| 
  
    
    
      
       
        
        >>.. نـــزف قلــــمـ ..<<
       
       
      
    
      
    
  | 
 | 
  | 
  | 
رعد الطائرات الحربية من فوقنا اختلط بانفجارات الصواريخ المروعة التي تنهال علينا من كل حدب و صوب ، 
هدير آلياتهم العسكرية تقتلع في طريقها الأخضر و اليابس ، 
اختلط منا الحابل بالنابل ،  
أمطرونا بوابل من رصاص اليورانيوم المخضب ، 
خيولنا تفر هاربة ،  
وجدت إحداها تجر فارسها المقتول من قدمه ، تغمسه بمستنقعات الأوحال الدموية ، 
أحاول رفع رأسي فلا أبصر إلا اللون الأحمر يصبغ الأشياء من حولي ، 
الدخان يتكاثف أكثر فأكثر ، 
أرى أحدنا يحاول يائسا تثبيت رايتنا التي تتلاعب بها الرياح ، 
صم أذني صرخات الفارين من النساء و الأطفال ، 
أرى امرأة تمسك بذراع طفلها الذي فقد جسده ، 
اتسعت العيون ، يحاولون الفرار من هول الكارثة ، 
ينزلقون في أنهار دماء الملايين من الجثث التي تكومت هنا وهناك ، 
يزحفون بكل ما آتاهم الله من قوة للفرار من هذا الجحيم ، 
انفجار هائل مزق المشهد بعيني ،  
تطايرت الأشلاء تلطخ وجهي المذهول بدمائهم الزكية ، 
أحاول الفرار ، تتعثر قدماي ، ترتطم رأسي بالأرض ، 
أجدني أزحف رعبا ، 
تدوسني أقدام الخيول الفارة ،  
أتحامل على ذراعي المتبقية ، أحاول عبثا النهوض ، 
بالكاد نجحت ،  
أبصر بين الدخان أخي المثخن بالجراح و قد أشهر ( منجله ) بوجه أحد الأعداء الممسك ببندقيته الآلية ،  | 
 | 
   | 
 | 
  | 
 
 
  | 
 | 
  | 
  | 
 
تخرج رصاصة باتجاه أخي ، 
أرفع سيفي الثقيل ، 
أهوي به على رأس قاتله ، أفلقها إلى شطرين ، تلطخ وجهي الدماء ، 
أرى أخي يسقط ، يرمقني بنظرة رضا ، 
يتوج رأسي بآخر ابتساماته اللؤلؤية ، 
آخذه بين أحضاني ، 
شد على يدي الملطخة بالدماء ، 
بالكاد تصل همساته إلى أذني )  
ـ نلتقي بالجنة بإذن الله . 
( صمت خيم على الكون ، بادرني ) 
ـ ماذا أصابك ؟ ألا يرضيك ما فعلنا ؟ أمازلت مقتنعا بأننا قصرنا ؟ 
ـ بالله عليك ما جدوى خيولنا مقابل طائراتهم و آلياتهم ؟  
ما فائدة منجلك الصدئ هذا مقابل هذه الصواريخ ؟  
صرخت فيكم مرارا : يجب أن نبني أنفسنا أولا . 
ـ هون عليك يا محمد ، فلقد فزنا و رب الكعبة . 
ـ فزنا ؟ أي فوز هذا الذي تخدع به نفسك ؟ 
ـ أفقدت بصرك ؟ ها هم إخواننا من الشهداء و قد فازوا بالجنان . 
ـ و ماذا تركنا لهذه الحشود من النساء و الأطفال ؟ 
بالله عليك ماذا تركنا لهم ؟  
ـ تركنا لهم الله و رسوله . 
ـ بل تركنا لهم الخزي و العار ، تركنا لهم ذل الأسر و العبودية و المهانة ، لم يعنكم سوى بطولاتكم الزائفة ، و الله لن يسامحنا الله . 
 
ـ دعك من غيك القديم هذا .  
ـ لا لن أسكت ، نعم ، هل تذكر عندما هتفتم بأعلى أصواتكم : فلنقاطع روسيا لما يفعلونه بأفغانستان و الشيشان ؟ و بعدها هتفتم : ، و لنقاطع الصرب لما فعلوه بالبوسنة و الهرسك ، و لنقاطع أمريكا و انجلترا لما يفعلونه بالعراق و أفغانستان ؟ و لنقاطع أوربا و العالم أجمع و كل من يساند أبناء صهيون بسبب ما يفعلونه بفلسطين و لبنان و الجولان .  
قلت لكم : لا مانع من المقاطعة و لكن يجب أن نقوم على إنتاج البدائل العربية و الإسلامية . 
وضعتم أصابعكم في آذانكم و كأنني أسبكم و هتفتم : فلنقاطع فرنسا بسبب الحجاب ، و لنقاطع الدينمارك و النرويج و أسبانيا و أوربا و كل من ينشر الرسوم .  
ناديتكم : لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال و بلغوا عن رسول الله و لو آية ، فلقد أمرنا ( بلغوا عني و لو آية ) 
قلتم : ما أدراك أنت عن هذه الألوف التي تعتنق الإسلام كل يوم ؟ 
صرخت فيكم : يجب علينا أن نملك قوتنا كي نملك كلمتنا ،  
( ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ) 
ذهبت صرخاتي أدراج الرياح ، 
و نشروا الرسوم ثانية ، عندها عدتم و هتفتم : فلنقاطعهم ثانية و إذا نشروها ثالثة قاطعناهم الثالثة ، و الرابعة ، و لا هوادة ، 
و عرضت هولندا هذا الفيلم ، و عندها أيضا هتفتم : فلنقاطع هولندا ، ظللتم تقاطعون و تقاطعون و تقاطعون و لم تفكروا و لو للحظة واحدة أن تنتجوا بديلا لما تقاطعون ، 
قاطعنا العالم أجمع من المشرق إلى المغرب ،  
لم تفكروا و لو للحظة واحدة في بناء أنفسكم ، 
بالله عليكم ألم تمر بأعينكم يوما هذه الآية الكريمة ؟ 
( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم) 
انظر ، انظر نتيجة تعنتكم ( أخذت بلحيته أحول بصره تجاه القتلى ، أغلق عينيه هربا ، فتحتها عنوة بأصابعي )  
انظر هناك ، هل ترى هذه الملايين من النساء و الأطفال ؟ 
ماذا تركنا لهم غير الذل و الهوان و العبودية ؟ 
حسبي الله و نعم الوكيل ، حسبي الله و نعم الوكيل . 
ـ بالله عليك ما فائدة هذا الآن ؟ إنه قدرنا يا أخي . 
ـ إياك أن تقول قدرنا ، لو كان قدرنا لما حاسبنا الله على أي جرم اقترفناه.  
ـ و لماذا لم ترحل و تتركنا إذن ؟ 
ـ لا ، إلا كسر عصا الطاعة و الخروج على رأي الجماعة . 
ـ فما فائدة البكاء على اللبن المسكوب إذن ؟  
لا نفع لهذا الآن ، هيــــــــــــا ، هيا لنكمل ما بدأناه .  
ـ نعم ، لا نفع لهذا الآن ( رفعت كفي إلى السماء أفوض أمري إلى الله ) 
ـ اللهم إني أبرء إليك مما فعل السفهاء من أولائك و هؤلاء . 
( ربطت الراية بظهري ،  
تساندنا نحاول النهوض ، بالكاد نجحنا ،  
تدابرنا ألوح بسيفي الثقيل بينما أشهر أخي منجله ، 
ما هي إلا لحظة واحدة حتى تناهشتنا الحشود لإسقاط رايتنا الخفاقة، 
و لكن هيهات هيهات ، فالموت دونها هو السبيل .  | 
 | 
   | 
 | 
  | 
 
  
       
    
    
 
 
 
    
    
   |