منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) نسأل الله أن يحشرنا في زمرة الأنبياء والعلماء والصالحين |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-02-2009, 01:25 PM | #11 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
اليوم الرابع يوم العقبة وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ " ( الأنفال 62 ) * * * إن يوم العقبة كان هو البداية الصادقة لعصر الغلبة والنصر والتمكين من الله سبحانه وتعالى لرسوله وللمؤمنين ، ، واصل صلى الله عليه وسلم مسيرته الدعوية ، وأخذ يدعو قبائل العرب إلى الإسلام ، منتهزاً فرصة موسم الحج نظراً لتجمع القبائل في مكة * * * ، وفي العام العاشر من بعثته صلى الله عله وسلم ، وفي موسم الحج التقى النبي بنفر من الخزرج إحدى أكبر قبائل المدينة المنورة ( يثرب في ذلك الوقت ) وبلغهم الرسالة في يسر وإيجاز ، ، وترك لهم الفرصة ليفكروا ، ، ، وكان من سعادة أهل يثرب أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج وفيما هم يتشاورون قال أحدهم : " يا قوم . . . " والله إنه للنبي الذي توعدتنا به يهود " فلا يسبقنكم إليه أحد . . " فعادوا إلي النبي ، يخبرونه بقبول دعوته ، وليعلنوا إسلامهم وكانوا ستة وهم : 1- أسعد بن زرارة (من بني النجار ) 2- عون بن الحارث بن رفاعة، ابن عفراء (من بني النجار ) 3- رافع بن مالك بن العجلان (من بني زريق ) 4- قطبة بن عامر بن حديدة (من بني سلمة ) 5- عقبة بن عامر بن نابي (من بني حرام بن كعب ) 6- جابر بن عبد اللَّه بن رئاب (من بني عبيد بن غنم ) ، * * * قال ابن إسحاق: (( فلما قدموا المدينة ذكروا رسول الله، ودعوا إلى الإسلام حتى فشا فيهم، حتى كان العام المقبل وافى الموسم اثنا عشر رجلاً، فبايعوا بالعقبة على بيعة النساء )). وكانت بيعة العقبة الأولى العقبة الأولى : قال ابن إسحاق: (( قال عبادة بن الصامت: كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثنى عشر رجلاً، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء -وذلك قبل أن يفترض علينا الحرب- على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرج لنا، ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عذب )) روى مسلم : عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: (( أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا، وَلا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ )) متفق عليه * * * فماذا حصل بعد ذلك . . ؟ ؟ وما هي بيعة العقبة الثانية . . ؟ ؟ ؟ * * * |
06-02-2009, 01:26 PM | #12 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
يوم العقبة الثانية في الحج من العام التالي ، دخل مصعب بن عمير إلى مكة ( وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أختاره ليصحب وفد الأنصار إلى المدينة ) ومعه ثلاثة وسبعون رجلاً ، وامرأتان كلهم يشهد ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وهاتان المرأتان العظيمتان هما : • أم عمارة : نسيبة بنت كعب • أم منيع : أسماء بنت عمرو * * * وهنا لنا وقفة مع دور المرأة المسلمة الفعال ، في بداية عصر الأسلام ، فها هنا نجدها سباقة للمشاركة في أمر مهم من أمور دينها ودنياها ، ألا وهو ملاقاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومبايعته على السمع والطاعة ، وهذا ما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة من علو الهمة ، والمشاركة الإيجابية في أمر دينها ودنياها على هدي من الكتاب والسنة * * * وإليكم أيها الكرام قصة العقبة كاملة كما يرويها كعب بن مالك في سيرة ابن هشام قال كعب: ثم خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق قال: فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر، سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، أخذناه معنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً، ثم دعوناه إلى الإسلام، وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة قال: فأسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيباً. قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلل القطا مستخفين، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائنا: نسيبة بنت كعب، أم عمارة، إحدى نساء بني مازن من النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي، إحدى نساء بني سلمة، وهي أم منيع. * * * قال: فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب، فقال: يا معشر الخزرج - قال: وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار: الخزرج، خزرجها وأوسها - إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم، فمن الآن فدعوه، إنه في عز ومنعة من قومه وبلده. قال: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت. * * * قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. قال: فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق نبياً، لنمنعنك مما نمنع منه أُزُرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابراً عن كابر. قال: فاعترض القول - والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيّهان فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها - يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً، ليكونوا على قومهم بما فيهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. قال ابن هشام: ويقال: الهدم الهدم: يعني الحرمة، أي ذمتي ذمتكم، وحرمتي حرمتكم. قال كعب: كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور، ثم بايع بعد القوم. * * * |
06-02-2009, 01:26 PM | #13 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
تابع اليوم الرابع فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب - والجباجب: المنازل - هل لكم في مذمم والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أزبّ العقبة، هذا ابن أَزْيَب - قال ابن هشام: ويقال ابن أُزَيب - أتسمع أي عدو الله، أما والله لأفرغن لك. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارفضوا إلى رحالكم. قال: فقال له العباس بن عبادة بن نَضْلة: والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غداً بأسيافنا؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم قال: فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا عليها حتى أصبحنا. قال: فلما أصبحنا غدت علينا جِلّة قريش، حتى جاءونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم. قال: فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه. قال: وقد صدقوا، لم يعلموه، قال: وبعضنا ينظر إلى بعض، قال: ثم قام القوم، وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، وعليه نعلان له جديدان، قال: فقلت له كلمة - كأني أريد أن أَشْرك القوم بها فيما قالوا: يا أبا جابر، أما تستطيع أن تتخذ، وأنت سيد من ساداتنا، مثل نعلي هذا الفتى من قريش؟ قال: فسمعها الحارث، فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلي، وقال: والله لتنتعلنهما. قال: يقول أبو جابر: مه، أحفظت والله الفتى، فاردد إليه نعليه، قال: قلت: والله لا أردهما، فأل والله صالح، لئن صدق الفأل لأسلبنه )) * * * قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: (( أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري، أخو بني سالم بن عوف: يا معشر الخزرج، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا: نعم. قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نُهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلاً أسلمتموه فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نَهْكة الأموال، وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة، قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال، وقتل الأشراف، فمالنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك؟ قال: الجنة، قالوا: ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه )) * * * عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: (( دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ) * * * هذا والله أعلم * * * (( نهاية اليوم الرابع )) |
06-03-2009, 01:12 PM | #14 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
يوم حمزة ( اليوم الخامس ) " وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ " (166 آل عمران) * * * * * ( يوم حمزة ) إنما نقصد به هنا يوم استشهاد حمزة رضي الله عنه ، ، ، ، ، وهو ذلك اليوم العصيب الذي يصعب وصفه . . . ! ! ! اليوم الذي شاهد فيه نبينا الحبيب عمه مضرجاً بدمائه ، ، مبقور البطن . . ! ! * * * إنه يوم ( أحد ) . . . . ! ! ! وإليكم يا كرام نبأ ذلك اليوم :- بعد انتهاء معركة بدر الكبرى ، حيث علا صوت الإسلام وانتشر ضوءه ، ، ، ودحر الكفر وخبت نوره ، ، ، عادت قريش تحمل حقداً أكبر وبغضاً أشد للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه وانتظم جيشها القرشي في ثلاثة آلاف ، يقود المشاة أبو سفيان ، ويقود الفرسان خالد بن الوليد ( قبل إسلامه ) . . . في حين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس ألف من المسلمين ، تناقص عددهم إلى سبعمائة عندما عاد عبد الله بن أبي زعيم المنافقين . . . . * * * نظم الرسول جيش المسلمين جاعلاً ظهورهم إلى جبل أحد ، ، ، واضعاً خمسين من الرماة فوق إحدى الروابي العالية ليحموا ظهور المسلمين ، ، واحتدمت المعركة ، ، ودارت الدائرة على الكافرين ، وولوا هاربين ، ، ، وراح المسلمون يجمعون الغنائم التي خلفها الكافرون ، ، وترك الرماة أماكنهم ليشاركوا إخوانهم في جمع الغنائم متناسين أمر الرسول لهم ألا يبارحوا أماكنهم مهما تكن نتيجة القتال . . . ! ! ! * * وفجأة . . . . ! ! ! ! ! ماذا حصل يا ترى . . . . ؟ ؟ ؟ وفجأة عاد خالد بن الوليد – وهو قائد فرسان قريش يومئذ – ونفذ كالسهم من الفتحة التي تركها الرماة ، هو والمشركين ، وباغتوا المسلمين ، ودارت المعركة من جديد ولكن هذه المرة لحساب قريش ، التي أعملت في المسلمين القتل والضرب * * * ولكن أين كان حمزة في ذلك الوقت . . . ؟ ؟ ! ! لقد كان وسط الصحابة يقاتل في استبسال وشجاعة ، ، فقد راى لواء قريش ، يحمله (عثمان بن أبي طلحة )، وهو ينشد مباهياً مفتخراً ، فشق الصفوف إليه ، وأرداه قتيلاً ، ومرة أخرى يبصر لواء قريش يرتفع بيد ( أرطأة بن عبد شرحبيل ) ، فيرديه قتيلاً ، ويسقط لواء قريش ، ويعود إلى قلب المعركة ويبلي أروع البلاء ، ثم لا يلبث أن يلحظ مشركاً ينحني فوق راية قريش يريد أن يحملها ، فيكون أسرع إليه من أنفاسه ، فيسكتها . . ! ! * * * حقاً إنه ( أسد الله وأسد رسوله ) كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم إذاً كان كان هذا شأنه رضي الله عنه فمالذي حصل . . . ؟ ؟ ؟ كانت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان بن حرب قد حرضت ( وحشي ) ، وأغرته بالمال والعتق إن هو قتل حمزة ، فقد فقدت يوم بدر أباها وأخاها ، وابنها ، فكانت تحمل الحقد على المسلمين ، وأقسمت على الثأر ،و وقد قالت في أهلها : أبكي عميد الأبطحين كليهما * * * وحاميهما من كل باغ يريدها أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي * * * وشيبة و الحامي الذمار وليدها أولئك آل المجد من آل طاالب * * * وفي العز منها حين ينمي عديدها * * * ونفذ وحشي ، ما طلبت هند بنت عتبة ، . . . . واستشهد حمزة رضي الله عنه ، ، ، وأقبلت هند ، وحمزة رضي الله عنه مضرجاً بدمائه ، فشقت بطنه وأخرجت كبده ، ، فلاكتها ولفظتها وعلت فوق صخرة ، وصرخت بأعلى صوتها : نحن جزيناكم بيوم بدر * * * والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر * * * ولا أخي وعمه وبكري شفيت نفسي وقضيت نذري * * * شفيت وحشي غليل صدري فشكر وحشي علي عمري * * * حتى ترم أعظمي في قبري * * * وهكذا رآه الرسول صلى الله عليه وسلم حين رآه ، ، ، مضرجاً بدمائه ، مبقور البطن ، مجدوع الأنف ، وكان صلى الله عليه وسلم قد أصيب إصابات بالغة فكسرت رباعيته وشج في وجهه وكُلِمت شفتاه ( بأبي أنت وأمي يارسول الله ) لكن كل ذلك كان أهون عليه من أن يرى عمه وأخاه من الرضاعة على هذه الصورة . . . ! ! ! * * * * * وقفة :- وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِريِنَ " [النحل: 126]. " _ أسلم خالد بن الوليد بعد ذلك بعامين ، وقبل فتح مكة بستة أشهر ،، فكان سيف الله المسلول ، وعلى يديه توالت الفتوحات والانتصارات * * * _ كما أسلمت هند بنت عتبة ، في اليوم الثاني بعد فتح مكة وحسن إسلامها ; و اشتركت في الجهاد مع زوجها أبي سفيان في غزوة اليرموك، وأبلت فيها بلاء حسنا ، وكانت تحرض المسلمين على قتال الروم فتقول: "عاجلوهم بسيوفكم يا معشر المسلمين". كما روت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- وروى عنها ابنها معاوية بن أبي سفيان وعائشة أم المؤمنين. وظلت هند بقية حياتها مسلمة مؤمنة مجاهدة حتى توفيت سنة أربع عشر للهجرة. * * * (( نهاية اليوم الخامس )) |
06-05-2009, 10:58 AM | #15 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
( اليوم السادس )
صلح الحديبية لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا " ( الفتح 27 ) * * * إنه يوم تتجلى فيه حكمة الله البالغة التي تبهر ذوي الألباب وتدهش أصحاب النهى إنه يوم امتحان لإيمان الصحابة وصبرهم . . . كان من أهم مزايا هذا اليوم " يوم الحديبية " أنه يأتي في أعقاب غزوة الخندق التي حققت نصراً مذهلاّ للمسلمين ، وهزيمة قاهرة للمشركين . . ولم تزل مشاعر المسلمين تتأجج شوقاً لمكة ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي دخل فيه النبي على أصحابه ليخبرهم برؤياه ، ، ، ! ! ! ولنتابع تسلسل أحداث ذلك اليوم العظيم كما جاءت في كتاب ( الرحيق المختوم ) لصفي الرحمن المباركفوري رحمه الله * * * * * * * عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة 6 هـ سبب عمرة الحديبية ولما تطورت الظروف في الجزيزة العربية إلى حد كبير لصالح المسلمين، أخذت طلائع الفتح الأعظم ونجاح الدعوة الإسلامية تبدو شيئاً فشيئاً، وبدأت التمهيدات لإقرار حق المسلمين في أداء عبادتهم في المسجد الحرام، الذي كان قد صد عنه المشركون منذ ستة أعوام. أري رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وهو بالمدينة، أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطافوا واعتمروا، وحلق بعضهم وقصر بعضهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا، وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر. استنفار المسلمين واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، فأبطأ كثير من الأعراب، أما هو فغسل ثيابه، وركب ناقته القَصْواء، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم أو نُمَيْلَة الليثي. وخرج منها يوم الإثنين غرة ذي القعدة سنة 6 هـ، ومعه زوجته أم سلمة، في ألف وأربعمائة، ويقال: ألف وخمسمائة، ولم يخرج معه بسلاح، إلا سلاح المسافر: السيوف في القُرُب. المسلمون يتحركون إلى مكة وتحرك في اتجاه مكة، فلما كان بذي الحُلَيْفَة قَلَّد الهدي وأشْعَرَه، وأحرم بالعمرة؛ ليأمن الناس من حربه، وبعث بين يديه عيناً له من خزاعة يخبره عن قريش، حتى إذا كان قريباً من عُسْفَان أتاه عينه، فقال: إني تركت كعب بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش ، وجمعوا لك جموعاً، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، وقال: (أترون نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا يكن عنق قطعها الله، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟) فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فروحوا)، فراحوا. محاولة قريش صد المسلمين عن البيت وكانت قريش لما سمعت بخروج النبي صلى الله عليه وسلم عقدت مجلساً استشارياً قررت فيه صد المسلمين عن البيت كيفما يمكن، فبعد أن أعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأحابيش، نقل إليه رجل من بني كعب أن قريشاً نازلة بذي طُوَي، وأن مائتي فارس في قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكُرَاع الغَمِيم في الطريق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة. وقد حاول خالد صد المسلمين، فقام بفرسانه إزاءهم يتراءي الجيشان. ورأي خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون، فقال: لقد كانوا على غرة، لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منهم، ثم قرر أن يميل على المسلمين ـ وهم في صلاة العصر ـ ميلة واحدة، ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف، ففاتت الفرصة خالداً. تبديل الطريق ومحاولة اجتناب اللقاء الدامي وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقاً وَعْرًا بين شعاب، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهري الحَمْض في طريق تخرجه على ثنية المُرَار مهبط الحديبية من أسفل مكة، وترك الطريق الرئيسي الذي يفضي إلى الحرم ماراً بالتنعيم، تركه إلى اليسار، فلما رأي خالد قَتَرَة الجيش الإسلامي قد خالفوا عن طريقه انطلق يركض نذيراً لقريش. وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بثنية المرار بركت راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألَحَّتْ ، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل)، ثم قال: (والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)، ثم زجرها فوثبت به، فعدل حتى نزل بأقصي الحديبية، على ثَمَد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبث أن نزحوه. فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا. ( بُدَيْل يتوسط بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش) ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بديل بن وَرْقَاء الخزاعي في نفر من خزاعة، وكانت خزاعة عَيْبَة نُصْح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تُهَامَة، فقال: إني تركت كعب ابن لؤي، نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العُوذ المطَافِيل ، وهم مقاتلوك وصادَوك عن البيت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا ، وإن هم أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ، ، ، أو لينفذن الله أمره). . . . قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتي قريشاً، فقال: إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولا، فإن شئتم عرضته عليكم. فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته. قال: سمعته يقول كذا وكذا، فبعثت قريش مِكْرَز بن حفص، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا رجل غادر، فلما جاء وتكلم قال له مثل ما قال لبديل وأصحابه، فرجع إلى قريش وأخبرهم. (رسل قريش ) ثم قال رجل من كنانة ـ اسمه الحُلَيْس بن علقمة: دعوني آته. فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها)، فبعثوها له، واستقبله القوم يلبون، فلما رأي ذلك. قال: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فرجع إلى أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أري أن يصدوا، وجري بينه وبين قريش كلام أحفظه. فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رُشْد فاقبلوها، ودعوني آته ، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من قوله لبديل. فقال له عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت لو استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخري فوالله إني لا أري وجوها، وإني أري أوباشا من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، قال له أبو بكر: امصص بَظْر اللات، أنحن نفر عنه؟ قال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت عندي لم أجْزِكَ بها لأجبتك. وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف وعليه المِغْفَرُ، فكلما أهوي عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من ذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي عُذَر، أو لستُ أسعي في غَدْرَتِك؟ وكان المغيرة صَحِبَ قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: (أما الإسلام فأقبلُ، وأما المال فلست منـه فـي شيء) (وكان المغيرة ابن أخي عروة). ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمهم له، فرجع إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على قيصر وكسري والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن تَنَخَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له، وقد عرض عليكم خطة رُشْدٍ فاقبلوها. |
06-05-2009, 10:59 AM | #16 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
( هو الذي كف أيديهم عنكم )
ولما رأي شباب قريش الطائشون، الطامحون إلى الحرب، رغبة زعمائهم في الصلح فكروا في خطة تحول بينهم وبين الصلح، فقرروا أن يخرجوا ليلاً، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين، ويحدثوا أحداثاً تشعل نار الحرب، وفعلاً قد قاموا بتنفيذ هذا القرار، فقد خرج سبعون أو ثمانون منهم ليلاً فهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إلى معسكر المسلمين، غير أن محمد بن مسلمة قائد الحرس اعتقلهم جميعاً. ورغبة فـــي الصلــح أطلـق سراحهم النبي صلى الله عليه وسلم وعفا عنـهم، وفي ذلك أنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] ( عثمان بن عفان سفيراً إلى قريش ) وحينئذ أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث سفيراً يؤكد لدي قريش موقفه وهدفه من هذا السفر، فدعا عمر بن الخطاب ليرسله إليهم، فاعتذر قائلاً: يا رسول الله، ليس لي أحد بمكة من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فإن عشيرته بها، وإنه مبلغ ما أردت، فدعاه، وأرسله إلى قريش، وقال: أخبرهم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عماراً، وادعهم إلى الإسلام، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين، ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة، حتى لا يستخفي فيها أحد بالإيمان. فانطلق عثمان حتى مر على قريش بِبَلْدَح، فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، قالوا: قد سمعنا ما تقول، فانفذ لحاجتك، وقام إليه أبان ابن سعيد بن العاص، فرحب به ثم أسرج فرسه، فحمل عثمان على الفرس، وأجاره وأردفه حتى جاء مكة، وبلغ الرسالة إلى زعماء قريش، فلما فرغ عرضوا عليه أن يطوف بالبيت، فرفض هذا العرض، وأبي أن يطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم. ( إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان ) واحتبسته قريش عندها ـ ولعلهم أرادوا أن يتشاوروا فيما بينهم في الوضع الراهن، ويبرموا أمرهم، ثم يردوا عثمان بجواب ما جاء به من الرسالة ـ وطال الاحتباس، فشاع بين المسلمين أن عثمان قتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغته الإشاعة: (لا نبرح حتى نناجز القوم)، ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعونه على ألا يفروا، وبايعته جماعة على الموت، وأول من بايعه أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات، في أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال: (هذه عن عثمان). ولما تمت البيعة جاء عثمان فبايعه، ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له: جَدُّ بن قَيْس. أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة تحت شجرة، وكان عمر آخذا بيده، ومَعْقِل بن يَسَار آخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}الآية [الفتح: 18] |
06-05-2009, 11:00 AM | #17 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
إبرام الصلح وبنوده وعرفت قريش ضيق الموقف، فأسرعت إلى بعث سُهَيْل بن عمرو لعقد الصلح، وأكدت له ألا يكون في الصلح إلا أن يرجع عنا عامه هذا، لا تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه \ قال: (قد سهل لكم أمركم)، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فجاء سهيل فتكلم طويلاً، ثم اتفقا على قواعد الصلح، وهي هذه: 1. الرسول صلى الله عليه وسلم يرجع من عامه، فلا يدخل مكة، وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً، معهم سلاح الراكب، السيوف في القُرُب، ولا يتعرض لهم بأي نوع من أنواع التعرض. 2. وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض. 3. من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق. 4. من أتي محمداً من قريش من غير إذن وليه ـ أي هارباً منهم ـ رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد ـ أي هارباً منه ـ لم يرد عليه. ثم دعا علياً ليكتب الكتاب، فأملي عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل: أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو؟ ولكن اكتب: باسمك اللّهم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ثم أملي: (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله) فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله فقال: (إني رسول الله وإن كذبتموني)، وأمر علياً أن يكتب: محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله، فأبي على أن يمحو هذا اللفظ. فمحاه صلى الله عليه وسلم بيده، ثم تمت كتابة الصحيفة، ولما تم الصلح دخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب، كما قدمنا في أوائل الكتاب، فكان دخولهم في هذا العهد تأكيداً لذلك الحلف القديم ـ ودخلت بنو بكر في عهد قريش. رد أبي جندل وبينما الكتاب يكتب إذ جاء أبو جَنْدَل بن سهيل يَرْسُفُ في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمي بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لم نقض الكتاب بعد). فقال: فوالله إذا لا أقاضيك على شيء أبداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأجزه لي). قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: (بلى فافعل)، قال: ما أنا بفاعل. وقد ضرب سهيل أبا جندل في وجهه، وأخذ بتلابيبه وجره ؛ ليرده إلى المشركين، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم). فوثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، ويدني قائم السيف منه، يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن الرجل بأبيه، ونفذت القضية. النَّحْر والحَلْق للحِلِّ عن العمرة ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قضية الكتاب قال: (قوموا فانحروا)، فوالله ما قام منهم أحد حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله، أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بُدْنَه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأي الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، وكانوا نحروا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم جملاً كان لأبي جهل، كان في أنفه بُرَةٌ من فضة، ليغيظ به المشركين، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة وللمقصرين مرة. وفي هذا السفر أنزل الله فدية الأذي لمن حلق رأسه، بالصيام، أو الصدقة، أو النسك، في شأن كعب بن عُجْرَة. الإباء عن رد المهاجرات ثم جاء نسوة مؤمنات فسأل أولياؤهن أن يردهن عليهم بالعهد الذي تم في الحديبية، فرفض طلبهم هذا ؛ بدليل أن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بصدد هذا البند هي: (وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته علينا) ، فلم تدخل النساء في العقد رأساً. وأنزل الله في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}، حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقوله تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا...} إلخ [الممتحنة: 12]، فمن أقرت بهذه الشروط قال لها: (قد بايعتك)، ثم لم يكن يردهن. وطلق المسلمون زوجاتهم الكافرات بهذا الحكم. فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، تزوج بإحداهما معاوية، وبالأخري صفوان بن أمية. * * * * (( نهاية اليوم السادس )) |
06-07-2009, 11:08 AM | #18 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
اليوم السابع يوم الفتح : "جاء الحق و زهق الباطل" ...بعد توقيع المعاهدة و رجوع "الرسول" الى المدينة ، تفرغ عليه الصلاة و السلام لتوسيع مجال الدعوة الى الله ، فأرسل رسله الى اقطار الارض حاملين كتبه الى رؤساء الدول و اباطرتها و ملوكها يدعوهم الى الايمان بالله الواحد الأحد. و لقد حافظ "الرسول " على عهد الحديبية محافظة وثقى ، فلم يخل بحرف منها، وحاشاه أن يخل بعهد أو التزام.... و هنا ، في" يوم الفتح" نلتقي بواحد من الأيام العظيمة لرسول الله .. يوم تألقت فيه شمائل" بن عبد الله" و شخصيته الفريدة. يوم الحساب هذا يحوله" الرسول" الى آية كبرى من اخلاقيات النصر .آية كبرى في السمو و التسامح و الرحمة على الانسان و على الحياة . ها هو ذا يدخل عليه في خيمته الرجل الذي قاد كل حروب قريش ضد الاسلام ، يدخل عليه و هو يرتجف اذ رأى سيف "عمر بن الخطاب" يتلمظ به يريد ان يخطف راسه.. و هو وحيد اعزل ، لم يعد معه و لم يعد له جيش العرمرم ، ها هو ذا و لا مطمح له أكثر من ان يحقن الرسول دمه و يحفظ له حياته ..فاذا "رسول الله "تتجلى انسانيته و تتألق في اجراء ما نعرف له نظير.. لقد عز عليه ما بدا عليه "أبو سفيان" من ذلة و مهانة فامر بعض اصحابه أن ينادي :" من دخل المسجد الحرام فهو آمن " "و من دخل دار ابي سفيان فهو آمن " " و من دخل داره فهو آمن" . أي تكريم هذا الذي ما كان ليطوف بخاطر قائد قريش و لو في الأحلام. أين في تاريخ البشر ، جميع البشر ، تسامح كهذا ، سمو كهذا ، جلال كهذا ؟؟ صدق ربنا الأعلى :" انك على خلق عظيم"... كان "رسول الله" قد تكتم نبا خروجه الى مكة و دعا ربه قائلا :" اللهم خذ العيون و الأخبار عن قريش، حتى نبغتها في بلادها .."و كان حرصه على نجاح المفاجأة مظهرا لرحمته الوارفة ، فهو يعلم انه اذا استيقظت قريش على أخبار الفتح قبل انجازه ، فسوف تستعد للحرب و تتهيا ، و عندئذ يكون الصدام المسلح .. الأمر الذي لا يريده "الرسول"و لا يتمناه . و لقد كتب الله للخطة توفيقا و نجاحا باهرين. و فوجئت مكة بعشرة آلاف مسلم ... وفي وهج هذا الانتصار الساحق ، تطل علينا المعجزة بضياء جديد يبهر الالباب .فهذا هو" الرسول " المنتصر تواتيه الفرصة لكي يفرض دينه و تعاليمه ، فاذا هولا يصنع ذلك ابدا .انه كان معنيا بامر واحد ، هو ازاحة مظاهر الوثنية و الشرك و نسف ما وراءهما من باطل و ضلال... كانت قريش لا تزال ترتجف .فصحيح ان الجيش دخل مكة في سلام ، و لكن ماذا بعد ؟؟ ماذا سيصنع" الرسول" و المسلمون بأولئك الذين طاردوهم بالاضطهاد ثم بالحرب طوال عشرين عاما ؟؟ هل سيعاملهم كمجرمي حرب ؟ و على أي شاكلة سيكون القصاص ؟ و نودي الناس ليسمعوا خطاب "رسول الله" .. وعلى باب الكعبة و قف "رسول الله" و استهل خطابه فقال :" لا اله الا الله وحده ، لا شريك له ، صدق و عده ، و نصر عبده ، و أعز جنده ، و هزم الأحزاب و حده " و بعد أن يهلل لله و يكبر و يوحد و يمجد ، يبدأ خطاب النصر الذي ارهقت لسماعه القلوب : "يا معشر قريش ، ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية ، و تعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، و آدم من تراب .. ثم تلا الآية الكريمة "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثى ، و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ، ان اكرمكم عند الله أتقاكم " ثم عاد يقول : "يا معشر قريش ، ما تظنون أني فاعل بكم ؟" و هدرت الجموع الوجلة ، بكلمة واحدة ، كأنما كانوا على اتفاق بترديدها :" خيرا ، أخ كريم ، و بن اخ كريم "و تهلل ثغر "المصطفى ، و قال : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" هذا هو خطاب النصر في يوم النصر العظيم .لم يستغرق سوى دقيقتين أو ثلاث . مجد الله فيها و حمد .. و أعلنت كرامة الانسان الجديد الذي ينشئه الاسلام ، و غمر المذنبون الذين كانوا ينتظرون القصاص و يستحقونه ، بانبل عفو ، و اجمل صفح . هذا هو سلوك "الرسول" و مسلك الاسلام. ان روعة التسامح الذي شهده "يوم الفتح" تتمثل في انه لم يكن مجرد مبدا يقرر و يعلم و يبشر ، بل كان تطبيقا و ممارسة داخل ظروف تكافأت فيها عوامل النجاح و عوامل الاخفاق ..لكن النبوة كانت هناك في شخص "خاتم النبيين "و "امام المتقين" فربح التسامح الموقف بغير منافسة و بغير عناء. و استطاع" الرسول" بتوفيق ربه و نعمته ، ثم بعظمة نفسه و نبل شمائله أن يجعل من "يوم الفتح " هذا شرفا للانسان و نورا للحياة. نهاية اليوم السابع |
06-08-2009, 01:27 AM | #19 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك اخوي ولد صقران
|
06-08-2009, 09:12 AM | #20 |
مشرف سابق
|
رد: عشرة أيام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
اليوم الثامن
يوم حنين : "أعجبتكم كثرتكم ، فلم تغن عنكم شيئا" لعل اصدق وصف لهذا اليوم ان نقول انه كان "يوم الله" ..كان يوم آياته .. و يوم معجزاته.. و يوم التمحيص الذي رد المؤمنين الى ربهم خشعا عارفين . و"يوم الله" الذي تجلت فيه حكمته سبحانه و تعالى في اختيار "محمد بن عبد الله" للرسالة ، و لقيادة البعث الجديد و المجيد الذي اراده الله للعرب خاصة و للبشر كافة. الى الجانب الشرقي من مكة ، كانت تقيم قبيلة من كبريات قبائل العرب ، و من أشدها بأسا و اكثرها تمرسا في الحرب و ضراوة في القتال .تلك هي قبيلة "هوازن" ..نادت اليها قبائل ثقيف و نصر و جشم ، و قرروا أن يبطشوا بالمسلمين بطشة كبرى ، ظانين أنهم اذا قدروا عليهم و انزلوا الهزيمة بهم ، فانهم يرثون كل امجاد مكة و قريش... و تحت إمرة رجل طموح اسمه "مالك بن عوف النصري" خرجت تلك القبائل في اعداد لجبة هائلة من المقاتلين الأشداء و معهم اموالهم و نساءهم و ابناءهم ، ليوحي اليهم انها معركة مصير ... و أرسل "الرسول" أحد أصحابه ليعرف له أنباء القوم و جدية استعدادهم و نواياهم. .و عاد رسوله بصورة واضحة عن الموقف كله وهو موقف قوم يصممون على شن حرب عاتية ضد المسلمين. كان مع "رسول الله" عشرة آلاف ، هم الذين سار بهم الى فتح مكة ، و انضم اليهم ألفان من أهل مكة ، منهم من أسلم يوم الفتح و منهم من بقي على دينه ... كان تعداد الجيش اذن اثني عشر ألفا . عدد كبير يبعث الزهو ، لاسيما و المسلمون قد فتحوا بالامس القريب البلد الذي كان عاصمة الوثنية في الجزيرة كلها و مركز المقاومة الضارية للاسلام و جماعته . هنالك ازدهاهم النصر و العدد الكبير و قالوا :" لن نغلب اليوم من قلة" . قلة و كثرة ، ما لجند الله و هذا الحساب ؟ لقد و ضعوا قوتهم لذاتية في الميزان ، بينما الميزان كله بيد الله ، وليس في كفته الراجحة سوى فضل الله على رسوله و على المؤمنين . كان وادي "حنين" الذي دارت فيه المعركة كثير الأغوار و المضايق و المنحدرات . ولقد سبقت "هوازن" و حلفاؤها الى الوادي ، و كمنوا في شعابه . و جاء المسلمون ليحتلوا الوادي ، دون ان يعرفوا أن عدوهم قد سبقهم اليه . و حين بلغوه ، كان الصبح يتنفس و يبعث بشائر ضوئه في خفوت . و بينما المسلمون ينسابون باعدادهم الكثيرة فوق منحدرات الوادي ، اذا النبال و الحراب و السيوف ترشهم في بغتة مزلزلة ، اوقعت في صفوفهم من الفزع و الهلع ما لم يصابوا به في "يوم احد" الرهيب . و هكذا اراهم الله الخبير العليم أن كثرتهم لم تغن عنهم شيئا و أنه ليس من حقهم أن ينسوا ما نزل به الوحي على رسولهم " و ما النصر الا من عند الله" . لقد لقنهم هذا الدرس في أوانه ، وانتقل بهم في نفس اللحظة الى درس آخر جديد .ذلك أنه حين اضطربت صفوفهم ، و ولوا راجعين بعيدا عن المنحدر العريض الذي فاجأتهم "هوازن" من مكامنه ، وقف "الرسول" و حده في ثبات يصعب تصوره ، و قف ينادي بأعلى صوته غير محاذر أن يدل الصوت اعداءه عليه : "الى أين أيها الناس ، هلموا الي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله ، أنا النبي لاكذب أنا بن عبد المطلب" .لم يكن معه و لاحوله آنئذ سوى "أبي بكر" و "عمر بن الخطاب" و "عمه العباس" و ابن عمه "علي" و "اسامة بن زيد" و "أبي سفيان بن الحارث" و "ابنه" و "الفضل بن العباس" و أخيه "قثم" و "ربيعة بن الحارث" و "أيمن بن عبيد". أجل بقي الرسول وحده ، وسط هؤلاء العشرة او الاحد عشر من اصحابه ، في قلب المنحدر الرهيب الذي برزت منه فجأة مئات المحاربين من هوازن تخفق فوق رؤوسهم راياتهم السوداء ، و تمتلىء أيديهم بسيوف الموت و حراب المنايا . ثبت "الرسول "في الموقف الرهيب ليكون ثباته آية يزجيها القدر على انه في كل غزواته ، لم يكن يستمد شجاعته من جيشه ، بل الجيش هو الذي يستمد الشجاعة و الثبات منه.هذه الحقيقة التي عبر عنها أصدق تعبير الامام "علي " كرم الله و جهه حين قال :" كنا اذا اشتد القتال و حمي الوطيس ، احتمينا" برسول الله" . و أمر "الرسول "عمه "العباس" و كان جسيما جهوري الصوت أن ينادي ، فصاح : "يا معشر الأنصار ، يا اصحاب البيعة" . و صدحت نداءات "الرسول "و عمه في آذان الذين شتتهم مفاجاة هوازن ، فانقلبوا راجعين كالجبال يطحنون المنحدر طحنا ، و راحت سيوفهم و نبالهم و رماحهم تحاصر هوازن و حلفاءها بالموت و الاسر ، و صاح "الرسول " في حماس و ابتهاج :" الآن حمي الوطيس" . و راحت خيل الله تصهل و هي تطا بأظلافها القاهرة خيل االلات و خيل هوازن.و تم الدرس الثاني من دروس "حنين" بنجاح .. و بعد حين قريب سيسجل الوحي ببعض أياته هذه الظاهرة فيقول :" و يوم حنين ، اذ اعجبتكم كثرتكم ،فلم تغن عنكم شيئا، و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ، ثم وليتم مدبرين . ثم انزل الله سكينته على رسوله ، و على المؤمنين ، و انزل جنودا لم تروها ، و عذب الذين كفروا ، وذلك جزاء الكافرين" . لقد تجلى في هذا المشهد من أي جوهر فريد يختار الله رسله.. و يتجلى ثبوت الإلهية و عملها .. فمن ذا الذي عصم "رسول الله" من موت محقق و قد صارو حيدا بين مئات السيوف و النبال و الرماح؟... لقد أسفر القتال عن كثرة كاثرة من قتلى المشركين و ستة آلاف اسيرو بحر زاخر من الغنائم و الأسلاب و فر قائد الجيش ومعه مجموعة من المنهزمين حيث احتموا وراء حصون الطائف ، فلحق بهم جيش الإسلام و ضرب حول الطائف حصارا محكما ... و لم يكد "الرسول يدرك انهم قد ملوا سلاحهم ، و أمسوا اعجز من ان يعودا للقتال حتى اتخذ موقفا جديدا ينقلنا الى المكرمة الثالثة من مكارم "يوم حنين "و دروسه و امجاده..لقد أمر برفع الحصار عن الطائف بعد ان لبث قرابة عشرين يوما ... اهذا رسول حرب و عنف ؟ إن "يوم حنين " يعطينا أصدق تبيان و تفسير لقضية الإسلام و الحرب و لأخلاقيات الإسلام في الحرب ، ليس فقط لما شهده ذلك اليوم من مشاهد الصفح و النبل و السمو ، بل قبل ذلك لموقف المشركين في ذلك اليوم المثير.. ويوشك "يوم حنين "ان يشارف نهايته التي نلتقي عندها بعجيبة أخرى من عجائبه العظام . لقد كان "الرسول "مصمما ان يجعل من هذا اليوم "يوم الله" .لقد رأى نصر الله يتجسد امام عينيه فلم يدركيف يشكر ربه العلي الكبير .لقد انتهت معركة حنين بنصر و كل حرب تنتهي بنصر تطرح على الفور مشاكل السلام و أولى هذه المشاكل " غنائم الحرب" ... و كان هناك آلاف من الإبل و الغنم ، تملا الاعين وتسيل اللعاب .. و بينما المسلمون الاوائل يتطلع كل منهم الى قسمه و نصيبه اذا "برسول الله" ينادي المؤلفة قلوبهم من مسلمة الفتح الذين لا يزال إسلامهم على شفة المنفعة والنكوص، فيعطيهم من الغنائم بغير حساب ، حتى اذا بقي منها القليل ،راح يوزعها على فقراء المهاجرين . اما الأنصار و المسلمون الأوائل و الكبار ، فقد فوجئوا بالغنائم تزاور عنهم الى الآخرين.وكانت مفاجأة لم يعودهم "الرسول" على مثلها من قبل، و في زحمة النصر و الناس و الغنائم، لم تأت الفرصة ليـعطي تفسيرا لما حدث ،فكان طبيعيا ان يكون الموقف موضع تساؤل ،بل و احساس بالأسف و المرارة لاسيما من الأنصار الذين لم تصب الغنائم منهم أحدا ... ودخل زعيم الأنصار"سعد بن عبادة" خيمة "رسول الله" فقال :" يا رسول الله ، ان هذا الحي من الأنصار قد و جدوا عليك في انفسهم لما صنعت في هذا الفيء" .قال الرسول :" فأين أنت من ذلك يا سعد ؟" قال سعد : " ما أنا الا من قومي ". فأمره "الرسول ان يجمع له الأنصار ، فجمعهم "سعد "حيث خرج اليهم "الرسول" و قام فيهم يحدثهم ، فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال : "يا معشر الانصار ، مقالة بلغتني عنكم ، وجدة و جدتموها علي في أنفسكم ؟ .. الم آتيكم ضلالا ، فهداكم الله ، و عالة فأغناكم الله ، و أعداء ، فألف الله بين قلوبكم ؟ "أجاب الأنصار هاتفين :" بلى الله و رسوله امن و أفضل " و استأنف "الرسول" حديثه فقال :" ألا تجيبوني أيها الأنصار ؟ "قالوا و قد بلغهم الحياء : "بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ فلله و لرسوله المن و الفضل " قال "الرسول " : "أما و الله ، لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم و وصدقتم ، أتيتنا مكذبا ، فصدقناك ، و مخذولا ، فنصرناك ، و طريدا ، فآويناك ، و عائلا ، فآسيناك. اوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا و وكلتكم الى اسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير ، و ترجعوا أنتم الى رحالكم برسول الله ؟ . فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار . و لو سلك الناس شعبا ، و سلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، و ابناء الأنصار ، و ابناء أبناء الأنصار.." لم يكد الأنصار يستمعون الى هذه التحية الماجدة ، ينثر عليهم زهورها الصادق الأمين عليه صلاة الله و سلامه ، حتى فاضت أعينهم من الدمع ،و علا نشيبهم و بكاؤهم... وهكذا ، ترك الغنائم التي تفتن الألباب تذهب الى المؤلفة قلوبهم من حديثي الإسلام ، بينما ترك للسابقين الاولين من المهاجرين و الأنصار مثوبة الله و رضوانه ، و فردوس الإيمان و جنانه... نهاية اليوم الثامن |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
الرفق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم | ابو طلال* | منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) | 12 | 10-29-2020 06:41 PM |
الجانب العاطفي فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم | بنت ابوحامد | الأسرة السعيدة والمجتمع | 11 | 06-11-2009 04:19 PM |
ملف كامل عن حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم | عبدالله حوفان | منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) | 12 | 05-30-2009 05:16 PM |
قبسات مشرقه من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجيه | بوسعد الشمراني | المنتدي الاسلامي | 6 | 01-29-2008 07:23 AM |