مفهوم الخلافة ..

السلام عليكم ..

الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية شكلت العالم كما نراه اليوم , وبريطانيا وفرنسا عبر ما يعرف " بسايكس بيكو " شكلت العالم العربي وبعض الإسلامي كما نراه اليوم بعد ان انهت الخلافة العثمانية الإسلامية , فأنتهى مصطلح الخلافة كله ولم يعد متداولا الا في كتب التراث والتاريخ والدراسات والقليل جدا من الباحثين , حتى اعلن فجأة عام 2014 م ما يسمى " بتنظيم الدولة " عن تأسيسه لدولة الخلافة الأسلامية في العراق وسوريا على ان تتمدد لا حقا كما كان يعتقد الى سواها من امصار وليتجدد معها السؤال الجديد القديم , فيما إذا كانت إقامة الخلافة واجب امة ام انها لاتعدو كونها اجتهاد فرد او جماعة ..

هناك من يقول أن إقامة الخلافة الإسلامية القادرة على جمع شتات المسلمين في كل مكان واجب على المسلمين , لأن الصحابة رضوان الله عليهم في سقيفة بني ساعدة قدموا موضوع الخلافة وانشغلوا به على دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويستدلون على صدق رؤيتهم من أن الأمة لم تشهد رفعة وعزة إلا في ظل الخلافة الإسلامية التي كان آخرها الخلافة العثمانية التي حاربها الغرب والشرق لإدراك أعداء الإسلام أن بقاء المسلمين في دولة واحدة هو من عوامل قوتهم ، وأن باستطاعتهم النهوض في أي وقت ما دام قرارهم السياسي والإجتماعي موحد ..

بينما يرى اخرون ( وانا مع هذا الرأي ) أن هذا لم يرد فيها نص قطعي يستوجب التمسك به ، ويشغل المسلمين عن تحقيق مقاصد الشريعة من إقامة الدولة التي هي في حقيقة الأمر وسيلة لبلوغ غايات وتحقيق أهداف وليس العكس , ويرون إن مقاصد الشريعة من إقامة الدولة إذا تحققت تحت أي مسمى من المسميات الحديثة للدول هو الهدف وليس المسميات ، لأن المطلوب شرعا من إقامة الدولة في الإسلام هو تحقيق الوحدة والعدل والمساواة عن طريق العدالة الاجتماعية ، والحكم الرشيد وتوفير أسباب العيش الكريم للمسلمين ، بغض النظر عن ما إذا كانت هذه الدولة خلافة إسلامية أو دولة ديمقراطية أو غير ذلك وأن لفظ الخلافة إذا اختفى من قاموس المسلمين وعملوا على تحقيق أهادفه لن يؤثر ذلك على دينهم ، فالموضوع لا علاقة له بعقائد الناس ولا بالفرائض التي فرضها الله عليهم ..

واعتقد ان ما سمي " بدولة الخلافة " في العراق والشام ساهم بشكل كبير في وأد مفهوم الخلافة ونفور الناس منها قولا ومعنى وطبعا تطبيقا فدولة "الخلافة الإسلامية المزعومة" ارتكبت من الفظائع ما يتنافى مع مقاصد الشريعة القائمة على الرحمة والعدل , ففي الوقت الذي تكافح فيه الشعوب العربية و الإسلامية لتتحررمن بعض النظم الاستبدادية , هذه الشعوب غير مستعدة حاليا لقبول مجموعة جديدة لتعلن خلافتها بنفس الطريقة ولتنصب خليفتها بنفس الطريقة بعيدا عن النهج الصحيح لمفهوم الخلافة , وفي هذا شر ووبال على هذه الأمة وليست في حاجة اليه ..