منتديات قبائل شمران الرسمية

سحابة مُمطرة

بقلم: مروة المنيع

اجتماعُ السُحبِ وتجانسهَا ودلالتهَا على تجمعِ المطرِ، ومن ثمَّ هطوله مصاحبًا برائحتِهِ الباردةِ النقيَّةِ، هذا الشُعورُ المحسوسُ هو ما يشعرُ بِهِ غيركَ بسببِ مروركَ عليهِ إنْ كنتَ مهتمًّا بهِ، لطيفًا بتعاملِكَ بأخلاقِكَ بأسلوبِكَ.

فقد تمرُّ علينَا أوقاتٌ نتعرَّف بها على مجتمعٍ جديدٍ أو أشخاصٍ قد تكونُ لداوعي مشروعٍ، أو عملٍ، أو حتَّى اجتماعٍ رسميٍّ، يجمعنَا هدفٌ مؤقتٌ قد يكون شهرًا أو سنةً أو ممتدًا.

هنا مبادرتكَ بالمساعدةِ وإبداءُ الرأي وقضاؤكَ لحاجاتِ الآخرين مع مراعاتِكَ للحدودِ الشخصيَّةِ والعمليَّةِ يسُهِم في تشكيلِ نظرةٍ جيدةٍ عن جمالِ شخصيتكَ ووجودكَ الرائعِ في المكانِ، فستكونُ كالسحابةِ الخفيفةِ الماطرةِ التي يتمنَّى الكُلُّ مرورهَا عليهِ في جميعِ الأيامِ، فالأيامُ هي صحائِفُ الأعمالِ التي نستقبلُ بها ربنُا فعلينَا تخليدهَا بأحسنِ الأحوالِ فقد قالَ تعالَى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) فعلينَا تركُ آثارٍ طيبةٍ، وأنْ نرسمَ البسماتِ وأنْ نخرجَ من الحياةِ وقد أضفنَا شيئًا لا يُنسى مهمَا مرَّت الأيامُ وتباعدتْ.

نسمعُ في كثيرٍ من الأحيانِ: (مرور الكرام) فما هو هذَا المرور؟ هل فكَّرت ودقَّقت بالمعنَى قط؟ من بعدِ البحثِ توصَّلتُ إلى أنَّه: كنايةٌ عن التجاوزِ والمرورِ السريعِ من غيرِ فحصٍ وتأمُّلٍ، أيِّ «سطحيًّا» ويُفهم الغرضُ مِنه من خلالِ السِّياقِ سواء كانَ للمَدحِ كقولهِ تعالَى (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) أي ترفَّعوا عنه، ولم يعيرُوه اهتمامَهم لعَظمِ قُدرتِهم ومكانتِهم فهلْ لنَا تخيُّل أنَّ كريمًا مرَّ بمكانٍ، فكيفَ سيكونُ مرورهُ؟ وقد تستخدمُ للذَّمِ حينمَا نكونُ في موقفٍ حرجٍ وعصيبٍ ونقول (مرَّ عليَّ فلانٌ مرورَ الكرامِ) أي أنَّه لم يعرْ اهتمامًا أو إبداء أي مساعدة في هذَا الموقفِ.

ما علامةُ وجودِنا في هذَا العالمِ؟ الطَّعام؟ الشَّراب؟ النَّوم؟! لا.. ولا غيرها من الصِّفاتِ التي يشتركُ بها كلُّ البشرِ دليل على أنَّنا أحياءٌ نُرزقُ فلكلِّ إنسانٍ أثرٌ يُخبر النَّاسَ عن كونهِ موجودًا أو كان موجودًا يومًا أو لم يكنْ.

ختامًا: القرارُ بيدكَ إمَّا أنْ تمرَّ على الطريقِ وتجعلهُ يزهرُ حتَّى وإنْ كانَ صحراءً قاحلةً، أم تمرَّ بِهِ وكأنَّكَ نسيمُ هواءٍ لا يسمنُ ولا يُغنِي من جوعٍ، فتجد نفسكَ كأنَّكَ لمْ تكنْ يومًا.