الرجال ثلاثة والنساء ثلاث

قال الأصمعيّ أخبرنا شيخٌ من
بني العنبر قال كان يقال:
النساء ثلاث:
فهينّةٌ ليّنةٌ عفيفة مسلمة تعين
أهلها على العيش ولا تعين
العيش على أهلها
وأخرى وعاءٌ للولد
وأخرى غلٌ قملٌ يضعه اللّه في
عنق من يشاء ويفكّه عمن يشاء

والرجال ثلاثة:
فهيم ليّنٌ عفيفٌ مسلمٌ
يصدر الأمور مصادرها
ويوردها مواردها
وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللّبّ
والمقدرة فيأخذ بأمره
وينتهي إلى قوله
وآخر حائرٌ بائرٌ
لا يأتمر لرشدٍ ولا يطيع مرشداً

هذا الأثر المنقول عن الأصمعي
وإن كان على لسان شيخ من
بني العنبر فإنه يجري مجرى
الحكمة البالغة
والتقسيم العميق المبني على
التجربة والمعاشرة
لا على الظن

فقد قُسمت النساء إلى ثلاث:

فالأولى:
الهينة اللينة العفيفة المسلمة
وهذه كأنما جُمعت فيها خصال
الفضل فهي عون لأهلها
لا عبء عليهم تحفظ نفسها
وتصون بيتها وتعين على العيش
لا تعينه على الفساد والتبذير والتضييع

والثانية:
وعاءٌ للولد لا تتعداه ولا يُرتجى
منها غير ذلك لا في دين ولا
في عقل ولا في تدبير
فهي وعاء فقط لا أثر لها في
بناء ولا تهذيب

والثالثة:
غلٌّ قملٌ والعبارة في غاية القسوة
لكنها تعبر عن صورة مريرة:
امرأة لا يستراح لها
بل هي كالغُلّ في الرقبة
تُؤذي وتؤلم ولا يُرى منها نفع
بل شقاء وجعل الله فكاكها
بيده لا بيد الخلق كأنها بلاء
يُبتلى به المرء ثم يُفرّج عنه
متى شاء الله


وكذلك كان الرجال ثلاثة:

الهين اللين العفيف المسلم:
وهذا هو الرجل الكامل
فيه الحلم والعفة والتقوى والفهم
يضع الأمور مواضعها ويزنها
بميزان العقل والدين

والثاني تابعٌ لذي رأي:
لا يملك زمام المبادرة لكن فيه
عقل وانقياد للرشاد
فهو وإن لم يكن قائدًا
فليس من الضالين

أما الثالث:
فهو الحائر البائر لا رشد له
ولا يأتمر بمرشد
وهذا شرّ الناس ضياعٌ لنفسه
ووبالٌ على غيره

وهكذا ترى في هذا الأثر
تصويرًا دقيقًا لأحوال الناس
بأسلوب موجز ولغة جزلة
وتجربة واقعية تدل على فطنة
العرب في معرفة طبائع البشر
ووزنهم بالمواقف لا بالمظاهر