منتديات قبائل شمران الرسمية

منتديات قبائل شمران الرسمية (http://vb.shmran.net/index.php)
-   المنتدي الاسلامي (http://vb.shmran.net/forumdisplay.php?f=13)
-   -   حين غابت السماحة من بيوعنا! (http://vb.shmran.net/showthread.php?t=58009)

ابو طلال* 12-17-2020 11:15 PM

حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
حين غابت السماحة من بيوعنا!

https://www.islamweb.net/PicStore/Ra...244_223651.jpg


اسم الكاتب: عامر الهوشان – طريق الإسلام


مواقف عدة جرت أمامي في فترات متقاربة كانت سببًا في كتابة هذا المقال، أحدها في السوق: حيث لاحظت مرارًا محاولة بعض المشترين إبخاس البائع بعض حقه في السلعة بعد أن يعلمهم بسعرها مُسبقًا ويبدؤون بانتقاء أفضل ما عنده في صورة تؤكد رضاهم وموافقتهم على السعر المحدد، فإذا ما جاء وقت أداء الثمن انتقصوا شيئًا منه وأعطوا البائع أقل مما طلب، مستخدمين وسائل التخجيل والحياء تارة أو فرض الأمر الواقع عليه تارة أخرى.


ولعل مما يزيد الطين بلة -كما يقال- في أمثال هذه الحوادث أن يظهر على حال المشتري ما يدل على أنه من أصحاب الغنى والسعة وكثرة المال، بينما يظهر من حال البائع أنه فقير محتاج قد ألجأته الظروف القاسية أن يجلس طوال النهار في السوق ليبيع بعض السلع ذات المردود المادي الضعيف أو البسيط لسد حاجته وحاجة من يعول.



بدلا من أن يكون حال هذا البائع دافعًا لأن يتعامل معه المشتري بسماحة وسهولة كما أمر سول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى» (صحيح البخاري:2076) تراه يفعل عكس التوجيه النبوي؛ فيساومه ويجادله على سعر السلعة، ويعطيه في النهاية ما قد يسكته سكوتًا لا يدل على تمام الرضى والقبول.


في المقابل هناك صورة أخرى قد لا تكون أقل مخالفة لصريح الهدي النبوي في التعامل بين البائع والمشتري من سابقتها، ألا وهي صورة البائع الذي لا يراعي في تجارته وتعامله مع المشترين القيم والسلوكيات الأخلاقية التي أرشد إليها الإسلام الحنيف أتباعه في بيوعهم .ويحضرني هنا مثال صارخ على غياب السماحة في التعامل عند بعض الباعة المسلمين، وملخص الحادثة أن رجلًا اشترى كمية كبيرة من السلع الموجودة في محل البائع، وحين سأل المشتري عن قيمة فاتورة الحساب كان الجواب من البائع: بضع مئات من الجنيهات وجنيه واحد أو نصف، ولأن عادة التجار في مثل هذه الحالة أن يخصم وحدة الجنية أو النصف الزائد على المئة أو المئات على سبيل التسامح والتساهل، أو لاستدراج الزبون ليكرر زيارته للمحل أو لعدم وجود فكة على الأقل. أعطى المشتري البائع المبلغ المطلوب دون الجنيه، فما كان من البائع إلا أن طالبه بالجنيه وأصر على ذلك، وهو ما أدهش المشتري وجعله في حيرة من تصرفه الذي لا يمت إلى التسامح والتساهل بأي صلة؟!.


قد يظن أمثال هؤلاء أنهم بسلوكهم هذا يمارسون الحذاقة، ويتشدق بعضهم بتأويل الحديث النبوي على غير معناه الحقيقي، بينما دلالة الحديث تشير بوضوح إلى أن السهولة واليسر والتسامح هي هدي الإسلام في بيوع المسلمين ومعاملاتهم. قال ابن بطال رحمه الله: "فيه الحضُّ على السَّمَاحَة، وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة، والرقة في البيع، وذلك سبب إلى وجود البركة فيه؛ لأن النَّبي عليه السلام لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة" (شرح البخاري 6/210). وقال المناوي: "سمحًا" أي جوادًا أو متساهلًا، غير مضايق في الأمور... وهذا مسوق للحث على المسامحة في المعاملة، وترك المشاحة والتضييق في الطلب، والتَّخلُّق بمكارم الأخلاق. (فيض القدير:2/441).
والحقيقة أن أقل ما يمكن أن يقال في نتائج وآثار غياب السماحة من بيوعنا من خلال الأمثلة السابقة وغيرها هو: غياب البركة والطمأنينة والسهولة في معاملاتنا اليومية، وشيوع حالة من عدم الثقة والشك بين البائع والمشتري، وهو ما يستتبع بروز مظاهر سلبية كثيرة أقلها: عدم مراعاة كل من البائع والمشتري لحال الآخر وظروفه المادية والمعنوية، وتحفز كل منهما لغبن الآخر أو بخسه حقه بشكل أو بآخر. وإذا كان الاستياء وعدم تمام الرضى هو المظهر السلبي الأبرز لغياب السماحة من بيوعنا ومعاملاتنا المادية ذات القيمة الصغيرة والبسيطة، والتي يمكن أن يتطور فيها الأمر إلى الخلاف والمشاجرة وتبادل الشتائم و...، فإن رفع الدعاوى أمام المحاكم وتوكيل المحامين وفساد ذات البين بين الأهل والعائلة الواحدة أو الأصدقاء والجيران هو بعض آثار غياب السماحة من بيوعنا ذات القيمة المادية الكبيرة.


كم كنت أطرب لتلك الكلمات التي قالها لي صديق يومًا ونحن نتحدث بهذا الموضوع الذي قد يغفل عنه كثير من المسلمين، إذ كان يؤكد لي أنه يتقصد في كل مرة ينزل فيها إلى السوق أن يبحث عن البائعين الذين يظهر على حالهم الفقر وقلة ذات اليد، ليشتري منهم ما يعرضونه من بضاعة، حتى ولو لم يكن شديد الحاجة إليها أو يريدها الآن، وبالسعر الذي يطلبونه دون أي مناقشة أو مساومة، بل ربما يسامح في بعض ما قد يزيد له من مال. تذكرت وهو يذكر لي سلوكه وطريقته في بيوعه ومعاملاته الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم وغيره عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَىْءٌ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ مُوسِرًا فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ تَجَاوَزُوا عَنْهُ» (صحيح مسلم:4080).وعند البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ» (صحيح البخاري:2078).


وللنَّسَائِي مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ : " أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا مُشْتَرِيًا وَبَائِعًا وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا " (حسنه الألباني).
ليس فقدان البركة والمحبة والثقة فيما بين المسلمين هو الأثر الوحيد لغياب السماحة من بيوعنا، فهناك الإساءة لدين الله تعالى وتنفير الناس عن الدخول فيه، وهل أدخل الناس في دين الله أفواجا في دول كثيرة في آسيا وإفريقيا إلا تعامل التجار المسلمين السمح مع أهل تلك البلاد؟!.


نسأل الله تعالى أن يرزقنا السماحة ومكارم الأخلاق وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




ريحانة شمران 12-18-2020 01:38 AM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
تسلم يداك اخي ابو طلال
موضوع رائع ومفيد
بارك الله فيك على مجهودك الطيب
وتحياتي لك
https://www.al-wed.com/pic-vb/8.gif

شمرانية الروح 12-18-2020 05:22 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
جزاك الله خيرا على الموضوع
دام لنا عطائكم المميز والجميل
لكم ودي وتقديري

https://upload.3dlat.com/uploads/129323140010.gif


ابو طلال* 12-19-2020 05:43 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
بارك الله فيكم على الزيارة
اشكركم جزيل الشكر
كل الموده والتقدير

شمس الاصيل. 12-20-2020 03:17 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
شكر على الموضوع المفيد
دام لنا عطائكم المميز والجميل
تحياتي الوردية ...
لكـ خالص احترامي

https://upload.3dlat.com/uploads/129323100210.gif

ليث محمد الشمراني 12-20-2020 06:47 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
شكرا على المشاركة القيمة
جزاكم الله خيرا
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية

شذى الياسمين 12-23-2020 05:38 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
شكرا على المشاركة الرائعة
بارك الله فيك
وجزاك الله خير الجزاء
دمت برضى الله وحفظه ورعايته

https://upload.3dlat.com/uploads/12887433257.gif

شذى الياسمين 12-26-2020 05:19 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
شكرا اخي الغالي

بارك الله فيك وفي عملك
استمر ولك التوفيق باذن الله

ابو طلال* 12-28-2020 05:58 PM

رد: حين غابت السماحة من بيوعنا!
 
بارك الله فيكم على الزيارة
اشكركم جزيل الشكر
كل الموده والتقدير


الساعة الآن 05:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية