منتديات قبائل شمران الرسمية

منتديات قبائل شمران الرسمية (http://vb.shmran.net/index.php)
-   المنقولات الأدبية (http://vb.shmran.net/forumdisplay.php?f=153)
-   -   هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به (http://vb.shmran.net/showthread.php?t=53208)

الحمدان 07-11-2024 02:25 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وأَصبرُ في الحياة على هُمُوم
تَضيقُ ببعضها ذرْعُ الحليم

طريقيَ كلُّه صخرٌ، وإني
لأَعثر بالحصاة على الأديم

وكم خِلٍّ حميم لم أزُرهُ
وبي شوقٌ إِلى الخِلِّ الحميم

ولوْ أنِّي استطعت وَصَلْتُ أهْلي
وصحبي، بل سَعَيْتُ إلى خُصُومي

ألَمْ تسرَنِي أخا ظَلْعٍ إذا ما
مشيتُ، وكنت أعدي من ظَلِيم؟

كأَنِّي من أسَايَ على شبابي
أُمثِّل مِشْيَةَ الطفل الفطيم

حملت عصاي مُتَّكَأً، وكانت
لمحْضِ الزَّهوِ في الزمن القديم

وما كانت لتَجبُرَ ضعفَ ساقي
ولو كانت عصا موسى الكَلِيم

وهل تُغْنِي عصًا من عُود نَبْعٍ
إذا ما السَّاقُ كانت من هَشِيم؟

ورُبَّ مُجَامل لي عِنْد سَيْرِي
أُحسُّ بطعنه ليَ في الصميم

آنَفُ أَن يَمُدَّ إِلَّى حُرٌّ
يَدًا، وأضِيقُ بالقلب الرحيم!

وأفزع حين تُبْدِلُني حَنَانًا
بحبٍّ ربَّةُ الوجه الوسيم

وأَسمع إِن دَعَتْنِي الغِيدُ عَمًّا
هزيمَ الرَّعْدِ في الصوت الرخيم

فإِن تَكُ ساقِيَ اعتلَّتْ، فما إن
مَشتْ إلا على نَهْج قويم

وحَسْبي أَنَّ سَاقِيَ وَهْيَ تشكو
سَعَت بي بين زَمْزَمَ والحَطيم

وحسبي أن يصيبَ الدَّاءُ جسمي
وتَسْلَمَ منه أخلاقي وَخيمي

وَإِنْ تقصر خُطَايَ، فرُبَّ خطْوٍ
قصيرٍ نمَّ عن خُلُق كريم

أما يمشي عبادُ الله هَوْنًا
كما في آية الذِّكْرِ الحكيم؟

أما تَعْدُو الأَرانبُ والهُوَيْنَا
تُمَثِّلُ مِشْيَة الأسد الشتيم؟

وليس العيبُ في ساقي ورُسْغي
لعمرُ أبيك، بل شَيْبِي غَريمي

إذا ما الرأُسُ شاب، فكلُّ طبٍّ
يضاعِفُ علَّة العضو السَّقيم

تزيد مفاصلي الإِبَرُ التهابا
كأنَّ المصلَ يُصْنَع من سموم

وقالوا: الشيب حَزْمٌ، قلت كلاَّ
سليمُ العقل في الجسم السليم

ومن شَغَفِي بلون سَوَاد شَعْرِي
أَلِفْتُ السُّهد في الليل البهيم

ولم أر مثل داءِ الشَّيْب أعْيا
أُناسًا يَصعَدون إلى النجوم

يئستُ من الوَرَى، وَوَثِقْتُ فيمن
يُعِيدُ الرُّوحَ في العظم الرَّمِيم

قضيت العمر أَمْقُتُ كلَّ ضعفٍ
فكيف مُنيتُ بالضعف المُقِيم

كفاني أَنَّني قد عشتُ حتى
سمعتُ هَزِيجَ غِرْبان، وبوم

وأني صِرتُ مطمعَ كلِّ عَادٍ
قليلِ الحَوْلِ ذي خدٍّ لطيم

وليس يرى الكريمُ أشدَّ وقعًا
عليهِ من معاداة اللئيم

وإنَّ الحرَّ تأبَى نَعْلُه أنْ
تصافحُ هامةَ العبد الزنيم

فلا يُنْكرْ أَخلائي سُكُوتي
ولا يعجبْ خصومي من وجومي

وأقبحُ ما تراه العين خَلْقٌ
دميمٌ نَمَّ عن خُلُقٍ ذميم

وسِرْحانٌ يقلِّدُ ليْث غابٍ
وقِرْدٌ يدَّعي لَفَتَاتِ ريم

وذُو قَلَمٍ تجِلُّ الفَأسُ عَنْهُ
يفاخرُ بالنَّثِير وبالنَّظيم

وبعض الناس ذُو وَجْهٍ صَفِيقٍ
ينافس بَرْدهُ بَرْدَ الحُسُوم

وبعض الناسِ عند الرَّجْمِ أولى
بِهِ من كل شَيْطَان رجيم

أقِيمي، أوْ فَرِيمي، يَا حَياتي
سواءٌ: أَنْ تُقيمي، أو تَرِيمي

إذا ما عِشْتِ في جِيل جديد
فإنَّكِ فيه أشْبَهُ باليتيم

وحسبكِ أن تَرَىْ حَدَثًا غَريرًا
إليك بنظرة شزْراءَ يُومي

إذا شابَتْ نواصي اللَّيْثِ، هَمَّتْ
فريستُه عليهِ بالهُجوم

قَلَبْنَا الموت وهْو على قِلانَا
له يشفى من الدَّاءِ العَقيم

إذا ما الطِّبُّ أفلس، كان طِبًّا
لِمَا استعصى عليه من الكُلُوم

لعمرك، قد يكون الموت أحْنَى
على الأَحياء من أُمٍّ رءُوم

ولم أر مثلَ طيف الموتِ ضيفًا
يُلِمُّ بساحة الحُرِّ المَضِيم


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:25 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
كسوتُ الناس خزًا من ثنائي
وبتُّ من البلى أرفو كسائي

فوالهفي على أبيات شعر
أشيِّدها ولكنْ في الهواء!

أأنشئ كلَّ يوم ألفَ بيت
وأسكن بعد ذلك بالكراء؟

فلو طاب المقام ببيت شعر
إذًا لأقمتُ في أعلى بناء

إذًا لملأت شط النيل دُورًا
فلم تر فيه شبرًا من فضاء

وآويْتُ الأرامل واليتامى
ولم أتركْ شريدًا بالعراء

ولم أُوقع على السكان حَجزًا
ولو عَجَزَ الجميع عن الأداء

إذًا لملكت أحياءً بمصرٍ
تناطح دورها هام السماء

أطوف بهنَّ دارًا بعد دارٍ
فصيفي هاهنا، وهنا شتائي

ولكن لا مُقامَ ببيت شعر
يطيب، ولو بناه أبو العلاء

ألا، من يشتري أبياتَ شعري
بكوخ شِيدَ من طينِ وماء؟

فليس الطينُ أكرم من فؤادي
وليس الماء أغلى من دمائي


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:26 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وقفتُ أسائلها: ما لَها؟
وأبكى على البُعد أطلالَها!

سألتُ الرُّسومَ، كأن الرُّسومَ
تجيبُ على البعد سُؤَّالهَا

ودونَ «أجاديرُ»، خطبٌ يُصِمُّ
وَيشْغَلُ طارقُهُ بالَها

«أجاديرُ»، هل حان يومُ النَّشورِ
وزُلزِلَت الأَرضُ زِلزالَها؟

وهل بعثَ اللهُ مَنْ في القبورِ
وأخرجت الأَرضُ أثقالَها؟

عروسُ المدائنِ ماذا دهاها
بليلٍ فمزَّق أوصالها؟

وأرَّق بالهمِّ أسْحارها
وجلَّلَ بالغيم آصالَها؟

تفزَّعَت الشُّهْبُ في الأفق حينَ
رأتْ في «أجادير» ما هالَها

تهاوَتْ منازلُها مُعولاتٍ
فرَدَّدتُ البيدُ إعوالَها

ولم يُفلتِ الموتُ شُبَّانَها
ولم يُعتق الموتُ كُهَّالَها

ولم يرْهبُ الموْتُ شُبَّانَها
ولم يُعتق الموتُ كُهَّالَها

ولم يرْهبُ الموْتُ أسْدَ الشَّرَى
فغال الأسودَ وأشبالَها

ولم يرحمِ الموتُ ذاتَ سُوارٍ
قضتْ وهْيَ تحضنُ أطفالَها

تَوَدُّ لوَ أنَّ رسولَ المنايا
ترفَّقَ بالطفل واغتالَها

تباركتَ ربِّي! بَرأتَ النفوسَ
وقدَّرتَ في الغيبَ آجالَها

وكم لك في الكون من حكمةٍ
عن العقل أحكمْتَ أقفالَها

حنانيكَ ربِّي! تفَشَّي الدَّمارُ
على الأرض واجتاحَ نُزَّالَها!

تشقَّقَتْ الأرضُ عن جِنِّها
وساقتْ إلى الإنس أغوالَها

وصبَّتْ عليها السَّماءُ شواظًا
من النَّار تطلُبَ إشعالَها

«أجاديرُ» راع الوجودَ أساها
ونالَ العروبةَ ما نالَها!

إلاَ في سبيل العروبةِ بانٍ
يُقوِّمُ بالفنِّ ميَّالَها!

وكفُّ طبيبٍ تكُفُّ دماءَ
بنيها، وتحِقنُ سيَّالَها!

ومالٌ يجودُ به أريَحيٌّ
على أسرة فقَدَتْ مالَها!

فآلُ «أجادير» إخوانُنا
بأرواحِنا نفتدِي آلهًا

يقينُ بنيها على حالِهِ
وإنْ غيَّر الدهرُ أحوالها

لنا كاهلٌ حينَ تُلقى الخطوبُ
عليه ترَى فيه حمَّالَها

إذا الشرقُ طافَتْ به محنةٌ
فكم عَرَكَ الشرقُ أمثالَها

شعوبٌ صحَت بعد طول الكرى
تُعبِّئُ للمجد أبطالها

وتَنزعُ عن جيدِها طوقَها
وتقذِفُ في البحرِ أغْلالَها

ومِنْ مقْتِها للقيود تكاد ال
فتاةُ تحطِّمُ خَلخَالَها

لقد أقسَمَتْ أمَمُ الشرق ألاَّ
تهادِنَ من رام إذلالَها

فصار السلاحُ سوارَ الفتاةِ
ولَهوَ الضَّبيِّ إذا ما لَها

وكم أمَّةٍ ظنَّتْ الشرقَ مَرْعًى
خصيبًا فخيَّبَ آمالَها

حَدتْها إليه أمانٍ عراضٌ
فعادتْ تُلَمْلِمُ أذيَالَها


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:27 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
قالوا: المعلمُ. قلت: لَستُ أُغالي
إن قُلتُ: هذا صانِعُ الأَجيالِ

إن قلتُ: صوَّرها، وأَبَدَعَ خَلْقَهَا
لم يُغضِب الرَّحمنَ صِدقُ مقالِي

نُورُ المعلّمِ نفحةٌ قدسِيَّةٌ
من نُورِ وَجْه الخَالِق المُتعالي

وصَداهُ من صَوْت الإله، كأنَّهُ
إن رَاحَ يُطلِقُه أَذانُ بِلالِ

صَنَع الصواريخَ المُبِيدةَ غيرُهُ
وعلى يَدَيْه يتم صُنعُ رِجالِ

أبدًا يُبشِّر بالسَّلام، وليس مَنْ
بَيْنِي السَّلام كقَاطِع الآجالِ

جُنْدِيُّكِ المَجهولُ يا مِصْرُ الذي
لا فِي البُكورِ يَنِي، ولا الآصَال

في ساعة الجُلَّي يَجِئُ مَشَمِّرًا
وَيَغِيبُ ساعَ قِسْمةِ الأَنْفالِ

كم أَغَفلُوه، فما تَراءَى شاكِيًا
أو باكِيًا من عِلّة الإغفالِ

حَسْبُ المعلِّم: راحةٌ نَفْسِيَّةٌ
تغنيه إذْ يَشْكُو من الإِقلالِ

ما بَعْدَ تَقويمِ النُفوسِ سَعادةٌ
أو بعد مَحْوِ جَهالةِ الجُهَّالِ

ما ضَرَّه عِرْضٌ سلِيمٌ فوقَه
ثَوبٌ رخِيصٌ، أو قَمِيصٌ بَالِي

كَمْ مكثِرٍ ما نَالَ من إكثارِهِ
إِلا ازْديَادَ الهَمِّ والبَلْبالِ

فِيمَ الشّراءُ الجَمُّ؟ ليس لمَيِّتٍ
كفنٌ به جَيْبٌ لحِفْظِ المَالِ

ولقد قَضيتُ العُمرَ أطْبَع فِتْيَتِي
طَبْعًا على كَرَمٍ، وحُسْنِ خِلالِ

كم كُنتُ أحبُوهم بَعْطِفي دائِمًا
لا فرقَ بَيْنَهُمُو وبَيْن عِيالِي

حَسْبِي فَخارًا: أن أقدِّم للحِمَى
من فِتْيَتِي بَطَلاً من الأبطالِ

يا رُبَّ أروعَ ماجدٍ صادَفْتُه
فسألتُ عنه، فَكانَ من أنجالِي

أمْسَى يُبادِلُني الوفاءَ بِمِثْلِهِ
إن الجَمِيلَ يُكالُ بالمِكْيالِ

كانوا تَلامِذَتِي، فَصَارُوا إخْوَتي
وأعزَّ أصحابِي، وأَكرمَ آلِي

أنَّى اتجهتُ، وجدتُهم بِيَ أحْدَقُوا
«مِنْ عَنْ يَمِينِي تارةً وشِمالِي»

يا مُنْصِفي العُمَّال، هلاَّ زِنْتُمُو
باسْمِ المُعَلّم صَفحة العُمَّالِ

هو عاملٌ، بل راهِبٌ مُتَبَتُلٌ
صُوَرُ العِبادة جَمَّةُ الأَشكالِ

يا رُبَّ دَرْسٍ واحدٍ أربَى عَلَي
تَسْبِيح أَيَّامٍ، وذِكْر لَيالِي

وَلَرُبَّمَا نَسِيَ المُعَلِّم نَفْسَهُ
وَجَنَي عليه جهِادُه المُتَوالِي

ولقد يَنامُ وكُتْبُه من حَوْلِهِ
فكأَنه مِنْهُنَّ بين تِلالِ

وَبَبِيتُ يَهْدِي بالدَرُوسِ، كأَنَّه
في الفَصْل بين إجابةٍ وسُؤال

أو نازِلٌ بجَزِيرةٍ، أو سابحٌ
في البحر بين الرَّأسِ والشَّلاَل

أو غارِقٌ مع خالدٍ أو طارقٍ
في الحَرْب بين صَوارمٍ وعوالي

أو منْشِدٌ للنَّشْءِ شِعْرَ حماسةٍ
أَو نادِبٌ طَلَلاً من الأَطْلالِ

أو بَيْن أهرامٍ، وبَيْن دَوائرٍ
مَجْهُولةِ الأحْجامِ والأطْوالِ

أو بين أفعالٍ صَحاحٍ ما شَكَت
عِللاً، ومُعْتلٍّ من الأَفْعالِ

ناد المعُلّم قبل آسادِ الشَّرَى
يا ابنَ العرين، ويا أبَا الأشْبال

رَسَنُ الشَّبيبَة في يَدَيْك، وإنَّها
حَبلُ الرَّجَاءِ، ومَعْقِدُ الآمالِ

قَدِّرْ خُطاَكَ؛ فأنتَ وحدَك قُدْوةً
للنَّشْءِ في الأقوالِ والأعمالِ

لَيْسَ المدرِّسُ ناجحًا في دَرْسِه
ما لم يكُن للنَّشْءِ خَيرَ مِثالِ

لو قدَّر اللهُ الكمالَ لغَيْرِه
قُلْنَا له: استَمْسِك بكُل كَمالِ

ما حلَّ من عبَثٍ لَغْيرِك، فَهْو في
شَرْع الوَرَىْ لك أنتَ غَيْرُ حَلالِ

النَّاسُ تَصفَح عن سِواكَ؛ وإنَّما
يَزِنُون ذَنْبَك أنتَ بالمِثْقالِ

أقسمتُ، ما جَارُوا عَلَيْك؛ وإنَّما
وضَعُوك منهم مَوْضِعَ الإِجْلالِ

لا تَشْكُ من عَنَتِ الحَياةِ، فإِنَّما
شَكْوَى العَزِيز بِدَايَةُ الإذْلاَلِ

أوَ مَا نَظَرتُ إلى المهندسِ كادِحًا
في القَيْظِ بين جَنادِلٍ ورِمالِ

وإلى الطَّبِيبِ يَعِيش طِيلَةَ عُمْرِه
ما بين حَشْرَجَةٍ؛ وبَيْن سُعالِ

ولرُبّ قاض تَنْقَضِي أيامُه
في صُحْبَة السَّفَّاكِ والنَّشَّالِ

وتعيشُ أنتَ مع المَلائِك ناعمًا
في الخُلْد بَيْن أَرائكٍ وظِلالِ

خدَعَتْك نفسُك إن ظَنَنْتَ سِوَاكَ مِنْ
شَتَّى الطَّوائِفِ مُستَريحَ البَالِ

الكُلُّ شَاكٍ حَظَّه، مُتَبَرِّمٌ
هَيْهَاتَ أن يَرضَى الأنامُ بحالِ

والحُرُّ مَنْ حَمَل الحَياةَ بمَنْكِبٍ
كالطّوْدِ لا يَشْكُو من الأثْقالِ

يأيُها الجُنْدُ الأُلَى ما زَيَّنُوا
صَدْرَ الجِهاد بأنْجُمِ وهِلالِ

هلاّ قَبِلْتُم نُصحَ خِدْنٍ سابقٍ
لم يَسلُ شِكَّتَه، ولَيْسَ بِسالِ

إن كان أعياهُ النِّضالُ، فرُوحُه
وشُعورُه مَعَكم بكُلّ مجال

رَبُّوا الشَّبابَ على الفَضيلة إنَّها
هي زَينُ مُزْدَانٍ، وحِلْيَةُ حَالِ

ما الدِّينُ خَصْمٌ للحَضَارة؛ بل هُمَا
صِنْوانٍ، بل جَسَدَان في سِرْبالِ

قُولُوا لهم: إن الصَّلاةَ رياضَةٌ
ووقايةٌ من فِتنَةٍ وضَلالِ

قُولُوا لَهُم: إنَّ الحَنِيفَةَ وَحْدَهَا
كَانت ذَخيرةَ فَاتِحيِن أوَالِي

«اللهُ أكبرُ» طَلْقةٌ ذَرِّيَّةٌ
مَلَكَ الوُجُودَ بها رُعاة جمال

ما حَقَّق الأهدافَ إلاّ أُمَّةٌ
رَسَخَتْ عَقِدَتُها رُسُوخَ جِبالِ

وإذا أُصِيْبَ الشَّعْبُ في إيمانِه
فانْدُبْه في نَوْحٍ، وفي إعوالِ

وإذا هو انحَلَّت عُرى أَخْلاقِه
لم تُجْدِ فيه حِيلةُ المُحْتالِ

ما طاف طائِفُ الانْحِلالِ بأُمَّةٍ
إلا وآذَنَ نَجْمُها بِزَوالِ

حُلُّوا لنا عُقَدَ الشَّبابِ جمِيعَها
فَلَطَالَمَا استعْصَت على الحلاَّلِ

غُوصُوا بأغْوار الشبِيِبَة، وانْفُذُوا
من كُلّ بَابٍ مُحْكَم الأقْفالِ

فإذا عرفْتُمْ أين يَكمُن دَاؤها
فاستأصِلُوه أيَّما استِئْصالِ

أنتُم إذا عَجَزَ الطَّبِيبُ أُساتُها
من كلّ داءٍ في النُّفوس عُضالِ

لا تَيْئَسُوا من بُرْءِ ذي سَقَمٍ، وإن
طالَ العِلاجُ عليه أيَّ مَطالِ

كان الصُّعودُ إلى السَّماء خُرافةً
كُبْرَى، فَصارَ اليوم غَيرَ مُحالِ

واستَأنِسوا الأطفال في حَلقَاتِكُم
بِبَراءةٍ كبَراءةِ الأطْفالِ

بِحَنانِ وَالدِةٍ، ورِقَةِ وَالدٍ
ومَحَبَّةِ الأعْمام والأخْوالِ

وأحقُّ مَنْ ساسَ الصِّغارَ مُحَنكٌ
صَقَلَتَهُ دُورُ العِلْم أيَّ صِقالِ

يا وَاقِفين على السَّلام جُهُودَهُم
قُودُوا الصُّفوفَ بِعَزْم هانيِبَال

دِيسَ العَرينُ؛ فأغمدُوا أقلامكم
وتَقَلَّدُوا بأسِنَّة ونِصالِ

ومنَ البليَّةَ: أنّ جَوَّ السّلْم لا
يَصْفُو بِغَيْر مَعارِكٍ وقِتالِ

العِلم عُنوانُ السَّلامِ، وإنَّما
هُمْ أفسَدُوه بسُوءِ الاسْتِعْمالِ

أنتُم لعَمْرِي مُشْعِلُو الثَّوراتِ في
قَلْبِ الحِمَى، وبُناةُ الاسْتِقْلاَلِ

وأعزُّ ما مَلَكَ الحِمَى من ثَوْرَةٍ
ومُحَارِبُو الفَوْضَى والاسْتِغَلالِ

ومُحَطِّمُو الأغلالِ عن سَاقِ الحِمَى
من بعد ما وَرِمَتَ من الأَغْلالِ

ومُوَحِّدو شَمْلِ العُرُوبة، وَهْوَ مِنْ
طُولِ الشِّقاق مُمزَّقُ الأوْصالِ

والنازِلُونَ إلى مَيادين الوَغَى
كالأُسْدِ حين تَقُولُ مِصْرُ: «نَزالِ»

والمُرخِصًون نفُوسَهم في حُبِّها
ولِمْصرَ يَرخُص كُلُّ شَيْءٍ غالِ

والكاتِبُون لها صَحَائِفَ مَجْدِها
يَوْمَ الكَرِيهَة بالدَّمِ السَّيَّال

وعلى يَدَيْكم سوفَ يَنْتَصِر الحِمَى
وتَعُودُ أمجادٌ لمِصْرَ خَوالِي

وتَذُوقَ ما ذَاقَ التَّتَارُ عِصَابَةٌ
هي في الشَّراسَةِ مَضْربُ الأمثالِ

ويُحَقِّقُ اللهُ الرجاءَ؛ فلا نَرَى
في القُدْس للصِّهْيَوْنِ طَيْفَ خَيالِ

واللهُ لا يَنْسَى كِنَانَتَهُ! وكَمْ
للهِ إمْهالٌ بِلاَ أهمالِ

حَمَل الأمانَة أنورٌ، ولأنْوَر
كَتِفَان تَضْطَلِعَان بالأحْمالِ

عرفَتْهُ مِصْرُ بَل العُروبَةُ كُلُّها
خَوَّاضَ أهوالٍ، وحِلْسَ نِضالِ

اليُمْنُ والإقبالُ من حُلَفَائِه
لا زَالَ حِلْفَ اليُمْنِ والإقبالِ

إن غاب عن مِصْرٍ جَمالٌ واحدٌ
فبِمِصْرَ يَوْمَ الرَّوْع ألفُ جَمالِ


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:28 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أيها الهادي إلى وادي الفناءِ
أملي المعسول في واديك طاحْ

شدت في وهميَ صرحًا من رجاءِ
فإذا صرحيَ تذروه الرياحْ

لكأني قمت أجتاح الجبالْ
أو تعلَّقتُ بأسباب القمرْ

أو طلبت النجم في وقت الزوالْ
وافتقدت الشمس في وقت السحرْ

لا، لعمري، أنا ما رمتُ محالا
غير أنَّ الناس في الدنيا طباعْ

كلفتني بسطة العيش ابتذالا
وأديمُ الوجه غالٍ لا يباع

ليس أغلى من إبائي في يديَّا
فليمدَّ الدهر للباقي يديهِ

أنا لا أطلب غير القوت شيئًا
وإذا ما عزَّ لا أبكي عليهِ

ما ألذَّ العيشَ في ظل الأملْ
فاسبحي، يا نفس، في جوِّ الخيالِ

لا تقولي: «ليس»، بل قولي: «لعلّ»
وتعالَيْ نئدُ اليأس، تعالي


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:28 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
يا جيرةَ النيل، حيَّا الله مقدمكمْ
لسنا نعدُّكمو في مصرَ ضيفانا

لقد نزلتم برهط من عشيرتكم
وزرتمو بدلَ الأوطان أوطانا

لما نزلتُم على الفصحى بدارتها
كادت ترحِّبُ آساسًا وجدرانا

إنا نكرِّم في أشخاصكم وطنًا
لو صُوِّرتْ مصرُ عينًا كان إنسانا

النيل قد وحَّدَ الرحمنُ واديَهُ
ففيم نقْسِمُهُ: مصرًا وسودانا


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:29 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أفتَلَك عاقبتي وذاك مآلي؟
خُطُّوا المضاجِعَ، وادفِنوا آمالي

لا تخدعوني بالمنى وحديثها
قد كان ذلك في الزمان الخالي

ولقد برِمْتُ بمصرَ حين وجدتها
قبرَ النبوغ، ومسرح الجهَّال

بلدٌ تسربل بالحرير جهولُه
ومشى الأديب به بلا سربال

أبصرتُ باب الرزق فيه مفتحًا
وإلا عَليَّ، فمحكمُ الأقفال

إن شئت أن تحيا بمصرَ، فلا تكن
حيَّ الضمير، تعشْ خليَّ البال

واركع هناك أمام كل رياسة
وَلَوَ أنها خُلعت على تمثال

واظفَر بذي جاهٍ تعشْ في ظله
أو عش بلا جاه، ولا أموال

خلّ النعيم لمعشر خفضوا له
هاماتِهم، ما للنعيم ومالي

الله يعلم، لو أردت بلغته
لكنَّ ماء الوجه عنديَ غال


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:30 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
دعِيني أَنْجُ من دنيا الهُمُوم
وفي ملكَوت عرشِ الله هِيمِي

دعي خُدَع المُنَى يا نفس؛ إِنِّي
أريد البحثَ عن عيشٍ كريم

لقد مَنَّيْتِني دهرًا طويلاً
فعُدتُ؛ وما حصدتُ سوى هَشيم

فأعْطيني مقادَك، واتْبَعيني
أقُدْكِ إلى الصِّرَاط المستقيم

ألا، يا نفسُ، لو تصفينَ يومًا
لكنتِ أرقَّ من مَرِّ النسيم

وطِرْتِ بخَافيَات من ضياء
ولم تمشي على ظَهْر الأديم

وكدتِ تُحَلِّقين مع الثُّريَّا
وتَتَّخِذِين بُرْجًا في السَّدِيم

وأدركتِ الذي لا تحتويه
بطونُ الكُتْبِ من شَتَّى العلوم

ولم تخْفَ الحقائُق عنكِ مهما
خَفِينَ عن المدارك والفُهُوم

ولم يصرفكِ عن أُخْرَاكِ شَيْءُ
وغيرَ رضاء ربِّكِ لم تَرُومي

ألا، يا نفسُ، وَيْحَكِ! لَسْتِ نفسي
إذا حاولت نَيْلاً من غريمي

فَسُلِّي الضّغْن من جَنَبَات صدري
وَرِقِّي للأَحبَّة والخُصوم

وكوني: من حَبَاب الماء، أو من
عَبِير الزَّهر، أو ألق النُّجوم

إذا ما الحَرْبُ حول الزَّاد قامتْ
فخَلِّي الزادَ ناحيةً، وصُومي

دَعينِي لا أعِشْ إلا بِرُوحي
فقد كُتِبَ الفناء على الجُسوم

أحِبِّي كلَّ حيّ؛ لا تخصِّي
بحبِّكِ كلَّ ذي وجه وَسيِم

مَتَى، يا نفسُ، لا تُبدِين زهوًا
بما أحرزت من حَطٍّ عظيم

متى ألقاك لا تُلْقِين بَالالما
يعرُوك من خَطْب جسيم

يكون الكونُ حولكِ مُكْفَهِرًا
وتبتسمين عن دُرٍّ نظيم

بربك، كم شربتِ كئوسَ راح
مُشَعْشَعَة، وأخرى من جحيم

فهل كان الأسى والبِشْرُ إلاَّ
كأطياف السَّحَائب والغُيوم

وكل لَذَاذَة تفني، وَيَبْقَى
متاعُ الخُلدِ في دار النعيم

إذا دَجَت الحوادث؛ فاستضيئي
بنور اللهِ في الليل البَهِيم

ودُومي إن أردت الله ذُخْرً
على التَّقْوى، وعنها لا تَرِيمي

ولا تُصْغي إلى همس الأماني
وإلا، عشْت في همٍّ مُقيم

وحسبُك سَلْسَلُ الفردْوس راحًا
وسِرْبُ الحور حَسْبُك من نديم

وأين الحورُ من نَدْمان سوء
وخمر الخلد من حَلَبِ الكروم

إلى الله اتَّجهتُ بكلِّ قلبي
وأسأَلُه العادة للُعمُوم

سألتُ الله للمُثْرى مزيدا
من النُّعْمى، ويُسْرًا للعديم
١
سألتُ الله يَمْحُو الدَّاءَ محْوً
فلا تقع العيونُ على سقيم

سألتُ الله للعَانِي انطلاقًا
وعطفَ أب وأُمٍّ لليتيم

سألتُ الله الدنيا سلاَمًا
يعيشُ الليثُ فيه مع الظَّلِيم

ولولا أنني أدْرَى بقدري
سألتُ الله في أهل الجحيم

وقلت له: أتُصْلي الناسَ نارًا
وقد سمَّيْتَ نفسَك بالرحيم


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:30 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
تجلَّى على الأرضِ عدلُ السَّماء
يرفُّ بأجنحةِ من ضياء

ملاكٌ يمسُّ بكف الحنانِ
جبينَ الشقيّ؛ فيمحو الشقاء

ويخفضُ للضعفاء الجناحَ
ويعصفُ كالريح بالأقوياء

ألا إنما الناسُ من آدمٍ
وآدمُ كلُّ بنيه سواء

أصيغ امرؤٌ من نُضارٍ وطيبٍ
وصيغ امرؤ من تراب وماء

تباركتَ ربي! أأنت قسمت
عبادك بين ذئابٍ وشاء

أمِن بعض خلقك أنت صنعتَ
عبيدًا، ومن بعضهم أمراء

ودينُك دينُ المساواة وهْوَ
من الطبقات لعمري براء

سننت الشرائعَ من أجلها
وأرسلت من أجلها الأنبياء

أيبشَمُ بالزاد جوفٌ، وجوفٌ
يعُزُّ عليه فتاتُ الغذاء

ويكرُع قوم عتيق المُدامِ
وقومُ إلى كأس ماءٍ ظِماء

ويفترشُ الخَزَّ جنبٌ، وجنبٌ
إذا نام لم يلق إلا العراء

إذا الفقرُ كان جزاءَ الفقير
فما بال أطفاله الأبرياء

وما ذنبُ طفلٍ تَخُطُّ الحياةُ
له صفحةَ البؤس قبل اللقاء

وما فضل طفلٍ إذا ما استهلّ
تلقتهُ في المهد أيدي الإماء

وما شاد هذا صروح السلامِ
ولا اعتاد ذلك سفكَ الدماء

ولو ساد في الأرض عدلُ السماءِ
لعاش الأنام بها سعداء

لقد جلب الفقر حبُّ الغنى
وعجَّل بالموتِ حبُّ البقاء

وما ضنَّ بالدَّر ضرعُ السحاب
ولا شحَّ بطنُ الثرى بالنَّماء

ولا شكَت الأرض من حملها
ولا ضاق بالناس رحبُ الفضاء

ولكن تفشّى السُّعارُ، فكان
ضحيَّةَ هذا السُّعار الرخاء

تباركتَ يا بارئ الكائناتِ
لكَ الأرضُ تورثُها من تشاء

تحكَّم في أرضك المالكون
وشنُّوا الحروب على الأُجراء

فلما قضيتَ بردِّ الحقوق
إلى أهلها، أجهَشُوا بالبُكاء

لحُكمك هم أعلَنوا كارهين
ولو قدرُوا ناصَبُوك العداء

ألا أيُّها المالكون، كأنِّي
بكم تتحدَّون حُكم القضاء

وللهِ في العدل سرٌّ خفيٌّ
دعوني أُزلْ عنه بعضَ الخفاء

رضاءُ المكافح عنكم ثراءٌ
إذا فاتكم فأنتٌ من ثراء

ولن تأمنُوا شرَّهَ الجائعينَ
إذا السُّخطُ حلَّ محلَّ الرضاء

وكم أهلك المالُ من حَازهُ
إذا المالُ لم يقترن بالسخاء

دعُوا الأرض يملكُها الكادحون
فما خُلقت لسوى هؤلاء

هم استخرجوا التِّبر من بطنها
وعاشوا على ظهرها أُسراء

همو قطعٌ من ثراها تَدبُّ
عليها، وهُم صحبُها الأوفياء

مساكنُم هي طول الحياةِ
وأجداثُهم هي بعد الفناء

وشاطئهُم إذْ يحلُّ المصيفُ
ومدفؤهم إذ يحلُّ الشتاء

وديوانهم هي عند الصباحِ
ومضجعهم هي عند المساء

إذا ما غفوا فهْيَ نعم الوسادُ
ونعم الوِطاءُ، ونعم الغطاء

ومن تُربها يُنضجون الطعامَ
ومن عشبها يَنسجون الرداء

يعيشون، ليس لهم في سواها
ولا في سوى من دحاها رجاء

وإن أجهدت زراعًا أرضهُ
فأعيا، شفته بطيب الهواء

ولم يلتمس من سواها علاجًا
فكانت هي الداءَ وهْي الدواء

لأنعامها ودُّهُ صافيًا
ويا رُبَّ ودٍ بغير صفاء

وتهفو السَّوامُ إليه، كما
هفا الأصدقاء إلى الأصدقاء

ويقنعُ من عيشه بالكفاف
ويجزي عليه بحسن الثَّناء

ويدعو السماءَ لمن حرَّروهُ
فتفتحُ أبوابها للدعاء

أيا حارثَ الأرض، ما نُؤتَ يومًا
بما لو تحمَّله الطَّودُ ناء

صبرتَ على عنت الدهر دهرًا
طويلاً، فجُوزيتَ حُسن الجزاء

دعوتَ جمالاً، فلبَّى جمالٌ
ومن كجمالٍ يلبِّي النداء

إذا الضُّعفاء أهابوا به
يَهبُّ إلى نجدة الضعفاء

وتمضى به عزمةٌ من حديدٍ
تُفسِّرُ للسهم معنى المضاء

إذا ما مشى قُدمًا في الطريق
فلن يتلفَّتَ نحو الوراء


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:31 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
مرَّ القطيعُ بأرض طاب منهلُها
وعُشبها، فاستقى من مائها، ورَعَى

فصاح راعيهِ: هيَّا، يا قطيع، بنا
نفلتْ من اللصِّ، إن اللصَّ قد طلعا

فقالَ كبشٌ له: ما الفرق بينكما؟
كلاكما يبتغي من لحمنا شِبَعا

دعنا له، وانج إن أحببتَ منفردًا
فلستَ أكثرَ زهدًا منه أو ورعا

نِعْم الفِرارُ الذي أقبلتَ تَنْشُدُه
لو كان ينقذِنا منه ومنك معًا


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:32 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
الله أكبر! شعبٌ قام شاعرُه
يَشْدُو، فأَنْصَت الأيكِ طائرْه

