مثل شعبي( يــرد الصــاع صاعـيـن)

مثل شعبي

يــرد الصــاع صاعـيـن

في معظم أقوالنا وحماستنا في ردود الأفعال وعندما نريد رد الاعتبار نورد المثل القائل: "نرد الصاع صاعين"، والمقصود تجاوز المتوقع في الرد، وشدة الألم بما هو أكثر منه إيلاماً، ويبدو أن المثل معظم استخداماته تهديد وردع، والصاع هو المكيال المعروف، ومن يرده بمثله فقد عدل، وأما القصور عنه فتسامح وعفو، والزيادة عليه جور.

وتغلب علينا الأقوال والمبالغة فيها عادة، خاصة عندما نريد الظهور بمظهر المنتصر الواثق الذي لم يتزعزع أو يضعف بسبب موقف، وتهديد الخصوم يكون بضرب هذا المثل في حالة محاولة الردع عن المضي في العداوة، وكأنه يعد لهم عدة مضاعفة ورداً أقسى.

يقول أبو قيس الأسلت الأنصاري:

لَيْسَ قَطاً مِثْلَ قُطَيٍّ وَلا

الْمَرْعيُّ في الأَقْوَام كالرَّاعي

لا نَأَلَمُ القَتْلَ ونَجْزِي بهِ

الْأَعْدَاءَ كَيْلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ

نَذُودُهُمْ عَنَّا بِمُسْتَنَّةٍ

ذَاتِ عَرَانِينَ ودُفَّاعِ

كأَنَّهُمْ أُسْدٌ لَدَى أَشْبُل

يَنْهِتْنَ في غِيلٍ وأَجْزَاعِ

والشاهد هنا كيل الصاع بالصاع، فلو كان كذلك لكان الرد مماثلاً صاعاً بصاع.

وفي البيت التالي ما يماثل قولنا الصاع بالصاعين، تقول في البيت:

ويبكي فأبكي رحمة لبكائه‌

إذا ما بكى دمعا بكيت له دما

فبكاء الدمع مقابل الدمع مثل الصاع بالصاع، ولكن بكاء الدم مقابل الدمع يزيد في ردة الفعل والجزاء، فيكون الصاع صاعين، ولكنه هنا ليس عداوة بل العكس.

وفي هذا المعنى يقول الشاعر فهد بن إبراهيم المفرج:

عدونا يلبس ثياب الصداقة

ما يدري ان حنا عن الوضع دارين

يبي يخادعنا بضحك ولباقة

قدامنا لا صارت العين في العين

اليا نقز ينقز على عظم ساقه

واليا برك يبرك بروك البعارين

سوالفه وسط المجالس دقاقة

ولا غاب عنا يردف الصاع صاعين

ناصر الحميضي