منتديات قبائل شمران الرسمية

منتديات قبائل شمران الرسمية (http://vb.shmran.net/index.php)
-   منتدى المقال (http://vb.shmran.net/forumdisplay.php?f=129)
-   -   حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير (http://vb.shmran.net/showthread.php?t=39489)

سعد عبدالرحمن 03-02-2014 02:43 AM

حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 



http://www.shmran.net/inf/contents/authpic/10.jpg
الطريق الى المدرسة في السنوات الاربع الاولى من الدراسة الابتدائية كنا نقطعها ونذرعها مشيا على الاقدام ونحن نتجه اليها سالكين طرقات ضيفة تفصل بين المزارع ونسميها ( المطاريج) وهي مليئة بأغصان النباتات الناعمة حينا والشائكة أحايين كثيرة. وكثيرا ماكانت اغصان هذه النباتات ومخالبها تمتد لملابسنا وتمسك في ثيابنا وتعتدي على حقائبنا وتنهش أجسادنا، حتى اذا وصلنا الى المدرسة مددنا اقدامنا وبقينا ننزع ماعلق بنا من اثارها ونضمد بالتراب جراحنا النازفة.كنا نسير جماعات متقاربين وقل أن تجد أحدا يسير بمفرده الا الكبار الذين بدأوا يتعلمون ويتعودون التأخير. أما نحن الصغار فنجتمع مصادفة في مكان ترابي واسع نلعب فيه عصرا وننطلق منه صباحا الى المدرسة في مايشبه الطابور متمايلين بثقل حقائبنا وارتفاع الممرات وضيقها حتى نخرج منها لنبدأ في مغامرة ثانية تتمثل في عبور الوادي الفاصل بيننا وبين المدرسة. هذا الوادي الذي كنا نراه من كبار أودية العالم يكون في بعض أوقاته جاريا إما بماءٍ نقي خلفته أمطار مضت، أو بماءٍ ملون للتو يجيء نتيجة مطر توقف للتو. ,وكنا نجد متعة في عبوره بل أحيانا نضع حقائبنا جانبا ونمارس لعبة العبور للطرف الاخر والعودة ثانية وثالثة حتى نسمع صافرة الدخول.عندما يعرف المعلمون ونخبرهم بمغامراتنا هذه يحذروننا من قطع الوادي ونحن نتندر بهذه النصائح لكوننا على دربة ودراية تامة بما نفعل ونحن نمتلك مهارات عالية في قطع الاودية. ونمتلك مخزونا من التجارب والخبرات السابقة مكسوٓة بمزيد من التحديات التي كنا نصنعها مع أترابنا لقطع السيل. مرددين الاناشيد المتوارثة :
( ياعق السيل عقّاه
وغيري ماتعدّاه).
وفي طريق عودتنا نمارس اللعبة ذاتها في قطع الوادي عندما يكون الوقت شتاءً، اما وقت اعتدال الجو فكنا ننصرف من المدرسة متجهين الى الآبار المنتشرة في كل مكان ونخلع ملابسنا ونتقافز فيها واحدا تلو الاخر حتى يكون في البئر الواحدة أحيانا أكثر من خمسة عشر فردا. وبعضنا كان لايزال معلقا بحبل يمسكه له أحد أقاربه الكبار من الاعلى. وعندما لايكون هذا ولا ذاك كانت تبدأ بيننا وبين أطفال القرية المجاورة معركة الرمي بالحجارة ( المحاذفة). لا أعرف حتى الان، مَن كان يبدأوها ومن كان يثيرها وكيف يتم اشعال هذه الحرب ؟!. لكنها في الغالب لم تكن تنتهي حتى يحضر أحد الرجال الكبار ويتدخل مهددا ومتوعدا بابلاغ ابائنا لانهاء مطر الحجارة راكضا خلفنا وله صراخ يدخل الرعب في قلوبنا.
عندما كبرنا قليلا بدأ بعض أهل القرية يمتلكون سيارات كان أغلبها من نوع (القلابات أو الوانيتات) ذات الاحواض الوسيعة وكانوا تطوعا يتعهدون بايصالنا مع أبنائهم.حيث يحتل أبناؤهم المقاعد الامامية بجوار آبائهم أما نحن فلنا الصندوق وفضاؤه المتسع لفضاء أحلامنا .حين يأتي البرد وندخل في موجة تغيّرات الحالة الجوية كنا نخبيء أجسادنا الصغيرة في ثيابنا الملونة وأكواتنا التي ورثناها أو قمنا بالاستيلاء عليها سرقة من إخواننا. ثم نستبق صباحا لاحتلال ركن (القلاب) الذي يقلنا الى المدرسة ونكرفس أنفسنا كالكور الثلجية الى جوار بعضنا . وفي غضون دقائق معدودات نصل المحطة الاولى، يتوقف القلاب وقبل التوقف نتطاير من جنباته كالعصافير بينما يبقى الذين سبقونا الى المرحلة المتوسطة في اماكنهم رابطين سواعدهم وأكفهم بأطراف أشمغتهم ملفوفة الى جانبي رقابهم وأجزاء من وجوههم. كان يخيل لي أن هذه الربطة للشماغ هي حكر لطلاب المتوسطة وكنت أسابق الزمن للوصول الى المتوسطة من أجل عمل هذه الربطة وسماع اغنية يابلادي واصلي والله معاك التي كانت كان يشدو بها ابوبكر بلفقيه وتصلنا عبر مكبرات الصوت في الفسحة حين نخرج للافطار في مكان يفصل بيننا وبينهم.
مرت السنوات بطيئا وحصلت على شهادة السادس ابتدائي مع مرتبة التعالي وخيلاء كل طواويس الارض. وهنا تغير الحال حيث أصبحنا نركب مع سيارة تتوقف في المحطة الاولى ولاتذهب للمحطة الثانية لتتركنا نكمل بقية المشوار مشيا على الاقدام الا أن المسافة لم تكن بعيدة ولاتزيد عن خمس دقائق . هذه الخمس الدقائق التي اتجه فيها من الابتدائية للمتوسطة مع مايعتريها من قلق الرياضيات ومدرسها المتقلب المزاج الا اني كنت أحسبها من اللحظات المطمئنة التي أتصالح فيها مع المدرسة ومايقربني اليها وانا كلما اقتربت منها كان يرتفع ويزيد منبعثا في شعاب روحي وجسدي صوت المقرىْ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد وهو ينطلق كل يوم قبل الطابور الصباحي من مكبرات صوت الاذاعة المدرسية ليملأ الشعاب والوهاد وبطون الاودية دفئا وعطرا وريحانا.
للحديث بقية

شيهان شمران 03-02-2014 06:55 AM

رد: حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 
مقال رائع شكرا لك ولﻷستاذ سعد زهير

حسن بن عبدالله 03-02-2014 12:40 PM

رد: حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 
شكرا لك اخي سعد على نقل هذا
المقال الرائع
وشكرا لكاتبه الرائع سعد زهير

Abdullah 2010 03-02-2014 01:14 PM

رد: حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 
لحظات رائعة
وننتظر البقية
مقال جميل ،،، تحياتي لك ،،،

اللؤلؤة 03-07-2014 12:30 AM

رد: حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 
نقل رائع وسرد قصصي سلس تخللته روح العفوية
شكر لك وللكاتب سعد بن زهير
ننتظر بقية القصة

عطر الورد 03-22-2014 08:20 PM

رد: حكايتي مع عبدالباسط عبدالصمد > سعد زهير
 
يعطيك العافية على الموضوع



الساعة الآن 06:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية