اترك للصلح موضعاً
لا يسلم الإنسان من المكدرات والعوارض التي تحتم عليه نوع شقاق وعدم وفاق مع من يحب أو يخالط وعند ذلك ينبغي للإنسان في حالة ابتعاده ومخالفته ، وفي حالة شقاقه وخلافه مع أي شخص أن يترك للصلح موضعاً ، بحيث يترك مجالاً لعودة المياه إلى مجاريها ولا يعمل على إغلاق جميع المنافذ ، فقد يحتاج إلى الأوبة فإذا به قد أسرف في الشقاق ومساوئ الأخلاق وعند ذلك لا يجد فرصة ولا منفذاً ويقال له قد فات الأوان . كما أنه إذا عاد بعد شقاق وطول فراق يجد أنه لم يستهلك ويستنفذ جميع أنواع الخلاف والشقاق . وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما )). قال المناوي ـ رحمه الله ـ في فيض القدير شرح الجامع الصغير: ( أي ربما انقلب ذلك بتغيير الزمان والأحوال بغضا فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته أو حبا فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته ) وقال أيضاً : ( قال ابن العربي : معناه أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضا وعكسه فإذا أمكنته من نفسك حال الحب عاد بغيضا كان لمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار . وقال عمر رضي الله تعالى عنه : لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا . وعليه أنشد هدبة بن خشرم : وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا ****** فإنك لا تدري متى أنت راجع وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى ****** فإنك راء ما عملت وسامع وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا ****** فإنك لا تدري متى أنت نازع ولهذا قال الحسن البصري : أحبوا هونا وأبغضوا هونا فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا ) . وأول من يجب أن يترك الإنسان للصلح موضعاً معه هو الله جل جلاله فيجب على الإنسان أن يترك للصلح معه موضعاً فلا يسرف في معاصيه ولا يفرط في الابتعاد عنه ، ولا يستغرق ويستنفذ جميع أنواع الخطايا ، بل يفعل من الحسنات ما يساعده على رفع السيئات والعودة إلى الله عند الوقوع فيها . فإذا زلت قدمه ووقع في معصية من المعاصي فعليه أن يبادر بالتوبة . ورد أن أعرابياً كان رئيساً لمجموعة من قطاع الطرق فلما جاءوا إليه بشخص نهبوا ماله ومتاعه ، كان هذا الرئيس صائماً فاستغرب الرجل المنهوب كيف يكون قاطع طريق وهو صائم فسأله عن ذلك فقال اترك للصلح موضعاً ، وبعد مدة وجد هذا الرجل رئيس العصابة وهو يطوف بالبيت الحرام محرماً ، فقال له هل أنت ذلك الرجل قال نعم ، وذلك الصيام هو الذي بلغ بي هذه المنزلة . لقد ترك هذا اللص موضعاً للصلح مع الله فكان ذلك بداية للأوبة والرجوع إلى الله ... ألا فليكن شعارنا " اترك للصلح موضعاً " . |
رد: اترك للصلح موضعاً
الله يعطيك العافيه على هداالطرح
|
رد: اترك للصلح موضعاً
كل الشكر والتقدير على هذا الطرح
المميز قا تقبل خالص الشكر والتقدير |
رد: اترك للصلح موضعاً
اقتباس:
أشكر على القراءة والتعليق جزاك الله خيراً |
رد: اترك للصلح موضعاً
اقتباس:
والشكر موصول لك على القراءة والتعليق جزاك الله خيراً |
رد: اترك للصلح موضعاً
طرح مميز بارك الله فيك اخي اللوذعي
|
رد: اترك للصلح موضعاً
اقتباس:
جزاك الله خيراً وبارك فيك |
الساعة الآن 11:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية