صيام الصمت🍀

صيام الصمت





المعروف أن الصيام هو فريضة دينية واجبة على كل فرد عاقل وبالغ، الصيام الديني علاج نفسي وتهذيب روحي رباني، لكن هل جربنا الصيام بالصمت؟ بمعنى أن الصمت عن بعض البشر هو حكمة بليغة، قليل من هم يُتقنونه، فنصوم بالصمت لتهدأ النفس ويستريح العقل وتتهذب الروح وتسمو.. ليست كل كلمه تحتاج ردة فعل.. ولا كل موقف يحتاج التبذير بالكلام.

كنت في إحدى المقابلات قد التقيت بالصدفة بسيدتين محترمتين وكان الوقت أمامنا مازال طويلاً.. ففتحت إحداهن حديثاً مهماً وشيقاً في الحقيقة لم يكن حديثاً عادياً البتة مما جعلنا نتحاور دون ملل، فكان لكل منا نصيبها من الحوار.. غير أن إحداهن اكتفت بكلمة حكيمة وعميقة ختمت بها الحديث فكانت كلمتها هي جوهر وختام الحوار.


خرجت من هناك وكانت هيبة هذه السيدة ما زالت راسخة في عمق ذاكرتي، أخبرت والدتي عنها.. فهي الأخرى امرأة حكيمة، فقالت إذا رأيتِ أي شخص يُطيل الصمت ولا يتحدث بكثرة فهو تغذى بالحكمة واكتفى.

أما فيما يختص بالجانب الآخر من الصمت (عمن أُسميهم فقراء الأدب) فالحديث عنه سيطول، لكني أختصر الحديث فيه بقول لقمان لولده «يا بُني إذا أفتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك».

يتواجد حولنا العشرات من الأشخاص مختلفين في عاداتهم وتصرفاتهم فمنهم الاستفزازيون، والانتهازيون، والكاذبون وغيرهم الكثير.. لا تؤلم رأسك بالرد والعبث معهم، فصمتك عنهم فوز ورفعة لك.. ما أجمل الصمت ففيه شعور اللذة والهيبة والانتصار من غير تعب، الصمت تربية للنفس، وتهذيب للروح، ورفعة للشخص عن مجاراة فقراء الأدب، والعاقل هو من يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.. ذلك الشخص الذي تسلح بعقله وليس بلسانه ضربته القاضية هي الصمت.. وليس كثرة الكلام.
كتابة/ زهور الفيصلي