزلْ تصقلُ السِّكِّينُ سِكِّينا!

زنزانةُ العُمرِ ضاقتْ دونَ أُغنيةٍ..

إنَّ الأغاني يُوَسِّعْنَ الزَّنازينا!

يسمو بنا الذوقُ حيثُ الذوقُ سَلْطَنَةٌ

تُحِيلُنَا بينَ كَفَّيْهَا سلاطينا

لا شيءَ من كَذِبِ الأيامِ يملؤُنا

بالصِّدقِ غيرَ أكاذيبِ المُغَنِّينا

جئنا من الشوكِ.. من ميراثِ قسوتِهِ..

مُضَمَّدِينَ بأوهامٍ تُدَاوِينا

نحنُ البريدُ الذي أقدامُهُ نَفِدَتْ

من الوقودِ ولم يَلْقَ العناوينا

نمشي بأطولِ ما في الأرضِ من طُرُقٍ

ذاك الطريقُ إلى نسيانِ ماضينا

ما ثَمَّ خوفٌ دَخَلْنَا في غياهبِهِ

إلا حَسِبْنَاهُ منفًى من منافينا

والخُلْدُ ما سَرَقَتْ أفعاهُ من فَرَحٍ

معشارَ ما سَرَقَتْ مِنَّا أفاعينا!

تَبَّتْ يدُ الخوفِ! بِتنَا في مدائنِهِ

نكادُ نهربُ حتَّى من أسامينا

نكادُ نغدرُ بالمعنى فما بَرِحَتْ

شفاهُنا تتلوَّى عن معانينا

نكادُ –والنظراتُ/‏الشكُّ تلدغُنا

نرى العيونَ يُرَبِّينَ الثعابينا

هذي المدائنُ من فرطِ الوداعِ بها

جَفَّتْ، وجَفَّتْ من التلويحِ أيدينا

مُرِّي على الشجر العاري لنمنحَهُ

من المُنى ما يُطَرِّزْنَ الأفانينا

لا دورَ في الحبِّ يُهدِينَا بطولتَهُ

ما لم نُجَسِّدْهُ أبطالاً قرابينا!

الحبُّ شدَّ بأيدينا بيارقَهُ

فرافقيني لنجتاحَ الميادينا

آلامُنا تتربَّى في حناجرِنا

بين المواويلِ أطفالاً وسيمينا

حَسْبُ الشوارعِ أن نكسو ملامحَها

ملامحَ الحبِّ كي تغدو بساتينا

قُومي، نُمَشِّطُ إحساسَ الرصيفِ بنا

إذا عبرناهُ ثُوَّارًا مجانينا

نحيا فُروسِيَّةَ العُشَّاقِ إنْ حَمِيَتْ

أشواقُنا.. إنَّ للأشواقِ (حِطِّينَا)!

سِيَّانِ –والحبُّ لم يبرحْ يُطَيِّرُنا

طِرنَا عصافيرَ أو طِرنَا بَوَالِينا!


الساعة الآن 05:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية