أحلام اليقظة

بسم الله الرحمن الرحيم

تعرف أحلام اليقظة في علم النفس بأنها “إطلاق الخيال ليجول في عالم من التصورات اللذيذة التي يضع الحالم فيها نفسه في مواقف سارة تبعث اللذة والانبساط إلى قلبه”، أو

بمعنى آخر يمكن القول إن أحلام اليقظة وسيلة الحالم إلى إشباع ما في نفسه من احتياجات لا يتسنى له إشباعها في الحقيقة،

فمثلاً المحروم من المال قد يحلم بالثراء فيتخيل نفسه يمتطي سيارة فخمة ويسكن قصراً وتمتلئ محفظته بالنقد، والمستضعف الواقع تحت طغيان قوة قاهرة قد يحلم باكتساب القوة وإعلان التمرد وتحقق الغلبة له على من قهره، والحبيب المهجور قد يحلم بعودة الوصل والالتحام بمن يحب، وهكذا تظهر أحلام اليقظة عاكسة سعي الفرد إلى إشباع حاجة في نفسه،


أما أحلام النوم فليست كذلك دائماً، أحلام النوم تفرض نفسها عليك ولا إرادة لك في اختيارها، هي تأتي إليك وفق ما يسوقه لك عقلك الباطن، فتأتي مرة مرضية ومرة مرعبة، ومفرحة حينا ومحزنة حينا، وهي في غالب المرات إن لم تكن سيئة لا تكون سارة، ونادراً ما تكون لذيذة وممتعة، أما أحلام اليقظة فحالها مختلف تماماً، في أحلام اليقظة أنت تختار حلمك، وتنتقي أبطاله، وتسير أحداثه، أنت لا تحلم بأشياء تخيفك أو أشياء تبغضها أو تسوؤك، ولذا فإنك تضمن أن لا يظهر على سطح الحلم سوى ما يسر ويبهج.


إلا أنه برغم ذلك، فإن الناس اعتادوا أن لا يذكروا أحلام اليقظة إلا مصحوبة بشيء من السخرية والتهكم، فهي تكاد تكون مرتبطة في أذهانهم بسن المراهقة التي تنشط فيها التخيلات لدى المراهق فيلجأ إلى أحلام اليقظة ليشبع عبر الوهم ما لا يستطيع إشباعه في الواقع من أمان ورغبات.

وهذا ما يدفع بالبعض إلى النظر إلى أحلام اليقظة كشيء تافه لا يمارسه الناضجون والعقلاء، فهي فضلاً عن كونها مجرد خيال لا يقدم ولا يؤخر، هي تبعد الحالم عن واقعه فتعيقه عن التوجه إلى العمل الفعلي الذي يحقق له بلوغ أهدافه، فالحالم غالباً يستغني بالحلم عن الفعل فيترك خياله يهيم في دنيا من الجمال والنجاح والحب فيشبع كل احتياجاته عبر تلك الرحلة الخيالية ويفرغ خلالها ما بداخله من تطلعات فيهدأ خاطره وتطيب نفسه فما يعود يشعر بدافع إلى العمل، وهذا ما يجعل البعض يقف موقفاً مناهضاً لأحلام اليقظة، حيث يرى فيها إضراراً بصاحبها لكونه يكتفي بأحلامه عن التوجه إلى تغيير حاله وإصلاح وضعه.


لكن هناك من له رأي آخر مختلف تماماً، فأحد المختصين بالدراسات النفسية يرى أن هناك نوعاً من أحلام اليقظة إيجابي في تأثيره على الفرد وهو ما كان منها موجهاً إلى العمل على الارتقاء بالذات وليس تلك التي تكون مركزة على النواحي الوجدانية والانفعالات العاطفية. ولذلك هو ينصح أن يخصص المرء لنفسه وقتاً كافياً يحلم فيه، فالانخراط في أحلام اليقظة، كما يقول، يساعد على التوافق الاجتماعي الناجح ويعين على اكتشاف آفاق جديدة يمكنه غزوها واستثمارها.


ودي وأحترمي