منتديات قبائل شمران الرسمية

منتديات قبائل شمران الرسمية (http://vb.shmran.net/index.php)
-   المنقولات الأدبية (http://vb.shmran.net/forumdisplay.php?f=153)
-   -   هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به (http://vb.shmran.net/showthread.php?t=53208)

الحمدان 08-12-2024 03:20 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
قَدِمتَ عِليَّ المَجدِ في حُسنِ مَوكِبٍ
بِهِ تُضرَبُ الأَمثالُ بَينَ المَواكِبِ

فَكُنتَ كَبدرٍ سارَ بَينَ كَواكِبٍ
وَلا شَيءَ مِثل البَدرِ بَينَ الكَواكِبِ

وَلَيث عَرينٍ بَينَ أسد ضَياغِمٍ
أَضاقَ بِمَن عاداهُ رَحب المَذاهِبِ

رَكِبت عَلى طِرفٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ
عَجيبٍ تَراهُ مِن غَريبِ العَجائِبِ

بِحُسنِ تَقاطيعٍ بِلَون مؤرقٍ
بِحُسنِ نَياشينٍ بِخيرِ مصاحبِ

يَعدو يَفوقُ الرّيحَ لَو أَنّه عَدا
مِنَ الشّرقِ حالاً قَد يرى في المَغارِبِ

تَطولُ الثّريّا فَوقَهُ لَو طَلبتها
وَفيهِ الثّريّا لَم تَفُت كَفَّ طالِبِ

يَقولُ مِثالي قَلَّ في الخَيلِ أَنْ يرى
كَما قَلّ في فُرسانِها مثلَ راكِبي

لَهُ السّعدُ خدّام لَهُ اليمنُ صاحِبٌ
لَهُ العِزُّ قَوّادٌ لأَسنى المَراتِبِ

قَدِمتَ على بَيروتِنا خَيرَ مَقدَمٍ
فَسارَت بِها الأَفراحُ مِن كلِّ جانِبِ

وَقامَت مِنَ الأَفراحِ تَرقُصُ بِالهَنا
تَقولُ هَنائي اليومَ قَد جاءَ غائِبي

وَإِذ غِبتَ قَد أَوحَشتها أَيَّ وَحشةٍ
يَكادُ بِها يَبدو حُلول الغَياهِبِ

وَلَو لَم يَكُ المصباحُ فيها لأَظلَمَت
ظَلام الدّياجي مِن جَميعِ الجَوانِبِ

وَلَكنَّه إِذ نابَ عَنكُم أَضاءَها
وَقَد كانَ عَن شَمسِ العُلى خَير نائبِ

فَأَبقاهُ ربّي اللَّه بِالعزِّ وَالعُلى
وَرَقّاهُ مَولانا لأَعلى المَناصِبِ

وَمَنّ عَلينا اللَّه في طولِ عُمركُم
وَنَوَّلكم بِالخيرِ كلَّ المَطالِبِ

بِمَجدٍ وَجاهٍ لَيسَ في الدّهرِ يَنتَهي
وَأَرغدِ عَيشٍ مِنهُ صَفوُ المَشارِبِ

مَدى الدَّهرِ ما قَد لاحَ بَرقٌ وَما سرَتْ
نَسيمٌ وَما قَد سَحَّ وَبلُ السّحائِبِ


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:21 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إِنّي مَشوقٌ إِلى رُؤيا الحَبيبِ وَقَد
طالَ البِعادُ فَزَادَت فيهِ أَشجاني

أَوَدُّ لَوَ اِنَّهُ يَوماً يُقَطِّعُني
مِن نَحوِ وَجهي وَلَو ما كنتُ بِالجاني

مُصَغِّراً قِطَعِي في مِديَةٍ صَدِئت
كَليلَةِ الحدِّ لَم تَقطَع بِجُثمانِ

وَأَن يديرَ لِظَهري حينَ يَقطَعُهُ
وَجهي وَأَنّي أَراهُ مِنهُ بِالدّاني

وَأَن يَطول في تَقطيعِهِ زمناً
عَساهُ يَملَأ مِن رُؤياهُ أَجفاني


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:21 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لَنا نُفوسٌ بِكَسبِ العِزِّ مولَعَةٌ
فَلَو سَلَتْه لَكنّا قَد أَسَلناها

وَلَيسَ لِلعِزِّ مَأوى غير مَنزِلنا
كَالشّمسِ غَير السّما ما كانَ مَأواها


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:21 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
المَجدُ أَوصَى بِأَنّي لا أَصونُ دَمي
لَكِن بِصَونيَ ماءَ الوَجهِ أَوصانا

ما كُنتُ مِمَّن يَصونُ النّفسَ مِن تَلَفٍ
بَل كنتُ مِمَّنْ لِماءِ الوَجهِ قَد صانا


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:22 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وَلَقَد ذَكَرتكِ وَالصُّفوفُ تَلاحمَت
وَتَبَارَزَ الفُرسانُ لِلفُرسانِ

وَتَضَارَبوا بِالمُرهَفاتِ وَبِالقَنا
وَتَجَندَلَ الأَبطالُ في المَيدانِ

مَا جَولَةٌ أَو طعنَةٌ أَو ضَربَةٌ
إِلّا وَفيها قُلتُ يا لَفُلانِ


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:22 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وَإِنّي غَنيّ النّفسِ أَرضَى بِفاقَةٍ
وَإِنّ الرّضا فيها مِنَ المَجدِ وَالعزِّ

كَنَزتُ لِعزِّ النّفسِ كُلَّ قَناعَةٍ
وَلَيسَت تُعَزُّ النّفس إِلّا بِذا الكنزِ


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:22 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
تَدوسُ شَديدَ الدّوسِ في التُّربِ واطِئاً
وَمِنكَ بِتيهِ العجبِ يَشمَخُ معطسُ

رُوَيدَك ما هَذي بِتربٍ وَإِنَّما
جِباهٌ وَأَجسادٌ وَعَينٌ وَأَرؤُسُ


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:22 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
تَذكَّرتُ ليلَى وَالمَدامِعُ تُسكَبُ
وَتِذكارُها لِلصبِّ يَحلو ويَعذبُ

أُجنُّ بِها إِنْ جَنّ لَيلٌ وكلّما
بَدا كَوكَبٌ أَو غابَ في الغَربِ كَوكبُ

وَتُلهِبُ أَحشائي المَذوبَة بِالجَوى
وَتَخفِقُ روحي وَالشّرايينُ تضربُ

فَأِنّي لِقلبي أَن يُبَلَّ غَليلُه
وَفيه لَظَى الأشواقِ بِالوَجْدِ تثقبُ

وَأَنّى يَصحُّ الجسمُ وَهوَ عَليلُها
وَأَين نَعيمُ القَلبِ وَهوَ يعذِّبُ

وَما هيَ إِلّا الشّمسُ لَو أَنّها بَدَت
لَكانَت شُموسُ الأُفقِ تَخفَى وتغرُبُ

وَكُلُّ جَميلٍ في الأَماسي هوَ اِسمُها
وَتَحوي مِن الأَوصافِ ما هوَ أَطيبُ

فَإِن شِئتَ قُل ليلى وَإِن شِئتَ عَبلةٌ
وَإِن شِئتَ قُل سعدَى وَإِن شِئتَ زينبُ

تَميلُ كَغُصنِ الرّوضِ والغُصنُ لَيّنٌ
وَتبسَمُ مثلَ الرّوضِ وَالرّوضُ مخصبُ

وَتَرنو بِطرْفٍ يَأسِر الأُسْدَ وَالمَها
وَما هوَ إِلّا ذو الفقارِ المجرّبُ

تُراسِل قَلبي في سِهامِ جُفونِها
وَتَرقُم بِالهِنديِّ فيهِ وَتكتبُ

وَمِن حَبَّةِ القَلبِ الكَئيبِ تَنَقَّشت
وَمن دَمِهِ القاني غَدَت تَتَخضّبُ

وَإِنْ أَخَذَت قَلبي وَإِنّي رقيقُها
فذاكَ لها ملكٌ ولم تكُ تغصبُ

وَإِنّ اِنشِعارَ القلبِ بِالهَجرِ وَالجَفا
وَضَبَّته وَصلٌ كَذاكَ تقرُّبُ

فَذاكَ إِناءٌ لِلمَحبَّةِ وَالهَوى
وَكُلُّ إِناءٍ لِاِنشعارٍ يُضبَّبُ

وَكُلُّ الّذي تَقضي مِنَ الصدِّ وَالجَفا
فَعِنديَ سَهلٌ وَالتباعدُ يَصعُبُ

تَصابيت حَمْلاً ثمّ طفلاً وأَشيباً
وحسنُ التصابي حيثما المرءُ أشيبُ

وَإِنّ التّصابي مِن ذَوي الشّيبِ لائِقٌ
وَما هوَ أَولى بِالشّبابِ وَأَنسبُ

فَيا أَيّها اللّاحي بِماذا تَخلُّصي
مِنَ العِشقِ بَل فيمَ التَخلُّص يُكسَبُ

وَقَد كنتُ عالَجتُ الفُؤادَ عَلى الهَوى
لِيَخلَعَهُ تَركاً يَليهِ التّجنُّبُ

فَحارَبتُهُ عاماً بِجَيشٍ عَرمرَمٍ
مِنَ العَزمِ وَالتَّصميمُ في الحَربِ يُرغَبُ

فَكانَ لَهُ التّأييد في كُلِّ مَوطِنٍ
وَكانَ لَهُ حقّاً عَليَّ التغلّبُ

فَأيُّ فَتىً يَبغي مُحارَبةَ الهوَى
وَإِنَّ الهَوى يَقوى عَلَيهِ ويُغلَبُ

وَكُلُّ فتىً يَخلو مِنَ العِشقِ وَالهَوى
فَذاكَ بَهيمٌ لَيسَ في النَّاسِ يُحسَبُ

وَإِنّي اِمرُؤٌ مِن حبَّ لَيلايَ منشأٌ
نَعيمي بِهِ لَو كنت فيهِ أعذَّبُ

كَتَمتُ هَواها والنُحولُ يُذيعُه
وَتَشهدُ عَيني حينَما الدّمعُ يسكبُ

وَقَد قيلَ لي أَظهِرْ هَواها وَبُح بِهِ
فَقُلتُ اِسكُتوا إِنّ العَذول يكذِّبُ

وَكُمَّلُ أَهلِ العِشقِ مَن كَتَموا الهوَى
وَقَد حَيَّروا العُذّالَ فيهِ وأَتعبوا

رَأَت مُقلَتي شامَت مِنَ الشَّمسِ نَظرةً
فَحالاً بَدت تَغتاظُ منّي وَتغضبُ

وَقَد سَربَلَتني في قُيودٍ مِنَ الجَفا
وَقالَت تَأَمَّلْ ما عَلَيكَ يرتّبُ

وَقَد أَرسلَتْ بي نَحوَ قاضٍ مفخّمٍ
لَهُ في عُلومِ العِشقِ وَالحبِّ مذهَبُ

فَقالَت لَهُ هَذا بِحبّيَ محصَنٌ
وَقَد شامَ غَيري فَهوَ زانٍ يعذَّبُ

فَأَثْبِتْ عَلَيهِ الرجمَ بِالصدِّ وَالجَفا
وَمِن بَعدِ ذا رَأيي عَلى الجذعِ يُصلَبُ

فَقالَ لَها سَمعاً لِما تَأمُرينَهُ
فَإِنْ شِئت ضَربَ السَّيفِ بِالسَّيفِ أَضربُ

فَجَرَّدَ سَيفاً يَخطِفُ الرُّوحَ لَمعُهُ
وَمِن حَدِّهِ الماضي أَرى الحَتفَ يقرُبُ

فَأَوقَعَهُ في الجِسمِ وَالروحِ وَالحَشا
وَقالَ عَلى هَذا يَحقُّ التغرُّبُ

فَغَرَّبَني مِن بَعدِ مَوتي وَقِتلَتي
وَقالَ الَّذي يَجني بِهذا يؤدَّبُ

تَعجَّبتُ مِنهُ كَيفَ في ذاكَ حدَّني
وَعاملَني كَالحرّ مِن حَيثُ يذنبُ

أَلَم يَدرِ أَنّي عَبدُها الحرُّ في الهَوى
وَلَيسَ بِذا حَدّي وَلَستُ أغرّبُ

وَلَكن بِشرعِ العِشقِ ما كانَ مُخطئاً
وَلا عَن طَريقِ الحقِّ فيهِ تجنبُ

فَذلِكَ في فَصلِ الحُكومَةِ عادلٌ
وَلَست لَهُ مِمّن يَلومُ ويعتبُ

فَيمناهُ لا شُلَّت ولا فُضَّ فوهُ بَل
وَلا عاشَ مَن يَجفوهُ جَهلاً ويثلِبُ

فَقُم يا نَديمي نَدخُلِ الرّوضَ وَالرُّبى
وَنَرتَعُ في ظلِّ الغَرامِ وَنَلعبُ

وَنشطحُ عِندَ الزّهرِ بِالوجدِ والهوَى
صَباحاً وَأَذيالَ الخَلاعَةِ نَسحَبُ

وَكَرِّرْ حَديثاً مِن هَواها فَإِنَّهُ
عَلى صَفحَةِ القَلبِ المُتيَّمِ يكتبُ

وَهاتِ كُؤوساً مِن لُجَينٍ وَعَسجَدٍ
تَكادُ بِأَبصارِ المُولَّهِ تَذهَبُ

وَصُبَّ بِها خَمراً وَإِيّاكَ مَزجُها
بِغَيرِ لَمى لَيلى لَعلِّي أَشربُ

وَهاتِ سَلاماً يُنعِشُ الروحَ نَفحُها
وَتجبي إِلَيها العقلَ مِنّا وَتجلبُ

وَسَمِّ عَلَيها بِاِسمِ لَيلَى وَذِكرِها
فَعِندَ اِسمِها طيبٌ لِخَمرك طيّبُ

وَمِن بَعدِ ذا فَاِسمَع أَخا الودّ وَالوفا
بَلاغَةَ ذي مَدحٍ يبين ويُعربُ

أُشنِّف بِالتمداحِ أَسماعَ سامعٍ
فَيبهجُه مَدحي سُروراً ويطربُ

وَإِنّيَ مُثنٍ حامِدٌ ثمَّ شاكِرٌ
مَزايا كَريمٍ مَدحُهُ ليَ مَذهَبُ

إِمامٌ بِمِحرابِ العلومِ مُقدَّمٌ
يَؤمُّ مُلوكَ الفضلِ حَيثُ تكتَّبوا

خَطيبٌ لَهُ ذَلَّت خُضوعاً مَصاقِعٌ
عَلى مِنبَرِ التبيانِ إِذْ قامَ يَخطبُ

بَليغٌ لَدَيهِ ذو البَلاغَةِ مفحَمٌ
وَيخرَس سَحبانٌ وقسٌّ ويعرُبُ

كَريمٌ عَلى حُسنِ المَكارِمِ يَنطَوي
شَريفٌ عَلى كَسبِ المَحامِدِ يدأبُ

هوَ الجَوهَرُ الفردُ المَصونُ عَنِ الّذي
يُماثلُه وهوَ الطّرازُ المذهَّبُ

هوَ العالِمُ النحريرُ ذو الفَضلِ والتّقى
هوَ الجَهبَذُ النّدْبُ الهُمامُ المهذّبُ

هوَ الأسَدُ المِقدامُ في كلِّ مُشكلٍ
هوَ السيّدُ الشَّهمُ اللَّطيفُ المؤدّبُ

هُوَ العالَم العلويّ يَرقى إِلى العُلا
وَفي مَركَزِ السفلي أَرى الغير يرسُبُ

لَهُ الرايةُ البيضاءُ في مَوكِبِ العُلى
على عَلَم التّفخيمِ لا شكّ تُنصبُ

لَهُ السَّعدُ بُرجٌ وَالمَعالي مَنازِلٌ
لَهُ العزُّ جاهٌ وَالمَهابَةُ منصبُ

لَهُ الشّرفُ الأَعلى لَهُ النَسبُ العُلى
لَهُ الحَسَبُ الأَغلى النقيُّ المرجِّبُ

لَهُ الحِلمُ طَبعٌ وَاللَّطافَةُ ديدنٌ
لَهُ الصّفحُ شَأنٌ وَالبشاشَةُ مشربُ

لَهُ الحِذْقُ وَصفٌ وَالبَراعةُ شيمَةٌ
لَهُ الفَضلُ قَصدٌ وَالمَعارِفُ مطلَبُ

تَرَدّى بِحُسنِ الخُلقِ مِن حَيثُ أَنّهُ
تَحَلّى بِحُسنِ الخَلْق مِن حَيثُ يعذبُ

سَقَى جِلَّقاً صَوبٌ بِغَيرِ مَضرَّةٍ
مِنَ المُزْنِ سَهلُ الوَقعِ كَالطلِّ صَيِّبُ

فَتِلكَ سَماءُ السعدِ قَد أَظهَرت لَنا
مِنَ المَجدِ بَدراً لَيسَ في الدَّهرِ يغرُبُ

وَتاهَت بِهِ عِزّاً عَلى كُلِّ بَلدَةٍ
وَحازَت بِهِ مَجداً لَهُ الفَخرُ يصحبُ

تَطاوَلت في مَدحي جَميلَ صِفاتِهِ
وَإِنّيَ في التمداحِ لا شَكّ أرزبُ

فَيا أَيّها المَولى الَّذي أَنا عَبدُهُ
وَمَنْ أَنا في نعمائِهِ أَتَقلّبُ

وَمَنْ شُكرُهُ أَضحى عَلَيَّ مُحتَّماً
وتمداحُهُ عِندي يُسَنُّ ويُنْدَبُ

وَحَمدي لَهُ فَرضٌ عليَّ مؤكَّدٌ
وَذِكري لَهُ وِردٌ عليَّ مرتَّبُ

يَتيمَةُ درٍّ لا سِواكَ لَها أبٌ
أَتَتكَ بِجَدٍّ إِذ غَدَت فيك ترغبُ

لَقَد بَرَزت شَمساً مِنَ الخِدر والخِبا
وَكانَ لَها في شَرقِ فِكري تحجبُ

وَإِنَّكَ إِذ أصدقتَها بِقَصيدةٍ
أَتَتكَ عَلى اِستِحيائِها لَكَ تخطَبُ

إِلَيكَ لَقَد زفَّت عَروساً جَميلةً
تَتيهُ عَلى الأَمثالِ فَخراً وتُعْجَبُ

وَرُبَّ عَذولٍ رامَ عَيباً يُشينُها
فَيذكره فيها اِفتراءً وَيَكذبُ

فَأَعرِضْ رَعاكَ اللَّهُ عَن لَحظِ عَيبِها
فَمِثلُكَ سَتّارٌ وَلَيسَ يُعيِّبُ

ودُمْ في سرورٍ بالهناءِ مع الصَفا
مَدَى الدّهرِ ما قد لاحَ أو غابَ كوكَبُ

وَحَيثُ اِبنُ فَتحِ اللَّهِ أَضحى بِشِعرِهِ
بِمَدحِكَ يا مَولايَ أرَّختُ يُغرِبُ

وَما قَد غَدا صبٌّ يَقولُ لِوَجدِهِ
تَذَكَّرت لَيلى وَالمَدامِعُ تُسكَبُ


عبداللطيف فتح الله

الحمدان 08-12-2024 03:32 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا
فمن يدلُّ على أجفاني الوسنا

أرعى كواكِبها حتى إذا أفلتْ
ألقيتُ للطيرِ في تحنانها الأذنا

واسألِ الحبَّ عن روحي وعن بدني
فلا أرى لي لا روحاً ولا بدنا

وما نظرتُ لأعضائي وقد بليتْ
إلا حسبتُ ثيابها فوقَها كفنا

يا من يعزُّ على نفسي تدلله
كم ذا أكابدُ فيكَ الذلَّ والوهنا

دروا بما بي ولولا الدمعُ كانَ دما
لما تظنوهُ إلا عارضاً هتنا

وربَّ ذي سفهٍ قد هبَّ يعذلُني
فقالَ أنتَ الفتى المضنى فقلتُ أنا

وهل أخافُ على سرِّ الهوى أحداً
وقدْ خلقتُ على الأسرارِ مؤتمنا

فدع غرامكَ يطويني وينشرني
ودعْ عذولي يطوي جنبهُ الضغنا

من كان مثلي لم يحفلْ بمثلهمُ
ومن أحبَّ استلانَ المركبَ الخشنا

كأنما الحسنُ أمسى فيكَ مجتمعاً
فأينما نظرتْ عيني رأتْ حسنا

وإن تكنْ للعاشقينَ فما
يزالُ أمرُ الهوى في ما بيننا فتنا

فاسأل محياكَ كم أخجلتَ من قمرٍ
وسل قوامكَ ذا المياسِ كم غصنا

وكم يبيعكَ أهلُ العشقِ أفئدةً
وأنتَ لا عوضاً تعطي ولا ثمنا

فيمَ اقتصاصكَ في قلبي تعذبني
وما جنيتُ ولا قلبي عليكَ جنى

أما كفاني ما ألقاهُ من زمني
حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا

إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ
أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا

وما أطافَ بقلبي في الهوى أملٌ
إلا بعثتَ عليهِ الهمَّ والحزنا

ليهنكَ اليومَ أني ممسكٌ كبدي
وإنها قطعٌ تجري هنا وهنا

وفي الجوانحِ شيءٌ لستُ أعرفهُ
لكنْ أهل الهوى يدعونهُ شجنا

يبيبتُ ينبضُ قلبي من تقلبهِ
حتى إذا ذكروا من هاجهُ سكنا

فهلْ رثيتَ لمن لو بثَّ لوعتهُ
معَ الصباحِ لأبكى الطيرَ والفننا

وهل تعللنا يوماً بموعدةٍ
وإن تكن لا تفي سرّاً ولا علنا

أوأن نفسي على كفيكَ لانحدرتْ
ولو دفنتُ لما باليتَ من دُفنا

وذو الشقاوةِ مقرونٌ بشِقْوَتهِ
أنى تقلبَ جرتْ خلفهُ المحنا


الرافعي

الحمدان 08-12-2024 04:18 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
ورجوتُ عيني أن تكفّ دموعها
يوم الوداع نشدتها لا تدمعي

أغمضْتُها كي لا تفيض فأمطرتْ
أيقنتُ أني لست أملك أدمعي


......

الحمدان 08-12-2024 05:05 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إن ضاقت الأرض كان الحب ياسعنا
‏مـعقولة أيـامنـا صارت مـن الماضـي

‏كل ما جلست بمكانٍ كان يجمعنا
‏يملاني الشوق من كرسيّه الفاضي


......

الحمدان 08-12-2024 05:07 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
يشبهني الليل في ثقلي وفي صمتي
‏وأشبه صباح الربيع بزحمة ألوانه
‏ㅤ
‏يامن سألني علامك مابعد نمتي
‏النوم فيني غريب وفاقدأوطانه


......

الحمدان 08-12-2024 05:22 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
‏يُهَندمني حديثكِ حدِّثيني
‏ولو كانَ الحديثُ بغير معنى

‏أحسُّ بهِ على أطرافِ قلبي
‏حَمَامَاتٍ وفي أذنيّ مغنى

‏يُطَوِّقُ صوتُكِ الذهبيُّ صمتي
‏كما لو أننا بالفعلِ كنّا

‏فتحتدُّ القصائدُ في عيوني
‏وتسقطُ دمعةُ الأشعار وزنا

‏أحبّكِ لا أحبّكِ لستُ أدري
‏وبينهما أموتُ أموتُ ظنّا

......

الحمدان 08-12-2024 05:23 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وكأنّها لِبَهائها ولحُسنِها
‏خُلِقتْ مِن الياقوت والمَرجانِ

‏حارت حروفُ النور في وصفِ التي
‏أهوى وأَعجَزَ حُسنُها تِبْيَاني


......

الحمدان 08-12-2024 07:32 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أقولُ وقد ذَمَّ الوزيرُ زمانَه
من الغيظِ ذَمَّ العاجِزِ المُتَحيِّرِ

تَذُمُّ زمانَ السّوء يا صدْرُ ظالِماً
ولولا زمانُ السّوء لم تَتَصدر


الأرجاني

الحمدان 08-12-2024 07:32 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إلى ان تَؤوبَ الشَّمسُ لا يَغْرُبُ البَدْرُ
إذا كمُلَتْ فيه مع الأربَعِ العَشْرُ

فَنُبْ عن أبيكَ الدَّهْرَ ما غابَ شَخْصُه
فإنّك بَدْرٌ شَمسُه ذلك الصّدْر

ودُمْ لعيونِ الخَلْقِ عنه خليفةً
وقُلْ لحجابِ الغَرْبِ مَوْعِدُك الحَشر

وَجُدْ بنَدَى كفَّيكَ مَثْواهُ عامِداً
ففي السُّحبِ ما يُسقَى بأمطارِه البَحر

هو البَحرُ إلاّ أنّ أصدافَ جُودِه
مَدارِسُه والغُرُّ من أهلِها الدُّرّ

وذا العَبْدُ منهم دُرُّه غيرَ أنّه
له خاطِرٌ في ضمْنِه دُرَرٌ كُثر

بِكُم حازَها قِدْماً وفيكُم يَصوغُها
إذَنْ فهي النُّعمَى لكم وهي الشُّكر

بدائعُ لا المَعْنَى عَوانٌ أذالَه
سِوايَ ولا اللّفْظُ المَصوغُ له بِكر

فيا ماجداٍ أقطارُ ساحته حمىً
ويا جائداً أمطارُ راحته غُزر

ويا مَلِكاً أَعلامُ هِمّتِه عُلاً
ويا مَلِكاً أيّامُ دولتِه غُرّ

لِيَهْنِكَ ولْيَهْنِ الخليقةَ كُلَّها
تَجدُّدُ بُشرَى في الوجوه لها بِشر

مِن الآنَ حَلَّ المجدُ في مُستقَرِه
وألقَتْ عصاها عنده الهِمَمُ السَّفر

وأسمحتِ الأيّامُ بعدَ إبائها
ولانَتْ إلى الإنصافِ أعناقُها الصُّعر

وأضحَتْ من العدلِ البلادُ وقد هدَتْ
وأمستْ من الأمنِ العبادُ وقد قَرّوا


الأرجاني

الحمدان 08-12-2024 07:33 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أيا غائبَ الشّخصِ عن ناظري
على أنّ نعمتَهُ حاضِرَهْ

إذا شئتُ نَزَّهتُ من دارِه
لِحاظيَ في جَنّةٍ ناضِره

ولكنّ عينيَ تشَتاقُ أن
تكونَ إلى رَبِّها ناظِره


الأرجاني

الحمدان 08-12-2024 07:43 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
يا خليل القلب قُـلي كيف اقـلّك
كيـف اقـلّك يا خليل القـلب قُلّي

قُـل لكلّي كيف كُـلّي حب كـلّك
كيف كُلّي حب كُـلّك قُـل لكلّي

كيف ضلّلته بضلّي قُـل لضلّك
قُل لضلّك كيف ضلّلته بضِلّي

قُل لعشقي كيف حلّك واستحلّك
كيف عشقك داخل الشريان حلّي

مـا نبـّض فـيني ورّيد إلا لأجـلك
مـا سكن روحك شـعور إلا لأجلي

هلّني في نبض نبضك ونت هلّك
نبض نبضي في محاريبك يصلّي

ليش مِـن دون الملأ مـا يوم ملّك
ليش عَـن كل الملأ مايل و ملّي

يا مخلـخل بالـتخلّـي قلب خِلك
قـلب خِـلّك ما تخلخل بالتخلّي

خلّـني يا خِـل خِلك ونت خَلّك
او تـخـلــيــنـا و لا خـــلّاك خِــلّي

يا خـليلي خَل خِـلّك في محلّك
ونت خَـلّك يا خلـيلي في محلّي

لو حـبـيب الـقـلـب عزّيتـه و ذلّك
هـو يـقـع تبـقـى مـعـه عَزي وذلّي

لو خـيـالك يا خليلي مِـستـغِـلّك
خَل خِلـخـالك على خالك يولّي

مـا تبقـى مِن عـسـاي إلا لعـلّك
كلـما شـحـت عـسـاك أجدب لعلّي


...................

الحمدان 08-12-2024 09:42 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
يقول الشافعي
وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى
وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ

ويقول البحتري
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ
وَلَو أَرادَ انتِصارًا مِنهُ لَانتَصَرا

و أنت مع من في قوليهما ؟!

الحمدان 08-12-2024 10:05 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
تواضع لرب العرش علّك تُرفع
لقد فاز عبد للمهيمن يخضع

وداو بذكر الله قلبك إنه
لأعلى دواء للقلوب وأنفع

وخذ من تقى الرحمن أمناً وعُدّةً
ليوم به غير التقى مروّع

وبالسنة المثلى فكن متمسكاً
فتلك طريق للسلامة مهيع

هي العروة الوثقى وحجة مقتد
نبُّت بها أسباب من هو مبدع

رأيت رسول الله أنصح مرشد
وأنجح ذي جاه كريم يشفع

وأصدق رؤيا المرء رؤياه إنها
لمن شبه الشيطان تُحمى وتمنع

فقبّلت فاه العذب تقبيل شيّق
وما كنت في تقبيل ممشاه أطمع

وقلت له هذا الفم الصادق الذي
بوحي آله العرش كان يمتّع

فبشّرني خير الأنام بميتتي
على سنة بيضاء بالحق تشرع

فها أنا تصديقاً لبشراه ثابت
عليها بحمد الله لا أتتعتع

بمعتقد الثبت الإمام ابن حنبل
أدين فهو الناقل المتورع

لئن لم أتابع زهده وتقاءه
فإني له في صحة العقد اتبع

أمرّ أحاديث الصفات كما أتت
على رغم غمر يعتدى ويشنع

فلا يلج التعطيل قلبي ولا إلى
زخارف ذي التأويل ما عشت أرجع

أقرّ بأن الله جلّ ثناؤه
آله قديم قاهر مترفع

سميع بصير ما له في صفاته
شبيه يرى من فوق سبع ويسمع

وخُلق الطباق السبع والأرض واسعٌ
وكرسيّه منهن في الخلق أوسع

قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه
ومن علمه لم يخل في الأرض موضع

ومن قال إن الله جلّ بذاته
بكل مكانٍ جاهلٌ متسرع

إليه الكلام الطيب الصدق صاعدٌ
وأعمال كل الخلق تُحصى وترفع

فما لم يشاه الله ليس بكائن
وما شاءه في خلقه ليس يدفع

يُضلُّ ويهدي والقضاء بأمره
مضى نافذاً فيما يضرّ وينفع

وللشر والخير المهيمن خالق
وإبليس من أن يخلق الشرّ أوضع

ولكنه للشر أخبثُ محدث
بوسواسه في موبق الإثم يُوقع

علا عن مُعين ربُنا ومظاهر
على الملك أو كفوا على الغيب يُطلع

لقد برأ الخلق ابتداء من الثرى
بلا مسعد فيما يسوّى ويصنع

وقال لهم ذرّاً ألست بربكم
فقال بلى منهم عصىً وطيع

وسوف يناديهم جميعاً إذا أتوا
حفاةً عراةً في المعاد فيسمعوا

ويسمع سكان السموات وحيه
فهم لسماع القول صرعى وخضّع

وكلم موسى والكلام حقيقة
بتوكيده بالمصدر الخصم يقطع

ومعتقدي أن القرآن كلامه
قديم كريم في المصاحف مودع

وقد سبق الوعد المصدّقُ أنه
إذا جاءت الأشراط منها سيرفع

وأودع حفظاً في الصدور وإنه
لبالعين مرئٌ وبالأذن يُسمع

بالسنة القراء يُتلى وإنه
بحرف وصوت ضلّ من يتنطع

هو السور الهادي إلى الحق نورها
وآيات صدق للمنيبين تنفع

به نزل الروح الأمين مصدقاً
على قلب عبد كان بالحق يصدع

وليس بمخلوق ومن قال عكس ما
ذكرتُ له في الناس بالكفر يقطع

ولا محدث قد جاء عن سيد الورى
حديث لمعناه أسوق وأوضع

لقد قرأ الرحمن طه جميعها
ويس أيضاً والملائك تسمع

ولم يخلق السبع الطباق ولا الثرى
وهذا دليل ما لهم عنه مدفع

وقولهم خلق فظيع وقول من
يشير إليه بالعبارة أفظع

ومن كان فيه واقفياً محيراً
فذلك واللفظي كل مبدّع

وفي كتب الله القديمة كلها
أقول بهذا القول لا أتفزّع

ومعتقدي أن الحروف قديمة
وإن حار في قولي غويٌّ متعتع

تبارك ربي ذو الجلال صفاته
تجلّ عن التأويل إن كنت تتبع

يداه هما مبسوطتان تعالياً
عن المثل يعطى من يشاء ويمنع

وألواح موسى خطّها بيمينه
مواعظ تشفى من ينيب ويخشع

وكلتا يديه جلّ عن مشبه له
يمين إلى خير البرية يرفع

وينزل في الأسحار في كل ليلة
كما جاء في الأخبار والناس هجّع

ينادي أولي الحاجات والتوب طالباً
فهل راهب أو راغب متضرع

ومن قال إثبات الصفات شناعة
فجرأته إذ عارض النصّ أشنع

وينظره الأبرار يوم معادهم
ويحجب عنه من إلى النار يوزع

كما ينظرون الشمس لا غيم دونها
لقد خاب محجوب هناك ممنّع

ولم يرفى الدنيا من الناس ربّه
بعينيه إلا الهاشمي المشّفع

محمد المخصوص بالرؤية التي
غدا الطور إجلالاً لها يتقطّع

وإن نعيم القبر ثم عذابه
لحق فمسرور به ومروّع

يخالف ضيقاً بين أضلع من طغى
ويفسح فيه للتقى ويوسع

ويسأل فيه الميت الملكان عن
هداه فمرحوم وآخر يُقمع

ويعرف من في القبر من زاره وإن
يُسلم على الأموات في القبر يسمعوا

ومن يقرأ القرآن للميت مهدياً
يصله وبالإطعام والبر يُنفع

وقد يسأل الأموات من مات بعدهم
عن الأهل من منهم مقيم ومقلع

وربي أحصى خلقهم ويميتهم
ويبعثهم بعد الممات ويجمع

وينفخ إسرافيل في الصور نفخةً
فكل من الأجداث للحشر مُهطع

وتدعى البرايا للحساب جميعهم
فلا ظلم والميزان للعدل يوضع

وذلك يوم فيه نور نبينا
برفع لواء الحمد يعلو ويسطع

ويظهر فيه جاهه بشفاعة
إليها لكرب الموقف الخلق يهرع

وينقذ في يوم القيامة من لظى
من الأمة العاصين إذ هو يشفع

وينصب فيه حوضه كاشف الصدى
وذلك حوض بالروا العذب مُترع

وإن له فيه مقاماً مقرباً
ومقعد صدق نوره يتشعشع

ويسبق كل العالمين مبادراً
لحلقة باب المنزل الرحب يقرع

فيدخل والشعث الخماص كأنما
وجوههم شمس الضحى حين تطلع

وينزله الله الوسيلة رتبةً
له ليس فيها للخلائق مطمع

وقد خلق الله الجنان معدة
لأربابها فيها ظلال ومرتع

وحور حسان ناعمات كواعب
بها كل أوّابٍ حفيظ ممتع

وقد خلق الله الجحيم لأهلها
لبأس أذاها عنهم ليس ينزع

لهم ظلل منها عليهم وتحتهم
لأمعائهم شرب الحميم يقطع

وبعد التقاضي يّبح الموت بينهم
فمستبشر زاض وآخر يجزع

وأعتقد الإيمان قولاً مسدداً
وأعمال صدق في الصحائف تودع

يزيد بفعل الخير من كل مؤمن
وينقص بالعصيان فهو ممزع

وإيماننا بضع وسبعون شعبةً
حديث صحيح النقل لا يتضعضع

وإني إذا ما قلت إني مؤمن
ولا شك عندي بالمشيئة اتبع

وليس كبير الذنب مخلد مؤمن
بنار بلى فيه النبي مشفع

ولست أرى رأي الخوارج بل إذا
رعى أمرنا والٍ أطيع وأسمع

وإن جهاد المسلمين عدوهم
لفرض وقرن الشمس في الغرب يطلع

وأمسح فوق الخفّ والمسحُ سنة
إلى مدة معلومة ثم اخلع

وللسحر تأثير ولا باس بالرقى
بأم الكتاب أو دعاء يرفع

ولست لميت المسلمين بشاهد
أيُسقى رحيقاً أم حميماً يُجرع

بلى أرتجي للمحسنين سلامة
وأخشى على من يعتدي أو يضيّع

ولا ريب عندي في ثبوت كرامة ال
ولي ولي ولواضحي على الماء يُسرع

وبالحمد لله افتتاح صلاتنا
لما صح من نقل المحقين اتبع

ولا أر في الفجر القنوت ولا أرى
عليّ إذا أذنتُ أني أرجّع

وإن مرّ في شعبان عشرون ليلة
وتسع وغُمّ البرج بالصوم أقطع

ومذهبنا الوسطى هي العصر فاستفد
مسائل خمساً من فروع تفرّع

ولست لمن فيها يخالف مانعاً
ولكن خلاف في الأصول ممنّع

وما شاع فيه من خلاف لمسلم
فإني لمن يُفتى به لا أبدّع

وأشهد أن الأنبياء جميعهم
ومعجزهم حقٌ وذلك يُقنع

وأن رسول الله أحمد خيرهم
وأفصحهم عند البلاغ وأبرع

على عرشه خطّ اسمه ولقد عفا
لآدم إذا أضحى به يتضرع

وكان صفي الله آدم طينة
وفيه لأقمار النبوة مطلع

وأودعت التوراة غرّ صفاته
فمن نعته الأحبار آمن تبع

وأودعت الرهبان سلمان وصفه
فكان إلى أخباره يتطلع

فأبصر برهان العلامات عنده
فأضحي بجلبات الهدى يتلفع

وقد كان حملاً والجباه منيرةٌ
به وسمت أنواره وهو مرضع

تنكّست الأصنام عند ولاده
كما نكّستها منه في الفتح إصبع

وشبّ شباباً للنواظر ناضراً
وفيه لسر المجد مرأىً ومسمع

لقد شرحت منه الملائك صدره
وكان له من أبرك العمر أربع

وكان ابن خمس والغمام تظله
وفي العشر نور الشرح في الصدر يلمع

وفي الخمس والعشرين سافر تاجراً
بمال رزان للمفاوز يقطع

رأه بحيرا والغمامة فوقه
ومسيرةٌ والحرّ للوجه يسفع

وأبصرت الكبرى فتاة خويلد
ومن فوقه ظلل الغمام مرفع

إلى أن أرته الأربعون أشدّه
فأضحى بسربال الهدى يتدرّع

ولما تحلّى بالنبوة وانتهى
إلى مستوٍ عنه الملائك توزع

أتى وعلى عطفيه أفخر حلة
وتاجٌ بدرّ المكرمات مرصّع

رأى ليلة المعراج أمراً محققاً
ومنكر هذا الأمر يخفى ويردع

وفيها قُبيل الرفع أكمل صدره
بشرح منير نشره متضوّع

به أظهر الله المهيمن دينه
فأصبح وجه الدين لا يتبرقع

وأحكامه في الأمر والنهي والشرى
وفي البيع تبقى والجبال تصدّع

ومعجزة القرآن ظلت لحسنه
وترتيله في نخلة الجن تخضع

وللقمر المنشق نصفين معجزٌ
عزيز على من رامه متمنع

ونادى فلبته بمكة دوحةٌ
تخد إليه الأرض خداً وتسرع

ولما دنا منه سراقةُ طالباً
على فرس كادت له الأرض تبلع

فعاذ به مستأمناً فأجاره
وأطلقها حتى غدت تتقلع

وحنّ إليه الجذع عند فراقه
كما حنّ مسلوب القرين مفجع

وخرّ له الناب المهدّدُ ساجداً
وأجفانه خوفاً من النحر تدمع

فأطلقه من أهله فبجاهه
نجا من اليم الذبح هذا الجلنقع

فكيف بنا إذ نحن عذنا بجاهه
من الحادث المغرى بنا فهو مرجع

وخرّ له ساني الأباعر ساجداً
وكان شروداً فانثنى وهو طيّع

وعاذت به ريمٌ فقّك إسارها
فمرت على الخشفين تحنو وتُرضع

ومدّ يديه والرّبى مقشعرّة
فما رام إلا والسحائب تهمع

فدام الحيا سبعاً فمدّ لكشفها
يداً غمرت جوداً فظلت تقشّع

ودرّت له في الجدب عجفاء حائلٌ
وبكل على نزل الفحول تمنع

وقد كان من مدّ من التمر أو من الش
عير بجوع الجحفل الجم يشبع

ومن لبن في القعب أشبع كل من
حوت صُفة الإسلام والقوم جوّع

وآض أبو هرٍ وقد كان آيساً
من الرّي وهو الشارب المتضلع

ولما اشتكوا يوم الحديبية الصدى
غدا الماء من بين الأصابع ينبع

وقد أصبح الماء الأجاج بريقه
يروي غليل الظامئين وينقع

وساحت به بئر ومقلة حيدر
شفاها فلم يرمد لها الدهر مدمع

وكلّمة الصم الصوامت مثلما
يكلمه بادي الفصاحة مصقع

وكان على شهر له الرعب ناصر
وريح الصبا للنصر هو جاء زعزع

وإن رُمت من أخلاقه ذكر بعضها
فتلك من المسك المعنبر أضوع

اتته مقالي الكنوز فردّها
وقال أجوع اليوم والغد أشنع

فصحّ له الزهد الصريح بقدرة
وعلم فمن ذا منه أغنى وأقنع

وفي الحلم ما جاز مسيئاً بفعله
ألم يعف عمن للسّمام تُجرع

وعن ساحر جزيان رام بكيده
أذاه فلم يجزه بما كان يصنع

فقال لقوم عند دركلة لهم
رؤوه ففروا آل أرفدة أرجعوا

ليعلم أعداء الهدى أن ديننا
هو الحق فيه الأمر سهل موسع

ويستنشد الأشعار مستحسناً لها
وقد كان من حسّان للمدح يسمع

ولابن أبي سُلمى أجاز وقد دعا
على المدح للعباس نعم المشرع

وكان له حسن التواضع شيمةً
حباه به الرحمن لا يتصنع

ففي بيته قد كان يخصف نعله
وكان إذا ما انهج الثوب يرقع

ويجلس فوق الأرض لا فرش تحته
ومطعمه أيضاً على الأرض يُوضع

دعاه يهوديٌّ أجاب دعاءه
وعن دعوة الملوك لا يتمنّع

وفي الجود فاسئل عن خباء يمينه
أئمة أهل النقل يا متتبع

ألم يهب الشاء الكثيرة عدادها
لعافٍ أتاه يعتريه ويقنع

أما فضّها سبعين ألفاً بمجلس
فلم يبق منها درهم يتوقع

وفي البأس فاسأل عنه يوم هوزان
أما انهزموا وهو الكمّى السميدع

وما التقت الأقران يوم كريهة
على الطعن إلا وهو أقوى وأشجع

لهم منه يوم السلم شرع وسنة
وفي الحرب نصر والأسنة تشرع

وأمته خير القرون وخيرهم
صحابته أزكى الأنام وأورع

وخيرهم الصدّيق إذ هو منهم
إلى السبق في الإسلام والبرّ أسرع

وفي ليلة الغار افتداه بنفسه
حذاراً عليه من أراقم تلسع

وقاه من الرقش العوادي برجله
فبات يعاني السم والطرف تدمع

واتحفه بالبكر عائشة التي
براءتها في سور النور تُسمع

وكان له صهراً وصلّى وراءه ال
نبي صلاة الصبح والصحب أجمع

وردّ فريق الردّة الزائغ الذي
لفرض زكاة المال أصبح يمنع

إلى أن أقام الدين بعد اعوجاجه
وأضحى حمى التقوى به وهو ممرع

رضينا به بعد النبي خليفة
على عقده كل الصحابة أجمعوا

ومن بعده الفاروق مظهر ديننا
بإسلامه والأمر خافٍ مبرقع

هو العدويّ العبقريّ المفهّم
المبصر والباب الحديد الممنع

خلافته صحت بعقد خليفة
على فضله حزب الصحابة مجمع

ورؤيا النبي المصطفى أنه على
قليب غزير الماء بالغرب ينزع

وتأويل هذا ما سمعت فتوحه
وعدل له بين الأنام موزع

له العلم والحكم السديد وصحة
التوكل وصف والتقى والتورّع

وعن زهده فاسأل خبيراً ألم يقم
خطيباً عليهم والأزار مرقّع

ومن بعده عثمان من كان في الدجى
يرتّل آيات الكتاب ويركع

يرتله في ركعة وهو الذي
له كان في رقّ المصاحف يجمع

وزوجه الهادي ابنتيه كرامةً
ولو كنّ عشراً لم يكن بعد يمنع

وأعطاه سهماً يوم بدر ولم يكن
وبايع عنه نائباً حين بُويعوا

وسبّل بئراً ماؤها ينقع الصدى
وجهّز جيشاً وهو بالعسر مدقع

وقمّصه الرحمن ثوب خلافة
بوعد النبي المصطفى ليس يخلع

ومن بعده الهادي علي بقوله
السديد إذا ما أشكل الأمر يقطع

إذا ذكر الراوون صحب محمد
يكون له فيهم خصائص أربع

إخاءٌ مع المختار وهو ابن عمه
وسبطاه والزهراء فضل منوّع

وأعطاه خير الناس أشرف رأية
وكان له بالفتح والنصر مرجع

ولو شاء أن يرقى السموات إذ له
على كتف الهادي البشير ترفع

أمام بطين في العوم وإنه
من الشك والشرك الخفي لأنزع

ومن بعدهم خير الصحابة ستة
لهم بالجنان المصطفى كان يقطع

فذكرك منهم طلحة الخير شائع
وقولك فيه طلحة الجود أشيع

ويعرف بالفياض إذ جود كفه
أعمّ من البحر الخضم وأنفع

فكم مائتي ألف على الناس فضّها
عليهم بها في الضائقات يوسّع

ويمناه شلت يوم أحد لدفعه
بها عن نبي الله لا يتزعزع

وإن الزبير الفاتك الشهم منهم
أشد رجال الحرب بأساً وأمنع

وفارس بدر وابن عمة سيد ال
ورى والجواد المنفق المتطوّع

حواريّه وهو الذي باختياره
لرأيته العلياء في الفتح يرفع

ومنهم أمير الحرب سعد بن مالك
وأفضل من رامٍ عن القوس ينزع

وثلث أرباب الهدى ودعاؤه
إليه من الله الإجابة تسرع

وكان له خالاً وأول من رمى
بسهم له في عصبة الشرك موقع

ومنهم سعيد خصّه سيد الورى
وآخّره عذر عن الغزو يمنع

بسهمٍ وأجرٍ يوم بدر وقد غدا
كمن هو في بدر كمتىٌ مدرّع

وإن ابن عوف منهم المنفق الذي
بأنفس مال لم يزل يتبرع

ومنهم أمين الأمة الثبت عامر
فيا لفتىً فيه غناء ومقنع

وأبطال بدر فضلهم غير منكر
بأفخر ثوب في الجهاد تدرّعوا

وفي بيعة الرضوان فضل لأهلها
وتفضيل أهل البيت ما ليس يُدفع

وأزواجه في جنة الخلد عنده
بهن مع الحور الحسان يمتع

وللفضل أيضاً في معاوية أعتقد
ردافته تفضيلها لا يضيع

هو الكاتب الوحي الحليم وأخته
مع المصطفى في جنة الخلد ترتع

وكل صحابي رآه ففضله
على غيره في نيله ليس يُطمع

ولا أبتغي التفتيش في ذكر ما جرى
لأصحابه خاب الغوى المشنع

فيا طالباً أرض الحجاز إذا انطوى
له أجرعٌ منها تعرّض أجرع

يحاول أسباب العلى في طلابه
فيوجف في البيد الركاب ويوضع

إذا بلغت سلعاً مطاياك غدوةً
ولاح لها من أرض طيبة مرتع

فذلك مأوى العلم والحلم والهدى
وفيه لمكنون الحقائق منبع

لأن به خير الأنام محمداً
له كل الفضائل تجمع

فقل يا رسول الله أنت نصيرنا
على فتن في وقتنا تتقرع

بك السنة المثلى عرفنا وأنكرت
قلوب عليها بالغباوة يطبع

بتسليمنا فيها وعينا وفرقة ال
هوى قلّدوا فيها العقول فلم يعوا

فسل ربك الرحمن أن لا يزيلنا
عن السنة المثلى وأنت مشفع

عليك سلام الله ما أعقب الدجى
صباح وما لاحت بوارق تلمع


الصرصري

الحمدان 08-12-2024 10:13 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وفي صبح وقفت أمام مرآتي
وقد بانت على وجهي خساراتي

أرى شخصا على المرآة يكرهني
وما أقساه كره الذات للذاتِ

واسترجعت بعضا من الأيام ذاكرتي
لتأخذني إلى أقسى محطاتي

إلى حب قديم في مدينتنا
إلى وقت به اختلفت قناعاتي

فما فارقت قرب الناس من عبثٍ
ولا أقوى على ملئ الفراغاتِ

لكن جرحاً من الاحبابِ أقنعني
أن القريبين أولى بالخساراتِ

وما يعني خروج الروح إن خرجت
فهذا الموت لا يعني النهاياتِ

فكم عندي من الأحياء أعرفهم
ولكنـــي أعــاملـهم كأمواتِ

إن الحقيقة تبقى حب والدتي
وحب الناس في عيني خرافاتِ

أنا شخص أراد العيش منعزلاً
وإن طالت فتبقى عزلتي خجلا

فمن صدقي أنا في عينهم ثملاً
فلا تحكى على صحو حكاياتي

فإن أفنى فحسن الخلق في كفني
ويغنيني عن كل احتياجاتي

وإن أبقى فضعفي لم يكن علناً
ومعتمدا على ثقتي بمراتي

أنا أمضي بلا أثر على جسدي
فقد كانت باحساسي جراحاتي

أرى وجهي بنفس الصبح يشكرني
وما أسماه شكر الذات للذاتِ

......

