منتديات قبائل شمران الرسمية - عندما تقل المتابعة وتنعدم المسئولية فلماذا نستنكر وقوع الجريمة ؟!

عندما تقع الجريمة بأحد أنواعها في المجتمع سرعان ما تتبادل الألسنة عبارات السب والسخرية لمرتكبيها بينما تُلقى عبارات أخرى من الانتقاد للمسئولين لا تقل هي الأخرى عن مستوى السخرية الملقاة على شخصية مرتكب الجريمة .

وفي السياق ذاته نجد أن ولي الأمر عندما يكون أحد أطراف الجريمة أوكليهما من المراهقين يبدأ في الركض بين أورقة الدوائر المعنية في محاولة لتقصي أسباب المشكلة مع المسئولين غير أن تلك المحاولة تتبدد في نفس الأب أو الأم المكلومين بجريمة الابن المراهق فقد يصاب أحدهما بالإحباط عندما تتبعثر خيوط المشكلة وتتضح أسبابها ليلقي بالتهم للمسئولين في صحة تحقيقاتهم من جهة أو لإهمالهم عن متابعة الأفراد في المجتمع ومحاسبة المخالفين منهم من جهة أخرى بلا مبررات تذكر سوى أنه انخدع في متابعة سلوك الابن متابعة دقيقة وبشكل سليم يضمن له التزام الابن بالسلوك السوي القويم أو قد يلقي باللوم وعبارات السخط والشتم للمراهق في عدم انقياده التام لأوامره وتجاهل هذا الأب أو الأم أنهما السبب الأول والأخير لما أقدم عليه الابن.

إن الشخص العامل في الميدان التربوي أعني المدارس والمدارس المتوسطة والثانوية على وجه الخصوص ليشاهد بالعين الملية صوراً جلية من ذلك الانخداع الذي انطبع في أذهان الفئة العظمي من أولياء الأمور فنجد أن أولياء أمور الطلاب في هذه المرحلة التي تُعد المُنعطف الخطير لسلوك الأبناء واتجاهاتهم يتشكلون لأشكال مختلفة لعل من أبرزها هو الشكل الظاهر في هذه المحافظة الذي يتصف بـ" الثقة العمياء" المطلقة من الآباء للأبناء حيث تُهيأ للابن في هذه المرحلة من الوالدين سبل الانحراف المختلفة كالخروج مع الأقران الساعات الطوال بلا مُتابعة ولا جِدية في المُحاسبة ولا استشعار لعظم المسئُولية المُلقاة على عواتِقهم, فلا يعلم الأب المغلوب على أمره ولا الأم مع من يمشى الابن وما هي اهتماماته وما هي ظروفه التي يمر بها في هذه المرحلة فهما قد انخدعا بمستوى الابن التعليمي أو بصمت الابن وخوفه من التحدث وإطلاق العنان لهما عن مشكلاته التي يواجهها بصمت مع أقرانه, فنجد أن المراهق يقدم على الجرائم من المشاجرات أو ارتكاب المخالفات الخلقية والدينية دون رادع يردعه من ولي الأمر أو متابعة جادة من جهات الأمن فهو لن يزل يتدرج تحت جناح الممارسة لهذه الجرائم طالما قلت الرقابة وانعدمت المسئولية من ولي الأمر حتى يصل لدرجة كافية من الاحتراف في الجرائم بشتى أنواعها ما أن تتلاشى وتنقضي فترة المراهقة .

وبإعادة النظر في الوضع الراهن للمراهقين وما يصدر منهم من مخالفات تستوجب الجزاء المباشر من الولي أو من جهات الأمن نجد أن الإهمال من ولي الأمر أو من المسئول هو السبب في تفاقم الجرائم وازدياد معدلها عن المعدل الطبيعي ولعل التجمعات التي نشاهدها حول المدارس المتوسطة والثانوية صباح كل يوم دراسي جديد من قبل الشباب المنحرفين والتي سرعان ما تتفرق بالنزاعات والمشاجرات مابين بعضهم البعض هي خير ما نستدل به على ذلك خصوصاً عندما نشاهدهم وهم يسعون لاستقطاب الشباب المتميزين بهدف انحرافهم عن قيمهم واتجاهاتهم لاسيما طلاب المرحلة المتوسطة.

على هامش الموضوع : حدثني أحد المعلمين الذين أثق بهم .والذي يعمل منذ سنوات مضت في أحدى المدارس الثانوية عن قصته مع أحد أولياء الأمور لطلابه أن هناك أحد الطلاب المتميزين في السابق إبان تدريسه للطالب في المرحلة المتوسطة وقد لاحظ هذا المعلم الأمين التغيرات السريعة التي طرأت على حياة الابن الاجتماعية لتؤثر بشكل ملحوظ على تحصليه الدراسي حيث بدأ هذا الطالب المتفوق بمصاحبة ومجالسة رفقاء السوء مِن مَن يكبرونه سناً فما كان من هذا المعلم ألا أن تسارع في أخبار والديه عن هذا التغير المفاجئ الملحوظ على سلوك الابن غير أنه لم يجد أي تعاون من ولي الأمر حيث أدعى والداه المخدوعان في ابنهما بحرصهما الشديد عليه وأنهما يعرفان كل صغيرة وكبيرة في حياة صغيرهما, يقول هذا المعلم وبعد عام كامل من مخاطبتي لأسرته قمت بزيارة لمدرسة الطالب بعد انتقاله للمرحلة الثانوية في أحدى المهمات التربوية وبسؤالي عنه أخبرني وكيل المدرسة أن الطالب قد وقع في فخ الجريمة فقد قبض عليه قبل أسبوعين في جريمة أخلاقية مع مجموعة من الشباب وهو الآن خلف القضبان ينتظر جزاءه الشرعي .

السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان : لماذا يُلقي ولي الأمر باللوم عند وقوع الجريمة لابنه أو للآخرين. بينما يغفل عن المحاسبة الذاتية لنفسه قبل محاسبتهم.

دمتم بألف خير ، وقانا الله وإياكم الشر.