هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏يامن خزائن رزقه في قول كن
امنُن فإن الخير عندك أجمع

مالى سوى قرعي لبابك حِيلَةُ
ولئن طُرِدتُ فأي بابٍ أقرَعُ

.....

سُبْحانَ مَنْ بَدَأَ الخليقة بالقلم
وبه تأسَّسَتِ المعارف والكَلِم

هو كاتب الأقدار قبل وقوعها
يا حكمة الرحمن في كُلِّ النَّعَمْ

هي خير ميراث وزاد للأمم
إنَّ المكارم والمعارف والتقى

فعبادة الرحمن مقدام الهُدَى
وتقى النفوسِ مِنَ المَهالِكِ كَالأُجُمْ

سبحانه

نُلاقي في دروب العمرِ همًّا
وتُطوينا الليالي في جهاد

وما دُنيا الفتى إلّا سراب
يُطاردُهُ ويروى وهو صادي

وما هيَ غيرُ أيّامٍ سِراعٍ
تُساقُ إلى الفَناءِ بلا عِتادِ

كأنّ الوقت مركبه هزيل
تلاطَمُهُ الرِّياحُ بلا وِداد

لعلّ الموتَ للأجسامِ نومٌ
وأنَّ العيشَ حتمًا كالسُّهادِ

.....

فوّض لِمن وسِعت ألطافه أُمماً
‏ نِعم الوكيل ونعم العون والمدد

سبحانه

عطفت بالشعر ضبياً زادني شغفا
وجئت اصطاده فاصطادني سلفا

أذاقني في الهوى كأساً غصصت بها
وزارني في الكــرا يستطلع الهدفا

اشــار نحوي بنقش الورد في يده
فقلت هذا الذي قــد زادني كلفا

احاطنــي وسقانــي من مراشفه
وشــق ثوبــي وأحيــا ليلنا وكفى

حلفت واستوثق المحبوب من قسمي
بأن قلبــي لغيــر الطيف ما رجفا

ما إن تيقــن أن القلب مملكــة
حتى بناها بحصن الشوق وانصرفا

نوى الرحيل فأعلى سقف مطلبه
ثم أنثنى ناصحا أن أبتغي خلفا

من ذاق يا سيدي من ثغركم رُطباً
فكيف بعد الحلا يستعذب الحشفا

ومن فرشت له في الصدر متكئاً
على نهودك هل يستوثر الزغفا

ما دام قلبك يأبى أن يميل لنا
فقل وافصح فقد أبديت لي طرفا

نعم انا عاشق قد شاب مفرقه
ولم أعد شاعراً يستوقف الهجفا

لكن قلبي يرى في الطيف فاتنةً
تعيده للصبا شوقاً بها هتفا

.....

يا شادي البان ما أشجاك أشجانا
إن الذي أسقاك شوق قبلك أسقانا

كأس من الصاب والآلام مترعة
من لي بكأس إليها كنت ظمآنا

كأس من الوصل أضحى من ترشفها
قرير عين بمن يهواه نشوانا

إن أنس لا أنس يوما قلت يا أملي
متى تجود بوصل قلت لي الآنا

أسقاني الوجد من حرى مراشفه
وما ارتويت وأضحى القلب سكرانا

حين انتهينا وطيف الحب ثالثنا
وأعين البدر من علياه ترعانا

همنا بآفاق حب لا حدود لها
وبثنا الشوق إشفاقا وتحنانا

أنساني الوصل ما لاقيت من زمني
في سالف العهد آلاما وهجرانا

يا مبعث الطهر يا أصل الجمال ألا
أرجو من الدهر إرجاع الذي كانا

لا تستمع للذي قد قال خانكم
فإن في قوله زورا وبهتانا

مهما يزور فإني ما سلوتكمو
وكيف يسلى زمان الحب مذ كانا

وما يزال منى روحي وبغيتها
ومن يحب فؤاد عاد أسوانا

.....

وكم اقسمت اني حين يأتي
ساعتب بل ساقسو في العتاب

وما ان التقيه فليس يبقئ
سوئ فرحتي وصمتي واضطرابي

.....

أتخدعكَ الحياةُ وأنتَ تدري
بأنًَكَ راحلٌ عنها وذاهبْ

وتلهثُ خلفَها فتزيدُ بعداً
كشرطيَّ ولصَّ فرَّ هاربْ

وما الدنيا سوى لعبٍ ولهوٍ
فسدَّدْ واجتهدْ فيها وقاربْ

ولا تحزنْ لنازلةٍ ألمَّتْ
وثقْ دوماً بأنًَ اللهَ غالبْ

وأنَّ الحقَّ منصورٌ وباقٍ
وإنْ كثرتْ بساحتِنا المذاهبْ

.....

جاءَ المَساءُ بِرَهبَةٍ متّمرِّدا
والشمسُ ألقَت عَن غَلائلِها الرِّدا

هبَطَتْ لتأخذَ في الظَّلامِ سَكينَةً
وتَهيأتْ لِبَياتِها خَلفَ المدى

مسَحَتْ بِقُطنِ الغَيمِ أحمرَ وَجهِها
ورَمَت على المَوجِ الأشعَةَ عَسجدا

والبَحرُ ساجٍ تَشتَهي موجاتُهُ
طعمَ الرّمالِ وشاطِئاً مُتَمَدِّدا

حلَّ المَساءُ مُسَطِّراً أبديَّةً
فِيها النِّهايَةُ بَعدَ نَبضِ المُبتدا

فيها المَواتُ لِكُلِّ حيِّ ما خَلا
رَبَّ العِبادِ القادِرَ المُتَفَرِّدا

جاءَ المَساءُ يجُرُّ لَيلاً مُعتِماً
بِظلامِهِ يُلقِي وشاحاً أسوَدا

تُؤوي زَواياهُ العُيونَ وخَتلَها
وتُعيدُ بينَ المُغرَمين المَوعِدا

وتَشُكُّ مِن دُرَرِ النُّجُومِ قَلائداً
وتَصُرُّ مَندِيلاً لِتَفتَحَهُ غدا

حتّى إذا ما البَدرُ شَقَّ سَماءَهُ
أهدى التُّخُومَ بَريقَهُ المُتَبَدِّدا

والمَوجُ يَحضِنُ مِن سَناهُ جدائلاً
تَدنُو إلى الشُّطآنِ كَي تَتودَّدا

جاء المَساءُ يزُفُّ ذاكِرَةَ الحنِينِ
يجُرُّ أنواءَ الصَّبابَةِ أبعَدا

ويُكَثِّفُ الأطيافَ يغتَرِفُ المُنى
مِن مَنبَعِ النِّسيانِ حِينَ تجَمَّدا

اللَّيلٌ يقصُرُ للخَليِّ بِنَومِهِ
ويَراهُ ذُو اللُّبِّ المُسَهَّدُ سَرمَدا

جاءَ المَساءُ ولُحتِ لي أيقُونَةً
في خاطِري يَومَ ابتَدأتِ الأبجدا

يَومَ اختَرقتِ ظفائرَ الشَّمسِ التي
رَشَفَ الأصيلُ ضِياءَها مُتَعمِّدا

قَد كانَ يَوماً بالخَريفِ مُجفَّفاً
فَغدا رَبيعاً والمَساءُ تَوَرَّدا

.....

الحزن يُظلِمُ أنفساً فيُضلُّها
عن منظر اللَه العلي على الورى

فتظلُّ تخبط في قنوطٍ موبِقٍ
فتَعافُ أن تقرا وأن تتذكرا

فيَصُدُّ عنها كلُّ حُسنِ عبادةٍ
حتى تظن بأنها لن تَظفرا

فكأنها وكأنه في ضمنها
دودٌ يَشُدُّ بنابه أن يَنخَرا

حتى يراها لا تروم وداعةً
وكذاك لا ترضى الكلام الأطهرا

فارضَى بحزنٍ ترتجيه بتوبةٍ
تظفرْ بطيب النفس منه بلا مرا

.....