هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

ياغائبينَ وفي قلبي أشاهدهم
وكلّما انفَصَلوا عن ناظري اتّصَلوا

قد جدّدَ البُعدُ قرْباً في الفؤاد لهمْ
حتى كأنهمُ يومَ النوى وصلوا

أنا الوفيُّ لأحبابي وإنْ غدروا
أنا المقيمُ على عهدي وإن رحلوا

.....

وتأبى النَّفسُ أنْ تهجُو لَئيماً
فبعضُ النّاسِ يَرفَعُها الهِجاءُ

.....

شيءٌ مِن الإعجازِ يَحدُثُ بينَنا
وكأنّ لي رُوحاً ورُوحُكَ ظِلُّها

أتظنُّني أبديتُ كلَّ صَبَابتي
هذا الذي أجرَى الدموعَ أَقَلُّها

لِلناسِ عُشْرُ الحُبِّ يقتسمونَهُ
مابينَهمْ ولنا البقيةُ كُلُّها

.....

بلغ سلامي لمن مازلت احسبهم
على مودتنا في البعد بل زادوا

إن عاتبوني عرفت الحب يدفعهم
وإن عتبت على ما قصروا عادوا

فلا افارقهم حتى تفارقني
نفسي ويتعبني بالشوق إبعادي

.....

مع البرد يزداد الحنين إلى الدفءٍ
ويمشي بجوف القلب جرح توقفا

وتنهال من عين الليالي قصيدتي
فيرجع من أوجاع روحي الذي اختفى

ويحملني نحو الأغاني موشح
يموسق في قلبي حنينا الى الصفا

....

رأيت فيك حياتي كلها أملا
فكيف في لحظة حولتِها يأسا

وكيف أصبحتي جرحا نازفا ألما
من بعد أن كنتِ طِبا يسعد النفسا

ما طال عهدك في قلبي فكيف له
أن يقلع الآن منه البذر والغرسا

أحببت فيك فؤادا كلما نبضت
دقاته فكأني أسمع الهمسا

أحبك الان أو من بعد فرقتنا
فإن حبي لايفنى ولا يُنسى

.....

إذا كان هذا الحب جرحا فإنني
أرى كل جرحٍ منكِ في كبدي وردا

وإن كان هذا البين فرضا فإنني
قضيت حياتي كلها اشتكي الوَجْدا

وإن كان ذنبي أنني كنت صادقا
فياليت أني كنت أكذبنا وعدا

يفوز بهذا الدهر من كان كاذبا
ويخسر من للصدق منطقه مدا

سلام على حبي النقي فليس لي
من الحب إلا أن يحملني الصدا

وحيد كنجم في سماء بعيدة
أضيء ومن حولي الظلام قد اشتدا

كأني في الدنيا غريب وغربتي
لأني في فكري وفي نغمي فردا

.....

قُل للتي بلغَ النصاب جمالها
إن الزكاة عن الجمال تَبسُمُ

أدي إليّ زكاة حسنك واعلمي
أن الأداء إلى سواي مُحرّم

.....

لامشفقٌ حولي ولا إشفاقي
إلاّ المنى والكوخ والإخفاقُ

البرد والكوخ المسجّى والهوا
حولي وقلبي والجراح رفاقُ

وهنا الدجى يسطو على كوخي كما
يسطو على المستضعف العملاق

فلمن هنا أصغي وكيف وما هنا
إلاّ أنا والصمت والإطراق

أغفى الوجود ونام سمّار الدجى
إلاّ أنا والشعر والأشواق

وحدي هنا في اللّيل ترتجف المنى
حولي ويرتعش الجوى الخفّاق

وهنا وراء الكوخ بستان ذوت
أغصانه وتهاوت الأوراق

فكأنّه نعش يموج بصمته
حلم القبور ويعصف الإزهاق

نسي الربيع مكانه وتشاغلت
عنه الحياة وأجفل الإشراق

عريان يلتحف السكينة والدجى
وتئنّ تحت جذوعه الأعراق

واللّيل يرتجل الهموم فتشتكي
فيه الجراح وتصرخ الأعماق

والذكريات تكرّ فيه وتنثني
ويتيه فيه الحبّ والعشاق

تتغازل الأشواق فيه وتلتقي
ويضمّ أعطاف الغرام عناق

والناس تحت اللّيل هذا ليله
وصل وهذا لوعة وفراق

والحبّ مثل العيش هذا عيشه
ترف وهذا الجوع والإملاق

في الناس من أرزاقه الآلاف أو
أعلى وقوم ما لهم أرزاق

هذا أخي يروى وأظما ليس لي
في النهر لا حقّ ولا استحقاق

البردوني

سَلُوني كيفما شِئتم سلوني
وقولوا ما أردتم واسمعوني

فإن كان الغرامُ بها جنوناً
فمرحى ألف مرحى بالجنونِ

إذا ما يمَّمَتْ بالسير درباً
سلكتُ لوصلِها درب المنونِ

سأجعلها بجوف القلب نبضي
وأحفظها بحبٍ في جفوني

إليها في الهوى وجَّهت وجهي
وفي محرابها صَلّت عيوني

فمهما عِشتُ لن أهوى سواها
ومهما صار لن تحيا بدوني

.....