الحمدان 08-12-2024 10:16 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
موقعي عندكَ لا أعلمُهُ
آهِ لَو تعلمُ عندي مَوقِعَكْ

نامتِ الأَعيُنُ إِلّا مُقلةً
تسكُبُ الدمعَ وترعى مضجَعَكْ


أحمد شوقي

الحمدان 08-13-2024 12:00 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
رُدُّوا عَلَيَّ الصِّبَا مِنْ عَصْرِيَ الْخَالِي
وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللّمَّةِ الْبَالِي

مَاضٍ مِنَ الْعَيْشِ مَا لاحَتْ مَخَايِلُهُ
فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ إِلا هَاجَ بَلْبَالِي

سَلَتْ قُلُوبٌ فَقَرَّتْ في مَضَاجِعِهَا
بَعْدَ الْحَنِينِ وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي

لَمْ يَدْرِ مَنْ بَاتَ مَسْرُوراً بِلَذَّتِهِ
أَنِّي بِنَارِ الأَسَى مِنْ هَجْرِهِ صَالِي

يَا غَاضِبينَ عَليْنَا هَلْ إِلَى عِدَةٍ
بِالْوَصْلِ يَوْمٌ أُنَاغِي فِيهِ إِقْبَالِي

غِبْتُمْ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ
وَسَاءَ صُنْعُ اللَّيَالِي بَعْدَ إِجْمَالِ

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي مِنْكُمْ عَلَى ثِقَةٍ
حَتَّى مُنِيتُ بِمَا لَمْ يَجْرِ فِي بَالِي

لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْبَاً أَسْتَحِقُّ بِهِ
عَتْبَاً وَلَكِنَّهَا تَحْرِيفُ أَقْوَالِ

وَمَنْ أَطَاعَ رُوَاةَ السُّوءِ نَفَّرَهُ
عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ

أَدْهَى الْمَصَائِبِ غَدْرٌ قَبْلَهُ ثِقَةٌ
وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ

لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى حُرِّيَّةٍ مَلَكَتْ
أَعِنَّتِي عَنْ قَبُولِ الذُّلِّ بِالْمَالِ

تَبِعْتُ خُطَّةَ آبَائِي فَسِرْتُ بِهَا
عَلَى وَتِيرَةِ آدَابٍ وَآسَالِ

فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي
وَلا تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي

قَلْبِي سَلِيمٌ وَنَفْسِي حُرَّةٌ وَيَدِي
مَأْمُونَةٌ وَلِسَانِي غَيْرُ خَتَّالِ

لَكِنَّنِي فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِبَاً
فِي أَهْلِهِ حِينَ قَلَّتْ فِيهِ أَمْثَالِي

بَلَوْتُ دَهْرِي فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرَتَهُ
فِي سَابِقٍ مِنْ لَيَالِيهِ وَلا تَالِي

حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ مِنْ يُسْرٍ وَمَعْسرَةٍ
وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ مِنْ خِصْبٍ وَإِمْحَالِ

فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدرَةٍ
وَلا فَرِحْتُ بِوَفْرٍ بَعْدَ إِقْلالِ

عَفَافَةٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي فَمَا عَلِقَتْ
بِلَوْثَةٍ مِنْ غُبَارِ الذَّمِّ أَذْيَالِي

فَالْيَوْمَ لا رَسَنِي طَوْعُ الْقِيَادِ وَلا
قَلْبِي إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ

لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ
إِلا صَحَابَةُ حُرٍّ صَادِقِ الْخَالِ

وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ
وَالصِّدْقُ فِي الدَّهْرِ أَعْيَا كُلَّ مُحْتَالِ

لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي إِلْفٌ أُجَاذِبُهُ
فَضْلَ الْحَدِيثِ وَلا خِلٌّ فَيَرْعَى لِي

أَبِيتُ مُنْفَرِدَاً فِي رَأْسِ شَاهِقَةٍ
مِثْلَ الْقَطَامِيِّ فَوْقَ الْمِرْبَإِ الْعَالِي

إِذَا تَلَفَّتُّ لَمْ أُبْصِرْ سِوَى صُوَرٍ
فِي الذِّهْنِ يَرْسُمُهَا نَقَّاشُ آمَالِي



محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:01 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
رَدَّ الْصِّبَا بَعْدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَلُ
وَرَاحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ

وَعَادَ مَا كَانَ مِنْ صَبْرٍ إِلَى جَزَعٍ
بَعْدَ الإِبَاءِ وَأَيَّامُ الْفَتَى دُوَلُ

فَلْيَصْرِفِ اللَّوْمَ عَنِّي مَنْ بَرِمْتُ بِهِ
فَلَيْسَ لِلْقَلْبِ فِي غَيْرِ الْهَوَى شُغُلُ

وَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَ مَا ذَهَبَتْ
يَوْمَ الْفِرَاقِ شَعَاعاً إِثْرَ مَنْ رَحَلُوا

تَقَسَّمَتْنِي النَّوَى مِنْ بَعْدِهِمْ وَعَدَتْ
عَنْهُمْ عَوَادٍ فَلا كُتْبٌ وَلا رُسُلُ

فَالصَّبْرُ مُنْخَذِلٌ وَالدَّمْعُ مُنْهَمِلٌ
وَالعَقْلُ مُخْتَبِلٌ وَالْقَلْبُ مُشْتَغِلُ

أَرْتَاحُ إِنْ مَرَّ مِنْ تِلْقَائِهِمْ نَسَمٌ
تَسْرِي بِهِ فِي أَرِيجِ الْعَنْبَرِ الأُصُلُ

سَارُوا فَمَا اتَّخَذَتْ عَيْنِي بِهِمْ بَدَلاً
إِلا الْخَيَالَ وَحَسْبِي ذَلِكَ الْبَدَلُ

فَخَلِّ عَنْكَ مَلامِي يَا عَذُولُ فَقَدْ
سَرَّتْ فُؤَادِي عَلَى ضَعْفٍ بِهِ الْعِلَلُ

لا تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلاً فَأَيْسَرُهُ
خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ

يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ
وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ

فَكَيْفَ أَدْرَأُ عَنْ نَفْسِي وَقَدْ عَلِمَتْ
أَنْ لَيْسَ لِي بِمُنَاوَاةِ الْهَوَى قِبَلُ

فَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى شَيءٍ هَمَمْتُ بِهِ
فِي الْحُبِّ لَكِنْ قَضَاءٌ خَطَّهُ الأَزَلُ

وَلِلْمَحَبَّةِ قَبْلِي سُنَّةٌ سَلَفَتْ
فِي الذَّاهِبِينَ وَلِي فِيمَنْ مَضَى مَثَلُ

فَإِنْ تَكُنْ نَازَعَتْنِي النَّفْسُ بَاطِلَهَا
وَأَطْلَعَتْنِي عَلَى أَسْرَارِهَا الْكِلَلُ

فَقَدْ أَسِيرُ أَمَامَ الْقَوْمِ ضَاحِيَةً
وَالْجَوُّ بِالْبَاتِرَاتِ الْبِيضِ مُشْتَعِلُ

بِكُلِّ أَشْقَرَ قَدْ زَانَتْ قَوَائِمَهُ
حُجُولُهُ غَيْرَ يُمْنَى زَانَهَا الْعَطَلُ

كَأَنَّهُ خَاضَ نَهْرَ الصُّبْحِ فَانْتَبَذَتْ
يُمْنَاهُ وَانْبَثَّ فِي أَعْطَافِهِ الطَّفَلُ

زُرْقٌ حَوَافِرُهُ سُودٌ نَوَاظِرُهُ
خُضْرٌ جَحَافِلُهُ فِي خَلْقِهِ مَيَلُ

كَأَنَّ فِي حَلْقِهِ نَاقُوسَ رَاهِبَةٍ
بَاتَتْ تُحَرِّكُهُ أَوْ رَاعِدٌ زَجِلُ

يَمُرُّ بِالْوَحْشِ صَرْعَى فِي مَكَامِنِهَا
فَمَا تَبِينُ لَهُ شَدّاً فَتَنْخَذِلُ
يَرَى الإِشَارَةَ فِي وَحْيٍ فَيَفْهَمُهَا

وَيَسْمَعُ الزَّجْرَ مِنْ بُعْدٍ فَيَمْتَثِلُ
لا يَمْلِكُ النَّظْرَةَ الْعَجْلاءَ صَاحِبُهَا

حَتَّى تَمُرَّ بِعِطْفَيْهِ فَتُحْتَبَلُ
إِنْ مَرَّ بِالْقَوْمِ حَلُّوا عَقْدَ حَبْوَتِهِمْ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:02 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
عَمَّ الْحَيَا وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
وَفَاضَتِ الْغُدْرَانُ وَالْمَنَاهِلُ

وَازَّيَّنَتْ بِنَوْرِهَا الْخَمَائِلُ
وَغَرَّدَتْ فِي أَيْكِهَا الْبَلابِلُ

وَشَمِلَ الْبِقَاعَ خَيْرٌ شَامِلُ
فَصَفْحَةُ الأَرْضِ نَبَاتٌ خَائِلُ

وَجَبْهَةُ الْجَوِّ غَمَامٌ حَافِلُ
وَبَيْنَ هَذَيْنِ نَسِيمٌ حَائِلُ

تَنْدَى بِهِ الأَسْحَارُ وَالأَصَائِلُ
كَأَنَّمَا النَّبَاتُ بَحْرٌ هَائِلُ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:02 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لأَمْرٍ مَا تَحَيَّرَتِ الْعُقُولُ
فَهَلْ تَدْرِي الْخَلائِقُ مَا تَقُولُ

تَغِيبُ الشَّمْسُ ثُمَّ تَعُودُ فِينَا
وَتَذْوَى ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ

طَبَائِعُ لا تُغبُّ مُرَدّدَاتٍ
كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ

فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ
بِهِ الأَيَّامُ وَالْفَطِنُ الْعَقُولُ

يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْرَاً بَعْدَ طَوْرٍ
وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ

فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ
تَفِيءُ بِهِ وَلا صَحَّ الْمَقُولُ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:03 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ فَرُبَّمَا
خَدَعَتْ مَخِيلَتُهُ الْفُؤَادَ الْغَافِلا

وَاصْبِرْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَكُلَّمَا
ذَهَبَ الْغَدَاةَ أَتَى الْعَشِيَّةَ قَاِفلا

كَفَلَ الشَّقَاءَ لِمَنْ أَنَاخَ بِرَبْعِهِ
وَكَفَى ابْنَ آدَمَ بِالْمَصَائِبِ كَافِلا

يَمْشِي الضَّرَاءَ إِلَى النُّوُسِ وَتَارَةً
يَسْعَى لَهَا بَيْنَ الأَسِنَّةِ رَافِلا

لا يَرْهَبُ الضِّرْغَامَ بَيْنَ عَرِينِهِ
بَأْساً وَلا يَدَعُ الظِّبَاءَ مَطَافِلا

بَيْنَا تَرَى نَجْمَ السَّعَادَةِ طَالِعَاً
فَوْقَ الأَهِلَّةِ إِذْ تَرَاهُ آفِلا

فَإِذَا سَأَلْتَ الدَّهْرَ مَعْرِفَةً بِهِ
فَاسْأَلْ لِتَعْرِفَهُ النَّعَامَ الْجَافِلا

فَالدَّهْرُ كَالدُّولابِ يَخْفِضُ عَالِياً
مِنْ غَيْرِ مَا قَصْدٍ وَيَرْفَعُ سَافِلا


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:03 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لا تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَةٍ
مِنْ أَمْرِهِمْ بَلْ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْيِيلِ

حُبُّ الْحَيَاةِ وَبُغْضُ الْمَوْتِ أَوْرَثَهُمْ
جُبْنَ الطِّبَاعِ وَتَصْدِيقَ الأَبَاطِيلِ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:04 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ
فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا تَفُوقُ عَلَى الْكُلِّ

وَقَارٌ بِلا كِبْرٍ وَصَفْحٌ بِلا أَذَىً
وَجُودٌ بِلا مَنٍّ وَحِلْمٌ بِلا ذُلِّ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:04 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
تَسَابَقْ فِي الْمَكَارِمِ تَعْلُ قَدْرَاً
فَسَبْقُ النَّاسِ لِلْخَيْرَاتِ نَضْلُ

إِذَا ذَهَبَ الْكِرَامُ فَلا رَجَاءٌ
وَإِنْ ذَهَبَ الرَّجَاءُ فَلَيْسَ فَضْلُ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:05 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ
فَلا بُدَّ يَوْماً أَنْ يُشِيدَ بِهِ الْفَضْلُ

فَإِنَّ لَهِيبَ النَّارِ مَهْمَا كَفَأْتَهُ
إِلَى أَسْفَلٍ قَسْراً فَلا بُدَّ أَنْ يَعْلُو


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:05 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلَّا ابْنُ يَوْمِهِ
وَمَا الْعَيْشُ إِلَّا لُبْثَةٌ وَزِيَالُ

وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا دَفْتَرٌ فِي خِلالِهِ
تَصَاوِيرُ لَمْ يُعْهَدْ لَهُنَّ مِثَالُ

فَفِي صَفْحَةٍ مِنْهُ زَمَانٌ قَدِ انْقَضَى
وَفِي وَجْهِ أُخْرَى دَوْلَةٌ وَرِجَالُ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:05 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
طَهِّرْ لِسَانَكَ مَا اسْتَطَعْتَ وَلا تَكُنْ
خِبّاً يُقَرِّبُ لِلنُّفُوسِ ضَلالَهَا

إِنَّ الْوَقِيعَةَ لا تَعُودُ بِخِزْيَةٍ
أَوْ سُبَّةٍ إِلَّا عَلَى مَنْ قَالَهَا


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:06 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
بَلِ الصَّدِيقُ الَّذِي تَزْكُو شَمَائِلُهُ

إِنْ رَابَكَ الدَّهْرُ لَمْ تَفْشَلْ عَزَائِمُهُ
أَوْ نَابَكَ الْهَمُّ لَمْ تَفْتُرْ وَسَائِلُهُ

يَرْعَاكَ فِي حَالَتَيْ بُعْدٍ وَمَقْرَبَةٍ
وَلا تُغِبُّكَ مِنْ خَيْرٍ فَوَاضِلُهُ

لا كَالَّذِي يَدَّعِي وُدّاً وَبَاطِنُهُ
بِجَمْرِ أَحْقَادِهِ تَغْلِي مَرَاجِلُهُ

يَذُمُّ فِعْلَ أَخِيهِ مُظْهِراً أَسَفاً
لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ الْحُزْنَ شَامِلُهُ

وَذَاكَ مِنْهُ عِدَاءٌ فِي مُجَامَلَةٍ
فَاحْذَرْهُ وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَاذِلُهُ


محمود البارودي

الحمدان 08-13-2024 12:23 AM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
عُد للغياب فإنّ عيني لم تعُد
‏تلك التي تَبكيك حين تركتَها

‏فلكُلِّ قلبٍ في الحياة كرامةٌ
‏ولكلّ حبٍ لا يُراعى مُنتهى

‏ما عادت الذكرى تُكدّرُ خاطري
‏أكمِل غيابك فالحنينُ قد انتهى


......

الحمدان 08-13-2024 12:52 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
إذ أخرَسُ الإِنسَانِ أكمَلُ حَالَةً
مِن ذَا الجَمَادِ بأوضَحِ البُرهَانِ

فَجَحَدتَ أوصَافَ الكَمَالِ مَخَافَةً التَّ
جسِيمِ والتَّشبِيهِ بالإِنسانِ

ووقَعتَ فِي تَشبِيهِ بِالجَامِداتِ
الناقِصَاتِ وذَا مِنَ الخُذلاَنِ

اللهُ أَكبَرُ هُتِّكَت أستَارُكُم
حَتَّى غَدَوتُم ضُحكَةَ الصِّبيَانِ

أوَليسَ قَد قَامَ الدَّليلُ بأنَّ
أفعَالَ العِبادِ خَليقَةُ الرَّحمنِ

مِن ألفِ وَجهٍ أو قِرِيبِ الألفِ
يُحصِيهَا الذِي يُعنَي بهَذَا الشَّانِ

فيكُونُ كلُّ كَلاَمِ هَذَا الخَلقِ عَينَ
كَلاَمِهِ سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ

إذ كَانَ مَنسُوباً إليهِ كَلاَمُهُ
خَلقاً كبَيتِ اللهِ ذِي الأركَانِ

هَذَا ولاَزِمُ قَولِكُم قَد قَالَه
ذُو الإِتحادِ مُصَرِّحاً بِبَيَانِ

حَذَرَ التَّنَاقُضِ إذ تَنَاقَصتُم ط
وَلَكِن طَردُهُ فِي غَايَةِ الكُفرَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ تَخصِيصَ القُراتِ
كَبيتِهِ وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

فَيُقَالُ ذَا التَّخصِيصُ لا يَنفِي العُمُومَ
ولا الخصوصَ كربِّ ذِي الأكوَانِ

ويُقَالُ رَبُّ العَرشِ أيضاً هَكَذَا
تَخصِيصُهُ لإِضَافَةِ القُرآنِ

لاَ يَمنَعُ التَّعمِيمَ فِي البَاقِي وذَا
فِي غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبيَانِ

ولَقد أتَى الفُرقَانُ بَينَ الخَلقِ وال
الصَّريحِ وذَاكَ فِي الفُرقَانِ

وَكِلاَهُمَا عِندَ المُنَازِعِ وَاحِدٌ
والكُلُّ خَلقٌ مَا هُنَا شَيئَان

والعَطفُ عندَهُمُ كعَطفِ الفَردِ مِن
نَوعٍ عَلَيهِ وَذَاكَ فِي القُرآنِ

فَيُقَالُ هَذَا ذُنو امتناعٍ ظَاهِرٍ
فِي آيةٍ التَّفريقِ ذُو تَبيانِ

فالله بَعدَ الخَلقِ أخبَرَ أنهَا
قَد سُخِّرَت بالأمرِ للجَرَيَانِ

وأبَانَ عَن تَسخِيرِهَا سُبحَانَهُ
بالأمرِ بَعدَ الخَلقِ بالتِّبيَانِ

والأمرُ إمَّا مَصدَرٌ أو كَانَ مَف
عُولاً هُمَا فِي ذَاكَ مُستويَانِ

مَأمُورهُ هُوَ قَابِلٌ للأمرِ كال
مَصنُوعِ قَابِلُ صَنَعةِ الرَّحمَن

فإذا انتفَى الأمرُ انتفَى المأمُورُ كال
مَخلُوقِ يُنفَى لانتِفَا الحِدثَانِ

وانظُر إلى نَظمِ السِّياقِ تَجِد بِهِ
سِراًّ عَجِيباً وَاضِحَ البُرهَانِ

ذَكَرَ الخُصُوصَ وَبَعدَهُ مُتَقَدِّماً
والوصفَ والتعمِيمَ في ذَا الثَّانِي

فأتى بِنَوعَي خَلقِه وَبِأمرِهِ
فِعلاً وَوصفاً مُوجِزاً بِبَيَانِ

فَتَدَبَّرِ القُرآنَ إن رُمتَ الهُدَى
فَالعِلمُ تَحتَ تَدَبُّر القُرآنِ

وَالله أخبَرَ فِي الكِتَابِ بأنَّهُ
مِنه وَمجرورٌ بِمِن نَوعَانِ

عَينٌ وَوَصفٌ قَائمٌ بالعَينِ فَال
أعيَانُ خَلقُ الخَالِقِ الرَّحمَنِ

والوَصفُ بالمجرُورِ قَامَ لأنَّه
أولَى بِهِ فشي عُرفِ كُُلِّ لِسَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أيضاً سَوَاءً مَا يضَافُ
إليهِ مِن صِفَةٍ وَمِن أعيَانِ

فَإضَافَةُ الأوصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَن
قَامَت بِهِ كإرادَةِ الرَّحمنِ

وإضافَةُ الاعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ
مُلكاً وخَلقاً مَا هُمَا سِيَّانِ

فانظُر إلَى بَيتِ الإِلهِ وعِلمِهِ
لَمَّا أُضِيفَا كَيفَ يَفتَرِقَانِ

وَكَلاَمُهُ كَحَيَاتِهِ وكَعِلمِهِ
فِي هذي الإِضافَةِ إذ هُمَا وَصفَانِ

لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيتَ إلهِنَا
فكعَبدِهِ أيضاً هُمَا ذَاتَانِ

فَانظُر إِلَى الجَهمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ ال
حَقُّ المُبِينُ وَوَاضِحُ الفُرقَانِ

كَانَ الجَمِيعُ لدَيه بَاباً واحِداً
والصُّبحُ لاَحَ لِمَن لَهُ عَينَانِ

وأتَى ابنُ حزمٍ بَعدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا
لِلنَّاسِ قُرآنٌ وَلاَ إثنَانِ

بَل أربَعٌ كًلٌّ يُسمَّى بِالقُرآنِ
وذَاكَ قَولٌ بَيِّنُ البُطلاَنِ

هَذَا الذِي يُتلَى وآخرُ ثَابِتٌ
فِي الرَّسمِ يُدعَى المُصحَفَ العُثمَانِي

والثَّالِثُ المحفوظُ بَينَ صُدُورنَا
هَذِي الثَّلاَثُ خَلِيقَةُ الرَّحمَنِ

والرَّابِعُ المعنَى القَدِيمُ كعِلمِهِ
كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنهُ بِالقُرآنِ

وأظنُّهُ قَد رَامَ شَيئاً لَم يَجِد
عَنهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ

إنَّ المُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أربَعٍ
عُقِلت فَلاَ تَخفَى عَلَى إنسَانِ

فِي العينِ ثمَّ الذِّهنِ ثُمَّ اللَّفظِ
ثُمَّ الرَّسمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ

وَعَلَى الجمِيعِ الإِسمُ يُطلَقُ لَكِنِ
الأولَى بِهِ الموجُودُ فِي الأعيَانِ

بِخِلاَفِ قَولِ ابنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ
قَد قَالَ إنَّ الوَضعَ لِلأذهَانِ

فَالشَّيءُ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أربَعٌ
فَدَهَى ابنَ حَزمٍ قِلَّةُ العِرفَانِ

والله أخبَرَ أنَّهُ سُبحَانَهُ
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ والفُرقَانِ

وَكَذاكَ أخبَرَنَا بِأنَّ كَلاَمَهُ
بِصُدُورِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

وكذَاكَ أخبَرَ أنهُ المكتُوبُ فِي
صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الرَّحمنِ

وكَذَاكَ أخبَرَ أنهُ المتلُوُّ وال
مَقروءُ عِندَ تِلاَوةِ الإِنسَان

والكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أنَّهُ
هُوَ أربَعٌ وَثَلاَثَةٌ واثنَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآنِ أفعَالٌ لَنَا
وَكَذَا الكِتَابَةُ فَهيَ خَطُّ بَنَانِد

لَكِنَّمَا المتلُوُّ والمكتُوبُ وال
مَحفُوظُ قَولُ الواحِدِ الرَّحمنِ

والعبدُ يقرَؤهُ بصَوتٍ طَيِّبٍ
وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ

أصوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وأدَاتُنا
والرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ القُرآنِ

ولَقَد أتَى فِي نَظمِهِ مَن قَالَ قَولَ
الحَقِّ فيه وَهوَ غَيرَ جَبَانِ

إنَّ الذِي هُوَ فِي المَصَاحِفِ مُثبَتٌ
بأنَامِلِ الأشيَاخِ والشُّبَّانِ

هُوَ قَولُ رَبِّي آيُهُ وحُرُوفُهُ
وَمِدَادُنَا والرَّقُّ مَخلُوقَانِ

فَشَفَى وَفَرَّقَ بَينَ مَتلُوٍّ وَمَص
نُوعٍ وَذَاك حَقِيقَةُ العِرفَانِ

الكُلُّ مَخلُوقٌ وَلَيسَ كَلاَمَهُ
المَتلُؤُّ مَخلُوقاً هُمَا شَيئَانِ

فعلَيكَ بالتَّفصِيلِ والتَّمييزِ فال
إطلاقُ والإِجمَالُ دُونَ بَيَانِ

قَد أفسَدَا هَذَا الوُجُودَ وَخَبَّطَا
الأذهَانَ والآراءَ كُلَّ زَمَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآن فِي تَعرِيفِهَا
باللِّمِ قَد يُعنَى بِهَا شَيئَانِ

يُعنَى بِهَا المتلُوُّ فَهُو كَلاَمُهُ
هُوض غَيرُ مَخلُوقٍ كذِي الأكوَانِ

وَيُرادُ أفعَالُ العِبَادِ كصَوتِهِم
وأدَائِهِم وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

هَذَا الذِي نَصَّت عَلَيهِ أئمَّةُ الإسلاَمِ
أهلُ العِلمِ والعِرفَانِ

وَهُوَ الذِي قَصَد البُخَارِيُّ الرِّضَى
لَكِن تَقَاصَرَ قَاصِرُ الأذهَانِ

عَن فَهمِهِ كَتَقَاصُرِ الأفهَامِ عَن
قَولِ الإِمَامِ الأعظَمِ الشَّيبَانِي

في اللَّفظِ لَمَّا أن نَفَى الضِّدَّينِ عَنهُ
واهتَدَى للنَّفيِ ذُو عِرفَانِ

فاللَّفظُ يًَصلُحُ مَصدَراً هُوَ فِعلُنَا
كَتَلَفُّظٍ بِتِلاَوَةِ القُرآنِ

وَكَذَاكَ يَصلُحُ نَفسَ مَلفوظٍ بِهِ
وَهُوَ القُرآنُ فَذَانِ مُحتَمِلاَنِ

فَلِذَاكَ أنكَرَ أحمَدُ الإِطلاَقَ فِي
نَفيٍ وإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

وأتَى ابنُ سِينَا القُرمطِيُّ مُصَانِعاً
للمُسلِمِينَ بإفكِ ذِي بُهتَانِ

فَرَآهُ فَيضاً فَاضَ مِن عَقلٍ هُوَ
الفَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكوَانِ

حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ
حَسَنُ التَّخيُلِ جَيِّدُ التِّبيَانِ

فأتَى بِهِ للعَالَمِينَ خَطَابَةً
وَمَوَاعِظاً عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

مَا صَرَّحَت أخبَارُهُ بالحَقِّ بَل
رَمزَت إلَيهِ إشَارَةً لِمَعَانِ

وخِطَابُ هَذَا الخَلقِ والجُمهُورِ
بالحَقِّ الصَّريحِ فَغَيرُ ذِي إمَكانِ

لاَ يَقبَلُونَ حَقَائِقَ المعُقُولِ إلاَّ
فِي مِثَالِ الحِسِّ والأعيَانِ

وَمَشَارِبُ العُقَلاَءِ لاَ يَرِدُونَهَا
إلاَّ إذَا وُضِعَت لَهُم بأوَانِ

مِن جِنسِ مَا ألِفَت طِبَاعُهُمُ مِنَ
المَحسُوسِ فِي ذَا العَالَمِ الجُثمَانِ

فأتَوا بِتَشبِيهٍ وتَمثِيلٍ وتَج
سِيمٍ وتخييلٍ إلَى الأذهَانِ

ولِذَاكَ يَحرُمُ عِندَهُم تأوِيلُهُ
لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي العِرفَانِ

فَإِذَا تَأوَّلنَاهُ كَانَ جِنَايَةً
مِنَّا وَخَرقَ سِيَاجِ ذَا البُستَانِ

لَكِن حَقِيقَةُ قَولِهِ أن قَد أتَوا
بِالكِذبِ عِندَ مَصَالِحِ الإِنسانِ

وَالفَيلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيهِمُ
مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدلاَنِ

أمَّا الرَّسُولُ فَفَيلَسُوفُ عَوَامِّهِم
وَالفَيلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي البُرهَانِ

والحَقُّ عِندَهُم فَفِيمَا قَالَهُ
أتبَاعُ صَاحِبِ مَنطِقِ اليُونَانِ

وَمَضَى عَلَى هَذِي المَقَالَةِ أمَّةٌ
خَلفَ ابنِ سينَا فاغتَذُوا بِلِبَانِ

مِنهُم نَصِيرُ الكُفرِ فِي أصحَابِهِ
النَّاصِرينَ لِملَّةِ الشَّيطَانِ

فاسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُمُ
أعدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي

واسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُم
أعدَاء رُسلِ الله والقُرآنِ

صُوفِيُّهُم عَبَد الوُجُودَ المطلَقَ
المَعدُومَ عِندَ العَقلِ فِي الأعيَانِ

أو مُلحِدٌ بِالإتحَادِ يَدِينُ لاَ التَّوحِيدِ
مُنسَلخٌ مِنَ الأديَانِ

مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ فِيهِ يَرَى
وَصفَ الجَمَالِ وَمَظهَرَ الإحسَانِ

الله أكبَرُ كَم عَلى ذَا المذهَبِ
المَلعُونِ بَينَ النَّاسِ مِن شِيخَانِ

يَبغُونَ مِنهُم دَعوَةً ويقَبِّلُونَ
أيَادِياً مِنهُم رَجَا الغُفرَانِ

وَلَو أنَّهُم عَرَفُوا حقِيقَةَ أمرِهِم
رَجَمُوهُمُ لاَ شَكَّ بالصَّوَّانِ

فابذُر لَهُم إن كُنتَ تَبغِي كَشفَهُم
وَافرِش عَلَيهِم كَفًّا مِنَ الأتبَانِ

وَاظهَر بمَظهَرِ قَابِلٍ مِنهُم ولاَ
تَظهَر بِمَظهَرِ صَاحِبِ النُّكرَانِ

وَانظُر إِلَى أنهَأرِ كًفرٍ فُجِّرَت
وَتَهِمُّ لَولا السَّيفُ بِالجَرَيَانِ

وَأتَت طَوَائِفُ الاتِّحادِ بِمِلَّةٍ
طَمَّت عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ

قَالُوا كَلاَمُ الله كُلُّهَذا
خَلقِ مِن جِنٍّ وَمِن إنسَانِ

نَظَماً وَنَثراً زُورُهُ وَصَحِيحُهُ
صِدقاً وَكِذباً وَاضِحَ البُطلاَنِ

فالسَّبُّ والشَّتمُ القَبِيحُ وَقَذفُهُم
لِلمُحصَنَاتِ وَكُلٌّ نَوعِ أغَانِ

وَالنَّوحُ والتَّعزِيمُ والسِّحرُ المُبِينُ
وَسَائِرُ البُهتَانِ والهَذَيَانِ

هُوَ عَينُ قَولِ الله جَلَّ جَلاَلُهُ
وَكَلاَمُهُ حَقًّا بلاَ نُكرَانِ

هَذَا الذِي أدَّى إليهِ أصلُهُم
وَعَلَيهِ قَامَ مُكَسَّحُ البُنيَانِ

إذ أصلُهُم أنَّ الإِلهَ حَقِيقَةً
عَينُ الوُجُودِ وَعَينُ ذِي الأكوَانِ

فَكَلاَمُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَولُهُ
وَصِفَاتُهُ مَا هَا هُنَا قَولاَنِ

وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ الموصُوفُ بالضِّدَّينِ
مِن قُبحٍ وَمِن إحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد وَصفُوهُ ايضاً بالكَمَالِ
وَضِدِّهِ مِن سَائِرِ النُّقصَانِ

هَذِي مَقَالاَتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا
حُمِلَت إليكَ رَخِيصَةَ الأثمَانِ

وأظُنُّ لَو فَتَّشتَ كُتبَ النَّاسِ مَا
ألفَيتَهَا أبداً بِذَا التِّبيَانِ

زُفَّت إِلَيكَ فإن يَكُن لَكَ نَاظِرٌ
أبصَرتَ ذَات الحُسنِ والإِحسَانِ

فَاعطِف عَلَى الجَهمِيَّةِ المغلِ الألى
خَرَقُوا سِيَاجَ العَقلِ والقُرآنِ

شَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم واكسِرهُمُ
بَل نَادِ فِي نَادِيهُمُ بأذَانِ

أفسَدتُمُ المنقُولَ وَالمعقُولَ وال
مَسمُوعَ مِن لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ

أيَصِحُّ وَصفُ الشَّيءِ بالمشتَقِّ
للمَسلُوبِ مَعنَاهُ لِذِي الأذهَانِ

أيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلاَ صَبرٌ لَهُ
وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بلاَ شُكرَانِ

وَيَصِحُّ عَلاَّمٌ وَلاَ عِلمٌ لَهُ
وَيَصَحُّ غَفَّارٌ بِلا غُفرانِ

وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أو مُبصِرٌ
وَالسَّمعُ والإِبصَارُ مَفقُودَانِ

هَذا مُحالٌ في العقول وفي النُّقولِ
وَفِي اللُّغَاتِ وَغيرُ ذِي إمكَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ مُتَكَلِمٌ
لَكِن بِقُولٍ قَامَ بِالإنسَانِ

أو غَيرِه فَيُقالُ هَذَا باطِلٌ
وَعَلَيكُمُ فِي ذَاكَ مَحذُورَانِ

نَفيُ اشتِقَاقِ اللَّفظِ للموجُودِ
مَعنَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ للثَّانِي

أعنِي الَّذِي مَا قَامَ مَعنَاهُ بِهِ
قَلبُ الحَقَائِقِ أقبَحُ البُهتَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أخَوَانِ هَذَا مُبصِرٌ
وَأخُوهُ مَعدَودٌ مِنَ العُميَانِ

سَمَّيتُمُ الأعمَى بَصِيراً إذ أخُوهُ
مُبصِرٌ وَبِعكسِهِ فِي الثَّانِي

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ
فِي فِعلِهِ كَالخَلقِ لِلأكوَانِ

وَالفِعلُ لَيسَ بِقَائِمٍ بِإِلهِنَا
إذ لاَ يَكُونُ مَحَلُ ذِي حِدثَانِ

وَيَصِحُ أن يَشتَقُ مِنهُ خَالِقٌ
فَكَذَلِكض المُتَكَلِّمُ الوَحدَانِ

هُوَ فَاعِلٌ لِكَلاَمِهِ وَكِتَابِهِ
لَيسَ الكَلاَمُ لَهُ بِوَصفِ مَعَانِ

وَمُخَالِفُ المَعقُولِ وَالمَنقُولِ
وَالفِطرَاتِ وَا والمَسمُوعِ لِلإِنسَانِ

مَن قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
وَصفٌ قَديمٌ أحرُفٌ ومَعَانِ

وَالسِّينُ عَد البَاءِ لَيسَت بَعدَهَا
لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ

أو قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
مَعنَى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحمَنِ

مَا إن لَهُ كُل ولاَ بَعضُ وَلاَ
العَرَبِيُّ
حَقِيقَتُهُ وَلاَ العِبرَانِي

وَالأمرُ عَينُ النَّهيِ وَاستِفهَامُهُ
هُوَ عَينُ إخبَارٍ بِلاَ فُرقَانِ

وَكَلاَمَهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَق
دُوراً لَهُ بَل لاَزِم الرَّحمَنِ

هذََا الذِي قَد خَالَفَ المَعقُولَ وَال
مَنقُولِ والفِطرَاتِ للإِنسَانِ

أمَّا الذِي قَد قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ
ذُو أحرُفٍ قَد رُتِبَت بَبيَانِ

وَكَلاَمَهُ بِمَشِِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ
كَالفِعلِ مِنهُ كِلاَهُمَا سِيَّانِ

فَهوَ الذِي قَد قَالَ قَولاً يَعلَمُ ال
عُقَلاَءُ صِحَّتَهُ بِلاَ نُكرَانِ

فَلاَيِّ شَيءٍ كَانَ مَا قَد قُلتُم
أولَى وأَقرَبَ مِنهُ لِلبُرهَانِ


ابن قيم الجوزيه

الحمدان 08-13-2024 12:53 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
وَهُمُ فَقَالُوا لَم يَقُم باللهِ لاَ
فِعلٌ وَلاَ قَولٌ فَتَعطِيلاَنِ

لفِعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وأب
طَلُ مِن حُلُولِ حَوَادِثِ بِبَيانِ

تَعطِيلُهُ عَن فِعلِهِ وَكَلاَمِهِ
شَرٌّ مِنَ التشنِيعِ بِالهَذَيَانِ

هَذِي مَقَالاتُ ابنِ كرَّامٍ وَمَا
رَدُّوا عَلَيهِ قَطُّ بالبرهَانِ

أنَّى وَمَا قَد قَالَ أقرَبُ مِنهُمُ
لِلعَقلِ وَالآثَارِ والقُرآنِ

لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُُ بِجَعَاجِعٍ
وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ

وَالآخَرُونَ أولُوا الحَدِيثِ كأحمَدٍ
ومُحَمَّدٍ وأئمةِ الإِيمَانِ

قَالُوا بِأنَّ اللهَ حَقًّا لَم يَزَل
مُتَكَلِّماً بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

إنَّ الكَلاَمَ هُوَ الكَمَالُ فَكَيفَ يَخ
لُو عَنهُ فِي أزلٍ بِلاَ إمكَانِ

وَيَصِيرُ فِيمَا لَم يَزَل مُتَكَلِّماً
مَاذَا اقتَضَاهُ لَهُ مِنَ الإِمكَانِ

وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ
لِلذَّاتِ مِثلَ تَعَاقُبِ الأزمَانِ

واللهُ رَبُّ العرشِ قَالَ حَقِيقَةً
حضم مَع طَهَ بِغَيرِ قِرَانِ

بَل أحرُفٌ مترتِّبَاتٌ مِثلَمَا
قَد رُتِّبت في مَسمَعِ الإِنسَانِ

وَقتَانِ في وَقتٍ مُحَالٌ هَكَذَا
حَرفَانِ أيضاً يُوجَدَا في آنِ

مِن وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَل يُوجَدَا
بالرَّسمِ أو بَتَكَلُّمِ الرجُلاَنِ

هذَا هُوَ المعقُولُ أمَّا الإِقترَا
نُ فَلَيسَ مَعقُولاً لِذِي الأذهَانِ

وَكَذَا كَلاَمٌ مِن سِوَى مُتَكَلِّمٍ
أيضاً مُحَالٌ لَيسَ في إمكَانِ

إلاَّ لِمَن قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَذَا
كَ كَلاَمُهُ المعقُولُ فِي الأذهَانِ

أيكونُ حَيًّا سَامِعاً أو مُبصِراً
مِن غَيرِ مَا سَمعٍ وَغَيرِ عِيَانِ

وَالسَّمعُ والإِبصَارُ قَامَ بِغَيرِهِ
هَذَا* المُحَالُ وَوَاضِحُ البُهتَانِ

وَكَذا مُريدٌ وَالإِرَادَةُ لَم تَكُن
وَصفاً لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ

وَكَذَا قَدِيرٌ مَالَهُ مِن قَدرَةٍ
قَامَت بِهِ أوضَحِ البُطلاَنِ

واللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ
بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ والبُرهَانِ

قَد أجمعَت رُسلُ الإِلَهِ عَلَيهِ لَم
يُنكِرهُ مِن أتبَاعِهِم رَجُلاَنِ

فَكَلاَمُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وإلاَّ
لَم يَكُن مُتَكَلِّماً بِقُرآنِ

واللهُ قَالَ وَقَائلٌ وَكَذَا يَقُولُ
الحَقَّ لَيسَ كَلاَمُهُ بِالفَاني


وَيُكَلِّمُ الثقلَينِ يَومَ مَعَادِهِم
حَقًّا فَيَسمَعُ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ

وَكَذَا يكلِّمُ حِزبَهُ في جَنَّةِ ال
حَيَوَانِ بِالتَّسلِيمِ والرِّضوَانِ

وَكَذَا يُكَلِّمُ رُسلَهُ يَومَ اللِّقَا
حَقًّا فَيَسالُهُم عَنِ التِّبيَانِ

وَيُراجِعُ التَّكلِيمَ جَلَّ جَلاَلُه
وَقتَ الجِدَالِ لَهُ مِنَ الإِنسَانِ


ابن قيم الجوزيه

الحمدان 08-13-2024 12:54 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
والشَّطرُ مَخلُوقٌ وَتِلكَ حُرُوفُهُ
نَاسُوتُهُ لَكِن هُمَا غَيرَانِ

فَانظُر إِلَى ذَا الإِتِّفَاقِ فَإِنَّهُ
عَجَبٌ وَطَالِع سُنَّةَ الرَّحمنِ

وتَكَايَسَت أخرَى وقَالَت إنَّ ذَا
قَولٌ مُحَالٌ وَهوَ خَمسُ مَعَانِ

تِلكَ التي ذُكِرَت ومَعنى جَامِعٌ
لِجَمِيعِهَا كالأسِّ للبُنيَانِ

فَيَكُونُ أنواعاً وعِندَ نَظِيرِهِم
أوصَافُهُ وهُمَا فمُتَّفِقَانِ

إنَّ الذِي جَاءَ الرسُولُ بِهِ
لَمَخلُوقٌ وَلَم يُسمَع مِنَ الدَّيانِ

والخُلفُ بَينَهُمُ فقيل مُحَمَّدٌ
أنشَاهُ تَعبِيراً عَنِ القُرآنِ

والآخرُونَ أبَوا وَقَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ أنشَاهُ عَنِ المنَّانِ

وتكَايَسَت أخرَى وَقَالَت إنَّهُ
نَقلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

فاللَّوحُ مَبدَؤهُ وربُّ اللَّوحِ قَد
أنشَاهُ خَلقاً فِيه ذَا حِدثَانِ

هَذِي مقَالاَتٌ لُهُم فانظر تَرَى
فِي كُتبِهِم يَا مَن لَهُ عَينَانِ

لَكِنَّ أهلََ الحَقِّ قَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ بلَّغَهُ عَنِ الرَّحمَنِ

ألقَاهُ مَسمُوعاً لَهُ مِن رَبِّهِ
للصَّادِقِ المَصدُوقِ بالبُرهَانِ

وَإِذَا أرَدتَ مَجَامِعَ الطُّرقِ الَّتِي
فِيهَا افتِرَاقُ النَّاسِ فِي القُرآنِ

فمَدارُهَا أصلاَنِ قَامَ عَلَيهِمَا
هَذَا الخِلافُ هُمَا رُكنَانِ

هَل قولُهُ بمشِيئَةٍ أم لاَ وَهَل
في ذَاتِهِ أم خَارِجٌ هَذَانِ

أصلُ اختِلاَفِ جَمِيعِ أهلِ الأرضِ في ال
قُرآنِ فَاطلُب مُقتضَى البُرهَانِ

ثُمَّ الألَى قَالُوا بِغيرِ مَشِيئَةٍ
وَإِرَادَةٍ مِنهُ فَطَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَعنًى قَائِماً
بالنَّفسِ أو قَالُوا بِخَمسِ مَعَانِ

وَاللهُ أحدَثَ هَذِهِ الألفَاظَ كَي
تُبدِيهِ مَعقُولاً إِلَى الأذهَانِ

وَكَذَاكَ قَالُوا إنَّهَا لَيسَت هيَ ال
قُرآنَ بَل مَخلُوقَةٌ دَلَّت عَلى القرآنِ

ولربَّما سُمِّى بِهَا القُرآنُ تَس
مِيَةَ المَجَازِ وذَاكَ وَضعٌ ثَانِ

وَكَذلِكَ اختَلَفُوا فقِيلَ حِكَايَةٌ
عَنهُ وقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ

إذ كَانَ مَا يُحكَى كَمَحكِّيٍّ وَهَذَا
اللَّفظُ والمعنَى فمختَلِفَانِ

ولذَا يُقَالُ حَكَى الحَدِيثَ بعَينِهِ
إذ كَانَ أولُهُ نَظِيرَ الثَّاني

فَلِذَاكَ قَالُوا لاَ نَقُولُ حِكَايَةٌ
وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الفُرقَانِ

والآخَرُونَ يَرَونَ هَذَا البَحثَ
لَفظِيًّا ومَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ

وَالفِرقَةُ الأخرَى فَقَالَت إنَّهُ
لَفظٌ وَمَعنًى لَيسَ ينفَصِلاَنِ

واللَّفظُ كالمعنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ
بالنَّفسِ لَيسَ بقَابِلِ الحِدثَانِ


ابن قيم الجوزيه

الحمدان 08-13-2024 12:54 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
مِن أرضِ طَيبَةَ مِن مُهَاجَرِ أحمَدٍ
بالحقِّ والبُرهَانِ والتِّبيَانِ

سافرتُ في طَلَبِ الإِلَهِ فَدَلَّني ال
الهَادِي عَلَيهِ ومُحكَمُ القُرآنِ

مَع فِطرَةِ الرَّحمَنِ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَصَرِيحِ عَقلي فَاعتَلَى بِبَيَانِ

فَتَوَافَقَ الوَحيُ الصَّرِيحُ وَفِطرَةُ
الرَّحمنِ والمعقُولُ في إيمَانِ

شَهِدُوا بأنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ
مُتَفَرِّدٌ بِالمُلكِ والسُّلطَانِ

وَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ لاَ مَعبُودَ إلاَّ
وَجهُهُ الأعلَى العَظِيمُ الشَّانِ

بَل كُلُّ مَعبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ
مِن عَرشِهِ حَتَّى الحَضِيض الدَّاني

وَعِبَادَةُ الرِّحمنِ غَايَةُ حُبِّهِ
مَع ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطبَانِ

وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ
مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطبَانِ

ومَدَارُهُ بالأمرِ أمرِ رسُولِهِ
لاَ بِالهَوَى والنَّفسِ والشَّيطَانِ

فَقِيَامُ دِينِ اللهِ بالإخلاَصِ وَال
إحسَانِ إنَّهُمَا لَهُ أصلاَنِ

لَم يَنجُ مِن غَضَبِ الإِلَهِ وَنَارِهِ
إلاَّ الَّذِي قَامَت بِهِ الأصلاَنِ

وَالنَّاسُ بَعدُ فَمُشرِكٌ بإلهِهِ
أو ذُو ابتِدَاعِ أو لَهُ الوَصفَانِ

واللهُ لا يَرضَى بِكَثرَةِ فِعلِنَا
لَكِن بِأحسَنِهِ مَعَ الإِيمَانِ

فالعَارِفُون مُرادُهُم إحسَانُهُ
والجَاهِلُونَ عَمُوا عَنِ الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد شَهِدُوا بأنَّ اللهَ ذُو
سَمعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ

وَهُوَ العلَيُّ يَرَى وَيسمَعُ خَلقَهُ
مِن فَوقِ عَرشٍ فَوقَ سِتِّ ثَمَانِ

فَيَرى دَبِيبَ النَّملِ في غَسَقِ الدُّجَى
وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ

وَضَجَيجُ أصوَاتِ العِبَادِ بِسَمعِهِ
وَلَدَيهِ لاَ تَتشَابَهُ الصَّوتَانِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يُوَسوِسُ عَبدُهُ
فِي نَفسِهِ مِن غَيرِ نُطقِ لِسَانِ

بَل يَستَوِي في عِلمِه الدَّانِي مَعَ ال
قَاضِي وَذُو الإِسرَارِ والإِعلاَنِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَداً وَمَا
قَد كَانَ وَالمعلُومُ فِي ذَا الآنِ

وَبِكُلِّ شَيءٍ لَم يَكُن لَو كَان كَيفَ
يَكُونُ موجُوداً لذِي الأعيَانِ

وَهُوَ القدِيرُ فَكُلُّ شَيءٍ فَهوَ
مَقدُورٌ لَهُ طَوعاً بِلاَ عِصيَانِ

وَعُمُومُ قُدرَتِهِ تَدُلُّ بِأنَّهُ
هُوَ خَالِقُ الأفعَالِ للحَيَوَانِ

هِيَ خَلقُهُ حَقًّا وأفعَالٌ لَهُم
حَقًّا وَلاَ يَتنَاقَضُ الأمرَانِ

لَكنَّ أهلَ الجَبرِ والتَّكذِيبِ بِال
أَقدَارِ مَا انفَتَحَت لهُم عَينَانِ

نَظَرُوا بِعَينَي أعوَرٍ إذ فَاتَهُم
نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَينَانِ

فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى
في شَأنِهِ هوَ قُدرَةُ الرَّحمنِ


ابن قيم الجوزيه
من نونيه ابن القيم

الحمدان 08-13-2024 12:55 PM

رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
 
في التِّرمِذِيِّ وَمُسنَدٍ وَسِوَاهُمَا
مِن كُتبِ تَجسِيمٍ بِلاَ كِتمَانِ

وَوَصَفتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ
بالإختِيَار وذَانِكَ الأصلاَنِ

أصلُ التَّفَرُّقِ بَينَ هَذَا الخَلقِ فِي ال
بَارِي فَكُن فِي النَّفي غَيرَ جَبَانِ

أو لاَ فَلاَ تَلعَب بِدِينِكَ نَاقِضاً
نَفياً بإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

فَالنَّاسُ بَينَ مُعَطِّلٍ أو مُثبتٍ
أو ثَالِثٍ مُتنَاقِضٍ صَنعَانِ

وَاللهِ لَستَ بِرَابعٍ لَهُمُ بَلَى
إمَّا حِمَاراً أو مِنَ الثِّيرَانِ

فَاسمَح بإنكَار الجَمِيعِ وَلاَ تَكُن
مُتَنَاقِضاً رَجُلاَ لَهُ وَجهَانِ

أو لاَ فَفرِّق بَينَ مَا أثبتَّهُ
وَنَفَيتَهُ بِالنَّصِّ والبُرهَانِ

فَالبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ في النَّفي وال
إثبَاتِ في عَقلٍ وَفي مِيزَانِ

فَمَتَى أقرَّ بِبعضِ ذَلِكَ مثبِتٌ
لَزِمَ الجَمِيعَ أو ائتِ بالفُرقَانِ

وَمَتَى نَفَى شَيئاً واثبتَ مِثلَهُ
فمجسِّمٌ مُتَنَاقِضٌ دَيصَانِ

فذَرُوا المِرَاءَ وَصَرِّحُوا بمذَاهِبِ ال
قُدَمَاءِ وانسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ

أو قَاتِلُوا مَع إيمَّةِ التَّجسِيم
والتَّشَبِيهِ تحتَ لِوَاءِ ذِي القرآنِ

أو لاَ فَلاَ تَتَلاَعَبُوا بِعُقُولِكُم
وَكِتَابِكُم وَبِسَائِرِ الأديَانِ

فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بِصِفَاتِهِ
وَكَلاَمِهِ وعُلُوِّهِ بِبَيَانِ

وَالنَّاسُ بَينَ مصَدِّقٍ أو جَاحِدٍ
أو بَينض ذَلِكَ أو شَبِيهُ أتَانِ

فَاصنَع مِنَ التَّنزِيه تُرساً مُحكَماً
وَانفِ الجَمِيعَ بِصَنعَةٍ وَبَيَانِ

وَكَذَاكَ لَقِّب مَذهَبَ الإِثبَاتِ بِالتَّ
جسِيمِ ثُمَّ احمِل عَلَى الأقرَانِ

فَمَتَى سَمَحتَ لَهُم بِوَصفٍ وَاحِدٍ
حَمَلُوا عَلَيكَ بِحَملَةِ الفُرسَانِ

فَصُرِعت صِرعَةَ مَن غَدَا متلَبِّطاً
وَسَطَ العَرِينِ مُمزَّقَ اللُّحمَانِ

فَلِذَاك أنكَرنَا الجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّ
جسِيمِ إن ضِرنَا إلى القُرآنِ

وَلِذَا خَلَعنَا رِبقَةَ الأديَانِ مِن
أعنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأزمَانِ

وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسلَ الألَى
جَاؤُوا بإثبَاتِ الصِّفَاتِ كَمَانِ

في آلِ فِرعَونٍ وَقَارُونَ وَهَا
مَان ونُمرُودٍ وَجِنكِسخَانِ

وَلَنَا الأئمَّةُ كالفَلاَسِفَةِ الألَى
لَم يَعبَؤُوا أصلاً بِذِي الأديَانِ

مِنهُم أرسطُوا ثُمَّ شِيعَتُهُ إلَى
هَذَا الأوَانِ وعِندَ كُلِّ أوَانِ

مَا فِيهُمُ مَن قَالَ إنَّ الله فَوقَ
العرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

كلاَّ وَلاَ قَالُوا بِأنَّ إلهَنَا
مُتَكَلِّمٌ بالوَحيِ والقُرآنِ

وَلأجلِ هَذَا رَدَّ فِرعَون عَلَى
مُوسَى وَلَم يقدِر عَلَى الإِيمَانِ

إذ قالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ
فَوقَ السَّمَاءِ وَإنَّهُ نَادَانَي


ابن قيم الجوزيه


الساعة الآن 01:08 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية