هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

وقلبي لرؤياكَ باتَ ينادي
يذوبُ اشتياقًا أزينَ العبادِ

يتوقُ لنظرةِ عطفٍ ووُدٍّ
وجملةِ حبٍّ تكونُ ضِمادي

وروحي تتوقُ لسلوى وبشرى
بتحقيقِ نصرٍ وفتحِ البلادِ

فقد أتعبتْ فكريَ المعمعاتُ
ومن هولها قد عَدِمتُ رُقادي

أيغمَضُ جَفنيْ رجاءَ اللقاءِ
أمِ الكربُ يرهقني بالسُّهادِ

فروحيَ ظمأى وأنت الرَّواءُ
وأنتَ منارُ الهدى لفؤادي

فياليتني كنتُ جذعًا تفانى
لتحنو عليهِ أحنُّ الأيادي

فيسكنُ من لمسةٍ من يديكَ
فيا سعدَهُ حازَ لمسةَ هادي

ولن ينسَ يومًا لقاءكَ قلبي
برؤيا أعادتْ ليَ الشوقَ بادي

فيا لَاشتياقيَ هامَ اشتياقًا
للقياكَ دومًا بكلِّ الودادِ

أحبُّكَ حُبًّا يفوقُ المعاني
فكيفَ سيُسْعفنيْ إِجتهادي

فياربِّ فامنُنْ عليَّ لِقاهُ
وجازِ الودادَ بنيلِ المُرادِ

وصلِّ وسلِّم وبارك عليهِ
نبيُّ الفتوحِ ومُعلي الجهادِ

بِعَدِّ النجومِ وغيثِ الغيومِ
وما ناحَ طيرٌ وغرَّد شادي

وما بلَّ دمعُ اشتياقي حروفي
وما باتَ قلبي حنينًا ينادي

اللهم صل وسلم على نبينا محمد

سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ ماكُنْتَ جَاهِلًا
ويأتِيكَ بالأخْبَارِ من لم تزودِ

طَرَفةُ بن العبد

وَمَنْ يَأمَنِ الدَّهْرَ الفُتُونَ فَإِنَّني
بِرَأي الذي لايَأْمَنُ الدَّهْرَ مُقْتدِ

حسان بن ثابت

لقد كنتِ أحلامي إذا الليل ضمَّنِي
وكنتِ إذا ما الفجرُ أيقظني رَوْضِي

يناجِيكِ طيرٌ في الضُّلوعِ بلحنِهِ
لقد عاشَ في سِحْرٍ وقد عشتِ في خَفْضِ

وكنتِ على ورد الخمائل زِينةً
وكان بشيرَ الفجرِ في الفَننِ الغضِّ

فأصبحتِ لاخيرا فيُرجى ولا لَقًى
فيُلقى ولستِ من سمائي ولا أرضي

محمود شاكر

فلو كنتِ ريحًا كنتِ رائحةَ الصَّبا
بريحِ خُزامى عالج بلَّها القَطْرُ

.....

وتنامُ في حزنٍ وهمك جاثمُ
وتُسيءُ ظناً بالذي هو قادمُ

أوَما علمتَ بلطفك ربك يافتى
فلكم أتاكَ وأنت ساهٍ نائمُ

فدعِ الأمورَ فكلها مكتوبة
أرحِ الفؤادَ بأنً ربكَ عالمُ

.....

يُدمدِم الحبّ على قلبه
كأنهُ في نفسِه ينهدِم

برجفةٍ حاملها لم يزَل
ممزقاً في القلبِ لايلتئِم

الرافعي

يأبىٰ الكَريمُ وَإنْ لَجَّت حَوَائِجُهُ
أنْ يَستظلَّ لدىٰ ذِي مِنَّةٍ كَنَفَا

كَيْ لَايُعَارَ ثيابًا ثم يُخلَعها
أو يُستذَلَّ وقد كانَ امرءًا أنفَا

.....

ياغائباً ملأَ اللحودَ ورودا
وبِذِكْرِهِ عَمَرَ الفناءَ خلودا

بالأمس كنتَ على حروفي دمعةً
فجعلتُها حِبْرَ الرثاء قصيدا

وغفوتُ حيناً ثم جئتَ تزورني
رؤيا لأغلى من عرفتُ فقيدا

مُتَبَسِّمَ الأنوار تنفثُ بِشْرَها
عِطراً أضاءَ ليَ الظلامَ فريدا

وشكرتَني وقَبِلْتَ عُذري بعدما
آيسْتُ أنْ تُعطي الحياةُ مُريدا

كم في الحياةِ يَضِّنُ عنّي أهلُها
وأراكَ تُعطي في الممات مزيدا

لله درّكَ زائراً في غيبةٍ
مازال يخشى أن أبيتَ وحيدا

عبدالإله الثقفي

كان للشاعرة الأديبة عائشة التيمورية
بنت اسمها «توحيدة»
جمع الله لها جمال الخَلْق
وسمو الخُلق
بلغت ثماني عشرة سنة وتزوجت
فما مر على عرسها شهر
حتى أصابها مرض مفاجئ فماتت
وروعت عائشة الصدمة وشدهتها
ولم تستطع التصبر
ونسيت كل شيء إلا ابنتها
قالت فيها قصائد تبكي الصخر
وتحرك الجماد
وأثر طول البكاء في عينيها
فلم تعد تبصر
ثم ألهمها الله الصبر بعد سبع سنين
وشفي بصرها
ولكنها لم تنس ابنتها أبداً
ومن أروع ماقالت هذه القصيدة
منها:

اِن سالَ مِن غَرب العُيونِ بُحور
فَالدَهرُ باغ وَالزَمان غَدور

فَلِكُلِّ عَين حَق مدرار الدِما
وَلكل قَلب لَوعَة وَثُبور

سَتر السنا وَتحجبت شَمسُ الضُحى
وَتَغيبت بَعد الشُروق بدور

وَمَضى الَّذي أَهوى وَجرعني الأسى
وَغَدَت بِقَلبي جذوة وَسَعير

يالَيتَهُ لِما نَوى عهد النَوى
وافى العُيون مِنَ الظَلام نَذير

ناهيكَ مافَعَلت بِماء حَشاشَتي
نار لها بَينَ الضُلوعِ زَفير

إلى أن قالت :

قَسمًا بغض نَواظِر وَتَلهفى
مُذ غابَ إنسان وَفارق نور

وَبِقُبلَتي ثَغرا تَقضى نَحبه
فَحَرَمت طيب شَذاهُ وَهُوَ عَطير

وَاللَهُ لا أَسلو التِلاوَةِ وَالدعا
ماغَرَّدَت فَوقَ الغُصون طُيور

كَلا وَلا أَنسى زَفير توجعي
وَالقَد مِنكَ لَدى الثَرى مَدثور

اِنى أَلفت الحُزنَ حَتّى إِنَّني
لَو غابَ عَنّي ساءَني التَأخير

قَد كُنتُ لا أَرضى التَباعُد بُرهَة
كَيفَ التَصَبُّر وَالبِعادُ دُهور

أَبكيكَ حَتّى نَلتَقي في جنة
بِرِياض خُلد زينَتُها الحور