الصَّبر ٩٠ مرَّة!

الصَّبر ٩٠ مرَّة!

بصراحة.. وأشياء أُخْرى

فعلًا الصَّبرُ كلمةٌ خفيفةٌ لطيفةٌ حين تقولُ لفلانٍ مثلًا: اصبِر يَا رَجل! حين تقعُ عليه نازلةٌ من اللهِ، أو مصائبُ قدَّرها له اللهُ سبحانه، فإنَّها تتغلغل في نفسه، وتتشبَّع لتصل إلى مداها، فالصَّبرُ أحد أمرين، لا ثالثَ لهما، كما أعتقدُ وأرَى وأبصرُ: صبرٌ اختياريٌّ، وصبرٌ اضطراريٌّ.. ففي كلتا الحالتين لابُدَّ أنْ تصبرَ شئتَ ذلكَ أمْ أبيتَ. الأكيدُ يقينًا تصبرُ اختيارًا أفضلُ من أنْ تُضطرَّ كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:«إِنَّمَا الصَّبرُ عندَ الصَّدمةِ الأُوْلى....».


الصَّبرُ مفتاحٌ لسكونِ الهمومِ.. الصَّبرُ قصرٌ مشيَّدٌ بالزمردِ لا يدخله إنسانٌ إلَّا اغتنَى.. الصَّبرُ عباءةُ الغنيِّ والفقيرِ.. الصَّبرُ متى ما وقعَ في قلبِ إنسانٍ كفاهُ.. الصَّبرُ حلمٌ لواقعٍ، وواقعٌ لحلمٍ.. نهايته الفوزُ بماراثون الجوائز.. الصَّبرُ حالةٌ من الطمأنينةِ والسَّكينةِ والرَّاحةِ.. الصَّبرُ حياةٌ عنوانها: (أنسنةُ الحوادثِ، ومصائرُ المصائبِ).. الصَّبرُ أملٌ لألمٍ.. الصَّبرُ ورقةٌ في أوَّل وآخر مراجعها، في مكتبة السِّنين «كتاب السَّعادة».

إنَّ الصَّبرَ ليسَِ أنْ تبكِي وتشربَ خلفَهَا قهوة سادة. الصَّبرُ -يا كرامُ- قبلَ كلِّ شيءٍ طاعةٌ وعبادةٌ.


الصَّبرُ كلَّما زاركَ وأكرمته استوطن قلبك زيادة.

الصَّبرُ فرجٌ، والسَّخطُ حرجٌ، الصَّبرُ كالقارورةِ تسبحُ على سطحِ الماء مهما عصفت بها الرِّياحُ، أمواج عاتية متلاحقة متلاطمة كافية، لا يهمها تلك القارورة، تمضي حتَّى ترسوَ على الشَّاطئِ بأمانٍ بعنايةِ الرَّحمن.

الصَّبرُ مخزنُ الفقراء، مستودعُ الأغنياءِ، من ماء التَّعاسة إلى ماءِ السَّعادة.

الصَّبرُ كالزَّرع، كالأعشابِ كالوردةِ الحمراءِ والصفراءِ في أرضٍ قاحلةٍ تنبتُ في الصَّحراءِ.

ولنا في قصَّةِ يوسف -عليه السَّلام- أكبرُ العِبَرِ من أوَّل أبيه يعقوب، حتَّى في قولِهِ تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا).

وأخيرًا...

الصَّبرُ -يا صاحبي- كالبحرِ،كلَّما سبحتَ في عمقِهِ اتَّسع.. الصَّبرُ كالقمرِ حين تراهُ مرَّةً تعشقُهُ.. الصَّبرُ مفتاحُ ما تقفَّل.. الصَّبرُ ذُكر في القرآنِ الكريم تسعينَ مرًّة، فلنتَّعظْ.


للكاتب علي حسين