نفائس ودرر

من نفائس ودرر العلامة ابن القيم
-رحمه الله-
(سِرُّ الْمَسْأَلَةِ:
أَنَّ الطَّاعَةَ تُوجِبُ الْقُرْبَ مِنَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، فَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْقُرْبُ قَوِيَ الْأُنْسُ، وَالْمَعْصِيَةُ تُوجِبُ الْبُعْدَ مِنَ الرَّبِّ، وَكُلَّمَا زَادَ الْبُعْدُ قَوِيَتِ الْوَحْشَةُ).
[الجواب الكافي ص: ٧٦].
(ومتى رأيتَ القلبَ قد ترَحّلَ عنه حُبّ الله والاستعداد للقائه؛ وحلّ فيه حُبُّ المخلوق والرضا بالحياة الدنيا والطمأنينة بها فاعلم أنه قد خُسف به ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى فاعلم أن قحطها من قسوة القلب وأبعد القلوب من الله القلب القاسي. ومتى رأيت نفسك تهرب من الأنس به إلى الأنس بالخلق ومن الخلوة مع الله إلى الخلوة مع الأغيار فاعلم أنك لا تصلح له).
[بدائع الفوائد(٣ / ٢٢٤]
(فَالْحَيَاةُ فِي الْحَقِيقَةِ حَيَاةُ الْقَلْبِ، وَعُمُرُ الْإِنْسَانِ مُدَّةُ حَيَّاتِهِ فَلَيْسَ عُمُرُهُ إِلَّا أَوْقَاتَ حَيَاتِهِ بِاللَّهِ، فَتِلْكَ سَاعَاتُ عُمُرِهِ).
[الجواب الكافي ص: ٥٥].
(وَمَنْ كَانَ مُسْتَوْحِشًا مَعَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَوَحْشَتُهُ مَعَهُ فِي الْبَرْزَخِ يَوْمَ الْمَعَادِ أَعْظَمُ وَأَشَدُّ، وَمَنْ قَرَّتْ عَيْنُهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا قَرَّتْ عَيْنُهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ وَيَوْمَ الْبَعْثِ فَيَمُوتُ الْعَبْدُ عَلَى مَا عَاشَ عَلَيْهِ، وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ).
[اجتماع الجيوش ٢ /٨٣ ].
(فَإِذَا كَانَتِ الْأُمُّ تَتْرُكُهُ فِي الْمَكْتَبِ، وَتُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، وَالصَّبِيُّ يُؤْثِرُ اللَّعِبَ وَمُعَاشَرَةَ أَقْرَانِهِ، وَأَبُوهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ وَلَا قُرْعَةٍ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ، وَمَتَى أَخَلَّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الصَّبِيِّ وَعَطَّلَهُ، وَالْآخَرُ مُرَاعٍ لَهُ فَهُوَ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِهِ. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: تَنَازَعَ أَبَوَانِ صَبِيًّا عِنْدَ بَعْضِ الْحُكَّامِ، فَخَيَّرَهُ بَيْنَهُمَا، فَاخْتَارَ أَبَاهُ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: سَلْهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتَارُ أَبَاهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أُمِّي تَبْعَثُنِي كُلَّ يَوْمٍ لِلْكُتَّابِ، وَالْفَقِيهُ يَضْرِبُنِي، وَأَبِي يَتْرُكُنِي لِلَّعِبِ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَقَضَى بِهِ لِلْأُمِّ، قَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ).

[زاد المعاد ٥ / ٤٢٤].