منتدى الثقافة العامة |علوم | فن | منوعات يتناول كل معرفة وعلم نافع في شتى مجالات الحياة |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-23-2024, 01:42 AM | #1 | ||
مشرفة منتديات قبائل شمران
|
الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
الإتقان
أ.د. حمزة بن سليمان الطيار الدنيا دارُ عملٍ، ولا بد للإنسان فيها من أعمالٍ متنوعةٍ، منها ما يَتقرب به إلى ربه تعالى، ومنها ما يُصلح به أمرَ معاشه، مما يجري بينه وبين غيره من المعاملات، والإتقانُ مطلوبٌ في كل ما يتعاطاه الإنسان من عملٍ دينيٍّ أو دنيويٍّ، وهو بمثابة الرُّوح للعمل، فإذا سَرى فيه كُتبت له الحياةُ وأمكنت الاستفادة منه، وإذا تلاشى من العملِ صار كالجماد الهامد الذي لا جدوى منه، وكان مجردَ عبءٍ يُحاولُ من ابتُلي به التخلصَ منه، والإتقان - كسائر الفضائل - ليس متعذراً على من تحرى أن تكون أعماله خاضعة لميزانه، ومن علم الله تعالى في قلبه حبَّ الإحسان والحرصَ عليه وفَّقه لانتهاج سبيله والأخذ بأسبابه، والاقتداء بالمحسنين، ومن سار على الدرب وصل، وإنما يعوز الإتقانُ من زهد فيه وركن إلى الراحة الآنيَّة التي يجدها في لحظات الإهمالِ، أو تكلَّف من الأعمال ما يعرف أنه لم يُعِدَّ العُدةَ اللازمةَ للنهوض بها، فعجز عن تجويده، ولم تطب نفسه إلى تخطّيه إلى ما يمكنه أن ينجزه، فلم يأخذ بحكمة القائل: (إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَمْراً فَدَعْهُ ... وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيعُ)، ولي مع الإتقان وقفات: الأولى: الإتقانُ عبارةٌ عن تجويد العامل لعمله، وإحسانه فيه حسب الطاقة، وبمراعاة ما تقرر شرعاً وعرفاً ونظاماً أنه التجويدُ المطلوب لمثله، وليس ذلك على مزاج الفاعل، فالإنسان مُراقَبٌ فيما يصنع، وعليه أن يعمل ويتقن بكل جدٍّ واجتهادٍ، وهو مكفيٌّ مؤونة تقويم العمل، والله تعالى يقول: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ»، متفق عليه، وللأعمال معايير توزن بها، وأعدل الموازين الميزان القسط الذي يضعه الله تعالى يوم القيامة، وعمل المكلف خاضعٌ له بعدالةٍ لا نظير لها، فعليه أن لا يغفل عن ذلك، وأن يجتهد في أن لا يخفَّ ميزانه في ذلك اليوم، وهناك موازين يخضع لها الإنسان قبل ذلك، فأعماله محلُّ ملاحظةٍ وتقويمٍ منذ صدورها منه، ويستمر الوزن قائماً عبر التاريخ، بمشاركة عقولٍ متفاوتةٍ في الجودة والأصالة، وأقلام متنوعة في مستوى النقد والفحص، وإذا نجح من لم يتقن عملَه في خداع شخصٍ أو أشخاصٍ معيَّنين، وإيهامهم أنه مُتقنٌ، فلا بد أن ينكشف زيْفُه على مِحَكِّ التاريخ يوماً ما، فالتاريخ لا يخدع، كما قال الشاعر: اخْدَعِ الأحياء ما شئتَ فلن... تجدَ التاريخَ في الْمُنْخَدِعِينْ. الثانية: أكد القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة على أهمية الإتقان بأساليب متنوعة، فمنها وصف أفعال الله ومخلوقاته بالإتقان، كما في قوله تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)، وقال: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، وإنما يليقُ بالله تعالى أكمل الصفات وأسماها، ومنها عدُّ إتقانِ العمل من محابِّ اللهِ تعالى، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلمَ قَالَ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ) أخرجه أبو يعلى في مسنده، وصححه الألباني، والذين يصفون أفعال النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون إتقانها وإحسانها، كقول عائشة رضي الله تعالى عنها في وصف قيامه بالليل: (يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ...) متفق عليه؛ ولأهمية الإحسان كان أعلى درجات التقوى، فالمحسنون خواصُّ المسلمين. الثالثة: الإتقانُ دليلٌ على الإخلاصِ لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، والتفاني في العمل، والحرصِ على براءة الذمة من التبِعَات، والكفاءةِ في القيام بالمهمات، وأداءِ الأمانة على الوجه اللائق، وتحرِّي ما تُوجِبُه المروءة من سمو الأخلاق وسماحة التعاملِ، وصفاء النفس من كدر النفاق والغِشِّ، ولا يستطيع من خبُثت نفسه، أو ساءت سريرته أن يواظب على الإتقان في العمل؛ لأن القلب ملكُ الجوارح المطاعُ، ويتعذر عليها أن تستمر على مبايَنَةِ ما استقرَّ فيه، وإن تظاهرت بمخالفته لمأربٍ من المآربِ، فيوشك أن يدعوَها إلى الإساءة فتُلَبِّيَه مباشرةً، وصدق من قال: وَيَأْبَى الَّذي في القَلْبِ إِلَّا تَبيُّنًا ... وَكُلُّ إناءٍ بالَّذي فيْهِ يَنْضَحُ ومن أهم منطلقات الإحسان العناية بترتيب الأولويات، فمن أعرضَ عن أساسات الأمور إلى حواشيها وفروعها، اجتمع له إساءة العمل مرتين: إحداهما في تعذر تجويد البناء بدون أساس، فمهما اجتهد فلن يتقن ما اشتغل به معرضاً عن أصله، والثانية في ترك الأولى وعدم التعرض له رأساً، فيكون مسيئاً بإهمال ما لا يسوغُ إهماله. ====================================
|
||
05-23-2024, 02:13 PM | #2 | ||
مراقب عام وأداري للمنتديات
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
شكرا على مجهودك الطيب جزاك الله خيرا ولك كل التقدير
|
||
05-23-2024, 04:45 PM | #3 | ||
إداري
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
كل الشكرعلى المشاركة وعلى المجهود في المنتدى
ماننحرم من جديدك المميز خالص تقديري لك
|
||
05-23-2024, 07:42 PM | #4 | ||
عضو شرف قدير
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
شكرا على المشاركة
جزاك الله خير الجزاء تحياتي وتقديري لك
|
||
05-24-2024, 02:25 AM | #5 | ||
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
جزاك الله خيرا على المشاركة..
ودمتم في حفظ الرحمن..
|
||
05-24-2024, 03:05 PM | #6 | ||
مشرف المنتدى الإسلامي
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
شكرا على المشاركة المميزة
اثابك الله الأجر واسعد قلبك في الدنيا والاخره دمت بحفظ الرحمن
|
||
05-26-2024, 03:35 PM | #8 | ||
مراقب عام
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
مشاركة مميزة
واطلاله رائعة تسلم الايادي ولاحرمنا من هذا التواجد الفعال ودي لك وتقديري
|
||
07-29-2024, 12:58 AM | #9 | ||
مشرفة منتديات قبائل شمران
|
رد: الإتقان/ أ.د. حمزة بن سليمان الطيار🌹
|
||
|
|