الخواطر والقصص والروايات يهتم بالخواطر والقصص والنثر التي من نزف الأعضاء |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
09-11-2022, 11:40 PM | #1 | ||
|
قصة/ ملك الخافقين
ملك الخافقين تحدث ملك الخافقين مع شاعر البلاط . قال الملك : " إن الأعمال العظيمة تفقد رونقها مالم تصغ بالكلمات , وأريد منك أن تغني انتصاري ومديحي . فهل ترى نفسك كفؤاً للقيام بهذه المهمة ؟ قال الشاعر : " أجل يامولاي , لقد دربت نفسي عشرين عاماً على ضبط إيقاعات العروض . أعرف عن ظهر قلب الدروس التي تشكل أساس الشاعر الأصيل . وتتيح القوانين لي أن أكون سخياً في استعمال العبارات الفخمة , والاستعارات الأكثر تعقيداً . لقد هيمنت على سر الكتابة الذي يصون الفن عن عيون الدهماء الكفيفة . وبوسعي أن أكتب في الحب , والحرب .. أعرف الأنساب للبيوت الملكية كلها . وأحوز معرفة الفلك والتنجيم والرياضيات , والكيمياء , والفلسفة , لقد هزمت الأنداد في المباريات العامة , ومهرت في غرض الهجاء الذي يبعث السم والأمراض في الجلود والأجسام بما في ذلك الجذام , ويصمي النفوس بالأسقام بمافي ذلك الانفصام . ولكن شيئاً واحداً فقط أجهله , هو كيف أشكرك على ما أسديته لي من عطايا , وما منتحتني إياه من هدايا " . قال الملك بارتياح : لقد قيل لي أن العندليب غنى في ربوع مملكتي , وعندما تنقضي الأمطار وينتهي فصل الشتاء , ويعود العندليب من أراضيه , ستنشد مديحك أمام البلاط , وأمام مدرسة الشعراء . إنني أمهلك سنة كاملة . سوف تصقل كل كلمة وتصوغ كل حرف . ولن تكون جائزتك هيّنة أبداً " قال الشاعر : أيها الملك أيّة جائزة أسنى من أرى محياك " . ثم أنشد قصيدته التي نظمها في مديح الملك . عندما دار الحول قدّم الشاعر مديحه . ألقاه إلقاءً بطيئاً واثقاً دون أن ينظر في النص المكتوب , وبهزة من رأسه أبدى الملك إستحسانه . وفي النهاية تكلم الملك قائلاً : لقد أحسنت صوغ القوافي , والجناسات , والأسجاع , والطباق , وفنون البلاغة المهذبة , وصنوف الوزن الحكيمة , ولو كان على أدب المملكة كله أن يموت , لبعثته قصيدتك العصماء هذه دون نقصان . وسوف ينسخها ثمانون ناسخاً , كل واحدٍ إحدى عشرة مرة" وساد الصمت فعاد ليواصل كلامه : " وقبل أن ينقضي العام أيها الشاعر , سنصفق لقصيدة أخرى , وكدليل على إعجابي بما نظمت فإني أهبك هذه الحلة السنية , وهذه المرآة الفضية . قال الشاعر : أشكرك يامولاي وقد فهمت . مضت النجوم في مجراها الساطع . وغنى العندليب مرة أخرى في الغابات , وعاد الشاعر بمخطوطته أقصر مماكانت من قبل . وهذه المرة لم يعد قراءتها معتمداً على الذاكرة , بل قرأها بتردد , حاذفاً بعض الفقرات كما لوكان هو نفسه لم يفهمها فهماً كاملاً , كانت القصيدة غريبة . تبادل الملك بضع كلمات مع الأدباء الذين يقفون على جانبيه . ثم تحدث مع الشاعر . قال الملك : أستطيع أن أقول لك أن قصيدتك الأولى كانت خلاصة وافية لكل ما أنشده شعراء المملكة . أما هذه فتتفوق عليها , بل إنها لتلغي كلّ ماقبلها . إنها تدهش وتحيّر , وتبعث العجب . لن يحفل بها الجهلاء , ولن يهتم بها المتعلمون كذلك , لن يعرف قدرها إلا القلة . وستكون علبة العاج مستقر نسختها الوحيدة . ونحن ننتظر من هذا القلم الذي أبدع مثل هذا العمل الشامخ , عملاً أكثر سمواً " ثم أضاف مبتسماً : وكعلامة على إستحساني خذ هذا السيف الذهبي . قال الشاعر : أشكرك يا مولاي , وقد فهمت " تصرّم العام , ودار الحول مرة أخرى . ولاحظ حجاب القصر أن الشاعر لايحمل معه أي رقعة مخطوطة . نظر الملك نحوه باستغراب . وبدا الشاعر إنساناً آخر . ثمة شيء آخر غير الزمن قد غيره . بدت عيونه وكأنها تحدّق في المدى أو كأنها عمياء . إستأذن الشاعر بقول بضع كلمات مع الملك . فخرج العبيد من المجلس . قال الملك : ألم تكتب القصيدة ؟ أجاب الشاعر بحزن : بلى يامولاي - هلاّ أنشدتها ؟ - لا أجرؤ قال الملك : سأهبك ماينقصك من شجاعة . ألقى الشاعر القصيدة . كانت مؤلفة من بيت واحد . ودون أن يجازف الشاعر بإعادتها بصوت عالٍ , فقد تذوقها مع مليكه كما لوكانت طلاسم سحرية . كان الملك مصعوقاً ومغلوباً على أمره كالشاعر تماماً . نظر الاثنان إلى بعضهما بشحوب . قال الملك : أبحرت باتجاه الغرب . في إحدى الجزر رأيت كلاب صيدٍ فضيّة تنقضّ على غزلان ذهبية . وفي جزيرة أخرى رأيت نهراً مقوساً معلقاً في كبد السماء تسبح في مياهه الأسماك والزوارق . إن هاتيك لعجائب . بيد أنها لاتقاس بقصيدتك . أية ساحرة أهدتك إياها ؟ قال الشاعر : صحوت فجراً وأنا أتمتم بكلمات لم أفهمها باديء ذي بدء . قال الملك هامساً : لقد وهبتك الحلة والمرآة والسيف . وهاهي هديتي الثالثة والأخيرة " ووضع في يد الشاعر اليمنى خنجراً . بعد أن غادر الشاعر القصر قتل نفسه . أما الملك فقد تحوّل إلى شحاذ يجوب المملكة طولاً وعرضاً - وكانت مملكته يوماً ما - ولم يردد القصيدة أبداً . ________________________________________________ عبدالعزيز الحميضي
|
||
09-12-2022, 12:13 AM | #2 | ||
مراقب عام وأداري للمنتديات
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
محمد فهد الشمراني اشكرك على حسن اختيارك لهذه القصة وفعلا جميلة بارك الله فيك ومرحبا بك معنا اخي الكريم والله يعطيك العافية
|
||
09-12-2022, 12:17 AM | #3 | ||
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
الف شكر على زيارتك شرف لي يالغاليه وجزاك الله خير
|
||
09-12-2022, 02:49 AM | #4 | ||
إداري
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
مرحبا بك وحياك الله اخي الفاضل محمد فهد
بارك الله فيك .. وجعل ماتقدمه من موضوعات فى ميزان حسناتك .. دمت فى رضا الرحمن
|
||
09-12-2022, 05:39 PM | #5 | ||
عضو شرف
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
شكرا على المشاركة القيمة جزاك الله خيـر بارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق الدائم
|
||
09-12-2022, 05:46 PM | #6 | ||
مشرفة قسم الرياضة والرياضيين
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
بارك الله فيك على الطرح الرائع إستمر ولك التوفيق بـإذن الله ونفعا الله وإياك بما تقدمه تقديري وإحترامي
|
||
09-13-2022, 12:58 AM | #7 | ||
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
بارك الله فيك على المشاركة ودمت بخير تقبل مروري المتواضع ودي لك
|
||
09-13-2022, 05:38 PM | #8 | ||
عضو شرف قدير
|
رد: قصة/ ملك الخافقين
بارك الله فيك على الطرح المميز
جزاك الله خير الجزاء على الإفادة تحياتي وتقديري
|
||
|
|