لماذا نكتب

نكتب لأننا نود أن نصنع
لأحلامنا البريئة أجنحة من ورق
لعلها تجرب شعور التحليق
وتعانق السماء بعد أن سلبت
منها الأيام ريشها الفضي

نكتب لنوثق لأنفسنا تفاصيل
الرحلة ابتداء من رهبة
الإنطلاق مرورا بوحشة الطريق
وانتهاء بنشوة العناق على
مرافيء الوصول

نكتب لنستحدث شهودا عدولا
على ما مررنا به من شدائد
وأهوال ومعارك ضارية
خضناها وحدنا
ولا يعلم بما لاقيناه فيها سوى الله

نكتب لنكمل القصة التي توقفت
بعد أن حمي وطيسها
ونصوغ الخاتمة التي أستعصت
على المجيء ونملأ فراغ الأحداث
التي سقطت فصولها من الحاشية

نكتب لأننا نكره أن يطالنا النسيان
وتسقط قصتنا سهوا من ذاكرة
الأيام لعلنا نضيف قليلا
من العمر على سنواتنا القلائل
التي تسربت من بين أيدينا
دون أن نشعر

نكتب لأن استقامة السطر
تمنح كلماتنا اتزانا مؤقتا
يكفيها مؤونة التأرجح على
حبالنا الصوتية
فننجو من مطبات التأتأة
ونتجاوز خندق الشهقة
ونقفز فوق حاجز الغصة

نكتب لأن الورق بطبيعته أعمى
وهذا العمى يمنحنا الشعور بالأمان
وكأننا في خلوة مع أنفسنا
فنخلع أردية المجاملة والتصنع
ونواجه نسختنا الأصلية بلا رتوش

نكتب لأن الكتابة فضفضة
وارتياح وسيلان الحبر على
الورق أرفق بنا من سيلان
الدموع على الخد

نكتب لنعلن الوصول ونخيط
الجرح و نرأب الصدع ونجمع
ما تبقى منا على ورقة تقرؤها
أنت الآن