شعبُ العروبة صان الله وحدتَه!
تُحصَى النجومُ، ولا تُحصَى مفاخرُه

إن خطَّ أو سوَّد التاريخُ سيرته
تهتزُّ من روعة الذكرى مشاعره

إن كان ماضيه بالأمجاد محتشدًا
فما تخلَّى عَنِ الأمجاد حاضره

كالكرم طاب جنيً في كف قاطعه
وزاد من طيبه في الدَّن عاصره

مجدُ العروبة مرهونٌ بوحدتها
والخُلْف أوله ضعفٌ، وآخره

هيهات ينهض شعب بعد كَبْوتِه
إلا إذا اتحَّدتْ قلبًا عناصره

والشعبُ وحدتهُ أقوى ذخائره
يوم الحقيقة إن عُدَّت ذخائره

هي السلاحُ بيمناه إذا خَمَدَتْ
نيران مِدْفعه، أو فُلَّ باتره

يا رُبَّ شعب شتيتِ الشمل منقسم
من ضعفه قُلِّمَتْ منه أظافرهُ

ما عاش يومًا وإن طال الزمان بهِ
بل دُورُه حين تأويه مقابره

له من الوطن المحتلِّ مغفرة
إذا أقام، وللمحتلِّ عامره

يعيش في داره عبدًا لآسره
الطفل زاجرهُ، والعبدُ آمرُه

من يرضَ بالعيش في ظل الهوان، فلا
آوتْه أرضٌ، ولا قرَّتْ نواظره

والمرء تُشقيه يمناه، وتُسْعدُه
وإن تكنْ بيد المولى مصايره

للعُرْب دين على التوحيد مرتكزٌ
إليه باطنُه يدعو، وظاهره

ما سرُّ قوته في غير وحدتهِ
على مبادئها قامَتْ شعائره

حَسْبُ ابن آمنةَ الزهراءِ معجزةً
شعبٌ على يده انضمَّتْ عشائره

مازال يَخْبِطُ في دَيْجُور فُرْقتهِ
حتى تألَّفَ بالإسلام نافره

تمَّت على نَغم القرآن وحدتهُ
كأنما سحَرَ الألباب ساحره

وطبَّق الكونَ طيْفٌ من مهابتهِ
وأوْغَلَتْ في نواحيه عساكره

إن يذكرِ العَرَبَ ارتاعَتْ قياصِرهُ
وبات يخفقُ من رُعْبٍ أكاسره

شعب من البيد ظهْرُ العِيسِ مَرْكَبُه
أطاعه الكونُ: باديه، وحاضره

البَرُّ من خيلهِ يَرْتَجُّ يابسُهُ
والبحر من سُفْنِه يهتَزُّ زاخره

قم سائل البحرَ بحرَ الرومِ: هلِ عَجبتْ
أمواجُه وفتى الصحراء عابره

مَنْ علَّم البدويَّ الماء يركبُهُ
فراح يَمْخُرُ لُجَّ البحر ما خره

ما كان يعرف إلا الماء منسكبًا
من الغمامِ إذا ما جاءَ ماطره

حتى إذا اشتَدَّ بالتوحِيدِ ساعِدُهُ
مَشَى على الماء تَعْلُوه دساكره

لولا معاقلِ قسطنطينَ، لانطَمَستْ
آثارُ دولتهِ، وانْفَضَّ سامرهْ

سَلِ العروبةَ في شَتَّى مرابعها
عن مَجْد أوَّلها: هل عاد داثره

إِنِّي لألمحُ في آفاقها ألقَاً
مِنْ فجرِ نهضتها لاحَتْ بشائره

إنْ صحَّ ظنيِّ، فإن النصرَ عن كثَب
من شعبها. لِمَ لا، والله ناصره

شعبٌ تخلَّص من أغلاله، ومَضَى
يجرُّ ذيلَ رداء الذُّلِّ آسره

ففي الكنانة: شعبٌ صان حَوْزتها
يوم القناةِ في الذُّؤْبَانِ كاسره

وفي الجزائر: شعبٌ شنَّ معركةً
على المظالمِ خاضَتْها حرائره

وفي الشآم: وئامٌ لا يزال على
رغم الحوادثِ ما انْبَتَّتْ أواصره

وعبرَ دِجلة شعبٌ قامَ قَوْمتِهُ ال
كُبْرى، وثار على الطُّغْيان ثائره

وحَوْلَ صنعاء: جيشٌ ثَلَّ قائدُهُ
عرشًا يُتاجرِ بِاسْمِ الدين تاجره

هي العروبةُ، عينُ الله تَكْلَؤُها
ما دَارَ في الفلك الدوَّارِ دائره

أبناءَ يَعْرُبَ، هذا اليومُ يومُكمو
يومٌ أغرُّ، صَبيحُ الوجهِ، ناضره

عَهْدُ السلاسل والأغلالِ قد ذهبت
أيامُه السُّودُ، وانجابتْ دَيَاجِره

بالله، لا تُنْسِكم أعْرَاسُ نصركمو
خصمًا عنيدًا، وأقوامًا تؤازره

على تُخومِكُمُو، يا قوم، عن كثب
خَصْمٌ أَلدُّ خَئُونُ العهد، تحاذِرُه

وكيف نأمَنُه والسُّمُّ في فمه
وليس يزحفُ إلا وَهْوَ فاغره

وكيف نأمن قومًا لا أمان لهم؟
إني أرى كيدَهم تبْدُو بوادره

نارُ العداوة يَصْلاها مُؤَجِّجُها
والجُبُّ يسقط في مَهْواه حافره

صَفُّوا سرائرَكم من كلِّ شائبة
تصفُو الحياةُ لمن تَصْفُو سرائره

لا تذكُرُوا خَطَأَ الماضي وحَوْبتَهُ
ما كان من خطإ فالله غافره

تُنسَى الذنوبُ مع القُرْبى وإن عَظُمت
إن الشَّفيقَ صغيراتٌ كبائره

إن الإخاء إذا ما الإخوةُ اختصموا
على الخصومة مُرْخَاةٌ ستائره

إن يلتئمْ شملُكُم، لاَنَ الحديدُ لكم
كما يُلينُ الحديدَ الصلبَ صاهرُه

إن تطلبوا المجدَ؛ فالصاروخُ مُنْطَلِقًا
ووَحدة الصَّفِّ، والشورى مصادره

كأنني ألْمَحُ التاريخَ، مُنْتَضِيًا
يراعَهُ، وبيمناه دفاتره

كما اطَّلعتُم على تاريخ غابرِكم
تاريخُكم في غدٍ تُتْلَى محاضره

جمالُ، تَمِّمْ لشعب الضادِ وحدتَهُ
فإنما هي حَبٌّ، أنت باذره

لا خصمَ للعُرْب مهما عَزَّ جانِبُه
إلا وأنت بعونِ اللهِ قاهره

ينام شعبُك في أمْن، وفي دعةٍ
وأنت وَحْدَك طولَ الليلِ، ساهره

أقسمتُ، ما عادت الأَهرامُ مفخرةً
للنيل، بل إن فَخْرَ النيل ناصره

سَيْفُ العروبة، سيفُ اللهِ أنْتَ، ولن
يُفَلَّ سيفٌ إلهُ العرشِ شاهره


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:33 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
جزع الشرق، وأجرى أدْمُعَهْ
ليت شعري: أيُّ خطب رَوَّعه

لا تلوموه على تَذْرافها
فيلسوف الشرق خَلَّى موضعه

شيَّع الفجرَ لعمري باسمًا
والضحى في رأده من شَيَّعَه

كفِّنوا العقادَ في أسفاره
وادفنوا المِرْقَم والطِّرْس معه

لست أدري أشهابًا كان أَمْ
عَيْلَمَا أم راهِبًا في صومعة

عالم بل عالَمٌ في رجل
ليت شعري أيُّ قبر وسعه

سائلوا العلَّة هل أوْدَتْ به
رغم سبعين وخمس مسرعه

لا تقيسُوا بالليالي عمرَهُ
بل سلوا في أي شيء قطعه

لم يَسَلْهُ سائلٌ عن معضل
حَيَّر الأَفهام إلاَّ أقنعه

مَاله اليومَ طويلاً صمتُه
أي شيء عن جوابي منعه

صرَعَ الموتُ فتًى لم يستطع
خصمُه في حَلْبَة أن يصرعه

لستَ تدري أهو يَحْشُو طرْسه
أحْرفًا، أم هو يحثو مدْفعه

وسلاحاه يَرَاعٌ مُرْهَفٌ
ودليلٌ بَيِّنٌ، ما أنصعه

ذو يراع حين يأسو علَّةً
يزدري كلُّ طبيبٍ مبضعه

دولة الألفاظ في خدْمَته
إنْ دعا اللفظةَ جاءت طيِّعَه

نافذُ الطعنة إن شاكَ به
أضْلُعَ الجبَّارِ تقْصِفْ أضلعه

إن يسلطه على نجْم هَوَى
أو على أركان طوْد صَدَّعه

رُبَّ حقٍّ صانه أو بَائِس
ذاد عنه أو سَفيه رَدَعه

رب غِرٍّ رام منه لفْتةً
فرماهُ بالنُّعُوت المقذعة

نخلةٌ دَبَّتْ عليها نَمْلَةٌ
وَخضَمٌ فيه نَقَّتْ ضِفْدَعه

شتم الأعرجُ طوْدًا شامخًا
حينما أعجزه أن يطلعه

إن عرض الحر مرعًى مُخْصبٌ
يجد الوالغ فيه مرتعه

سائلوا ذئب الغضى في جحره
مَنْ على الأُسْدِ الضواري شجَّعه

ينزل الليث إلى ليث ولا
تجمع الليثَ بهرٍّ مَعْمَعَة

قلم العقاد سيفٌ باترٌ
لم يجردْهُ ابتغاءَ المنفعة

لم يجرعْهُ كُئوسَ الشَّهد بَلْ
كم كئوس من زُعَاف جَرَّعَه

العصاميُّ الذي يأبى سوى
كفِّه نحو العلا أن تدفعَه

العَيُوف النفس لو ألبسه
غيرُهُ ثوبَ خُلود خلعه

يَابِسٌ بل شَامِس؛ لم تستطع
رغبة أو رهبة أن تخضعه

لا تلوموه على أخلاقه
هكذا رَبُّ البَرَايا طَبَعَه

هكذا صوَّرهُ بارئهُ
وعلى مقلتهِ قَدْ صنعه

عاش في عصر الشفاعات فما
شقَّ إلا بِيَدَيْه مهْيَعَه

وهْو كم من نَابه أخْمَلَهُ
وأديبٍ من حضيض رفعه

لا يحط الدهرُ مَنْ يرفعُه
لا ولا يرفع قَدْرًا وضعه

يجد الأعداءُ فيه لدَدًا
والأخلاَّء صفاءً وَدَعَه

شامخُ الرأسِ إذا الرأسُ انحنى
أبغضُ الناس إليه الإمَّعَة

ليست العزة دينًا تبعَهْ
إنما العزَّةُ دينٌ شرَّعه

وتَقَاضَتْهُ المعالي حقْبَةً
ثمنَ العزة فقرًا أدقَعه

رُبَّ يوم عضه فيه الطوى
ورداء بيديه رَقَّعَه

في زمان أَلِفَ الذُّلَّ فمَنْ
رفع الهامةَ فيه جَوَّعَه

لاَثمُ الأعتاب فيه آمرٌ
والفتى الحرُّ به ما أضْيَعَه

حسبُه السِّجْن أواه تسعةً
وَهْو يشكو من سقام أو جعة

ونزول الماجدِ الحُرِّ به
من قديم سُنَّةٌ مُتَّبَعه

كاتِبٌ تلمح في أُسلوبه:
وجهَه بل يدَه بل أصبعَه

ذو بيان لم يقلِّده الحلَي
من رَأى الأُسلوب فَلاًّ سجعه

لم يُوَشَّعْ بجُمَان قولُه
بل بفكر فيه عمقٌ وشَّعَه

رُبَّ نثرٍ بَرْقعَتْهُ زينةٌ
هو زيفٌ حين يَنْضُو بُرْقُعَه

رب نظم ما له من هدَف
ليس يدري ناظموه موقعَه

ومن الشعرِ غثيث فاترٌ
تأنفُ الآذان من أن تسمعه

ماله من أبْحُر، أو تُرَع
أو عيون لست تدري مَنْبَعه

لفَّفَتْه عصبةٌ ما وردت
بحرَه بل وردت مُسْتنْقَعه

هل درى الشمَّاخُ في صحرائه
أن قومًا ألبسوه قُبَّعة

يا دعاةَ الشعر، ماذا قلتمو
أنا لا أسمع إلا جعجعة

أيها الذؤْبَان قد حَلَّ الشرى
واستْبِيحَت حرماتُ المسبعة

فأحلُّوا الشعر من أوزانه
واقطعوا كل لسان قطعه

عبقريُّ العبقريات قضى
فهْيَ من حُزْنِ عليه جزعه

إن بَكتْه العبقريات دَمًا
فَهْي من أوصافه منتزعه

خَالدٌ خلَّد أبطال الورى
أي معنى بهمُو قَدْ جمعه

ادفنوه بين دور العلم أو
بين دور الكُتْب خُطُّوا مضجعه

طلَّقَ الدُّنيا ثلاثًا، واصطفى
من بنات الفكر حُورًا أربعه

ما بني إلا بموسوعاتها
وتبناها فكانت منَعه

عاش كالنحل دَءُوبًا بينها
يَنْتَقَي من كُلِّ زَهْر أينعه

أغلبُ الظَّنِّ، لعمري أنها
خيرُ مَنْ صاحَبَه أو ودَّعه

مات عباسٌ! وتبقى أُمَمٌ
تجتني من بعده ما زرعه

مات عباس! جزاه ربه
رحمةً عن كلِّ معنىً أبدعه


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:34 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
ذَوائبُ من بعد الظَّلامِ تضيءُ
لِتُعلِنَ: أن الموت سوف يَجِيءُ

فيزدادُ في الإحسان مَن كان مُحْسِنًا
ويُقْلِعُ عن سُوءِ الصنيع مُسِيء

ألا أيها الشَّيْبُ المُلِمُّ بلحْيَتِي
لك الويْلُ! إنِّي من سَنَاك بريء

ترى معجزات العلم تتْرى، فهَلْ أرى
شبابِيَ من بعد المَشِيبِ يضيء

دَعُوني من الطِّبِّ الحديث وكشفه
فإِني أغذُّ السَّير وَهْو بطيء

هو الطب أما في الجِرَاح فَمَا رِدٌ
وأمَّا أمام الشَّيْب فَهْو قمِيءُ


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:35 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
ضجيعَ التراب، أطلتَ الرقودَا
عزيزٌ على الضاد ألا تعودَا!

بكتك، لعمري، عيونٌ شحاحٌ
تعوَّدنَ عند المصاب الجمودا

بكى النيل مَنْ كان في طهره
وكانت سجاياه أشهى ورودا

فتى شَيَّعته الوفود، فسارت
مناقبُهُ تتحدَّى الوفودا

ولو لم نُؤبِّنهُ نحن، لقامت
فألقت على كل سمع قصيدا

له سيرة كعبير الزهورِ
لوَ أن الزهورَ رُزقنَ الخلودا

نثرنا الورود على قبره
فقطَّرَ طيبُ ثراه الورودا

قضى، وهُو للكل خِلٌّ، ودود
وكان له الكلُّ خلا، ودودا

وعاش؛ فما عاش إلا كريمًا
ومات؛ فما مات إلا شهيدا

وأدَّى رسالتهُ في الحياة
ولولا الردى، لتوخى المزيدا

ومدُّوا له في زمان الجهادِ
ويأبى له الموتُ عمْرًا مديدا

فتى نال باللين ما لا يُنالُ
وللِّين بأسٌ يَفلُّ الحديدا

تراضُ الوحوشُ بألفاظه
وينقلبُ الجمرُ ماءً بَرودا

يسوس الأمورَ بمحضِ الأناةِ
فيطوي العدوَّ، ويُرْضي الحسودا

وما كان في الحلم إلا ابنَ هندٍ
وذو الحلم أخلقْ به أن يسودا

محمدُ، لو تُفتدَى بالشبابِ
بذلناه للموت فيك زهيدا

عهدتك مبتسمًا للحياةِ
ترى كلَّ يوم أظلَّلك عيدا

بوجهٍ طليق، كوجه الربيعٍ
إذا طاب نفحًا، وأورقَ عودا

ولم تَشْكُ من حادث الدهر يومًا
كأنكَ منه أَخذتَ العهودا

أَلا إن ذلك سرُّ اليقينِ
رُزقت اليقينَ، فَعِشْتَ سعيدا

سجدتَ لربك حين أطالتْ
جباهٌ لغير الإله السُّجُودا

أقدِّسُ فيك التقى والصلاحَ
أقدِّسُ فيك الخلاق الحميدا

عهدتك تدعو إلى الخُلْق دينًا
وتهتفُ بالصالحاتِ نشيدا

ورقَّتْ خِلالك مثلَ النسيم
فكانت على ما تقول شهيدا

عهدتك تعملُ خَلْفَ الستارِ
وتَبذلُ إثر الجهود الجهودا

تُهَيِّئُ للضاد مجدًا طريفًا
وتبعثُ للضاد مجدًا تليدا

تُشيد بها في سكون وصمت
وتدفع عنها الأذى إن أريدا

جهودٌ يحسُّ بهنَّ الجمادُ
وتنكر أن لهن وجودا

أبَا جابر، كلُّ حي يصيرُ
إلى حتفه، كارهًا، أو مُريدا

على الأرض ننمو نموَّ النباتِ
ويلقطنا الموتُ حَبّا حصيدا

سنسلُكُ يومًا سبيلَ الجدودِ
فلسنا بأسعدَ منهم جدودا

سألتُ عن الأرض: ماذا أقلت
فقالوا: مهودٌ تغذِّي لحودا

ولم أرَ كالموت داءً قديمًا
تخرَّم عادًا، وأفنى ثمودا

فما بالنا كلما مات ميْتٌ
شَرْبنا من الحزن لونًا جديدا

رأيتُ البكاءَ يعزي الحزينَ
ولكنه لا يردّ الفقيدا

لعمرُك، ما الموتُ إلا انطلاقٌ
فإن الحياةَ تفيضُ قيودا

علامَ تشكَّى الحياةَ زهيْرٌ
وأضجرَ طولُ البقاء لبيدا

أبا جابرٍ، شاهَ وجهُ الحياةِ
وصار الورى للحُطام عبيدا

فلا العيشُ أمسى يُعَضُّ عليه
ولا الموتُ أصبح خصمًا لدودا

وماذا تركت من الطيِّباتِ
تركتَ حروبًا تشيب الوليدا

تُروَى أديمَ الثرى بالنجيعِ
وتملأ سمعَ الزمان رعودا

حروب يسعِّرها الأشقياءُ
فتتخذُ الأبرياءُ وقودا

غدت تَصَهرُ الناس مثلَ الجليدِ
ولكنَّ في مصر شعبًا جليدا

إذا الأرض مادتْ بسكانها
فإن لنا وطنًا لن يميدا

أبا جابر، ما نسينا الوفاءَ
ولا علَّمتنا الحروبُ الجحودا

أشادتْ بذكرك «دارُ العلومِ»
فما كنتَ إلا فتاها الرشيدا

وواسطة العقد في نحرها
وإن كان باقيه درا نضيدا

لعمرُك، مازال للدار أهلٌ
ومازالت الغابُ تنمي الأسودا

لئن أنجبتكَ، فكم أنجبت
لمصر حصاةً، ورأيًا سديدًا

وأنفًا أشمَّ يزيد ارتفاعًا
إذا شمَّ بعضُ الأنوف الصعيدا

رجال بعصر الجهالة لاحوا
نجومًا تشقُّ ليالَي سودا

همو حملوا راية الضاد حتى
أعادوا لها جعفرا والرشيدا

إذا لمحت مصر آثارهم
تثنّت من التيه عِطفًا وجيدا

ولم تَرَ أخلصَ منهم رجالاً
وأنكر للذات منهم جنودا

إذا شبَّت الحرب، هبوا قيامًا
وإن قُسِّم الفيء، ظلوا قعودا

ولا يحسب الناس «دار العلوم»
بناءً على أرض مصر مشيدا

فإن لها بالعراق فصولاً
وإن لها في الحجاز حدودا

إذا رفعت في الكنانة بندًا
فقد رفعت في سواها بنودًا

مثابة أم اللغى، من بناها
بني للعروبة صرحًا وطيدا


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:36 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أخي، هذه الأرضُ ما شأنْهَا؟
يكادُ يُنَاجِيكَ بنيانُها!

تكادُ لفَرْطَ أسَاها تفيضُ
من الدَّمع لا الماءِ غدرانُها!

بِرَبِّك: هل فَقَدتْ أهلَهَا
فزادتْ على الأهل أحْزَانُها؟

لقد حلَّهَا غيرُ سُكَّانها
وعنها تَرَحَّلَ سُكَّانُها

على بابها صاح طَيْرٌ غريبٌ
فَنَاحَ على طْيره بَانُها!

إذا ذُكر العُرْبُ؛ حنَّتْ، وأنَّتْ
وراحَتْ تُلوِّحُ أغصانها!

وصاحت تُهيبُ بجيرانهَا
فهل سَمعَ الصَّوْتَ جيرانُها؟

فلَسْطِينُ، أرضُ العُرُبة عَيْنٌ
وأنتِ من العَيْن إِنْسَانُها

فلا غَمَضَتْ عنك عينُ فتَاكِ
ولا ذاقَت النَّوْمَ أجفانُها

إلى أن أُقَبِّل أرضَكِ سَبْعًا
فتهدأ نفسي وأشجانُها

فإن عشت، تخْمُدْ بقلبي حقودٌ
تَسَعَّرُ في القلب نيرانُها

وإن متُّ، لم تُنسنيكِ الجنانُ
وَحُورُ الجنَانِ وَولْدَانُها

وَخَلْفي لِثأري وثَأر بلادي
أُسُودُ الحُرُوب وفُرْسانُها

إذا صفَحَاتُ البطولةِ خُطَّتْ
فإِنَّ العروبةَ عُنْوَانُها

ودينُ العُروبةِ بعد الإِله
وبعد النَّبِيِّينَ أوطانُها

فلَسْطين: أرواحُنا الغالياتُ
ببابكِ تَرْخُصُ أَثْمَانُها

بلادِيَ ليست لغيري، ونَفْسِي
ونَفْسُ وَحِيدِيَ قُرْبَانُها!


محمود غنيم

الحمدان 07-11-2024 02:36 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
سلِ الشَّرقَ: هل صبحُهُ أسفَرَا؟
وهل ذادَ عن مقلتيه الكَرَى؟

وهل صار للشرق أُذْنٌ تعي؟
وهل صار للشرق عينٌ ترى؟

أرى في سماءِ العُروبة برقًا
إذا صحَّ ظنِّي به، أمطرَا

فعمّ الحواضرَ طوفانُهُ
وفاضَتْ شآبيبُه بالقرى

ويا رُبَّ غيثٍ يَبُلُّ الصدى
وغيثٍ، إذا ما هَمَى، دمَّرا

وكم نقمةٍ أعقبَتْ نعمةً
وكم مِعْوَلٍ هادمٍ عَمَّرَا

تنبَّهَ بعد الرُّقَاد أُناسٌ
تقلَّدَهم دهرُهم مدْبرَا

تقدّمَ كلُّ بطيءِ الخُطَا
وهُمْ وحدَهم رَجَعُوا القهقرى

تعبَّدهُم كلُّ شعبٍ ذليلٍ
وكان لهم أمسِ مُلْكُ الثَّرى

صحا الشرقُ بعد عميق السُّبَاتِ
أهابَ الأذانُ به، فانبرى

وجرّدَ للنصر إيمانَهُ
وما خاب شعبٌ به استنصرا

ولم أَرَ كالدِّين سيفًا لمنْ
أراد النضالَ، ولا مِغْفَرا

إذا سادَ في الأرض، جَبَّ الفسادَ
من الأرض، واستأصَلَ المُنكَرا

وما خاب شعبٌ بهَذِي السماءِ
قويُّ الصِّلاتِ، وثيقُ العُرَا

أوائلُكُم أيها المسلمون
بشرعةِ أحمدَ ساسوا الورى

وباسم الحنيفةِ سادوا؛ فكانَ
سواهم سُفوحًا، وكانوا الذُّرا

رأى منهم الناسُ ما لم يَرَوْ
هُ من عدلِ كسرى، ولا قيصرا

كتابكُمو أيها المسلمونَ
بمشكاتِهِ يهتدي مَنْ سَرى

به استمسك الأولون؛ فكانوا
أُسودًا، وكان حماهُمْ شَرى

فسيروا على نهجه مؤمنينَ
تَرُّوا من المجدِ ما أدبَرا

ومن تَمَّ بالله إيمانُهُ
رأى الصخْرَ في يده عِثْيَرا

إذا ما مشى فوقَ الشوك القَتاد
غدا تحته سندُسًا أخضرا

ولنْ ينفَعَ القومَ إِيمانُهُم
إذا كان إِيمانُهُم أبْتَرا

ومن خطَبَ المجدَ، شدّ الرِّحال
إليه، وخاضَ الدّمَ الأحمرَا


محمود غنيم
مصر

الحمدان 07-11-2024 02:37 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
هات الأعاجيب يا عصر الأعاجيبِ
فما تزيد على علمي وتجريبي

مالي وماليَ إلا قريتي سكن
موزعاً بين تشريق وتغريب

أدري بكل الذي في الأرض من حدثٍ
ولا أرى أحداً في الأرض يدري بي

وأفتدي الوطن الأغلى ويغفلني
قومي كأنيَ منهم غير محسوب

أكابد اليوم منهم ما تكبَّده
أمسِ ابنُ يعقوب من أبناء يعقوب

فليت لي من دمي أو أدمعي نُذُراً
إليهمُ بعد ما هانت مكاتيبي

وليت شعري مذاع في الأعاجم من
بعد الذي ضاع منه في الأعاريب

وليتني في ارتياد القطب أحمل ما
حملت في مصر من هم وتعذيب

وليتني من ضحاياه ولست أرى
نزاع شعب على أمرَيهِ مغلوب

أقدس النيل في قومي وفي وطني
وإن يكن من سواه اليوم مشروبي

وعنديَ البلسم الشافي جراحهم
من الحوادث من خلق ومن طيب

في ذمة الدهر والأقدار لي أمل
طلبته غير متبوع ومصحوب

وليس لي غير وجدان أزوده
مني بأطهر موروث ومكسوب

إني لأبحث بين القوم عن رجل
فلا أرى غير منقوص ومثلوب

أيحرس الشاة أصحاب لها اقتتلوا
وهم وَشَاتُهُمُ في قبضة الذيب

بأس الليالي عليهم صار أهون من
شحنائهم والأهاجي والأكاذيب

أغنى العداة عن الجند اطلاعهم
فينا على كل مستور ومحجوب

وإن رفقي بإخوان ليَ افترقوا
لمثل رفقي بمطعون ومضروب

وقد يهون على مثلي اختلافهمُ
لو لم يعد ضَغَناً بين الأصاحيب

سياستان رأيت الفرق بينهما
كالفرق ما بين تعمير وتخريب

وقد يشق على مثلي ويحزنه
لقاء رأي إليه غير محبوب

عرفت كل فريق في سياسته
ولم يجئ نبأ السودان والنوب

أين الجلاء فإني ما سمعت له
بين الأحاديث ذكراً والمطاليب

وأين ما كان يستهوي الغلاة به
أشياعهم من أهازيج وتطريب

أليس من نكد الدهر اضطرابهم
قبل الوغى بعد إعداد وتدريب

إن الجهاد بإيثار وتضحية
ليس الجهاد بتلقيب وتنصيب

مالاً وجاهاً أصابوا أمس أجرهم
من سائر الشعب أم أسلاب مسلوب

إن يذكروا النفي والتغريب تكرمة
فكم أثيبوا على نفيٍ وتغريب

كانوا ملائكة لو أنهم زهدوا
في متعة حين تخيير وترغيب

حرصٌ على الحق بالبرهان أم حذرٌ
على غنيمتهم بين المخاليب

أتلبث الفتنة الهوجاء عاصفة
بكل حزب إليها غير منسوب

وهل من الشعب من يبني رياسته
على ثرىً بدماءِ الشعب مخضوب

وكل من يتولى الحكم دونهم
جزاؤه كل تعريض وتثريب

قالوا خلافة سعد قلت مقدسة
ملء الميادين مني والمحاريب

ليست مبادئهُ وقفاً على أحدٍ
لكنها للمناجيدِ المناجيب

إن الرجال بتدبير وتبصرة
ليس الرجال بإكثارٍ وتغليب

فليتركوا الحكم للأولى به ولهم
في غيره كل تأهيل وترحيب

عرفتك ابنَ سليمانٍ كمعرفتي
للحق من بعد تعليم وتهذيب

على السماء غضابٌ أم عليك همُ
وأنت أهدى إلى ربٍّ ومربوب

لقد حرصتَ على ميثاقهم وأبوا
إلا المصارع من تلك الألاعيب

وإن مثلك يرجوه ويرهبه
في قومه كل مرجوٍّ ومرهوب

أنت الموفق في الميعاد ترقبه
مخيراً بين تبعيد وتقريب

وأنت أقوى على آت ومنتظر
بعد احتفاظ بمأخوذ وموهوب

وصاحبُ العرش راضٍ ما تدبره
والمصلحون من الشبان والشيب

وأنت أحفظ للدستور تنفذه
حرّاً بأفضل تفصيل وترتيب

وللقضية ما أنت الكفيل به
من الوسائل شتى والأساليب


احمد الكاشف
مصر

الحمدان 07-11-2024 04:10 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أيها الملَّاحُ قمْ واطوِ الشراعا
لِمَ نطوي لُجَّةَ الليل سراعَا

جَدِّفِ الآن بنا في هينةٍ
وجهة الشاطئ سيرًا واتباعَا

فغدًا يا صاحبي تأخذنا
موجةُ الأيام قذفًا واندفاعَا

عبثًا تقفوا خُطى الماضي الذي
خِلْتَ أنَّ البحرَ واراهُ ابتلاعَا

لم يكنْ غيرَ أويقاتِ هوًى
وقفتْ عن دورةِ الدهر انقطاعَا

فَتَمَهَّلْ، تسعد الرُّوحُ بما
وهِمَتْ، أو تطربِ النفسُ سماعا

وَدَعِ الليلةَ تمضي، إنها
لم تكنْ أولَ ما ولَّى وضاعا

سوف يبدو الفجرُ في آثارها
ثم يمضي، ودواليكَ تباعا

هذه الأرضُ انتشتْ مما بها
فغفتْ تحلُم بالخلدِ خداعا

قد طواها الليلُ حتى أوشكتْ
من عميقِ الصمتِ فيه أن تُراعا

إنَّهُ الصمتُ الذي في طيِّه
أسفرَ المجهولُ، والمستورُ ذاعا

سَمِعَتْ فيه هُتافَ المنتهَى
من وراءِ الغيب يُقريها الوداعا

أيها الأحياءُ، غنوا واطربوا
وانهبوا من غفلات الدهرِ ساعا

آهِ، ما أروعَها من ليلةٍ
فاضَ في أرجائها السحرُ، وشاعَا

نَفَخَ الحبُّ بها من روحِه
ورَمَى عن سِرِّها الخافي القناعَا

وجلا من صُوَرِ الحسنِ لنا
عبقريًّا لَبِقَ الفنِّ صنَاعا

نفحاتٌ رَقَص البحرُ لها
وهفَا النجمُ خُفوقًا والتماعَا

وسَرَى من جانبِ الأرض صدًى
حَرَّكَ العُشْبَ حنانًا واليراعا

بَعَثَ الأحلامَ من هجعتِها
كسرايا الطير نُفِّرْنَ ارتياعا

قُمْنَ بالشاطئِ من وادي الهوى
بنشيد الحبِّ يهتفنَ ابتداعا

أيها الهاجرُ عزَّ الملتقى
وأذبتَ القلبَ صدًّا وامتناعا

أدركِ التائهَ في بحر الهوى
قبل أن يقتلَهُ الموجُ صراعا

وارعَ في الدنيا طريدًا شاردًا
عنه ضاقتْ رقعةُ الأرض اتساعا

ضلَّ في الليل سَراهُ، ومَضَى
لا يَرى في أفقٍ منه شعاعا

يجتوي اللافحَ من حرقته
وعذابٍ يشعلُ الرُّوحَ التياعا

والأسى الخالدَ من ماضٍ عفا
والهوى الثائرَ في قلبٍ تداعَى

فاجعلِ البحرَ أمانًا حوله
واملأ السهلَ سلامًا واليفاعَا

وامسحِ الآنَ على آلامه
بيدِ الرفقِ التي تمحو الدماعا

وَقُدِ الفلكَ إلى بَرِّ الرِّضَا
وانشُر الحبَّ على الفلك شراعا


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:10 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أخي، جاوزَ الظَّالمونَ المَدَى
فحقَّ الجهادُ، وحَقَّ الفِدا

أنتركهُمْ يَغْصِبونَ العُروبةَ
مجدَ الأُبوَّةِ والسؤددا؟

وليسوا بِغَيْرِ صليلِ السّيوفِ
يُجيبونَ صوتاً لنا أو صدى

فجرِّدْ حُسامَكَ من غِمْدِهِ
فليسَ لَهُ، بَعْدُ، أن يُغْمدا

أخي، أيُّها العربيُّ الأبيُّ
أرى اليومَ موعدَنَا لا الغَدَا

أخي، أقبلَ الشّرقُ في أُمَّةٍ
تردُّ الضَّلالَ وتُحيي الهُدى

أخي، إنّ في القدسِ أختاً لنا
أعَدَّ لها الذّابحونَ المُدى

صَبَرْنا على غَدْرِهِمْ قادرينَ
وكنّا لَهُمْ قَدَراً مُرصدا

طَلَعْنا عليهمْ طلوعَ المنونِ
فطاروا هَباءً، وصاروا سُدَى

أخي، قُمْ إلى قبلةِ المشرقَيْنِ
لنحمي الكنيسةَ والمسجدا

يسوعُ الشهيدُ على أرضها
يُعانقُ، في جيشهِ، أحمدا

أخي، قُمْ إليها نشقُّ الغمارَ
دماً قانياً ولظًى مُرْعِدا

أخي، ظمئتْ للقتالِ السيوفُ
فأوردْ شَبَاها الدّمَ المُصْعدا

أخي، إن جَرَى في ثراها دمي
وأطبقتُ فوْقَ حصاها اليدا

ونادى الحِمامُ وجُنَّ الحُسامُ
وشبَّ الضّرامُ بها موقدا

ففتِّشْ على مهجةٍ حُرَّةٍ
أبَتْ أن يَمُرَّ عليها العِدا

وَخُذْ رايةَ الحقِّ من قبضةٍ
جلاها الوَغَى، ونماها النَّدى

وَقَبِّل شهيداً على أرضها
دعا باسمها الله واستشهدا

فلسطينُ يفْدي حِماكِ الشّبابُ
وجلَّ الفدائيُّ والمُفتدى

فلسطينُ تحميكِ منا الصُّدورُ
فإمَّا الحياةُ وإمَّا الرَّدى


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:11 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
يا قاهرَ الموتِ كمْ للنفسِ أسرارُ؟
ذَلَّ الحديدُ لها، واستخْذَتِ النَّارُ

وأشفَقَ البحرُ منها، وهو طاغيةٌ
عاتٍ على ضرباتِ الصَّخْرِ، جَبَّارُ

حواكَ أُحدوثةً مُثْلَى، وتضحيةً
لم تَحوِهَا سِيَرٌ، أو تروِ أخبارُ

رماكَ في جَنَبَاتِ اليمِّ مُحْتَرِبٌ
خافي المقاتلِ، عند الرَّوعِ فرَّارُ

ترصَّدتكَ مراميهِ ولو وَقَعَتْ
عليهِ عيناكَ لم تُنقِذْهُ أقدارُ

يَدِبُّ في مسبحِ الحيتانِ منسربًا
والغورُ داجٍ، وصدرُ البحرِ موَّارُ

كدودةِ الأرضِ نورُ الشمس يقتُلُهَا
وكم بها قُتِلَتْ في الروض أزهارُ

هوى بكَ الفُلْكُ إلَّا هامةً رُفِعَتْ
لها من المجدِ إعظامٌ وإكبارُ

واستقبلَ البحرُ صدرًا حين لامسَهُ
كادتْ عليهِ جبالُ الموجِ تنهارُ

وغابَ كلُّ مَشيدٍ، غَيرَ قُبَّعةٍ
ذكرى من الشَّرفِ العالي وتَذكارُ

ألقيتَها، فتلقَّى الموجُ مَعْقدَها
كما تَلَقَّى جبينَ الفاتحِ الغَارُ

ولو يُرَدُّ زمانُ المعجزاتِ بها
لانشقَّ بحرٌ لها، وارتدَّ تَيَّارُ

كأنَّها خطبةٌ راعَتْ مقاطعُها
لها العوالمُ سُمَّاعٌ ونُظَّارُ

تقولُ: لا كانَ لي ربٌّ ولا هتفتْ
بذكرِه الحربُ، إن لم يُؤخذِ الثارُ

يا ابنَ البحار وليدًا في مسابِحِهَا
ويافعًا يُؤثرُ الجُلَّى ويختارُ

ما عالَمُ الماءِ؟ يا ربَّانُ، صِفْهُ لَنَا
فما تحيطُ به في الوهم أفكارُ!

