غائبٌ لا يعود

كانوا يقولون:
إن الموتَ حقٌّ لكنهم ما
أخبرونا أن هذا الحقّ
يسرق منّا دفءَ الوجوه
ويترك أرواحنا عاريةً في
مهبّ الذكرى
ننامُ في حضنِ الفراغ
ونصحو على صوتٍ غائبٍ
يُصرّ على السكنى
في جدران الذاكرة

كنتَ هنا في الضحكةِ
في البابِ في الملعقةِ التي نسيتَها
في الصوتِ الذي ما زال يتردّدُ
كأنّه لم يُسلّم برحيلك بعد

يقولون: الزمنُ يداوي
لكنني لم أطلب الشفاء
كلّ ما أردته أن يبقى الوجعُ
في موضعه
علّي لا أنسى ملامحك

غبتَ فخذْ معك إذًا:
الصباح الرائحة التفاصيل الصغيرة
الكرسيّ الذي كان يشتاقُ لجلستك
وقد باتَ الآن أعوجًا
ينفرُ من جلوسِ الآخرين

أنا لا أبكيك لأجلك
بل أبكيك من أجل نفسي
لأنّ جزءًا منّي قد مات معك
وليس في الأرض من يقدرُ
أن يُحييه