هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

أقدِمتَ كهلًا في الجنان يشيخُ
أم جئتَ ريحًا صوتها مشروخ

اعلمْ بأن الشمس بنت مجرّتي
وعلى مداري يبحرُ المرّيخُ

ما زلتُ ظاهرةً هنا ثوريّةً
لصهيلِ نوني صولةٌ وشموخُ

فلكم وقفتُ على نواصي غايتي
في غارةٍ يُحنى لها التاريخُ

سكينه الشريف

هل الدنيا تراوغني فراغَـــا
وهل أملي على الأوهامِ زاغَا

تُثقفني ثقيلات الليالي
ووابلها على الألحانِ ساغَا

وعَيتُ وعيتُ حــربًا بعد حـربٍ
دويُّ السيف ألهمني وناغى

أُفتّش في دهاليزي أنادي
إليَّ إليَّ يا حلُمًا مُصاغَا

.....

سأعودُ يهزمني حنينٌ مُرسلُ
فالعشقُ وجهٌ بالهزيمةِ أكملُ

الآن أنفضُ في السلامِ غنائمًا
نحو التخاطُرِ فاض سربٌ مُهملُ

تدري بأنّي خفقةٌ قد سُخِّرت
في نهرِ شريانِ القصائدِ ترفلُ

العينُ أصدقُ حين تفضحُ سرّنا
وبها تفاصيلُ الخسائرِ أجملُ

قالوا بأن الوصلَ محضُ غوايةٍ
وعلى مواعظ للأوائل عوّلوا

وبأنّ صوت القلبِ وهمٌ زائلٌ
وحصارهُ بالارتيابِ يُؤوّلُ

لكنّ أسرار التكامل صولةٌ
قد أدهشت كلَّ الذين تقوّلوا

بالحُبِّ تُروى لليباب جنائن
وقطوفها للأوفياءِ تُذلّلُ

يتداولون الصدق رغم قيودهم
غاياتهم بالكبرياءِ تُكَلَّلُ

لاينحني للحيِّ غصنٌ صامدٌ
إلا إذا بِجنى الثقافةِ يُثقلُ

إنّي عهدتُ الصالحين إذا رأوا
متواضعًا سَمَّوا عليهِ وحوقلوا

سكينه الشريف

سيسكبني بياضُ الفأل في كاسي
ويشربُ من عميق الفنِّ إحساسي

أراني في وجوهِ الناس قوسًا
وكم قوسٍ تأسّسَ لاقتباسي

أنا سُحُبٌ من الإرباكِ تنفي
فضاءاتٍ يحاصرها مراسي

فمن دنيا السديم سمت نجومي
وقد عُرفَتْ بهِ دون التباسِ

رأينا في صفوف العلم كهلًا
وألوان الربيع به تقاسي

وأعناق الهُراءِ لنا اشرأبّت
كأنَّ رؤوسها الشُّمُّ الرواسي

فكيف تراك يامن رُمتَ فجرًا
إلى الآمال مؤتلقَ الأماسي

إذا ما دُمت نبضًا بعد نبضٍ
فجدّد فيكَ إصرارًا يواسي

سكينه الشريف

طفقت تُغربلُ لفظها وتُهذّبُ
وتطوفُ حول مدارها تتكوكبُ

منها إليها عالمٌ يغتالها
يختال بين حطامها يتقلّبُ

وتثور حربٌ للبلاغةِ ضُرّجت
بدمائها وعلى ثراها تُصلبُ

ورقي تعتّق كلّهُ في عالمٍ
متهالكٍ والكون فيهِ محوسبُ

كم حاولوا جرّي إلى أوكارها
تبعيّةٌ فيها الأصالةُ تُثقبُ

يتنصّلون من الهويّة بينما
بقوالب الأشباهِ لا أتقولبُ

فنّي إلى صوتُ الطبيعة منصتٌ
وجوارحي عمّا تساقط تُحجبُ

نفسي تحاربُ في الظلام وحيدةٌ
ومن الوضاءةِ للوضاءةِ تهربُ

هيَ هكذا هممي تُنسّق ذاتها
والصحوُ من رحم العواصفِ يُنجبُ

وأُحبُّني فيما الفراغ يقيمني
كمجرّةٍ ونجومها تتسرّبُ

سكينه الشريف

متشابهون يلاحقونَ سرابًا
وينمقون بجرأةٍ ماشابَا

لا حرفَ يُلْقَى في البديع تهافتًا
أو شعرَ يغرسُ في الفضيلة نابَا

ثغرُ الحداثةِ لاتجفُّ ضروبُهُ
سيفيض نهرًا سائغًا ورضابَا

أنّى لفكرٍ ماتشرّب صدقهُ
أن يُلفت الأذهانَا والإعجابَا

كم مُجَّ سطرٌ خادشٌ لعقيدةٍ
والخير فينا واثقٌ ما ارتابَا

ولكَم نبذنا من تصابى شعرهُ
طرقَ المجونَ مجاهرًا وثَّابَا

متشابهون سيمضغون هراءهم
ويضللونَ بسعيهم من خابـَا

سكينه الشريف

اسمِي (سُكينةُ) والأصالة توأمِي
والكبرياءُ لها جذورٌ في دمِي

الجدُّ (طهَ) ثمَّ أمّي (فاطمٌ)
ولدى (عليٍّ)كل فضل ينتمي

أهلي (الهواشم)من كرامٍ أصلهم
هل يُغرينّكِ في الجزالةِ منجمي

لاينحني مثلي لأوحال الثرى
نجمي(الثريّا) حين تصدح أنجُمِي

عصماءُ جالتْ في الفضاءِ قصائدي
ثمَّ استقرّت في فؤادٍ مُلْهَمِ

المرهفُونَ تداولوا أفنانها
والشعرُ فيها يافعٌ لم يَهرمِ

من قارعَ الألمَ العنيدَ بفنّه
ثملٌ تلذّذ في الدّنى لم يُؤثَمِ

أشدو بلحن الصدق لحنًا آسرًا
فالصدق كالسحر المُطَلسَمِ في فمِي

سكينه الشريف

غُرّي الذين تأهّبوا للقاكِ
يادارَ من يستعذبونَ مداكِ

الزارعون على الطريق سمومهم
الجارحـــون الورد بالأشواكِ

مالي إذا قلت السلامَ طيورهم
فوق الرؤوس يؤزهم إرباكي

برميمهم وعيِيْ تجاوز خطوةً
فحثا التراب على شفير رؤاكِ

للكبرياء سحائبٌ يرتادها
السابحون بذروةِ الأفلاكِ

وعرى التذلل هشّةٌ ورقيقها
يتهافتون على الصدى المتباكي

عاش السجين بعقلهِ متفانيًا
حين استبدّ بوقتهِ المتــــذاكي

قد زُجَّ حرًّا في غياهب غيِّــهِ
من لم يُدَنْ بقضيّةِ الإدراكِ

سكينه الشريف

وَإِيّاكَ وَالدُنيا الدينَةِ أَنَّها
هِيَ السِحرُ في تَخييلِهِ وَاِنتِرائِهِ

مَتاعُ غَرورٍ لا يَدومُ سُرورُها
وَأَضغاثُ حُلمٍ خادِعٍ بِهَبائِهِ

فَمَن أَكرَمتُ يَوماً أَهانَت لَهُ غَدا
وَمَن أَضحَكَت قَد أَذِنَت بِبُكائِهِ

وَمَن تُسقِهِ كاساً مِنَ الشَهدِ غَدوَةً
تَجرَعُهُ كَأسَ الرَدى في مَسائِهِ

وَمَن تَكسِرُ تاجَ المُلكِ تَنزَعُهُ عاجِلاً
بِأَيدي المَنايا أَو بِأَيدي عَدائِهِ

إِلّا أَنَّها لِلمَرءِ مِن أَكبَرِ العِدى
وَيَحسَبُها المَغرورُ مِن أَصدِقائِهِ

فَلِذا نَها مَسمومَةٌ وَوُعودُها
سَرابٌ فَما الظامي يَرى مِن عَنائِهِ

وَكَم في كِتابِ اللَهِ مِن ذِكرِ ذَمِّها
وَكَم ذَمَّها الأَخيارُ مِن أَصفِيائِهِ

فَدونَكَ آياتُ الكِتابِ تَجِد بِها
مِنَ العِلمِ ما يَجلو الصَدا بِجَلائِهِ

وَمَن يَكُم جَمعُ المالِ مَبلغُ عِلمِهِ
فَما قَلبُهُ إِلّا مَريضاً بِدائِهِ

وَمَن لَم يَذَرها زاهِداً في حَياتِهِ
سَتِزهَد فيهِ الناسُ بَعدَ فَنائِهِ

فَتَترُكُ يَوماً صَريعاً بِقَبرِهِ
رَهيناً أَسيراً أَيساً مِن وَرائِهِ

وَتَنساهُ أَهلوهُ المَغَدّى لِدَنِّهِم
وَتَكسوهُ ثَوابَ الرُخصِ بَعدَ غَلائِهِ

وَيَنتَهِب الوُرّاثُ أَموالُهُ الَّتي
عَلى جَمعِها قاسي عَظيمَ شَقائِهِ

وَتُسكِنُهُ بَعدَ الشَواهِقِ حَفرَةً
تَضيقُ بِهِ بَعدِ اِتِّساعِ فَضائِهِ

يُقيمُ بِها طولَ الزَمانِ وَمالشهِ
أَنيسٌ سِوى رودٌ سَعى في حَشائِهِ

فَواها لَها مِن غُربَةٍ ثُمَّ كَربَةٍ
وَمِن تُربَةٍ تَحوي الفَتى لِبَلائِهِ

وَمِن بَعدِ ذا يَومِ الحِسابُ هُوَ لَهُ
فَيَجزي بِهِ الإِنسانِ أَوفى جَزائِهِ

وَلا تَنسَ ذِكرَ المَوتِ فَالمَوتُ غائِبٌ
وَلا بُدَّ يَوماً لِلفَتى مِن لِقائِهِ

قَضى اللَهُ مَولانا عَلى الخَلقِ بِالفَنا
وَلا بُدَّ فيهِم مِن نُفوذِ قَضائِهِ

وَإِيّاكَ وَالآمالُ فَالعُمرُ يَنقَضي
وَأَسبابِها مَمدودَةٌ مِن وَرائِهِ

وَحافِظ عَلى دينِ الهُدى فَلَعَلَّهُ
يَكونُ خِتامَ العُمرِ عِندَ اِنتِهائِهِ

فَدونُكَ مِنّي فَاِستَمِعها نَصيحَةٌ
تَضارَعَ لَونُ التِبرِ حالُ صَفائِهِ

مُبَرَّأَةٌ مِن كُلِّ غِشٍّ لا نَهائِمُ
بَدَت مِن مَودِّ صادِقٍ في إِخائِهِ

أُصَلّي عَلى طولِ الزَمانِ مُحَمَّدٍ
وَأَصحابِهِ وَالآلُ أَهلُ كِسائِهِ

وَاِتباعُهُم في الديرِ ما اِهتَزَّ بالرُبى
رِياضَ سَقاها طَلَّها بِنَدائِهِ

وَما غَرَّدَت قَمَرِيَّةٌ في حَديقَةٍ
فَجا وَبِها وَرَقٌ بِصَوتِ غِنائِهِ

أحمد بن مشرف

وَكُن ناصِحاً لِلمُسلِمينَ جَميعَهُم
بِإِرشادِهِم لَلحَقِّ عِندَ خَفائِهِ

وَمُرهُم بِمَعروفِ الشَريعَةِ وَاِنهِهِم
عَنِ السوءِ وَاِزجُر ذا الخَنا عَن خَنائِهِ

وَعِظهِم بِآياتِ الإِلَهِ بِحِكمَةٍ
لَعَلَّكَ تَبري داءَهُم بِدَوائِهِ

فَإِن يَهدي مَولانا بِوَعطِكَ واحِداً
تَنَل مِنهُ يَومَ الحَشرِ خَيرِ عَطائِهِ

وَإِلّا فَقَد أَدَّيتُ ما كانَ واجِباً
عَلَيكَ وَما مَلَكتَ أَمرَ اِهتِدائِهِ

احمد بن شرف