منتديات قبائل شمران الرسمية - الدكتور صالح بن مدعش الشمراني ماذا يقول عن احد الطلبه وعن دور الوالدين في تأييد رغبة الأبناء في مجال دراستهم

أنت ذكي

ذكر لي الدكتور صالح الشمراني وكيل كلية طب الأسنان السابق أن طالباً من المنطقة الجنوبية قبل في الكلية تحقيقاً لرغبة والده لكنه كان يرغب في تخصص آخر في كلية إنسانية ، إلا أن إلحاح الوالد عليه جعله يدرس عدة فصول في طب الأسنان ثم بدأ بالتغيب عن المحاضرات ثم التعثر الأكاديمي على الرغم من ذكائه المتقد الذي يلحظه كل من يتحدث اليه . سبب التغيب أنه بدأ يعمل رجل أمن في إحدى المبانى العملاقة في مدينة الرياض إبان تشييدها ، فسنحت له فرصة التعرف على الشركات المنفذة ونشاطاتها ، فكان من بينها شركة أثاث ليس لها موزع في الرياض ، فاقترح عليهم أن يبحث لهم عن موزع مقابل نسبة مادية بسيطة ، وحقق لهم مبتغاهم خلال أيام قليلة ، وبعد نهاية العام ارسل لوالده 50 ألف ريال ليحاول اقناعه بالبديل الأفضل له لكنه لم يقتنع ، فقرر الطالب أن ينسحب من الجامعة ويحاول تدبير أي شهادة في طب الأسنان من أي دولة إرضاء لوالده .
التجربة التي مر بها هذا الشاب قد يمر بها أي شاب آخر والسبب الحقيقي غياب اسلوب للتعرف على نقاط القوة والتميز لدى الشخص فيضطر لمحاولة استخدام طرق للتميز لا تتناسب مع قدراته الحقيقية التي ربما لم يكتشفها هو ، لهذا يبذل جهداً كبيراً لكن النتائج محدودة وربما انتهى به المطاف للتعثر أو التوقف .
هناك نسبة لا يستهان بها من الطلاب يتقدمون لمنحهم فرص استثنائية لرفع معدلاتهم وفئة أخرى يغالبون جهدهم لرفع معدلهم الذي يبدو أنه قد أوثق بقيد حديدي في قاع المعدل التراكمي ، وأعتقد أن نسبة من هؤلاء الطلاب ربما لم يتعرفوا على نوع الذكاء لديهم بل ربما لم يعرفوا أن هناك ذكاءات متعددة Multiple intelligences حسب نظرية جاردنر ، بل إنني أعتقد أن لتلك الذكاءات علاقة بالفطرة والوراثة.
تقول تلك النظرية أن هناك مجموعة ذكاءات لدى الفرد ، لكن يتركز لديه نوع أو نوعين منها وعليه أن يكتشفها اذا ما أراد اختصار الطريق للتميز ، فهناك الذكاء اللغوي ( ذكاء الكلمة) ، والذكاء المنطقي/الرياضي ، والذكاء الإيقاعي ، والذكاء الجسمي / الحركي، والذكاء التفاعلي أو الاجتماعي والذكاء الذاتي والذكاء البيئي و الذكاء الصوري أو الفراغي وربما زاد جاردنر نوعاً جديداً هو الذكاء الوجودي الذي يتضمن التأمل في الحياة والموت .
إن اكتشاف نقطة الانطلاق وتنميتها بالطرق السليمة تؤدي الى تميز الفرد في مهارة معينة هي أصل في شخصيته ، وقصص النجاح في غير تخصص الدراسة متواترة فكم من طبيب أبدع في الأدب أكثر من تميزه الطبي .
عندما أجرينا اختبار مقياس الشخصية لبعض طلاب السنة التحضيرية تبين أن لديهم نقاط قوة لم تكن مستثمرة واكتشف بعضهم أن ذكاءه يتركز في مهارة معينة لم يركز عليها بل أن بعضهم اقتنع بضرورة تحويلة لكلية أخرى تتناسب مع قدراته ومواهبه وذكاءاته . وقد سبقتنا أنظمة تعليم في الدول المتقدمة بالاهتمام بتلك المقاييس الشخصية فقد لاحظ العلماء، أن هناك أنواعا من القدرات والمواهب الفردية لا تستطيع الامتحانات قياسها ، وحدث أن عدد من الموهوبين لم يوفقوا في امتحانات الجامعة لكنهم برزوا بعد ذلك في كثير الأعمال المهنية والإدارية ، فلا شك أن اختيارهم من البداية للتخصص الذي يناسب قدراتهم وذكاءاتهم سيجعل نجاحهم أفضل لبحققون أهدافهم بطرق أقصر .

بقلم /عبدالعزيز العثمان (استثمار)