منتديات قبائل شمران الرسمية


المنقولات الأدبية لكل ما هوا منقول من شعر وخواطر

إضافة رد

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 12-04-2018, 02:36 AM   #1
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي غربة الحنين

(غربة الحنين إلى أعماق القرية )
١٣٨٠-١٣٩٥
كانت الناس في ثمانينات القرن الهجري الماضي - خاصة في معظم قرى السعودية -تدور في محيط قبائلها ، تحرث مزارعها ، وتبني ديارها، يسكن الولد -إذا تزوج -مع والده ... ويعيش الجميع بمفهوم الأسرة الواحدة .... وهكذا

عاش الناس ردحاً من الزمن
ثم ماذا .... ثم فتحت المدينة ذراعيها لأهل القرى ، تغريهم
بالوظائف ، ورغد العيش ؛ فذهب من كل قبيلة ثُلَّة لتحسين الوضع سنتين أو ثلاث ، ثم العودة والاستقرار في مسقط الرأس، ولكن القادم من المدينة كان يعود لقبيلته وقريته بهيَُّّ الطلعة ، جميل الملبس ، لديه المال والسلاح .... فتحيي القبيلة والقرية لاستقباله الأفراح ، والليالي الملاح ، وما درت أنها بهذا الاحتفاء تبذر حب الرحلة في قلوب الجيل الصاعد ، وتقطع من لحم ذراعيها لتطعم المدينة بأغلى مقوماتها وعدتها ... "فلذات أكبادها" ...
لكِ اللهُ أيتها القبيلة والقرية ، كم كنت كريمة وأصيلة ... تغذين المدينة بقمحك ودُخْنك وبُنِّك ... تمدينها بالسمن والسمين ، وبالجِلد المدبوغ والمرَس المربوع ... ولكنك بالغتي في الكرم ؛ فمددتِ المدينة بالسواعد السمراء المفتولة ، التي كانت تحرث وتقلع وتقطف البن وتزرع ، وتحطب وتسرح ، وتذرِّي وتمرح ، وتحفر وتنثل وتبني وتكْحل ..
عندها أيتها القرية والقبيلة فقدتِ أعظم مقوماتك ...
فهل ياترى ستستعيدين من المدينة ما أخذت منك ، وهل تعودين لعصرك الذهبي ، متوشحة بزينة العلم وقوة المال وصلابة الرجال ؟!
هل ستعودين بمزارع منتجة وأجيال متوثبة ، وقلوب صافية نقيه ،
كلما تأملت التجاذبات بين المكانين والمكونين الاجتماعيين يتوهج الحنين وتنثال عليَّ أسئلةٌ شتّى تقول :
أين القرية التي كانت تستيقظ مع الفجر ولها دوي كدوي النحل ؟
أين القرية التي كانت تتمتع باكتفائها الذاتي ؛ فتأكل من حَبٍ بذرته ، ثم حصدته ، سمنها من حلال مراعيها
لا من شركة المراعي ، والعسل من مناحل نحّالة محليين ، وجرّامة أصليين .
أين القرية التي تستقي ماءها في قربة من صنع نسائها ، وتحرث أرضها بمحراث قُطع من سدرة قريبة أو سيالةٍ مجاورة لها ثم صُنع محلياً وبأيدي أبنائها .
أين القرية التي تخرج سوارحها ضحىً كأنها قِطعٌ من نوِّ الخريف تتمازج أصواتها ببدوع رعاتها لتؤلف أعذب أغنية بين القرية ومراعيها ؟

أين القرية التي تسمع للعَمَّالة فيها أصواتاً وزملات ، فهذا يقترع ضمدَه ويفدّي ، وذا يدمس ليجلّب ، وثالث يوسّد ويبدّع .. وربة دار تلحقهم في الغدوة بزنبيل تتطاول مع جوانبه قرصان البر وتتمايل ، وبراد الشاي المحجل بالسواد يوحي بجلسة استراحة لا أروع ولا أهنأ منها ، نشم فيها رائحة الطين المحروث في بساطة وتآلف لا تجد لهما مثيلا .

أيتها القرية أين صلاة العيد التي كانت لها فرحة تطرد النوم من ليلته ؟!

أين التزاور يوم العيد والمرور على كل بيت ، وأين طلائل البرك والشيح والريحان التي كانت تزين رؤوس الشيبان وجيوب الشباب .

أين مهرجان العرضة الخفيفة بعده ابتهاجاً بالانجاز وادخالاً للسرور في كل مكان لقد كانت القرية تغنَّي رغم التعب والإجهاد ، إنها تصنع الفرح رغم قسوة الحياة .
أين المناصع البعيدة التي يتبارى فرسان الرماية في كسرها في إشارة على الاستعداد للحرب وكسر العدو ؟
أين لقيمات من الظهرة والورك من لحم التقطيعة التي يظفر بها كل من يوشي و ينزع ويقطِّع ؟

أين الطفاه ، أين النُّصده ، أين الصحفة ، أين أقداح المرق التي كُنَّا نتسلّى بها في " الجرين" بعدما نُدْني الضيوف ؟
أين أكرمْ يا مضيفنا ، وأكرم الله ضيفاننا وجماعتنا
.. واخلف الله عليك .

ياسقى الله تلك الأيام على ما فيها من صعوبات ومشقة ، فلها في القلب حنين ، وتذكارها ينتزع من الصدر الأنين .. المنبيء عن حب دفين .

سلامٌ عليك أيتها القرية والقبيلة ، وتحية أبعثها - ا رغم غُربة هذا الزمن - ، وفاءً لك ، مسلِّماً عليك ، وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي.



الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-2018, 02:39 AM   #2
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: غربة الحنين

تمنيت من كاتبها ان يضع اسمه حفظا للحقوق فقد ابدع ...

(غربة الحنين إلى أعماق القرية )
١٣٨٠-١٣٩٥
كانت الناس في ثمانينات القرن الهجري الماضي - خاصة في معظم قرى السعودية -تدور في محيط قبائلها ، تحرث مزارعها ، وتبني ديارها، يسكن الولد -إذا تزوج -مع والده ... ويعيش الجميع بمفهوم الأسرة الواحدة .... وهكذا

عاش الناس ردحاً من الزمن
ثم ماذا .... ثم فتحت المدينة ذراعيها لأهل القرى ، تغريهم
بالوظائف ، ورغد العيش ؛ فذهب من كل قبيلة ثُلَّة لتحسين الوضع سنتين أو ثلاث ، ثم العودة والاستقرار في مسقط الرأس، ولكن القادم من المدينة كان يعود لقبيلته وقريته بهيَُّّ الطلعة ، جميل الملبس ، لديه المال والسلاح .... فتحيي القبيلة والقرية لاستقباله الأفراح ، والليالي الملاح ، وما درت أنها بهذا الاحتفاء تبذر حب الرحلة في قلوب الجيل الصاعد ، وتقطع من لحم ذراعيها لتطعم المدينة بأغلى مقوماتها وعدتها ... "فلذات أكبادها" ...
لكِ اللهُ أيتها القبيلة والقرية ، كم كنت كريمة وأصيلة ... تغذين المدينة بقمحك ودُخْنك وبُنِّك ... تمدينها بالسمن والسمين ، وبالجِلد المدبوغ والمرَس المربوع ... ولكنك بالغتي في الكرم ؛ فمددتِ المدينة بالسواعد السمراء المفتولة ، التي كانت تحرث وتقلع وتقطف البن وتزرع ، وتحطب وتسرح ، وتذرِّي وتمرح ، وتحفر وتنثل وتبني وتكْحل ..
عندها أيتها القرية والقبيلة فقدتِ أعظم مقوماتك ...
فهل ياترى ستستعيدين من المدينة ما أخذت منك ، وهل تعودين لعصرك الذهبي ، متوشحة بزينة العلم وقوة المال وصلابة الرجال ؟!
هل ستعودين بمزارع منتجة وأجيال متوثبة ، وقلوب صافية نقيه ،
كلما تأملت التجاذبات بين المكانين والمكونين الاجتماعيين يتوهج الحنين وتنثال عليَّ أسئلةٌ شتّى تقول :
أين القرية التي كانت تستيقظ مع الفجر ولها دوي كدوي النحل ؟
أين القرية التي كانت تتمتع باكتفائها الذاتي ؛ فتأكل من حَبٍ بذرته ، ثم حصدته ، سمنها من حلال مراعيها
لا من شركة المراعي ، والعسل من مناحل نحّالة محليين ، وجرّامة أصليين .
أين القرية التي تستقي ماءها في قربة من صنع نسائها ، وتحرث أرضها بمحراث قُطع من سدرة قريبة أو سيالةٍ مجاورة لها ثم صُنع محلياً وبأيدي أبنائها .
أين القرية التي تخرج سوارحها ضحىً كأنها قِطعٌ من نوِّ الخريف تتمازج أصواتها ببدوع رعاتها لتؤلف أعذب أغنية بين القرية ومراعيها ؟

أين القرية التي تسمع للعَمَّالة فيها أصواتاً وزملات ، فهذا يقترع ضمدَه ويفدّي ، وذا يدمس ليجلّب ، وثالث يوسّد ويبدّع .. وربة دار تلحقهم في الغدوة بزنبيل تتطاول مع جوانبه قرصان البر وتتمايل ، وبراد الشاي المحجل بالسواد يوحي بجلسة استراحة لا أروع ولا أهنأ منها ، نشم فيها رائحة الطين المحروث في بساطة وتآلف لا تجد لهما مثيلا .

أيتها القرية أين صلاة العيد التي كانت لها فرحة تطرد النوم من ليلته ؟!

أين التزاور يوم العيد والمرور على كل بيت ، وأين طلائل البرك والشيح والريحان التي كانت تزين رؤوس الشيبان وجيوب الشباب .

أين مهرجان العرضة الخفيفة بعده ابتهاجاً بالانجاز وادخالاً للسرور في كل مكان لقد كانت القرية تغنَّي رغم التعب والإجهاد ، إنها تصنع الفرح رغم قسوة الحياة .
أين المناصع البعيدة التي يتبارى فرسان الرماية في كسرها في إشارة على الاستعداد للحرب وكسر العدو ؟
أين لقيمات من الظهرة والورك من لحم التقطيعة التي يظفر بها كل من يوشي و ينزع ويقطِّع ؟

أين الطفاه ، أين النُّصده ، أين الصحفة ، أين أقداح المرق التي كُنَّا نتسلّى بها في " الجرين" بعدما نُدْني الضيوف ؟
أين أكرمْ يا مضيفنا ، وأكرم الله ضيفاننا وجماعتنا
.. واخلف الله عليك .

ياسقى الله تلك الأيام على ما فيها من صعوبات ومشقة ، فلها في القلب حنين ، وتذكارها ينتزع من الصدر الأنين .. المنبيء عن حب دفين .

سلامٌ عليك أيتها القرية والقبيلة ، وتحية أبعثها - ا رغم غُربة هذا الزمن - ، وفاءً لك ، مسلِّماً عليك ، وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي.



الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-05-2018, 06:57 PM   #3
اداري عام المنتديات
 
الصورة الرمزية بكرعلي
 

بكرعلي is on a distinguished road
افتراضي رد: غربة الحنين

بارك الله فيييك



بكرعلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-2018, 11:24 PM   #4
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: غربة الحنين

أخي الغالي بكر علي
أشكرك لتعقيبك وتواجد
لك أجمل تحية وتقدير



الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-16-2018, 02:17 PM   #5
اداري سابق (وكاتبه قديره )
 

نوال الشمراني is on a distinguished road
افتراضي رد: غربة الحنين






الحمدان


للشعر عندك نكهة المطر
إختيار راقي -لغربة الحنين

لاهنت
@جاهله@



نوال الشمراني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-25-2018, 03:18 AM   #6
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: غربة الحنين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال الشمراني مشاهدة المشاركة





الحمدان


للشعر عندك نكهة المطر
إختيار راقي -لغربة الحنين

لاهنت
@جاهله@

الاخت الفاضلة نوال الشمراني
ولتواجدك رعود المزن وبرق الحيا
شاكرا ومقدر تواجدك الراقي دائما
مع اجمل التحيا وورود الجوري



الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
غربة الحنين إلى أعماق القرية الحمدان المنتدى العام 5 02-20-2021 02:42 PM
سمو محافظ جدة يدشن عربة وزارة العمل"تعرًف" ام الغلا الصحافة المحلية والعالمية 3 05-01-2015 04:39 PM
عربة الأطفال التي تساعده على المشي هل هي آمنة ؟ أميرة الورد الأسرة السعيدة والمجتمع 0 08-16-2011 04:23 AM
عربة محمد البوعزيزي "ليست للبيع" السكب@ الخواطر والقصص والروايات 1 01-27-2011 08:17 PM
غربة وطن .. روح ... زمان ....... أحباب ....... أمل الشرق المنتدى العام 8 11-20-2009 12:30 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية