منتديات قبائل شمران الرسمية - صرير الأبواب العتيقة للكاتب/ هزاع ال خطاب الشمراني🍁

صرير الأبواب العتيقة
للكاتب/ هزاع ال خطاب الشمراني

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...4093363542.png

https://p0.pikist.com/photos/450/471...-wood-open.jpg

اقتطع غُصن طويل من السنين , شذبه من الخوف والأنانية , أصبح الآن عصاً يتكئ عليها , ويهش بها على فقره . ربط في مؤخرة العصا لفافة من الأرق , بداخلها الحنين وبعض القصائد .
حمل العصا على كتفه ومضى , تلثّم بالنُبل , وربط حول معصمه كلمة رجل .. أن لا أبرح مكاني وخلفي مستغيث , سار بلا أحذية في أرض تكسوها الأشواك ...
وخزت أقدامه الأماني والنكات , وأدمت أماكن لا إحساس فيها ..
وصل إلى هناك , عمل في زراعة الأمل وحصد الأرواح الشريرة , باع ما تبقى من جسده للسيد صاحب الفضل الواسع والأيادي البيضاء .
في الظهيرة يطرد الطيور الضالة , وفي المساء يحمل الأطفال على كتفه ويلعب لهم لعبة الخراف .
عاد إلى المدينة في عجالة , أراد أن يُحيي بعض مراسم السعادة والوفاء مع حبيبته وفاء , اتقد شوقاً وخوفاً , وفاء التي يصفها بالأعجوبة الأولى والقصيدة التي لا تُنسى , هي الوحيدة التي تُجيد رسم ابتسامته من جديد , وتعيد فلسفة جسده إلى المستحيل , هي اللامعقول , والغريب , وفرحة إبصار الأعمى بعد حين !
وجدها تتشاجر مع القدر ! , ألقى التحية يكللها الهدوء , رفضت الالتفاف بجسدها إليه , كأنها تُعاقبه , تحرمه من الشعاع الذي يحتاجه ليعيش ,
وجهها بالنسبة إليه إنزيم الحياة , هو الوجه الوحيد الذي يستطيع أن يهب للعالم ألواناً صاخبة ونهار سعيد .
كان يسترق النظر ليحظى على الأقل بظل الوجنات ! , صكّت إذنيها والتهت بالسباب , أزعجها المستقبل بشكل فضيع , وقض مضجعها تكرار الحديث .
أزعجته قصة التذمر المستمر والمتواتر ! كل لقاء تتكرر المشاهد , باتت هذه القصة شريط مسجل ومعاد , اتجهت كل الحكايات إلى التبرير سفاح العشق قاتل الشعور .
تمر الساعات صامته مثل صمت الكهوف ,,وقف في الشرفة , الهواء معتدل في الخارج , وأبواق السيارات تملأ المكان ضجة , يغمره سكون رهيب , انفصل تماماً عن الوجود , طنين يأتي من بعيد داخل الأذن .. كأنه يجلس على حافة زُحل .. يرقب الكويكبات وهي تلعب الأستغماية في الفضاء , لا يرى بداً من أن يُشعل سيجارة , عندما يصل إلى مرحلة ( فاي ) يعني هذا ....... (سرعة تنفس , وشفتين مقوسة إلى الأسفل ) , وغضب من اللاشيء !
لا شيء يستحق هذا العناء , ما هذا النقيض الجميل والمفزع ؟ أخرج الدخان هذه المرة من أنفه والتفت إليها يقول:

تشبهين البيرو يا عزيزتي , تسكنك الأضداد كلها , وينعم جسدك بأرقى الحضارات .

والله .. تقولها باهتزاز رفيع للرأس !

نعم حضارتك يا وفاء مثل حضارة نورتي شيكو وحضارة الإنكا ,
واختلافك معي ومع نفسك كأنه اقتتال الأخوين أتوالبا,
تسكن السهول القاحلة حول فكرك الهادي والغابات الاستوائية تلف حوضك الأمازوني العذب , وترقد على جيدك الأنديزي ثلوج على شكل رؤوس أقلام مبرية جيداً ..
فيك من ثورة بيسارو , وشراسة أسماك البيرانا ... !!

وفاء .. ترتخي عضلات وجهها الغاضب وتبتسم

( تضحكين ؟ ... أعجبتك أسماك البيرانا .. ) ,,

لا يا عزيزي ,, ما يضحكني .. تشبيهاتك المتوحشة ,, !!
ثم تعود قوية , تشير بإصبعها في دوائر وهي تلفه إلى اليمين ..تريده أن يكمل ,, وبسرعة تضع يديها حول خصرها .. تظن أن ابتسامتها تُعتبر ضعف لها ومصدر قوة له !!

تعرفين أنني أحب العواصم , وأحب العواصم إلى قلبي .. أنتِ !! ,
وقد قرأت البيرو يوم وسنة وحقب ودهور , كلها تشبهك ,
فيك من مدافع الغزاة وأنين الأسرى , دقات قلبك مثل ذكريات العصافير وإحساسك مثل أنوثة اللاما , حبيسة روتين الفلاحين وموصدة الخيال كآمال المهاجرين , حتى بحيرة تيتيكاكا موصوفة كأنها أنت ! علوك وعذوبتك ومعادنك النفيسة وسكانك وأنهارك وجزرك .

حبيبتي ينتظرني جلاد , وتنتظرني أشياء أخرى لا أعرفها , العالم يتكئ على كتفي , تخيلي لو أزحت العالم عن كاهلي !! تغرق أمريكا , وتنشق إفريقيا إلى ستة أجزاء ,و تنتهي صلاحية القمر !!
تتفجر ابتسامتها كأشراقة صباح بعد ليلة ماطرة ..
(( اوه تبتسمين مرة أخرى )) ..
تهمس هي ..أرجوك لا تقلدني بهذه الطريقة , ولا تحاول أن تهرب مجدداً , هكذا أنت ,, كلما دارت رحى الأحاديث الصادقة هربت !!
هذه كلماتك المعهودة يا حبيبتي , حقيقة شعرت بتأخير الوقت ولابد أن أذهب بعدما أضعنا اللقاء كالعادة !!
فعلمت أنك ستعيدين الديباجه التي تقولينها لي عند ذهابي لرعاية كرات الدم البيضاء !
حبيبتي : حقيقة أفتقدك , وأشعر أننا لم نعد قريبين ..

أنا أستأذن !! أراك وأنتِ أجمل ,

تعال !! جاء صوتها مثل ناي توسط أغنية عاطفية , حبيبي , أنا لا أشغل حيزاً في هذا العالم إلا بوجودك ! أنت الوحيد الذي أسمعه , وأستغيثه مثل المنكوبين , أنت الكُتلة والثقل , أنت فيزياء جسدي , وكيميائية أفكاري , أنت موتي وبعثي , أنت اختصار اسمي , وفلسفة رسمي , أنت حلوي ومري , أنت سكيني تقطعني كيف تشاء , وتأكليني كيفما تشاء !
أحملني مثل زهرة ياسمين وأرمني من فوق السماء وتعال التقطني ! , هل تعرف الظل الأخير في فلم ( أفتار ) ؟ أنت هو , أنت سيد العواصم والأرياف , أنت الصخب والهدوء , أنت الألوان والقصائد , أنت الروح ذات الجناحين , و الابتسامات الساكنة قرب الأنهار , أنت يا حبيبي في حياتي التفاف شريان وجريان دم وجلد يواري سوءتي , أنت قريني الذي يوسوس لي وينهرني !

لهذا ,, ,, ,, تدنو بلين , ترفع كفيها إلى وجهه , تمرر أصابعها على شعره , تشده إلى الأعلى بنسق مبهر ,
تقبله على خده برفق
صمت رهيب يسود الغرفة , تعود الى الوراء بخطوة , تنظر له مباشرة ,
أنت لا تفهمني يا حبيبي !!
لم تسطع فهم نفسك , تحمل الهم وتمضغ الغم بلا داعي , تركل نفسك كأنها ليست تخصك , لا تريد أن تكون شيئاً , أنت معجبٌ بك بهذه الحالة ,, نفسيةٌ رثة , لا أحلام ولا أهداف , هكذا حمل زائد على الأرض , مرآتك كاذبة يا حبيبي , ترفض أن تريك الشيب حول رأسك وأنت يافع العمر , منحني الظهر ومكسور الرغبات على الدوام , حالك يؤلمني .. يؤلمني يا عبدالرحمن .
لا شيء جديد , دورة حياتك أقصر من دورة حياة البعوض , تعود إلى نقطة الصفر سريعاً , تعمل مثل يأجوج ومأجوج , تحفر في المثاليات والمبادئ , تقضي كل يومك في ترميم ذا وتربت على كتف ذاك , مع أنك لست وحيد ! لست وحدك يا حبيبي , حولك الكثير من الأيادي المرصوصة بعناية على أرفف ممتلئة بالأتربة ! , كلها وبلا تدريب تستطيع أن تدهن الحرق .. !

نظرات تتبارز , ظلمة تتحسس النور , وعطش ينقب عن نبع , وأنفاس تشبه صرير الأبواب العتيقة ..!!

وفاء .. حبيبتي ,, إنهما (( والدي )) . إلى شجار قادم .. أحبك .

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...4093363542.png