الطلاق المعلق بالمؤخر/ للكاتب عبدالرحمن حسن جان( مستشار اجتماعي)

الطلاق المعلق بالمؤخر

عبدالرحمن حسن جان
تاريخ النشر: 30 مايو 2024 / المصدر/ المدينة

من الحالات التي تراجعني في العيادة، حالات الخلافات الزوجية بسبب مؤخر الصداق، والصداق يسمى أيضًا المهر، فالشرع يلزم الخاطب على دفع كامل المهر للمخطوبة بعد عقد النكاح، فلم يرد في القرآن ولا في السنة ذكر لمؤخر الصداق، ففي القرآن يقول الحق سبحانه: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً» {النساء: 4} ومعنى نِحْلَة (فريضة أو دين أو حق).


وقد ظهر بعد ذلك في العرف الإسلامي، المهر المقدم والمؤخر أي يشترط في عقد النكاح بأن يدفع جزء من المهر مقدمًا والجزء الباقي يدفع مؤخرًا في وقت لاحق، وظهر أيضًا المهر المؤخر أي الذي يشترط في العقد بأن يؤخر دفع المهر إما كاملًا أو على دفعات في تواريخ محددة أو بدون تحديد التواريخ بعد الدخول بالزوجة، ويبقى المؤخر ديناً على الزوج للزوجة لا يسقط عنه بموتها أو بطلاقها، ولكن يسقط المؤخر فقط بتنازل الزوجة عنه سواءً بالخلع أو بدون الخلع، وبذلك يكون مؤخر الصداق جائز شرعًا.

والمشكلة التي نحن بصدد مناقشتها في هذا المقال هي الخلافات الزوجية السامة المستمرة بين الزوجين الناتجة عن المؤخر المتعلق بالطلاق أو الطلاق المعلق بالمؤخر، الذي يجعل الزوجين في نكد دائم، فالزوجة تعاني من العنف الواقع عليها من زوجها وتنتظر أن يطلقها لتحصل على المؤخر سواءً أكان كامل المهر أو الجزء المتبقي منه، وقد تفتعل الزوجة المشاكل مع زوجها بسبب أو بدون سبب ليطلقها وتحصل على المؤخر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة».


والزوج قد يفتعل الخلافات الزوجية ويماطل في الطلاق ويستمر في تعنيف الزوجة ليضغط عليها من أجل أن تخلعه وتتنازل له عن المؤخر وبذلك يكون الزوج قد خالف أمر الله ورسوله في معاملة زوجته، قال تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

وقد حذر تعالى مَن يخالف أمره: ﴿فليحذر الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، فالله يَنْصحهم بألاَّ يُخالفوا أمر الرسول؛ لأنه سيصيبهم شرٌّ من مُخالفته وعذابٌ أليم.

لذلك يمكن تقديم مقترح للجهة المعنية يتمثل في عدم قبول تنازل الزوجة عن المؤخر سواءً كان طلب التنازل منها أو من زوجها، فذلك قد يخفف من حدة الخلافات الزوجية، ومن الطلاق والخلع، ولا يجعل الطلاق معلقاً بالمؤخر، ولا يجعل أحد الزوجين يفتعل الخلافات من أجل الحصول على المؤخر أو التنازل عنه.

وإن كان ولابد ووقع الخلع أو الطلاق، وكان الزوج المطلق غير قادر ماديًا على دفع المؤخر فإنه يمكن التيسير عليه بسداد المؤخر لطليقته بنظام الأقساط، «ويا دار ما دخلك شر» ومثل ما دخل الزوجين بالمعروف يخرجان بالمعروف، يقول الله تعالى: «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».

ولكن الأفضل التأني في الخلع أو الطلاق، والتغافل عن مسببات الخلافات الزوجية لتفاديها، والتركيز على إيجابيات شريك الحياة، وغض النظر عن سلبياته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ « والفَرْكُ: البُغْضُ والكُرْهُ، والمُرادُ بالمؤمِنِ والمؤمِنةِ هنا الزَّوجُ والزَّوجةُ، وما قيل للزوج في الحديث السابق يقال للزوجة أيضًا، وكذلك حتى لا يكون الأبناء هم ضحية الطلاق ويتأثرون نفسيًا وصحيًا وقد ينحرفون، فالأب سيتزوج والأم ستتزوج ويبقى الأطفال مشتتين بين الأب والأم. وللوقاية والحد من الخلافات الزوجية المستقبلية ومن الطلاق -بإذن الله- يمكن الاقتراح بأن يتم إلزام الزوجين المتخاصمين في المحكمة على حضور دورة رخصة قيادة الحياة الزوجية والأسرية قبل الخلع أو الطلاق، وكذلك إلزام المخطوبين على حضور دورة تدريبية للمقبلين على الزواج وتكون شهادة اجتياز الدورة شرطاً من شروط الزواج.

مستشار اجتماعي

تسلم الايادي على الموضوع
بارك الله فيك
دمت بخير وعافيه

شكرا لك على المشاركة
رائع ماتقدموه من ابداع وتميز
ننتظر المزيد منكم
لكم مودتي

كل الشكرعلى المشاركة وعلى المجهود في المنتدى
ماننحرم من جديدك المميز
خالص تقديري لك

شكرا على المشاركة
تسلم يداك
لاحرمنا الله من نورك

قوافل التحايا لسموك