منتديات قبائل شمران الرسمية

https://i.servimg.com/u/f70/19/46/68/52/oip_jf10.jpg

تحل هذه الأيام الذكرى الخمسون لوفاة الزعيم الفذ جمال عبدالناصر رحمه الله ..
عندما توفي ناصر لم اكن قد دخلت المدرسة بعد , ولكني رأيت والدي وغيره يبكون بحرقة موت عبدالناصر وهم الذي لا يعرفونه شخصيا ولا يمت لهم بصلة قرابة او ما شابه ..
لا اعتقد انه مر على الأمة العربية في عصرها الحديث زعيم في حجم الزعيم الراحل / جمال عبدالناصر رحمه الله , ويقول سيدي الوالد عن هذا قولا طريفا :
الحياة تتوقف تماما في كل العالم العربي عندما يخطب عبدالناصر او تغني ام كلثوم ..!
ولا اعتقد ان أي كاتب او باحث يمكن له الحديث عن ناصر دون ان يتناول فترة الحقبة الناصرية من تاريخ العرب التي اثرت تأثيرا بالغا في مسارات الأمة العربية وحررتها من مستعمريها ذاك الزمان , حتى اصبح الفكر الناصري موجودا والى يومنا هذا في كثير من دول العالم وخصوصا في أمريكا الجنوبية وافريقيا ..
كان هدف عبدالناصر الوحيد تصفية النظام الملكي البائس المستفرد هو وحاشيته بخيرات مصر حينها ومن ثم عودة مصر لمكانها الطبيعي من التاريخ كجزء فاعل من العروبة والإسلام *..
ورغم أن هناك بعض الآراء والأصوات التي ترتفع بين الوقت والآخر منتقدةً ثورة 1952، الا ان *هذه الآراء تركت المنجز الأساسي والأهم الذي قامت على أساسه الثورة وهو إعادة مقدرات الدولة للشعب ، واستعادة مصالح الشعب المصري من النظام الملكي وامتيازات الإقطاعيين والباشاوات غير العادلة ، والتخلص من الاستعمار وبناء دولة حديثة على أسس علمية تقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية مثل , الإصلاح الزراعي ومجانية التعليم والمشروعات الصناعية الوطنية الثقيلة ، وكهربة الريف، وخلق مؤسسات ثقافية , وهي منجزات لا يستهان بها ..
لقد تبوأت مصر في عهد عبدالناصر مكانة دولية عظيمة ، بوصفها في طليعة القوى المساندة لحركات التحرر الوطني في العالم ، وكان لها وزنٌ سياسيٌّ كبير وتجلى ذلك في مؤتمر باندونج ومجموعة عدم الانحياز التي كانت مصر عضواً بارزاً فيها بجانب الصين والهند، وهو ما رسم سياسة مصر الخارجية أيضاً تجاه قوى الغرب وأصبح لمصر صوتٌ مسموعٌ في العالم , سخرته في مساعدة بعض الدول العربية على التحرر من الاستعمار ..
لقد كانت مصر في عهد عبدالناصر دولةً قويةً ومن بين أبرز القوى الصاعدة في العالم ، وسادت فيها روحٌ وطنيةٌ وشعورٌ جارفٌ بالانتماء والانخراط في النشاط الجماعي لبناء الدولة والنهوض بها ، والإحساس بقيمة والوقوف في وجه الإمبريالية العالمية والصهيونية وقوى الرأسمالية التي تحاول تطويع إرادة الشعوب لمخططاتها ، بمساعدة المؤسسات الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد , *فقام ببناء السد العالي لخلق الاكتفاء الذاتي لمصر من الكهرباء ليستطيع النهوض بالصناعة والتنمية ، وحين رفضت القوى الدولية الاستعمارية الكبرى تمويل المشروع قام بتأميم قناة السويس واعادتها للشعب المصري وواجه العدوان الثلاثي بشجاعة على مدن القناة وخرج منتصراً على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بالمقاومة الشعبية والبسالة الهائلة التي أبداها أهل بورسعيد ومدن القناة والمتطوعين من كل مدن مصر وقراها ، رغم الخسائر التي لحقت بالجيش المصري في هذا العدوان الثلاثي الغاشم ..
إن جمال عبدالناصر كان قائداً وطنياً عظيماً، أنشأ دولةً اشتراكية حديثةً وقويةً على أسسٍ علميةٍ قوامها التعليم والتصنيع وتعميق الروح الوطنية وواجه الفكر الإمبريالي وأمَّم المشروعات القومية، وكان قريباً من شعبه وعاش مخلصاً لمبادئه بلا تربُّح ولا إثراء غير قانونيٍّ رغم سلطاته الواسعة التي تجمعت في يديه. وقد كانت مصر في عهده في طليعة الدول العربية وقيادة إفريقيا والعالم الثالث ..
إن التجربة الناصرية- وإن كان لها منتقدوها - وهذا أمرٌ طبيعيٌّ فلا توجد تجربة سياسية إنسانية مثالية بالكامل - تعد الأساس الصلب لبناء الدولة في العصر الحديث بدءاً من رغيف الخبز وانتهاء ببناء الجيش , وعبدالناصر هو صاحب العبارة الشهيرة :
ارفع رأسك يا أخي , فقد مضى عهد الاستعباد ..!!!
توفي هذا الزعيم الأسطوري في سبتمبر عام 1970، وكان عمره 52 عاما، مات جمال عبد الناصر ولم يكن في حسابه سوى 617 جنيه ، وبيته الذي اشتراه قبل أن يصبح رئيسا ..!
وقد رثاه كل من يملك قليلا او كثيرا من الكلام , الا ان من خلد وفاته كان الشاعر الكبير نزار قباني حين يقول :

قتلناكَ .. يا آخر الأنبياءْ
قتلناكَ
ليس جديدا علينا
اغتيال الصحابة والأولياء
فكم من رسول قتلنا
وكم من إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء
فتاريخنا كله محنة
وأيامنا كلها كربلاء
نزلت علينا كتابا جميلا
ولكننا لا نجيد القراءةْ
وسافرت فينا لأرض البراءةْ
ولكننا ما قبلنا الرحيلا
تركناك في شمس سيناء وحدكْ
تكلِّم ربك في الطور وحدك
وتعرى , وتشقى , وتعطش وحدكْ
ونحن هنا نجلس القرفصاءْ
نبيع الشعارات للأغبياءْ
ونحشو الجماهير تبنا وقشّا
ونتركهم يعلكون الهواءْ
قتلناك يا جبل الكبرياءْ
وآخر قنديل زيتٍ
يضئ لنا ، في ليالي الشتاء
وآخر سيفٍ من القادسيةْ
قتلناك نحن بكلتا يدينا
وقلنا , المنيّة
لماذا قبلت المجيء إلينا
فمثلك كان كثيرا علينا
سقيناك سمّ العروبة ، حتى شبعتْ
رميناك في نار عمّان ، حتى احترقتْ
أريناك غدر العروبة ، حتى كفرتْ
لماذا ظهرت بأرض النفاق
لماذا ظهرت
فنحن شعوب من الجاهلية
ونحن التقلبُ
نحن التذبذبُ
والباطنية
نبايع أربابنا في الصباح
ونأكلهم حين تأتى العشيةْ
قتلناكَ
يا حبّنا وهوانا
وكنت الصديق ، وكنت الصدوق ،
وكنت أبانا
وحين غسلنا يدينا
اكتشفنا
بأنا قتلنا منانا
وأن دماءك فوق الوسادةِ
كانت دمانا
نفضت غبار الدراويش عنّا
أعدْت إلينا صبانا
وسافرت فينا إلى المستحيل
وعلّمتنا الزهو والعنفوانا
ولكنّنا
حين طال المسير علينا
وطالت أظافرنا .. ولحانا
قتلنا الحصانا
فتبّت يدانا
فتبت يدانا
أتينا إليك بعاهاتنا
وأحقادنا وانحرافاتنا
إلى أن ذبحناك ذبحاً
بسيف أسانا
فليتكَ في أرضنا ما ظهرْت
وليتك كنت نبي سوانا
أبا خالدٍ يا قصيدة شعرٍ
تُقالُ ،
فيخضرٌّ منها المدادْ
إلى أين
يا فارس الحلْم تمضى
وما الشوط .. حين يموت الجوادْ
إلى أين
كل الأساطير ماتتْ
بموتك ، وانتحرت شهرزادْ
وراء الجنازة سارت قريشٌ
فهذا هشامٌ
وهذا زياد ْ
وهذا ، يريق الدموع عليكْ
وخنجرهُ ، تحت ثوب الحدادْ
وهذا يجاهدُ في نومه ،
وفى الصحو ، يبكى عليه الجهادْ
وهذا يحاول بعدك ملكاً
وبعدك
كل الملوك رمادْ
وفود الخوارج جاءت جميعاً
لتنظم فيك ملاحم عشقْ
فمن كفّروكَ
ومن خوّنوكَ
ومن صلبوك بباب دمشقْ
أنادى عليك أبا خالدٍ
وأعرف أنى أنادى بوادْ
وأعرف أنك لن تستجيبَ
وأن الخوارقَ ليس تعادْ