وما حياةُ الفتى فيهِ؟ أتسليةٌ
وراحةٌ؟ أم فُجاءاتٌ وأخطارُ؟

إذا السفينةُ في أمواجِهِ رَقَصَتْ
على أهازيجَ غَنَّاهُنَّ إعصارُ

وأشجَتِ السُّحْبَ موسيقاهُ، فاعتنقتْ
وأُسدِلَتْ من خدور الشُّهبِ أستارُ

وأنتَ ترنو وراءَ الأُفق مبتسمًا
كما رنا نازحٌ لاحتْ له الدارُ

غرقانَ في حُلُمٍ عَذْبٍ تُسَلْسِلُهُ
من ذروةِ الليل أنواءٌ وأمطارُ

يا عاشقَ البحر، حَدِّثْ عن مفاتَنِهِ
كم في ليالِيهِ للعشَّاقِ أسمارُ

ما ليلةُ الصيف فيه؟ ما روايتُها؟
فالصَّيفُ خمرٌ، وألحانٌ، وأشعارُ

إذا النسائمُ من آفاقِهِ انحدرَتْ
وَضَوَّأتْ من كُوَى الظَّلْمَاءِ أنوارُ

وأقبلتْ عارياتٍ من غلائلها
عرائسٌ من بناتِ الجنِّ أبكارُ

شُغْلُ الربابنةِ السَّارينَ من قِدَمٍ
تُجلَى بهنَّ عَشِيَّاتٌ وأسحارُ

يُتْرعْنَ كأْسَك من خمرٍ مُعَتَّقَةٍ
البحرُ كهفٌ لها، والدهرُ خمَّارُ

وأنت عنهنَّ مشغولٌ بجاريةٍ
كأَنَّ أجراسَها في الأُذْنِ قِيثارُ

صوتُ الحبيبةِ قد فاضتْ خوالجُها
ورَنَّحَتْها من الأشواقِ أسفارُ

وا لَهفَ قلبكَ لما انْدَكَّ شامِخُها
والنَّوءُ مصطرعٌ والموجُ هدَّارُ

بُوغِتَّ بالقدَرِ المكتوب فانسرَحَتْ
عيناكَ تقرأُ، والأمواجُ أسطارُ

نزلتما البحرَ قبرًا، حين ضمَّكما
رفَّتْ عليه من المَرْجان أشجارُ

نام الحبيبانِ في مثواهُ واتَّسدا
جنبًا لجنبٍ، فلا ذلٌّ ولا عارُ

مصارعٌ للفدائيين يعشقها
مستقلونَ وراءَ البحر أحرارُ

مَنيَّةٌ كحياةٍ، كلما ذُكِرَتْ
تجدَّدَتْ لك في الأجيالِ أعمارُ

هيَ الفخارُ لشعبٍ من خلائقهِ
خَلْقُ الرجالِ إِذَا هاجَتْهُ أخطارُ

له البحارُ بما احتازتْ شواطئُها
وما أجنَّتْهُ خُلجانٌ وأغوارُ

رواقُ مجدٍ على جدرانِهِ رُفِعَتْ
للخالدين أماثيلٌ وآثارُ

دخلتَ من بابِهِ، واجتزتَ ساحتَهُ
وسِرْتَ فيهِ على آثارِ من سارُوا

يتيهُ باسمِك في أقداسِهِ نُصُبٌ
رخامهُ الدهرُ، والتَّاريخُ حَفَّارُ


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:12 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إذا داعبَ الماءُ ظلَّ الشَّجرْ
وغازلَتِ السُّحْبُ ضوءَ القمرْ

وردَّدتِ الطير أنفاسَها
خوافقَ بين الندى والزَّهَرْ

وناحتْ مُطوَّقةٌ بالهوى
تناجي الهديل وتشكو القدرْ

ومرَّ على النهرِ ثغرُ النسيم
يُقَبِّلُ كلَّ شراعٍ عبرْ

وأطلعتِ الأرضُ من ليلها
مفاتنَ مختلفاتِ الصُّورْ

هنالك صفصافةٌ في الدُّجى
كأنَّ الظلامَ بها ما شعرْ

أخذتُ مكانيَ في ظلها
شريدَ الفؤادِ كئيبَ النظرْ

أمرُّ بعيني خلال السماء
وأُطرقُ مستغرقًا في الفِكَرْ

أطالعُ وجهك تحت النخيلِ
وأسمعُ صوتك عند النَّهَرْ

إلى أنْ يَمَلَّ الدجى وحشتي
وتشكو الكآبةُ مني الضجرْ

وتعجبُ من حيرتي الكائناتُ
وتُشفِقُ منِّي نجومُ السَّحرْ

فأمضي لأرجع مستشرفًا
لقاءَك في الموعد المنتظَرْ!!


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:12 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
سَرَى القمرُ الوضَّاحُ بين الكواكبِ
يُفكِّرُ فيما تحتَهُ من غَيَاهِبِ

فناداهُ من وادي الخليِّينَ هاتفٌ
بصوتِ محبٍّ في الحياةِ مُقارِبِ

يقول لهُ: يا روعةَ الحسنِ والصِّبا
وأجملَ أحلامِ الليالي الكواعِبِ

أنا العاشقُ الوافي إذا جنَّني الدُّجى
وراعيكَ بين النيِّراتِ الثواقِبِ

ألا ليتني حُرٌّ كضوئِك أرتقِي
عوالمَكَ الملأى بشتَّى العجائِبِ

ويا ليتَ لي كنزَ ابتساماتِكَ التي
تُبعثرها في الكونِ من غير حاسِبِ

فأصغى إليهِ الضوءُ في صَفْوِ جذلانِ
وأضفى على الوادي شعاعَ حنانِ

وجاسَ خلال السُّحْبِ والماءِ والثرى
فلم يَرَ في أنحائها وجه إنسانِ

فصاحَ بهِ: يا صاحبي ضلَّ ناظري
فأين تُرى ألقاكَ أم كيف تلقانِي؟

فأوما له إني هنا تحت شُرفتي
وراءَ زجاجيها أخذتُ مكانِي

أبى البردُ أن أستقبلَ الليلَ قائمًا
وأن أنزلَ الوادي بحيث تراني

وحسبُ الهوى من عاشقٍ لك وامقٍ
تَزَوُّدُ عيني من سَنَا ضوئِكَ الحانِي!

فألقى عليه الضوءُ نظرةَ حائر
وأعرضَ عنهُ بابتسامةِ ساخرِ

وقال له: يا صاحبي قد جهلتَني
ويا رُبَّ شِعْرٍ ساقَهُ غيرُ شاعِرِ

أنا الموثَقُ المكدودُ طالتْ طريقُهُ
طريقُ أسيرٍ في رعايةِ آسِرِ

تجاذبُني طاحونةُ الشمس كلما
وقفتُ، وتمضي بي سِياطُ المقادِرِ

وما بسمتي إلَّا دموعٌ من اللَّظَى
قد التمعتْ في وجهِ سهمانَ حاسِرِ

فدعْ عنكَ يا أعجوبةَ الحبِّ عالمي
فقبلكَ لم يَلْقَ الأعاجيبَ ناظِرِي!

وأمعنَ في تفكيرِهِ القمرُ الزاهي
فمرَّ بأرضٍ ذات عُشْبٍ وأمواهِ

يناجيه منها عاشقٌ ذو ضراعَةٍ
مناجاةَ صوفيٍّ لِطَيْفِ إلَهِ

يقول له: يا مُشْهِدِي كلَّ ليلةٍ
جمالَ مُحَيَّا رائعِ الحسنِ تَيَّاهِ

شبيهٌ بهذا الضوءِ نورُ جبينِهِ
على أنَّهُ في الناسِ من غير أشبَاهِ

وترسُمُ لي الأشباحُ طيفَ خيالِهِ
فأدنو لضمٍّ أو للثمِ شِفَاهِ

تَمَنَّيْتُ لو وَسَّدْتُ خدَّك راحتي
وصدرُكَ خفَّاقٌ، وجفنُك ساهي

فرفَّ على الوادي الشعاعُ طروبا
وناداهُ من بين الظلالِ مُجيبَا

أزِحْ هذه الأغصانَ عنكَ لعلَّني
أصافحُ وجهًا، من هواكَ حبيبَا

فجاوَبهُ: يا قُرَّةَ العينِ إنني
قد اخترتُ من شطِّ الغدير كثيبَا

إذا أتعَبتْ عيني السماءُ تَطَلُّعَا
وخالستُ لحظًا للنجومِ مُرِيبَا

ففي صفَحات الماءِ نهزةُ عاشقٍ
يَراك على بُعْدِ المزار قريبَا

خلوتُ بهِ، أرعاك أوْفَى قسامةً
وأوفرَ من سحرِ الجمالِ نصيبا!

فغاض ابتسامُ الضوءِ من فرط حيرةٍ
وصاحَ: نجيِّي أنتَ حقَّرتَ سيرتي

هو الكونُ مرآتي، ومجلَى مفاتني
وما لغديرٍ أن يُمثِّلَ صورتي

وما نَظَرَ العشَّاقُ إلَّا لعالَمِ
يُعَظِّمُ في المعشوقِ كلَّ صغيرةِ

أعيذُ الذي شبَّهتَني بجماله
أديمَ مُحيَّا مثل صمَّاء صخرَتي

أنا الفحمةُ البيضاءُ إن جنَّني الدُّجى
أنا الحمة السَّوداءُ، رأْدَ الظهيرةِ

فَدَعْ عالَم الأفلاك واقنعْ بلجَّةٍ
وغازلْ من الأسماك كلَّ غريرةِ!

وبينا يهيمُ الضوءُ في سُبُحاتِهِ
وقد غطَّ هذا الكونُ في سُخرياتِهِ

رأى شبحًا في قربِ نارٍ كأنما
يودِّعُ طيفًا غابَ عن نظراتِهِ

يمدُّ ذراعيه، ويُرسلُ صوتَه
بلوعةِ قلبٍ ذابَ في نبراتِهِ

إلى القمر الساري مُحَيَّاهُ شاخصٌ
كصاحبِ نُسْكٍ غارقٍ في صَلَاتِهِ

فحامَ عليه الضوءُ واستمهلَ الخُطَا
وأجرى سناهُ الطَلْقَ في قَسَمَاتِهِ

وصاحَ به: يا شَيخُ ما أنت قائلٌ
تكلَّمْ! فإنَّ الليلَ في أخرياتِهِ

فقالَ له: يا باعثَ الحبِّ والمنى
سِلمْتَ وحيَّتْكَ العوالمُ والدُّنى

شفيتَ جوى شيخٍ أحبَّك يافعًا
وعاش بهذا الحبِّ جذلانَ مُؤمنًا

وأفنيتُ عمري أرتقي عاليَ الذُّرا
إلى أنْ بلغتُ اليومَ مثوايَ ها هنا

وأوقدُ ناري كي تَراني وأنثني
لأطلقَ ألحاني، وأدعوكَ مَوْهِنَا

وقِيلَ: ضنينٌ لا يجودُ بوصله
فهأنذا ألقاك يا ضوءُ محسنَا

تساوتْ كلابٌ تنبح البدرَ ساريًا
ونُوَّامُ ليل أنكروا آيةَ السنَا!

فحدَّقَ فيه الضوءُ وارتدَّ مُغْضَبَا
وقال له: أفنيتَ في سُخفِكَ الصِّبا

ولمَّا تُرِحْ جفنًا من السهدِ مُتْعَبا
وسُخريةٌ بالنار، أن تتقرَّبَا

كأَنَّ شعاعي في جفونك قد خَبَا
ومن عَبَثٍ مثواكَ في هذه الرُّبا

على حين لم تبلغْ من النور مَرقبا
وما كنتَ إلَّا الواهمَ المترقِّبا

وثالثَ عشَّاقٍ بهمْ ضِقتُ مذهبَا
وكانوا لأمثال الخليِّين مَضْرِبَا

فوا أسفاه، ما كنتُ في الدهر مذنِبَا
فأُجْزَى بنجوى من تعشَّقَ أو صبَا

وساقَ على حبي الدليلَ المكذَّبا
سَلِ العاصيَ الهاوي من الخلدِ هل نبا

به الليلُ لمَّا آثرَ الأرضَ واجتبى؟
أأبصرَ قبلي في الدُّجنَّةِ كوكبا

أضاءَ له الدرْبَ السحيقَ المشعَّبا
وهلْ في سنا غيري تملَّى وشبَّبا

بحواءَ واهتاجَ اليراعَ المثقَّبا
حويتُهما روحًا طريدًا مُعذَّبَا

فذابَ حيائي منهما، وتَصَبَّبَا
وأورثني هذا الشحوبَ، وأَعْقَبَا

رأيتُ فمًا يدنو، ووجهًا تخضَّبَا
وصدرًا خفوقًا فوق صدرٍ تَوَثَّبَا

غرائزُ فيها الغَيُّ والنقصُ رُكِّبَا
تَلَمَّسُ في ضوئي الأثامَ المحَبَّبَا

فيا شيخُ دَعْ هذا الوشاحَ المذهَّبَا
تَرَ الحمأَ المسنونَ في الكأسِ ذُوِّبَا

طفا الراحُ فيه، والترابُ ترسَّبَا
وإنَّ كلابَ الأرضِ أشرفُ مَأْرَبَا

ينيرُ لها ضوئي الظلامَ لتجنبا
خُطَى اللصِّ يستارُ الطريقَ المحجَّبَا

فإن نَبَحَتْ ضوئي، تسمَّعتُ معجبا
بأرخمِ لحنٍ، رنَّ في الليلِ مطرِبا

تحيَّةَ مُثنٍ بي أهَلَّ مُرَحِّبَا
بني آدمٍ، إنْ لم يكن آدمُ الأَبَا

رجوتُ لكم من عالم الرجسِ مهرَبَا
وآثرتُكُم بالكلبِ جَدًّا مهذَّبَا

وأجملُ بالإنسان أنْ يَتَكَلَّبَا
ومالَ عن الأرضِ الشعاعُ وغرَّبَا

ووسوسَ في صدرِ الدُّجى فتألَّبَا

محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:13 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
عَبَرَتْ بي في صباحٍ باكرِ
فتنةَ العين وشُغْلَ الخاطرِ

شعرُها الأشقرُ فيه وردةٌ
لونُها من شهوات الشاعرِ

ورشيقاتُ الخُطَى في وقعها
مُنْبِئاتي بشبابٍ ساحرِ

وبعينيها رُؤًى حائرةٌ
بين أسرارِ مساءٍ غابرِ

صَوَّرَتْ من حاضر العيش ومن
أمسِها قِصَّةَ حُبٍّ عاثرِ

قلتُ، والفجرُ سَنَا ياقوتةٍ
لألأتْ خَلْفَ السحاب الماطرِ

هذه الساعةَ تسعى امرأةٌ
حين لم يخفقْ جناحُ الطائرِ

مَنْ تُراها؟ وإلى أين؟ ومِنْ
أيِّ خدرٍ طلعتْ أو سامرِ

تقطع الإفريزَ من ناحيتي
كأسيرٍ هاربٍ من آسرِ

تَتَّقِي الأعينَ أن تبصرها
وهي لا تأْلو التفاتَ الحائرِ

لا تبالي بَلَلَ الثوبِ، ولا
لفحةَ البردِ الشفيفِ الثائرِ

أو تبالي قدماها خاضتا
مسربَ الماءِ الدفوق الهامرِ

أنتِ، يا ساريةَ الفجر، اسمعي
دعوةَ الروح البريءِ الطاهرِ

مرَّ بي مثلُكِ لم يُشْعِرْنني
غيرَ إشفاقِ الحَفِيِّ الناصرِ

وأنا الشاعرُ، قلبي رحمةٌ
لفريساتِ القضاءِ الجائرِ

إنْ نأتْ دارُك، يا أختُ، فما
بَعُدَتْ دارُ الغريبِ العابرِ

شاطريني ذلك المأْوى، فما
أتقاضاك وفاءَ الشاكرِ

غرفةٌ، آلهةُ الفنِّ بها
تتَلقَّاكِ لقاءَ الظافرِ

وتُغنِّيكِ نشيدًا مِثْلَهُ
ما تَغَنَّتْ لحبيبٍ زائرِ

هاتِ كفَّيكِ ولا تضطربي
لا تخالَيْ ريبةً في ناظري

سوف يئويكِ جدارٌ ساخرٌ
من أباطيلِ الزمان الساخرِ

سوف يحويكِ فِراشٌ صامت
لكِ فيه همساتُ الذَّاكرِ

سوف يطويك سكونٌ لم يَشُبْ
صَفْوَهُ لغْوُ مُحبٍّ غادِرِ

وأناديكِ، وأستدني يدًا
لمستْ روحي، وهزَّتْ خاطرِي

وأحيِّيكِ، وأستْحيِي فمًا
حَقُّهُ قُبْلَةُ رَبٍّ غافِرِ!!


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:14 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
حَبيبةُ قلبي نَأَتْ دَارُها
وَلَمْ تَنْأَ عَنِّي وَعَنْ نَاظرِي

أرَى وَجْهَهَا مُشْرِقًا بالجَمَالِ
يُطِلُّ من الشَّاطِئِ الآخَرِ

هُوَ النَّهْر يَفْصِلُ ما بَيْنَنَا
مُدِلًّا بتَمْسَاحِهِ الغَادِرِ

تَوَسَّدَ رَمْلَتَهُ شَاخِصًا
إليَّ وَمَا كُنْتُ بالخائِرِ

إليها عَلَى رَغْمِهِ فَلْأَخُضْ
غَوَارِبَ تيَّارِهِ الثائِرِ

إذَا ما تَقَاذَفَنِي مَوْجُهُ
وسَالَ علي بَدَني الضَّامِرِ

مَضَيْتُ كَأَنِّي عَلَى مائِهِ
أُنِيلُ الثَّرى قَدَمَيْ عَابِرِ

لَقَدْ حَالَ يَابِسَةً ماؤُهُ
بسلطَانِ هَذَا الهَوَى السَّاحِرِ

وصيَّرني سِحْرُ هَذَا الهَوَى
وبي قوةُ القَادرِ الظَّافِرِ

ألا إنَّ سُلْطَانَ هذي المياهِ
ليَعْنُو لِسُلْطانِهَا القاهِرِ


محمود علي طه

الحمدان 07-11-2024 04:14 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
ألَا ما لهذا الليلِ تَدْجَى جوانِبُهْ
على شَفَقٍ دامٍ تَلَظَّى ذوائِبُهْ؟!

وما ذلكَ الظِّلُّ المَخوف بأفقِهِ
يُطِلُّ فترتَدُّ ارتياعًا كواكِبُهْ؟!

أأيَّتُهَا الأرض انظري، وَيْكِ! واسمَعِي!
توثَّبَ فِيكِ الشَّرُّ حُمْرًا مخالِبُهْ

أرَى فِتْنَةً حَمْرَاءَ يَلْفِظُهَا الثَّرَى
دُخَانًا تُغَشِّي الكائناتِ سَحَائِبُهْ

وأشتمُّ من أنفاسها حَرَّ هَبْوَةٍ
كأنَّ هجيرَ الصَّيْفِ يلفَحُ حاصبُهْ

أرى قبضةَ الشيطانِ تستلُّ خِنجرًا
توَهَّجَ شَوْقًا للدماءِ مَضَارِبُهْ
تسلَّلَ يبغي مَقْتَلًا من «محمدٍ»

لقد خُيِّبَ البَاغي وَخَابَتْ مآرِبُهْ
تقدَّمْ سليلَ النارِ! ما البابُ موصَدٌ!

فَمَاذَا تَوَقَّاهُ، وَمَاذَا تُجَانِبُهْ
تأمَّلْ! فَهَلْ إلَّا فتًى في فراشِهِ

إِلى النورِ تَهْفُو في الظَّلَامِ ترائبُهْ؟!
يُسَائِلُكَ الأشياعُ زَاغَتْ عُيونُهُم

وأنتَ حَسيرٌ ضائعُ اللُّبِّ ذاهبُهْ:
تُرَانَا غَفَوْنَا أم تُرَى عَبَرَتْ بنا

نُفاثَةُ سِحْرٍ خدَّرَتْنَا غرائِبُهْ؟!
وما زال منا كلُّ أشوَسَ قابضًا

على سيفِهِ لم تَخْلُ منه رواجبُهْ
تُرَى كيفَ لم تُبصِرْ غريمَكَ ساريًا

وأين تُرى يَمضي؟ وتَمضي ركائبُهْ؟
تقدَّمْ، وجُسْ في الدار وَهْنًا فما ترى
لقد هَجَرَ الدارَ النبيُّ وصاحِبُهْ

يحثَّانِ في البَيداءِ راحلَتَيهما
إلى جَبَلٍ يُئوي الحقيقةَ جانبُهْ

فَقِفْ، وتنظَّرْ حائرًا نُصبَ غارِهِ
تَحدَّاكَ فيه ورْقُهُ وعناكِبُهْ

لتعلمَ أنَّ الحقَّ روحٌ وفكرةٌ
يذلُّ لها الطاغي وتَعْنُو قواضِبُهْ

فَطِرْ، أيها الشيطان، نارًا أو انطلق
دُخَانًا، فأخسِر بالذي أنت كاسبُهْ

خَسِئْتَ! ولو لم يَعْصِمِ الحقَّ ربُّه
طوى الأرضَ ليلٌ ما تزولُ غياهِبُهْ


علي محمود طه
مصر

الحمدان 07-11-2024 05:34 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
هَتّافَةَ الصُبحِ إِنَّ الفَجرَ قَد هَتَفا
وَالصُبحُ يَكشِفُ عَن لَأَلائِهِ السُجفا

وَالشَمسُ تُرسِلُ لِلدُنيا تَحِيَّتَها
وَتَبتَغي مِن ذُرى الأَشجارِ مُشتَرِفا

هذي الرُعاةُ تُغَنّي الصُبحَ في بَهَجٍ
وَالحَقلُ يَنشُرُ مِنهُ في الضُحى بَدَعا

قومي اِملَأي الصُبحَ صَوتاً مِنكِ يُبهِجُنا
يا فِتنَةَ الصُبحِ إِنَّ الصُبحَ قَد طَلَعا

قَد جُبتُ كُلَّ بِقاعِ القُطرِ مُغتَرِباً
مِن ثَغرِ دِمياطَ حَتّى سَفحِ أَسوانِ

عَلّي أَرى شَبَهاً يَحكيكِ في دَعَةٍ
أَو خِفَةٍ أَو جَمالٍ مِنكِ فَتّانِ

لَم أَلقَ غَيرَكِ يا جاموسَتي أَبَداً
وَحشاً عَلى القَريَةِ الحَسناءِ يَسبينا

مِن أَيِّ يَنبوعِ حُسنٍ تَستَقي وَهَجا
عَيناكِ هَل سِحرُ هاروتٍ بِوادينا

يا سِحرَ خَطوَكِ إِذا تَمشينَ تابِعَةً
في الصُبحِ أُمَّكِ نَحوَ الحَقلِ في مَرَحِ

تَتلو عَلَيكِ فَتاةُ الريفِ غِنوَتَها
وَتَعبُرُ القَنَواتَ الخُضرَ في مَرَحِ

إِذا سَمِعتُكَ طافَ الريفُ مُطرِداً
أَمامَ عَيني فَيَلقاني وَأَلقاهُ

أَرى الحُقولَ وَأَرعى الريفَ مِن أُمَمٍ
شَمسٌ وَظِلٌّ وَأَشجارٌ وَأَمواهُ

أَحرى بِزَهرِ الرُبا أَن يَغتَذي أُكُلاً
وَأَن يَكونَ عَلى الريحانِ مَرعاكِ

أَدعوكِ جاموسَتي لا أَنتِ صاحِبَتي
بَل أَنتِ فاتِنَتي يا حُسنَ مَرآكِ

عَلى حَليبِكِ غَذى الريفُ فِتيتَهُ
فَأَصبَحوا فيهِ أَبطالاً صَناديدا

مِن كُلِّ ذي هِمَةٍ بِالرَوعِ مُضطَّلِعٍ
حازَت حَصيدَتُهُ فَخراً وَتَمجيدا

لَو أَنَّ لي ريشَةً في الفَنِّ عالِيَةً
تَهتَزُّ بِالوَحيِ في جَوِّ التَصاويرِ

إِذَن رَسَمتُكِ في مُخضَلَةً أَبَدا
فَيَحاءُ تَضحينَ في ظِلَّ النَواعيرِ

أَو فَوقَ سَهلٍ مِنَ الأَهرامِ مُنبَطِحٍ
أَو في رُبا الخُلدِ في فُردوسِ ايزيسِ

تَرعينَ سائِمَةً تَمشينَ تائِهَةً
تَغدينَ ناعِسَةً في جَنبِ آبيسِ


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:34 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إِذا اِسطَعتَ أَلا تَفقِدَ العَقلَ وَالحِجا
وَظَلتَ عَلى رُغمِ الحَوادِثِ حازِما

وَقَد ضَلَّ كُلُّ الناسِ حَولَكَ وَاِنتَفوا
عَلى كُلِّ ما قَد كانَ مِنكَ لَوائِما

إِذا أَنتَ قَد صَدَقَت نَفسَكَ بَينَما
ظُنونُ الوَرى تَرتابُ في ذلِكَ الصِدقِ

وَبِالرَغمِ مِن هَذي الشُكوكِ عَذَرتُهُم
وَقابَلتَ هذا الشَكَّ بِاللَينِ وَالرِفقِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَلقى اِنتِظارَكَ دائِماً
صَبوراً وَلَم تَملُل عَذابَ التَرَقُّبِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَبقى صَدوقاً مُكرَماً
إِذا كَذَّبَتكَ الناسُ لَم تَتَكَذَّبِ

إِذا بَغَضَتكَ الناسُ وَاِزدادَ ضِغنُهُم
عَلَيكَ فَلَم تَحقِد وَأَنتَ رَحيمُ

وَبِالرَغمِ لَم تَظهَر وَقوراً وَطيباً
فَإِنَّكَ في كُلِّ الأُمورِ عَليمُ

بُنَيَّ إِذا ما اِسطَعتَ أَن تَتَخَيَّلا
وَلَم تَكُ عَبداً يُكبِرُ الوَهمَ وَالحِلما

بُنَيَّ إِذا ما اِسطَعتَ أَن تَتَفَكَّرا
وَلَم تَجعَل الأَفكارَ مَقصِدُكَ الأَسمى

إِذا أَنتَ لاقَيتَ اِنتِصارَكَ هادِئاً
وَلَم تَتَذَمَّر في هَزيمَتِكَ الكُبرى

وَصاحَبتَ ذَينَ العاهِلَينِ كَما هُما
سَواسِيَةٌ لَم تَفتَقِد مَعَهُما أَمرا

إِذا اِسطَعتَ أَن تُصغي إِلى الحَقِّ قُلتَهُ
لِيُصبِحَ في هذا الوُجودِ ضِياءَ

يَحورُهُ الغَوغاءَ إِفكاً وَضُلَّةً
لِيَغدو شِباكاً توقِعُ البُسطاءَ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَلقى الَّذي قَد بَنَيتَهُ
وَأَنفَقتَ فيهِ العُمرَ وَهوَ مُهدَمُ

وَعُدتَ إِلَيهِ مِن جَديدٍ تُقيمُهُ
بِمُعوَلِكَ البالي وَلا تَتَبَرَّمُ

بُنَيَّ إِذا جَمَّعتَ مالَكَ كُلَّهُ
وَكَوَّمتَ ما حَصَلتَهُ مِن مَكاسِبِ

وَغامَرتَ في أَمرٍ مَرومٍ مُخاطِراً
بِمالِكَ هذا كُلَّهُ غَيرَ حاسِبِ

وَلكِن خَسِرتَ القَدحَ خُسرانَ جاهِدٍ
فَعُدتَ لِتَبَنّي بادِئاً غَيرَ يائِسِ

وَلَم تَكُ بَكّاءً عَلى ما فَقَدتَهُ
وَلَم تَكُ شَكّاءً وَلَم تَتَنَفَّسِ

إِذا أَنتَ أَجهَدتَ الفُؤادَ مَعَ العِدا
لِتَمضي في مَسعاكَ وَالغُنمُ سانِحُ

وَقَد خارَتِ الأَعصابُ مِنكَ وَلَم تَعُد
بِها فَضلَةً تَطوي عَلَيها الجَوانِحُ

مَضيتَ بِقَلبٍ واهِنِ الخَفقِ خائِر
تَكُرَّ وَجِسمٌ كادَ يُصبِحُ هالِكا

وَلَم تَبقَ مِن هذي القُوى غَيرَ عَزمَةٍ
تَصيحُ أَلا سِر جاهِداً في نِضالِكا

إِذا أَنتَ خالَطتَ الجَماهيرَ صائِناً
فَضائِلَكَ العُليا فَلَم تَتَلَوَّثِ

إِذا أَنتَ سايَرتَ المُلوكَ مُحافِظاً
لِطابِعِكَ الشَعبِيِ كَالمُتَشَبِّثِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تُقصي عَدُوُّكَ عَن أَذى
وَتَأمَنَ حَتّى صاحِباً لَكَ وافِيا

إِذا أَنتَ قَدَّرتَ الرِجالَ جَميعَهُم
وَلَم تَكُ في هذا الحِسابِ مُغالِياً

بُنَيَّ إِذا حاسَبتَ كُلَّ دَقيقَةٍ
مِنَ الوَقتِ تَمضي لَيسَ تَرحَمُ عاتيه

مَلَأتَ بِها كُلَّ الثَواني وَلَم تَكُن
لَتَترُكَها تَمضي سُدىً كُلَّ ثانِيَه

سَتَحكُمُ في الدُنيا بُنَيَّ جَميعُها
وَتُصبِحُ لِلدُنيا العَريضَةِ مالِكا

وَأَعظَمُ مِن هذَينِ شَأناً سَتَغتَدي
بِها رَجُلاً فَوقَ الرِجالِ لِذالِكا


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:35 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
غَداً يا خَيالي تَنتَهي ضَحِكاتُنا
وَآلامُنا تَفنى وَتَفنى المَشاعِرُ

وَتُسلِمُنا أَيدي الحَياةِ إِلى البِلى
وَيَحكُمُ فينا المَوتُ وَالمَوتُ جائِرُ

جَلَستُ عَلى الصَخرِ الوَحيدِ وَحيداً
وَأَرسَلتُ طَرفي في الفَضاءِ شَريدا

وَكَفكَفتُ دَمعاً لا يُكَفكَفُ غَربُهُ
وَواسَيتُ قَلباً في الضُلوعِ عَميدا

أَرى صَفحَةَ الآمالِ قَد ضاقَ أُفقُها
وَلاحَ عَلى اليَأسِ البَعيدِ مَديدا

لَقَد عِشتُ في دُنيا الخَيالِ مُعَذَّباً
فَيا لَيتَ شِعري هَل أَموتُ سَعيدا

كَأَنَّ حَياتي غُنوَةٌ بَدَوِيَّةٌ
شَدَّتها اللَيالي لِلقُرونِ بِلا مَعنى

كَأَنّي أَنا فيها شَجى نَغَماتِها
أَقامَت لَها ذِكرى تَحُفُّ بِها الأُذُنا

لَئِن فاتَني عَهدُ الشَبابِ وَلَهوُهُ
فَإِنّي بِعُمري لَستُ آبَهُ أَو أُعنى

فَرُبَّ هَواءٍ طافَ في اللَحنِ وَأَمَحّى
يُخَلَّدُ عَن ريحٍ مُعمِرَةٍ قَرنا

لَقَد كُنتُ في الدُنيا جَمالاً يَزينُها
بِما شادَهُ شِعري عَلى هَذِهِ الدُنيا

خَلَقتُ لِروحي سِحرَها لا لِغَيرِها
وَمِن أَجلِها أَقضي وَمِن أَجلِها أَحيا

إِذا ذَبُلَ النارِنجُ عاشَ عَبيرُهُ
وَكانَ لَهُ في الوَهمِ مِن نَفحِهِ مَحيا

وَيَخلُدُ بَعدَ البَدرِ في الفِكرِ رَونَقٌ
يُغَذّي خَيالي الشِعرَ وَالحُبَّ وَالوَحيا


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:35 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَيُّها التائِهُ خَفِّف مِن خُطاك
إِنَّ في القَبرِ فُؤاداً ما سَلاك

شَيَّعَ الأَحلامَ في رَقدَتِهِ
وَسَلا الكُلَّ وَلَم يَذكُر سِواك

وَإِذا نادَيتَهُ مِن قَبرِه
هَب في القَبرِ مُجيباً لِنِداك

لَيسَ يَبغي أَن يَرى الجَنَّةَ في
نَفخَةِ الصورِ وَلكِن أَن يَراك

وَضَريحي بَينَ أَشجارِ الأَراكِ
فَتَعالَ وَاِسقِهِ عَلّي أَراك

إِن تَخَذتَ اليَومَ غَيري في الهَوى
فَأَنا لِلآنَ لَم أَعشَق سِواك

هاتِفٌ في المَوتِ يَدعوني كَما
كانَ في الدُنيا إِلى وَكرِ هَواك


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:36 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَلَم تَرَ لِلحُبِّ كَيفَ اِنبَرى
يُصَوِّرُ في الكَونِ أَبهى الصُوَر

وَكَيفَ تَرَقرَقُ مِنهُ النَسيمُ
وَكَيفَ تَرَققَ مِنهُ القَمَر

وَكَيفَ تَهَذَّبَ مِنهُ الحَمامُ
وَلَم يُرَ في البومِ هذا الأَثَر


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:37 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَلَم تَرَ البَدرَ مُصفَرّاً بِهِ مَرَضٌ
كَأَنَّهُ أَنا يا دُنيايَ تَشبيها

صادَتهُ مِنكَ لِحاظٌ في سَماوَتِهِ
فَباتَ في لَوعَةٍ مِنها يُقاسيها

في الأَرضِ مِنها قُلوبُ الناسِ شاكِيَه
وَفي السَماءِ مَلاكُ اللَيلِ يَبكيها

أَم هَل تَرى نورَهُ كَالدَمعِ مُنسَكِباً
يَهمي عَلى وَجنَةِ الأَزهارِ يَرويها

يَبُثُّ أَحزانَهُ لِلنَجمِ مُمتَثِلاً
وَلِلنُجومِ قُلوبٌ ما تُواسيها

فَيا لَهُ مِن شَجٍ قَد راحَ مُشتَكِياً
إِلى شَجٍ مِن هُمومٍ لَيسَ يَدريها

هذي النُفوسُ إِذا حانَت مَنِيَّتِها
فَفي عُيونِكَ سِحرٌ سَوفَ يُحييها


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:37 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَيُّها المَشرِقُ في عَليائِهِ
حُسنُكَ العالي عَلى الدُنيا سَبانا

أَنتَ لَحنُ الحُبِّ في الأَرضِ تُغَنّي
ذلِكَ الطَيرُ بِضاحيهِ اِفتَتانا


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:38 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
مِنكِ الجَمالُ وَمِنّي الحُبُّ يا نَوَسا
فَعَلِّلي القَلبَ إِنَّ القَلبَ قَد يَئِسا

يا حَبَّذا نَسمَةُ مِن توحَة خَطَرَت
أَطالَتِ النَفسُ مِن أَسبابِها النَفَسا

أَضُمُّها ضَمَّ مُشتاقٍ بِهِ خَبَلٌ
قَد رامَ كَتمَ هَوى أَحبابِهِ فَنَسا

إِن تَسمَعي قَرعَ ناقوسٍ بِقَريَتِكُم
في مَطلَعِ الفَجرِ يَنعى اللَيلَ وَالغَلَسا

فَإِنَّهُ قَلبيَ المَنكودِ يَذكُركُم
فَهَل سَمِعتِ بِقَلبٍ قَد غَدا جَرَسا

وَإِن تَأَلَّقَ بَرقٌ في سَماوَتِكُم
فَإِنَّهُ مِن لَهيبِ القَلبِ قَد قَبَسا

الروحُ إِن ظَمِئَت يَوماً فَحاجَتُها
خَمرٌ سَماوِيَّةٌ فاحَت بِها قُدُسا

وَأَنتِ يا توحُ روحانِيَّةٌ خُلِقَت
لِكَي تُرينا عُلا الجَنّاتِ مُنعَكِسا

هذا جَمالُكِ يَدعوني لِأَعشَقَه
لكِنَّ ثَغرَكِ يا دُنيايَ ما نَبَسا

اللَهُ يَشهَدُ أَنّي حينَ أَذكُركُم
أُديلُ دَمعاً عَلى الخَدَّينِ مُحتَبِسا

عَسى نَسيمُ الصِبا يَسري فَيُسعِفُ بي
قَلباً يَموتُ حَزيناً في الغَرامِ عَسى

فَإِن بَعَثتِ لَنا مِن توحَةٍ خَبَراً
فَكَم يُحِبُّكِ هذا القَلبُ يا نَوسا


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:39 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إيه يا شاعِري كَفاكَ مَقاما
ها هُنا فَالفَناءُ جَمُّ الضِفافِ

لَيسَ شَطُّ الأَعرافِ هذا وَلكِن
هُوَ رُكنٌ مِن شاطِىءِ الأَعرافِ

سَتَرى مَخبَأَ اللَيالي وَتَلقى
مَصرَعَ الوَقتِ في دُجاهُ الضافي

حَيثُ لا مَعلَمٌ هُنالِكَ يَهدي
لا وَلا فَوقَهُ يُصاخُ لِطافِ

فَسَرى فُلكُها يَشُقُّ الدَياجى
في ذَميلٍ مَسيرُهُ رَكّاضِ

يَمخَرُ المَوجَ وَالعُبابَ بِقَيدومٍ
كَريهٍ عَلى الرَدى خَوّاضِ

وَإِذا بي أَحَسُّ صَوتاً حَنوناً
طائِفاً في الرَدى بِأَرخَمِ جَرسِ

يَتَهادى عَلى السُكونِ رَخيما
وَيُناجي الأَرواحَ في مِثلِ هَمسِ

وَهِيَ في المَوتِ لا تَحِسُّ بِنَجوى
مِن غَناءِ وَلا تُصيخُ لِحِسِّ
سَكَنَت سَكنَةً يُعانِقُها الصَم

تُ وَأَسرى بِها فَناءٌ مُغسِيِّ
أَخَذَ الصَوتُ في اِزدِيادِ خُفوتٍ

وَسَجوٍ عَلى السُكونِ مَديدِ
مُستَديراً عَلى الفَضاءِ يُداني

طَرفُ هذا الفَضاءِ حَدَّ الوُجودِ
وَبَدا فَوقَ هامَةِ الأُفقِ نورٌ

ساطِعُ الجَوِّ خاطِفٌ مِن بَعيدِ
وَإِذا مَوكِبٌ يَتيهُ عَلَيهِ

مِثلُ قَصرٍ مِنَ الضِياءِ مَشيدِ
هُوَ رَكبُ الحَياةِ يَمشي حَثيثاً

مُستَخِفّاً إِلى ضَريحِ اللَيالي
فَهُوَ مَثوى الأَحقابِ بَعدَ تَمامٍ

وَمَقَرُّ الأَجيالِ بَعدَ اِكتِمالِ
قِف تَأَمَّل فُلكَ الحَياةِ عَلَيهِ

مَلَكٌ في وَضاءَةٍ وَجَلالِ
عَبقَرِيُّ الخَيالِ في سُندِسٍ خُضرٍ

يَغني في بَهرَةٍ وَاِختِيالِ
وَسَرَت خَلفَهُ زَوارِقُ شَتّى

تَتَراءى كَأَنَّها أَحلامُ
فَتَرى زَورَقَ الجَمالِ عَلَيهِ

مُسمِعاتٌ غِناؤُهُنَّ سَلامُ
وَتَرى زَورَقَ الشُرورِ عَلَيهِ

مُسمِعاتٌ غِناؤُهُنَّ سِقامُ
وَتَرى خَلفَها زَوارِقَ شَتّى

مُنشِئاتٍ وَكُلَّها آثامُ
جُبِلَت هذِهِ الياةُ عَلى الشرِّ
وَإِن كانَ نامِياً في الخَيرِ

وَأَرى الخَيرَ مِن ثِمارٍ ضِرارٍ
وَجَدَت خَصبَ أَرضِها في الشَرِّ

إِن هذا التُرابَ وَهوَ قَبيحٌ
فاحَ مِن روحِهِ أَريجُ الزَهرِ

لَيسَ هذا النَعيمُ غَيرَ شَقاءٍ
فَحَذارِ حَذارِ مِن أُمِّ دَفرِ

وَمَضى الرَكبُ في الرَدى وَتَلاشى
أَثَرُ الرَكبِ في ضَريحِ اللَيالي

فَكَأَنَّ الحَياةَ كانَت مَناماً
وَغُرورُ الحَياةِ طَيفُ خَيالِ


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:39 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَشرِقي كَالصُبحِ غَرّاءَ الجَبين
وَاِنشُري نورَكِ يَهدي العالَمين

وَاِطلُعي في لَيلِ حُزني كَوكَباً
تَعصِميني مِن ضَلالِ العاشِقين

وَاِطرَحي في قَفرِ عُمري زَهرَةً
عَلَّها تَنمو وَتَزكو بَعدَ حين

وَاِبسِمي تَبسُم لَنا بيضُ المُنى
وَاِضحَكي تَضحَك لَنا غُرُّ السِنين

ها هُوَ اللَيلُ كَما كانَ بَدا
يَحمِلُ الحُزنَ لِقَلبي وَالحَنين

هَيكَلُ الأَحزانِ في مَذبَحِهِ
قَرَّبَ العُشّاقَ قُربانَ العُيون

رَتَّل الشَمّاسُ فيهِ لَحنَهُ
وَصَدى تَرتيلَهُ هذي الشُجون

عِطرُهُ أَحزانُ أَزهارِ الرُبا
وَنَداهُ عَبَراتُ البائِسينَ

وَسَرِيِّ النَسمِ في أَحشائِهِ
مُهُجٌ ذابَت وَأَرواحٌ فَنين

كُلُّ شَيءٍ هانَ في شَرعِ الهَوى
يا مَلاكي وَالهَوى لَيسَ يَهون

لَم يَرَ اللَيلُ سِوى بِنتَ هَوىً
قَرَأَت ما سَتُعاني في الجَبين

لَبِسَت في بِدئِهِ ثَوبَ الهَوى
وَبِأُخراهُ ثِيابَ النادِمين

وَعَميدٌ باتَ مَطوِيَّ الحَشا
في سُكونِ اللَيلِ مَبحوحَ الأَنين

قامَ فيهِ مِثلَ طَيفٍ غابِرِ
وَكَأَنَّ اللَيلَ مِحرابُ القُرون

وَمُغَنٍّ غَلَبَ الحُزنَ عَلى
وَتَرِ اللَهوِ لَدَيهِ وَالمَجون

لَيسَ يَدري فِكرُهُ ما لَحنُهُ
وَهوَ رَجعُ السِحرِ في ماضٍ شُطون

وَأَليفٌ سامَرَ اللَيلَ عَلى
ذِكرِ عَهدٍ مِن عُهودِ الغائِبين

كُلُّهُم خَفَّ وَلَم تَبقَ سِوى
ذِكرَياتٍ أَرعَشَت أُفقَ الجُفون

أَيُّها اللَيلُ أَتَينا نَشتَكي
فَاِستَمِع شَكوى الحَزانى المُتعَبين

هدَّنا الحُزنُ وَأَضنانا الأَسى
وَبَرانا الوَجدُ في دُنيا الشُجون

قَد شَكَوناكَ وَجِئنا نَشتَكي
لَكَ شَيئاً في خَيالِ الذاهِلين

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي غُنوَةً
فَنَيِت فيكَ عَلى مَرِّ السِنين

وَاِستَحالَت في البَلى قُبَّرَةً
تَتَغَنّى في دُجى وادي المَنون

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي حُزمَةً
مِن شُعاعٍ في سَماءِ الحالِمين

ضَمَّها نَحوَكَ فِكرٌ هائِلٌ
أَزعَجَ الأَربابَ بَينَ الثائِرين

وَاِستَحالَت عِندَها مِن غَضَبٍ
زَهرَةً في عالَمٍ غَيرَ مُبين

تَنفَحُ المَوتَ وَتُدلي عودَها
نَحوَ أَشباحِ المَنايا العابِرين

إِنَّني عاطِفَةٌ قَد غالَها
مِنكَ فِكرٌ طَيِّهُ المَوتُ دَفين

حاوَلَت تَعرِفُ أَسرارَ الأَسى
مِنكَ يا لَيلُ وَأَسرارَ الأَنين

فَاِستَحالَت جَدوَلاً تَعبُرهُ
فَزَعاتُ المَوتِ لَيلاً في سَفين

هذِهِ أُغنِيَتي رَتَّلتُها
لَكِ يا دُنياي في دَيرِ السُكون

لَحنَها أَنتِ وَحُزني وَقعُها
وَنَذيرُ المَوتِ بَعضُ السامِعين

لا تَلومي ما بِها مِن حَزنٍ
إِنَّما الأَحزانُ موسيقى الحَزين

أَعذَبُ الأَلحانِ لَحنٌ أُفرِغَت
فيهِ أَناتُ الأَسى طَيَّ الحَنين

عانِقيني في الدُجى اِقتَرِبي
إِنَّني أَفزَعُ مِمّا تَفزَعين

قَرِّبي خَدَّكِ ضُمّيني إِلى
صَدرِكِ الحاني اِلثَمي هذا الجَبين

اِترُكيني فيكِ أَفنى مِثلَما
فَنِيَت في اللَهِ روحُ الناسِكين

إِنَّما نَحنُ كَركَبٍ ضَلَّ في
تيهِ صَحراءٍ بِقَومٍ تائِهين

قَد نَسينا كُلَّ ما كانَ لَنا
وَتَرَكنا في غَدٍ ما سَيَكون


محمد الهمشري

الحمدان 07-11-2024 05:40 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
علَّمتني الحياةُ أن أتلقّى
كلَّ ألوانها رضاً وقبولا

ورأيتُ الرِّضا يخفِّف أثقا
لي ويُلقي على المآسي سُدولا

والذي أُلهم الرِّضا لا تراهُ
أبدَ الدهر حاسداً أو عَذولا

أنا راضٍ بكل ما كتب الله
ومُزْجٍ إليه حَمْداً جَزيلا

أنا راضٍ بكل صِنفٍ من النا
سِ لئيماً ألفيتُه أو نبيلا

لستُ أخشى من اللئيم أذاه
لا، ولن أسألَ النبيلَ فتيلا

فسح الله في فؤادي فلا أر
ضى من الحبِّ والوداد بديلا

في فؤادي لكل ضيف مكان
فكُنِ الضيفَ مؤنساً أوثقيلا

ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان
أو يراه على النِّفاق دليلا

فالرضا نعمةٌ من الله لم يسعد
بها في العباد إلا القليلا

والرضا آيةُ البراءة والإيمان
بالله ناصراً ووكيلا

علمتني الحياةُ أنَّ لها طعمَين
مُراً، وسائغاً معسولا

فتعوَّدتُ حالَتَيْها قريراً
وألفتُ التغيير والتبديلا

أيها الناس كلُّنا شاربُ الكأ
سَين إنْ علقماً وإنْ سلسبيلا

نحن كالرّوض نُضْرة وذُبولا
نحن كالنَّجم مَطلعَاً وأُفولا

نحن كالريح ثورة وسكوناً
نحن كالمُزن مُمسكاً وهطولا

نحن كالظنِّ صادقاً وكذوباً
نحن كالحظِّ منصفاً وخذولا

قد تسرِّي الحياةُ عني فتبدي
سخرياتِ الورى قَبيلاً قَبيلا

فأراها مواعظاً ودروساً
ويراها سواي خَطْباً جليلا

أمعن الناس في مخادعة النّفـ
ـسِ وضلُّوا بصائراً وعقولا

عبدوا الجاه والنُّضار وعَيناً
من عيون المَهَا وخدّاً أسيلا

الأديب الضعيف جاهاً ومالاً
ليس إلا مثرثراً مخبولا

والعتلُّ القويُّ جاهاً ومالاً
هو أهدى هُدَى وأقومُ قيلا

وإذا غادة تجلّت عليهم
خشعوا أو تبتّلوا تبتيلا

وتَلوا سورة الهيام وغنّو
ها وعافوا القرآن والإنجيلا

لا يريدون آجلاً من ثواب الله
إنَّ الإنسان كان عجولا

فتنة عمّت المدينة والقر
يةَ لم تَعْفِ فتية أو كهولا

وإذا ما انبريتَ للوعظ قالوا
لستَ رباً ولا بُعثتَ رسولا

أرأيت الذي يكذِّب بالد
ين ولا يرهب الحساب الثقيلا

أكثرُ الناس يحكمون على النا
س وهيهات أن يكونوا عدولا

فلكم لقَّبوا البخيل كريماً
ولكم لقَّبوا الكريم بخيلا

ولكم أعطَوا الملحَّ فأغنَوا
ولكم أهملوا العفيفَ الخجولا

ربَّ عذراء حرّة وصموها
وبغيٍّ قد صوّروها بتولا

وقطيعِ اليدين ظلماً ولصٍ
أشبع الناس كفَّه تقبيلا

وسجينٍ صَبُّوا عليه نكالاً
وسجينٍ مدلّلٍ تدليلا

جُلُّ من قلَّد الفرنجة منا
قد أساء التقليد والتمثيلا

فأخذنا الخبيث منهم ولم
نقبسِ من الطيّبات إلا قليلا

يوم سنَّ الفرنج كذبةَ إبريلَ
غدا كل عُمْرنا إبريلا

نشروا الرجس مجملاً فنشرنا
هُ كتاباً مفصَّلاً تفصيلا

علمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْلٌ
فمن ذا الذي يردُّ السيولا

ثم قالت: والخير في الكون باقٍ
بل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا

إنْ ترَ الشرَ مستفيضاً فهوِّن
لا يحبُّ الله اليئوس الملولا

ويطول الصراع بين النقيضَينِ
ويَطوي الزمانُ جيلاً فجيلا

وتظلُّ الأيام تعرض لونَيْ
ها على الناس بُكرةً وأصيلا

فذليلٌ بالأمس صار عزيزاً
وعزيزٌ بالأمس صار ذليلا

ولقد ينهض العليلُ سليماً
ولقد يسقطُ السليمُ عليلا

ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمرِ
وشبعانَ يستحثُّ الرحيلا

وتظلُّ الأرحامُ تدفع قابي
لاً فيُردي ببغيه هابيلا

ونشيد السلام يتلوه سفّا
حون سَنُّوا الخراب والتقتيلا

وحقوق الإنسان لوحة رسّا
مٍ أجاد التزوير والتضليلا

صورٌ ما سرحتُ بالعين فيها
وبفكري إلا خشيتُ الذهولا

قال صحبي: نراك تشكو جروحاً
أين لحن الرضا رخيماً جميلا

قلت أما جروح نفسي فقد عوَّ
دْتُها بَلسَمَ الرضا لتزولا

غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي
ليس إلا التقاعسَ المرذولا

لستُ أرضى لأمة أنبتتني
خُلُقاً شائهاً وقَدْراً ضئيلا

لستُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً
لستُ أرضى تخاذلاً أو خمولا

أنا أبغي لها الكرامة والمجدَ
وسيفاً على العدا مسلولا

علمتني الحياة أني إن عشتُ
لنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا

علمتني الحياةُ أنيَ مهما
أتعلَّمْ فلا أزالُ جَهولا


محمد مصطفى حمام

الحمدان 07-11-2024 05:41 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
آنست نور الله جلَّ جلاله
ومشيت حيث مشي النبُّي وآله

وبلغت أحسن ما تمني مسلم
وأعزُّ ما يسمو إليه خيالُه

مُكِّنتُ من حظِّي فليس بشاغلي
إدباره عني ولا إقباله

من تختتم سفر الحياة برجعة
لله طاب ختامه ومآله

يا رب جاء إليك يسألك الهدي
عبد له عصيانه وضلاله

قد خال آفاق الحجاز تضيق عن
آثامه وبها تنوء جباله

هذا المنيب إلي عفوٍّ غافر
ما باله في روعه من حاله

ذكر الوعيد فزعزعت آماله
خوف الوعيد وزلزلت أوصاله

حتي إذا البيت المحَّرم ضمّهُ
قرَّت بلابله وأصلح باله

يا رب قد حققت لي أملي ومن
آواه بيتك لم تخب آماله

أنزلت في القلب اللهيف سكينة
لا روعه باق ولا زلزاله

يا من يحب التائبين دعاك من
صدق المتاب فهل يجاب سؤاله

المسلمون ودينهم في محنة
لم يخف حالهم عليك وحاله

وأراهم متفرقين كأنهم
جسم سوي مزقت أوصاله

وأراهم قد مكنوا لعدوهم
فتملكت أعناقهم أغلاله

صال العدو عليهمو متجبرا
واشتد فيهم بطشه ونكاله

وأخال منهم من يخون قبيله
ومن الخيانة جاهه أو ماله

وأخال من فساقهم من غره
إمهال رب العرش لا إهماله

وأخال منهم من يتوب لعلة
فإذا انقضت غلب المتاب ضلاله

يا رب ألهمنا صراطك تنصرف
عنا مآسي يومنا ووباله

يا من ينير الروح باهر نوره
ويزفُّ ألوان الجمال جماله



محمد مصطفى حمام

الحمدان 07-11-2024 05:41 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
ومن يُعدد زواجاً دون ملجئه
فقد أتى بضرارٍ أو أتى ضررا

ليس التعدد إلا رخصة فإذا
أسرفت فيها ركبت الحُمق والخطرا

من ينتقص حق أولاه لثانيةٍ
لم يلق من ربهِ عفواً إذا اعتذرا

وفي التعدد إن أدركت حكمته
برٌّ ورحمى وجبرٌ للذي كُسِرا

من للمطلقةِ الحسناء يعصمها
وللعوانسِ تفنى عمرها ضجرا

وللأرامل والأحزان تعصرها
والحزن يفتك بالأعواد إن عصرا

ومن لأمِّ اليتامى هل تفوتهمو
بالحدِّ معتصرا والقد مهتصرا

وما الغطاء لمن زلّت وساورها
من الفضيحةِ طيف يُرسل النذرا

وما السبيل إلى ذريةٍ نُجُبٍ
إن كنت زوج عقيمٍ حظها عثرا

هو التعدد كم آوى اليتيم وأشـ
ـباه اليتيم وكم واسى وكم سترا

هو الحلال الذي ينفي الحرام وكم
حمى من الفُحشِ أنثى أو حمى ذكرا

عدِّد إذا اسطعتَ، لكن عادلاً لبِقاً
لا تعطينّ الهوى سمعاً ولا بصرا

واحكم رعاياك بالحبِّ الصحيح تجد
مَغناك لا غَيرةٍ يشكو ولا غِيرا

لا تخشو الفقر كم من أسرةٍ شبعت
عزّاً ومالاً وفردٌ خابَ وافتقرا



محمد مصطفى حمام

الحمدان 07-11-2024 05:42 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
بك أستجير ومن يجير سواكا
فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكا

إنّي ضعيف أستعين على قوى
ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا

أذنبت يا ربي وآذتني ذنوب
مالها من غافر إلا كا

دنياي غرتني وعفوك غرني
ما حيلتي في هذه أو ذا كا

لو أن قلبي شك لم يك مؤمناً
بكريم عفوك ما غوى وعصاكا

يا مدرك الأبصار والأبصار لا
تدري له ولكنهه إدراكا

أتراك عين والعيون لها مدى
ما جاوزته ولا مدى لمداكا

إن لم تكن عيني تراك فإنني
في كل شيء أستبين عُلاكا

يا منبت الأزهار عاطرة الشذا
هذا الشذا الفواح نفح شذاكا

يا مرسل الأطيار تصدح في الربا
صدحاتها تسبيحة لعـلاكا

يا مجري الأنهار ما جريانها
إلا انفعالة قطرة لنداكا

رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى
واستقبل القلب الخلي هواكا

وتركت أنسي بالحياة ولهوها
ولقيت كل الأنس في نجواكا

ونسيت حبي واعتزلت أحبتي
ونسيت نفسي خوف أن أنساكا

ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى
يا رب حلواً قبل أن أهواكا

أنا كنت يا ربي أسير غشاوة
رانت على قلبي فضل سناكا

واليوم يا ربي مسحت غشاوتي
وبدأت بالقلب البصير أراكا

يا غافر الذنب العظيم وقابلا
للتوب: قلب تائب ناجاكا

أترده وترد صادق توبتي
حاشاك ترفض تائباً حاشاك

يا رب جئتك نادماً أبكي على
ما قدمته يداي لا أتباكى

أنا لست أخشى من لقاء جهنم
وعذابها لكنني أخشاكا

أخشى من العرض الرهيب عليك يا
ربي وأخشى منك إذ ألقاكا

يا رب عدت إلى رحابك تائباً
مستسلماً مستمسكاً بعراكا

مالي وما للأغنياء وأنت يا
رب الغني ولا يحد غناكا

مالي وما للأقوياء وأنت يا
ربي ورب الناس ما أقواكا

مالي وأبواب الملوك وأنت من
خلق الملوك وقسم الأملاكا

إني أويت لكل مأوى في الحياة
فما رأيت أعز من مأواكا

وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة
فلم تجد منجى سوى منجاكا

وبحثت عن سر السعادة جاهداً
فوجدت هذا السر في تقواكا

فليرض عني الناس أو فليسخطوا
أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا

أدعوك يا ربي لتغفر حوبتي
وتعينني وتمدني بهداكا

فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي
ما خاب يوماً من دعا ورجاكا

يا رب هذا العصر الحد عندما
سخرت يا ربي له دنياكا

علمته من علمك النوويَّ ما
علمته فإذا به عاداكا

ما كاد يطلق للعلا صاروخه
حتى أشاح بوجهه وقلاكا

واغتر حتى ظن أن الكون في
يمنى بني الانسان لا يمناكا

و ما درى الانسان أن جميع ما
وصلت إليه يداه من نعماكا

أو ما درى الانسان أنك لو أردت
لظلت الذرات في مخباكا

لو شئت ياربي هوى صاروخه
أو لو أردت لما أستطاع حراكا

يأيها الانسان مهلاً وائتئذ
واشكر لربك فضل ما أولاكا

واسجد لمولاك القدير فإنما
مستحدثات العلم من مولاكا

الله مازك دون سائر خلقه
وبنعمة العقل البصير حباكا

أفإن هداك بعلمه لعجيبة
تزور عنه وينثني عطفاكا

إن النواة ولكترنات التي
تجري يراها الله حين يراكا

ما كنت تقوى أن تفتت ذرة
منهن لولا الله الذي سواكا

كل العجائب صنعة العقل الذي
هو صنعة الله الذي سواكا

والعقل ليس بمدرك شيئاً اذا
مالله لم يكتب له الإدراكا

لله في الآفاق آيات لعل
أقلها هو ما إليه هداكا

ولعل ما في النفس من آياته
عجب عجاب لو ترى عيناكا

والكون مشحون بأسرار إذا
حاولت تفسيراً لها أعياكا

قل للطبيب تخطفته يد الردى
ياشافي الأمراض : من أرداكا

قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
عجزت فنون الطب من عافاكا

قل للصحيح يموت لا من علة
من بالمنايا ياصحيح دهاكا

قل للبصير وكان يحذر حفرة
فهوى بها من ذا الذي أهواكا

بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام
بلا اصطدام : من يقود خطاكا

قل للجنين يعيش معزولاً بلا
راع ومرعى : مالذي يرعاكا

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء
لدى الولادة : مالذي أبكاكا

وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا

وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو
تحيا وهذا السم يملأ فاكا

وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهداً وقل للشهد من حلاَّكا

بل أسأل اللبن المصفى كان بين
دم وفرث مالذي صفاكا

وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا
ميت فاسأله: من أحياكا

وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً
فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا

وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً
فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا

قل للنبات يجف بعد تعهد
ورعاية : من بالجفاف رماكا؟

وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
وحده فاسأله : من أرباكا

وإذا رأيت البدر يسري ناشرا
أنواره فاسأله : من أسراكا

وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد
كلّ شيء مالذي أدناكا؟ط

قل للمرير من الثمار من الذي
بالمر من دون الثمار غذاكا

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
فاسأله : من يانخل شق نواكا

وإذا رأيت النار شب لهيبها
فاسأل لهيب النار: من أوراكا

وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً
قمم السحاب فسله من أرساكا

وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال
جرى فسله؟ من الذي أجراكا

وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج
طغى فسله: من الذي أطغاكا

وإذا رأيت الليل يغشى داجيا
فاسأله : من ياليل حاك دجاكا

وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً
فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا

هذي عجائب طالما أخذت بها
عيناك وانفتحت بها أذناكا

والله في كل العجائب ماثل
إن لم تكن لتراه فهو يراكا

يا أيها الإنسان مهلا مالذي
بالله جل جلاله أغراكا

حاذر إذا تغزو الفضاء فربما
ثآر الفضاء لنفسه فغزاكا

اغز الفضاء ولا تكن مستعمرا
أو مستغلا باغيا سفاكا

إياك ان ترقى بالاستعمار في
حرم السموات العلا إياكا

إن السموات العلا حرم طهور
يحرق المستعمر الأفاكا

اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح
إن في تعوبقهن هلاكا

إن الكواكب سوف يفسد أمرها
وتسيء عقباها إلى عقباكا

ولسوف تعلم أن في هذا قيام
الساعة الكبرى هنا وهناكا

أنا لا أثبط من جهود العلم أو
أنا في طريقك أغرس الأشواكا

لكنني لك ناصح فالعلم إن
أخطأت في تسخيره أفناكا

سخر نشاط العلم في حقل الرخاء
يصغ من الذهب النضار ثراكا

سخره يملأ بالسلام وبالتعاون
عالماً متناحراً سفاكا

وادفع به شر الحياة وسوءها
وامسح بنعمى نوره بؤساكا

العلم إحياء وإنشاء وليس
العلم تدميراً ولا إهلاكا

فإذا أردت العلم منحرفاً فما
أشقى الحياة به وما اشقاكا


ابراهيم بديوي

الحمدان 07-11-2024 05:43 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
رِفْقًا بقَلْبي كَفَاني مِنْكَ هِجْرَانَا
وَارْحَمْ فجَفْني يَبِيتُ الليلَ يقظانا

أتيتُ والحبُّ يدعوني ويدفعُني
والشَّوْقُ بين ضلوعي شبَّ نِيرَانَا

وجئتُ والدمع منهلٌّ ومنهمرٌ
ينسابُ من جفني المقروحِ طوفانا

فارحمْ دموعي لا تطردْ شفاعتَها
فالدمعُ يشفعُ للعُشَّاق أحيانَا

يسلو المحبُّون أحيانًا إذا يئسوا
وقد يئستُ فما حاولتُ سلوانَا

حُبِّي لِطَهَ عجيـبٌ في تصرُّفه
إن زاد يأي يزيدُ القلب تَحْنَانَا

يا سيِّدَ الخلقِ صِلْني واشْفِ لِي ظمئي
وَاسْألِ اللهَ لي عَفْوًا وغُفْرَانَا

هذي ذنوبي جلَّتْ لستُ أذكرُها
إلا استبدَّتْ بيَ الأحزانُ ألوانا

مولايَ يا خيرَ من تُرجى شفاعتُه
إذا شفعتَ فذنبي كلُّه هانَا

فاشفعْ فأنت شفيعُ الناسِ قاطبةً
ولم يُشَفِّعْ سِوَاكَ الله إنسانا

أعطاك ربُّك ما لم يعطه أحدًا
علمًا وحلمًا وإخلاصًا وإيمانَا

وأنت أعظمُ خلقِ اللهِ مكرمةً
وأنت أطهرُهُم حِسًّا ووجدانَا

أتيت والكونُ أعْمَى حائرٌ قَلِقٌ
والناسُ كانُوا به صُمًّا وعُمْيَانَا

فَشَاعَ نُورُكَ يجلُو كُلَّ مظلمـةٍ
وفاضَ هدْيُكَ يَهْدِي الإنسَ والجانا

أتيتَ والناسُ أجناسٌ مُمَزَّقةٌ
فاضتْ قلوبُهُمُ بَغْيًا وَعُدْوانَا

فَرُحْتَ تمحو فروقَ الجنسِ بينهمُ
حتَّى جعلتَهُمُ في اللَّهِ إخْوَانَا

أتيتَ والناسُ في أديانهم عجبٌ
حيرانُ قلَّد في الإشراكِ حيرانا

فقمتَ تدعو إِلَهًا واحدًا أحدًا
ربَّ السماء وربَّ الأرضِ رَحْمَانَا

دعوْتَهُمْ يَعْبُدُونَ الله فامتلئُوا
حقدًا وزادُوا على الكُفرانِ كُفرانَا

فلم يروِّعْكَ سيفُ الكفرِ مُنْصَلِتًا
ولَمْ يُخِفْكَ عَدُوُّ الله غَضْبَانَا

ومَدَّك الله بالآياتِ عاجلةً
فجاء يسعى إليك النصرُ عجْلانا

وأقبل الفتحُ وانسابتْ مواكبُهُ
ودانَ للهِ مَنْ لَوْلاكَ ما دانا

وآمنَ الناسُ بالرحمنِ وامـتثلوا
وعزَّ بالله والإسلامِ مَنْ هَانَا

أتيت والعَرَبُ البَادُونَ قد مَلَكُوا
أعِنَّةَ القولِ واقْتَادُوهُ فُرْسَانَا

إن ينظمـوا سحروا أو ينثروا بَهَرُوا
هُمُ الفِصَاحُ جَلَوْا قُسًّا وسَحْبَانا

فجاءك اللهُ بالقرآنِ معجزةً
تَحَدَّتِ اللُّسْنَ تجويدًا وإتقانا

قالوا: هي الشعر أين الشعر من سُوَرٍ
تَهْدِي الحياتَيْنِ: دنيانا وأخْرانا

تَجْري الحقائقُ في القرآنِ مُرْسَلَةً
والشعرُ يَجْرِي خَيَالاتٍ وأوزانا

قالوا: هي السحرُ أين السحرُ من غُرَرٍ
ضَاءتْ فكانتْ يواقيتًا وعِقْيَانَا

السحرُ يَجْري ضلالاتٍ مُزَوَّرةً
وتلك تَجْري هِداياتٍ وفُرْقَانَا

اللهُ أنْزَلَهَا بالحقِّ بيِّنةً
فبانَ منها جبينُ الْحَقِّ وازْدانا

واللهُ أنزلَهَا آيًا مفصَّلَةً
ففَصَّلَتْ لرؤوسِ القوْلِ تيجَانَا

مولاي جئتَ إلى الدنيا بمعجزةٍ
كانت وما برحتْ للحقِّ عُنْوَانَا

يا سيدي كلُّ شيءٍ كان يُعْوِزُهُ
مِيزانُهُ فأتى القُرْآنُ ميزانَا

موسى أتى بالعصا تنسابُ لاقفةً
ما خيَّلَ السِّحْرُ ثُعْبَانًا فثُعْبَانَا

وجاء عيسى يداوي كلَّ ذي سقمٍ
ويُرْجِعُ الميْتُ حيًّا مثلما كانَا

الْمُرْسَلُونَ أتى كُلٌّ بمعجزةٍ
كانت تَبينُ عن الدنيا إذَا بانا

وأنتَ جئتَ إلى الدنيا بباقيةٍ
حسناءَ كانت لعينِ الخلدِ إنسانا

نُقِلْتَ للمَلإِ الأعْلَى وما فتئتْ
تُحْيِي وتُنْشِئُ أجْيالاً وأزْمَانَا

مولاي يا سيدَ الدنيا وصفـوَتَها
أدْرِكْ فقد غرقت في الشرِّ دنيانا

عادَ الزمانُ إلى ما كان مُرْتَكَسًا
في الجاهليَّةِ خدَّاعًا وخَوَّانا

والناسُ أمْسَوْا كما أمسى زمانُهُمُ
صَرْعَى الرَّذَائِلِ أرْوَاحًا وأبْدَانا

قد عاوَدُوا الظلمَ واسْتحْلَوْا مَرَاتعَهُ
وباتَ عادلُهُمْ بالعَدْلِ غَصَّانَا

وعاقروا الخمرَ لم أنظرْ لمجتمعٍ
إلاَّ رأيتُ به سَكْرَى وسَكْرَانَا

وطفَّفُوا الكيْلَ إن كالوا وإن وزنُوا
رَأَيتَهُمْ مَلَئُوا الميزانَ خُسْرَانا

حتى الأماناتُ ما بالَوْا بِهَا فإذا
أَنْتَ ائتمنتَ أمينًا مِنْهُمُ خَانَا

مَوْلايَ إنَّا ارتكبْنَا كُلَّ معصيةٍ
حتَّى مَلأنَا كتابَ العُمْرِ عِصْيَانَا

إنا ارتكبْنَا خطايانا بلا خَجَلٍ
حتى لقد خجِلَتْ منَّا خطايانا

فاشفعْ لنا واسْأَلِ الرحمنَ مَغْفِرَةً
أنتَ الشفيعُ لدنيانا وأُخْرَانَا


ابراهيم بديوي


الساعة الآن 05:43 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية