![]() |
#1 | ||
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
![]() |
![]() فوائد منتقاة من برنامج مجالس الفقه لفضيلة الشيخ أ.د سعد بن تركي الخثلان وفقه الله
الاثنين ٢٠-٧-١٤٤٦هـ (استكمال الدور السادس- المذاهب الأربعة): ١/ الدور الفقهي السادس: مر بمرحلتين: مرحلة ضعف وجمود وتعصب مذهبي، والمرحلة الثانية غلبت عليها عوامل النهضة وفتح باب الاجتهاد وإحياء الفقه وتجديده. ٢/ المرحلة الأولى من الدور الفقهي السادس وهي مرحلة الضعف والجمود، كان دور العلماء في هذا العصر غالبًا -وليس كلهم- منحصراً في اختصار كتب المذاهب الفقهية وفي شرح المختصرات الفقهية. -وكان الدافع للاختصار هو التمذهب الفقهي. - تميزت هذه المرحلة من عصور الفقه الإسلامي بتدوين الفتاوى وما يقع، وهو جانب عظيم من جوانب الفقه التطبيقي الذي يحتاجه الناس ويسألون عنه الفقهاء. فتُكتب هذه الأجوبة من قبل أصحابها، أو من قبل تلامذتهم، أو من قبل آخرين، وتُرتب وتُنظم على أبواب الفقه، وتكون على هيئة سؤال وجواب. وهي الآن أصبحت بارزة في وقتنا الحاضر، لكنها وُجدت أيضًا في ذلك العصر. -منها، على سبيل المثال: “الفتاوى النووية”، وأيضًا “مجموع فتاوى ابن تيمية”، و”الفتاوى البزازية” على مذهب الحنفية لـ ابن بزاز، و”الحاوي للفتاوى” للسيوطي، و”فتاوى الرملي”، و”الفتاوى الهندية” في المذهب الحنفي، وغيرها. ٣/ المرحلة الثانية من مراحل هذا العصر هي: مرحلة النهضة الفقهية. -وقد اختلف في بدايتها، لكنها تقريبًا تبدأ من أوائل القرن الثالث عشر الهجري. -فقد ظهرت بوادر نهضة علمية فقهية تمثلت في حركة تجديد الاجتهاد، ودراسة الفقه الإسلامي دراسة تستمد أحكامها من أدلة الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح بعيدًا عن التعصب المذهبي. -وظهرت الدراسات المقارنة للفقه الإسلامي، التي توازن بين المذاهب الفقهية وتذكر أدلتها، توصلًا للقول الراجح. ٤/ في هذه الفترة، لما اكتُشفت الطباعة كان لها أثر كبير في ظهور كثير من المصنفات، وكان هناك توسع في طباعة التراث الفقهي والعلمي لعلماء السلف، وفي تحقيقه تحقيقًا علميًا بأفضل الطرق التي تخدم طلاب العلم وتُقرب الفائدة إليهم. ٥/ في هذه الفترة برزت ظاهرة المكتبات العامة التي تجمع كتب العلم والفقه، وتفتح أبوابها للزوار ليستفيدوا منها قراءةً، وبحثًا، واستعارةً، واطلاعًا، ودراسةً، وتحقيقًا. ٦/ في هذه الفترة ظهرت الموسوعات الفقهية التي تتسم بالشمول لأصول وفروع الفقه بأسلوب ميسر ومبوّب ومرتب يخدم الباحثين وطلاب الفقه. ٧/ في هذه الفترة من هذا العصر ظهرت المؤسسات العلمية التي تُعنى بالاجتهاد الجماعي على شكل هيئات ومجامع فقهية وهيئات علمية ولجان شرعية. فأبرزت فكرة الاجتهاد الجماعي في النوازل والقضايا المستجدة، وقد أصبحت في وقتنا الحاضر بارزة وظاهرة، ويُصدر منها قرارات وفتاوى يستنير بها طلاب العلم والمسلمون عمومًا. ٨/ من أبرز هذه المؤسسات العلمية المجامع الفقهية، وعلى رأسها: -المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي. وقد تأسست فكرته عام 1383 هـ، ثم صدر قرار المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في عام 1393 بإنشائه، وبدأت أولى دوراته عام 1398 هـ، وينعقد عادة كل سنتين مرة، ولا يزال إلى وقتنا الحاضر. -مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وكانت فكرة إنشائه عام 1401 هـ، ثم عُقد المؤتمر التأسيسي له بمكة عام 1403 هـ، ثم بعد ذلك بدأ المجمع الفقهي بعقد دوراته. ومقره في جدة، لكنه في دوراته يتنقل بين دول العالم الإسلامي. والأصل في نظامه أنه ينعقد في كل سنة مرة، ولكن أحيانًا لبعض الظروف قد يتأخر انعقاده، فينعقد كل سنتين أو كل ثلاث سنوات مرة. وله جهود كبيرة في النظر للنوازل والمسائل المشكلة والمستجدات. -من الهيئات العلمية هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وهي تنظر فيما يُحال لها من النوازل والقضايا المستجدة. - أيضًا اللجان الشرعية في المصارف، خاصة اللجان الشرعية في المصارف الإسلامية، فلها اجتهادات في المسائل المصرفية، وقد دُوّن كثير من هذه الاجتهادات ويستفيد منها طلاب العلم. -كذلك هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، وقد صدر منها كتاب “المعايير الشرعية”. وهذه المعايير تُعد بعناية، وهي متخصصة في المعاملات المالية المصرفية، وتمر بسلسلة طويلة من المراجعة والتنقيح والتدقيق والتحقيق، حتى تكون على شكل معايير مختصرة، أشبه بالمتون، مركزة ولكن على شكل معايير محاسبية ومتخصصة في المعاملات المالية المصرفية. وهذه أفادت منها الهيئات الشرعية في المصارف، وأفاد منها طلاب العلم عمومًا. ٩/ في هذه الفترة عُقد العديد والكثير من المؤتمرات العلمية والندوات الفقهية المتخصصة التي تناقش النوازل والقضايا المستجدة. ١٠/ المذهب معناه في اللغة: الطريقة. وأيضًا يُطلق على المعتقد، وهو حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة في الأحكام الاجتهادية المستفادة من الأدلة. ١١/ برز أئمة كثيرون كانت لهم مذاهب فقهية، ولكن سبحان الله، هذه المذاهب انقرضت ولم يتبقَّ سوى المذاهب الأربعة. -ومن أبرز هؤلاء الأئمة الذين كانت لهم مذاهب وانقرضت: الحسن البصري، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور الكلبي، وداود بن علي، وابن جرير الطبري. - لم يُكتب لها الاستمرار والدوام إلا لمذاهب الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد. فهي التي بقيت إلى اليوم، وصار لها أتباع وتلاميذ ومؤلفات وأصول. -أما البقية فقد انقرضت وزال أتباعها، ولم يبقَ لها ذكر إلا في بطون الكتب والمصنفات. ١٢/ من أسباب انقراضها: أولًا: حكمة الله عز وجل وإرادته، فقد كتب لهذه المذاهب الأربعة الانتشار والقبول والبقاء بين الناس. والقبول يكون من الله عز وجل. -تجد بعض الناس، سبحان الله، يجعل الله له القبول في علمه، وفي أمور أخرى أيضًا غير العلم. -وقد يكون لحِكم خفية لا نعلم بها. ثانياً: تقارب ظهور هذه المذاهب، واتصال بعضهم ببعض، مما شجّع كل مذهب على الاستفادة من الآخر والاستئناس برأيه. -نجد مثلًا أن الإمام الشافعي تلميذ الإمام مالك، والإمام أحمد تلميذ الإمام الشافعي. فبينهم تواصل. ثالثاً: هذه المذاهب بينها اتفاق في الجملة على الأصول التي تُبنى عليها أكثر المسائل في الفقه: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. رابعاً: حرص هؤلاء الأئمة العجيب على تبليغ العلم ونشره ونصح الناس، وأيضًا ما كانوا عليه من العبادة العظيمة والزهد في الدنيا. -فجعل الله تعالى لهؤلاء الأئمة الأربعة القبول. -ربما كان لهم خبيئة أعمال بينهم وبين الله عز وجل. خامساً: قيّض الله تعالى لهؤلاء الأئمة الأربعة تلاميذ نجباء نشروا علمهم، ووضعوا أصولهم وقواعدهم، ودونوا علومهم ومذاهبهم، ونشروها بين الناس. ١٣/ الأئمة الأربعة، ربما كان غيرهم أفقه منهم. -فمثلًا يقول الشافعي: “الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به”. سبحان الله! الليث بن سعد أفقه من مالك بن أنس، لكن مذهب الليث بن سعد اندثر، بينما الإمام مالك بقي وأصبحت مدرسة المالكية إلى الآن. ومن أسباب ذلك أن الله تعالى قيّض للإمام مالك تلاميذ نشروا مذهبه، بينما الليث بن سعد لم يكن له تلاميذ ينشرون مذهبه. ١٤/ المذهب الحنفي: هو أول المذاهب الأربعة. -مؤسسه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، أحد أئمة الإسلام وأول الأئمة الأربعة. -وُلد بالكوفة سنة 80 هـ في حياة صغار الصحابة، -ورأى أنس بن مالك، وقيل إنه رأى أيضًا غيره من الصحابة. وعلى هذا، فالإمام أبو حنيفة معدود من التابعين. -وكان يبيع الخز ويطلب العلم، ثم بعد ذلك انقطع للتدريس والإفتاء. -وأخذ علمه وفقهه عن طائفة من أجلّ علماء التابعين الذين أدركهم، كالحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وعامر الشعبي، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة السدوسي، وابن شهاب الزهري، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن سعيد الأنصاري. - أكثر هؤلاء العلماء أثرًا على حياة أبي حنيفة وفقهه هو عطاء وحماد، الذي تفقّه به ولازمه 18 سنة. وكان أبو حنيفة يقول: “إني لأدعو الله لحماد مع أبي”. -كان أبو حنيفة فقيهًا ورعًا زاهدًا، إمامًا في الدين. حتى شهدوا له بالفضل والمكانة، وكان قوي الحجة. حتى إن الشافعي يقول: “قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم، رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا، لقام بحجته”. فأُعطي قوة حجة، رحمه الله تعالى. -وأبو حنيفة إمام في الرأي والفقه والنظر وفي دقائق الفقه. -توفي سنة 150 هـ. -ومن أبرز تلامذته: القاضي أبو يوسف، وهو من أكبر تلاميذ أبي حنيفة، مجمع على إمامته وفضله. تولى منصب رئيس القضاة في الدولة العباسية، فكان له أثر في نشر المذهب الحنفي. كذلك محمد بن حسن الشيباني، الذي دوّن فقه المذهب الحنفي ونشره في الكتب الستة المشهورة بكتب “ظاهر الرواية”. وزُفَر بن هُذَيل كذلك كان من تلامذته، وكان ممن نشر المذهب الحنفي. وكذلك الحسن بن زياد اللؤلؤي وغيرهم. -ومن أشهر كتبهم: كتب “ظاهر الرواية” التي أشرنا إليها، و”مختصر الطحاوي”، و”مختصر القدوري”، وأيضًا “بدائع الصنائع” للكاساني، وهو شرح لكتاب “تحفة الفقهاء” للسمرقندي، وقد زوج السمرقندي ابنته فاطمة الفقيهة للكاساني. فقيل: “زوّجه ابنته فشرح تحفته”. وأيضًا “بدائع الصنائع” هو شرح لـ”تحفة الفقهاء”. كذلك “المحيط البرهاني” لبرهان الدين البخاري، و”تبيين الحقائق”، و”فتح القدير”، وأيضًا “رد المحتار” المعروف بـ”حاشية ابن عابدين”. -أما أصول وقواعد مذهب أبي حنيفة فهي تُبنى على الكتاب، والسنة، وما أجمع عليه الصحابة، وأيضًا القياس، والاستحسان، والعرف والعادة، وكذلك الحيل أو الخروج من المضايق. لكنهم أخذوا بالحيل الجائزة التي فيها مخلص شرعي لمن ابتُلي بأمر. وهذا النوع اشتهر عند الحنفية أكثر من غيرهم. -ومذهب الحنفية يُعتبر أكثر المذاهب الأربعة انتشارًا، ومن أسباب ذلك: أولًا: تقدمه الزمني، فهو أول المذاهب الأربعة وهو أقدمها. ثانياً: من أعظم الأسباب: تبني الدولة العباسية والعثمانية لهذا المذهب، حيث كان أبو يوسف رئيس القضاة لا يُعيّن إلا من كان حنفي المذهب. كذلك الدولة العثمانية جعلت المذهب الحنفي المذهب الرسمي وألزمت بالعمل به، فكان هذا من أسباب انتشار المذهب الحنفي. ١٥/ المذهب المالكي: -مؤسسه إمام دار الهجرة، الإمام مالك بن أنس الأصبحي، المولود سنة 93 هـ في المدينة وتربى وعاش فيها، وهي يومئذٍ موطن التابعين ومدرسة العلماء ومجمع كبار الفقهاء، الذين أخذ عنهم الحديث والفقه. -ومن أشهرهم: نافع مولى ابن عمر، وربيعة الرأي، وهشام بن عروة، وغيرهم. -وقد نقل الحافظ الذهبي عن طائفة من علماء السلف أن الإمام مالك هو المقصود بحديث: “يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة”. وهذا الحديث أخرجه الترمذي والحاكم. - وقد بلغ مالك منزلة في العلم والفقه والجلالة والحفظ لم يبلغها أحد من أهل زمانه من التابعين. وله تميز في الحديث وأصح الأسانيد، كما يقول البخاري: “مالك عن نافع عن ابن عمر” التي تسمى بالسلسلة الذهبية. -كان الإمام مالك إذا أراد التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، توضأ ولبس أحسن ثيابه إجلالًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم. -يقول الحافظ الذهبي: “وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره. أحدها: طول العمر وعلو الرواية. والثاني: الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم. والثالث: اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية. والرابع: تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن. والخامس: تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده”. -ومن أشهر مصنفات الإمام مالك: الموطأ، هذا الكتاب العظيم. وقد صنفه بطلب من خليفة العباسي أبي جعفر المنصور. وقد أراد أبو جعفر المنصور حمل الناس عليه، لكن الإمام مالك أبى. وقد جمع الإمام مالك في كتابه الموطأ الحديث الصحيح في نظره، وأضاف إليه أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم، وعمل أهل المدينة، وبلاغات إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واختياراته الفقهية في بعض المسائل. -وقد حظي هذا الكتاب بالقبول، وكان عليه شروحات، منها: التمهيد والاستذكار لابن عبد البر، والمنتقى للباجي. حتى أن الإمام الشافعي يقول: “ما بعد كتاب الله كتاب هو أكثر صوابًا من موطأ مالك”. -العجيب أن الإمام مالك روى عنه أشياخه الذين أخذ عنهم العلم كالزهري وربيعة ويحيى بن سعيد، كما روى عنه أقرانه، وروى عنه تلاميذه. -وتوفي سنة 179 هـ وعمره 86 سنة. -وأما أصول مذهب الإمام مالك، فرتبها: أولًا: كتاب الله عز وجل، ثم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الآثار، ثم الإجماع (عمل أهل المدينة)، ثم القياس، وقول الصحابي والمصلحة المرسلة وسد الذرائع. -وكان مذهب المالكية أشد المذاهب في سد الذرائع، وكذلك الاستصحاب والاستحسان. -وكان للمذهب المالكي عناية بعمل أهل المدينة، ويعتبرونه من مصادر التشريع بعد الكتاب والسنة والإجماع. -وكما قال ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى: “إن عمل أهل المدينة وإجماعهم منه ما هو متفق عليه بين أهل العلم، ومنه ما هو متفق عليه في قول جمهورهم، ومنه من لا يقول به إلا بعضهم، ومنه ما ليس بحجة، فهو على هذه المراتب”. ١٦/ المذهب الشافعي: -مؤسسه الإمام الشافعي محمد بن إدريس الشافعي، وكانت نشأته وهو صغير في مكة. واستفاد من ذهابه إلى البوادي، خاصة بادية هذيل، وتعلم منهم لغات العرب. ولذلك فإن كلامه في اللغة العربية يعتبر حجة. أخذ الفقه والحديث عن كبار علماء زمانه في مكة، ثم بعد ذلك ارتحل إلى المدينة وتفقه على الإمام مالك. فالإمام مالك شيخه، وبقي عند الإمام مالك حتى توفي الإمام مالك. ثم ارتحل بعد ذلك إلى بلدان أخرى. ويعتبر الإمام الشافعي كما سبق في حلقة سابقة هو مؤسس علم أصول الفقه، وكتب كتابه النفيس “الرسالة”. -اتفق عامة أهل العلم والفضل الذين عاصروه على إمامته وفضله وفطنته وكمال عقله. وكان من شدة العلماء تعظيمًا له الإمام أحمد. قال عبد الله بن الإمام أحمد: “قلت لِأبي: أي رجل كان الشافعي؟ فإني أسمعك تكثر الدعاء له”. قال: “يا بني، كان الشافعي رحمه الله كالشمس للدنيا”. -ويعد الإمام الشافعي الوحيد من بين علماء المذاهب الأربعة الذي دون مذهبه بنفسه، وألف فيه مؤلفات جليلة القدر عظيمة النفع مثل كتاب “الأم” و”الرسالة”، ونحو ذلك. ١٧/ المذهب الحنبلي: -مؤسسه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الإمام المعروف. نشأ يتيمًا، لكن قامت عليه أمه الصالحة وربته وأحسنت تربيته. كان وهو صغير يتيمًا، تدفئ له الماء قبل صلاة الفجر ليتوضأ، ثم بعد ذلك تختمر بحجابها وتذهب معه إلى المسجد، ثم تنتظر حتى إذا خرج من المسجد رجع إلى البيت مرة أخرى. وكانت الطريق مظلمة فعنيت به أمه عناية كبيرة. فنشأ محبًا للطاعة والصلاح، حريصًا على طلب العلم. ثم بعد ذلك ارتحل في رحلات علمية في أقطار الدنيا لطلب العلم. وكان محدثًا فقيهًا عالمًا تقيًا عابدًا مجمعًا على إمامته. -يقول عنه إبراهيم الحربي: “رأيت الإمام أحمد، فَرَأيتَ كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف، يقول ما شاء ويمسك ما شاء”. -ويقول عنه الشافعي: “أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة”. -وكان عابدًا. وكان كما ذكر في ترجمته يصلي لله تعالى تطوعًا من غير الفريضة 300 ركعة. حتى عندما ضعف بدنه في آخر حياته، أصبح يصلي 150 ركعة. وتوفي سنة 241 هـ. -ومذهبه قائم على اتباع الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة، ثم بعد ذلك القياس. -فهو يحب تقديم الآثار عن الصحابة على القياس. -ومن أشهر كتب الحنابلة: أولًا: “الجامع لعلوم الإمام أحمد” للحافظ ابن الخلال، “مختصر الخرقي”. كتب “الموفق” من قدامة رحمه الله الأربعة: “العمدة” و”المقنع” و”الكافي” و”المغني”، والذي يعتبر بحق موسوعة فقهية عظيمة، ذكر فيها آراء فقهية كثيرة. حتى إن بعض المذاهب الفقهية التي انقرضت حفظ الله تعالى أقوال أئمتها في هذا الكتاب العظيم. ومنها “كتاب العدة” في شرح “العمدة” للبهاء المقدسي. أيضًا كتب المجد بن تيمية، ومنها “المحرر في الفقه”، وكذلك أيضًا “الإقناع”، وكذلك أيضًا “المبدع في شرح المقنع”، و”الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف” للمرداوي، و”التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع وتصحيح الفروع”. وأيضًا كتاب “التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح” للشويكي. وأيضًا كتب موسى بن أبي النجا شرف الدين الحجاوي، ومنها كما ذكرنا “الإقناع” و”زاد المستقنع في اختصار المقنع” وحاشية التنقيح وشرح منظومة الآداب. ومنها “دليل الطالب” لمرعي الكرمي، وكذلك “غاية المنتهى”، وكذلك أيضًا كتب منصور البهوتي، ومنها “كشاف القناع” و”الروض المربع شرح زاد المستقنع” و”عمدة الطالب”، وكذلك أيضًا أخصر مختصرات “وكافي المبتدي” مختصر الإفادات للبعلي، وغيرها كثير. -وكانت أصول مذهب الإمام أحمد تعتمد على النصوص من الكتاب والسنة وآثار الصحابة، والأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، ويرجحونه على القياس. -لكن ليس المراد بالضعيف الباطل ولا المنكر ولا ما في رواته متهم، وإنما المقصود بالضعيف القريب من الحسن أو الحسن. وكذلك أيضًا القياس عند الضرورة. -والمذهب الحنبلي هو آخر المذاهب الأربعة وأقلها انتشارًا، لكنه انتشر في الوقت الحاضر، انتشارًا واسعًا.
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|