فن التعامل مع الآخرين🌴

07-30-2023, 11:18 PM

فن التعامل مع الآخرين

بقلم/ خالد عمر حشوان

الإنسان هو كائن اجتماعي يحب تكوين علاقات اجتماعية وتفاعلية مع الآخرين في محيط حياته والتي تتطلب مهارة الذكاء الاجتماعي من أجل ضمان نجاح هذه العلاقات واستمرارها وتفهم مشاعر ودوافع ومزاجية الآخرين باختلاف ثقافاتهم وتربيتهم وتعليمهم والتفاعل معهم ليشعر الإنسان من خلالها بالتودد والتقدير والاحترام والإحساس بالسعادة معهم والراحة النفسية.. ويعرف الذكاء الاجتماعي بأنه قدرة الإنسان على الفهم والتعامل مع كافة فئات المجتمع بحكمة وعناية وذكاء ناتجة عن معرفة الأوضاع الاجتماعية لهم وإدراكها جيدًا من الناحية البيئية، والتصرف بشكل ملائم وسلوك حضاري واجتماعي ناجح وفعال.

ومن أهم المهارات في التعامل هي الاستماع الجيد والإصغاء لحديث الآخرين والفهم الجيد والدقيق لهم ومحاولة تجنب سوء الفهم مع طرح الأسئلة عند عدم الفهم والتحدث في مجال المعرفة والخبرة فقط بإتقان وتجنب التحدث عن الإنجازات الشخصية والتفاخر بالذات واستخدام ألفاظ لائقة لعدم الإساءة والتجريح والابتعاد عن أسلوب تقديم النصائح لمراعاة مشاعر الآخرين مع عدم توجيه اللوم أو الانتقادات لهم وتقديمها على شكل ملاحظات مغلفة بالحنكة والذكاء عند الحاجة وبشكل العموم مع فهم لغة الجسد وإيماءات الآخرين وإظهار الابتسامة العفوية والتواضع وعدم التدخل في تفاصيل علاقات الآخرين وخصوصياتهم، وذلك بتنمية الثقافة الشخصية والقدرات العلمية والسلوكية واكتساب الخبرات المختلفة من واقع تدريب النفس على كل جديد في التعامل معهم.. أيضا التركيز على الجوانب الإيجابية مع الآخرين وتجاهل السلبيات يساهم بشكل كبير في عدم نشر الطاقة السلبية والتعود على احترام الرأي والرأي الآخر وتقبل اختلاف الآخرين لكونه طبيعة من طبائع البشر.

ليس من الضروري عدم التعامل مع من لا نحب ولكي نعرف كيفية التعامل معهم لابد من زيادة قدرة التحمل في التعامل معهم لمعرفة ما يدور بداخلهم تجاهنا، وتجاهل فكرة عدم الشعور بالحب والود تجاههم لأنه ليس شرطًا في التعامل، وتقبل الانتقادات منهم ودراستها ومعرفة أسبابها لأنها قد تحتمل الصواب أحيانًا، مع التعامل بحضارة ورقي مع الجميع لأن وجود هؤلاء الأشخاص في حياتنا أمر مؤقت وضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية أو العملية.

أن لكل مجتمع أشخاصا سلبيين أثرت عليهم تجاربهم السيئة وتعودهم على الشكاوى والتذمر المستمر لتبرير الفشل والإحباط الذي يعيشونه، ولهذه الفئة تعامل مختلف يبدأ من النقاش معهم والذي لابد من أن يكون مليئًا بالأسئلة التقديرية لإيصال النظرة الإيجابية لهم وإبعادهم عن التذمر والشكوى وتجاهل الأفكار السلبية التي يحاولون نشرها والابتعاد عنها تمامًا لأنها تولد طاقة سلبية، وهذا لا يعني تجاهلهم تمامًا بل لابد أيضًا من عدم محاولة إقناعهم بالتغيير لأنه يعتبر مضيعة للوقت دون فائدة أو تأثير، وتبدأ مرحلة اقتراح الحلول بطريقة ذكية لحل مشاكلهم وفي حالة استمرارهم في التذمر والشكوى يكون ذلك استمرارًا لتفريغ الطاقة السلبية لديهم، هنا لابد من وضع حدود للتعامل معهم لأن سلبيتهم ليست مسؤوليتنا والابتعاد عنهم يكون هو الحل الأمثل لأن السيطرة وعدم الانفعال في هذه المواقف ذكاء في التعامل معهم وعدمها يعني الدخول في معركة خاسرة معنويًا وحضوريًا ووقتيًا.

وحث الدين الإسلامي على آداب التعامل مع الآخرين وكان رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قدوة لنا في ذلك من تعامله مع أصحابه والمسلمين وحثهم على مراعاة الناس وإنزالهم منازلهم، وكان عليه الصلاة والسلام قريبا من أصحابه يعرف نفسياتهم وقابليتهم للأمور ويعرف ما يحبونه وما يكرهونه رغم طاعتهم المطلقة له ويحرص على حل مشاكلهم كل حسب طاقته واستعداده لأنه اختلط معهم في بيئتهم وحياتهم بتواضع وحب وأدرك مزاياهم الشخصية والنفسية حتى بلغت ثقة أصحاب النبي به مبلغًا عظيمًا كما كانت ثقته عليه الصلاة والسلام في أصحابه بسبب التعامل المميز والحب والاحترام والتواضع والمشاركة كما قال الله تعالى له في سورة آل عمران «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» (الآية-159).

وختامًا فإن فن التعامل مع الآخرين من أسباب جلب السعادة وشعور الناس بحبهم لبعضهم البعض ويساهم في معرفة الآخرين مما يقلل من المشاكل والمشاحنات ويوضح الأسس الصحيحة في التعامل مع مختلف الفئات من الناس وبناء علاقات أساسها المحبة والود والاحترام تساهم في تخطي مخاوف التعامل مع الآخرين وتكسب أفراد المجتمع الثقة في النفس والانخراط في المجتمع والتفاعل معه بشكل إيجابي وفعال يساعد على بناء أفراد متحابين ومتعاونين ومتجانسين يخدمون مجتمعهم بشكل أفضل.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة