منتديات قبائل شمران الرسمية


المنتدي الاسلامي خــاص لاهل السنة والجماعة فقط .!

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 01-07-2020, 11:13 PM   #1
موقوف
 

ابو طلال* is on a distinguished road
افتراضي وترى الجبال تحسبها جامدة

وترى الجبال تحسبها جامدة

من الآيات الكونية المتضمنة لحقيقة علمية، لم تكن معروفة من قبل البشر في العصر الذي نزل فيه القرآن، ولم يتمكن البشر من كشفها إلا بعد مرور ما يزيد على ألف عام من نزول القرآن الكريم قوله سبحانه: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون} (النمل88) فقد أخبرت هذه الآية بحقيقة علمية بالغة الأهمية، لا يمكن للبشر أن يكتشفوها بحواسهم المجردة، بل يحتاج إثباتها إلى طرق غير مباشرة.

ونستبق القول هنا بما ذكره المفسرون المتقدمون في المراد من الآية؛ فالذي قاله جمهورهم: إن الآية حكت حادثاً يحصل يوم ينفخ في الصور، فجعلوا قوله تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدة} عطفاً على قوله سبحانه: {ويوم ينفخ في الصور} (النمل:87) أي: ويوم ترى الجبال تحسبها جامدة، إلخ. وجعلوا الرؤية بصرية، و{مر السحاب} تشبيهاً لتنقلها بمر السحاب في السرعة، وجعلوا اختيار التشبيه بـ (مرور السحاب) مقصوداً منه إدماج تشبيه حال الجبال حين ذلك المرور بحال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها، فيكون من معنى قوله سبحانه: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش} (القارعة:5)، وجعلوا الخطاب في قوله تعالى: {وترى} لغير معين؛ ليعم كل من يرى، وجعلوا معنى هذه الآية في معنى قوله تعالى: {ويوم نسير الجبال} (الكهف:47). فلما أشكل أن هذه الأحوال تكون قبل يوم الحشر؛ لأن الآيات التي ورد فيها ذكر (دك الجبال) و(نسفها) تشير إلى أن ذلك في انتهاء الدنيا عند (القارعة) وهي (النفخة الأولى) أو قبيلها، فأجابوا بأنها تندك حينئذ، ثم تسير يوم الحشر، لقوله: {فقل ينسفها ربي نسفا} (طه:105) إلى أن قال: {يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له} (طه:108) لأن الداعي هو إسرافيل.

وقال بعض المفسرين: هذا مما يكون عند النفخة الأولى، وكذلك جميع الآيات التي ذكر فيها (نسف الجبال) و(دكها) و(بسها). والقائلون بهذا لم يجعلوا عطف {وترى الجبال} على {ينفخ في الصور} (النمل:87) حتى يتسلط عليه عمل لفظ (يوم) بل جعلوه من عطف الجملة على الجملة، و(الواو) لا تقتضي ترتيب المعطوف بها مع المعطوف عليه، فهو عطف عبرة على عبرة، وإن كانت المذكورة أولاً حاصلة ثانياً.

وجعل كلا الفريقين قوله عز وجل: {صنع الله} وما بعده مراداً به تهويل قدرة الله تعالى، وأن (النفخ في الصور) و(تسيير الجبال) من عجيب قدرته، فكأنهم تأولوا (الصنع) بمعنى مطلق الفعل من غير التزام ما في مادة (صنع) من معنى التركيب والإيجاد، فإن (الإتقان) إجادة، والهدم لا يحتاج إلى إتقان.

وقد عقب ابن عاشور على قول المفسرين بقوله: "وليس في كلام المفسرين شفاء لبيان اختصاص هذه الآية بأن الرائي (يحسب الجبال جامدة) ولا بيان وجه تشبيه سيرها (بسير السحاب) ولا توجيه التذييل بقوله تعالى: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} فلذلك كان لهذه الآية وضع دقيق، ومعنى بالتأمل خليق؛ فوضعها أنها وقعت موقع الجملة المعترضة بين المجمل وبيانه من قوله سبحانه: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} (النمل:87) إلى قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون} (النمل:89) بأن يكون من تخلل دليل على دقيق صنع الله تعالى في أثناء الإنذار والوعيد إدماجاً وجمعاً بين استدعاء للنظر، وبين الزواجر والنذر، كما صنع في جملة {ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه} (النمل:86).

أو هي معطوفة على جملة {ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه} النمل:86)، وجملة {ويوم ينفخ في الصور} (النمل:87) معترضة بينهما؛ لمناسبة ما في الجملة المعطوف عليها من الإيماء إلى تمثيل الحياة بعد الموت، ولكن هذا استدعاء لأهل العلم والحكمة؛ لتتوجه أنظارهم إلى ما في هذا الكون من دقائق الحكمة، وبديع الصنعة. وهذا من العلم الذي أُودع في القرآن؛ ليكون معجزة من الجانب العلمي يدركها العلماء، كما كان معجزة للبلغاء من جانبه النظمي.

فإن الناس كانوا يحسبون أن الشمس تدور حول الأرض، فينشأ من دورانها نظام الليل والنهار، ويحسبون الأرض ساكنة. واهتدى بعض علماء اليونان إلى أن الأرض هي التي تدور حول الشمس في كل يوم وليلة دورة، تتكون منها ظلمة نصف الكرة الأرضي تقريباً، وضياء النصف الآخر، وذلك ما يُعَبَّر عنه بالليل والنهار، ولكنها كانت نظرية مرموقة بالنقد، وإنما كان الدال عليها قاعدة: أن الجِرْم الأصغر أولى بالتحرك حول الجِرْم الأكبر المرتبط بسيره، وهي علة إقناعية؛ لأن الحركة مختلفة المدارات، فلا مانع من أن يكون المتحرك الأصغر حول الأكبر في رأي العين وضبط الحساب، وما تحققت هذه النظرية إلا في القرن السابع عشر بواسطة عالم الرياضيات والفلك (غاليليو غاليلي) الإيطالي.

والقرآن يدمج ضمن دلائله الجمة، وعقب دليل تكوين النور والظلمة دليلاً رمز إليه رمزاً، فلم يتناوله المفسرون، وإنما ناط دلالة تحرك الأرض بتحرك الجبال منها؛ لأن الجبال هي الأجزاء الناتئة من الكرة الأرضية، فظهور تحرك ظلالها متناقصة قبل الزوال إلى منتهى نقصها، ثم آخذة في الزيادة بعد الزوال. ومشاهدة تحرك تلك الظلال تحركاً يحاكي دبيب النمل أشد وضوحاً للراصد، وكذلك ظهور تحرك قممها أمام قرص الشمس في الصباح والمساء أظهر مع كون الشمس ثابتة في مقرها بحسب أرصاد البروج والأنواء.

ولهذا الاعتبار غير أسلوب الاستدلال الذي في قوله تعالى: {ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه} (النمل:86) فجعل هنا بطريق الخطاب {وترى الجبال}. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ تعليماً له لمعنى يدرك هو كنهه؛ ولذلك خص الخطاب به، ولم يعمم كما عمم قوله: {ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه} (النمل:86) في هذا الخطاب؛ وادخاراً لعلماء أمته الذين يأتون في وقت ظهور هذه الحقيقة الدقيقة. فالنبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على هذا السر العجيب في نظام الأرض، كما أطلع إبراهيم عليه السلام على كيفية إحياء الموتى، اختص الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعلم ذلك في وقته، وائتمنه على علمه بهذا السر العجيب في قرآنه، ولم يأمره بتبليغه؛ إذ لا يتعلق بعلمه للناس مصلحة حينئذ، حتى إذا كشف العلم عنه، وجد أهل القرآن ذلك حقاً في كتابه.

وهذا التأويل للآية هو الذي يساعد قوله: {وترى الجبال} المقتضي أن الرائي يراها في هيئة الساكنة، وقوله: {تحسبها جامدة} إذ هذا التأويل بمعنى الجامدة، هو الذي يناسب حالة الجبال؛ إذ لا تكون الجبال ذائبة". (انتهى كلام ابن عاشور).

والحقيقة الكبرى التي أوردتها هذه الآية هي ما يسميه العلماء اليوم بمبدأ نسبية الحركة، والذي مفاده أن الشيء الذي يبدو للمراقب ساكناً، قد لا يكون كذلك، بل قد يكون متحركاً، والشيء الذي يبدو أنه يتحرك بسرعة بطيئة، قد تكون سرعته عالية جداً. وبغض النظر عن اختلاف علماء التفسير فيما إذا كانت هذه الآية تتحدث عن ظاهرة يعايشها البشر في حياتهم الدنيا، أما أنها من ظواهر يوم القيامة، فإن لها قصب السبق في تقرير حقيقة نسبية الحركة. فالآية تتحدث بكل وضوح عن ظاهرة عجيبة، وهي أن الناظر إلى الجبال تبدو له جامدة، أي: ساكنة، ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، بل إنها في حركة دائبة.

وقبل بيان ما تحمله هذه الآية من دلالات، لا بد من شرح مبدأ نسبية الحركة، والذي اكتشفه غاليليو، ونشره في أحد كتبه في عام (1632م).

ينص مبدأ نسبية الحركة على أن سرعة أي جسم متحرك، لا يمكن قياسها بشكل مطلق، ولكن يتم تحديدها بشكل نسبي من خلال قياسها بالنسبة لمرجع إسناد قصوري. ومراجع الإسناد القصورية، هي مراجع إسناد يتحرك بعضها بالنسبة للبعض الآخر بسرعات منتظمة، وتتخذ قوانين الفيزياء فيها الشكل الرياضي نفسه، وذلك على عكس مراجع الإسناد غير القصورية، التي لا تتخذ فيها قوانين الفيزياء الشكل نفسه، بسبب وجود تسارع، أو عجلة بين هذه المراجع.

وبناء على مبدأ نسبية الحركة، فقد وضع غاليليو قانون لقياس السرعات النسبية في مراجع الإسناد القصورية المختلفة، وهو قانون جمع السرعات، والذي ينص على أن السرعة التي يقيسها مشاهد في مرجع إسناد معين لجسم متحرك في مرجع إسناد آخر تساوي سرعة الجسم بالنسبة لمرجع الإسناد الذي هو فيه مضافاً إليها السرعة النسبية بين الإسنادين.

وقد وضَّح غاليليو مبدأ نسبية الحركة بما يجري من أحداث في داخل سفينة تتحرك بسرعة ثابتة في عرض البحر، ونحن نوضحها هنا على ما يجري من أحداث في داخل طائرة تطير في الجو بسرعة ثابتة تبلغ ألف كيلومتر في الساعة. إن ركاب الطائرة إذا ما كانت سرعتها ثابتة تماماً، فإنهم يتصرفون على ظهرها كما لو كانوا على سطح الأرض، ولا يكادون يشعرون بأن الطائرة تسير بهم بهذه السرعة العالية، وكذلك فإنهم يرون أن الأجسام على سطح الطائرة تتصرف وفق القوانين الفيزيائية التي تحكم الأشياء على سطح الأرض. فإذا ما سقط شيء من أيديهم، فإنه يسقط على المكان الذي يقع تحت أيديهم مباشرة، وإذا ما رمى أحدهم بشيء ما في داخل الطائرة، فإن سرعته في أي اتجاه لن تختلف عن سرعته فيما لو رماه وهو على سطح الأرض. ولو أن أحدهم جرى من مؤخرة الطائرة باتجاه مقدمتها بسرعة ثابتة، ولتكن خمسة كيلومترات في الساعة، فإن سرعته بالنسبة لسطح الطائرة، ستكون نفسها فيما لو جرى بالاتجاه المعاكس. ولكن الأمر يختلف تماماً لمشاهد يقيس سرعة هذا الشخص من على سطح الأرض، فسرعته هي ألف وخمسة كيلومترات في الساعة، إذا كان يجري من مؤخرة الطائرة إلى مقدمتها، وتسعمائة وخمس وتسعون، إذا كان يجري في الاتجاه المعاكس، وذلك بحسب موقع المشاهد.

تابع



ابو طلال* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
من عقب فتل الحبال وعقب نقض الحبال للشاعر عبدالله حشار الشمراني أبو شريح الشمراني ديوان شعراء قبائل شمران 0 09-23-2020 12:39 AM
صبحوا في بيشة الفيحاء وترج وحرقوا في ليه صوت المنتدى ديوان الشاعر المرحوم:ناصر بن ثواب الشمراني 21 06-20-2013 12:42 PM
امانه تدخل (ي) وترى (ن) هذ الموضوع امـــــآآآآآآآآآآآآآآنه ما راح تندم (ين) ابو عزه الخواطر والقصص والروايات 1 12-11-2010 05:40 AM
الإتحاد الآسيوي يطلب من إدارة سيونغنام الكوري الجنوبي الضمانات حول عشب ملعبها....لكن لاحياة لمن تنادي ادخل وترى ماذا صنعو!! sa000ad الرياضة والرياضيين 4 09-30-2010 10:00 AM
مجموعة من الصور لثلج وبرد وامطار حفرالباطن يوم الخميس 24/3/1428 Hâkâ®ôk yâ GâlBê الصور والمناظر الطبيعية ومقاطع الفيديو 6 11-19-2007 03:49 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية