كنيسة جدة ..

السلام عليكم ..

تأملوا هذه الصورة جيدا ..

هذه الصورة كانت محور حديثنا الثقافي قبل عدة اشهر مع مجموعة من الأحباب مثلكم , الحديث يدور في مجمله عن تضارب الأقوال في وجود كنيسة وجالية مسيحية في مدينة جدة سابقا من عدمه ..
انقسم المتحدثين الى جناحين , جناح يقول بوجود جالية مسيحية في جدة لهم كنيستهم ولهم مقابرهم .. الخ , بل وارفق احدهم هذه الصورة على انها كنيسة جدة , وانها كانت تستخدم فيما مضي من قبل البحارة الأوروبيين اللذين كانت سفنهم ترسو بميناء جدة قديما , حيث كان موقع الكنيسة يقع خارج نطاق مدينة جدة الصغيرة حينها ..

أما سبب وجودها إلى الآن وعدم هدمها فلأن الأرض والمبنى مملوكة للكنيسة الإنجليكانية البريطانية , ويُقال أنها مملوكة للفاتيكان فلم تستطع البلدية حينها هدمها , ان كان هناك بلدية حينها , وكذلك العكس ايضا , قلم تستطع الكنيسة الأم ترميم المبنى الموجود لأن ذلك يتطلب تصريحاً من البلدية وهذا ما لا يمكن ترخيصه لأسباب معروفة ، لذا بقى الوضع على ما هو عليه إلا أن يسقط المبنى من تلقاء نفسه ..

الجناح الأخر يقول , لا - هذا ليس كنيسة بل هو في الحقيقة بيت الشيخ محمد علي عبده الجهني أحد وجهاء مدينة جدة القديمة , ويقع البيت في حي البغدادية وقد بُني قبل هدم سور المدينة التاريخي , عاش به الشيخ محمد فتره من الزمن بعد ان انتقل اليه من مسكنه في حارة الشام حتى توفاه الله , وبعد وفاة الشيخ محمد هُجر البيت لسنوات طويله ادت الى تهدم معظم ارجائه وتغير ملامحه الحقيقية , وقد تداول البعض قصصاً وحكايات ومنها ان هذه البيت هو تلك كنيسة وان تواجده خارج سور مدينة جدة منذ القدم بسبب وجود بعض المسييحين في المدينة القديمة ممن لا يستطيعون التعبد وممارسة شعائرهم الدينية مما حدا بهم لبناء كنيسة في مكان بعيد , ليس ذلك فحسب بل اشار بعضهم الى الى بعض العلامات لتأكيد هوية الكنيسة مثل مكان وجود الناقوس واتجاه القبله ناحية فلسطين وغير ذلك من الأمور ..
هناك راي ثالث يقول بأن هذه البيت كان فناراً لميناء مدينة جدة القديم ..

كل هذه الأراء عرضتها على صديق لي في أمانة جدة , فقال لي , ان بعض ما ذكرت يا دكتور ليس الا اشاعات تناولتها بعض المنتديات والصحف وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي خلال وقت من الأوقات , واما الحقيقة فإن المسيحيين كانوا موجودين في جدة وكانت لهم دورعبادة خاصة بهم , وليس كنيسة بالمفهوم المتعارف عليه للكنائس , بل ان كان لهم مقبرتهم في جدة ولا تزال لوحات شوارع البلدية تدل عليهم , اما البيت الذي تتحدث عنه فهو ملكا للشيخ محمد علي عبده الجهني بموجب الصك الشرعي رقم 6448 بتاريخ 19 ذو الحجه 1367هـ , وعندما سألته , لماذا كان هذا البيت لوحده خارج اسوار جدة القديمة حينها قال : محمد علي عبده كان رجل ميسور الحال يحب الهدوء ويحب يجلس لوحده كثيرا ولذلك سكن تلك المنطقة الهادئة خارج السور , وقد بني هذا البيت بشكل غريب ومختلف عن باقي بيوت جدة داخل السور, ولم نسمع عن شيء اسمه أميرا للبحر في جدة القديمه او بيت له فقد كان شيخ المعادي ( السفن ) يقوم بكافة أمور البحر والسفن حينها , والفنار لا يمكن وجوده في تلك المنطقة بسبب بعدها عن الميناء , فإذا كان في جدة فناراً فالأولى أن يكون في وسط البحر او بالقرب من الميناء حتى يرشد السفن وليس بعيداً في تلك المنطقة ..

اما الجرس فلم يكن دلالة على كنيسة او بطيخ , الجرس كان وسيله يستخدمها الشيخ محمد علي لمناداة اولاده او احد الصبيان العاملين لديه اذا ما تأخروا داخل جدة القديمة المسورة حينها , فبدلاُ من ان ينادي عليهم بأعلى صوته كان رحمه الله يدق الجرس ..

وبعد اخذ ورد حول هذا الموضوع استمر اكثر من شهرين تقريبا يبدو ان هذا البيت لم يكن كنيسة بل بيتا مملوكا حتى الأن لورثة الشيخ محمد الجهني , خصوصا وانه لم يزال ومشمول حاليا بخطة التطوير الجديدة في مدينة جدة , والله اعلم ..