![]() |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » راعية الإلهام
يالَ بلائي مِن عَذابي الطَّويلْ! يالَ بُكائي في الدُّجى. والعَويلْ! يال حيائي مِن ضَميري العليلْ! أَوَّاهِ. ما أَظْلَمَ هذا البلاءْ! * * * كان سَمُوِّي مَطْلَبي في الحياةْ! مَطْلَبَ طَيْرٍ عاشَ بَيْن البُزاةْ! يَخْشى مِن المِخْلَبِ يَخْشى الحصاةْ! في الجَوِّ. في العُشِّ. يُريدُ البقاءْ! * * * مُنْذُ يَفاعي. وأنَا في شُجُونْ! تَكادُ أَنْ تُسْلِمَني لِلْجُنُون! لكِنَّني كنْتُ الأبِيَّ الحَرُونْ! أَكْسِرُ قَيْدي. لَوْ لَقِيتُ الفَناءْ! * * * وكنْتُ بَيْن النَّاسِ نِضْوَ الجَوى! يَرَوْنَ أنِّي قد أَطَعْتُ الهوى! وأنَّني الأَحْمَقُ.. ضَلَّ الصُّوى! فَعاشَ لا يَمْلِكُ إلاَّ الخَواءْ! * * * هل أَسْتَوِي يَوْماً قَرِيرَ الفُؤادْ؟! يَحْلو له العَيْشُ. ويَحْلُو الرُّقادْ؟! وأَجْتَوي –بَعْد القُنُوطِ الجِهادْ؟! جِهادَ أَهْلِ المَيْنِ. أَهْلِ الرِّياءْ؟! * * * هُمْ كالثَّعالي. بالخداعِ المُهِينْ! وبالخُنُوعِ الطَّامِعِ المُسْتَهِينْ! وهم ذُبابٌ يرتوي بالطَّنِينْ! مِن أَجْلِ مَجْدٍ كاذِبٍ. أَوْ رَفَاءْ! * * * وكالذِّئابِ الطُّلْسِ. خَلْفَ السِّتارْ! أَقْصى مُناهُمْ.. أن يَجُوسُوا الدِّيارْ! لِيُلْبِسوا العار ثِيابَ الفَخارْ! لِيأْكُلوا بين دياجي الخفاء! * * * عانَيْتُ مِنْهُم ما يَرُوعُ الضَّمِيرْ! لكِنَّني كُنْتُ السِّراجَ المُنِيرْ! يَفْضحُهُمْ.. يُلْقِي بِهمْ لِلْحَفِيرْ! فَهُمْ هُمُ العُوجُ. وإِنِّي السَّواء! * * * ما خِفْتُهمْ. ما خِفْتُ حَرْباً عَوانْ! مِنْهُمْ.. فما أَكْسَب هذا الرِّهانْ! لن يَغْلِبَ القسْوَةَ إلاَّ الحَنانْ! ودامِسُ الدَّيجُورِ يَخْشى الضِّياءْ! * * * ما أَكْرَمَ العَيْشَ إذا ما اسْتَقامْ! ولم يُخِفْهُ بالوَعِيدِ الطَّغامْ! وعاش في النُّورِ. وجافى الظَّلامْ! وهُوَ هُوَ السَّوْطُ على مَن أساءْ! * * * يا رَبَّةَ الإِلْهامِ. ذَاتَ النَّقاءْ! يا ذاتَ حُبِّي.. ذاتَ عالي اللِّواءْ! عِنْدَكِ –بعد الله كُلُّ الشّفاءْ! مِنْكِ حلا الصُّبْحُ. وطابَ المَساءْ! * * * إنِّي لأَسْتَشْرِفُ مِنْكِ العُلا! شَرُفْتُ بالإِلْهامِ بَيْن الملا! فَعَفْتُ كُلَّ الحُسْنِ.. كُلَّ الطِّلا..! مِن بَعْد أَن كرَّمْتِني بالعَطاءْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أنا .. والشاعر العرفج
طرِبْتُ من العَرْفَجِ المُسْتَنيرِ بِشِعْرٍ بدا كشُعاعِ القَمَرْ! كَصَفْوِ الغَدِيرِ.. كشَدْوِ الكَنارِ .. كحُلْوِ الثِّمارِ.. كنَفْحِ الزَّهَرْ! فقُلْتُ له.. ما أَجَلَّ القريضَ إذا ما سَبانا بهذي الغُرَرْ! بدا لي كَمِثْلِ السَّحابِ النَّدِيِّ يَجُودُ علينا بِحُلْوِ المَطَرْ..! وما الشِّعْرُ إلاَّ انْسكابِ الشُّعورِ.. تُؤازِرُهُ شامِخاتُ الفِكَرْ! لقد أَدَني حَمْلُهُ في الحياةِ ولكِنَّه كانَ حُلْوَ الثَّمَرْ..! فَرُحْتُ أَجُوبُ الذُّرى الشَّامخاتِ. وأَحْمَدُ وِرْدي به والصُّدَرْ! وأَسْتَنْبىءُ النَّجْمَ عَمْا اسْتَبانَ وكانَ الخَفِيَّ وعما اسْتَسَرْ! فُيُنْبِئُني يالَ هذا الحَصادُ ويالَ بَدِيعُ الرُّؤى والسُّوَرْ! تَبارَك مانِحُ هذا الشُّعورِ يَصُوغُ لنا غَالياتِ الدُّرَرْ! ويسقي النمير.. ويروي الظماء فَنِعْمَ النَّمِيرُ.. ونِعْمَ النَّهَرْ! وما نالَه غَيْرُ بَعْضِ الأَنامِ وكانوا العَمالِيق بَيْن البَشَرْ! وكانُوا السَّراةَ. وكانُوا الهُداةَ وكانُوا الشُّداةَ به في السَّحَرْ! أَراني الحَفِيَّ به المُسْتَعِزَّ بِحالَةِ صَحْوِي به والحَذَرْ! فيا ربَّةَ الشعر إنِّي الشغوف وإنِّي الكَنارِيَّ ما بَيْن الشَّجَرْ أَهِيمُ بجناتك الحاليات هُيامي بِحَرِّ اللَّظى مِن سَقَرْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » كانت فبانت
ليلايَ كيف أَطَعْتِ ثُعبانَ السُّلُوِّ فَسَمَّم القَلْبَ الشَّغوفْ؟! أقْسَمْتِ أنَّكِ لَسْتِ ساليةً ولو لاقَيْتِ في الحُبِّ الحُتوفْ! وأنا الغَبِيُّ المُسْتهامُ.. أُصَدِّقُ الكذبَ العَصوف! ما كانَ أَجْدَرَني بِهَجْرِكِ حين كنْتُ أنا العَطُوفْ! لا تَحْسَبي أنِّي الخَروفْ فإِنَّني الأَسَدُ العَيُوفْ! لن تَقْطُفي منِّي..وقد أَعْرَضْتُ.. دانية القُطوفْ! ولسوف يُدْمِيكِ الأَسى ولَسَوْفَ تَحْصُدُكِ الصُّروفْ! إنِّي أراكِ قَصِيدَةً خَرْقَاءَ شَائِهَةَ الحُروفْ! فَتَوقَّعي إلاَّ الرُّجُوعَ إليكِ ما أحْلى العُزُوفْ! بالأَمْسِ كنْتِ البَدْرَ يُشْرِقُ ثُمَّ أَدْرَكَكِ الكُسوفْ! ما عُدْتُ أَحْلَمُ بالّلآلِىءِ أَوْ أَتُوقُ إلى الشُّغُوفْ! بل عُدْتُ أَحْلَمُ بالبَتُولِ يَزينُها القَلْبُ الرَّؤوفْ! فَلْتُعرِضي عنِّي. كما أعرضت ولْتَضَعِي الهوى فوق الرفوفْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » ماض وحاضر
نظَرْتُ إليها وهي تَرْنُو بِطَرْفِها إليَّ كَلَيْثٍ في عَرِينٍ مُمَنَّعِ! فَأطْرَقْتُ إجْلالا لها ومَهابةً وخِفْتُ فقد تَلْهو وأَشْقى بِمَصْرَعي! وقلت لها رِفْقاً فإنِّي مُفَزَّعٌ من الحُسْنِ هذا وهو غَيْرُ مُفَزَّعِ! ألا رُبَّ قَلْبٍ من جَمالٍ مُبَرْقَعٍ يُطِيحُ بِقَلْبٍ من كَمِيًّ مُدَرَّعِ! تَبارَكْتَ رَبِّي كيف يُشْقي قُلوبَنا ويُسعِدُها حُسْنٌ شدِيدُ التَّرَفُّعِ؟! ولو أَنَّني خُيِّرْتُ ما اخْتَرْتُ مَوْقِفاً لَدى بابِهِ أُبْدِي إليه تَضَرُّعي! فَلِلْحُرِّ نَفْسٌ لا تَطيقُ تَضَرُّعاً.. ولا تنثني عن مَجْدِها المَتَضَوِّعِ! ولكِنَّها تهفو إلى الحُبِّ مُلْهِماً.. بِكُلِّ نَضِيرٍ في الحياةِ ومُمْرِعِ! بِيَنْبُوعها الحالي.. بِشَدْوِ طُيُورِها بِآلائِها من كُلِّ غالٍ ومُمْتِعِ! فكيف أَطِيقُ الصَّبْرَ عنه وصَبْوَتي إليه كجَمْرٍ حارِقٍ بَيْن أَضْلُعي؟! فيا لَيْتَه لم يَطْغَ.. يا لَيْتَ قَلْبَهُ شَجِيٌّ فما يَطْغى كَقَلْبي المُوَلَّع! ولكِنَّ بَعْضَ الحُسْنِ يَدْفَعُ ربَّه إلى جَنَفٍ يَقْسو على المُتَوَجِّعِ! فَيَضْطَرُّه إِمَّا إلى النَّأْي كارِهاً وإمَّا إلى جَدْي يَسيرُ بأَرْبَعِ! ولَيْسَ كَمِثْلِ الهَجْرِ لِلْحُرِّ قاتِلٌ ولَيْس كمِثْلِ النَّأْي لِلْمُتَفَجِّع..! ولو كان رَبُّ الحُسْنِ يُدْرِكُ أَنَّه غَداً سَوْفَ يَمْضي الحُسْنُ غَيْرَ مُوَدِّعِ! لَمَا كانَ مَفْتُوناً.. وما كانَ قاسِياً على عاشِقٍ ذِي خافِقٍ مُتَقَطِّعِ! فيا رُبَّما يَغْدو العَتِيُّ وحُسْنُهُ تَوَلَّى فَيُشْقِيه ازْدِراء التَّقطُّعِ! وقال أُصَيْحابي. وقد شابَ مَفْرِقي وبانتْ غُضُونٌ في المُحَيَّا المُضَلَّعِ! متى أَنْتَ يا هذا المُدَلَّهُ تَرْعَوِي وتُقْصِرُ عن هذا الهوى المُتَطَلِّعِ؟! لقد عُدْتَ شَيْخاً راعِشاً مُتَخلِّعاً وما زِلْتَ عن بَلْواكَ لَسْتَ بِمُقْلِعَ؟! يُشِيحُ الهوى والحُسْنُ عنكَ. أَما تَرى وتسمع ما قالاه فيك؟! ألا تَعِي؟! وقُلْتُ لأَصْحابي. لقد كُنُتُ طامِعاً وقد كانَ ما حاوَلْتُهُ شَرَّ مَطْمَعِ! وقد كنْتُ ضِلِّيلاً حَسَبْتُ كهُولَتِي كمِثْلِ شبابٍ ساءَ فيه تَمَتُّعي! مِن الرُّشْدِ لِلْفانِي الذي عاشَ ماجناً وصَدَّعَهُ الشَّيْطانُ أُنَكى تَصَدُّعِ! تَراجُعُهُ عن غَيّهِ واجْتِنابُهُ مآثِمَهُ قَبْلَ الرَّدى المُتَوَقِّعِ! ولم أَتَراجَعْ بَعْدُ يا لَيْتَ أَنَّني سَلَكْتُ سَبِيلي حِكْمةٍ وتَهَجُّعَ! فَشَتَّانَ ما بَينيْ تَفَجّعِ يافعٍ وشَيْخٍ على العِلاَّتِ لم يَتَوَجَّعِ! تَبارَكْتَ رَبِّي هل سَتَسْخو لآِبِقٍ بِتَوْبَتِه حتى يَرى خَيْرَ مَهْجَعِ! فَيَمْشي به مِن بَعْدِ طُولِ غِوايةٍ.. ويَسْرِي على نورٍ هناك مُشَعْشَعِ! بَلى إِنَّني أَرْجو فما لي وسِيلَةٌ سوى عَفْوِهِ المأْمُولِ يَوْمَ التَّجَمُّعِ! تَجَرَّعْتُ حُلْوَ الإِثْمِ يَوْمَ شَبِيبَتي وها أنا أَشْكو من قرِيرِ التَّجَرُّعِ! لقد جَعَلَتْ مِنِّي الغِوايَةُ طِفْلَها وأدْنَتْ فَمي الظَّمآن مِن ثَدْي مُرْضِعِ! وأهْفُو بِيَوْمي لِلتُّقى وجَلالِهِ ونِيَّةِ قِدِّيسٍ. وعَزْم سَمَيْدَعِ! كأَنِّي بِنَفْسي. وهي في حَمْأَةِ القَذى تَنِقُّ. فما كانت سوى نَفْسِ ضُفْدُعِ! أَهِيْمُ بِمَجْدِ الخالِدين وأَجْتَلي محاسِنَهُم.. أَهْلي وصَحْبي ومَرْبَعي..! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » اِسأليني..
اسْأَلِيني ما الذي يَجْعَلُني شَبَحاً حتى أرى الخَلْقَ هَباءَ؟! واسْأَلِيني عن دَواعِي عُزْلَتي أَفكانَتْ جَفْوَةً أم خُيَلاءَ؟! وإذا أثَرْتِ أنْ لا تَسْأَلي فَدَعيني أُوثِرُ الدَّاءَ العَياءَ! أنا وَحْدي في اعْتِزالي ذائِقٌ لَذَّةَ الروح ابْتِعاداً واجْتِواءَ! * * * واسأليني ما الذي يُسْعِدُني وأنا أُبْصِرُ حَوْلي السُّعداءَ؟! إنَّني أُبْصِرُهم في نَشْوَةٍ فَأَرى فيهم أمانِيَّ الوِضاءَ! تلك كانتْ في شَبابي وانْمَحَتْ وتَبَدَّلْتُ الأسى والبُرَحاءَ! ثم عادتْ وَمْضَةً باسِمَةً في مُحَيَّاهُم.. فَكانَتْ لي عَزاءَ! * * * تُسْعِدُ القَلْبَ الشَّجِيَّ المُسْتَوى في دَياجِيهِ. نُجُومٌ مُشْرِقاتْ! رُبَّما لا يُبْصِرُ الدَّرْبَ بها فهو أَدْجى. أَوْ هو الحَظُّ المَواتْ؟! هو في دُنْياهُ ما يَرْجُو سِوى أَنْ يَرى العالَمَ مَوْفُورَ الهِباتْ! ولقد يَرْضى لهم مائِدَةً.. مُشْتَهاةً. وهو يَرْضى بالفُتاتْ! * * * هكذا عِشْتُ غَنِيّاً بالرُّؤى بالشَّذا تَشْفِي. وتروي بالفُراتْ! وفَقيراً ما يُبالي باللُّهى فهي قد تَسْلِبُهُ حُلْوَ السُّباتْ! ولقد أَشْعُرُ أنِّي طَرِبٌ في دُرُوبٍ مُدْلَهِمَّاتِ السِّماتْ! ولقد أشْدو بِصَمْتٍ مُطْبِقٍ تَتَمنَّاهُ.. فما تَحْظى –اللُّغاتْ! * * * واسْأَلِيني ما الذي يُكْرِبُني؟! ما الذي يَدْفَعُني لِلإِنْزِواءْ؟! رَغْمَ أَنِّي بانزوائي قِلِقٌ دَنِفٌ يهفو لإِخْوانِ الصَّفاءْ! أَيْنَهُم؟! إنِّي إِلَيْهِمْ تائِقٌ أَيْنَهم؟! هل هُمْ كَمِثْلي غُرَباءْ؟! لا تَلاقي بَيْنَنا إنَّ الوَرى فَرَّقُوا ما بَيْنَنا خَوْفَ اللِّقاءْ! والورى فيه صَباً.. فيه دَبُورْ فيه عَقْلٌ مُبْصِرٌ. فيه عَماءْ! فيه رَوْضٌ يانِعٌ. فيه يَبِيسْ بَلْقَعٌ لَيْسَ به نَبْتٌ وماءْ! طالَما أظْمَأَني.. لكِنَّنِي.. سِرْتُ فيه بين أشْتاتِ الظِّماءْ! لم أَجِدْ فيه سِوى ما راعَني مِثْلَ ما راع رَعيلَ الحُكماءْ! * * * واسأَلِيني ما الذي يَبْهَرُني؟! ما الذي يَمْنَحُني حُلْوَ المتَاعْ؟! ما الذي يُؤنِسُني في وَحْشةٍ لَم تَجِدْ في لَيْلِها الدَّاجي شُعاعْ؟! وأعْجَبي مِنِّي.. فما يؤنِسُني غَيْرُ أَنْ تَحْلُوَ في الخَلْقِ الطِّباعْ؟! فلقد أَلْقى رِعاعاً في سَراةٍ ولقد أَلْقى سَراةً في رِعاعْ! * * * واسْأَليني. ما الذي يُرْهِقُني فإِذا مُثْخَناً دُونَ صِراعْ؟! وإذا بي الشِّلْوَ يَدْمي حَمَلاً خائفا ما بَيْنَ أنْيابِ السِّباعْ! وأنا الأَعْزَلُ لا سَيْفَ له يَدْفَعُ الظُّلْمَ.. ولا رأْي مطاع! لَتَمَنَّيْتُ. وما تُجْدِي المُنى أَنَّني كُنْتُ طَعاماً لِلْجِياعْ! * * * واسألِيني. ما الذي يُلْهِمُني ما الذي يُلْهِبُ فِكْري وشُعوري؟! ما الذي يَمْلَؤُنِي مِن غِبْطَةٍ وأنا المَحْزونُ يَطْويني ثُبُوري؟! وأنا الآمِلُ في اللُّبِّ وقد تَغْلِبُ اللُّبَّ وتَطْوِيهِ قُشُوري! وأنا المُلْتاعُ في أَمْسائِهِ حالكاتٍ تَشْتَهي نُورَ البُدورِ! ما الذي يُلْهِمُني يا ماضِياً حافِلاً بالحُسْنِ يُشْقي.. والغُرورِ؟! ما الذي يُلْهِمُني يا حاضِراً لم يَعُدْ عِنْدي سوى ذِكْرى حَرُورِ! إنَّه ذِكْراكِ.. ذِكْرى أَلَمٍ حارِقٍ كالجَمْر ما بَيْنَ الصُّدُورِ! إنَّه أَنْتِ. وقد عادَ غَدي مُلْهَماً يَبْكي على أَمْسي الحَصُورِ! فاسْأَلِيني.. لا فما أُصْغِي إلى فِتْنَةٍ عادت رفاتا في القُبُورِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
محمد حسن فقي » أيها الإنسان
أجْهَدَتْني الحياةُ يا رَبِّ حتى لَتَمَنَّيْتُ أَنْ تَغُولَ المنُونُ! غير أَنِّي أخافُ من سَطْوَةِ الإِثْمِ فتشقى اليقين مِنِّي الظُّنُونُ! كيف ألْقاكَ والغواية ألْهَتْني عن الرُّشْدِ..واسْتَبَدَّ الجُنُونُ! أَفَأَلْقى مِنْكَ الحَنَانَ وما كنتُ حَنوناً.. وأنتَ أنتَ الحَنُونُ! * * * أَمْ سأَلْقى عدالةً تَجْلِد الرُّوحَ بِسَوْطٍ من الجَحيِم رَهيبِ؟! أَنْذَرَتْهُ فما ارعوى. وتَصَدَّى غَيْرَ مُسْتَبْصِرٍ ولا مُسْتَجِيبِ! وتَرَدَّى إلى الحَضِيضِ فلاقى كُلَّ مُسْتَنْكِرٍ وكُلَّ حَرِيبِ! أَلَّفُوا عُصْبَةً وما بالُوا بيَوْمٍ على الغُواةِ عَصِيبِ! * * * كنْتُ مِنْهُمْ.. لكِنَّني كنْتُ أنقاهم ضميرا.. وخَيْرَهمُ تَفْكيرا! كنْتُ أسْتَنْكِرُ الخَطايا وآتِيها وأَسْتَعْذِبُ الشَّرابَ المَرِيرا! وبِقَلْبي الأَلِيمِ لَمْحَةُ نُورٍ لو تَجَلَّتْ لما غَدَوْتُ ضَرِيرا! ولما رُحْتُ ساَدِراً في ضلالٍ يَجْعَلُ النَّابِهَ الحصيف غَرِيرا! * * * ما الذي في غَدِي بَعْد أَمسي جانَبَ الدَّرْكَ مُسْتَنيراً سَوِيّاً؟! فَرأَى فيه فِتْنَةَ اللُّبِّ إذا كان سامِريّاً غَوِيّاَ..؟! فَمَشى عابِثاً بِدَرْبٍ مَقِيتٍ قامَ إِبْليسُهُ عليه وصِيَّا! فيه ما يشتهي العصى فيطويه فَيَغْدو الجَلِيُّ فيه شَجِيَّا! إنَّه كان أَمْسِي فأشْقاني وما زِلْتُ فيه نِضْواً شَقِيَّا! * * * إنَّما الخَلْقُ في الحياة شُكُولٌ مُنْذُ أَنْ صِيغَ من تُقًى وفُجورِ! بَعْضُهُم يَرْتَوِي ارْتِشَافاً من العَذْبِ طَهُوراً.. ويَكتفي بالطَّهُورِ! راضياً بالزَّكِيِّ من طَيِّبِ العَيْشِ قلِيلاً كَمَطْعَم العُصْفُورِ! والصَّبُورُ الصَّبُورُ في هذه الدنيا كرِيمُ العُقْبى كَمِثْلِ الشَّكُورِ! * * * وأنا لم أكُنْ صَبُوراً ولا كنْتُ شَكُوراً.. فَفِيمَ هذا الدَّلالُ؟! أفَبالخُسْرِ والخَطِيئاتِ أَزْهو خابَ مِنْها قَبْلي وَذَلَّ الرِّجالُ! إنَّما الزَّهْوُ والدَّلالُ بِما كانَ جَلِيلاً.. يَعَزُّ مِنهُ الجَلالُ! * * * صارِحيني يا أُخْتَ رُوحي. وصُدِّي عن ضَلُولٍ جافى السُّمُوَّ فَأَهْوى! قد تَحَوَّلْتُ عن سبيلي الذي كان سَوِيّاً. فَلَسْتُ أَهْلاً لِنَجْوى! ما أراني من الغِوايَةِ إلاَّ تابِعاً شَهْوتي ومَنْ كانَ أَغْوى! فاذْكُرِيني إذا خَلَوْتِ بِمِحْرابِكِ ذِكْرى تُزِيحُ كَرْباً وبَلْوى! * * * إنَّني صائِرٌ قَرِيباً إِلى الله بِقَلْبٍ ذي لَوْعَةٍ وانْكِسارِ! خائِفاً.. آمِلاً.. فما أَعْظَمَ العَفْوَ لَدَيْهِ.. عن الخطايا الكِبارِ! ولَعَلِّي بِما أُجِنُّ.. بإِيماني نَقِيّاً مِنْ لَوْثَةٍ وضِرارِ..! أَجِدُ العَفْوَ.. والجَحِيمُ يُنادِيني إِلَيْهِ.. وجَنَّتي في انْتِظاري! * * * نَحْنُ نَلْهُو وفي الشَّبابِ اقْتِحامٌ ثُمَّ نَكْبُوا. وفي الشَّبابِ انْهِزامُ! لِمَ لا نُبْصِرُ العظاتِ فَنَسْتَهْدي ولا يَجْرَحُ الرَّشادَ الحُسامُ؟! الأَشِدَّاءُ قبْلَ أن يَعُودوا ضِعافاً لَيْتَهُم غالَبُوا الهَوى فاسْتَقاموا! كانَ حَقّاً عَلَيْهِمُو أَنْ يضيئوا قَبْلَ أَنْ يَدْهَمَ الحياةَ الحِمامُ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الغاوي الذي استرشد
السَّماواتُ والأراضي تُطِلاَّنِ على الآبِقِ الذي يُرِيدُ الصَّلاةَ! شَهِدا دَمْعَهُ وهَوْلَ لَيالِيهِ وأنَّاتِهِ بِها والشَّكاةَ! فاسْتراحا إليه قلباً جَرِيحاً قارَفَ الأثْمَ صَحْوَةٌ وسُباتا! واسْتفاقَ الأثِيمُ فاجْتاحَهُ الخَوْفُ فقالا له.. سَتَلْقى النَّجاةَ! * * * يا سمائي لقد كَرُمْتِ. ويا أَرْضي لقد كُنْتُما الرُّعاةَ الأُساةَ! أنا أَشْقى بما لَقِيتُ.. فهل أَسْعَدُ يَوْماً إذا غَدوْتُ رُفاتا؟! أَفَيَغْدُو الأُجاجُ في عالَمِ الغَيْبِ إذا مَسَّهُ الكريمُ فُراتا؟! لَسْتُ باليائِسِ القَنُوطِ من الرَّحْمَةِ حتىَّ ولو بَزَزْتُ الجُناةَ! كانَ مِنِّي الإِثْمُ الرَّهيبُ وأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّفْحُ الجَمِيلُ الرَّجاةَ! إن في التَّوْبِ ما يَرُدُّ الخطايا خاسِئاتٍ. وإنْ يَكُنَّ عُتاةَ! أنا هذا الأَثِيمُ يا رَبِّ.. تَشَتَّتْتُ مَليّاً.. فَلُمَّ هذا الشَّتاتا! وارْعَهُ بَعْد أَنْ تَقَدَّمَ في السِّنِّ. وأَمْسى مِن السِّنِينِ فُتاتا! * * * وَيْحَ نَفْسي فقد شَعُرْتُ بِأْنِّي بعد أَنْ تُبْتُ. قد بُعِثْتُ جَدِيدا! فَرَأَيْتُ النُّورَ الوَضِيءَ يُغَشِّيني وقد عِشْتُ في الظَّلامِ مَدِيدا! ورَأَيْتُ الأَخْيارَ حَوْلي يقولون تَقَدَّمْ ولا تَكُنْ رِعْدِيدا..! أَنْتَ مِنَّا أَصْبَحْتَ. فاسْعَدْ بِلُقْيانا!! فقد كُنْتَ عن المَكْرُماتِ هذى بعيدا! وَدِّعِ الأَمْسَ يا شَقِيُّ فقد كانَ على قَلْبِكَ الضَّلُولِ مَرِيدا! ولقد كنْتَ رَغْمَ هَوْلِ خَطاياكَ ذَكِيّاً.. لكِنْ عَتِيّاً عَنِيدا..! فَتَوَغَّلْتَ في الأَثَامِ وأَسْرَفْتَ ولم تُبْقِ للرُّجُوعِ رَصِيدا! وحَسِبْناكَ لن تَعُودَ إلى الرُّشْدِ فإِنَّ الغيان يَجْفو الرَّشِيدا! ثم شاءَ الرَّحْمانُ.. جَلَّتْ أَيادِيهِ عَلَيْنا.. عَيْشاً عَلَيْكَ رغِيدا! سَبِّح الله ما اسْتَطَعْتَ. فقد كانَ رَؤُوفاً حَباكَ صَفْحاً مَجِيدا! وتَطَلَّعْتُ لِلسَّماءِ وأجْهَشْتُ فقد كنْتُ للرَّجِيمِ وَدِيدا! لم يَدَعْني أَفِيقُ من سكْرَةِ الغَيِّ وأَمْسَيْتُ في يَدَيْهِ حَصِيدا! * * * ثُمَّ أَغْضَيْتُ مِن حياءٍ مِن خَوْفٍ. فقد كنْتُ سادِراً في حَياتي! كنْتُ فيها الظَّلُومَ لِلْفِكْرِ والحِسِّ. وكانا في النَّائِباتِ شَباتي! يا لَوَيْلي مِن الغَباءِ فقد كنْتُ بليدا في صَحْوتِي وسُباتِي! كيف هذا؟! وكانَ أَهْلي يَظُنُّونَ بِأنِّي الهُدى. وكانَ لِداتي!؟ * * * ظاهري كانَ يَبْدو قَوِيماً رشيداً حِينما كانَ باطِني الصَّدِي يَتَرَدَّى! لَيْتَهُمْ أَبْصَرُوا العَمِيَّ الذي ظَلَّ خِداعاً بِقاعِهِ يَتَدَهْدى! آهِ لو بِنْتُ لِلْعُيُونِ فلاقَيْتُ ازْدِراءً من العُيُونِ. وصَدَّا! إنَّ هذا الرِّياءَ.. كُبْرى الخَطِيئاتِ أَحالَ الذَّمَّ المُدَمِّرَ حَمْدا! يا إِلهي. لقد شَقِيتُ وأَشْقَيْتُ. فأَبْدَلْتَ شقوتي مِنْكَ سَعْدا! فَتَمَجَّدْتَ.. ما أَجَلَّكَ رَبّاً حين تًحْبو الغواةَ جَاؤُوكَ رِفْدا! أنا فَرْدٌ مِن الغُواةِ.. وما عُدْتُ بِغُفْرانِكَ المُعَزِّزِ.. فَرْدا! أنا عَبْدٌ مِنْهُمْ أَنابَ فَأَمْسى يَتَباهى بِكَوْنِهِ بكَ عَبْدا! * * * بَيْنَ عَهْدٍ مَضى.. وعَهْدٍ جَدِيدٍ بَيْنَ عَهْدِ الدُّجى وعَهْدِ الضِّياءِ! عُدْتُ ما أَشْتَهي سِوى المَجْدِ ما يَهْدِفُ إلاَّ لِنُصْرَةِ الضُّعَفاءِ! عُدْتُ ما أَشْتَهي سِوى المالِ ما يَهْدِفُ إلاَّ لِخِدْمَةِ الفُقَراءِ! عُدْتُ ما أَشْتَهي سوى الصَّفْح مَهْما نالَني من ضراوة الخُصَماءِ! فَلَعَلِّي يوم الحِسابِ أَرى العَفْوَ فَأَغْدو بِه مِن السُّعداءِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » بطرت .. فزلت
ساءلَتْني عن تَباريحِ الهوى في مَجاليهِ.. صُدوداً ووِصالْ! وهي تَرْنو لي بِطَرْفٍ ساحِرٍ يَصْطَفي. أو يجتوي شُمَّ الرِّجالْ! ساءَلَتْني فَتلعْثَمْتُ ولم... أَجِدِ الرَّدَّ على هذا السُّؤالْ! هي تَدْري بالذي تَسْألُني عنه.. تدريه عُيُوباً وخلالْ! وهي من طُغْيانِها في طَنَفٍ تَشْتَهي سُفْلاهُ رَبَّاتُ الحِجالْ! مُشْرِفٍ يَجْعلُها في نَجْوَةٍ عن يَمِينٍ تَحْتَويها أَوْ شِمالْ! تَتَجلىَّ من دَلالٍ قاهرٍ.. يَدعُ الفِكْرَ مَهيضاً والخَيالْ! وبَدا في وَجهِها ما شَفَّني.. فَتَهاوَيْتُ وأَوْجَزْتُ المقالْ! قُلْتُ يا فاتِنَتي إنِّي هَوَى.. ضَلَّ في الدَّرْبِ وأعْياهُ الكلال! سار في رَكْبِكِ حِيناً واسْتَوى فَتْرَةً ثُمَّ هَوى بَيْنَ النِّصالْ! ضَرَّجَتْهُ دُونَ أَنْ تُدْرِكَهُ رأْفَةٌ مِنْكِ.. وما أَشْقى الضَّلالْ! ولقد شاهَدْتِهِ جُرْحاً نَأى عنه مَن يَضْمدُه قَبْلَ الوبالْ! فَتَبَسَّمْتِ وأعْرَضْتِ رِضىً مِنْكِ بالوَيْل اعْتَراني والخبالْ! فَتَمالكْتُ ولم أَشُكُ الضَّنى والهَجِيرَ الحارِقِي بَعْد الظِّلالْ! جَبَرُوتٌ يَشْتَفي مِن هالِكٍ كانَ يُولِيهِ اعْتِلاءً ونَوالْ! ما الذي تَبْغِينَهُ يا فِتْنَتي بعد أن ساء بِمُضْناكِ المآلْ؟! أَنْتِ من جَرَّعَه الكَأْسَ الَّتي صَرَعَتْهُ.. فهو سُقْمٌ واعْتِلالْ! كانَ مَرْمُوقاً فَحاوَلْتِ الذي سَوْف يُبْدِيه لَقىً بيْن الرِّمالْ! لا. فما أَخْسَرَها مِن رغبة لم تَنَلْ مِنِّي.. والحَرْبُ سِجالْ! أنا يا فاتِنَتي رَغْمَ الأَسى جَبَلٌ ما خَرَّ يَوْماً في النِّزالْ! ولقد عُدْتُ لرشدي فاجْتَوَتْ مُهْجَتي الحَرَّى ترانيم الجمال! لم أَنَلْ منه سوى أَرْزائِهِ وهي أرْزاءٌ على الحُرِّ ثِقالْ! صِرْتَ في عَيْنَيَّ. صِرْتي شَبحاً مَلَّهُ القَلْبُ. وما أَحْلى المَلالْ! وَتَنوَّرْتُ سَبيلي في الدُّجى بعدما كان الدجى يخفي النِّمالْ! أَنْتِ. ما أَنْتِ سوى أحبولة وأنا الكارِهُ أَوْهاقَ الحِبالْ! وأنا الشَّامِتُ في الحُسْنِ الذي شاخَ في قَلْبي صِباهُ واسْتَحالْ..! وأنا السَّالي فما يُرْجِعُني.. لِلْهوى الماجِنِ شَوْقٌ وابْتِهالْ! فَهُما منها.. وما أكْذَبَها حِينما تُقْسِمُ.. مكْرٌ واحْتِيالْ! * * * إنَّما أقْدارُنا يا فِتْنَتي عادِلاتٌ. وهي أَغْلالٌ ثِقالْ! حرَّرتْني مِنْكِ ثم اسْتَحْكَمَتْ فيكِ لَمَّا أَنَسَتْ مِنْكِ السَّفالْ! فاصْبِري وامْتَثِلي يا طالَما كنْتِ لِلأَحْرارِ سِجْناً واعْتِقالْ! ولقد كنْتِ سُهاداً قاتِلاً.. لِعُيُونٍ كابَدتْ هَوْلَ اللَّيالْ! فاذْكُرِيها.. فهي لم تَنْسَ الذي كانَ مِن عَسْفِكِ كالداء العُضالْ! فَسَيلْقاكِ سهادٌ مِثْلَها.. وعُضالٌ لا يُعافِيكِ بِحالْ! فَتَسامِي رُبَّما تَلْقاكِ في غَدِكِ الحالِكِ أنْوارُ الهِلالْ! رُبَّما كانَ التَّسامي عِصْمةً بِدُمُوعِ غالِياتٍ كالَّلالْ! فاذْرِفيها.. إنَّها قَنْطَرَةٌ لحياةٍ طَهُرَتْ بعد انحِلالْ! إنّها البَلْسَمُ للجرح الذي قِيلَ أَنْ لا بُرْءَ منه وانْدِمالْ! يالَ مَجْدِ الله في عَلْيائِهِ إنه فَكَّ عن العَقْلِ العِقالْ! فَتَعَزِّي.. أنْتِ أَوْلى من فُؤادي بالعزاءْ! إنَّ لي من كِبْريائي ما يُذِلُّ الكِبْرياءْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الثمانون؟
بعْد الثَّمانِينَ خَبَتْ جَذْوتي وآدَني السُّقْمُ. وطاب الرَّحيلْ! بعد الثمانين أَبَتْ صَبْوَتي إلاَّ انْحساراً عن جبيني الأَثِيلْ! إلاَّ ابْتِعاداً عن هوًى قاتِلٍ يَرْمِي به ثَغْرٌ وطَرْفٌ كحِيلْ! عِشْتُ حَياتي مُصْغياً لِلْهوى فَكانَ لي –أُوّاهِ بِئْسَ الدَّليلْ! كنْتُ حُساماً مُنْتَضًى فاخْتَفى بِغِمْدِه ما إنْ له من صَلِيلْ! عَهْدُ الصَّبا وَلَّى. ومِن بَعْدِه وَلىَّ شبابي راكِضاً من السَّبيلْ! يا لَيْتَني كنْتُ تَوَقَّيْتُهُ هذا الهوى. هذا الضَّلالُ الوبيلْ! ما كنْتُ أَدْرِي أْنَّني سابِحٌ في حَمْأَةٍ أَحْسَبُها السَّلْسَبيلْ! لكنَّها كانَتْ فَفرَّتْ وما أضَلَّنِي بالخادِعِ المُسْتَطِيلْ! كانتْ حُساماً فَوْقَ رأْسي إذا عَصَيْتُه كنْتُ الصَّرِيعَ القَتِيلْ! وَيْلي من الرَّمْضاءِ هَلاَّ اسْتَوَتْ رِجْلايَ منها بالخَمِيلِ الظَّلِيلْ؟! لكِنَّني كنْتُ الفَتى سادِراً في الغَيِّ يروى من قَذاةِ الغَلِيلْ! يَلُومُني الصَّحْبُ فما أَرْعَوِي.. بل أَسْتَوِي مُنْتَشِياً بالصَّهِيلْ! أَشْعُرُ مِن بعد المَشِيبِ الذي أنَهكَني.. أَشْعُرُ أَنِّي العلِيلْ! عَلِيلُ جِسْمٍ راعِشٍ يَنْحَنِي على عَصاهُ. في الضُّحى والأَصِيلْ! يَنْشِجُ في صَمْتٍ لِئَلاَّ يرَى منه الوَرى الدَّمْعَ. ويُخْفي العَوِيلْ! وَيْلي من النَّارِ الَّتي اكْتَوَى بها. ومن شجوى وسُهدي الطَّويلْ! ومِن ضَمِيرٍ لم أُطِعْ نُصْحَهُ كأَنَّما يَطْلُبني المُسْتَحِيلْ! يَخِزُني وخْزاً تسيل الحشا به دَماً يجري. وما من مُقِيلْ! فيا لَعِصْيانٍ مَضى يَبْتَلي.. حاضِرَهُ منه بِهَمٍّ ثَقِيلْ! أَيا ضَمِيري.. إنَّني نادِمٌ فيا لِعِزٍّ يَشْتَهِيهِ الذَّلِيلْ! قد كنْتُ بُوماً ناعِباً من الدُّجى فكيف أَشْدُو في الضُّحَى بالهَدِيلْ؟! والشِّعْرُ كم أَرْسَلْتُهُ شادِياً فَصاغَ دُرّاً في الأَثيث الأَسِيلْ! من الحَوَرِ السَّاجي يُذِيبُ الحَشا والقَدِّ يختال طَرِيداً.. نَحِيلْ! وكادني الحبُّ كما كِدْتُهُ ورُبَّما بَزَّ النَّشِيطَ الكَليلْ بالشِّعْرِ كنْتُ الشَّامِخَ المُعْتَلِي الكاسِب الحَرْبَ بِسَيْفٍ صَقِيلْ! كم دانَ لي الحُسْنُ فأكْرَمْتُهُ من بَعْد أَنْ دانْ. وكان البَخِيلْ! ذلك عَهْدٌ كنْتُ ذا مِرَّةٍ به. ولم يَبْق لها من قَلِيلْ! كم أتَمنىَّ أنَّها لم تَكُنْ وأنَّني كنْتُ الضَّعيفَ الهَزِيلْ! فقد يكونُ الضَّعْفُ لي عِصْمَةً من جَنَفٍ كنْتُ به أَسْتَطِيلْ! واليَوْمَ إنَّي هَيْكَلٌ راعِشٌ يَبِسُهُ راحَ. وراحَ البَلِيلَ! يَدِبُّ.. يَسْتَنْشِقُ بَعْضَ الشَّذا من رَوْضِهِ الذاوِي ورَطْب النَّجيلْ! مِنْ بَعْدِ أَنْ كانَ كثيرَ النَّدى بالثَّمَرِ الحالِي.. زاهي النَّخِيلْ! أسْتَغْفِرُ الله. وأرجو الهُدى منه يُوافِيني بِصَفْحٍ جَمِيلْ! هُناكَ ما أَجْمَلَ تِلْكَ الصُّوى تَهْدِي. وما أَسْعَدَ فيها النَّزِيلْ! ويا أُهَيْلي ورِفاقي الأُلى كانوا هَوايَ المُسْتطابَ الحَفِيلْ! من كانَ مِنهُمُ لم يَزَلْ بالحِمى يَزِينُه.. يَشْرُفُ منه القَبِيلْ! ومَن تَناءى. فهو في دارِهِ تِلْكَ التي تُكْرِمُهُ بالجَزِيلْ! كم طَوَّقُوني بالمُنى حُلْوَةٌ وبالرُّؤى رفَّافَةً تَسْتَمِيلْ! وكنْتُ لا أَشْكو الوَنى مَرَّةً إلاَّ وجاءوا بالمُثِيبِ. المُنيلْ! أَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ لِلْمُنتَأي وأَنْشُدُ النُّعْمى لباقي الرَّعِيلْ! وارْتَجي الغُفْران مِنْهُم على.. ما كانَ مِنِّي قَبْلَ يَوْمِ الرّحَيلْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أيها الإسلام .. أواه
تفكَّرْتُ في الإسلامِ وهو مُحَلِّقٌ وفكَّرْتُ في الإسلامِ وهو كسيرُ! صُقُورٌ يَجُبْنَ الجوَّ غَيْرُ جَوارحٍ ويَبْدو بِهِنَّ الجوُّ وهو قَرِيرُ! تَناءيْنَ عن ظُلْمٍ وخِيمٍ. وعن خَنًى وأَلْهَمَهُنَّ الصّالِحاتِ ضَمِيرُ! وجاءتْ على أَعْقابِهِنَّ حمائِمٌ كَثُرْنَ ولكنْ ما لَهُنَّ هَدِيرُ! كَثُرْنَ ولكنْ ما لهنَّ تَوَثُّبٌ ولا هِمَمٌ كالغابِرينَ تُثِيرُ! فأَغْرَى بِهمْ هذا الخُمولُ طوائِفاً مَطامِعُهُمْ لِلْخامِلينَ سعيرُ! ولو أَنَّهم كانوا كَمِثْلِ جُدودِهِمْ لما كانَ منهم خانِعٌ وحَسِيرُ! رَضُوا بِسَرابٍ خادِعٍ فَتَساقَطوا إلى حُفْرَةٍ فيها الهوانُ خفيرُ! حُطامٌ ومَجْدٌ كاذبٌ وتَفَرُّقٌ مُشِتٌ.. له الحُرُّ الأَبِيُّ أسيرُ! وَنًى وانْحِدارٌ واخْتِلافٌ مُمَزِّقٌ حِراءٌ بكى من وَيْلِهِ وثَبِيرُ! تَذكَّرْتُ أَمْساً كانَ فيه رِجالُهُ لُيُوثاً لهم في القارِعات زَئِيرُا! ولَيْسوا طغاةً بل حُماةً لِرَبْعِهِمْ ولِلنَّاسِ إنْ خطْبٌ أَلَمَّ عسيرُ! أَرُوا العالَمَ المَسْحُوقَ بعد ابْتِزازِهِ وذِلَّتِه عَدْلاً يراه ضَرِيرُ! فَمالَ إلى الحُسْنى. وألقى قِيادَهُ إلَيْهِمْ فلا قَيْدٌ يَشُدُّ.. ونيرُ! تذكَّرْتُ عَهْداً للنَّبِيِّ محمَّدٍ.. وأَصْحابِهِ يَهْدِي النُّهى ويُنِيرُ! كبَدْرٍ أضاءَ الأَرْضَ بعد ظَلامِها فما ثَمَّ إلاَّ راشِدٌ وبَصِيرُ! وما ثَمَّ إلاَّ قانِعٌ بحياتِهِ وراضٍ بها.. بالمُوبِقاتِ خبيرُ..! لقد ذاقَ مِن ماضِيه خُسْراً وذِلَّةً وحاضِرُهُ رِبْحٌ عليه وَفِيرُ..! وكانَ له مِن حُكْمِهِ ما يَسُومُهُ من الخَسْفِ ما يطوى المنى ويُبِيرُ..! وما عاق عن حُرِّيَةٍ وكرامَةٍ ففي كلِّ يَوْمٍ مِحْنَةٌ ونَذِيرُ..! وها هو مّنْذُ اليَوْمِ بعد انْدِحارِهِ بدا في مَغانِيهِ الطُّلُولِ. بَشِيرُ! فعادَ قَرِيراً بالغُزاةِ تَوافَدُوا إليه. وقد يَرْضَى الغُزاةَ.. قَرِيرُ! وكيف. وقد جاءُوا إليه بِعِزَّةٍ ومَيْسَرَةٍ يَهْفو لَهُنَّ فَقِيرُ؟! فَصارَ نَصِيراً لِلَّذينَ تَكَفَّلوا بِعَيشٍ كريمٍ لَيْس فيه نكيرُ! ولا فيه غَبْنٌ من ضَراوةِ ظالِمٍ وما فيه إلاَّ زاهِدٌ ونَصِيرُ! فيا سلَفاً أَفْضى إلى خَيْرِ غايةٍ بِأيمانِهِ.. فارْتاحَ منه ضَمِيرُ! يَسِيرُ إليها راضياً بِمَصيرِهِ.. فَيَلْقاهُ بالأَجْرِ الجَزِيلِ مَصِيرُ! خَمائِلُ خُضْرٌ حالِياتٌ بِنَضْرَةٍ غَدَتْ فَدْفَداً لم يَبْكِ فيه مَطِيرُ! وآياتُ عِمْران شَوامِخُ شُرَّعٌ خَوَرْنَقُها عالي الذُّرى. وسَدِيرُ! وفي هذه الدُّنْيا نُهىً وشاعِرٌ ومنها جَليلٌ شامِخٌ. وصَغيرُ! ومنها هَزيلٌ ضامِرٌ مُتنفِّجٌ ومِنْها –وإن أخْنَى الزَّمانُ طَريرُ! أيا ابْنَ الأُباةِ الصَّيدِ هُبَّ من الكرى فَأَنْتَ بِهذا الصَّحْوِ.. أنْتَ جَدِيرُ! شَبِعْنا سُباتاً كانَ خُلْفاً وفُرْقَةً ومِن حَوْلِنا للطَّامِياتِ هَدِيرُ! وقد يَجْمَعُ الله الشّتاتَ فَإنَّه على جمعه –رَغْمَ الصِّعابِ قَدِيرُ! ولكِنْ عَلَيْنا السَّعْيُ فهو ضَرِيبَةٌ عَلَيْنا كَبِيرٌ دَفْعُها.. وصَغِيرُ! سنَدْفَعُها حتى نَفُوزَ وَنَنْتَهِي إلى غايَةٍ نَعْلو بها ونَطِيرُ! إلى غايةٍ شَمَّاءَ كان جُدُودُنا حَبِيبٌ إليهم نَيْلُها.. ويَسِيرُ! حَدِيثٌ بِه أَمْلى الفَرَزْدَقُ شِعْرَهُ وشايَعَهُ فيه النَّطُوقُ جَرِيرُ! وما هو إلاَّ نَفْثَةٌ عَبْقَرِيَّةٌ لها مِن يَراعِ العَبْقَرِيِّ صَرِيرُ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الراعية
أراعِيتَي لقد أَخْطَأْتُ دَرْبي فَرُدِّي الدَّرْبَ. واسْتَدْني المزارا! شقيتُ وكنتُ أرْتَعُ من رِياضٍ فعادت بعد نَضْرتِها قِفارا..! فما أنا واجِدٌ فيها زُهوراً ولا أنا واجِدٌ فيها ثِمارا..1 وما أَدْرِي لعلَّ غَدي يُوافِي بما أَلْقى به المِنَنَ الكِبارا..! * * * أراعِيَتي لقد أَمْسَيْتُ عَبْداً لأَهْوائي.. وقد أَلْقى التَّبارا! إذا ما شِئْتُ إذْعاناً لِرُشْدي تَباعَدَ وانْثنى عنِّي فِرارا! وكيف وقد رأى حُوباً مُخِيفاً.. يُعَرِّيني ويَسْلِبُني الإِزرا؟! فما أَقْوى على صَدِّ نَفُورٍ له بَلى وأُطِيعُه فأَزِيدُ عارا! * * * أَراعِيَتي. وإنَّ المالَ يَطْوي كَمِثْلِ المجْدِ لِلْخُسْرِ الضَّميرا..! أُطِيعُ جَداهُما رَغَباً فأَهْوِي إلى دَرَكٍ. وما أَخْزَى الحَفِيرا! ولكنِّي أعِيشُ به قَرِيراً فَلَيْتَني كنْتُ في الدَّرَكِ الحَسِيرا! ولوْ كنْتُ البَصِيرَ لما احْتَوانِي ولكنِّي اسْتَوَيْتُ. ضَرِيرا..1 * * * أراعِيَتي. وصارَ هَوايَ مَوْلًى يُسَيِّرُني فما أَشْكو المَسيرا! فيَسْلِبُني الحِسانُ نُهًى وحِسّاً وأَرْضاهُنَّ لي سِجْناً ونِيرا! وأُبْدِلُهُنَّ بِالبأْساءِ نُعْمى فَيَلْقَيْنَ العَسيرَ بها يَسيرا! وأُهْدِرُ بَيْن أَيْدِيهِنَّ رُشْدي بلا وَعْيٍ. فقد كنْتُ الغَرِيرا! * * * أراعِيتي. وكانَ الحِقْدُ يُغْرِي حَشايَ على الذين فَرَوْا أَدِيمي! وما كنْتُ الحَقُودَ فَأَرْغَمَتْني مثالِبُهُم على الطَّبْعِ الذَّمِيم! وما يَرْتَدُّ ذو حِقْدٍ بِعَفْوٍ فما كان الحَقُودُ سوى اللَّئِيمِ! فَأَبْرَأَني بِصَفْعِ قَفاهُ حتى رأيْتُ مَدامِعَ العَبْدِ الزَّنِيمِ! * * * أَراعيتي. ولولا الغَيُّ يُفْضي بِصاحِبِه لِمَرْتَعِهِ الوَخِيمِ..! لَكُنْتُ عَفَوْتُ عن شَرٍّ حَقُودٍ وأَصْدُرُ فيه عن طَبْعي القدِيمِ! ولكنِّي انْقَلَبْتُ إلى عَتِيٍّ يَرى نُعْماهُ في قَهْرِ الغَرِيمِ! لقد كنْتُ المَلاكَ فكيف أغدو وقد دَهَمَ المشِيبُ إلى رَجِيمِ؟! * * * أراعِيَتي. وقد عادَتْ خِلالي مَباذِلَ حَيَّرَتْ أَهْلي وصَحْبي! فما عادَتْ أَشِعَّتُها بِعَقْلي تُضَوِّئُهُ. ولا عادَتْ بِقَلْبي! لماذا يَسْتَحِيلُ التِّبْرُ يَغْلُو.. إلى صَخْرٍ يُجَرِّحُني.. وتُرْبِ؟! لماذا لا يَحُولُ الضِّيقُ يُدْمي ويُرْمِضُ مُهْجَتي الحَرَّى لِرَحْبِ؟! * * * أراعِيَتي. وقد أَحْنُو وأَقْسُو وأَسْلُكُ مَنْهَجيْ سَهْلٍ وصَعْبِ! وأَفْتَرِعُ الذُّرى صَعَداً. وأَهْوِى بِدُونِ تَحَرُّجٍ بقَرارِ جُبِّ! وقد أَدْنو لِسِربي ثم أُنْأى خَؤُوفاً منه. وهو يرِيدُ قُرْبي! وما أَدْرِي أكنْتُ على ضَلالٍ وإلاَّ كنْتُ ذا صَفْوٍ وحُبِّ؟! * * * أراعِيَتي. وأَنْتِ ملاذُ رُوحي وأَنْتِ المَجْدُ لي بِذُرًى عَوالى! فَكُوني لي كما كنْتِ قَبْلاً.. أَعُدْ لِحياةِ طُهْرٍ وامْتِثالِ! فإِنِّي نُؤْتُ من ثِقَلِ الخطايا وحَسْبُكِ بالخطايا من ثِقالِ! وقد عَوَّدْتِني أَنْ تَنْشُلِيني مِن الأَدْراكِ. مِن جَنَفِ الضِّلالِ! عَمِيتُ فَلسْتُ أُبْصِرُ ما أَمامي ولا خَلْفِي. وأَعْياني كَلالي! فَرُدِّيني لأَمْسِيَ. إنَّ يَوْمي يُجَرِّحُني بِأَشْتاتِ النّصالِ! * * * تبارَكَ ذو الجلال. فقد بدا لي نَهارِي بَيْن أَسْدافِ اللَّيالي! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » واقع .. لا خيال
هذه القصة ترويها هذه القصيدة ذات القوافي المتعددة.. دَنا وتَدَلىَّ.. ثم أَمْسَى بِقُرْبِهِا كأَنْ وَرَدَ الفِرْدَوْسَ فاستعذب الوِرْدا! وقالت له. ما أعذب الوصل بَيْنَنا فقال لها أَوّاهِ. ما أَعْذَبَ الرِّفْدا! * * * تَمنَّيْتُ أَنْ لو عِشْتُ في الرَّوْضِ راقصاً فأَطْعَمَ منه المَطْعَمَ اللَّذَّ والشَّهْدا! وأشْتَمُّ منه الوَرْدَ أَعْطَرَ يانِعاً وأَلْثُمُ منه الثَّغْر –والنَّحْرَ وَالنَّهْدا! * * * هنا كل أَلْوانِ الهناءِ. فَلَنْ يرى غدى مِثْلَ يَوْمي المُسْتَفِيضِ من الرَّغْدِ! هنا الحُبُّ يَشْدُو بالجَمالِ ويَزْدَهي بآلائِهِ ما يَشْتَكي لَوْعَةَ الوَجْدِ! تَذَوَّقْتُ منه ما اشْتَهيْتُ من النَّدى وعانَقْتُ فيه ما اشْتَهَيْتُ من الوَعْدِ! وقُلْتُ لها يا نَفْسُ. هذا هو الهَوى يَلَذُّكِ من قُرْبٍ. ويَشْفِيكِ من بُعْدِ! تَركْتُ الذي يَهْوي إلى الدَّرْكِ بالمُنى فأَسْرَيْتُ من سَفْحٍ وَطيءٍ إلى نَجْدِ! فما إنْ يَرى فيه ضَمِيري سِوى الرُّؤي تُطِلُّ عليه بالسَّراوَةِ والمَجْدِ! وما فيه مِن صَدٍّ. ولا فيه من قِلًى ولا مِن سهامٍ قاتِلاتٍ. ولا جُرْدِ! ولكِنْ غُناءٌ.. بَلْ أَغارِيدُ بُلْبُلٍ ونَشْوَتُه من إِلْفِهِ. وشذَى الوَرْدِ! * * * كلانا يَعِشُ العُمْرَ في صَبَواتِهِ وفي أُنْسِهِ بالصَّفْوِ.. والمَنْزِلِ الرَّحْب! قد اتَّفَقا حِسَاً.. كما اتَّفَقَا حِجًى فَطابا بِعَيْش ما يَمَلُّ من القُرْبِ! وكيف يَمُلُّ القُرْبَ مَن عاشَ لاهِفاً عليه. فَلاقى مُتْعَةَ العَقْل والقلب؟! تمرُّ بِهِ السَّاعاتُ عَجْلى كأنَّها ثَوانٍ كَحِلْمٍ مُسْعِدٍ بِالجنَى العَذْبِ! * * * أَجَلْ. هو حِلْمٌ مُسْعِدٌ ثم يَقْظَةٌ تَرَنَّحَ منها الحالمانِ.. وزُلْزِلا! فَتِلْكَ التي أَغْرَتْهُ بالدَّلِّ واللُّهى نَأَتْ عنهُ غَدْراً. فاسْتَرابَ وأَجْفَلا! وقالتْ له ما كنْتُ إلا فَرِيسَةً لِذِئْبٍ رأى فيها شَراباً ومَأْكَلا! فَدَعْني فقد أَثْقَلْتَ. وانْشُدْ ضَحِيَّةً سِوايَ. فقد لاقَيْتُ غَيْرَكَ أَفْضَلا! فقال لها أَحْسَنْتِ بِالهَجْرِ إنَّني أَراني بما قد كنْتُ فيه مُغَفَّلا! وقَلْبي الذي قد كانَ فِيكِ مُتَيَّماً صحا ورأى الإِبْرِيزَ قد عادَ جَنْدَلا! تَحَوَّلَ عن حُبِّ اللَّعُوبِ تَرَفُّعاً وأَنْتِ التي أَيْقَظْتِهِ.. فَتَحَوَّلا! أَلَسْتُ بهذا كنْتُ أَرْبَحَ رَابِح؟! وأَنْتِ به كُنْتِ السَّرابَ المُضَلِّلا؟! * * * سأَشْدو فَيَرْوِي الغيدُ شِعْرِيِ مُحَلِّقاً ويَنْظُمْنَ فيه العِقْدَ زَهْراً مُؤَرِّجا! يُحَلُّونَ أعناقاً به وتواصِياً ويُلْقِينَ إبريزاً وماساً تَوَهَّجا! ويُنْشِدْنَ عنْه الشِّعْرَ يُشْجي بِلَفْظِهِ ومَعْناهُ حرا لا يَذِلُّ.. وأَبْلَجا! أنا الرُّوْضُ أَثماراً وزَهْراً وجَدْوَلاً وإنْ كُنْتُ شَوْكاً لِلضَّلالِ وعَوْسَجا! * * * لعلَّكِ بَعْدَ البَيْنِ والنَّأْيِ قد بدا لِعَيْنَيْكِ ما أَشْجى وما أَوْرَدَ الخُسْرا! سَمِعْتِ من الأَتْرابِ ما أَرْمَضَ الحشا حشاكِ. وقد عادَ النَّسيمُ به جَمْرا! فهل ذرفت عيناك أَدْمع نادمٍ على الحُبِّ كانَ الطُّهْرَ فاخْتَرْتِهِ عِهْرا؟! لقد كُنْتُ في مَغْناكِ بَدْراً مُضَوِّئاً دُجاكِ. ومُنْذُ اليوم لن تُبْصِري البَدْرا! * * * ولن تُبْصِري إلاَّ النَّشاوى بِشَهْوَةٍ إذا اقْتَرفُوها أَعْرضُوا وتَهَرَّبوا! وأَبْقُوا الأقاويلَ المَشِينَة وَصْمَةً كأَنْ لم يكُونوا بالأقاوِيل أَذْنَبُوا! بِلا حَرَجٍ قالوا. وقد يَنْشُرونَها لِيُعْجِمَ فيها الشَّانِئوكِ.. ويُعْرِبُوا! وما زَعَموا بل كانَ حَقّاً لهُم فما يَسْتَطِيعُ الَّوْدَ عَنْكِ.. مُكَذِّبُ! * * * هذه القِصَّةُ ما كانت خَيالاً بَلْ هي الواقِعُ في أَخْزى المَجالي! هي للسَّارِينَ أَجْلى عِبْرَةٍ من دُرُوبٍ سَيْطَرَتْ فيها السَّعالي! ولئِنْ كانوا ذِئاباً تَرْتَوِي مِن دِماءِ الغِيدِ.. أم كانوا ثعالى! فلقد يَنْفَعُها أَنْ تَهْتَدِي بعد طُولِ الغَيِّ بالسِّحْرِ الحَلالِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الأمس واليوم
يا حُلْوتي لو كُنْتِ غازَلْتِني قَبْلَ مَشِيبي لَرَأَيْتِ العُجابْ! لكُنتِ أَفْضَيْتِ إلى نَشْوَةٍ تُنْسِكِ بالبَهْجَةِ نَهْجَ الصوابْ! فإِنَّني كُنْتُ الفتى عارِماً يَفْتَرِعُ الذُّرْوَةَ رَغْمَ الصِّعابْ! عُروقُهُ تَحْوى دَماً لاهِباً يَجْري بِها مُكْتَسِحاً كلَّ بابْ! يالَ شَبابي مِن لَظًى مُحْرِقٍ أَذْهَلَني.. أَذْهَلَ كُلَّ الكِعابْ! قُلْنَ وقد شاهَدْنَهُ عَاصِفاً ماذا بِهِ؟! يا سِحْرَ هذا الشَّبابْ! ورُحْنَ يَحْلَمْنَ بِحُلْوِ الرُّؤى بِه.. ويُكْثِرْنَ عليه الطِّلابْ! وهو قَرِيرٌ بالهَوى جارِحاً أَفْئِدَةَ الغِيدِ.. كماضِي الحِرابْ! تَعِيْثُ في أَحْشائِهنُ المُنى وهُنَّ يَسْعَدْنَ بِهذا العذابْ! أَحْلى المُنى كانَ مِنْها النَّوى بُشْرى بِوَصْلِ حافِلٍ بالثَّوابْ! قالتْ وقد رَاوَدَني طَيْفُها من صَحْوَتي بَيْنَ عَدِيدِ الصِّحابْ! وهي التي تَسْحَرُ أَعْيُنَ النُّهى وهي التي تَخْطُرُ فَوْقَ السَّحابْ! ماذا؟! ألا تَعْرِفُ أنِّي التي مِن دُونِ كُلِّ الفاتِناتِ اللُّبابْ؟! ما لَكَ عَنِّي هكذا مُعْرِضٌ؟! والنَّاسُ. كلُّ النَّاسِ مِنِّي غِضابْ؟! كأَنَّني الشَّهْدُ حَلا صَافِياً فاجْتَمعُوا مِن حَوْلِهِ كالذُّبابْ! يَشْكُونَ مِنِّي الصَّدَّ لكِنَّني أَرْخَيْتُ –فانْجابُوا صَفيقَ الحِجابْ! لم أَحْتَفِلْ إلا بِمُرِّ الهَوى هَواكَ هذا.. بَعْدَ عَذْبِ الشَّرابْ! فاصْدَعْ بِحُبِّي إنَّني جَدْوَلٌ صافٍ. وأَخْدانكَ مِثْلُ السَّرابْ! قُلْتُ لها يا حُلْوَتي. يا جَنى رَوْضٍ نَضِيرٍ.. أَنْتِ مِثْلُ الشِّهابْ! مُسْتَعْلِياً من أُفُقٍ شاهقٍ مُنْتَشِياً بالحُسْنِ غَضِّ الإِهابْ! من خُيَلاءٍ يَسْتَوِي لاهِياً.. بالشَّجْوِ.. ما لِلشَّجْوِ إلاَّ التَّبابْ! وما لَهُ غَيْرُ النَّوى والقِلا.. وما لَهُ غَيْرُ ضَنًى واكْتِئابْ! ولَسْتُ مِن هذا الذُّبابِ الذي أَشْقَيْتِهِ.. عَرَّضْتِهِ لِلْخَرابْ! أَمْسى عَمِيّاً ما يَرى دَرْبَهُ.. كيف؟! وقد خَيَّمَ فيه الضَّبابْ؟! فلا ذَهاباً يَرْتَجي سالِماً وما لَهُ عِنْدَكِ حُسْنُ المآبْ! دَعِي فُؤادِي. إنَّهُ قانِعٌ بِحَظِّهِ مِن زَيْنَبٍ والرَّبابْ! هُما. وسِرْبٌ ناعِمٌ يَشْتَهي هَوايَ.. قد يُخْطِىءُ فيه الحِسابُ! وأَنْتِ.. قد يَغْدو الذُّبابُ الذي صَدَدْتِهِ.. يُقْذِيهِ مِنْكِ الرُّضابُ! فَلْتَحْذَرِيهِ.. رُبَّ مُسْتَوْحِشٍ يَنْهشُ في جِسْمِكِ نَهْشَ الذِّئابْ! أَخْشى احْتِراقي من شِهابٍ يرى ما تَحْتَهُ إلا الهَشيمَ المُذابْ بَكَتْ.. ولكِنِّي ارْتَضَيْتُ الطَّوى عن شِبَعٍ يُلصِقُني بالتُّرابْ أوَّاهِ مِن شَيْخُوخَةٍ لاتَني تَجْعَلُ مِنِّي الشَّدْوَ مِثْلَ النُّعابْ! كُنْتُ هِزاراً شادِياً.. مُطْرِبا وعُدْتُ مِنْها ناعِقاً كالغُرابْ! لو كُنْتُ مِثْلَ الأَمْسِ ما شَفَّنِي حُسْنٌ. ولا أَثْخَنَ رُوحي الضِّرابْ! ولم أَكُنْ أُغْضِي إذا مَسَّني مِن العوادي جَنَفٌ أَوْ سِبابْ! لكِنَّهُ الدَّهْرُ.. ويا وَيْلَتا.. مِنْه فقد أَوْجَعَني بالمُصابْ! ولَيْسَ لي إلا اصْطِبارِي على سِرْدابِهِ المُظْلِمِ بَعْد القِيابْ! تَبارَكَ اللهُ.. فَكَم ضَيِّقٍ نَأْلَفُهُ بَعْد وَسِيع الرِّحابْ! لَيْسَ عُجاباً أُلْفَتِي لِلأَسى وهو ضجيعي.. فالنُّفُور العُجابْ! هذا أَنا. إِنِّي أَلِفْتُ الضَّنى بعد الغِلابِ التَّمِّ. بعد الوِثابْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الحفيدة .. الشاعرة
أَحَفِيدتي. ولأَنْتِ رَوْضٌ ناضِجٌ.. ثمراً وزَهْرا! تُهْدِي به الطَّعْمَ اللَّذيذَ لنا وتُهْدي النَّفْحَ عِطْرا! فَيَزِيدُنا بِكِ فَرحَةً ويَزِيدُنا عِزّاً وفَخْرا..! إنِّي لآمَلُ أَنْ تَكوني كالخُناسِ هُدًى وشِعْرا! وتَكُونَ ذِكْراكِ الحبيبةُ بين رَبْعِكِ. خَيْرَ ذِكْرى! في رَيِّق العُمْرِ المُبَكِّر أنْتِ والأيَّامُ تَتْرى! سترين منها ما يَزِيدُك حِكْمةً حِسّاً وفِكْرا! وتَرَيْنَ مُخْتِلفِ الطَّبائِعِ مِنْهُمُوا.. خَيْراً وشَرَّا! المُرُّ حُلْوٌ يَسْتَحِيلُ بِهِمْ ويَغْدو الحُلْوُ مُرَّا! والضُّرُّ نَفْعاً يَستَحِيلُ ويَسْتَحِيلُ النَّفْعُ ضُرَّا! فاسْتَبْصِري كَيْلا يَغُولُكِ غائِلٌ بِأَذاهُ غَدْرا! واسْتَنْطِقي عَبَرَ الحياة فإِنها تُعْطِيكِ خُبْرا! وتَرُدَّ عَنْكِ الدّاجِيَاتِ المُنْكِراتِ عَلَيْكِ فَجْرا! لم يَسْتَطِعْنَ به اهْتِداءً أَوْ يَطِقْنَ عليه صَبْرا! فَتَمَيَّزوا حَسَداً وغَيْظاً ثم قالوا عَنْكِ هُجْرا! لا تَسْخَطي مِمَّا تَرَيْنَ فَلَنْ يَحُطُّوا مِنْكِ قَدْرا! ضاقُوا بِما لاقُوْهُ صَدْراً وانْشَرَحْتِ وطِبْتِ صَدْرا! هذى هي الدُّنْيا تَمُوجُ بِأَهْلِها.. طُهْراً وعِهْرا! * * * أَحَفِيدتي.. إِنِّي كَبَرْتُ وعادَ مَدِّي اليَوْمَ جَزْرا! أَحْنى الزَّمانُ.. وما اسْتَطَعْتُ غلابَهُ.. رأْساً وظَهْرا! وغَدَتْ عَصايَ تَشُدُّ مِن أَزْرِي. وكنْتُ أَشُدُّ أَزْرا! كنْتُ المَشِيقَ.. كما الرِّماح .. المُسْتَعِزَّ.. المُسْبَطِرَّا! ومَضى الزَّمانُ يَحُثُّ خَطْواً لا يَكِلُّ.. ونحن أَسْرى! وهو الطَّلِيقُ.. وما يَجُوزُ.. المُسْتَطِيلُ.. وما أَضَرَّا..! يَبْلى الشَّبابُ به.. وَيَبلى ما أساءَ وما أَسَرَّا! أَوْلى بنا أَنْ لا نَضِيق بِحُكْمِهِ.. ونَقُولَ شُكْرا! * * * أَحَفِيدتي وعَسايَ أَحْيا كي أَراكِ بِجانِبِ الجَوْزاءِ بَدْرا! وأُصِيخُ سَمْعي لِلرَّوائِعِ مِنْكِ شِعْراً.. ثم نَثْرا! كيْما أَقُولَ تَبارَكَ الرَّحْمنَ إِنَّكِ تَنْثُرِينَ عَلَيَّ دُرَّا! كَمْ كنْتُ أَرْجو اليَوْمَ هذا فاسْتَبانَ وما اسْتَسَرَّا! هذا الصِّبا.. هذا الجمَالُ .. يَرُوعُنا سِرّاً وجَهْرا! ويَخُطُّ في سِفْرِ الخُلُو?ِ مُسَجِّلاً سَطْراً فَسَطْرا! كانَ المُنى غُرّاً.. وما أَحْلا المُنى يَأْتِينَ غُرَّا! فأنا القَرِيرُ به.. أنا الهانِي به.. نُعْمى وأَجْرا! * * * يا نَهْلَةً أَرْوَتْ بِكَوْثَرِها الظَّمِىء المُسْتَحِرَّا! كانَتْ له بُشْراً أَزالَ بِما حَباهُ اليَوْمَ عُسْرا! أَحَمَامتي الوَرُقاءَ.. تَفْتَرِعُ الذُّرى شُمّاً. لقد أَسْعَدَتِ صَقْرا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » وهوى نجم
أسيلوا عليه الدمعَ.. فهوَ بهِ أجْدَى ولا تَذْخرُوا شكراً.. ولا تذْخروا حَمْدا فقدْ كان ذا فضْلٍ.. وقد كان ذا هُدىً يُفيضان للعافين من رَبْعِه رفْدا ولا قوْلَ إلاّ هدْيُه مترسِّلاً ولا فعْل إلا رُشْدُهُ الجَمُّ.. مُمْتدّاً وقدْ كان لا يَسْتشعرُ الفخْرَ بيننا ولكنّه يستشعرُ الحبَّ والزُّهْدا ويُغْضِي عن الذمِّ اللئيمِ. ولا يَرى لصاحبه الجاني عليه به حقْدا! أأَحمدُ.. كنتَ الرّوضَ فينا.. ثمارُه وأزهارُه كانت لنا النّفْحَ والرّغْدا فَصوَّحَ هذا الرّوْضُ.. جَفَّ نَميرُه فلمْ نَلْقَ طعْماً لذّ فِيهِ ولا وِرْدا لقد كنتَ فيه بُلبلاً مُتَفَرِّداً.. بأَنْغامِه يُشْجِي بها المجْدَ والوَجْدا فأجْدبَ هذا الرّوْضُ بَعْدكَ باكياً على طيرهِ الشادِي الذي سكَنَ اللّحْدا ونحْنُ كمِثْلِ الطّيْرِ نشكُو فِراقَهُ حنيناً إليهِ.. في المَراحِ وفي المَغْدَى ونَذْكُرُه فينا شَذىً متضوِّعاً يفوحُ.. فيَسْتَهْدِي به السائرُ القَصْدا وما كان إلاُ الرُّمْدُ مَنْ لا يَرَوْنَهُ ضياءً.. فما أشقى بإنْكارِه الرُّمْدا ترفَّعَ عن نَهْجِ الغُواةِ تزهُّداً ولم يَتَنفَّجْ كبرياءً ولا كَيْدا فإنْ قلْتُ فِكْراً. فهو فيهِ محلّقٌ وإن قلْت حِسّاً. فارْقُبِ الجَزْرَ والمَدَّا هُما كِفَّتا فِكْرٍ وحِسٍّ تهَاطَلا بغَيْثٍ.. حَمِدْنا قَبْلَه البَرْقَ والرّعْدا وهل تُنْبِتُ الآلاءَ إلاّ هَوَاطِلٌ عَمَتْ نَحْسَنا عنَّا وأبْدتْ لنا السَّعْدا! أَأَحْمَدُ.. يا رُبَّ امْرِىءٍ مُتميِّزٍ يُنَوِّرُ لحْداً مِثْلَما يُطْرِبُ المَهْدا وقَدْ كُنْتَهُ شيخاً.. وقَدْ كُنْتَهُ فَتًى فَمَا أَكْرَمَ المَثْوى. وما أكْرَمَ الخُلْدا عسَاني إذا ما شاءَ رّي تباركَتْ آيادِيه.. كم أَجْدَى علينا. وكم أسْدَى رَحِيليَ.. أنْ أَلْقى لديه فواضلاً وإن كنتُ لم أرْعَ الذّمامَ ولا العَهْدا وأَنْ أَتَلاقَى والكرامَ من الأُلَى تسارَعْنَ قبلي للرّحيلِ الذي أَرْدى فكم أَشْتَهِي. والدمعُ يذرفُ والمُنَى تُجاذِبُني شوقاً.. وتُخْلِفُنِي الوَعْدا لِقائِي بهِمْ في مَوْطِن الخُلْدِ.. لا أَسىً بهِ أو وَنىً يُضْنِي المساعيَ والجهْدا ترقَّبْتُهُ يوماً فيَوْماً.. فَلَمْ يَفىءْ إِليَّ.. ولكنْ سامَني النَأي والصَدَّا ووَلَّى وأَبقى الهَشَّ.. ما يَسْتويَ بِهِ وقَدْ لانَ –عُودِي لَيْتَه تركَ الصَّلْدا فَعُدْتُ وما أقْوى على السّيرِ قابعاً بِدارِي. فلا جَذْباً أطيقُ ولا شَدَّا وعُدْتُ وفي حَلْقي من الصّابِ غصّةٌ وفي مُهْجَتي من بَعْدِ ما طَعِما.. شُهْدا مَتَى يَجْتَوِ المَرْءُ الحياةَ يَجِدْ بها مَرَازِىءَ تُنْسِيه المباسِمَ والنَّهْدا وكيْفَ.. وقد أَصْلَى الفِراقُ بِنَارِه حناياهُ.. حتَّى ما يطيقُ لهُ وَقْدا وقد خانَهُ حِسٌّ.. وقد خانَهُ حِجًى فلمْ يُبْقِيا حَيْلاً ولمْ يٌبْقِيا رُشْدا وكان له رَهْطٌ نِدادٌ.. فلم يَعُدْ له مثلهمْ. فهوَ الذي افْتقَدَ النِّدا كمَا افْتقَدَ اللَّذْوَى. كما افْتقَدَ الكَرَى بشَيْخُوخَةٍ تَطْوِي المواجعَ والسُّهْدا! سَلامٌ على الدّنيا.. سَلامُ مُودِّعٍ تطلَّعَ للأُخْرَى. لمَوْلاهُ واسْتَجْدَى على أنَّهُ ما كان في مَيْعَةِ الصِّبا صبُوراً على رَيْب الزمان ولا جَلْدا عساهُ بعَفْوٍ منه يَنْجُو من اللَّظَى فما أكْرم المَوْلى وما أَفْقَرَ العَبْدَا!! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » حلق .. ثم هوى
