منتديات قبائل شمران الرسمية


المنتدى العام مخصص للمشاركات العامة والمتنوعة)(تطوير الذات)(سوق الأسهم)

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 11-24-2008, 11:20 PM   #1
 

بن مجبر is on a distinguished road
افتراضي آداب الحوار

آداب الحوار
ليس الاهتمام بآداب الحوار فضولا من القول بل ضرورة حضارية لأن الحوار يؤثر في تشكيل قيم الأفراد وأفكارهم وسلوكهم .
وللحوار آداب كثيرة حريٌ بالمحاور أن يلم بها ، فهيا الطريق لكسب الآخرين والتأثير فيهم . وقد أولى القرآن أدب الحوار أهمية بالغة ، فهو الإطار الفني للدعوة والسحر الحلال الذي يفتن عقول الناس ويأسر أفئدتهم . ومن نصوص القرآن الحاثة على أدب الحوار :
قوله تعالى : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}البقرة آية :83.
وقوله تعالى : { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل آية :125.
وقوله تعالى:{ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }الإسراء آية :53.
وقوله تعالى : { فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }طه آية :44.
وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}المؤمنون :آية :3.
وقوله تعالى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ }المؤمنون :آية :96.
كما كان النبي صلى الله علية وسلم مثالاً للمحاور المتميز ، وجاء عنه صلى الله علية وسلم أنه قال :
"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " .
"الكلمة الطيبة صدقة " .
"ليس الشديد بالصرعة،ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
"تبسمك في وجه أخيك صدقة ".
"الحكمة ضالة المؤمن ،أينما وجدها فهو أحق الناس بها ".
"إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطيه على العنف وما لا يعطي على سواه ".
والآيات والأحاديث أكثر من أن تحصر في مثل هذا المقام .


ومثالا على ذلك هذا الحوار النبوي

حينما تجول بالطرف في ربوع القرآن متنقلاً بين رياضه الناضرة وأزهاره اليانعة تجد نفسك أسيراً لروعة ذلك الفن القصصي { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}(1)والقرآن قبل كل شي كتاب عقيدة ودعوة ’ لكنه أيضاَ حوى جل الفنون بين دفتيه أقطف منه زهرة هي حوار يوسف مع الفتيان في السجن . ولست في هذا المقام بمفسر يترجم خفيّ القرآن ولكني شغوف بالأدب فتنه فن الحوار في تلك القصة .ويبدأ العرض القرآني بهذا النسج المنظوم{ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ}(2) في قمة إيجازه فلم يقل إن يوسف دخل السجن قبلهما أو بعدهما ولا حتى معهما فما يعني ذلك في القصة شيئاً . ثم يعرض كل منهما رؤيا ه { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} ثم يطلبان بعدها التأويل { نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} ويتبعان ذلك بآيات التبجيل والتقدير{ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} حيث تتجلى فيها روعة الحديث عند الطلب والاستفتاء . ثم يأتي الجواب النبوي{ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا} ولم يقل سأنبئكما بتأويله بعد قليل كي لا تعلق أذهانهما بهذا القليل متى ينتهي ، بل واعدهما موعد الطعام المعروف الثابت عادة ، فيكون بالهما خالياً لأي أمر يريده فيهما . كما حرص أيضاً على أن يبعد عنهما أي شك في خطأ تأويل رؤيا هما ، وذلك لأن ما سيقوله هو من علم الله لا من عند نفسه{ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} ثم يستمر بعد ذلك في تعريفهما بنفسه وبمنهجه في الحياة ، فتزداد عظمته في نفسيهما وصدقه في ذو اتهما ، فهما سيؤمنان بالفكرة حينما يؤمنان بالشخص الذي تتمثل فيه { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} ثم تبلغ العظمة والتسليم أو جهما حينما يعلمان أنه من نسل الأنبياء وعلى دربهم يسير{ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ} ثم يبدأ في دعوتهما ، فيلمح قبل أن يصرح { ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} فهذا الفضل ليس لنا آل إبراهيم وحدنا بل هو للناس جميعاً ـ يعرّض بهما ـ، ولكن أكثرهم لا يشكرون بالا تباع وا لا نصيا ع لأوامر الله ، ولاحظ تلطّفه بقوله "أكثر الناس " ولم يقل الناس كي يقرب قلبيهما إليه ، كما أنه لم يقل : "كافرون"كي لا يصابا بالصدمة وهما ما زالا في بداية الطريق إلى الهداية . ثم يخاطبهما بصحبته لهما ، فكل غريب للغريب نسيب { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} فما قال أيها الفتيان أو أيها القوم أو استخدم ضمير المخاطب ، كل ذلك تقريب للمودة . ثم عرج بهما يرشدهما ـ لا يجادلهما ـ إلى صميم العقيدة والتي هي مدار الإيمان {أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} فوصف آلهتهما بالتعدد والتفرق المؤدي للضعف ، وقابلها بأسماء الله المطابقة للحال{ الْوَاحِدُ الْقَهَّار}. ثم يزداد وقع الحوار وشدته بعد أن ملك ألبابهما وقلوبهما {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء} جوفاء لا حقيقة لها كأسماء الواحد القهار{ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم} جدلاَ بدون علم أو دراية أو سلطان . وتخفيفاَ لحدة لفظ "آباؤكم" أتبعه بقوله {مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ} ليرقى بهما إلى عظمة الله الذي هو أعظم من آبائهما ، ثم يقررها حقيقة {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} سائراً بهما إلى نهاية المطاف الذي من أجله حاورهما{ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. فكل ما سواه فهو أعوج لا يصلح منهاجاً للحياة { وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{40} فقد علمتما فاتبعا ما جئتكما به . ثم يعود ثانية بعد أن أدى رسالته الدعوية إلى أسلوبه اللطيف { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} كي ينتهي الحوار وهما مؤمنان بفكرته معظمان له ، وهذا فن عظيم من فنون الحوار . ثم يعود في النهاية إلى ما أشغل بالهما في رؤياهما ، فيبلغ في نفسيهما قمة التقدير{ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ} ولم يصرح لأحدهما أنه ناج للآخر أنه مصلوب تأدباً منه في الحديث ، مع أن ذلك معلوم من الرؤيا .
ثم يختم حديثه معهما{ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ{41} فهذا أمر يسير سهل انقضاؤه ، لكن أمر العقيدة لا يمكن أن ينقضي .

أسأل الله لي ولكم الفائدة ودمتم ،



بن مجبر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر



أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
ثقافة الحوار !!! نوال الشمراني مقالات الكاتبة نوال الشمراني 8 08-10-2021 07:51 PM
الحوار الحمدان المنتدى العام 4 07-15-2019 02:09 AM
مرجعية الحوار ساعد وطني المنتدي الاسلامي 3 08-16-2013 07:08 AM
فن الحوار (بن هزاع) المنتدى العام 2 03-31-2011 10:38 PM
كيف ينجح الحوار قلم المنتدى العام 10 03-20-2008 01:57 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية