خطوات عملية لمنع الاختلاط في مدارسنا

خطوات عملية لمنع الاختلاط في مدارسنا

سعود عبدالرحمن الشمراني/ نجران/ saudsh155@hotmail.com

كثر الحديث حول إمكانية تعميم تجربة اختلاط الجنسين في المدارس، ورغم أنني أعتقد أن هذه التجربة لا يدافع عنها إلا جاهل أو ذو غاية سيئة، إلا أنني أعجب كل العجب لماذا يأبى بعضنا إلا أن يبدأ من حيث بدأ الآخرون، وانتهوا إلا ما نحن فيه اليوم، ففي بعض دول العالم من يسعى حثيثاً إلى فصل الجنسين عن بعضهما في المدارس، وما انتهجت هذه الدول هذا النهج إلا لأنهم جربوا سنينَ طويلةً، فوجدوا أن تجاربهم السابقة كان لها من النتائج السلبية على التعليم ما أوجب مراجعة تلك التجارب والعدول عنها.
لقد كثر الحديث عن دول بدأت تمنع الاختلاط بين الجنسين، فإسرائيل تمنع الاختلاط في الحافلات، ومثلها المكسيك، بل تصفه النساء المكسيكيات بأنه تمييز ولكنه تمييز إيجابي، وفي سويسرا بعض المنتجعات السياحية منفصلة إلى أقسام للنساء وأخرى للرجال، وفي اليابان بدأ الفصل بين الجنسين في بعض خدمات السفر على متن الطائرات، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ظاهرة للفصل بين الجنسين في فصول الدراسة، وفي بريطانيا تتسابق شركات الأجرة على إنتاج سيارات ذات ألوان نسائية لا يركبها إلا النساء.
وهكذا كان ولا يزال الحديث عن دولٍ كثيرة تسعى (لتقليدنا) وتأخذ بتجربتنا الناجحة في ذلك، ولنا أن نفخر حين يخجل غيرنا، ولنا أن نذكر للناس كلهم نجاحنا في احترامنا لمكانة كل من الرجال والنساء في كل مراحل أعمارهم، والبعد بهم عما يسيء لهم، لأن الجمع بين الجنسين خروج بهما عما تقتضيه طبيعة كل منهما، ولا يجمع بين منفصلين إلا من انتكست فطرته، وما أتت شريعتنا بالجمع بين متفرقين أبداً.
وهنا يأتي السؤال الأكبر، وهو هل فعلنا ــ نحن المواطنين ــ كل ما نستطيع في منع إنفاذ هذه الفكرة التي لا يجوز أن تمضي دون أن يكون للمواطنين رأي فيها، لأننا نحكم بشرع الله، وشرع الله يأمر بأخذ الرأي في أبسط الأمور فكيف بمثل هذا الموضوع الذي هو حياة أجيال على مدى عقود قادمة.
إنني هنا أحاول أن أذكر بعض الخطوات العملية التي ينبغي أن نتخذها لمنع إمرار قرارات لم تعرض للنقاش مع من سيجنون ثمراتها ولو على المدى البعيد، فأقول:
أولاً: يجب تبيين القضية بوضوح على جميع الصُعُد وعلى كل الفئات العمرية، في المناسبات الخاصة والعامة، وفي البيوت والملتقيات، والتجمعات الأسرية وغيرها، لأن الأمور الخطيرة إن لم تتضح عواقبها للناس فإن من السهل أن تمرر وتستساغ خاصة من قِبَل العامة الذين لا يعلمون عن خبايا الزوايا شيئا.
ثانياً: لا بد من أن يكون لأولياء الأمور صوت في القضية، فتتم مخاطبة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله لكل خير، وإسماعه رأيهم في القضية والمطالبة المستمرة بعدم السماح لإنفاذ هذه القرارات، وبيان أخطار هذه القضية على مستقبل أبنائنا وبناتنا.
ثالثاً: مخاطبة ولاة الأمر الآخرين في هذه البلاد كلٍّ على حدة، خاصة أننا نجزم بأن فيهم من لا يرضاها أصلاً، وإبداء الرفض التام لهذه المسألة التي لا يرضاها أكثر أولياء أمور الطلاب والطالبات.
رابعاً: مخاطبة المشائخ والعلماء والدعاة والمفكرين، ليحذِّروهم من مغبة السكوت على مثل هذه القرارات التي لا توصف إلا بأنها غير مسؤولة، والطلب منهم بأن يكونوا صفاً واحداً مع كل ما فيه مصلحة للبلاد والعباد، وأن السكوت منهم هو سبب لانتشار الفساد، بل هو من الفساد.
خامساً: كتابة البيانات تلو البيانات من المثقفين الذين يرفضون هذه القرارات وبيان الأسباب الداعية لها وبيان أخطارها على الأفراد والمجتمعات.
سادساً: يجب أن يكون للنساء الفاضلات خاصة المثقفات والأكاديميات ومن لهن تأثير في المجتمع، صوت يسمعه القاصي والداني ليعلم الناس أن نساءنا يرفضن كل ما يمس بكرامتهن ولو بعد سنين.
سابعاً: للمعلمين والمعلمات دور كبير في تبصير الطلاب والطالبات بما ينتظرهم، فينبغي أن يجتهد المعلمون والمعلمات في بيان هذه المسألة وملابساتها ليكون الطلاب والطالبات على علم بما يحاك لهم.
ثامناً: استغلال المتاح من وسائل الإعلام لإيضاح الأفكار التي يراد لها أن تسيطر على مجتمعاتنا وتهيمن على شبابنا وفتياتنا وتسقطهم من سموهم الذي يعيشونه ليكونوا في درك دنيء من الأخلاق والسلوك.
وأخيراً فإن المسؤولية ملقاة على عواتقنا جميعاً، وما منا إلا فاعل، له أجر أو أجران ، وإما سلبي يتحسر على سلبيته حين يتخذ القرار وينفذ، فيقول يا ليتني فعلت شيئا، وإن الناظر إلى من حولنا من الناس ليعلم أن رأيهم هو الذي يصنع القرارات، فلا يجوز لنا أن نصمت حتى تقضى الأمور.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الخير والدالين عليه، وأن يجنبنا ومجتمعنا كل مكروه.