أَذْكَرْتِنيهِ ماضِياً مُشْرِقاً يُضِيءُ بالحُسْنِ ودَلَّ الحِسانْ! كنْتُ به الغِرْنيقَ أَمْشِي على زَهْوٍ.. وأَشْتَمُّ شذى الأُقْحُوانْ! يدِينُ لي الحُسْنُ. وما يَنْثَني عنِّي. ولا يَمْلِكُ منِّي العِنانْ! أنا الذي أَمْلِكُهُ لاهِياً.. به. وما تَنْدى له المُقْلَتانْ! * * * تَقولُ هِنْدٌ وهي أَحْلا المُنَى بَيْنَ الغَوانِي.. وهي أَغْلا الجُمانْ! تَقولُ لي وهي على سَطْوَةٍ مِن حُسْنِها العاتِي.. إِلامَ الحِران؟! أما تَرى العُشَّاق حَولي وما أَطْوَعَ منهم يَفُتُّ مِنِّي العِنان؟! أَلَسْتَ ذا قَلْبٍ يُحِبُّ اللُّهى من الشَّوادِي. ويُحِبُّ الدِّنانْ؟! * * * قُلْتُ لها يا هِنْدُ إنِّي الفَتى أَصْبُو إلى العِزِّ. وأُغْلي الرِّهانْ! أعْنُو إلى الحُسْنِ. وأَهْفُو لَهُ وأَشْتَهِي منه الجَنى والحنانْ! ما لم يَشَأْ مِنِّي إذا ما اسْتَوى بَيْنَ الحنايا الخافِقاتِ.. الهوانْ! فإِنَّني حِنَئِذٍ أجتوي.. ولا أُبالي منه بالصَّوْلَجانْ! * * * كم غادَةٍ يا هِنْدُ لم أَسْتَجِبْ لِسِحْرِها. فاسْتَنْجَدَتْ بالدُّموعْ! ثم اسْتَجابَتْ هي لِلْمُجْتَوَي لتَسْتَوِي بَيْن الحَشا والضُّلوعْ! كُنْتُ أنا يَوْمَئِذٍ باذِخٌ أَشْدو بِشِعْري فَتَمُوجُ الرُّبوعْ! أَجْمَعُ ما بَيْنَ السَّنا والصِّبا وأَرْتَوِي رِيَّ الطَّموح الوَلُوعْ! مِن كُلِّ يَنْبُوعٍ. فما أَنْثَني عنه.. وأَسْلُوهُ وأَطْوِي القُلُوعْ..! لكِنَّه يَنْظُرُ لي في أَسًى لأَنَّني آثَرْتُ عنه النُّزُوعُ! هذا أنا يا هِنْدُ قَبْلَ الونى والحُزْنِ يَكْوِى. وانْطِفاءِ الشُّمُوعْ! الواغِلُ المِقْدامُ أَمْسى لَقاً والوامِقُ الجَبَّارُ أَمْسى الهَلُوعْ! فيا لَهُ مِن زَمَنٍ خادِعٍ وما لَنا يا هِنْدُ إلاَّ الخُضُوعْ! ما يَنْفَعُ السُّخْطُ ولكِنَّني سَخِطْتُ وَيْلي من ألِيمِ الوُقُوعْ! فأَمْعَنَ الدَّهْرُ. وزادَ الكَرى عَنِّي فلم أهْنَأْ بطيب الهُجُوعْ! أَوَّاهِ مِن هَوْلِ نُزُولي إلى.. قاعِي. وأَوَّاهِ لِحُلْوِ الطُّلُوعْ * * * مَكَثْتُ في القاعِ وقد صَدَّني عن الهوى شَيْخُوخَتي الضَّاوِيَهْ! واسْتَنْكَرَ الغِيدُ رُؤى شائِبٍ تَدِبُّ رِجْلاهُ إلى الهاوِيَهْ! يَهْرِفُ بالحُسْنِ. وقَدْ هَالَهُ منه عُزُوفٌ يُؤْثِرُ العافِيهْ! يَحْلَمُ بالأَمْس.. أَلَمْ يَنْتَهِكْ في أَمْسِهِ الأفْئِدَة الباكِيَهْ؟! أطاعَهُ الحُسْنُ فَلَمْ يَحْتَفِلْ بالحُسْنِ في أَرْدَانِهِ الزّاكِيَهْ! فكيف يَرْجُو اليَوْمَ مِنْه النَّدى؟! وكيف يَرْجُو الدَّمْعَةَ الآسِيَهْ؟! كَلاَّ. فما أَجْدَرَهُ بالْقِلى.. والصَّدِّ.. بل بالضَّرْبَةِ القاضِيَهْ! * * * وأَذْعَنَ الشَّيْخُ لأَقْدارِهِ مُسْتَسْلِماً لِلْحِكْمَةِ الهادِيهْ! رَدَّتْهُ لِلرُّشْدِ الذي خانَهُ بالأَمْسِ. في أَيَّامِهِ الخالِيَهْ! الشَّاعِرُ الموهوب أَصْفى فَما يَشْدو رِضاً.. واسْتَقْصَتِ العَافِيَهْ! وانْفَضَّ عنه الحُسْنُ لا مُلْهِماً قصائِداً.. حانِيَةً.. ضارِيَهْ! رَأَيْتُهُ مُسْتَعْبِراً نادِماً في قاعِهِ.. من الظُّلْمَةِ الداجيهْ! فَقُلْتُ يالَ النَّاسِ من غايَةٍ كهذِهِ.. ناضِرةٍ.. ذاوِيَهْ! * * * يَسْتَعْصِمُ الغَيْبُ بِأَسْتارِهِ فما نَرى أَسْرارَهُ الخافِيهْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الراحل المقيم
رحلْتَ وخلَّفْتَ الرّفاقَ بواكياً عليك وكانوا بالقوافي شوادِيا! وكانوا وما زالوا إليك صوادِياً فَمَنْ ذا الذي يَسْقي ويَرْوِي الصَّواديا؟! ومَن ذا الذي يُرْضِي الحواضِرَ كلَّهم ومَن ذا الذي من بَعْدُ يُرْضي البواديا؟! لقد كنتَ في دُنْيا المَشاعِر صاحياً وما كنْتَ في دُنْيا المشاعِر غافيا! وكنتَ المُجَلِّي في السِّباقِ وإنَنِّي سأَغْدو والمُصَلِّي أَيْنَما كنْتُ ثاوِيا! كفَرْعَيْنِ كنَّا دوْحُنا مُتَطاوِلٌ بِرَوْضٍ نضيرٍ لم يَكُنْ قَطُّ ذاوِيا! إلى أن دعا داعي المنية مُرْجِفاً فَلبَّيْتَ ما أقْسى وأَحْنى المُنادِيا! وسوف ألَبِّيه قريباً وانْثَنى إليك كنَجْمَيْنِ الغداةَ تَواريَا! أَرَبَّ القَوافي العُصْمِ. أَصْبَحْتَ خالِداً فما كنْتَ مِهذاراً ولا كنتَ لاهِياَ ولكنَّه الجِدُّ الذي شَرُفَتْ به معانِيكَ حتى نَوَّلتْكَ المعاليا! فَجُبْتَ الذُّرَى حتى افْتَرَعْتَ سنامَها وجابُوا سُفوحاً أَمْحَلَتْ وفيافيا! إذا العبقريُّ الحقُّ غاب تطاولتْ مآثِرُهُ بين الأنام حوالِيا! وغاب أُناسٌ قبله ثم يعده فكانوا فَقاقيعَ الشَّرابِ الطَّوافِيا! وكنْتَ كَمِثْلِ النَّجْم يَسْطَعُ سَرْمَداً فَيًسْعِدُ أيَّاماً لنا وليالِيا! وقد كنتَ فَذّاً في الرجال مُسَوّداً بِفِكْرٍ إذا جَلَّى أضاء الدواجيا! وكان عَصِيُّ الشِّعرِ يُلْقي قِيادَه إليك ويَدْنو منه ما كان نائيا! ونَعْجَزُ عن بعض القريض ويَسْتَوِي لديك مُطِيعاً أحْرُفاً ومعانِيا! فَتَخْتارُ منه ما تشاء قصائداً تَسُرُّ حنايانا وتُذْرِي المآقِيا! وها كنتَ مِجداباً وما كنت مُصْفياً كما زعموا بل كنتَ كالنَّهر جاريا! ولكنَّكَ اخْتَرْتَ السَّكوتَ تَرَفُّعاً عن الهَزْل يُزْجِيه الشَّعارِيرُ هاذِيا! ولَيْتَكَ لم تَسْكُتْ فأنَّى لِبُلْبُلٍ سكوتٌ فقد يُدْمي السكوتُ الحوانيا! لقد كان بالشَّدْوِ الرَّخيم مُداوِياً وكان به نَجْماً إلى الدَّرْبِ هادِيا! رعاكَ الذي أَسْدَى إليك ولم تكُنْ جَحُوداً فأسْدَيْتَ الأماني الغواليا! لَشَتَّانَ ما بَيْنَ الثَّرى مُتَطامِناً وبَيْنَ الثُّرَيَّا.. حِطَّةً وتعالِيا! تَذَكَّرْتُ ما كُنَّا بِه من تآلُفٍ حَبِيبٍ ولم أَذْكُرْ قِلًى وتَجافِيا! وكيف وما كنْتَ العَزوفَ عن الهُدى ولا المَجْد يوماً فَاسْتَبَنْتَ الخوافِيا! وما كُنْتُهُ يوماً فَعِشْنا. تآخِياً كريماً يُمَنِّينا وعِشْنا تَصافيا! وما كنْتُ أَرجو أَنْ تَرُوحَ وأَسْتَوِي بِرَبْعي حزيناً دامِعَ العيْنِ راثِيا! ولكنَّه حُكْمُ القضاءِ.. وما لنا سوى الصَّبْرِ مِعْواناً. سوى الصَّبْرِ آسِيا! يُخَبِّرُني أَنَّني. سأَلْقاك في غَدٍ فيَلْقى كِلانا مِنَّةً وأَياديا! ونَلْقى مِن الله الكريمِ تَجاوُزاً ونَلْقاهُ رحْماناً.. ونلْقاه راضيا! تباركْتَ رَبِّي.. ما أَجَلَّكَ حانِياً علينا.. وإنْ كُنَّا غُواةً ضوارِيا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
محمد حسن فقي » الحسن الطهور
تخَيَّلتُها حُسْناً وطُهْراً تَمازَجا فَعادا إلى لَوْنٍ من الحُسْنِ مٌفْرَدِ! وأبْصَرْتُها فارْتاعَ قَلْبي بِمَشْهَدِ يَرُوعُ ويَطْوى دُونَه كلَّ مَشْهَدِ! سلامٌ عليها وهي تِشْدو كبُلْبُلٍ سلام عليها. وهي تبْدو كَفَرْقَدِ! تَمثَّلْتُها توحي وتلهم شاعراً فَيَسْمُوا إلى أَوْج القَصيدِ المُردَّدِ! ويَحْسِدُها أَتْرابُها فهي غادَةٌ تَتِيهُ بِحُسْنِ اليَوْمِ والأَمْسِ والغَدِ! فما تُنْقِصُ الأَيَّامُ مِنْها غَضارةً إذا لم تَزِدْها مِن سَناً مُتَجدِّدِ! لعلَّ لها من شَجْوِها وشُمُوخِها أَماناً.. فَتَبْقى فِتْنَةَ المُتَوَجِّدِ! * * * وقُلْتُ لها. وقد جارَ حُسْنُها عَليَّ فلم أَعْقَلْ ولم أَتَرَشَّدِ! متى سَتَفُكِّينَ الإِسارَ فإِنَّني أُرِيدُ انْطِلاقي في طريقٍ مُعَبَّد؟! إلى الحُسْنِ لا يَطْوِي المشاعرَ والنُّهى ولا يَتَخَلىَّ عن أَسيرٍ مُصَفَّدِ..! فقالَتْ وفي أَعْطافِها الغَيُّ والهُدى يَجِيشانِ في قَلْبٍ عَصيٍّ مُهَدِّدِ! أتَقْوى على هَجْري. وأَنْتَ مُتَيَّمٌ؟! وتَهْفوا إلى حُسْنٍ رَخيصٍ مُعَرْبِدِ؟! أَتَرْضى بِأَنْ تَهْوى النُّحاسَ وقد صبا فُؤادُكَ للحسن الوضي كَعَسْجَدِ؟! إذا كان هذا كنْتَ أَفْدَحَ خاسِرٍ بِرَغْمِ الهَوى الجاني عليْكَ. المُنَدِّدِ! لَشَتَّانَ ما بَيْنَ الهوى يَنْشُدُ اللُّهى وبَيْنَ الهوى يَرْمي إلى خَيْرِ مَقْصِدِ! فأطْرَقْتُ مِن صِدْقِ المَقالِ مُجَمْجِماً... بما كان يُرْضِيها.. ولم أَتَرَدَّدِ! غُلِبْتُ على أَمْري. وما كنْتُ عاجِزاً عن الرَّدِّ لكِنَّ الهوى كانَ سَيِّدي! وكنْتُ له عَبْداً مُطِيعاً ولو قَسا ظَلوماً. فما يُجْدِي على تَمَرُّدي! وما كان يُجْدِيني اعْتِزامي وسَطْوتي ولا كان يُجْدِيني حطامي وسُؤْدَدِي! وما حَفَلْت يَوْماً بِشَجْوي وصَبْوَتي بَلى أَفكانَتْ ذاتَ قَلْبٍ كَجَلْمَدِ؟! قضاءٌ يَرُدُّ الحُسْنَ في النَّاسِ سَيِّداً وعاشِقَهُ المُضْنى به غَيْرَ سَيِّدِ! ولو كانَ فيهم عَبْقَرِياً مُسَوَّداً وإلاَّ كَمِيّاً ضارِباً بِمُهَنِّدِ..! * * * دَعَتْني إلى الرَّوْضِ النَّضِيرِ ثِمارُهُ وأَزْهارُهُ.. كَيْ يَسْتَقِرَّ تَشَرُّدي! وثَنَّتْ يَنابِيعٌ تَجِيشُ بِسَلْسَلٍ زُلالٍ وقالَتْ مَرْحَباً أيُّها الصَّدي! هُنا العُشُّ والإِلْفُ الطَّرُوبُ مُغَرِّداً يَحِنُّ إلى إِلْفٍ طَرُوبٍ مُغَرِّدِ! هَلُّمَّ إلَيْنا عاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ وطَرِّبْ وأَسْعِدْنا بِشَدْوِكَ نَسْعَدِ! * * * وفَكَّرْتُ هل أُصْغِي إلى الصَّوْتِ حافِلاً بِنَجْوى. وآتِيهمْ على غَيْرِ مَوْعِدِ؟! إلى العَيْشِ يَصْفُو لا يُكَدِّرُه الورى فأغدو به نَشْوانَ غَيْرَ مُحَسَّدِ؟! أُناغي به رَوْضاً وطَيْراً وجَدْوَلاً وإلفاً وَفِيّاً ما يُسَهِّدُ مَرْقَدي! فَلَيْسَ بِخَوَّانٍ. ولَيْسَ بناكِثٍ ولَيْس بِصَخَّابٍ. وليْس بِمُعْتَدي! نَعيشُ. وما نَشْقى بِرَبْعٍ مُشَيَّدٍ على الحُبِّ.. من أَمْنٍ نَرُوحُ ونَغْتَدي! * * * لقد كانَ حُلْماً يُسْتطابُ به الكرَى ويسْعَدُ منه ناعِسٌ غَيْرُ مُسْعَدِ! ونَنْعَمُ بالآلاءِ فيه سَخِيَّةً ونَحْظى بِشَمْلٍ فيه غَيْر مُبَدَّدِ..! صَحَوْتُ فأشْجَتْني الحياةُ كئِيبَةً بِصَحْوٍ.. فما أَشْقاكَ يا يَوْمَ مَوْلِدي! وقُلْتُ عَسى أَنْ تَذْكُرَ الغادَةُ.. الشَّذى قَصِيداً بها يَشْدو كَدُرِّ مُنَضَّدِ..! فَحَسْبي بِذِكْراها جَزاءً.. وحَسْبُها بِشِعْري خُلوداً عَبْرَ شِعْرٍ مُخَلَّدِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » والشيخوخة
أَيُّهذا الإِيمانُ أَسْعَدني اليَوْمَ ونَجَّى مِن الخُطُوبِ الثِّقالِ.. أنْتَ فَضْلٌ مِن الإلهِ ورِضْوانٌ فَحَمْداً لِرَبِّنا ذي الجَلالِ |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » تهاويم
لسْتُ أدْرِي أنا المُغَرِّدُ في الرَّوْضِ حَزيناً على الأَليفِ المُغادِرْ؟! مَن أَنا؟! قَبْلَ أَنْ أَكونَ مِن النَّاسِ شَجِيّاً بما يُثِيرُ الخواطِرْ؟! مُنْذُ أن كنْتُ في القِماطِ.. دِمائي قائِلات تَوَقَّ عَصْفَ المخاطِرْ! وبدا لي صِدْقُ المقالِ.. صَبِيّاً وَفتِيّاً يَطْوِي السِّنينَ الهواصِرْ! ثُمَّ شيخاً بَلا الزَّمانَ فأَبْلاهُ وأَبْلا يراعَهُ والقماطِرْ..! لم يَعُدْ باقِياً له سوى الحَشَفِ البالي ومِن حَوْلِه الحَوالي النَّوامِرْ! * * * لَتَخيَّلْتُ أنِّي كنْتُ من قَبْلُ عَظِيماً مُسَوَّداً في العشائِرْ..! وله صَوْلَةٌ.. وفيه مَضاءٌ يَتَحدَّى بها اللَّيُوثَ الكواسِرْ! هكذا ظَلَّ فَتْرَةً.. ثم أَمْسى بَعْدَها مضغة الجُدُود العَواثِرُ! يَتَدَهْدى بَيْن الأَنامِ.. فهذا يَتَّقِيهِ. وذاك يَرْثي المصائرْ! ومَضَتْ فَتْرةٌ عليه فَأَلْفى نَفْسَه ثاوِياً بإِحْدى الحظائِرْ! فَرَساً غالِياً على الصَّاحِبِ الفارِسِ يَزْهو بِسَبْقِهِ ويُفاخِرْ! مَرّ حِينٌ عليه كالْماسِ.. كالتِّبْرِ.. فما يَقْتَنِيه غَيْرُ الأكابِرْ! وكبا مَرَّةً.. فَعادَ حُطاماً تَتَّقِيهِ مِن الهوانِ النَّواظِرْ! * * * وتمادى الزَّمانُ في سَيْرهِ الرَّاكِضِ قَرْناً مِن بَعْدِ قَرْنٍ طَوِيلِ! فإِذا بي أَغْدو هِزَبْراً بِرَغْمي ذا نيُوبٍ.. ومخلب قتال! كانَ قَلْبي رِخْواً فَعادَ صَلِيباً لا يُبالي بِرُشْدِهِ والضَّلالِ! يَنْهَشُ الوَحْشَ والأُناسَ ولا يَحْفَلُ إلا بالزَّوْجِ والأَشْبَالِ! كم تَلَذَّذْتُ بالفَرِيسَةِ تَغْدُو في فَمِي مَطْعَماً بِهَوْلِ اغْتِيالي..! * * * وتَحَوَّلْتُ بعد ذلكَ صَقْراً جارِحاً يَذْرَعُ السَّماءَ اقْتِحاما! فإذا ما رآهُ طَيْرٌ تَوَلَّى خِيفَةً مِنْه أَنْ يكونَ طَعاما! وهو يَنْقَضُّ كالمنَايا على الطَّيْرِ وقد يُورِدُ الظِّباءَ الحِماما! أَتُراهُ يَرى الرزايا فَمَا يَرْحَمُ رُزْءاً؟ أَمْ أَنّه يَتَعامى؟! * * * ثم شاءَ الزَّمانُ ضَعْفي فَأَصْبَحْتُ به بُلْبُلاً شَجِيَّ الغناءِ! لي أَلِيفٌ من العُشّ يَشْدُو كما أَشْدو. ونَحْيا في رَوضة غَنَّاءِ! تَحْتَنا النَّخْلُ والأَزاهِيرُ والماءُ ومِن فَوْقِنا صَفاءُ السَّماءِ! غَيْرَ أَنَّا نَخافُ من جارحِ الطَّيْرِ ونَخْشى التَّحْلِيقَ عَبْرَ الفضاءِ! * * * لَم أكُنْ أَشْتَهي سوى العَيشِ في الرَّوْضِ. طَليقاً مع الأليف الحبيب! آهِ. لَوْلا الصّقُورُ تَنْقَضُّ بالموْتِ على البُلْبُلِ الشَّجِيِّ الكئِيبِ! لَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَعِيشَ مَدى العُمْرِ طَرُوباً بالشَّدْوِ والتَّشْبِيبِ! بُلْبُلاً ناعِماً.. وما يَعْرِفُ الخَوْفَ ولكِنْ ما كانَ هذا نصيبي..! * * * قَدَري شاء أَنْ لأَعُودَ إلى العَيْش كما كنْتُ آدِميّاً.. لَهِيفا! لأَرى حَوْليَ المآثِرَ تُقْصِيني وتُدْني لها اللَّبِيبَ الحصيفا..! وأنا أَشْتَهِي المآثِرَ لَوْلا أَنَّني لم أَكُنْ أَمِيناً عفيفا..! يا حَياتي لو أَنَّني أَمْلِكُ الحوْلَ لما كُنْتُ مُسْتَكِيناً ضَعِيفا! إنّني أَنْشُدُ الرَّبِيعَ. فما تُبْصِرُ عَيْني الحَوْلاءُ إلاَّ الخَريفا! فَلَعَلِّي أَنالُ يَوْماً من القُوَّةِ ما يَجْعَلُ الصَّفِيقَ شفيفا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » وهم الخلود
تذكَّرتُ أيَّاماً مضَتْ ولَيالِيا؟! قَضَيْتُ بها كِفْلاً من العُمْرِ حالِيا! تَملَّكْنَ منِّي نُهْيَتي وحَشاشَتِي وأَنْسَيْنَني ما كان عَذْباً وغالِيا! وأَنْسَيْنَني حتى أُهَيْلي ومَعْشري فما عُدْتُ إلاَّ عاشِقا مُتَصابِيا! وما عُدْتُ إلاَّ مُسْتَهِيماً بِخُرَّدٍ.. من الغِيدِ أَصْبَحْنَ الهوى المُتَفانِيا! زَمانٌ تَوَّلىَّ ليتَهُ كانَ باقِياً.. ويا لَيْتَهُ كانَ الزَّمانَ المُوالِيا! كَأَنِّي به كنْتُ المَلاكَ الذي ثَوى بِفِرْدَوْسِهِ يَرْجو الخُلودَ المُصافِيا! فَلَمْ أَبْقَ مَخْلُوقاً مِن الأُنْسِ راجِياً حُطاماً ومَجْداً.. بل غَدَوتُ المُجافِيا! كِلا اثْنَيْهِما كانا لَديَّ تَفاهَةً أَمامَ الهوى يُزْجِي إليَّ الأمانيا! وكُنَّ حِساناً شامِخاتٍ بعزَّةٍ مِن الحُسْنِ ما يَخْتارُ إلاَّ العَواليا! إذا اخْتَرْنَ لم يَخْتَرْنَ إلاَّ مُجَلِّياً وإلاَّ كَرِيمَا يَسْتَطِيبُ المجانيا! له وَحْدَهُ أَلاؤُهُنَّ سَخِيَّةً تُضِيءُ حَوانِيهِ فَيُشْجِرَ المغانِيا! بِشِعْرٍ إذا ما صاغَهُ جَوْهَراً فَآياتُهُ تروي القلوب الصواديا! له القَوْلُ مِطْواعٌ كبِئْرٍ مُنَضَّر فَيُطرِبُ ألفاظاً. ويَسْمو مَعانيا! وما ابْتَذَلَتْ مِنْهُنَّ قَطُّ خَرِيدةٌ ولا واصَلَتْ إلا الكَمِيَّ المباهيا! وقُلْتُ لإحداهُنَ يَوْماً وقد رَنَتْ إليَّ بِشَوْقٍ يَسْتَرِقُّ الحَوانِيا! أَلَيْسَ لِما تَطْوِينَه مِن نِهايةٍ تُخِيفُ. وتَطْوِي لِلْقُلوبِ العَوادِيا؟! فقالتْ. وقد أَذْرَتْ دُمُوعاً سَخِينَةً تشِفُّ عن الحُبِّ الذي كانَ ضاريا!! لقد كِدْتُ أَنْسى في هَواكَ كَرامَتِي وإنْ كانَ عَقْلي في الهوى كان هادِيا! وإنْ كُنْتُ لم تَنْسَ العَفافَ فَصُنْتَني وآثَرْتَ مِنِّي عِفَّةً وتَدانِيا! أراكَ كَروُحي بَلْ وأَغْلا مَكانَةً فكيف لِصادٍ أَنْ يَعافَ السَّواقِيا؟! وَمَرَّتْ بِنا الأَيَّامُ ثم تَنكَّرَتْ فيا لحياةٍ تَسْتَطِيبُ المآسِيا! تَرُدُّ بِها العاني إلى اللَّهْوِ عابِثاً وتَمْسَخُ مِن أَحرارِهِنَّ غَوانِيا! …………… بعْدَ تَرَهُّبي وبَعْدَ اعْتِيادِي أَنْ أرى الرَّوْضَ ذاويا! وقد عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ حاضِراً كما عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ ماضَيا! تَأَنَّ.. فَما كُلُّ الحِسانِ كَمِثْلِها ودَعْ عَنْكَ أَيَّاماً مَضَيْنَ خَوالِيا! فَإنَّ لك الحُسْنى لدَيَّ فَصافِني تُصافِ فُؤاداً مِنكِ يَرجو التَّلاقيا! يَعيشُ زَماناً بالمُنى تَسْتَفِزُّهُ إِليكَ وتَرْضى في هَواكَ الدَّواهِيا! عَرَفْتُ بِما لاقَيْتُ منها فَسَاءَنِي وما هي قد لاقَتْهُ. فارْتاحَ بالِيَا! لقدْ رَثَّ مِنْها ما ازْدَهَتْ بِجَدِيدِهِ وقد نَدِمَتْ مِمَّا أَشابَ النَّواصِيا! وقد بَلَغَتْ بالحُزْنِ أَقْصى مَجالِهِ وعادَتْ كَمِثْلِ الضَّلِّ يُدْمي المآقيا! فَلا تَبْتَئِسْ. إِنِّي الوَفِيَّةُ في الهوى وإنِّي به أَدْرى. أَجْلى مَرائِيا..! أُحِبُّكَ حتى ما أَراكَ سِوى الرُّؤى تَطِيبُ وتَحْلو أَيْنَما كُنْتَ ثاوِيا! فقُلْتُ لها.. كُفِّي فَإِنِّي مُرَزَّأٌ فلَنْ أَسْتَوِي في مَرْبَع الحُبِّ ثانيا! لَسَوْفَ سَتَسْلِين الهوى وسِفاهَهُ وسَوْفَ سَتَلْقِينَ الهوى عَنْكِ ساليا! تَظُنِّينَ مِثْلي أَنَّ حُبَّكِ خالِدٌ وكلاَّ. فَمُذْ كانَ الهوى. كان فانِيا! أدُنْيايَ ما أَحْلا الحَقِيقةَ في النُّهى وفي الحِسِّ. ما أَنْكى الخَيالَ المُداجِيا! وقد كنْتُ –وَيْحي شاعراً مُتنَكِّباً هُدايَ. فإِنْ عُوتبْتُ كنْتُ المُلاحيا! أَرى واقِعي رَوْضاً فَأصْدِفُ سالِكاً قِفار خَيالٍ مُسْرِفٍ.. وفيافيا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الملاك
بشْرى وأنتِ أَحَبُّ بُشْرى إنِّي لأَنْشُقُ منكِ عِطْرا! كالوَرْدَةِ الفَيْحاءِ من الرَّوْضِ النَّضير كنَجْمَةٍ تَخْتال كِبْرا..! سَمْراءُ تَحْسَبُها العُيونُ إذا رأَتْها التَّمَّ بَدْرا..! يُرْضِيكَ منها ما اسْتَبانَ كما يَشُوقُكَ ما اسْتَسَرَّا! يا مِصْرُ كم أَوْلَيْتِنا مِنَنا فَنَحْن نُحِبُّ مِصْرا! * * * يالَ الجمالِ المُسْتَطِيلِ بِسِحْـ رِهِ طَوْعاً وقَهْرا…! القلْبُ يَشْكو مِن هواهُ يُذِيبُهُ والعَيْنُ سكْرى! لا تَرْشُقيني بالسِّهامِ فإنَّ لي في الحُبِّ عُذرا! أَوْ تُسْدِلي دُوني السِّتارَ فما أَطِيقُ اليَوْمَ سِتْرا! فَسَتَكْسَبِينَ إذا اصْطَفَيْتِ الشَّاعِرَ المَفْتُونَ أَجْرا! * * * قدَري فقد ودَّعْتُ دُنْيا الحُسْنِ.. وُجْداناً وفِكْرا! ومَضى اليَراعُ يُشِيحُ عنها واجتوى وَرَقاً وحِبْرا! ولَبِثْتُ في دُنْيا التَّنَسُّكِ مِن سنيني البِيْضِ عَشْرا! لا هَمَ لي في الغِيدِ بَلْ أَمْسَيْنَ لي أَطْيافَ ذِكْرى! ورأَيْتُها يَوْماً.. رَأَيْتُ وَسامَةٌ. ورأَيْتُ طُهْرا! لَيْسَتْ كباقي الغِيدِ حُسْناً باهِراً.. يَفْتَنُّ سِحْرا! يُخْفي القُيُودَ وراءَ رِقَّتِهِ ويُبْدي اللُّطْفَ مَكْرا! يَهْوى التَّحكُمَّ في القُلوبِ. وَيَشْتَهِي رِقّاً وأَسْرا! * * * لكِنَّها كانتْ مَلاكاً يَمْلِكُ الحُسْنَ الأَغَرّا! ويَضُمُّ في بُرْدَيْهِ عِلْماً يَزْدَهي.. ويَضُمُّ فَخْرا..! لَذَهِلْتُ منها وازْدَهَيْتُ بِكُنْهِها سِرّاً وجَهْرا..! فَكَّرْتُ في الرُّجْعى إلى الحُبِّ الطَّهُورِ.. وكان أَحْرى! لاقَيْتُ رِبْحاً بَعْدما جَرَّبْتُ ما قد كانَ خُسْرا! * * * يا مُنْيَةَ الفِكْرِ الشَّغُوفِ لقد أَحَلْتِ العُسْرَ يُسْرا! نُذُري اللَّواتي قد عَبَثْنَ بِمُهْجَتي.. أَمْسَيْن بُشْرى! يا جَنَّتي العَذْراءُ بُلْبُلُكِ المُغَرِّد شادَ وَكْرا! مِن حَوْلِه الأَزْهارُ تَعْبِقُ والغَدِيرُ يَسِيلُ. والأَنْغامُ تَتْرَى! أَفَلا أَكُونُ به السَّعيد وقد أطِبْت له المَقرَّا؟! أنا سوف أَبْقى المُسْتهَامُ المُرْتَضِي وَصْلاً وهَجْرا! إن كانَ حُلواً في المَذاقِ يَلَذُّني.. أَوْ كانَ مُرَّا..! * * * يا قَلْبُ كم لاقَيْتَ في الصَّبَواتِ مِن كَسْرٍ. وكم لاقَيْتَ جَبْرا! ولقِيتُ مِنه نُحاسَهُ صَدِئاً. ومنه لَقِيتَ تِبْرا..! فاهْنَأْ بِحُبِّكَ تَصْطَفِيه ويَصْطَفِيكَ اليوم ذخرا..! وقُلِ السَّلامَ على الرُّفاتِ يَضُمُّ في الظُّلُماتِ قَبْرا! فلقد أَشَدْتَ بِما شَدَوْتَ لِمن رَضِيتَ هَواهُ قَصْرا! هذا القَرِيضُ المُسْتَفِيضُ تروضه مَدّاً وجَزْرا! أَغْلا وأَنْفَسُ من كُنُوزِ الماسِ والإِبْرِيزِ.. قَدْرا! المَجْدُ لِلشِّعْرِ الرَّفيعِ وقد مَهَرْتَ الحُبَّ شِعْرا! * * * أحَبِيبَةَ الغِرِّيدِ في العَلْياءِ هَلاَّ قُلْتِ لِلْغِرِّيدِ شُكْرا؟! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » استرشدوا .. وسدرت
ساعِديني على الصَّفاءِ.. على الفَهْم على أَنْ أكونَ عَقْلاً رشيدا! إنَّني ضائِعٌ أَخافُ من العُقْبى وأَخْشى أنْ لا أكونَ سيدا! منذ أَنْ كنتُ يافِعاً وأنا الضَّالِعُ في الإِثْم. وما أَرْعَوِي. وكنْتُ طريدا! أشْتَهِي أن أكون حَبْراً. وما أقْوى فما كنْتُ باشْتِهائي عنيدا..! * * * قالتِ النَّفْسُ كنْتَ صَنْديدَ أَمْسٍ قُلْتُ بل كنُتُ يَوْمَه الرِّعديدا! إنَّني خائفٌ أرى في خَطايايَ ثعابينَ مَزَّقَتْ لي الوَرِيدا! ما أراني إلاَّ الشَّقِيَّ الذي يَلْقى هُنا أَوْ هُناك بأْساً شديدا! لسْتُ أَشْكو فإنَّني رغْمَ بَلْوايَ أنا الصَّانِعُ الضَّلالَ البَعيدا! وأرى حَوْلي الرِّفاقَ وقد كانوا أسارى لِلْموبِقاتِ عَبيدا! أَصْبَحوا الرَّاشِدينَ قد سلكوا الدَّرْبَ وَضِيئا. وغادَرُوني وَحيدا! ما الذي أَبْتَغِيه مِن مُتَعِ العَيْشِ إذا كُنَّ عَلْقَماً وصَدِيدا؟! وأنا الشَّيخُ قد نَهَلْتُ من الوِرْدِ وما زِلْتُ ظامِئاً مُسْتَزِيدا! فإلاَمَ السُّدُورُ في الإِثْمِ ما أَغْنَى فُؤادي عَن أَنْ يَكون عَمِيدا؟! والنُّهى أَيْنَهَا؟! أكانَتْ لأَصْحابي ضياءً يَهْدي السَّبِيلَ الحميدا! ثُمَّ كانتْ لِيَ الظَّلامَ كَثِيفاً وعذاباً مِن الضَّلالِ مٌبِيدا؟! يا رِفاقي الذين تابُوا إلى الرُّشْدِ وعاد القديمُ منهم جَديدا! عاد طُهْراً ما كانَ عِهْراً. فَلَيْتني مِثْلَهُمُ بالهُدى اتَّقَيْتُ الوَعيدا! غَيْرَ أَنِّي سَدَرْتُ حين تَمنَّيْتُ نَجاتي مِمَّا يَحُزُّ الوَرِيدا..! آهِ مِمَّا يَصُدُّ نَفْسي عن الرُّشْدِ ويَهْوِي بها وَئِيداً وَئيداً..! هي مَنْهومَةٌ إلى العَيْشِ صَفْواً وهي مَنْهُومُةٌ إليه رَغيدا! والرَّغيدُ.. الرَّغيدُ أَنْ تَبْذُرَ الخَيْرَ وتَرْجو النَّجاةَ منه حَصِيدا! قُلْتُ لِلنَّفْس أَنْظِريني. فقد لاحَ بَصِيصٌ أَراهُ يَبْدو وَديدا..! عَلَّه يَقْشَعُ الظَّلامَ ويَطْوي مِن دَياجِيه ما يَسُرَّ الحَرِيدا! أَغْلَقَ الإِثْمُ من وَصِيدي. فَما أَمْلِكُ أَمْرِي. وما أَذَلَّ الوَصِيدا! كنْتُ فيه وما أرى غَيْرَ عَيْنَيْنِ تُذيبانِ بالفُتُورِ الحديدا! وأَرى قامةً تَمِيسُ فَتُشْقِيني وثَغْراً يَسيلُ شَهْداً. وجِيدا! ما الذي أَسْتَطِيعُه وأنا المُثْخَنُ.. إلاَّ الخُضُوعَ البليدا..! لو أَسالَتْ دَمِي الحُروبُ المَجيداتُ ويا لَيْتَها لَكُنْتَ الشهيدا! غَيْرَ أَنِّي عَبْدُ الخَطايا أضَلَّتْ مِن حَياتي طَرِيفها والتَّليدا! وبدا ذلِكَ البَصِيصُ فأجْهَشْتُ لَعلَّ البَصِيصَ يُدْنِي البَعيدا! * * * أنا يا ذاتَ جَوْهَرِي وكياني شاعِرٌ عَقَّ بالجُنوح القَصيدا! كان حُلْوُ النَّشِيدِ طَوْعَ يَراعي وحَناياي. فاجْتَوَيْتُ النَّشيدا! لِمَ.. كانَ النَّشِيدُ يَشْدو بِآمالِ عِذابٍ. وكان دُرّاً نَضِيدا! ثم أصْغَيْتُ لِلْهوى ودَواعِيهِ فما عُدْتُ شاعِراً غِرِّيدا..! فأَعِيدي إِلَيَّ ما كان بالأَمْسِ بآلائِكِ العِظام.. فَريدا! واجْعَلي ذلكَ البَصِيصَ يُدانِيني يُعِيدُ الشّيْخَ القَوِيَّ وَلِيدا! زَلَقاً عادَ لي الصَّعِيدُ وقد أَغْرَقُ فيه.. فَجَفِّفي لي الصَّعِيدا! لأِْلِئِي بالشُّموسِ في غَيْهَبِ الرُّوحِ وإلاَّ كنْتُ الضَّلولَ العَتِيدا! إنَّني أسْتَمِدُّ مِنْكِ عَطايايَ وأرْجو أنا المُنِيبُ.. المَزِيدا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » كنا .. فمتى نعود؟!
عجَبي لِهاتيكَ المواقِفْ بين النَّسائِمِ والعواصف! عَجَبي لها. كيف اسْتراحَ رِجالُها الشُّمُّ العطارِفْ؟! أَلَهُمْ قُلُوبٌ في الصَّدورِ تَضُمُّ أشْتاتَ العواطِفْ؟! أَلَهُمْ عُقُولٌ لِلْعظائِمِ في الرُّؤوسِ يَشيحُ عن دَرَكِ السَّفاسِفْ؟! أَمْ أَنَّنا أَهْلُ السُّفُوحِ –هَوَتْ وهم أهْلُ المشارِفْ؟! كَلاَّ.. فإنَّ الجَهْلَ سَوَّدَهُم علينا.. والمتارِفْ..! كلاَّ.. فإنَّ الضَّعْفَ سوَّدَهُم عَليْنا.. والمعازِفْ! وسُقُوطُنا في اللَّهْوِ.. ما بَيْنَ المآزِرِ والمعاطِفْ! والرَّكْض في نَهَمٍ إلى مُتَعِ المتاجِرِ والمصارِفْ! والخَوْفُ مِن لَهَبِ الحُرُوْفِ. ومِن مُجابَهَةِ القَذائِفْ! لَهَفي عَلَيْنا حينَ نَجْنَحُ لِلْمناعِمِ والمباذِلِ والمقاصِفْ! والنَّاسُ.. كلَّ الناس إِلاَّنا تَحلَّوْا بالمعارِفْ! فَسَمَوْا بِها لِذُرى الحياةِ إلى التَّلائِدِ والطَّرائِفْ! * * * وتسَيْطَرُوا.. بالْعِلمِ.. بالعَقْلِ المُفَكِّرِ.. بالتَّلاحُمْ! وتَحَكَّموا فإذا الشُّعوبُ.. اثْنانِ مُخْتَلِفانِ.. مَحْكُومٌ. وحاكِمْ! والحاكِمُ اسْتَشْرى.. فَعَادَ النَّاسُ. مَظْلوماً وظالِمْ! رَضَخَ الضَّعِيفُ المُسْتَذَلُّ أَمامَ عاتِيَةِ الصَّوارِمْ! ثُمَّ اسْتَراحَ إِلى المَذلَّةِ واطْمَأَنَّ إلى القَواصِمْ! يالَ الضِّعافِ المُدْمِنينَ على الهَوانِ بِلا سَخائِمْ! الحِقْدُ أَوْلى بالضَّعِيفِ المُسْتَضامِ على الجُناةِ على المحارِمْ! إنَّ الحياةَ بِلا كرامَةٍ كَالجِراحِ بِلا مَرَاهِمْ! أَيْنَ العَزائِمُ؟! إنَّها رَحَلَتْ مَع الشُّوسِ الضَّياغِمْ! ماضٍ أَغَرُّ.. وحاضِرٌ راضٍ بأَشْتاتِ الهزائِمْ! قامَتْ به الأَعْراسُ شامِخَةً بأَلْوانِ العظائِمْ! وغَدَتْ بِنا –نَحْن الأَرانِبَ حافِلاتٍ بالمآتِمْ! لن يَعْرِفَ العَيْشَ الهَنِىءَ المُسْتَعِزَّ. سوى الأَكارِمْ! * * * يا مَعْشَرَ العَرَبِ النِّيامِ اسْتَيْقِظُوا وتوحَّدوا! وتَآلفُوا فالخُلْفُ مَزَّقَكُمْ.. وضَجَّ المَرْقَدُ..! هذي العوالِمُ حَوْلكُمْ يَبْغُونَ أَنْ يَتَصَيَّدوا! والصَّيْدُ أَنْتُمْ.. لا سِواكُمْ.. والحَقائِقُ تَشْهَدُ! إنَّ الرَّفاتَ المُسْتَعِزَّ قُبوُرُهُ تَتنَهَّدُ! أَسلافُكُمْ كانُوا الفِراقِدِ في الذُّرى تَتَوَقَّدُ..! هلْ فيكموا مِثْلَ الجُدودِ؟! وليس فيكم –فَرْقَدُ؟! أَفَتَرْتَضُونَ بِما يُحِيطُ بِكُمْ.. وما يَتَهَدَّدُوا؟! فهُبُّوا. فقد يُجْدِي الهَبُوبُ. وحاذِرُوا أَن تُلْحدُوا! أَوَّاه.. ما يُجْدِي التَّأوُّهُ من يُضامُ فَيُخْلِدُ! إنَّا لنَهْبِطُ سادِرِينَ.. وغَيْرُنا يتَصَعَّدُ! فمتى نَفُوقُ مِن الكرَى؟! ويَقُومُ فِينا السَّيِّدُ؟! لِيَقودَنا.. فالنَّاسُ تَشْقى بِالزَّعِيم. وتَسْعَدُ! أمْجادُنا رَثَّتْ. وسوْفَ بِعزْمِهِ تَتَجَدَّدُ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » المساتير
بعد ذاكَ الحُبِّ العظيم تَنَكَّرْتِ. وقد كنْتِ تُقْسِمينَ بِحُبِّي! وبِرَغْمِ السُّقوطِ لِلدَّرَكِ الأسْفَلِ ما زِلْتِ تَعْصِفينَ بِلُبِّي! إنَّ رُوحي تَرِفُّ بالحُبِّ ما عِشْتُ ويَصْبُو إليْهِ فِكْرِي وقَلْبي! فَلَوِ اسْتَلَّ عَضْبَه ما تَشَكَّيْتُ. فَحَسْبِي منه الكرامةُ. حَسْبي! قد يَشُوقُ النَّفْسَ التَّأَبِّي على الحُسْنِ فَتَهْفو. وقد يَسُوءُ التَّأَبِّي! ولقد شاقَني التَّأَبِّي على الحُسْنِ ومِنِّي عَليْهِ حتى يُلَبِّي! إنّني العاشِقُ الأَنُوفُ فَجَدْبي إن طَغَى الحُسْنُ واجْتَوى. مِثْلُ خَصبي! فَكِلا حالَتَيَّ أَدْعى إلى الرُّشْدِ وأَحْرى بِأنْ أُمَجِّدَ دَرْبي! رُبَّ خُسْرٍ يَطِيبُ لِلْحُرِّ حتى لَيراهُ أجَلَّ مِن كل كَسْبِ! * * * أَتَرَيْني يا رَبَّةَ الدَّلِّ أَسْتَخْذِي وأَخْتارُ راغِماً خِزْيَ ذَنْبي؟! فَجَحِيمُ الهوَى يخيف فَيطْوِى مِن إِبائي.. فأسْتَحِيلُ لِذئْبِ! والِغاً في الدَّمِ الحَرامِ. ولو ذاقَ جِراحاً تَسِيلُ مِن حَدِّ عَضْبِ! ما يُبالي بِطَرْدِهِ عن ضَحَاياهُ ولا بالحياةِ من قَعْرِ جُبِّ! لسْتُ ذاكَ الذِّئْبَ النَّهِيمَ. فما أَذْبَحُ طُهْراً. ولا أَدِلُّ بِغَصْبِ! أنا مَن تَعْرِفين يا رَبَّةَ الدَّلِّ أَرى في المَضِيق سرَّاء رَحْبي..! ناعِماً بالصُّدودِ.. أَرْتَشِفُ العَذْبَ وأَطْوِي على بَلائي وكَرْبي..! وحَوالَيَّ مِن ملائِكَةِ الطُّهْرِ نُجُومٌ يَسْبِينَ مِن كُلِّ صَوْبِ! يَتَسامَيْنَ عن شُذوذٍ.. فما اللَّوْمُ لَدَيْهِنَّ غَيْرَ لُطْفٍ وعَتْبِ! يَتَحَشَّمْنَ والعَفافُ مُطِلٌّ من طُيُوفٍ يُجِلُّها كلُّ صَبِّ! إنَّ هذي الطُّيُوفَ كانَتْ عزاءً وشِفاءً مِما يُضِلُّ ويُصْبي! ما دَهَتْني –كَمَنْ أَضَلَّتْ بِخَطْبٍ يَلْتَوِي فيه كُلُّ شَرْقٍ وغَرْبِ! فأَنَا اليَوْمَ من سلامٍ مع الرُّوحِ حَنُونٍ مِن بَعْدِ وَيْلاتِ حَرْبِ! ليس يُشْجِي الفُؤادَ غَيْرُ يَراعٍ مُسْتَعِزٍّ. وغَيْرُ أَشْتاتِ كُتْبِ! * * * أَتُرى تِلْكَ مَن زَهَتْ بالمنَاكِيدِ وباهَتْ بِكُلِّ غَثٍّ وخَبِّ؟! واستَفَزَّتْ هوى الأَشاوِسِ مِن كُلِّ كَرِيمِ النِّجارِ. مِن كلِّ نَدْبِ؟! فَأَدَارُوا لها الظُّهُورَ.. وغابوا عن حِماها. ولَيْس سِرْبٌ كَسِرْبِ! أَفعادَ الحِمى المُنيرُ ظلاماً بعد أَنْ غادَرَتْهُ شُهُبٌ وشُهْبُ؟! أَم تُراها. تَضِجُّ بالشَّكْوِ مِمَّا بدَّدَتْ مِن سحائِبٍ ذات سكْبِ؟! كيف تَشْكو الصَّدى وقد نَضُبَ النَّبْعُ.. وعادَ البَعيدُ مِن بعدِ قُرْبِ؟! وهي مَن أَنْضَبَتْهُ.. مَن آثرَ الدُّونَ فكانُوا لِحُسْنها شَرَّ صَحْبِ! * * * يا فتاتي بِعْتِ الغَضَنْفَرَ بالبَخْسِ ومِن بَعْدِهِ زَهَوْتِ بِكَلْبِ! * * * إنَّ هذى الحياةَ تُذْهِلُ أحْياناً بِسَهْلٍ مُمَنَّعِ.. وبِصَعْبِ! قَزَماً تائِهاً.. قَمِيئاً مُدِلاًّ يَزْدَهِي اثْناهُماَ بِكِبْرٍ وعُجْبِ! وعماليقَ سائِرينَ الهُوَيْنى من اجْتِبابٍ عن الأَنامِ.. كجُرْبِ! حِكْمةٌ مِنْكَ لهذه ما يَرى الخَلْقُ هُداها الذي تَوارى بِحُجْبِ! ولَنَحْنُ العُمْيُ الحَيارى وما نُدْرِك إلاَّ القَلِيلَ.. يَهْدِي ويُنْبي..! إن عدلاً خلف المساتير يرضى بوجوب لو استبان. وسلب! لو رَأَى الخَلْقُ ما وَراءَ الأَعاجِيبِ لَقالُوا.. تَباركَ الله رَبِّي..! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » ثنائيات
اطْلِقْ عَلَيَّ اسمْ العَصِيِّ المُسْتَريبِ.. ولا تُبالي! قد عِشْتُ ما بَيْنَ النِّصالِ وعِشْتُ ما بَيْن النِّبالِ! * * * النَّارُ مِن حَوْلي تَئِجُّ ولَيْس مِن حَوْلي مَطافِىءْ! ماذا تَقُولُ سَفِينةٌ.. ضَلَّتْ.. وما رَأَتِ المَرافِىءْ؟! * * * ماذا يُرِيدُ مُرَزَّأٌ أَدْمَتْهُ أَشْتاتُ الخَلائِقْ؟! نَشَدَ الرَّحائِبَ فانْزَتْ عنه وحَيَّتْه المضائِقْ! * * * ماذا يُقولُ مُهَدَّمٌ مِن دائِهِ. ومِن الدَّواءْ؟! غَلِطَ الطَّبِيبُ فأُغْلِقَتْ مِن دُونِه سُبُلُ الشِّفاءْ! * * * ماذا سَيَفْعَلُ مَن يَضِلُّ إذا اسْتَبانَ له المُضِلُّ؟! أَيَغُولُهُ؟! كلاَّ فَأكْرَمُ أن يُرَشَّدَهُ فَيَعْلو! * * * ماذا يَقُولُ الشِّعْرُ ما بَيْنَ الشَّعارِيرِ الأَشاوِسْ؟ هو بُلبُلٌ يَشْدو فكيف يَطيقُه رَهْطُ الخَنافِسْ؟! * * * قُلْ لِلدَّوارِسِ.. لِلطُّلُولِ عَدَتْكُمُ السُّحُبُ السَّواكِبْ! سَتَظَلُّ دُورُكُموا الخَرائِبَ ما بِها إلاَّ العناكِبْ..! * * * ايْنَ الرِّياضُ اليانِعاتُ من المَفاوِزِ والسَّباسِبْ؟ لن تُوهِنوا لُغَةَ العُرُوبَةِ بالمهازِلِ والمعاطِبْ! * * * ماذا تَقُولُ لِمَنْ يُعانِقُ وهو يَلْتَمِسُ المَخانِقْ؟! ويَرُومُ مِنْكَ يَداً تكُونُ له عَلَيْكَ مِن البَوائِق..! * * * لَمَّا تَقَزَّزَ واشْمأَزَّ رأى بأنَّ الفَضْلَ أَجْدى! فَحَبا بِنائِلِهِ.. فنالَ بِصُنْعِهِ مَجْداً وحَمْداً! * * * ماذا تَقُولُ لِمُغْتَرٍ.. غاوٍ يَرى في الرِّبْحِ خُسْرا؟! يَجْنِي على الحَقِّ الصُّراحِ ولا يَرى في ذاكَ نُكْرا..! * * * ماذا تَقُولُ لِظامِىءٍ والماءُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَجْرِي؟! يَشْكو الصَّدى أَهو العَمِيَّ أَمِ البَصيرُ بِغَيْرِ فِكْرِ! * * * ماذا تَقُولُ لِجاهِلِ ويَضُمُّ لِلْجَهْلِ الحماقَهْ! فإذا نَصَحْتَ له تَنَفَّجَ واسْتَحال إلى صَفاقَهْ! * * * ماذا تقول لِمَنْ يُرَى أنَّ الحياةَ هي المَتاعُ؟! ويَقُولُ.. إنَّ العِلْمَ والفِكْرَ المُنِيرَ هُما الصُّداعُ؟! * * * ماذا تَقُولُ لِمن يَزُجُّ بِنَفْسِهِ في الصَّفِّ زَجَّا..؟! وهو القَمِيءُ.. أَلا يَرى أَنَّ التَّاخُّرَ كانَ أَحْجى؟! * * * إن الكرامة أن ترى أن الحياة منازل! وهي الحَقيقةُ ما تَخَطَّى الحَدَّ إلاَّ جاهِلُ! * * * يا رُبَّما كانَ الحَقِيرُ هو المُقَدَّمُ. والعظيم هو المُؤَخَّرْ! هذا هو العَجْزُ المَشِينُ يُقالُ عنه هو المُقَدَّرْ! * * * كَلاَّ –فَلَنْ تَبْقى الحَياةُ وتَسْتَمِرَّ على اعْوِجاجْ! فالحَقُّ أَجْدَرُ أَنْ يَعَزَّ وأَنْ يَسُودَ بلا مَجاج..! * * * ما نحن من يُطري السرابَ ومن يشيح عن السحابْ! أو إننا نَعَمٌ. يرى الخطأ المميتَ هو الصوابْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أشجان
لسْتُ أَدْري هَل سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ وإلاَّ سَيَرْجِعُ الجُثْمانُ؟! ضاقَ صَدْري بما أُعاني من السُّقْمِ وضَجَّ التَّفكِيرُ والوُجْدانُ! ولقد يَشْمَتُ الكثيرون بالرَّاحِلِ عَنْهم وما لَه عُنْفُوانُ! انَّ بَعْضَ الشَّماتِ مَجْدٌ لِمَنْ راحَ ورِبْحٌ يَجُرُّهُ الخُسْرانُ!! هدَفاً كنْتُ للحُقُودِ ولِلنِّقْمةِ جَهْراً واسْتذْأَبَ الشَّنآنُ! ما أُبالي بما يكون إذا ما نالَني مِن مُحاسِبي الغُفْرانُ! فلقد كَنْتُ في الحياةِ تَقِيّاً وغَوِيّاً يَقُودُني الشَّيْطانُ! كنْتُ حِلْفَ الأَوْزارِ تأْخُذُ مِنِّي ما أرادَتْ. وفي يَدَيْها العِنانُ! يا لَها مِن حياةِ غِرٍّ مُطَيعٍ حاوَلَ العِزَّ فاحْتَواهُ الهَوانُ! يتَمنى الجِنانَ.. وهو الجَحِيميُّ فَتَنْأى عن المَخازِي الجِنانُ! ويْكَأَنِّي أنا الأَغَيْلِفُ في الأَرْضِ. ولكنْ عَصى عَلَيَّ الختانُ! اوْ أنا الآبِقُ العَتِيُّ. وما يُثِقُ مِنِّي. ولا يُحيفُ الجرانُ! حلَفاءَ الدِّنانِ ما كنْتُ مِنْكُمْ فَلِماذا تجْني عَلَيَّ الدِّنانُ؟! ولقد يَصْرَعُ الطِّعانُ مَلاَكاً ثم يُغْضِي عن الرَّجيمِ الطِّعانُ! * * * وَيْلُ نَفْسي مِمَّا تُجِنُّ وما تُظْهِرُ مِمَّا يَحارُ فيه العَيانُ! إنَّ أَمْرِي بِها عَجِيبٌ وكَلاَّ فَكِلانا هو الشُّجاعُ.. الجَبانُ! لَمْ أُناصِحْ. ولم تُناصِحْ فَصِرْنا صَفْقَةً رِبْحُها جَفاهُ الرِّهانُ! أَفَترْوِي الدُّموعُ فَقْراً جَدِيباً ما رَوَتْهُ زَهادَةٌ وحَنانُ؟! كيف يَرْوِي الأُجاجُ قَفْراً.. إلى العَذْبِ. إلى الغيث هامياً.. ظَمْآنُ؟! وأنا اليَوْمَ في الصِّراطِ فما أعرف سراً يُخْفِيهِ عَنِّي الزَّمانُ؟! أألحَيُّ سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ وإلاَّ تَلُفُّني الأكْفانُ؟! * * * رُبَّ حَيٍّ يرجو المَمات.. ومَيْتٍ ما ارْتَجاهُ.. يَضِجُّ منْه المَكانُ! فَهْو كَلٌّ على الحياة.. بَغيضٌ تَزْدَهِيه بَغْضاؤُهُ واللِّعانُ! غَيْرُ مُسْتَشْعرٍ ولو أَثْخَنَ السيف حَناياهُ غاضِباً. والسِّنانُ..! إنَّني خائِفٌ مَصيراً شَقِيّاً فيه يَجْفو غُرابَهُ الكَرَوانُ..! بَعْد أنْ كانَ شادِياً يَطْرِبُ السمع ويشفي يَراعُهُ والبَيانُ؟! * * * أَفَيَغْدو الماسُ الثَّمينُ رخيصاً حين يَغْلُو بَيْنَ الورَى الصَّوَّانُ؟! بَعْضُ هذا يُدْمي المُحِسنَّ ويُخْزِيهِ. فما ثَمَّ عِزَّةٌ أو أَمانُ..؟! مَسَّني الضُّرُّ من حياة الزّرازيرِ وساء الإِسرارُ والإِعْلانُ! كيف للحر أن يطيب له العيش ومِنْ حَوْلِهِ جَوىً وامْتِهانُ؟! فيه بَرَّزتْ حرائِرَ الحَيِّ واسْتَعْلَت عَلَيْهِنَّ في حمانا القِيانُ؟! قَدَرٌ ما نَروُغُ ولو جارَ وبَعْضُ الجَوْرِ الخَفِيِّ امْتحانُ! رُبَّ ضِيقٍ نَرْتاعُ مِنْهُ وما كان ظَلُوماً جانِيهِ بَلْ مَنَّانُ! أَشْتَهِي.. أَشْتَهِي المَنُونَ إذا عَزَّ ذَهابي بِه.. وفِيمَ الحِرانُ؟! والذَّليلُ. الذَّليلُ مَن رَضِيَ العَيْش فُضُولاً.. وسَرَّهُ الشَّنآنُ! * * * يا إِلهي. متى أَعُودُ إلى الرَّبْع فقد هَزَّتِ الحَشا الأَشْجانُ؟! شفَّني السُّقْمُ. واسْتَبدَّ الشَّوْقُ. لمن كُنْتُ أصْطَفِيهِمْ.. وكانُوا! والكيانُ الذي أُحِبُّ. وأَهْلُوهُ فَنِعْمَ الهوَى. ونِعْمَ الكِيانُ! هي رَوحِي تَهْفُو إِلَيْهِمْ ويَهْفُونَ وعَزَّ السُّلُوُّ النِّسْيانُ! * * * أيُها الرُّوحُ.. أَيُّها الجَسَدُ الفاني سَيَطْوي بَلاءَنا الرَّحْمنُ! أَنْتُما في يَديْهِ.. ما يُقْنَطُ رُوحٌ مِنْه.. ولا جُثمانُ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أيتها اللعوب
اسْمَعِيني يا جَمالاً كانَ في بُرْدَةِ طُهْرِ.. يا جَمالاً كانَ في نَضْرَةِ زَهْرِ.. يا جمالاً كانَ في طَلْعَةِ بَدْرِ.. يا جمالاً كان في نَفْحَةِ عِطْرِ.. يا جمالاً كانَ في ريَّةِ نَهْرِ.. يا جمالاً كان في نَشْوَةِ خَمْرِ.. يا جمالاً كان في وَقْدَةِ جَمْرِ.. يا جمالاً كانَ في سَطْوَةِ نِمْرِ.. كيف أهويت إلى الدرك السحيق؟! كيف أَهْوَيْت. وقد عاهَدْتِني.. أَنَّ هذا الحُبَّ.. حُبٌّ أَبَدِي.. ولقد أشعر أَنِّي في الذرى.. منه.. من عَهْدٍ بعيدٍ سرمدي.. ولقد صَدَّقْتُ ما قُلْتِ فقد كنْتُ روحاً هائِماً في جَسَدِ.. عَبْقَرِيٌّ في الهوى لكنَّني.. ذو عُيُونٍ شَقِيَتْ بالرَّمَدِ.. قد تَرى في حَجَرٍ مُسْتَرْخَصٍ.. لُؤْلُؤاً مُؤْتَلِقاً من عَسْجَدِ.. ولقد يَسْتَعْذِبُ البَحْرَ الغَريقُ.. * * * فاسْمَعيني.. لم يَكُن حُبُّكِ إلاَّ صَبْوَةً.. صَهَرتْني. فَنُحاسي عادَ تِبْرا.. عُدْتُ حِسّاً واعِياً مُسْتَشْرِفاً.. عالَماً أَكْشِفُ منه ما اسْتَسَرَّا.. عالَماً ما يَعْرِفُ الغَدْرَ ولا.. تَرْقُبُ النَّفْعَ فَتَلْقى منه ضَرّاً.. ولقد أَصْلَيْتَني حينا لظى صَهَرَتْني. فَأَرَتْني السِّر َّجَهْرا.. كنتُ طِفْلاً أَتَشَهَّى لُعْبَةً.. فإِذا اللُعْبَةُ تُضْنِي منه دَهْرا.. وإذا باليأْسِ منها.. والضَّنى.. أَنْبَتا في قَفْرِهِ الموُحِشِ زَهْرا.. فاسْكُبِي الدَّمْعَ فإِنِّي صِرْتُ حُرّاً.. صِرْتُ حِسّاً عَبْقَرِيّاً.. صِرْتُ فِكْرا.. فلقد أَسدى. وما أَشْقى الحَرِيقْ.. |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أيها الحسن
لا تَقولي يا فَتاتي أنَّني.. عَقَّني الوَحْيُ. وجافاني الخيالُ.. فأنا الحُبُّ صُدوداً.. وأنا الحُبُّ وِصًالْ.. وأنا الشِّعْرُ سلاماً.. وأنا الشِّعْر نِضَالْ * * * وأنا مَن كانَ يَهْواكِ ويَرْعاكِ صَبِيَّهْ.. وَرْدَةً تَنْفَحُ بالعِطْرِ. وتَذْرُوه شَذَيَّهْ.. كنْتِ بالطُّهْرِ وبالفِتْنَةِ عَذْراءَ كما المُزْنِ نَقِيَّهْ.. يا لَرُوحي. فلقد كانَتْ وما زالتْ بِمَرْآكِ شَجِيَّهْ.. * * * ثم أَصْبَحْتِ فَتاةً حُلْوَةً.. تَطْوي عُقولاً وقُلوبا.. تَشْتَهيها.. وهي لا تَمْنَحُها إلاَّ الجَوى.. إلاَّ النُدوبا.. وتُناجِيها فَتَسْتَهْوي وتَسْتَصْفي.. رَزاناً ولَعُوبا.. يُسْعِدُ الحُسْنَ ويُشْقِينا ويَسْبِينا عَبوساً وطَرُوبا.. * * * فَتَشامَخْتِ على الشَّاعر. والشاعرُ يا حُلْوةُ أكْرَمْ.. كان يَسْخُو.. كانَ بالآمالِ.. مِن أَجْلِكِ يَحْلَمْ.. كانَ ما بَيْنَ تعاليكِ العواني.. كانَ ضَيْغَمْ.. كانِ بالشِّعْرِ.. ذُرَى الشِّعْرِ العَوالي يَتَرَنَّمْ.. * * * لو تَأَنَّيْتِ لأَغْلاكِ.. وأعطاكِ.. كما شِئْتِ.. الخُلودْ.. ولَكُنْتِ اليَوْمَ بَيْنَ الغيد روضاً ذا ثمارٍ وَوُرودْ.. والقَوارِيرُ حوالَيْكِ على الحُسْنِ الذي جَلىَّ شُهُودْ.. كُنَّ يَحْسِدْنَكِ.. والحُسْنُ له أَلْفُ غَيورٍ وحَسُودْ.. * * * ورأى مِنْكِ تَعالِيكِ غباءً وغُرُورا.. ورأى منكِ تَجافِيكِ.. جُحُوداً ونُفُورا.. فَتَخَلَّى عَنْكِ.. عن حُسْنِكِ.. مُخْتالاً فَخوراً.. إنَّه الحُرُّ الذي يَمْقُتُ مَن كانَ كَفُورا.. * * * فاهْنَأِي.. اليَوْمَ بِما اخْتَرْتِ.. وما اخْتَرْتِ السُّمُوَّا.. لن تَعُودي مِثْلَ ما كنْتِ.. ارتفاعاً وعُلُوَّا.. فلقد أَقْصَيْتُ رُوحي عَنْكِ.. مَقْتاً وسُلُوَّا.. إنَّني أكْثَرُ من حُسْنِكِ.. كِبْراً وعُتُوَّا.. * * * قُلْتُ والرُّوحُ يُناغِيني مُناغَاةَ حبيبٍ لِحَبِيْبِ.. أيُّها الرُّوحُ تَمَجَّدتَ. فَدَعْ عَنْكَ دَياجيرَ القلِيبْ.. وافتَرِعْ مِنَ السَّحابِ الشُّمِّ. مِقْداماً مَهِيبْ.. وانْبذِ الحُسْنَ إذا اسْتَشْرى. وأَشْقى باللَّهِيبْ.. * * * واسْتَراحَ الرُّوحُ للنجوى.. وأصْغى لِلْمقالْ.. وتعاهَدْنا على أَن نُكْرِمَ الحسن طَهُوراً وَوَفِيَّا.. فإِذا ما رامَ طُغْياناً على الحُبِّ.. وجَافاهُ عَتِيَّا... وَجَدَ الحبَّ مُشيحاً عنه.. مُعْتَزّاً أَبِيَّا.... فلقد يأْسى. وقد يَنْدَمُ. أَنْ صَدَّ غُروراً.. عَبْقَرِيَّا.. * * * إنَّ مَجْدَ الحُسْنِ أَنْ يَرْفَعَ لِلطُّهْرِ ولِلشِّعْرِ لوِاءَ! فهو رَوْضٌ يَمْلأُ الدُّنْيا على النَّاسِ عَبيراً ورُواءَ! شامِخٌ كالطَّوْدِ.. وضَّاءٌ.. كما النَّجمُ شعاعاً واعْتِلاءَ! يَعْرِفُ النَّاسُ سَجاياهُ.. عَفافاً.. واعْتَزازاً.. ونَقَاءَ! فيَخْفِضُونَ الطَّرْفَ إن لاح.. احْتِشاماً وحَياءَ..! ذاك مَجْدُ الحُسْنِ.. مَجْداً لحُبِّ.. صنْوَيْنِ. دَلالاً وانْتِشاءَ! يا لِواءَ الحُسْنِ قُدْنا لِلهَوى.. يُلْهِمُ الشِّعْرَ.. ويَسْتَجْلي الخَفاءَ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » اِسأليني
إسأليني.. فلقد تَسْمَعُ أذناكِ طنيناً مِنْ جَوابِي.. ولقد تُبْصِرُ عَيْناكِ خَلاصي مِن عَذابي.. ولقد يُدْمِي حَناياكِ طِعانٌ من حِسابي.. ولقد يُشْجِيكِ عِرْفانُ سُلُوِّي في مَآبي.. * * * واسأليني.. فلقد أَصْبَحْتُ مِن بُعْدِك مُخْضَرَّ الرِّحابِ.. وَتَسَنَّمْتُ –وقد كنْتُ على الأَرْضِ سَحابي.. عُدْتُ للرَّبْعِ أَرى فيه أُهَيْلي وصِحابي.. بَعْدما كنْتُ –وما أَوْحشَ أَمْسي في اغْتِرابِ.. * * * واسأليني.. كنتُ رَغْم الذُّلِّ والفِتْنَةِ.. أَهْواكِ طَهْورا.. وإلى جَنْبِكِ رَهُطٌ يَبْتَغِي مِنْكِ الفُجورا!. وتقُولينَ.. أَلا تُبْصِرُ مِن حَوْلي الصُّقُورا؟! سوف لا يَلْقَوْنَ إلاَّكَ فِطِبْ.. إلاَّ نُفُورا.. * * * واسأليني.. فلقد غَرَّرْتِ بي حِيناً من الدَّهْرِ فَلاقَيْتُ ثُبُورا.. حِينَ لاقَوْا هُمْ من الوَصْلِ نَعِيماً وحُبُورا.. وسَمِعْتُ الهَمْسَ من حَوْلي. ما أقساهُ بَغْياً وكُفورا.. تخِذوا سُخْرِيةً مني. وما كنت لدى الجُلّس حَصُورا واسأليني إنَّ ذاكَ الهَمْسَ قد كانَ سِهاماً وحِرابا.. فتحامَلْتُ وغادَرْتُ.. فقد كانَ ضَلالاً وكِذابا.. كُنْتِ لي هذا.. وأمَّا الرَّهْطُ فاسْتَوفى الثَّوابا.. نَهَلَوا ثم انْثَنَوْا عَنكِ.. ولاقَيْتُ السَّرابا.. واسأليني فأنا اليَومُ تَعرَّفْتُ مِن الغَيِّ. من الغَدْرِ الصَّوابا.. وتَعرَّفْتُ إلى الحُسْنِ أفانِينَ.. هَدِيلاً ونُعابا.. عدت أجني منه. مِن أَسْوائِهِ الكُثْرِ نِعماً وثَوابا.. كَدِراً مِثْلَكِ لاقَيْتُ. ولاقَيْتُ نقيا مُسْتَطابا.. * * * واسْأليني.. وسَتُصْغينَ فَتَلْقَيْنَ من الإِصْغاءِ هَمّاً مُسْتَطِيرا.. مِثْلَما لاقَيْتُ بَلْ أَنْكى.. وأَقسى مِنْه نِيرا.. نَدَماً يُشْقِيكِ. بل يُصْلِيكِ يا ليْلى سَعيرا.. فَتَنامِينَ على الشَّوْكِ. وبِئْسَ الشَّوْكُ لِلْحُسْنِ سَرِيرا.. * * * واسأليني.. أنا يا لَيْلى هُنا أَرْفُلُ في النُّعْمى وأَشْدو.. بَيْنَ حُورٍ يَجْتَذِبْنَ الرُّوحَ ما يُشْقِي بِهِنَّ الرُّوحَ صَدُّ.. بالَّذي يَرْفَعُ للنَّجمِ.. وما أَحْلا.. فما طَرْفٌ ونَهْدُ؟! هُنَّ كالمُزْنِ طَهُوراتٌ.. وهُنَّ العَيْشُ رَغْدُ.. ولقد أَلْهَمْنَني شِعْراً.. حُمَيَّاهُ تَرانِيمٌ وَوَقْدُ.. ولقد أَرْوَيْنَني.. فالرَّوْضُ مِعْطارٌ بِه فُلٌّ ووَرْدُ.. وفُؤادِي جائِشٌ بالوَجْدِ فالدُّنْيا به حُبٌّ وَوَجْدُ.. يا فَتاة الأَمْسِ. إنَّ اليَوْمَ نَشْوانُ. وما لِلأَمْس عَوْدُ |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أيها الشعر
وما الشِّعْرُ حُبٌ شاغِفٌ وصَبابةٌ فَحَسْبُ. ولكنْ حكمةٌ وتأمُّلُ! جذبْتُ به نَحْوي الفَواتِنَ فَتْرَةً من العُمْرِ. ثم انْجابَ عَنِّي التَّدَلُّلُ! فقد أَطْفَأَت دُنْيايَ مِن وقْدَةِ الصِّبا وَوَلَّى شَبابٌ كان يَسْطو ويَجْهَلُ! وأَصْبَحَ شِعْري يَنْشُدُ الحَقَّ جاهراً وما عادَ يُشْجِيهِ الهوى والتَّغَزُّلُ! أراني. وما أَرْضى لِشِعْري تَدَلُّهاً ولا ظَمَأً لِلْكأْس. فالْكأْسُ يَسْطِلُ! وحُسْنُ الغَواني يَسْتَطِيلُ على الوَنى ويُعْرِضُ عنه.. وهو شِلْوٌ مُجَدَّلُ! وقد صِرْتُهُ فالشِّعْرُ عِنْدي مُقَدَّسٌ فما أَرْتَضِيهِ. وهو يَهْوِي فَيَسْفُلُ! ولا أَرْتَضِيهِ عانِياً مُتَزَلِّفاً.. ولا حاقِداً يَفْرِي حَناياهُ مِنْجَلُ! سَمَوْتُ به للنَّجْمْ أَغْشى مشارِفاً تُطِلُّ على كَوْنٍ به الحَقُّ فَيْصَلُ! تُطِلُّ به غُرُّ المَشاعِرِ والنُّهى عليك بِسَلْسالٍ زُلالٍ فَتَنْهَلُ! وتَرْوِي غَليلاً كَانَ لِلْمَجْدِ ظامِئاً.. فَلاقاهُ لا يُكْدِي. ولا يَتَبَذَّلُ! فَقُلْتُ هُنا طابَ المُقامُ لِوامِقٍ إلى كلِّ ما يُسْدي. ولا يَتَعَلَّلُ! ولاقَيْتُ فيه مَعْشَراً مُتَرَفِّعاً فما فِيهِ أَوْحالٌ. ولا فيه جَنْدَلُ بَلى فيه إِبْرِيزٌ نَقِيٌّ.. ولُؤْلُؤٌ سنِيٌّ. ورَوْضٌ عَبْقَرِيٌّ.. وجَدْوَلُ! وحَفُّوا بِرُوحِي فاسْتَجابَتْ فإِنَّهُمْ كِبارٌ بِما يَبْدو وما يَتَغَلْغَلُ..! بَهالِيلُ. هذا حاتِمٌ في سَخائِهِ وعَنْتَرَةٌ هذا. وهذا السَّمَوْأَلُ! وقالوا. لقد آنَسْتَ رَبْعاً مُرَحِّباً بمن جاءه واسْتَكْرَمُونِي.. وأَجْزَلوا! فطِبْتُ بِهم نَفْساً.. وطِبْتُ بِهِمْ نَدىً فقد ضَمَّني صَحْبٌ كِرامٌ.. ومَنْزِلُ! وأَلْفَيْتُ إِلهامِي بِهِمْ مُتَأَلِّقاً.. تَعَزُّ بِهِ مِنْهُمْ جَنُوبٌ وشَمْأَلُ! فَلَوْ أَنَّني أَطْرَيْتُ لم أَكُ كاذِباً ولا مادِحاً مَنْ غابَ عنه التَّفَضُّلُ! ولم أَتَمَرَّغْ في الرِّياءِ وأَغْتَدِي بما قُلْتُ.. بِئْسَ المادِحُ المُتَوسِّلُ! ألا ساءَ مَنْ يُزْجِي القَوافِيَ حُلْوَةً إلى قَزَمٍ جَدْواهُ شَوْك وحَنْظَلُ! هنا الشِّعْرُ مَجْدٌ.. لا رِياءَ ولا هَوىً مَقِيتٌ. فما يَخْزى. ولا يَتَسَوَّلُ! سما مِنْهُ رَهْطٌ لِلنُّجومِ فَهلَّلُوا وأَهْوى بِه للدَّرْكِ رهْطٌ فَأَعْوَلُوا! تَبارَكْتَ لاقي مِنْكَ مَجْداً وعِزَّةً مُحِقٌ. ولاقى الخِزْيَ والهُونَ مُبْطِلُ! سَجَدْتُ امْتِناناً لِلنَّدى مِنْكَ والعُلا فما كُنْتُ مِمَّنْ خالَفُوكَ فَزُلْزِلُوا! وما كُنْتُ مِمَّنْ جَدَّفُوا.. فَتَعَثَّروا وما مِنْهموا إلاَّ العَمِيُّ المُضَلَّلُ! وأَغْراهُموا الزَّيْفُ الرَّخِيصُ فَأَوْغَلوا بِهِ من قِفارٍ لَيْس فيهِنَّ مَوْئِلُ! فما الوَفْرُ إلاَّ الآلُ ما فِيهِ مَشْرَبٌ ولا المَجْدُ إلاَّ الجَدْبُ ما فِيهِ مأْكَلُ! كلا اثْنَيْهما يُرْدِي إذا كانَ سَيِّداً على رَبِّهِ.. والسَّالِمُ المُتَبَتِّلُ! ولكنَّ مَجْداً أَبْتَغِيهِ.. وثَرْوَةً.. لَدَيْكَ هُما مَجْدِي وَوَفْرِي المُجَلِّلُ! ستَعْتَزَّ نَفْسي بالمُعَجَّلِ مِنْهُما.. ويُرْضي رُفاتي من المَعادِ.. المُؤَجَّلُ! تَمَجَّدتَ رَبَّي.. إنَّي مُتَطَلِّعٌ.. إلى اثْنَيْهما.. أَنْتَ الكَرِيمُ المُؤَمَّلُ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الطالب والمطلوب
أراشدي الرَّاجِحُ. إنِّي امُرؤٌ غاض مَعيني.. وخَبَتْ جَذْوتي! كيف تُرَجِّي الماءَ من ناضبٍ؟! وكيف تبغي الجمر من رَغْوَةِ؟! قد أرْمَدَتْ جَمْري الخُطوبُ التي عَدَتْ. فلم تُبْقِ على وَقْدي! وجَفَّفَتْ نَبْعي فَلَمْ تُبْقِ لي ما يَنْفَعُ الغُلَّةَ مِن مُهْجتي! فليس لي بعد شبابي الذي وَلَّى سوى رَاعِشِ شَيْخُوخَتي! * * * كانَ الهوى يُشْجِي بآلائِهِ ويَسْتَفِزُّ الحُسْنُ مِن صَبْوَتي! واليَوْمَ لا حُسْنَ.. ولا صَبْوَةٌ بعد أُفُولِ البَدْرِ من لَيْلَتِي! البَدْرُ كانَ العَزْمَ يا صاحِبي وقد تَوَلَّى. فَطَغَتْ ظُلْمَتي! وأَنْتَ تَدْعوني لأُمِّ القُرى للِشَّدْوِ.. للتَّرْنِيمِ في مَكَّتي..! مكَّةَ ما أَكْرَمَها مَوْطِناً فإِنَّها –رَغْمَ الجَوَى جنَّتي! وُلِدْتُ في بَيْتٍ بِها مُشْرِقْ بالحُبِّ تَخْتالُ بِها حَبْوَتي..! كُنْتُ صَبِياً يَكْتَوِي بالنَّوى بِاليُتْمِ.. بالشَّوْقِ إلى صُحْبَةِ! يَشْتاقُ صَدْراً حانِياً.. حابِياً مِن التي وَلَّتْ بلا رَجْعَةِ! ويَكْتُمُ الشَّوْق لِكَيْلا يَرى إشْفاق من شَبَّ بلا لَوْعَةِ! كنْتُ سَرِيعَ الدَّمْعِ لكنَّني ما تُبْصِرُ الدَّمْعَ سوى خَلْوتي! * * * ومن حِمى مكَّةَ كنْتُ الفَتى والرَّجُلَ الطّامِحَ لِلرِّفْعَةِ! دَرَسْتُ في صَرْحٍ بِها شامِخٍ بالعِلْمِ.. بالأَفْذاذِ.. بالصَّفْوَةِ! كانُوا رجالاً.. أنْجُماً في الدُّجى تَكْشِفُ للسَّارِي صُوى الرِّحْلَةِ! يا رَحْمَةَ الله تَجَلِّي لَهُمْ.. فإنَّهُمْ أَجْدَرُ بالرَّحْمَة.! ولِلرِّفاقِ الشُّمِّ.. من رَاحِلٍ وعائِشٍ في السَّفْحِ والذُّرْوَةِ! كُنَّا أشِقَّاءَ.. فما نَسْتَوي.. إلاَّ على الوُدِّ بلا جَفْوَةِ..! أَوَّاهِ ما أَحْلا الزَّمانَ الذي.. كُنَّا به نَرْفُلُ في نِعْمَةِ..! فَقَفْرَتِي كانَتْ بِه رَوْضَةً فكيف لا أَصْبُو إلى رَوْضَتي؟! وشِقْوَتي كانَتْ به رِقَّةً تَحْنُو.. فما أَحْلا بِهِ شِقْوَتي! كم أَلْهَمتْني الشِّعْرَ أَشْدو بِهِ كالطَّيْرِ في العُشِّ.. وفي الدَّوْحَةِ! ثم اسْتَرَدَّتْ ما أفاءَتْ بِهِ فَعُدْتُ بَعْد اللِّينِ كالصَّخْرةِ * * * يا راشِدي الرَّاجِحُ.. لَيْتَ المُنى تَسْخُو على المُبْيَضِّ من لِمَّتي..! فانْظُمُ الشِّعْرَ بلا عائِقٍ.. يَعُوقُ من هذا الخَوى المُسْكِتِ! أَصْغَيْتُ.. أَصْغَيْتُ. وصَدَّ الهوى عنِّي. وغابَ الحُسْنُ عن مُقْلَتي! فهل أَنالُ الصَّفْحَ من سَيِّدٍ يَطْلُبُ مِنِّي الشَّدْوَ في عِزْوتي؟! يا ليْتَني أَقْوى فَأَطْوِي المدَى إليه كَيْ أَسْعَدَ من رِحْلَتي! وأَلْتَقِي بالصَّحْبِ من مكَّةٍ.. طابَتْ وطابُوا.. فهو أُمْنِيَتي..! * * * يا راشِدي الرَّاجِحُ.. كُنْ عاذِري فَهذِهِ يا سَيِّدي قِصَّتي! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الحسن في مباذله
جاذَبْتني ثَوْبي. وكانت عَصِيّاً ثُمَ راضَ الهوى جِماحَ العَصِيِّ! يا فتاتي أنا الذي يَعْرِضُ اليَوْمَ فما عُدْتُ بالفُؤادِ الشَّجِيِّ! أُذُكُري الأَمْسَ حِينَ كنْتِ تَصُو لِينَ على كُلِّ أَعْزَلٍ وكَمِيِّ! وتَكونِينَ كالنَّسيمِ.. وكالرَّوْضِ بِصَفْوٍ عَذْبٍ.. ونَفْحٍ شَذِيِّ! وتَكُونِينَ كالصَّواعِقِ أَحْياناً وكالرِّيح عاصِفاً.. والأتِيِّ..! * * * يا لَها مِن طَبِيعةٍ يَتَلَظىَّ عاشِقٌ مِن بُكُورِها والعَشِيِّ..! ولقد كنْتُ عاشِقاً فَتَلَظَّيْتُ بطَبْعِ يُشْقي القلوبَ.. عَتِيِّ! غَيْرَ أَنِّي كنْتُ الأَبِيَّ فأعْرَضْتُ. ومَا اسْطَعْتِ ذِلَّةً لِلأَبِيِّ! كنتُ ظمآنَ للنَّمِيرِ فما جُدْتِ على مُهْجَةِ الظَّمِىءِ بِرِيِّ! فَتَخَاذَلْتِ من سُلُوِّي وإعْراضي وَيْلي إلى الطريقِ السَّوِيِّ! وتَرَفَّعْتُ عن نداكِ بِفِكْرٍ.. عَبْقَريِّ الرُّؤى.. وأَنْفٍ حَمِيِّ! يَشْتَهي ثم يَنْثَني حينما يَشْعُرُ من زادِهِ بِداءٍ رَوِيِّ! كم طعامٍ يعَافُهُ الجائِع الحُرُّ ولو كانَ مِن طَعامٍ شَهِيِّ! يا فَتاتي إنَّ افْتِراعَكِ للذُّرْوَةِ بِدُنْياكِ بَعْدها لِلْهَوِيِّ! الرَّبيعُ النَّضِرُ سوْف يُوَلِّي فَتَوَقِّي الخَريفَ قَبْل المُضِيِّ! واحْذَري نِقْمَةَ الشَّماتِ. فيا رُبَّ شَماتِ يُدْميكِ كالسَّمْهَرِيِّ! وَيْ كأنِّي أَراكِ يا رَبَّةَ الحُسْنِ عَجُوزاً تُقْذِي عُيُونَ النَّدِيِّ! تَتَمنَّى لو أَنَّها زَكَّتِ الحُسْنَ بِطُهْرٍ ولم تَكُنْ كالبَغِيِّ..! فلقد كنتِ نِعْمَةً لِغَوِيِّ ولقد كنْتِ نِقْمَةً لِتَقِيِّ..! وأَنا ذلكَ التَّقِيُّ الذي كانَ فَخُوراً بِحُبّهِ العَبْقَرِيِّ! لم أَكُنْ بالصَّدِيِّ إلاَّ إِلى الحُبِّ عَفِيفاً.. ومُلْهِماً بالرَّوِيِّ! شاعِرٌ هائمٌ بِمَجْدِ قَوافِيهِ وشِعْرٍ بالخالِباتِ سَرِيِّ! وبَروْضٍ تُشْجِي بَلابِلُهُ الفِكْرَ فَيَشْدو بِشِعْرِهِ العُلْوِيِّ! حَجَبَتْهُ عَنْكِ المُجونُ. فما بانَ لِعَيْنَيْكِ غَيْرَ عُودٍ طَرِيِّ! وانْثَنى عَنْكِ ساخِطاً يَنْشُدُ الحُسْنَ يَراهُ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ! مَظْهَراً يَمْلأ العُيُونَ جَلالاً يَلْفِتُ الرُّوحَ لِلْجلالِ الخَفِيِّ! آهِ لو كُنْتِ تَعْرِفينَ لما كنتِ شَغُوفاً بِتافِهٍ وغَوِيِّ! ولشَتَّانَ بَيْنَ حُبٍّ ضَعِيفٍ يَتَهاوى. وبَيْن حُبٍّ قَوِيِّ! بَيْنَ حُبٍّ يَزُولُ وَهْناً.. وحُبٍّ طَرِبٍ مِن شُجُونِهِ. سَرْمَدِيِّ! * * * مَجِّدي اللهَ يا لَعُوبُ فقد يَغْفِرُ ما كانَ من أَثامٍ فَرِيِّ! واذْكُرِيهِ لَعلَّ حاضَرَكِ الدَّامِسَ يَحْظى منه بِنُورٍ سَنِيِّ! فلقد يَفْضُلُ الرّبيعَ خَرِيفٌ يَرْتَوِي بالرَّشادِ مِن بَعْدِ غَيِّ! سأَرى فِيكِ.. في خَرِيفكِ حُسْناً غَيْرَ حُسْن ضارٍ لِهِنْدٍ ومَيِّ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » اذكريني
اذْكُريني.. واذْكري تلك اللَّيالي الخالياتْ.. واذْكري تلك الأماني الغاليات.. والهِباتِ الغُرِّ.. ما أَحْلى الهِباتْ.. والهوى يُنْبِتُ زَهْراً وثِمارْ! * * * واذْكُريني أنتِ يا ذات السَّنا والشَّجَنِ.. أنتِ يا ذاتَ الجَنى والمِنَنِ.. .. أنتِ يا مَن كنْتِ فَوْق القِنَنِ.. تَتَجلِّينَ فَيَعْروني الدُّوارْ! * * * واذْكريني واذْكُري المسْجِدَ الوَضَيءَ الحُسَيْني.. كانَ ما بَيْنَكِ الصَّفِيَّ.. وبَيْني.. فَتَخيَّرتني هَوىً.. وأَقْرَرْتِ عَيْني.. ورَمَيْتِ الصَّفيَّ بالأكْدارِ.. * * * واذْكُريني فلقد أمْسَيْتُ شَجْواً مُسْتَبِدّاً في دَمي.. ضارِياً يَنْهَلُ كالذِّئْبِ الظَّمِي.. لا يُبالي بِصِلاتِ الرَّحِمِ.. وهو لا يَرْوى بِلَيْلٍ أو نَهارْ!. * * * واذْكُريني.. فَأَنا ما عُدْتُ إلاَّ شَبَحا.. ألِفَ الحُزْنَ.. وعافَ المَرَحا.. ورأى التَّرْحَةَ تَطْوِي الفَرَحا.. ورأى النَّجْمَةَ في قاعِ البِحارْ! * * * واذْكُريني.. فأنا الصَّبْوَةُ في بُرْكانِها. يَتَلَظىَّ القَلْبُ من نِيرانِها.. وهو لا يَشْكو. فمن إدمْانِها.. صارَ كالصَّخْرَةِ في عَرْضِ القِفارْ! * * * واذْكريني.. واذْكُري الماضيَ ذَيّاكَ المُوَلِّي.. بعد أن عاشَ بِحُبِّي وبِعَقْلي.. آهِ مِن حُرْقَةِ شَمْسيِ بعد ظِلِّي.. ومِن الكَبْوَةِ من طُولِ الِعِثارْ! * * * واذْكُريني.. فلقد أََْطَلقْتُ نفسي من إساري. ولقد أَبْرَأُتُها مِن خِزْي عارِي. فَغَدَوْتُ الحُرَّ أَشْدو بانْتِصاري لن تَرَيْ مِنِّي سوى طُهْرِ إزاري!. * * * أَفَتَذْكُرينَ؟! وأنْتِ شامِخَةٌ الجَبين؟! تَتَكَبَّرينَ على غَضافِرَةِ العرين.. وبَقِيتِ بَيْن الخامِلين.. فَلبِئْسَ أَنْتِ بما صَنَعْتِ وتَصْنَعيْن.. عِيشي به. فَلَسَوْفَ بَعْدُ سَتَنْدَمينْ ولَسَوْف تُشْقيكِ الدُّمُوعُ فَتَذْرِفينْ. أَوَّاهِ من عَصْفِ الزَّمانِ. وآهِ من كَرِّ السِّنينْ تَذْوِينَ مِن بَعْد الفُتُونِ. ومِن غُواتِكِ تَنْزَوِينْ وتَغيبُ عنْكِ صُوى الجمال. ويَسْتَبِدُّ بك الحَنينْ.. يَمْضي الرَّبيعُ.. فَتَسْقَمِين من الخَريفِ. وتكْتَوِينْ.. وإذا الرَّبيعُ مَضى.. فَمَنْ ذا في خَريفِكِ تَجْتَبِينْ؟! وَيْلُ الجمال من الخريف.. فإنَّه الباكي الحَزِينْ! * * * كنْتِ الضَّنِينَةَ يا لَعُوبُ.. وإنَّني اليَوْمَ الضَّنِينْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أنا .. والضمير
لِمَ هذا الضَّمِيرُ يَجْلِدُ في الرُّوح لِماضٍ من الأثامِ كَثيبِ؟! لِمَ.. وهو الشَّريكُ للجسد الفاني لِما كانَ من هَوًى مُسْتَجيبِ؟! لِمَ لَمْ يَثْنِهِ بِقَوْلٍ رشيدٍ لِمَ لَمْ يَثْنِهِ بِفِعْلٍ مُنيبِ؟! والشَّبابُ. الشَّبابُ يَنْفُثُ عَزْماً في الشَّرايين جارِياً كاللَّهِيبِ! يَزْدَرِي الرُّشْدَ.. يَشْتَهي الغَيَّ. يَطَّوِي لَيْلَهُ بَيْن لَهْوِهِ والحَبِيب! والهوى لا يَرِيمُ عنه.. وتغريه فَرادِيسُهُ بِأحْلى نصيب..! فَيَظَلُّ المَفْتُونُ بالجَدْولِ العذب وبالرَّوْضِ والمُقامِ الرَّحِيبِ! ناعِماً.. شادِياً بِحُلْوِ التَّغاريدِ ونُعْمى الشُّجُونِ.. كالعَنْدَلِيبِ! لَيْس يُصْغِي إلى الملامِ.. فيا رُبَّ حُداءٍ في سَمْعِهِ كالنعيب! كيف يُصْغِي له.. وصوت نَداماهُ النَّشاوى.. يَضِجُّ بالتَّرْحِيبِ؟! أَيْنَ كانَ الضَّمِيرُ عنه.. وقد كانَ مَريضاً بحاجةٍ لِلطَّبيبِ؟! لِمَ لَمْ َيرْعَهُ ويَزْجُرْهُ حتى يتَفادى اللَّظى بِيَومْ عَصِيبِ؟! أَفَبَعْدَ المَشِيبِ والضَّعْفِ والحَسْرَةِ من شِقْوَةٍ بماضٍ حَريبِ؟! يَسْتَفِيقُ الضَّمِيرُ؟! ما كانَ أَحْراهُ بِلَوْمِي مِن قَبْلُ.. والتَّثْرِيبِ! أفَما كانَ لي شَرِيكٌ فَأغْضى في شَبابي عن السُّلُوكِ المَعِيبِ؟! كيف يَرْضَى ولو تأبّى ولو أَنْذَرَ لانصاعَ مُخطِىءٌ لَمُصِيب! وتَفكَّرْتُ بُرْهَةً فَلَعَلِّي أَنا مَنْ كانَ هائِماً بالقليب! رَغْمَ ظَلْمائِهِ.. ورغْمَ مَخازِيهِ وما كنْتُ بالمُصِيخ المُجِيبِ! والضَّمِيرُ الأُسِيْفُ يهتف بالسَّادِرِ قَبْلَ الهَوِيِّ.. قَبْلَ المغيب..! وأَصْمَّتْ دَوَّامَى السَّمْعَ.. أَوْ كنْتُ غَوِيّاً.. ولم أَكُنْ باللَّبِيبِ! فَنَادَيْتُ.. ثم أَنْكَرْتُ ما قالَ ضَمِيري.. وكانَ خَيْرَ حَسِيبِ! وتخَيَّرْتُ عن خَصيبي بِعُقْبايَ جَدِيباً.. وما أضَلَّ جديبي! عُدْتُ منه الرَّسيفَ في القيد أَدْماني وأَبْكى عَيْني بِدَمْعٍ صَبِيبِ! أَفَيُجْدِي البُكاءُ حتى ولو كان نَحيباً كَلاَّ.. فَوَيْلُ نحِيبي..! * * * هذه قِصَّةُ الضَّمِير.. وقد كنْتُ سليباً.. ولَمْ أكُنْ بالسَّليبِ! لم يَكُنْ بالكَذُوبِ يَوْماً فقد كانَ صَدُوقاً في اللَّوْمِ والتَّأْنيب! وأنا وَحدِي المَلُومُ. فقد كنْتُ عَتِيّاً.. مُتَيَّماً بعُيُوبي! قد أَرَبْتُ الماضي.. وكُنْتُ غَرِيراً أَفأَحْظى بِغَيْرِ يَوْمٍ قرِيبِ؟! فَعَسى رَحْمَةٌ من الله تُفضي لاغْتِفارٍ يَجُبُّ كُلَّ الذُّنُوبِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » آبق .. يتضرع
وحياتي شَجَنٌ في شَجَنٍ ما لها في بُرْئِها من أَمَلِ! فَكَأَنّي مدرج في كَفَنٍ وكأَنِّي غائِصٌ في وَحَلِ! * * * وَيْحَ نَفْسٍٍ لا تُحِسُّ الأَلَما يَنْخَرُ العَظْمَ. ولا تَخْشَى الرَّدِّي! فَلَوْ أنَّ الدَّهْرَ شَبَّ الضَّرَما في حَناياها.. لأَعْياها التَّصَدِّي! * * * كم تَمَنَّيْتُ لِطَبْعي أن يَشِفَّا لِيرَى الحَقَّ.. ويَسْتَوْحي رُؤاهُ! لم يُصِخْ له. وانْتأى عَدْلاً وصَرْفا وشَجاهُ الغَيُّ فاسْتَحْلى لُهاهُ! * * * ومضى يَرْكُضُ في اللَّيْلِ البَهيمْ في الدُّرُوبِ الغُلْفِ. لا تُفْضِي لِرُشْدِ! يَصْطَفي من صَحْبِهِ العِلْجَ الزَّنِيمْ فهو في سِجْنٍ من اللَّهْوِ.. وقَيْدِ! * * * وأنا مِنْه بِهَمِّ مُوجِع حِيَنما يُكْشَفُ عن عَيْني الغِطاءْ! وإذ أُسْدِلَ عادَتْ أَضْلُعي جَلْمَداً.. لا نَبْض فيه.. لا دِماءْ! * * * فَأَنا ما بَيْن نُورٍ وظَلامْ أَسْتَوي بَيْنَ حياةٍ ومَواتْ! بَيْنَ بُغُضٍ يَتَلظىَّ.. وهُيامْ وأُجاجٍ لَيْسَ يَرْوِي.. وفُراتْ! * * * يا لنَفْسٍ ما لَها مِن مَطْمَحٍ غَيْرَ أن كانَتْ –فَلَمْ تَحْيَ هَباءً! رُبَّ خُسْرِ يَشْتَفي من مَرْبح حين يَسْتَشْرِي بِنا الدَّاءُ العُياءْ! * * * حِينَما نُؤثِرُ عن هذا الوُجُودْ عَدَماً يَفْرِضُهُ.. العانِي الضَّمِيرْ! حِينما نَرْسُفُ في شَتَّى القُيُودْ ونُحِسُّ الرُّعْبَ من هَوْلِ المَصِيرْ! * * * لِمَ هذا؟! إنَّه صَوْتُ النَّذِيرْ من ضَمِيرٍ أَثْقَلَتْهُ المِحَنُ..! شاهَدَ العُمْرَ تَرَدىَّ في الحَفِيرْ بَعْدما غالَتْ هُداهُ المِنَنُ! * * * مِنَنٌ جاءَتْه مِن عِهْرٍ وَوِزْرِ وطَوَتْهُ فاسْتَوى في الدَّرَكِ..! فَجَنى أَرْباحَهُ من دَرْبٍ خُسْرِ وَرأَى لَذَّتَهُ في الحَسَكِ..! * * * وانْطَوى العُمْرُ سِنيناً فَسِنينْ فإذا الضَّعْفُ يُوافي والمشِيبْ! وإذا القُوَّة تَمْضي.. والحَنِينْ وإذا بالحُبِّ يَجْفُو.. والحبِيبْ! * * * وإذا الهَمْسُ. دَوِيٌّ صاخِبٌ ورَعُودٌ قاصفاتٌ.. وُبرُوقْ! زَلْزَلَتْ مِنه.. وبُومٌ ناعِبٌ بِهَوانٍ لِتَماثِيلِ العُقُوق! * * * كانَ لم يَسْمَعْهُ. لم يَشْعُرْ بِهِ فلقد حالَتْ سُدُودٌ عن سماعِهْ! وشبابٌ عارِمٌ مِن صَحْبِهِ وغُرُورٌ كانَ يَلْهو بِضَياعِهْ! * * * وصَحا مُرْتَجِفاً يَشْكو الوَنى يذْرِفُ الدَّمْعَ. وما يُجْدِيه دَمْعُ! يَتَمنىَّ.. لو أفادَتْهُ المُنَى.. بَعْد أَن جَفَّ مِن الشَّقْوَةِ – نَبْعُ! * * * تَوْبَةٌ – لكنَّه ليْسَ بِقادِرْ كيف.. والشِّقْوَةُ أَمْسَتْ رَبَّهُ؟! أَوْرَدَتْهُ فاسْتَوى لَيْس بِصادِرْ فَهُنا الحُسْنُ الذي يَمْلِكُ صَبَّهْ! * * * فهو البائِسُ يَدْرِي أَنَّهُ ضَلَّ والعُقْبى عَذابٌ هاصِرُ! ويَرى فِرْدَوْسَه لكِنَّهُ عنه ناءٍ. فهو غِرٌّ سادِرُ! * * * يا رَسِيفاً في قُيُودٍ صَرَفَتْ نَفْسَهُ – رَغْمَ أذاها من جَناهْ! وسَجِيناً.. خُطاهُ انْحرَفَتْ عن طَرِيقٍ.. وهو لا َيثْني خُطاهْ! * * * إِضْرَعِ اليَوْمَ لِمَنْ يَهْدِي الخُطا فَعَسى أَن يَسْبِقَ الصَّفْحُ الحُتُوفْ! وعَساهُ أَنْ يَرُدَّ الشَّطَطا رَشَداً.. كالنُّورِ مِن بَعْدِ الكُسُوفْ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » حيرة .. وصيرورة
اتَيْتُ إلى الدُّنيا وما كنْتُ مُختْارا ولو أَنَّني خُيَّرتُ ما اخْتَرْتُها دارا! فلو كنْتُ لم أُخْلَقُ لما كنْتُ آثِماً.. ولا كنْتُ مَغروراً.. ولا كنْتُ مِهْذارا! ولا ابْتَهَجَتْ نَفْسي بما كان مُخْزِياً ولا انْفَجَعتْ نَفْسي بما كانَ قَهَّارا! فقد عِشْتُ فيها ماجِناً مُتهافِتاً على مُتَع عادتْ هُموماً وأَوْزارا..! شقاءٌ طُفُولِيٌّ.. شقاءٌ مُراهِقٌ شقاءُ شبابٍ كانَ قَصْفاً وإعْصارا! وشَيْخُوخةٌ ناءتْ بأفْدَحِ شِقْوَةٍ فلم تَلْق إلاَّ ما يُلَطِّخُها قارا! ولو أَنَّني لم آتِ.. كنْتُ هَباءةً فلا تَبْتَغي أَهْلاً. ولا تَبْتَغي دارا! ولا تَبْتَغي المَجْدَ المُؤَثَّل رافِعاً مكانَتَها.. يَشْدُو به النَّاسُ أَشْعارا! ولا تَبْتَغي المالَ الذي يُسْكِرُ النُّهى فما تَجْتَوِي خزياً.. ولا تَجْتَوي عارا! مُبَرَّأَةً مِن كلِّ عَيْبٍ لأَنَّها سَدِيمٌ. فما لاقى هَواناً.. ولا جارا! ولو كُنْتُهُ.. ما كانَ لي من ظُلامَةٍ عَلَيَّ. ولا مِنِّي. ولا كنْتُ غَدَّارا! وها أنا في هذي الحياةِ مُرَزَّأٌ أُغادِرُ أَنجاداً.. وأَسْكُنُ أَغْوارا! ويَصْحَبُني الأَخْيارُ حِيناً فأَسْتَوِي على مَلَلٍ مِنْهم. وأَصْحَبُ أشْرارا! أَبِيتُ على هَمٍّ بِهِ. يَلْتَوي الحَشا وهُم جُثَّمٌ صَرْعى. عَشِيّاً وإِبِكارا! يَعيشُونَ صُبْحاً كالبَهائِمِ رُتَّعاً بلا زَاجِرٍ يَلْوِي. ويُمْسُونَ فُجَّارا! * * * على أنَّ حَوْلي مَعْشَراً مُتَرَفِّعاً عن اللَّهْوِ أطْهاراً كَرُمْنَ. وأَبْرارا! تمنيت أَنِّي مِثْلَهم فَتَعَثَّرَتْ خُطايَ. فأجْريْتُ المَدامِعَ مِدْرارا! ألا لَيْتَ أَقْدارِي سَخَوْنَ كما سَخَتْ عليهم.. وأعْطَتْني فكنْتُ لهم جارا! وعُدْتُ فآثَرْتُ اصْطِباري فَرُبَّما وَجَدْتُ بإيمانِي.. على الوِزْرِ أَعْذارا! فقد كان يُشْقِيني. وإنْ كنْتُ أَشْتَهي به ثَمَراً يَحْلو مَذاقاً.. وأزْهارا! وقد كنت لا أرضى به ثم انثنى إليه عَمِيّاً.. يَحْسَبُ الآلَ أَنْهارا! ولَمَّا يَجِدْ ماءً يَبُلُّ به الصَّدى ولا وَشْلاً. ما أَرْخَصَ الخُسْرَ مِقْدارا! أرى عَدَمي خَيْراً مِن العَيشِ خِاضِعاً لأَهْوائِهِ. جَهْراً صَفِيقاً وإشرارا! تَمَنَّيْتهُ.. لكنَّني جِئْتُ لِلدُّنى فَحُمِّلْتُ أَوْزاراً. وحُمِّلْتُ أوْضارا! وحاوَلْتُ أَنْ أَحْيا بَرِيئاً من الخَنى فما اسْطَعْتُ عنه. وهو يُهْلِكُ إدْبارا! بَلى.. رُحْتُ أَدْعُوه فَيُقْبِلُ تارَةً ويُعْرِضُ أُخْرى.. شادِياً ثم زَآرا..! ونَفْسِيَ مِعْوانٌ له.. وهو عارِفٌ بِهذا. وما يُرْضِ على اللَّهْو أَسْتارا! أَلَسْتُ إذا ما لَم أَكُنْ.. كنْتُ ناجِياً وكَيْنُونَتي هذى سَتُورِدُني النَّارا؟! فكيْفَ نَجَاتِي مِنْهُ وهو مسيطرٌ عليَّ وإنْ كانَ المُسَيْطِرُ جزَّارا؟! * * * ويا مَنْ هَداني بَعْدَ غَيِّي تبارَكَتْ أيادِيكَ واسْتَعْلَتْ.. فقد كُنْتَ غَفَّارا! فما أتمنّى اليوم أنْ لو تَحوَّلَتْ حياتي هباءً.. بَعْدَ أنْ صِرْتُ مِغْوارا! بلى.. أتمنَّاها حياةً قَرِيْرَةً تجوب الذُّرى حتى تُكَلِّلُها الغارا! سأُعْرِضُ عمَّا لا أَوَدُّ وقد بدَا لِيَ النُّورُ غَيْثاً بالهدايَةَ دَرَّارا! وكلاَّ. فإنِّي أتَّقيها بِصَحْوَةٍ.. تَبَيَّنْتْ منها أَنَّني كنْتُ كفَّارا..! وكانَ أَمامي الرُّشُدُ والْغَيُّ فانْبَرى إلى الغَيِّ رُوحِي يَنْشُدُ اللَّهْوَ والبارا! فَناءَ بِما يُدْمِي الحشَا مُتَرَنحِّاً.. بِسُكْرَيْهِما حتى هَوى الرَّوحُ مُنْهارا! * * * فيا صَحْوَةً قد أَسْعَدتْني بِرَجْعَةٍ إلى الرُّشْدِ.. وِرْداً كَوْثرِياً وإِصدارا! تباركتِ. إنَّ الرُّشْدَ كانَ بِشارَةً لِنَفْسي. وإِنَّ الغَيَّ قد كان إنْذارا! وها أنا في يَوْمي أُهَلِّلُ بالمُنى تَحَقَّقْنَ بعد اليَأْسِ تَبْزُغُ أَقْمارا! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أين؟! بل لا أين!
أيْنَ تِلكَ الأَماسي كانتْ شُعاعاً في شُعُوري. وشُعْلَةً في ضميري؟! لم يَعُدْ لي مِن بَعْدِها غَيْرُ نَظُمٍ يَتَهاوى على ضِعافِ حَفِيرِ! لم يَعُدْ لي شِعْري الذي كانَ كالنَّسْـ مَةِ كالشَّدْو. كالنَّدى. كالعَبيرِ! لم يَعُد لي غَيْرُ الأَسى. فأنا الظَّامِىء ما عُدْتُ أَرْتَوِي من غَدِيري! * * * أين ذاك الزَّمانُ.. كان جِناناً وفِراشاً مُرَفَّهاً مِن حَريرِ! ورحيقاً مِن الحَنانِ مُصَفّىً.. ومِن الحُبِّ.. والدَّلالِ المُثير! ومِن الصَّفْوِ لم يُعَكِّرهُ رَنْقٌ ومِن الرَّكْضِ خَلْفَ ظَبْي غَرِيرِ! مُسْتَجِيبٌ كأَنَّه النَّسْمةُ تَشْفي القُلُوبَ.. كالإِكْسِير! قد تَوَلىَّ.. فَلَيْسَ لي غَيْرُ رِيحِ عاصِفٍ بالحياةِ.. غَيْرُ هَجِيرِ! فأَعِيدي إليَّ يا رَبَّةَ الحُسْنِ ما كانَ أَعِيدي خَوَرْنَقي وسديري! أو فَإِنِّي السَّجِينُ يَرْسُفُ في القَيْدِ ويَطْوِي على الشَّجا والزَّفِيرِ! أَوْ فَكُونِي الإِلْهامَ لي من التَّبارِيح تَكُنْ جَنَّتي بِحَرِّ سعيري! * * * قد يكون الوِصالُ بَؤْسي على الفِكْرِ ونعماء في القِلا والشُّجوُنِ! فلقد كُنْتُ في النَّعِيمِ أَرى البُؤْسَ وَمِيضاً يَصُدُّنِي عَنْ فَتُوني! وأَراني في غَمْرَةِ الشَّكِّ والحَيْرَةِ أَهْذِي كأَنَّنِي في جُنُونِ! كيف يَغْدُو الصُّدُودُ نُعْمى؟! وفَكَّرْتُ وكَفْكَفْتُ دَمْعَةً من عُيُوني! وبدا لي العَذابُ كِفْلاً مِن الرَّحْمَةِ يَشْفي مِن الهوى والمجُوُنِ! كم تَضَلَّعْتُ باللَّذاذَةِ حتى كِدْتُ أَنْسى بِها نَذيرَ مَنُوني! وجَزاني العذابُ عن مُتْعَةِ اللَّهْوِ بِما شَدَّ بالسُّمُوِّ حُصُوني! رُبَّما كنْتُ واهِماً حِينَما كُنْتُ أَظُنُّ اللُّهى تُضِيءُ دُجُوني! فإذا باللُّهى تَرُدُّ الفرَاديِسَ إذا هَيْمَنَتْ.. لِجَدْبِ الحُزُونِ! وتَرُدُّ انْطِلاقَنَا لِقُيُودٍ عائِقاتٍ مَسِيرَنا.. وسُجُونِ! فلقد كنْتَ بالنَّعِيم حَرُوناً فإذا بالبُؤْسِ غَيْرَ حَرُونِ! رُبَّ بُرْءٍ يَكُونُ غَيْرَ حَنُونٍ وسِقامٍ يَكونُ جِدَّ حَنُونِ! * * * جرَّبْتُ وَصْلِي. كما جَرَّبْتُ هُجْراني فما عَرَفْتَ مَنِ القاسِي.. مَنِ الحاني؟! كِلاهُما كانَ يُفْضِي بِي إلى ظُلَلٍ مِن الغَمام.. وما أَدْرِي مَن الجاني! هذا يَقُولُ بِأَنِّي غَيْرُ مُقْتَرِفٍ وذاكَ يُقْسِمُ أنَّ المُذْنبَ.. الثاني! فَمَنْ مَلاكي الذي يَهْدي إلى سَنَني مِنْ النَّقِيضَيْنِ.. مَنْ غَيِّ وشَيْطاني؟! لقد عَجزْتُ وأَعْيَتْني طَلاسِمُها هذى الحياةُ.. بِصِدقٍ.. أو بِبُهْتانِ؟! واسْتَبْهَمَ الدَّرْبُ.. هل أَرْسي بأَوْدِيَةٍ تُرِيحُني.. أمْ بأمْواهٍ وشُطْآنِ؟! وما اسْتقَرَّ قَرارِي.. فهو مُضْطَرِبٌ ما بَيْنَ مَتْرَبَةٍ تُشجي.. وغُنْيانِ! كأَنَّني لَسْتُ إنْساناً له مِقَةٌ يَظُنُّها ذاتَ آلاءٍ وسُلْطانِ! وهل تَحَيَّر في الدُّنْيا وتاهَ بِها عن الطَّريقِ السَّواءِ.. غَيْرُ إنْسانِ؟! * * * إنَّ الغَرِيزَةَ تَسْتَهْدِي بها أُمَمٌ غَيْرَ الفَرِيقَيْن.. مِن إنْسٍ ومِن جَانِ! يا ليْتني كنْتُ ضَيْفَهُما. أَوْ كُنْتُ أَرْنَبهَا كي لا يُضَلِّلَني شَكِّي وإيقاني! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » أتمنى .. ولكن
ليس تَدْرُونَ ما أُلاقي مِن الضَّعْفِ والسَّقَمْ! أنا بالعَيْشِ مِنْهُما في جَحيمٍ مِن الأَلَمْ! مَزَّقَ الرُّوحَ فانْحَدَرْتُ إلى بُؤْرَةِ القَدَمْ! وَيْ كأنِّي بِغابَةٍ تَحْتَويني مِن السَّلَمْ! * * * لَيْتَني كنْتُ نَجْمَةً في سَحِيقٍ من الرِّحابْ! ما تُعانِي مِن البِلى أَوْ تُعاني مِن العَذابْ! فَهْي لا تَرْتَجِي الثَّوابَ ولا تَرْهَبُ العِقابْ! لِمَ.. والحِسُّ ما يَجِيشُ ولا الفِكْرُ.. في الأَهابْ؟! * * * لَيْتَني كنْتُ صَخْرَةً ساخَ في الأَرْضِ جِذْرُها! أعجز الشَّمْسَ.. والرِّياحَ الأعاصِيرَ ظَهْرُها! كيْفَ لا! وهيَ ما تُحِسُّ ولا ضَاقَ صَدْرُها؟! لَيْلُها ما أَخافَ مِنْها ولا سَرَّ فَجْرُها! * * * لَيْتَني كنْتُ باذراً يَبْذُرُ الحُبَّ والأَمَلْ! وإذا مَسَّهُ اللُّغُوبُ وحَفَّتْ به العِلَلْ! لم يَعُوقاهُ لَحْظَةً أو يَرُدَّاهُ لِلْكَسَلْ! بَلْ يَزِيداهُ قُوَّةً ونَشاطاً على العَمَلْ! * * * لَيْتَني كنْتُ مِبضْعاً يَبْتُرُ الحِقْدَ والحَسَدْ! ساءَ مَرْعاهُما الخَبِيثُ وأَفْضى إلى النّكَدْ! بَعْضُ ما في الحياةِ هذى جَديرٌ بأَنْ يُحَدْ! والحدُودُ الَّتي تُقامُ هِي العَدْلُ والرَّشَدْ! * * * لَيْتَني كنْتُ صارِماً في يَديْ فارِسٍ شُجاعْ! يَنْصُرُ الحَقَّ ما أَطاقَ ولا يَرْهَبُ الصِّراعْ! يَكْشِفُ الزَّيْفَ نازِعاً عن شياطِينِه القِناعْ! فَهْوَ رُعْبٌ لِذي الضَّلالِ! ورُعبٌ لَذي الخِداعْ * * * لَيْتَني كنْتُ بَلْسَماً فيه لِلْمُوجَعِ الشِّفاءْ! ولِذي العَجْزِ قوَّةً ولذي الضَّعْفِ كِبْرِياءْ! ولِذي الشَّجْوِ راحَةً مِن هَوانٍ. ومِن بَلاءْ..! وهو لا يَرْغَبُ الثَّناءَ على البَذْلِ والعَطاءْ! * * * ويَراعاً يَشُدُّهُ.. لِلْعُلا الصِّدْقُ.. لا الرِّياءْ! ما يُبالي إذا اسْتَقامَ على الدَّرْبِ بالبَلاءْ! لم يَخَفْ قَطُّ.. بَلْ أَخافَ وأَجْدى مِن المَضاءْ! وهو كالنُّورِ.. إن تَجَلَّى تَبَدَّى به الخَفاءْ..! * * * لَيْتَني كنْتُ شادِياً بَيْنَ رَوْضٍ ومَنْهَلِ! عُشُّهُ في حَدِيقَةٍ ذاتِ وَزدٍ وصَنْدَلِ! يَتَغَنَّى بِجَوِّهِ وبإِلْفٍ ومَنْزِلِ! فَهْوَ حُرٌّ.. ولَيْتَنا مِثْلَهُ لم نُكَبَّلِ! |
رد: ديوان شعراء السعودية في العصر الحديث (متجدد)☘️☘️
» محمد حسن فقي » الأغوار .. والقمم
العوالي تَحِنُّ للأَغْوارِ والدَّياجى تُطيحُ بالأَنْوارِ! فَصَباحي يَطوِي الخُطى لرَباحٍ ومَسائي يَطْوِي الخطى لِخَسَارِ! حيَّرَتْني نَفْسي فما أعْرِفُ ما تَحْتَوِيهِ مِن أَسْرارِ! أَلِرُشْدٍ تَميِلُ. أَمْ لِضَلالٍ ولِنَفْعٍ تَمِيلُ أَمْ لِضِرارِ؟! مِن صِبايَ الغَرِيرِ كنْتُ أُعانِي قَلَقاً مِن شُذُوذِها وعِثاري! * * * يا لَ نَفْسي من الضلالة والرشدِ ومن صولتي بها وانْدِحاري! إنَّ حَوْلي مِن الأَنام كَثيرينَ أَراهُمْ في نَشْوَةٍ وافْتِرارِ! ما يُبالُونَ ما أَصابُوا مِن الرُّشْدِ أو الغَيِّ.. في دُجًى أَوْ نَهارِ! ليْتَ لي مِن خَلائِقِ القَوْمِ ما يَدْفَعُ عَنِّي غَوائِلَ الأَفْكارِ! أَقْلَقَتْ مَضْجَعي.. فحالفني السُّهْدُ. ومالي عن هَوْلِها مِن فِرارِ! كِشفارٍ تُدْمي وتُمْعِنُ في السَّطْوِ وهل نَامَ مُثْخَنٌ بالشِّفارِ؟! يا ضَمِيري وأّنْتَ تُمْعِنُ في اللَّوْمِ وتُشْقي الجَريحَ بالأَفْكارِ! أَتُراني أَطَقْتُ أَنْ أَسْلُكَ الدَّرْبَ قَوِيماً.. كَمَعْشَرِ الأَبْرارِ؟! ثُمَّ كابَرْتُ واجْتَوَيْتُ وأَثَرْتَ اعْوِجاجي.. كَمَعْشرِ الفُجَّارِ؟! لا. فَما اسْطَعْتُ عن عَمايَ انْحِرافاً أَوْ أَطَقْتُ النَّجاةَ مِن إعْصارِي! لَمَ لَمْ تَأْسَ يا خَدِيني على الآبِقِ لَمْ تَحْمِهِ مِن الأَوْزارِ؟! بِالَّذي فيكَ من شَعاعٍ. ومن رُشْدٍ يُضيئانِ دَرْبَهُ كالمَنارِ؟! أَنْتَ مِثْلي الخَلِيقُ بالشَّجْوِ واللَّوْمِ. فَما ذُرْتَني عن الأَخْطارِ! * * * يا شَقائي الذي يُمَزِّقُ رُوحي لَسْتُ أَشْكُو مِن خَيْبَتي واعتِساري! فلقد كُنْتُ أَسْتَبِيحُ حِمى الطُّهْرِ كَأَنِّي كَلْبٌ ثَوى في وجارِ! وكَأَنِّي أَسِيرُ لِلْعالَمِ الأّحْمَرِ رَكْضاً كأَنَّني في قِطارِ..! ثم أَقْعَيْتُ مِن وِنى.. وتأمَّلْتُ حياتي.. فقلت وَاهاً لعاري! وحَوَالِيَّ ثُلَّةٌ عَرَفوا الدَّرْبَ سَويّاً.. فَلَيْلُهُمُ كالنَّهارِ!! لَفَّهُمْ قَبْلُ ظُلُمَةٌ واعْتِكارٌ فَتَناءَوْا عن ظُلْمَةٍ واعْتِكارِ! وأَنا ما أَزالُ في عُتْمَةِ اللَّيْلِ فَمَن لي مِنْها بِقُرْبِ انْحِسارِ! رُدَّني مِثْلَهُمْ عن الغي.. يا رب فإِنِّي أَوَدُّ رَدَّ اعْتِباري! فلقد ضِقْتُ بالمجُونِ وبَلْواها وأَدْمى رِجْلَيَّ طُولُ عِثارِي! وانْكِساري أَخْنى عَلَيَّ وأَشْقى فَأَذِقْني لَذَاذَةَ الانْتِصارِ! يا سَنى الرُّوح.. ما أَراكَ سِوى الحاني فَأَطْلِقْ مِن الأَثامِ إساري! كنْتَ لِي الذُّخْرَ في الشَّدائِدِ والعَوْنَ.. فَيا طَالَما فَكَكْتِ حِصارِي! ما تَخَلَّيْتَ.. والنَّوائِبُ تَتْرى والأَفَاعِي تُنُوشُني.. والضَّوارِي! وأنا اليَوْمَ بَيْنَها قد تَعَرَّيْتُ وقد لَوَّثَتْ دِمائي إزَارِي! لا تَذَرْني فَرْداً. ولَسْتُ بِفَرْدٍ.. وأنا مِنْكَ بَيْنَ أَهْلي ودَاري! * * * أَيُّهَذا النُّورُ الذي يَتَغَشَّانِي تَبارَكْتَ مِن ولِيٍّ وجَارِ! كُنْتُ قَفْراً فَعُدْتُ رَوْضاً نَضِيراً بِزُهُورٍ شَذِيَّة.. وثِمارِ! راحَ عَنْه اصْفِرارُهُ فَزَها الرَّوْضُ بِخُلْوٍ مِن سَلْسَلٍ واخْضِرارِ! |
الساعة الآن 06:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية