هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

بَدِيعَ الْحُسْنِ كَمْ هَذَا التَّجَنِّي
وَمَنْ أَغْرَاكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنِّي؟

حَوَيْتَ مِنَ الرَّشَاقَةِ كُلَّ مَعْنًى
وَحُزْتَ مِنَ الْمَلَاحَةِ كُلَّ فَنِّ

وَأَجْرَيْتَ الْغَرَامَ لِكُلِّ قَلْبٍ
وَوَكَّلْتَ السُّهَادَ بِكُلِّ جَفْنِ

وَأَعْرِفُ قَبْلَكَ الْأَغْصَانَ تُجْنَى
فَيَا غُصْنَ الْأَرَاكِ أَرَاكَ تَجْنِي

وَعَهْدِي بِالظِّبَا صَيْدٌ فَمَا لِي
أَرَاكَ تَصِيدُ أَرْبَابَ الْمُجَنِّ

وَأَعْجَبُ مَا أُحَدِّثُ عَنْكَ أَنِّي
فُتِنْتُ وَأَنْتَ لَمْ تَعْلَمْ بِأَنِّي

ظننتُ بكَ الجميلَ وأنتَ أهلٌ
بحقكَ لا تخيب فيكَ ظني

ولو أضحى على تلفي مُصِرًا
لقلتُ مُعذِّبي باللَّهِ زِدْنِي

فَلَا تَسْمَحْ بِوَصْلِكَ لِي فَإِنِّي
أَغَارُ عَلَيْكَ مِنْكَ فَكَيْفَ مِنِّي

وَلَسْتُ بِقَائِلٍ مَا دُمْتُ حَيًّا
بَدِيعَ الْحُسْنِ كَمْ هَذَا التَّجَنِّي

.....

أما زالَ الفؤادُ لنا وزُلْنا
بنفس القدر أمْ هُنَّا وُزِلْنَا

فلمْ أعلمْ قطيعتنا علاما
ومَنْ منّا على الثاني تجَنّى

فوا أسفي على حُبٍّ توُلى
وآخِرِنا نعودُ كما بَدأْنا

وأشواقٌ بظهرِ الغيبِ ماتتْ
كما ضاعتْ أمانينا وَضِعْنا

تَعاهدْنا بأنَّا لا نجافي
عهوداً قدْ قَطَعناها وخُنا

ونقضُ العهد والميثاق مرٌّ
ولكنَّا بِلا شكٍ جُبِرنا

وأعواماً مضَتْ والحالُ باقي
بلا وصلٍ غريبينِ افترقنا

.....

قالوا عشقت وقد جفاك ولم تزل
تهواه قلت ولو أطال عتابي

قالوا كتبت الشّعر قلت لأجله
ما كان يروى في سواه كتابي

لو كنت أستاذا بمدرسة الهوى
لوددته لو كان من طلابي

حتّى أراه بكل يومٍ ها هنا
في الفصل أسمعه جميل خطابي

فله وفاء القلب رغم جفائه
أهواه لو عمداً يريد عذابي

سألوا وما الأسباب قلت بدونها
فمتى الهوى يحتاج للأسباب

من وقتها سكتوا وذا من عادتي
أن أُخرس العذّال عند جوابي

.....

ميلي برأسك ِ فوق صدري واسمعي
دقات ِ قلب ٍ غيرَ حبِّك ِ لا يَعي

كلُّ اللواتي زرْنهُ غادرنه
لمّا رأينك ِ تسكنين بأضلعي

لا تحرميني مِنْ عبيرك ِ والندى
يكفي عذابي في النوى وتوجِّعي

لا تحسبي أني عشقتك ِ لاهيا
لا والذي أجرى بخدي أدمعي

أنت ِ التي قالت أحبكَ ليلة ً
فلقيتُ فيها دون وعي ٍ مَصرعي

فصحوتُ والدنيا تدورُ بأعيني
والدمعُ بَلّلَ تحت خدي مخدعي

عيناي في عينيك ِ يمضي ليلها
فضعي عيوني في عيونك ِ وازرعي

مدِّي يمينك ِ بالندى يا وردتي
فلقد شكوتُ إلى الفرات ِ تلوّعي

أهوى العراق شمالَه وجنوبَه
فلذا رأيتك ِ في الجهات ِ الأربع ِ

أهواك ِ لا أخشى ملامة َ لائم ٍ
والشعرُ يشهدُ أنني لا أدَّعي

هذا فؤادي دون سيفك ِ فاضربي
وخذي وتيني إنْ كَذبْتُك ِ واقطعي

سأطيرُ في فَلَك ِ السماء ِ مُغردا
لو مسَّ ظفرَك ِ ذات يوم ٍ إصبعي

بالأمس ِجاء ليَ الفرزدقُ شاهدا
وأتى جريرٌ في ركاب الأصمعي

نظروا إلى قلبي فقالوا عاشقٌ
وكذا رأوك ِ مقيمة ً في مَدمعي

قد وقّعوا أنّي أُحبّك صادقا
فخذي كتابَ العارفين ووقّعي

.....

كتفاي عرشك فاجلسي وتربعي
وعن الحسان جميعهن ترفعي

الكبرياء على جبينك لائق
فتكبري ما جاز ان تتواضعي

هذا فؤادي في الطريق فرشته
فاذا شكئ او صاح لا تتوجعي

ما صاح من الم فؤادي انما
من رقة الاقدام فوق الاضلعي

هذا الشموخ العنجهي احبه
فاذا نصت بتركه فتمنعي

تهتز كل خلية بداخلي
لما يلامس وقع خطوك مسمعي

شرف لهذه الارض مشيك فوقها
ان تحرميها خطوة تتصدع

لا تحرمي المتلهفين لنظرة
وببسمة اياك ان تتبرعي

سيري ولا تتلفتي فعيونهم
تمشي وراءك في الطريق فاسرعي

اخشئ عليهم منك لا اخشى على
خطواتك الصما من متتبعي

انت المليكة فاحكمي وتحكمي
وبغير كل ولائنا لا تقنعي

من غير جند انت اقوئ فاتح
وقلوبنا ترجوك ان تتوسعي

شقي القلوب بسيف حسنك واعلمي
ان العذاب يزيد ان لم تقطعي

ماغير حكمك عادلا اوظالما
ارضئ به ورضاك غاية مطمعي

.....

كَم مِن حَزينٍ لا تَرى في وجههِ
إلاّ الَرِّضٌـا وفُــؤادُهُ يتمَــزَّق!

ولَكَمْ بَشوشٍ لو خَبِرْتَ حَياتَه
لَعَرفتَ أهلَ الصَّبرِ كيفَ تخَلَّقوا

ما كلُّ مَن ذَرَفَ الدُّموعَ مُعذَّبٌ
أو كلُّ من تَلقاهُ يَضحَكُ يَصدقُ

.....

سلبَ القلبَ جمالُ المُعجبِ
في عيونٍ سهَدتْ للمذهبِ

يا مليك الحسنِ هل لي نظرةٌ
تُرجعُ الروحَ وتُحيي مأربي

يا ربيعَ الزهرِ يا عطرَ الصِّبا
يا ملاكاً حلَّ في دنيا النُّدُبِ

كلّ طرفٍ ما رآكَ انشرحا
وانزوى الحزنُ وزال الكُربِ

هل تعودُ الآن والقلبُ اشتها
أن يرى بدرَك في ليلِ القُربِ

أنتَ أنفاسُ الصباحِ إن بزغ
أنتَ ضوء الفجرِ في كلِّ السحبِ

كم زهتْ أرضي إذا مرّ الحيا
من يديكَ أو تبسّمْتَ العجبِ

فابعثِ الوصلَ لمحبٍّ أرهقه
شوقُه الساري كضوءِ الكوكبِ

.....

رأيتُ الناسَ أشكالاً
وصار الفهم إشكالا

فهذا يعشق الدنيا
وآخر يعبدُ المالا

وآخر طالباً جاهاً
يظنّ الجاه لا زالا

وثالثُ باع ذي الدنيا
ولم يُلقي لها بالا

وقال لها إلى غيري
تَبِعْتُ الصّحبَ والآلَ

ألم تنصت لقول الله
أو تسمع لما قالَ

ففي القرآن علمنا
وزاد العلم أمثالا

فذا قارون ذا مالٍ
له المفتاح أثقالا

فإذ بالمال يقتلهُ
وعاش الخسف أهوالا

فمن ذا كان ينصرهُ
إذا ما ماله زالا

وذا فرعون ذا جاهُ
فهل دامت له حالا

بماء البحر أغرقهُ
وللنيران قد آلَ

فهذي الأرض يملكها
إله للورى قالَ

ألا من جاء بالحسنى
فخير منها قد نالا

ومن يعمل بسيئة
جزاءً مثل ما كالا

.....

صَرَفَت وُجوهُ اليَأسِ وَجهي عَنهُمُ
وَقَطَعتُ مِنهُم خِلَّةً وَوِصالا

وَوَهَبتُهُم لِلصَرمِ وَاِبتَلَّ الثَرى
وَوَجَدتُ عُذراً فيهِمُ وَمَقالا

وَلَقَد أُجازي بِالضَغائِنِ أَهلَها
وَأَكونُ لِلمُتَعَرَّضينَ نَكالا

.....

يا صاحِ وَدَّعتُ الغَوانِيَ وَالصِبا
وَسَلَكتُ غَيرَ سَبيلِهِنَّ سَبيلا

وَثَنَيتُ أَعناقَ الحَوى نَحوَ العُلى
وَرَأَيتُ شَأوَ العاشِقينَ طَويلا

فَأَجَبتُ واعِظَةَ النُهى فَاِستَجمَعَت
أَلفاظُ عَينِكَ وَاِنثَنى مَغلولا

عَهدانِ ماتا لِلأَوانِسِ وَالصِبا
فَاِندُبهُما لا تَندُبَنَّ طَويلا

ذَهَبا بِمَعسولِ الحَياةِ وَأَيَّسا
مِن رَجعَةٍ وَتَعَجُّلٍ تَحويلا

بُدِّلتُ مِن لَيلِ الشَبابِ بِمَفرِقَي
صُبحَ النُهى أَحبِب بِذاكَ بَديلا

لَكِنَّ في قَلبي إِذا صَدَّ الرَشا
عَنّي أَسىً يَعتادُني وَغَليلا

.....