هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

هو الغريبُ عن الدنيا وساكنِها
وهو المهاجرُ لامَ الناسُ أو عذروا

وهو الشديد وإن أبدى ملاينةً
وهو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا

جبران خليل جبران

سأعتنق البسمات دينا ومذهبا
وأكفر بالأحزان كفرا على كفرِ

سأقطع دربي رغم شوكٍ يعيقني
فمن وخزات الشوك يشرق لي فجري

سأنهي الذي قالوا عسيرا بهمتي
فلي همةٌ أقوى من الجبل الصخري

.....

دُمُوعُ قلبي كم سَطَرَتِ من كَلِمي
ماعزَّ تسطيرُه بالكفِ والقلمِ

وكم على دفتري المحزونِ سال دماً
قلبي فأروى حروفي من وريدِ دمي

وكم بكيتُ دموعا لم تُفدْ أبدا
شيئاً سوى أنها زادت من الألمِ

الحزنُ يَنخَرُ قلبي كلما نَخَرت
سوسُ الحروبِ بلاداً حُبُها نغمي

حَملتُ ماضاق قلبُ العالمين به
وعاش في القلبِ أنواعٌ من الأممِ

وليس لي وطن في الأرض يَعَرِفُنِي
غير الجراحِ وغير البؤسِ والسقمِ

وفوق هذا غريبٌ والبلاد لظىً
والدهرُ أعمى رهين الظُلمِ والظُلَمِ

ياغربةَ الروح كم ناح الحمامُ وكم
بكى فؤادي فسال الحرفُ ملُء فمي

ياغربةَالروح في دهرٍ يَعيشُ به
أفاضلُ الناس في التشريد والنِقَمِ

ياغربةَالروح ياقلبا يعذِبني
يكفي فقد ذُبُتُ من غُبني ومن ندمي

يا أَيُهَا الليلُ هل مات الصباحُ وهل
يأتي فنلقاه مثل الطِفلِ مُبتسمِ

أم سوف تَحكمُ ما أبقى الزمانُ لنا
من عُمرِنا في زمانِ الموتِ والعدمِ

ماعدت أعرف ياليلاً كأن له
عمر الحياة وعمر الكونِ والنُجُمِ

.....

سَافَرتُ أَبعَدَ مَا أُطِيقُ وَلَم تَزَل
‏عَيّنَاكِ فِي عَينِي وَوجّهُكِ وِجهَتِي
‏
فَإذَا نَظرتُ فَأَنتِ غَايَةُ نَظرَتِي
‏وَإِذَا كَتَبتُ فَأَنتِ أَنتِ قََصِيدَتِي
‏
أَنَا دُونَ صَوتِكِ قِصّةٌ لَم تَكتَمِل
‏يَاصَفحَةَ الفَرحَِ المُضِيءِ بِقِصّتِي
‏
يَانَجمَتِي قَد ضِعتُ فِي لَيلِ الهَوَى
‏عُودِي إليّ لِكَي أُوَاصِلَ رِحلَتِي

.....

وزَعَمْتُ زَعمَكِ لَحظَةَ الهَذَيَانِ
ورَمَيتُ حُبَّكِ مازِحًا ورَمَانِي

ولَجَمْتُ في فَمِيَ الحُرُوفَ وفِي دَمِي
قَلَقٌ يَشُدُّ زِمَامَهُ كَحِصَانِ

وأَدَرْتُ وَجهِي لِلرَّصِيفِ مُكابرًا
شَجَنِي إِلَيكِ وكاتِمًا هَيَمَانِي

وبغَيرِ سَابقَةٍ أَفَقتُ مِن الهَوَى
لِأَرَى غِيَابَكِ جالِسًا بمَكَانِي

وأَرَى خَيَالَكِ غائِمًا وكأَنَّهُ
شَبَحٌ يُطِلُّ برَأسِهِ لِيَرَانِي

جَثَمَ السُّكُوتُ ودُونَ أَيِّ تَعَقُّلٍ
شَبَكَ العِنَادُ بَنَانَهُ بِبَنانِي

وهَوَى الظَّلامُ عَلَيَّ وانشَطَرَت على
طُرُقِي الجِهَاتُ شَدَيدَةُ الدَّوَرَانِ

.....

عَجزتُ بأن أخفيكِ سِرّاً بِخَافقي
وكفَّ سَوادُ العينِ يَبكيكِ سَاهِرَا

تَعَالي وفكّي القيدَ عَن سِرِّ حُبّنَا
وقولي لكلِّ الناسِ أحببتُ شَاعِرَا

وبوحي فَما بِالحُبِّ لومٌ إذَا هَوى
فؤادُ فتاةٍ صَاحَ بالحبِ جَاهِرا

تَعَالي فَهذا الليلُ أمسى مُؤرّقي
وَغيركِ دونَ النَاسِ مَارُمتُ سَامِرَا

فَقَد رَبحَ العُذّالُ في كِسرِ خَاطِري
وَلستُ أناجي اليومَ إلّاكِ جَابِرَا

.....

عَلى دَربِ الحنينِ رَأتكَ عيني
ومِنْ بينِ الجَميعِ هَواكَ قَلبي

كَأنَّ اللهَ قَد أبلى فؤادي
بِحُلمٍ قَدْ أتى يومَاً بِدَربي

فَما ذَنبي وقَد أمسيتُ صَبَّاً
وما ذنب العيونِ وأنتَ ذَنبي

أراكَ عَلى الوجوهِ فَيَعتريني
جنونٌ يوقِدُ الأشواقَ قُربي

فَيَفضحني التَعثّرُ حيثُ أمشي
وأطوي الدَربِ في شَرقٍ وغَربِ

فَحَسبي والتّصبر في احتراقي
وحسبي أن أُداري الشَوقَ حَسبي

.....

مَنْ غير طيفكِ يَسْتَبيحُ كياني
ويَهُزُّ نَبْضي لو يَرقّ زَماني

كُلّ النِّساءِ وإنْ قَرَأنَ قَصائِدي
لايَسْلِبَنَّ مِنَ الحَنينِ ثواني

إنْ شِئْتِ أبْقيتُ الكلامَ بخَافقي
ويُقاطِعُ الغَزَلَ العَفيفَ لساني

هاكِ القصائِدَ والحروفَ وسِرَّها
ولكِ العُهود بأنْ يَتوبَ بناني

قولي أحبكَ ياربيعَ قَصائدي
ولكِ الوفاء مِنَ الهوى وحناني

هيَّا انْطقي ما بالعيونِ فإنني
أمْسَتْ تُؤرقُ خافقي عينانِ

هذي عيوني لو شَكَكْتِ حَبيبتي
سَتَبوحُ عمَّا صارَ في وجْداني

لاتَتْركي هذي العيونَ ولَهْفها
ألقِ الكلامَ لِتَنْتَهي أحْزاني

قولي ولا تُخْفي الكَلامَ فما بَدى
بَعَثَ الحياةَ بِتالِفِ الأغْصَانِ

السِّر يُفْشيهُ التَّلَبُّكُ بالهوى
لاتَصْبرُ الأنفاسُ بالكِتْمانِ

مُنْذُ الْتِفاتَتِكِ الرَّقيقةِ خافقي
أمسى سَجيناً والنَّوى سَجَّاني

هَيَّا انْطقيها ياغرامَ صَبابتي
لاتَصْمتي كي يَشْتَفي حرْماني

لاصَبْرَ لي طالَ انْتظارُ مَوَاجعي
فالشّوقَ يَاسِرَّ الهوى أضْناني

.....

ياقلبُ أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ
صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجرا

إنّ الغَرامَ هوَ الحَياة فَمُتْ بِهِ
صَبّاً فحقّكَ أن تَموتَ وتُعذَرَا

قُل لِلّذِينَ تقدّمُوا قَبْلي ومَن
بَعْدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى

عني خذوا وبيَ اقْتدوا وليَ اسْمعوا
وتحدَّثوا بصبابتي بينَ الورى

ولقدْ خلوتُ معَ الحبيبِ وبيننا
سِرٌّ أرَقّ مِنَ النّسيمِ إذا سرَى

وأباحَ طرفي نظرة ً أمَّلتها
فغدوتُ معروفاً وكنتُ منكَّراً

فدهشتُ بينَ جمالهِ وجلالهِ
وغدا لسانُ الحالِ عني مخبراً

فأدِرْ لِحاظَكَ في مَحاسِن وَجْهِهِ
تَلْقَى جَميعَ الحُسْنِ فيهِ مُصَوَّرا

لوْ أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورَة ً
ورآهُ كانَ مهلَّلاً ومكبَّراً

.....

قولو لمن ذم الديار وعشقه
في غربة الاوطان والاسفار

لو ان كل الارض صارت جنة
الا دياري بلقع وصحاري

لوددت ان ابقى بها متشبثا
في ظل روث امنا في داري

قسما برب البيت عيش امن
خير من الجنات والانهار

لن تنفع القصر المنيف عماده
ان كان أسس فوق جرف هاري

كلا ولا سترت ثياب عورة
الا اذا سترت من الستار

.....