منتديات قبائل شمران الرسمية

الانتقال للخلف   منتديات قبائل شمران الرسمية > منتديات شمران العامه > المنتدي الاسلامي

المنتدي الاسلامي خــاص لاهل السنة والجماعة فقط .!

إضافة رد

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 07-15-2025, 06:49 PM   #1
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه الاثنين ١٢-١-١٤٤٧هـ

فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه
لفضيلة الشيخ أ.د سعد بن تركي الخثلان وفقه الله الاثنين ١٢-١-١٤٤٧هـ ( كتاب الصلاة ):

١/الصلاة معناها في اللغة الدعاء، كما قال الله تعالى: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} أي: ادع لهم. ومعناها شرعا: التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، ومختتمة بالتسليم. وهي أشهر من أن تعرف.

٢/ كانت الصلاة موجودة عند الأمم السابقة وليست مختصة بهذه الأمة، ومما يدل لذلك قول الله -عز وجل- في قصة زكريا -عليه الصلاة والسلام-: {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب}، وأيضا قول الله تعالى عن الملائكة أنها قالت لمريم: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين}، وأيضا قول الله تعالى في خطاب بني إسرائيل: {واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة}، وقوله لهم: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}. فالصلاة إذا موجودة لدى الأمم السابقة، لكن صلاتنا تختلف عن صلاتهم في هيئتها وفي أوقاتها. ويظهر -والله أعلم- أن الصلاة عند كثير من الأمم السابقة أنها كانت صلاتين: صلاة عند طلوع الشمس، وصلاة عند غروبها.
لدى بعض الأمم تكون بعد العصر، كما في قصة سليمان لما في قصة الخيل لما عرضت عليه الصافنات الجياد، فانشغل بها حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق}، فعوضه الله -عز وجل- عن هذا بالريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، إلى آخر القصة المعروفة. الشاهد تأخره عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فلذلك قال: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق}. هذا يدل على أن الصلاة كانت موجودة عندهم، وأنها كانت في هذا الوقت.

٣/هذه الأمة اختصت بكون صلاتهم خمس صلوات، ويدل لذلك قصة الإسراء والمعراج وما ذكر فيها من المحاورة بين موسى ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومشورة موسى لنبينا محمد -عليهما الصلاة والسلام جميعا- بأن يرجع إلى ربه وأن يسأله التخفيف عدة مرات، حتى قال في المرة الأخيرة: "خمس صلوات في اليوم والليلة". قال موسى: "ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف". فقال نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إني قد استحييت من ربي". فنادى مناد: "أن أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، هي خمس في الفعل، خمسون في الميزان". فموسى طلب من نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل الله تخفيف الصلوات على أمته من خمس إلى أقل، وهذا يدل على أن الصلوات المفروضة على أمة موسى كانت أقل من خمس صلوات، لكن الله عوض هذه الأمة بأن جعل أجر الصلوات الخمس أجر خمسين صلاة. ليس من باب الحسنة بعشر أمثالها، إنما هذه الصلوات الخمس التي نصليها أجرها أجر خمسين صلاة بالفعل، يعني صليت خمس صلوات كأنك صليت خمسين صلاة، ثم يأتي بعد ذلك التضعيف: الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة. وهذا يدل على عظيم الأجر والثواب المرتب على هذه العبادة.

٤/الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين. أركان الإسلام خمسة، أولها: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، الثاني: إقام الصلاة. فهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين. والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. ولهذا كتب عمر -رضي الله عنه- إلى ولاته فقال: “إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع”. والصلاة هي أحب العبادات إلى الله -عز وجل- وأحب العمل إلى الله. وقد جاء في الصحيحين عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أي العمل أحب إلى الله؟” قال: “الصلاة على وقتها”. وإنما كانت الصلاة أحب عمل إلى الله لأنه يجتمع فيها من العبادات ما لا يجتمع في غيرها؛ يكون فيها تلاوة قرآن، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، والركوع والسجود والخضوع لله وتعظيم الله، وهذا لا يجتمع في غير هذه العبادة العظيمة.
ولنتأمل، كونها تفرض في أول الأمر خمسين صلاة في اليوم والليلة، يعني خمسين صلاة في أربع وعشرين ساعة، يعني لو أنها لم تخفف معنى ذلك أننا نصلي تقريبا كل نصف ساعة صلاة. ففرضيتها على هذا النحو، يدل على محبة الله -عز وجل- لهذا النوع من التعبد، ولهذا إذا استطعت أن تشغل وقتك بالصلاة فافعل، ما عدا أوقات النهي. وأوقات النهي في النهار ليست في الليل، من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، أي بعد طلوع الشمس بنحو عشر دقائق إلى ربع ساعة، وحين يقوم قائم الظهيرة، يعني قبيل الزوال بنحو عشر دقائق، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. ما عدا ذلك لك أن تصلي ما شئت، مثنى مثنى.

٥/ كان الإمام أحمد -رحمه الله- وهذا قد اشتهر عنه في سيرته أنه كان يصلي لله تعالى في اليوم والليلة تطوعا من غير الفريضة ثلاثمئة ركعة. وكان الحافظ عبد الغني المقدسي يقتدي بالإمام أحمد في هذا؛ لعلمهم بأنها أحب العمل إلى الله .
ثم يؤكد هذا أننا عندما ننظر لفرضية الصلاة نجد أنها فرضت على صفة خاصة. جميع العبادات والفرائض والواجبات تفرض من الله -عز وجل- على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل، إلا الصلاة، فقد عرج بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى جاوز السبع الطباق ووصل إلى أعلى مكان وصله البشر، عند سدرة المنتهى، حتى إنه سمع صوت صرير القلم بكتابة القدر، يعني بلغ إلى هذه المنزلة العلية التي لم يصلها بشر قط، وكلمه الرب -عز وجل-، كلمه الله مباشرة من غير واسطة، وإن كان لم ير الله؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يتحمل رؤية الله في الدنيا، ولهذا لما سأله أبو ذر قال: “يا رسول الله، هل رأيت ربك؟” قال: “نور أنى أراه”. لكن الله كلمه مباشرة من غير واسطة، وفرض عليه وعلى أمته هذه العبادة العظيمة.

٦/ الصلاة هي عمود دين الإسلام، أرأيت عمود الخيمة عندما يسقط، تسقط الخيمة؟ هكذا أيضا الصلاة هي عمود دين الإسلام. وكما قال عمر -رضي الله عنه-: “من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع” ، ولا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة.

٧/تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل. فقولنا: “على كل مسلم” يدل على أنها لا تجب على غير المسلم، يعني لا يطالب بها، بل لا تصح منه لو أتى بها وهو لم يسلم، ولكنه مع ذلك محاسب على تركها. والكفار مخاطبون بفروع الشريعة، كما قال الله تعالى عن المجرمين: {ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين}. فذكروا أن من أسباب دخولهم سقر قالوا: {لم نك من المصلين}. وقولهم: {كنا نكذب بيوم الدين} على أنهم غير مسلمين، فهم مخاطبون بفروع الشريعة. لو أسلم الكافر فإنه لا يؤمر بقضائها، لقول الله -عز وجل-: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}. فتجب على المسلم العاقل، وأما المجنون فلا تجب عليه الصلاة، مرفوع عنه القلم. وهكذا أيضا غير البالغ لا تجب عليه الصلاة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق”.

٨/الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة، ولا تصح منهما، ولا يلزمهما قضاؤها بالإجماع. قد جاء في حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟”. وأيضا تقول عائشة -رضي الله عنها-: “كان يصيبنا ذلك -يعني الحيض- على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.

٩/ هناك قاعدة عند أهل العلم وهي أن الصلاة لا تسقط عن المكلف ما دام عقله معه إلا في حالة واحدة، وهي المرأة في حال الحيض والنفاس. وما عدا ذلك لا تسقط الصلاة عن المكلف ما دام العقل موجودا، فالصلاة واجبة عليه، حتى لو كان على سريره لا يستطيع الحركة، عاجز عن الحركة، عاجز عن الطهارة، عاجز حتى عن الكلام، عاجز لكن عقله معه، يجب عليه أن يصلي، ولو أن يصلي بقلبه. {اتقوا الله ما استطعتم}. لكن ما دام العقل موجودا فتجب عليه الصلاة. وبذلك نعلم خطأ بعض الناس عندما يكونون في المستشفيات، يكونون مرضى ولا يصلون بحجة أن عليه نجاسة، أنه لا يستطيع استقبال القبلة، وأنه سيقضيها بعدما يخرج من المستشفى. هذا فهم غير صحيح. نقول: صل على حسب حالك، حتى لو صليت لغير القبلة، حتى لو لم تتوضأ وتيممت، بل حتى لو لم يتيسر لك التيمم، بل حتى لو صليت بقلبك، ما دام العقل موجودا يجب عليك أن تصلي، ولا يجوز لك أن تؤخر الصلاة حتى تخرج من المستشفى. لكن يجوز الجمع من غير قصر بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء للمريض إذا احتاج للجمع.

١٠/ لو كنت في الطائرة ولن تهبط إلا بعد طلوع الشمس، فمعنى ذلك أنها لن تهبط إلا بعد خروج وقت صلاة الفجر، هنا يجب على من في الطائرة أن يصلوا، ولو أن يصلوا إلى غير القبلة، ولو أن يصلي كل واحد وهو على مقعده في الطائرة، {فاتقوا الله ما استطعتم}. لكن لا يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها.

١١/ بالنسبة للطفل غير المميز، ما هو حد التمييز؟
قيل إن حد التمييز أن المميز هو من يفهم الخطاب ويرد الجواب، لكن هذا محل نظر؛ لأنه يوجد من أطفال غير مميزين من يفهم الخطاب ويرد الجواب. بعض الأطفال عمره ثلاث سنوات أو أربع سنوات يفهم الخطاب ويرد الجواب، تناقشه ويتكلم معك، وهو مع ذلك غير مميز. ولذلك فالأظهر -والله أعلم- أن سن التمييز هو الوارد في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين”. سن التمييز هو سبع سنين. لكن كيف نفهم سبع سنين؟ سبع سنين معناه أتم سبع سنين ودخل في الثامنة، وليس المقصود أتم ستة ودخل السابعة، إنما أتم سبع سنين ودخل الثامنة. فعلى هذا القول الراجح في تحديد سن التمييز أن الصبي إذا أتم سبع سنين فهو صبي مميز، إذا كان أقل من سبع سنين فهو غير مميز. الصبي غير المميز الذي هو الطفل، هذا لا تصح صلاته؛ لأنه لا يعقل النية، والصلاة يشترط لصحتها النية. فعلى ذلك لا تصح صلاته، ويعتبر وجوده فرجة في الصف. ولهذا ينبغي لوليه ألا يأتي به للمسجد؛ لأن الإتيان به يشغل المصلين ويشوش عليهم، وربما يكون سببا لتفويت الخشوع، والمسجد دار عبادة وليس روضة أطفال. ثم أيضا وجوده في الصف يعتبر فرجة. إلا لو احتاج وليه، احتاج لإحضاره لأي سبب من الأسباب، مثلا ما في البيت أحد واحتاج لإحضاره، فهنا لا بأس، لكن يجعله يعني في آخر الصف حتى لا يحدث فرجة؛ لأن وجوده في الصف كعدمه؛ لأن الصلاة لا تصح منه. ويدل لذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: “إني لأقوم في الصلاة وأريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه”. متفق عليه. وظاهر هذا أن بعض نساء الصحابة كن يأتين بأطفالهن للمسجد، فأقرهن النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، بل خفف من صلاته لأجل بكاء طفل في المسجد. فهذا يدل على أنه لا بأس عند الحاجة.
أما الصبي المميز، وهو من بلغ يعني سبع سنين فأكثر، فهذا تصح صلاته، بل يؤمر بالصلاة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين”. فتصح صلاته، ويؤجر ويثاب عليها، بل وليه يأمره بذلك، يأمره، يشرع له أن يأمر ولده من ابن وبنت إذا بلغ سبع سنين. وكيف يأمره وهو يعني مرفوع عنه القلم؟ نقول: من باب التربية والتعويد؛ لأن الصبي إذا تربى وتعود على الصلاة في هذه السن فإنه يألفها ويستمر عليها، أما إذا لم يؤمر بها فلا يألفها. ولهذا سبحان الله، نجد من كان أهلهم يأمرونهم بالصلاة وأعمارهم سبع سنين، تجد أنه طوال عمره يحافظ على الصلاة، ألفها وأحبها واستمر عليها، بينما من كان أهله أهملوه ولم يأمروه بالصلاة، فتجد أن عنده تقصيرا في الغالب.
-والثواب له، حتى ولو كان بأمر والده. ويدل لذلك ما جاء في صحيح مسلم أن امرأة رفعت صبيا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: “يا رسول الله، ألهذا حج؟” قال: “نعم، ولك أجر”. فقوله: “نعم” دليل على أن الثواب يكون للصبي. وهذا وإن كان في الحج إلا أنه يشمل سائر العبادات، ومنها الصلاة. وبهذا نعلم أن الصبي المميز غير البالغ أنه يثاب على الطاعات عموما، ومنها الصلاة، ولا يعاقب على المعاصي؛ لأن القلم مرفوع عنه. وهذا من كرم الله -عز وجل- ولطفه وإحسانه. العبادة، فالأجر للصبي، ولكن أيضا وليه إذا أمره يؤجر على ذلك؛ لأنه امتثل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: “مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع”.

١٢/من ترك الصلاة جحودا، يجحد وجوب الصلاة، فهذا بإجماع العلماء أنه كافر، وتجري عليه أحكام المرتدين. وهذا نادر، يعني نادر أن أحدا من المسلمين ينكر وجوب الصلاة. لكن من ترك الصلاة وهو مقر بوجوبها، وإنما تركها تهاونا وكسلا، اختلف العلماء في كفره على قولين: القول الأول: أنه لا يكفر، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو رواية عند الحنابلة، ويكون مرتكبا لكبيرة من كبائر الذنوب. استدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة”. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند جيد. قالوا: فأفاد هذا الحديث أن تارك الصلاة داخل تحت المشيئة، ولو كان كافرا لما دخل تحت المشيئة. وأيضا استدلوا بحديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وتبقى طوائف من الناس يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها”. قال صلة لحذيفة: “ماذا تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟” فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، ثم أقبل عليه في الثالثة وقال: “يا صلة، تنجيهم من النار”. ثلاث مرات. قالوا: وفي هذا دليل على أنه لا يكفر؛ لأن هؤلاء مجرد قول لا إله إلا الله ينجيهم من النار وهم لا يصلون، فهذا دليل على عدم كفر تارك الصلاة.
والقول الثاني: أنه يكون كافرا كفرا أكبر مخرجا عن الملة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة. واستدلوا بقول الله -عز وجل-: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}. مفهوم الآية أنهم إذا لم يقيموا الصلاة فليسوا بإخوان لنا. وقول الله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن}. قوله: {وآمن} يعني دليل على أن من أضاع الصلاة ليس بمؤمن. كذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”. رواه مسلم. وقوله: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر”. وأيضا إجماع الصحابة، كما نقل ذلك التابعي عبد الله بن شقيق العقيلي قال: “كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة”. ونقل إسحاق بن راهويه الإجماع من زمن الصحابة إلى زمنه على كفر تارك الصلاة. لكن الحنابلة يشترطون شرطين: الشرط الأول: أن يدعوه الإمام أو نائبه. والشرط الثاني: أن يصر على تركها حتى يضيق وقت الصلاة الثانية. والقول الثاني -والله أعلم- هو الأقرب، هو الأقرب لقوة أدلته. وذكر ابن تيمية -رحمه الله- أن الكفر إذا ورد في الكتاب والسنة معرفا بالألف واللام فإن المقصود به الكفر الأكبر وليس الكفر الأصغر. وأما حديث عبادة، فهذا في حق من ترك بعض الصلوات، من ترك بعض الصلوات ولم يترك الصلاة بالكلية، فهذا لا يكفر على القول الراجح، فلا يكون حجة في هذا المقام.
أما حديث حذيفة الذي استدل به الجمهور، فلا يصح الاستدلال به؛ لأن هؤلاء بلغ بهم الجهل إلى هذه المرحلة وهم لا يدرون ما صلاة ولا نسك ولا حج، فهم معذورون بالجهل؛ لأن هذا في آخر الزمان قرب قيام الساعة، فلا يستقيم الاستدلال بهذا الحديث.
ويبقى النظر بعد ذلك، إذا رجحنا قول الحنابلة بأنه يكفر تارك الصلاة، هل يكون ذلك لمن تركها بالكلية، أو يكفر من ترك صلاة واحدة، أو من ترك عدة صلوات؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم. فمنهم من قال إنه يكفر بترك صلاة واحدة فقط، وهذا رواية عن الإمام أحمد. والقول الثاني أنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة بالكلية، وهذا هو القول الراجح، اختاره ابن تيمية وجمع من محققي أهل العلم، أنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة بالكلية، يعني قطع صلته بالله، لا يركع لله ركعة، لا جمعة ولا جماعة، ولا يعرف الله طرفة عين. هذا هو الذي يكون كافرا. أما إذا كان يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا، هذا لا يكفر، وإنما يكون من الساهين الذين ذكرهم الله -عز وجل- في قوله: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون}. والأحاديث الواردة جاءت معرفة الصلاة بالألف واللام، كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”، ولم يقل: “ترك صلاة”. وأيضا قوله: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة”. وهذا يدل على أنه لا يكفر إلا إذا تركها بالكلية. ولا يعرف في تاريخ الإسلام على مدى القرون الماضية أن رجلا قُتل لأنه ترك الصلاة تهاونا وكسلا، وأنه لم يغسل ولم يكفن ولم يدفن في مقابر المسلمين، لا يعرف هذا قط



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية