![]() |
روائع الأدب العربي
روائع الأدب العربي :
ولقد أكثَروا في تعريفِ الشِّعرِ وجاءوا فيه بكُلِّ ألوانِ القول ولكنَّ كثرةَ الأجوبةِ جعلته كأنه لا جوابَ عليه بالَغوا في تقريبِه إلى الروحِ فأجرَوا في حَدِّه كُلَّ عناصرِ الجمالِ والفضيلةِ ودَلُّوا بالخيالِ على حقيقتِه إذ رأوا أنه لا يدُلُّ على حقيقتِه إلا الروحُ وحدها وهي غامضةٌ فهو غامضٌ وتفسيرُه في مِئَةِ تفسير الشِّعرُ وراء النفس والنفسُ وراء الطبيعة والطبيعةُ من ورائها الغيب فلو جُمِعَ ما قِيلَ في الشِّعرِ لرأيتَه يَصلُحُ في أكثرِ معانيهِ أن يُقالَ في النفس ثمَّ لرأيتَه مفهومًا من جِهَتِنا وغيرَ مفهومٍ من جِهَتِه وما الشِّعرُ إلا أوَّلُ المعاني المُبهَمةِ والدرجةُ الأولى من سُلَّمِ السماءِ الذاهبةِ إلى عرشِ الله وهو كذلك أوَّلُ ما في الإنسانِ من الإنسانية ولن يكونَ الشِّعرُ العالي أبدًا إلا التقاءً بين نفسٍ ساميةٍ وحقيقةٍ سامية ومن ثمَّ كان الشاعرُ العظيمُ يُحِبُّ ويُبغِضُ ويضحكُ ويبكي ويرضى ويغضب ولا يُحِسُّ من كُلِّ ذلك وما إليه إلا أنَّ السماءَ تحكُمُ من داخلِه على الأرض وعِلَّةُ شقائهِ هي نفسُها عِلَّةُ سرورِه بشِعرِه وإنْ نثرَ هذا الشِّعرَ من عينيه بُكاءً ودموعًا وإن انفجرَ به أحزانًا وآلامًا قاتلة |
الساعة الآن 02:38 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية